عيسى بن حسن بن بكري بن أحمد البيانوني الحلبي

تاريخ الولادة1309 هـ
تاريخ الوفاة1362 هـ
العمر53 سنة
مكان الولادةحلب - سوريا
مكان الوفاةالمدينة المنورة - الحجاز
أماكن الإقامة
  • المدينة المنورة - الحجاز
  • حلب - سوريا
  • معرة النعمان - سوريا

نبذة

الشيخ عيسى بن حسن بن بكري بن أحمد البيانوني ثم الحلبي، دفين (البقيع) في المدينة المنورة. عالم، عامل، داعية، فقيه، محدث، وصوفي مرشد متعبد، وأديب شاعر، محب للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.

الترجمة

شيخ المحبين والعشاق
الشيخ عيسى بن حسن بن بكري بن أحمد البيانوني ثم الحلبي، دفين (البقيع) في المدينة المنورة.
عالم، عامل، داعية، فقيه، محدث، وصوفي مرشد متعبد، وأديب شاعر، محب للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
ولد بقرية (بيانون) من أبوين صالحين كريمين، ونشأ بها، وتعلم فيها مبادئ القراءة والكتابة، ولما بلغ العاشرة من عمره، رغب في طلب العلم فتوجه إلى حلب، ولازم أخاه الشيخ حمادة البيانوني في (المدرسة العثمانية)، فقرأ عليه، ونهل من معينه مختلف العلوم العربية والشرعية ، فكان أخوه أول شيوخه الذين أخذ عنهم، ثم دفع به أخوه الشيخ حمادة إلى الشيخ الحافظ المتقن الشيخ أحمد الحجار، فحفظ على يديه القرآن الكريم وأحسن تلاوته وتجويده، كما تعلم منه الخط العربي حتى غدا من المجيدين المتقنين له.
ثم انتظم طالباً مقيماً في (المدرسة العثمانية)، وراح ينهل من معين شيوخها الكبار، فقرأ علم التفسير والمنطق والنحو على الشيخ مصطفى الهلالي الدرعزاني، كما قرأ علم التوحيد والمنطق على الشيخ حسين الكردي، حيث قرأ عليه شيئاً من علم التفسير والبلاغة، ولزم حلقة الشيخ بشير الغزي، وأخذ عنه علوم الحديث والتلاوة والتجويد واللغة والأدب... وأخذ طرفاً من علوم اللغة العربية، نحوها وصرفها على الشيخ أحمد المكتبي، الذي أخذ عنه علم الحديث الشريف والتفسير والفقه الشافعي، وقد أجازه الشيخ المكتبي بهذه العلوم إجازة شاملة.
وقد تبحر الشيخ المترجم في دراسة الفقه الشافعي على الشيخ سعيد السنكري، وشيخه الشيخ أحمد البدوي الجميلي، وبلغ فيه درجة متميزة فقد وصفه بعض تلاميذه قائلاً: " لو لم ينصرف إلى الاشتغال بالتصوف لكان من الفقهاء المبرزين..." وقال غيره: " لو بقي مشتغلاً بالفقه عاكفاً على دراسته لكان مرجِّحاً في المذهب الشافعي...".
وقد حبب إليه التصوف منذ بداية حياته، وراح يقرأ كتب القوم، حتى تولع بهم، ورغب بالانتساب إلى طرقهم، وقد رأى في شيخه الذي أخذ عنه علوم التفسير، والمنطق والنحو، الشيخ مصطفى الهلالي المثال الصافي للصوفية بالإخلاص والعمل والصلاح، فأخذ عنه الطريقة (القادرية) ثم التقى الشيخ المرشد الشيخ محمد آل خير الله الرفاعي الصيادي، فأخذ عنه الطريقة (الرفاعية)، كما تلقى عنه الذكر، وحصل على الإجازة في الطريقة والتسليك، وأثناء اشتغاله بهذه الطريقة حضر إلى حلب الشيخ محمد أبو خالد الدمشقي (الرشيدي) الطريقة، فاجتمع به الشيخ، وأخذ عنه الطريقة (الرشيدية)، ثم استقر أخيراً على الطريقة (النقشبندية) التي أخذها عن شيخه الشيخ محمد أبي النصر خلف الحمصي، وصحبه فترة طويلة، وكان يكثر زيارته في حمص، وكان الشيخ أبو النصر ينزل في بيته في جامع أبي ذر إن هو قدم حلب، وحصل له منه فتح كبير، ورويت عنهما الكثير من القصص العجيبة والكرامات التي ما يزال بعض الناس يذكرها.
بهذا الزاد العلمي والروحي الكبير، انطلق الشيخ في دعوته إلى الله متخذاً إلى ذلك سبلاً متعددة:
الأول: طريق التدريس والتعليم والخطابة والوعظ والإرشاد، فقد عمل الشيخ مدرساً في بلدة (معرة النعمان) مدة ست سنوات، ابتداءً من سنة: 1931م، ثم عاد إلى حلب، فعمل خطيباً في جامع المدرسة (العثمانية)، ثم مدرساً فيها للنحو والتربية والأخلاق والفقه الشافعي ثم مدرساً في المدرسة (الخسروية) لمادة التربية والأخلاق، ثم عين مدرساً للنساء في جوامع حلب.
الثاني: طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حيث كان يتنقل بين المساجد، ويتغلغل في مجتمعات الناس واجتماعاتهم، داعياً إلى الالتزام بالفضائل، ومنادياً بنبذ المنكرات.
الثالث: طريق العمل الفعلي في مقاومة الأعداء وجهادهم، فقد عمل الشيخ (رحمه الله) في جمع عدد كبير من المتطوعين، وحمل معهم السلاح لمقاومة المستعمر الفرنسي، لدى دخوله إلى بلادنا.
الرابع: طريق السعي في الأعمال الخيرية، ومساعدة الفقراء والمحتاجين وبشكل خاص اهتمامه بفقراء (المدينة المنورة)، فقد كان يجمع لهم الأموال كل عام، ويذهب إلى هناك ليوزعها عليهم.
