أحمد خليل السنجقدار

تاريخ الولادة1330 هـ
تاريخ الوفاة1414 هـ
العمر84 سنة
مكان الولادةحلب - سوريا
مكان الوفاةحلب - سوريا
أماكن الإقامة
  • حلب - سوريا

نبذة

الشيخ العلامة أحمد خليل السنجقدار: عالم من علماء حلب، وشيخ من مشايخها، نشأ في حارة الباشا بمنطقة باب الحديد، وترعرع في ظل أسرة عرفت بطيب النسب والكرم، والده كان يلقب بالسيد خليل، لمكانته، وشريف نسبه، وكان يعد من أشراف القوم، ووالدته عرفت بالطيبة والصدق ومحبة الناس.

الترجمة

من علماء حلب الأفاضل 
الشيخ العلامة أحمد خليل السنجقدار
1330هـ - 1912  /  1414هـ - 1994
عالم من علماء حلب، وشيخ من مشايخها، نشأ في حارة الباشا بمنطقة باب الحديد، وترعرع في ظل أسرة عرفت بطيب النسب والكرم، والده كان يلقب بالسيد خليل، لمكانته، وشريف نسبه، وكان يعد من أشراف القوم، ووالدته عرفت بالطيبة والصدق ومحبة الناس.
أحب العلم منذ صغره، والتحق بالمدرسة الخسروية في مدينة حلب، وهي مدرسة العلم الشرعي الأهم في المدينة.
وفي هذه المدرسة درس على أشهر علماء حلب، علوم: التجويد، والحديث، ومصطلح الحديث، وأصول الفقه، والمجلة، والفرائض، وأحكام الوقف، وعلم الكلام والمناظرة والمنطق، والأخلاق، وعلوم العربية والأدب العربي والإنشاء، والتاريخ، والجغرافيا، والحساب.
تخرج من الخسروية في الثامن من تموز / يوليو  193 ، الموافق 1350 هجري، ليكون بذلك ضمن الدفعة السادسة من خريجي هذا الصرح العلمي. وكان ترتيبه الثالث من بين طلاب دفعته وعددهم خمسة عشر طالبا.

من الأساتذة والعلماء الذين أخذ عنهم العلم:
** الشيخ عيسى البيانوني مدرس مادة الأخلاق .
** الشيخ عبد الله المعطي مدرس التوحيد والمنطق والتربية
** الشيخ محمد راغب الطباخ مدرس الحديث والمصطلح والتاريخ.
** الشيخ أحمد الشماع مدرس التفسير.
** الشيخ أحمد الكردي مدرس الأصول.
** الشيخ فيض الله الأيوبي مدرس العلوم العربية.
** الشيخ أسعد العبجي مدرس التجويد وعلم التلاوة.
** والشيخ محمد الناشد والشيخ أحمد المكتبي ... وغيرهم.
وقد ذُكرت أسماء مشايخه وأساتذته، الذين درس العلوم المختلفة عليهم في شهادة تخرجه.

