محمد بن محمد بن عبد الله بن خيضر الترملي الدمشقي أبي الخير قطب الدين

الخيضري

تاريخ الولادة821 هـ
تاريخ الوفاة894 هـ
العمر73 سنة
مكان الولادةدمشق - سوريا
مكان الوفاةالقاهرة - مصر
أماكن الإقامة
  • المدينة المنورة - الحجاز
  • دمشق - سوريا
  • بيت المقدس - فلسطين
  • بعلبك - لبنان
  • القاهرة - مصر
  • دمياط - مصر

نبذة

مُحَمَّد بن مُحَمَّد عبد الله بن خيضر بن سُلَيْمَان بن دَاوُد بن فلاح بن ضميدة بِالْمُعْجَمَةِ مصغر القطب أَبُو الْخَيْر الزبيدِيّ بِالضَّمِّ الْبُلْقَاوِيُّ الأَصْل الترملي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وَالِد النَّجْم أَحْمد الْمَاضِي وَيعرف بالخيضري نِسْبَة لجد أَبِيه. ولد فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ منتصف رَمَضَان سنة إِحْدَى وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِبَيْت لهيا من دمشق.

الترجمة

مُحَمَّد بن مُحَمَّد عبد الله بن خيضر بن سُلَيْمَان بن دَاوُد بن فلاح بن ضميدة بِالْمُعْجَمَةِ مصغر القطب أَبُو الْخَيْر الزبيدِيّ بِالضَّمِّ الْبُلْقَاوِيُّ الأَصْل الترملي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وَالِد النَّجْم أَحْمد الْمَاضِي وَيعرف بالخيضري نِسْبَة لجد أَبِيه. ولد فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ منتصف رَمَضَان سنة إِحْدَى وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِبَيْت لهيا من دمشق وَنَشَأ يَتِيما فِي كَفَالَة أمه وَهِي أُخْت التقي أبي بكر بن عَليّ الحريري الْآتِي وَلذَا فَارق سلفه الَّذين هم من عرب البلقا وانحاز لطائفة الْفُقَهَاء فَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد الشموس الْأَذْرَعِيّ وَابْن قيسون وَابْن النجار وَصلى بِهِ على يَدَيْهِ التَّرَاوِيح على الْعَادة فِيمَا ذكر وَقَالَ إِنَّه حفظ التَّنْبِيه وألفية الحَدِيث والنحو والملحة ومختصر ابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ وَأَنه عرض التَّنْبِيه على قُضَاة مصر إِلَّا الْحَنَفِيّ فِي توجههم إِلَى آمد سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وقرأت بخطى فِي مَوضِع آخر أَنه عرض على كل من شَيخنَا والمحب ابْن نصر الله بِدِمَشْق حِينَئِذٍ خطْبَة التَّنْبِيه وَالطَّهَارَة مِنْهُ وَسمع عَلَيْهِمَا حِينَئِذٍ وَقَالَ أَنه حض ردروس التقى بن قَاضِي شُهْبَة وَأخذ عَنهُ وَقَرَأَ فِي الْفِقْه على المحيوي يحيى القبابي والبرهان بن المرحل البعلي والْعَلَاء بن الصَّيْرَفِي وَعَلِيهِ بحث فِي أُصُوله أَيْضا قَالَ وَبِه انتفعت لملازمتي لَهُ أَكثر من غَيره. واشتغل فِي النَّحْو على الشَّمْس مُحَمَّد البصروي والْعَلَاء القابوني وَطلب الحَدِيث بِنَفسِهِ فَسمع من شُيُوخ بَلَده والقادمين إِلَيْهَا وتدرب فِي ذَلِك بحافظ بَلَده ابْن نَاصِر الدّين فبه تخرج وتعاني الْكِتَابَة على طَرِيقَته وانتفع بمرافقته صاحبنا النَّجْم بن فَهد كثيرا وَمن شُيُوخه بِبَلَدِهِ وَقد زَاد عَددهمْ على الْمِائَتَيْنِ الزين بن الطَّحَّان وَابْن نَاظر الصاحبة وَعَائِشَة ابْنة ابْن الشرائحي.