الخامس: طريق تربية الشباب، وبث روح الإسلام الصافية في نفوسهم وتوجيههم إلى الأخلاق المحمدية الكريمة، وقد كثر طلابه ومريدوه ونبغ منهم عدد كبير نذكر على سبيل المثال ولده الشيخ أحمد عز الدين، والعلامة مصطفى الزرقا، والعلامة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، والشيخ معروف الدواليبي، والشيخ محمد الحكيم، وشيخنا الشيخ محمد نجيب خياطة، وشيخنا الشيخ محمد زين العابدين الجذبة، وغيرهم.
أخيراً: طريق تأليف الكتب ونظم الشعر، فقد ترك الشيخ أكثر من اثني عشر مؤلفاً، وعدداً كبيراً من الموالد النبوية، والدواوين الشعرية في مدح النبي صلى الله عليه وسلم.
فمن مؤلفاته:
1- تحذير الإنسان من آفات القلب واللسان - أخلاق -
2- كتاب المنكرات (جزءان) - أخلاق -
3- أكواب الرحيق في آداب الطريق - تصوف -
4- الآداب في الآداب (مختصر سابقه) - تصوف -
5- معرفة العبد ربه بالذكر والمحبة - تصوف -
6- موارد العقل السليم في اتباع الرسول الكريم -تصوف وأخلاق -
7- كنز الهبات في الصلاة على سيد السادات، صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم -
8- أسباب الوصول إلى حب مولانا الرسول، وهو يشمل على أربعين حديثاً نبوياً في المحبة مع شرحها - حديث -
9- إعلام الأنام بأحكام الصيام - فقه -
10- الأقوال الضابطة في أحوال الرابطة - تصوف -
11- إتحاف المعتقد بجواب المنتقد - تصوف -
هذا بالإضافة إلى عدد من الخطب المنبرية، والموالد النبوية والدواوين الشعرية، منها ديوان (مثير الغرام ومشير الهيام)، وديوان (فتح المجيب في مدح الحبيب)، وهو في مدح المصطفى صلى الله عليه وسلم كما هو ظاهر من عنوانه، وقد رتبه ناظمه على تسلسل حروف الهجاء ويمتاز شعره بالرقة والعذوبة، إذا أطلق نفسه على سجيتها، كما نرى في هذه المختارات التي اخترتها من ديوانه (فتح المجيب في مدح الحبيب).
وتراه تارة أخرى صناعاً، يتقن فنون البديع، ويستخدمها استخداماً يضفي على قصائده الكثير من الجمال والروعة، فهو في مولده المنظوم الذي سماه: (مولد الاقتباس من أنوار أرحم الناس). يؤرخ في عنوانه لسنة نظمه، ويضمنه مئة وخمسين اقتباساً من القرآن الكريم.
طيب القلب، نقي السريرة، لطيف المعشر، قريب من قلوب الناس محبوب لديهم، متواضع، لطيف، كثير العبادة وتلاوة القرآن مع التقوى والزهد في الدنيا، وقد أوتي إلى ذلك جرأة في قول الحق والثبات عليه.
جميل الوجه، منوّر الشيبة، محبٌ للنبي صلى الله عليه وسلم، متفان في حبه، متوله به، وبالاقتداء بهديه وشرعه، وقد منّ الله عليه بكثرة رؤيته للنبي صلى الله عليه وسلم في منامه، حتى كان آخر ما كتب في حياته كتاباً أسماه: (غاية المطلوب في رؤيا المحب للمحبوب)، تحدث فيه بما منّ الله عليه من رؤية النبي صلى الله عليه وسلم.
ظلّ الشيخ على هذه السيرة الحسنة في التعليم والوعظ والإرشاد وتربية الطلاب، والحب العظيم لسيد الكائنات عليه الصلاة والسلام، هذا الحب الذي جعله يتمنى الوفاة في مدينته، ليدفن بجواره، وقد عمل على ذلك جاهداً، حيث كان يقصد الحج كل عام، رجاء أن تدركه المنية هناك، وكان له ذلك بفضل الله وكرمه، إذ كان من عادته أن يبدأ في حجه بالتوجه إلى المدينة المنورة، ليتبرك بالسلام على حبيبه صلى الله عليه وسلم، ويكرم فقراء المدينة، بما جمعه لهم من المال، ثم يقصد مكة لأداء فريضة الحج وفي العام الذي قضى الله وفاته، ألهمه الله أن يبدأ بالحج، ثم توجه مسرعاً إلى (المدينة المنورة)، فتوعكت صحته بعد أداء الفريضة، ومع هذا تحامل على نفسه وقصد (المدينة المنورة)، واشتد به المرض في الطريق، وقُدم له العلاج، فما نفعه ذلك، ولما وصل إلى(المدينة)، أدخل إلى المستشفى وحاول الأطباء إنقاذه، لكن قضاء الله سبق بانتهاء الأجل.
وفاضت الروح الطاهرة، ليلة الأحد بعد العشاء لليلتين بقيتا من ذي الحجة، سنة: اثنين وستين وثلاثمئة وألف للهجرة الشريفة، وتحققت أمنية المحب، وسكن (البقيع الطاهر) قرب حبيبه، بعد أن صلي عليه قرب الحجرة النبوية الشريفة، ووقف تلميذه وأحد رفاقه في الحج الشيخ محمد الحكيم، يؤبنه ويعرف الناس قدره ومنزلته، رحمه الله.
وقد رثاه تلميذه الشيخ بكري رجب بقصيده ألقاها في الحفل الذي أقامته (جمعية البر والأخلاق الكريمة) بمناسبة مرور عام على وفاته منها:
أيّ نجم هوى من الخضراء وثوى في مكامن الغبراء
أيّ بدر عن العيون توارى فاكتسى الكون حلة الظلماء
أيّ طود من الجبال لقد دكّ بعد أن كان مشمخرّ الذراء
فعليه رضا المهيمن مالاحت بدور في أفق كبد السماء