حج إلى بيت الله الحرام في العام 1968، عمل في الخطابة والتدريس والإمامة لأكثر من نصف قرن، حتى أقعده المرض في الأشهر الأخيرة من عمره المبارك.
عين بداية خطيبا في جامع باب الجنان" باب جنين"، ثم خطيبا في جامع "السيد علي الهمذاني" في محلة السيد علي الواقعة خلف حي "الجديدة"، وذلك منذ أوائل السبعينيات وحتى أقعده المرض، وتولى الإمامة في جامع العاشور في حي قسطل الحرامي، وجامع العاشور جامع قديم وأثري انشئ سنة 929 هجري، وتولى رحمه الله التفتيش على مساجد وجوامع حلب، كما عمل في الوقت نفسه موظفا في مديرية المالية في مدينة حلب.
كان رحمه الله ذو علاقة خاصة بجامع العثمانية، يداوم يوميا على الذهاب إليه، وله فيه غرفة خاصة، يلتقي فيها بأصدقائه والمقربين، يتدارسون فيها مسائل دينية، ويتبادلون فيها الآراء، فيما يصادفهم من قضايا ويعرض عليهم من موضوعات.
كان له منهجه المميز في خطبة الجمعة، وكان يستشعر ثقل المسؤولية وهو يقف على منبر رسول الله ﷺ، لذا كان حريصا على أن لا يذكر في خطبته على المنبر إلا ما استند الى قول الله تعالى وقول رسوله الكريم ﷺ، ورغم أن الظروف القاسية التي مرت بسوريا في الثمانينات من القرن العشرين، وفرضت على الخطباء أن يلتزموا الخطبة الموزعة عليهم من دائرة الأوقاف، وكان يتلقى الخطبة المشار إليها مثله في ذلك مثل غيره، إلا أنه لم يكن يقدم من على المنبر إلا الخطبة التي أعدها بنفسه، وكان منهجه في خطبه يسير، كانت خطبته مكتوبة، ذات موضوع محدد، لا إطالة فيها، لا يملها الحاضرون، تحقق الهدف منها بنشر المعلومة الصحيحة، والتوجيه السليم وفق القرآن والسنة.
كان يتهيب الفتوى وإذا سئل في شيء لا يعطي حكما إلا بعد العودة إلى مراجعه، وتوثيق ما سيصدر عنه.
له نظرة ثاقبة في الرجال، يعرف الغث من السمين، والتقي الورع من المدعي، وإذا كان يشير إلى أهل التقوى والخير ويشجع على الارتباط بهم، وإجلالهم، فإنه كان حريصا على الابتعاد عن الصنف الآخر مؤثرا الاعتزال والسلامة.
وكان يتخير الكُمَّل منهم أصدقاء له، ومن أحب أصدقائه إليه: الشيخ محمد عثمان بلال مفتي حلب، والشيخ محمد بلنكو مفتي حلب، الشيخ محمد الحكيم مفتي حلب، وخطيب الجامع الأموي، والشيخ أحمد الكردي، والشيخ عمر مكناس، والشيخ الزعتري،  وابن عمه الشيخ قدري السنجقدار، الذي كانت له غرفة مجاورة لغرفته في العثمانية، وكان الشيخ قدري رحمه الله صاحب صوت عذب شجي، يصدح بالمدائح النبوية التي كان الشيخ أحمد يحبها ويحب سماعها من كل صوت جميل ... وعدد من هذا الصنف من العلماء الذين كانت حلب تذخر بهم.  وكان رحمه الله تربطه بالشيخ محمد النبهان علاقة احترام ومحبة متبادلة.
أحب رحمه الله مجالس الذكر الأسبوعية، التي تقام في عدد من مساجد حلب، وكان حريصا على حضور مجلس الذكر في زاوية الباذنجكية، كان محبا للشعر يتخير أعذبه وأجوده، ولا يستطيع أن يحضر "مولدا للنبي ﷺ " إلا إذا كان صوت قارئ المولد نديا وكانت الكلمات تناسب مقام النبوة، وإلا ترك المجلس وغادره.
وكان يداوم على قراءة البردة الشريفة للإمام محمد بن سعيد البوصيري التي سطرها في القرن السابع الهجري، وكان يحفظها، وهي من أجمل قصائد المديح النبوي، ويحرص على استرجاعها، اثناء مشيه اليومي، حيث كان يحب المشي سواء إلى عمله أو مسجده، أو تريضا في منطقة الكواكبي والجامعات، وله ورد يومي من كتاب دلائل الخيرات للإمام أبي عبد الله محمد بن سليمان الجزولي،