وارتحل إِلَى بلعبك فِي ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَقَرَأَ بهَا على الْعَلَاء بن بردس والبرهان بن المرحل وَغَيرهمَا وَدخل الْقَاهِرَة مرَارًا أَولهَا فِي هَذِه السّنة ثمَّ فِي سنة خمس وَأَرْبَعين ولازم شَيخنَا أتم مُلَازمَة وَأخذ عَنهُ جملَة من تصانيفه وَغَيرهَا وَمِمَّا قَرَأَهُ عَلَيْهِ تَعْجِيل الْمَنْفَعَة وَتَعْلِيق التَّعْلِيق والإصابة بعد أَن كتبهَا بِخَطِّهِ وَكَانَ قد سلف الثَّنَاء عَلَيْهِ بَين يَدَيْهِ من بعض من رَآهُ من تلامذته وَأَنه لم ير فِي حَلقَة ابْن نَاصِر الدّين أنبل وَلَا أفتح عينا مِنْهُ فَكَانَ ذَلِك مقتضيا لمزيد إقباله عَلَيْهِ والتفاته إِلَيْهِ والتنويه بِذكرِهِ الْمُقْتَضِي لعَلي فخره خُصُوصا وَلم يكن عِنْده إِذْ ذَاك أشبه فِي الطّلب مِنْهُ هَذَا مَعَ أَنه كَانَ كَمَا أَشرت إِلَيْهِ أَولا قد لَقِي شَيخنَا قبل بِدِمَشْق وَسمع عَلَيْهِ وَكتب بعض تصانيفه وَقَرَأَ بِالْقَاهِرَةِ أَيْضا على الْمُحب بن نصر الله والمقريزي وَابْن الْفُرَات فِي آخَرين. وَحج فِي سنة ثَلَاث أول سنيه الَّتِي قدم فِيهَا الْقَاهِرَة وَقَرَأَ بِمَكَّة على زَيْنَب ابْنة اليافعي وَغَيرهَا وبالمدينة النَّبَوِيَّة على أبي الْفَتْح المراغي وَغَيره وَكَذَا زار بَيت الْمُقَدّس غير مرّة وَأخذ فِيهَا عَن الشهَاب بن رسْلَان وَقَرَأَ على الْجمال بن جمَاعَة والتقى أبي بكر القلقشندي وَدخل دمياط وَقَرَأَ بهَا على الشَّمْس ابْن الْفَقِيه حسن إِلَى غَيرهَا من الْأَمَاكِن وَأكْثر. وَأَجَازَ لَهُ الْبُرْهَان الْحلَبِي الْحَافِظ والقبابي والتدمري وَآخَرُونَ وَمَعَ ذَلِك فَلم يتَمَيَّز فِي الطّلب فضلا عَن أَعلَى الْعلمَاء غير أَن لَهُ يقظة فِي الْجُمْلَة وَكِتَابَة يروج بهَا عِنْد من لَا يحسن أَو يحسن مِمَّن يُدَارِي أَو يترجى وَالرجل بِحَمْد الله حِين كَانَ مَوْجُودا لم يكن بتحاشى عَن الْكَلَام فِي شَيْء وَلَا يتَوَقَّف لأجل تَحْرِير أَو تَحْقِيق وَقد أنصف الْعِزّ الْكِنَانِي قَاضِي الْحَنَابِلَة حِين اجتماعه بِهِ وَالْأَمر يحْتَاج إِلَى منصف عَارِف دين. وَقَول شَيخنَا فِي أنبائه بعد وَصفه لَهُ بالفاضل البارع أَنه سمع الْكثير وَكتب كتبا كَثِيرَة وأجزاء وجد وَحصل فِي مُدَّة لَطِيفَة شَيْئا كثيرا وخطه مليح وفهمه جيد ومحاضراته تدل على كَثْرَة استحضاره يحْتَاج إِلَى تَأْوِيل فِي بعض الْكَلِمَات وَكَذَا وَصفه لَهُ بِالْحِفْظِ بعد ذَلِك لَيْسَ على إِطْلَاقه وَالدَّلِيل لعدم تَمْيِيزه أَنه قَرَأَ على ابْن الْفُرَات الْأَدَب الْمُفْرد للْبُخَارِيّ بإجازته من