 

 

الشيخ عيسى البيانوني
1309ه – 1362ه.
1891م – 1943م.
إنه المحب الذي هام بحبيبه، حينما نذكره، نذكر قوله:
هم بالحبيب محمد وذويه                إن الهيام بحبه يرضيه  
إن مات جسمك فالهوى يحييه          جسد تمكن حب أحمد فيه        
                 تا الله إن الأرض لا تبليه
إنه الشيخ عيسى بن حسن البيانوني العالم التقي، والذاكر النقشبندي، والشاعر الألمعي ولد في قرية قريبة من حلب تسمی بیانون/.
درس العلوم الشرعية في المدرسة العثمانية، ولازم العلماء الذين عاصرهم، وعن خطيبا في جامع العثمانية، ثم شغل وظيفتي الإمامة والخطابة في جامع أبي ذر - سوق النجارين، وبقي في الجامع طيلة حياته، وهناك التقى بشيخ الطريقة النقشبندية الشيخ محمد أبو النصر سليم خلف النقشبندي الحمصي، وأخذ عنه الطريقة النقشبندية. وكان بشهادة علماء عصره من الواصلین، والدعاة الصادقين؛ کرس وقته وحياته للدعوة إلى الله تعالى، وذلك بالإمامة، والخطابة ، والتدريس، والذكر، والطريق.
ربي أولاده على الصلاح، والاستقامة، والتقوى؛ وكان منهم الشيخ أحمد عز الدين البيانوني الذي جعل من جامع أبي ذر مدرسة شرعية وعلمية.
له ديوان شعر مطبوع وعدد من المؤلفات المحفوظة عند حفيده الدكتور أبو الفتح البيانوني.
توفي عام 1943م في المدينة المنورة، ودفن في البقیع - رحمه الله تعالی.

المصادر والمراجع
كتاب علماء من حلب في القرن الرابع عشر تأليف محمد عدنان كاتبي
مقتطفات من كتاب: موسوعة الدعاة والأئمة والخطباء في حلب العصر الحديث.