امتاز رحمه الله بسعة الأفق، والبعد عن التعصب، يعطي الفرصة للآخرين في عرض أفكارهم وآرائهم، ويحرص على أن لا يسفه رأيا ولو عارضه، ويتخذ التيسير سبيلا، لكنه ما كان يفرط في حد من حدود الله، أو في حكم أو قول يراه موافقا لمقاصد الشريعة، وكانت طريقته في حياته الغنية بعمل الخير" قولوا للناس حسنا"، الإصلاح ديدنه يقدم دعوته للجميع القريب والبعيد، الصغير والكبير ، برقة ولطف ولين، وبما يناسب ، عمر وثقافة ومكانة من يدعوه، يقدر الانسان باعتباره خليفة الله في الأرض، بغض النظر عن دينه ومذهبه، وحالته الاجتماعية، فتكريم الانسان كان قاعدة من قواعد سلوكه، وكان يزور السجناء ليخفف من معاناتهم،  وفي علاقته مع أبنائه ، والشباب عموما ، كان حريصا برفقه المعهود على تقويم ما يراه من خلل في سلوكهم ،وعلى إعادتهم إلى جادة الصواب والحق، وسبيله إلى ذلك استيعابه سنة الله في خلقه المتجلية في تغير الأفكار والطبائع بتغير الأزمنة، والأمكنة، وكذلك في قدرته على عرض الموقف الإسلامي الصحيح، بإسلوب محبب، يجذب المستمع قريبا كان أم بعيدا، ويضفي على جليسه اشعاعا بمحبة الله سبحانه وتعالى ومحبة نبيه عليه السلام، ومن لطف معشره وأنسه، وتوجيهه الذي يمتاز بالحلم والأناة والبشر يجعل جليسه يداوم حضور مجالسه وخطبه، ويحب تعاليم الاسلام ويلتزم بها.
ومن القواعد التي التزم بها دائما في حياته أن يحاسب نفسه على المباحات، باعتباره عالما وشيخا وقدوة، وأنظار المجتمع متجهة إليه، ومن أمثلة ما كان حريصا عليه أنه كان لا يجادل في السعر إذا أراد أن يشتري شيئا، فهو حين يعرف سعر ما يطلب إما أن يشتري، أو يمضي في سبيله، ويرى أن المجادلة لمثله لا تجوز. وحرص دوما على تقديم الصدقات لأنها تدفع عن صاحبها البلاء، ويوصي بذلك أهله ومن حوله، وإذا صادف رجلا يسوق دابة أوصاه بالرفق بها، ودفع له مبلغا ليشتري لها طعاما.
يحب ملاطفة الأطفال وإكرامهم، وغالبا ما يعمر جيبه بقطع الحلوى المخصصة للأطفال، يراعي الجيران، ويحرص على عدم احراجهم بأي تصرف، لذلك فإنه إذا أحضر شيئا لبيته كان لزاما عليه أن يقدم بعضه لجاره، أو أن يخفيه عن عيون الجيران حتى لا يرونه.
ورغم مشاغله الكثيرة كان حريصا على زيارة إخوته يوميا، ويعتبر نفسه المسؤول عن أخواته، وخصوصا منهن غير المتزوجات، أو المريضات، يصل رحمه ويقدم ما يستطيع للمحتاج منهم.
كان في الحياة العامة حريصا على التيسير، وعلى تمكين الآخرين ومساعدتهم على تجاوز الضغوط الاجتماعية والمادية، فكان إذا أجر مسكنا له يعامل المستأجر بكثير من اللين، ولا يظهر لجاجة في طلب الأجرة مراعيا الصعوبات العامة التي قد يمر بها المستأجر، وإذا دخل عامل بيته لإنجاز أي عمل كان حريصا على أن يكرمه بما يتيسر له،  وأن يظهر له تقديره لعمله ويعتبر ذلك من وجوه الإكرام، وكان كذلك مع أصهرته، إذ كان لا يطلب مهرا إلا بالقدر الذي يستطيع المتقدم للخطبة تحمله، وكان يظهر لهم التقدير والاحترام والمحبة، ويؤكد في كل مجالسه اعتزازه بهم، ويوصي بناته بأن يكن على خلق الإسلام في بيوتهن، ويوصي ابنه بأن يكرم دائما زوجته.
وفي زياراته كلها للقريب والبعيد كان حريصا على جعل الزيارة قصيرة رافعا شعار " زر غبا تزدد حبا".
حباه الله بزوجة تقية ورعة من بيت كريم تقي، هي مثال للكرم والصلة بالفقراء والمحتاجين، ومساعدة الآخرين، فكان يتعامل معها تعاملا ينم عن شديد الحب والتقدير والاعتزاز، وكان في بيته مساعدا لزوجته، بشوشا يلاطف أحفاده ويحنو عليهم، ويمازحهم مزاحا وقورا.
يقضي وقته بين القراءة والعمل، والتعبد ملازما لكتاب الله حريصا على التهجد، وكان يستشعر دوما أن لطف الله وعنايته تحيط به من كل جانب، لذلك كان يتلقى الصعوبات التي تعترض حياته بالسكينة والاطمئنان، وباليقين أنها مجرد عارض وامتحان، وأن فرج الله آت لا محالة، ينهي مجلسه دائما بحديث لرسول الله ﷺ، حتى لا يكون المجلس حسرة على العبد يوم القيامة.
رحم الله الشيخ أحمد خليل السنجقدار التقي النقي رحمة واسعة، وجزاه عنا كل خير، وجمعنا وإياه في جنات النعيم.

دعد بنت الشيخ أحمد السنجقدار. / الشارقة
18 ذي القعدة  144 الموافق 21 تموز / يوليو 2019

https://www.facebook.com/honahalab2018/posts/2074046249372468/