الْعِزّ أَب عمر بن جمَاعَة بِسَمَاعِهِ لَهُ على أَبِيه الْبَدْر مَعَ أَن بِالْقَاهِرَةِ حِينَئِذٍ غير وَاحِد مِمَّن سَمعه على الْعِزّ بن الكويك وَغير وَاحِد مِمَّن سَمعه على الشّرف أبي بكر بن جمَاعَة بل كَانَ خَاله مِمَّن سَمعه عَلَيْهِ بسماعهما لَهُ على الْبَدْر فإعراضه عَن هَذَا السماع الْمُتَّصِل إِلَى مَا فِيهِ إجَازَة مَعَ تفويته من مروى ابْن الْفُرَات مَا انْفَرد بِهِ فِي سَائِر الْآفَاق عدم توفيق بل رَأَيْته كتب سَنَده بالألفية عَن ابْن الْفُرَات إجَازَة مشافهة عَن الْعِزّ بن جمَاعَة إجَازَة إِن لم يكن سَمَاعا أنابها أبي أنابها الْمُؤلف وَهَذَا عَجِيب فَابْن الْفُرَات إِنَّمَا روى عَن ابْن جمَاعَة بِالْإِجَازَةِ الْمُكَاتبَة مَا رَآهُ وَلَا سمع مِنْهُ حرفا وَأما سَماع الْبَدْر لَهَا من ناظمها فَيحْتَاج إِلَى تَحْقِيق فَلَو رَوَاهَا عَن شَيخنَا ابْن حجر أَو غَيره مِمَّن سَمعهَا على التنوخي بِسَمَاعِهِ لَهَا على ابْن غَانِم بِسَمَاعِهِ على النَّاظِم لاستراح من إجَازَة أُخْرَى بل لَو رَوَاهَا بِالْإِجَازَةِ عَن القبابي عَن ابْن الخباز عَن النَّاظِم لَكَانَ أَعلَى بِدَرَجَة وَأغْرب من هَذَا أنني رَأَيْت بِخَطِّهِ المسلسل بالأولية فأسقط من السَّنَد أَبَا صلح الْمُؤَذّن وَكَذَا رَأَيْت بِخَطِّهِ سَنَده بالبخاري وَفِيه عدَّة أَوْهَام إِلَى غير هَذَا مِمَّا لم أتشاغل بِهِ وَقد اسْتعَار من شَيخنَا نسخته بالطبقات الْوُسْطَى لِابْنِ السُّبْكِيّ فَجرد مَا بهَا من الْحَوَاشِي الْمُشْتَملَة على تراجم مُسْتَقلَّة وزيادات فِي أثْنَاء التراجم مِمَّا جردته أَيْضا فِي مُجَلد ثمَّ ضم ذَلِك لتصنيف لَهُ على الْحُرُوف لخص فِيهِ طَبَقَات ابْن السُّبْكِيّ مَعَ زَوَائِد حصلها بالمطالعة من كتب أمده شَيخنَا بهَا كالموجود من تَارِيخ مصر للقطب الْحلَبِي وتاريخ نيسابور للْحَاكِم والذيل عَلَيْهِ لعبد الغافر وتاريخ بخارا لغنجار وأصبهان وَغير ذَلِك مِمَّا يفوق الْوَصْف وَسَماهُ اللمع الألمعية لأعيان الشَّافِعِيَّة وَكَذَا جرد مَا لشَيْخِنَا من المناقشات مَعَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات مِمَّا هُوَ بهوامش نسخته وَغَيرهَا ثمَّ ضم ذَلِك لتلخيصه الأَصْل وَسَماهُ الْبَرْق اللموع لكشف الحَدِيث الْمَوْضُوع ولخص أَيْضا الْأَنْسَاب لأبي سعد بن السَّمْعَانِيّ مَعَ ضمه لذَلِك مَا عِنْد ابْن الْأَثِير والرشاطي وَغَيرهَا من الزِّيَادَات وَنَحْوهَا وَسَماهُ الِاكْتِسَاب فِي تَلْخِيص الْأَنْسَاب وَمَا عَلمته حرر وَاحِدًا مِنْهَا وَاشْتَدَّ حرصي على الْوُقُوف عَلَيْهَا فَمَا أمكن نعم رَأَيْت أَولهَا فِي حَيَاة شَيخنَا وانتقدت عَلَيْهِ إِذْ ذَاك بهامشه شَيْئا وشافهته بعيد التسعين بطلبها قَائِلا لَهُ إِنَّمَا تركت تَوَجُّهِي لجمع الشَّافِعِيَّة مُرَاعَاة لكم وَإِلَّا فَغير خَافَ عَنْكُم أنني إِذا نهضت إِلَيْهِ أعمله فِي زمن يسير جدا فَأجَاب بِأَنَّهُ اسْتعَار كتبا ليستمد مِنْهَا فِي تحريرها كتاريخ بَغْدَاد للخطيب وتاريخ غرناطة لِابْنِ الْخَطِيب فتعجبت فِي نَفسِي نم طلب تراجم الشَّافِعِيَّة من ثَانِيهمَا وتألمت لكَون هذَيْن الْكِتَابَيْنِ كَانَا عِنْدِي أنتفع بهما من أوقاف سعيد السُّعَدَاء فاحتال حَتَّى وصلا إِلَيْهِ مَعَ عدم انتفاعه بهما وَقد فهرسه شَيخنَا بِخَطِّهِ لكَونه كَانَ يرى ذَلِك أسهل من التقريض وَبَلغنِي أَنه عَتبه فِي عدم عزو مَا استفاده مِنْهُ إِلَيْهِ وَوجد السَّابِق وتكرر صرفه ثمَّ يُعَاد ثمَّ أضيف إِلَيْهِ قَضَاء الشَّافِعِيَّة بهَا عوضا عَن الولوي البُلْقِينِيّ قبل مَوته بِيَسِير جدا بِحَيْثُ كَانَ أول شَيْء بَاشرهُ قبل مَجِيء خلعته ضبط تركته وعددت ذَلِك من بركَة شَيخنَا. وتكرر انْفِصَاله عَن الْقَضَاء وَكِتَابَة السِّرّ بِحَيْثُ انْفَصل عَن الْقَضَاء مرّة بِالْعَلَاءِ بن الصَّابُونِي وَعَن كِتَابَة السِّرّ بالشريف إِبْرَاهِيم القبيبساتي وَآل أمره إِلَى ثُبُوت قدمه فيهمَا بل صَارَت أَكثر الْأُمُور الشامية معذوقة بِهِ واتسعت دائرته فِي الْأَمْوَال والجهات والأملاك والوظائف والكتب وَغَيرهَا مِمَّا يطول شَرحه بعد مزِيد الْفَاقَة والتقلل حَتَّى أَن شَيخنَا كَانَ قد رتب لَهُ فِي بعض قدماته نزرا يَسِيرا جدا وَكَانَ يتَمَنَّى فِي كل يَوْم مائَة دِرْهَم فُلُوسًا وَلذَا كثرت فِيهِ المقالات والمرافعات ولصق بِهِ فِي طول مدَّته أَشْيَاء فظيعة بِحَيْثُ كتب فِيهِ البلاطنسي وَكَانَ فِي التعصب وَقُوَّة النَّفس بمَكَان إِلَى الْجمال نَاظر الْخَاص أَزِيد من خمسين سطرا فِيهَا مثالب وقبائح من جُمْلَتهَا قِيَامه مَعَ أهل الرَّفْض وتضمن ذَلِك خذلانه لأهل السّنة بل حكى لي ابْن السَّيِّد عفيف الدّين عَن رُؤْيَة بعض الشاميين لَهُ مناما قصه عَليّ فِيهِ بشاعة لم أر إثْبَاته مَعَ أَنه قد شاع وذاع وقتا وتألم القطب بِسَبَبِهِ كثيرا وتكرر قدومه الْقَاهِرَة بِالْكَرَاهَةِ أَو الِاخْتِيَار وخدمته للسُّلْطَان فَمن دونه بِمَا يزِيد فِيمَا قيل على مائَة ألف دِينَار وَكثر التألم بِسَبَبِهِ والتظلم مِمَّن يجْتَهد فِي طلبه إِلَى أَن رأف عَلَيْهِ السُّلْطَان وَعرف من حَاله مَا أغناه عَن مزِيد الْبَيَان وَأَقْبل عَلَيْهِ فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ بكليته واتصل بجنابه ورويته وَصَارَ بِحَسب الظَّاهِر إِلَى غَايَة فِي التَّقْرِيب وَنِهَايَة من الْميل والترحيب ثمَّ ألزمهُ بِالْإِقَامَةِ فِي حرمه وأفهمه مَا فِيهِ ارْتِفَاع علمه وَصَارَ يصعد إِلَيْهِ فِي أَوْقَات مُعينَة بِسَبَب أَشْيَاء وَاضِحَة بَيِّنَة ويسايره فِي أَمَاكِن النزه وَغَيرهَا ويسامره بِمَا يتَوَهَّم من نَفسه انطباعه فِيهِ لَا سِيمَا فِي حسن البزة وعطرها مَعَ خلط ذَلِك بطريقته فِي الخراع لربط السالك لَهُ بِسَاحَتِهِمْ حِين التَّفَرُّق والاجتماع بِحَيْثُ انخفض بِهَذَا كُله النابلسي المرافع وَمَا نَهَضَ للتوصل للكثير مِمَّا كَانَ بِهِ يدافع بل تقاعد عَنهُ الزبون وتباعد عَن بَابه من كَانَ بذل الْأَمْوَال فِي التَّوَصُّل لأغراضه عَلَيْهِ يهون فَانْقَطع حِينَئِذٍ عَنهُ الْوَاصِل وارتفع مَا الْأَلَم من أَجله متواصل خُصُوصا حِين سَافر ولد صَاحب التَّرْجَمَة إِلَّا لَكِن فِي الْعبارَة والترجمة مَعَ كَونه لم يستكمل الْعشْرين من السنين إِلَى بَلَده بعد أَن أكْرمه هُوَ وغالب الْأَعْيَان بِمَا لم يكن فِي باله وَلَا خلده ليباشر عَن أَبِيه الْقَضَاء وَكِتَابَة السِّرّ وَغَيرهمَا من الْأَمر الظَّاهِر والمستتر وَزوج السُّلْطَان وَالِده ابْنة أَمِير الْمُؤمنِينَ ليتأكد رسوخ قدمه بِيَقِين وَكَانَ المتكفل بمهم التَّزْوِيج والمتفضل بِمَا يتم بِهِ الرقي فِي التدريج الدوادار الْكَبِير المسعف الْغَنِيّ فضلا عَن الْفَقِير إِلَى غير مَا ذكر من الْإِكْرَام والتبجيل والإنعام كل ذَلِك والمخلطون بِبَابِهِ مرتبطون لتوهم ارتقائه إِلَى المناصب وبقائه فِيمَا هُوَ لَهُ ناصب وتأكد ذَلِك بعد مسك غَرِيمه ومصادرته فِي قبض المَال وتسليمه وَفعل ذَلِك بولده الَّذِي صَار نَاظر جَيش الشَّام حَتَّى قتلا فِي المحنة وَالسَّلَام وَكَانَ ذَلِك ابْتِدَاء عَكسه وانتهاء مَا تَعب فِي تخمينه وحدسه فَإِنَّهُ سَافر فِي الركاب السفرة الشمالية بعد أَن نافر من الْأَصْحَاب من معوله الالتجاء إِلَى مَوْلَاهُ فِي كل قَضِيَّة فَمَا كَانَ بأسرع من تغير الخواطر الكثيفة عَلَيْهِ وعَلى وَلَده ذِي الآراء المعكوسة والعقول السخيفة وَرجع مُبْعدًا منهورا مشددا عَلَيْهِ مقهورا فأفاق حِينَئِذٍ من سكرته وذاق مَا اعْتَمدهُ فِي سرعَة كَلَامه وحركته وَلم يلبث بعد الإبعاد أَن عَاد لتِلْك المسامرة والمكاثرة والاجتماع فِي بعض اللَّيَالِي على تِلْكَ الْأَلْفَاظ الملحنة والابتداع لما لَيْسَ لَهُ أصل فِي السّنة الْحَسَنَة فتردد النَّاس لبابه وتودد لَهُ الْعَدو فضلا عَن الصّديق بِحسن خطابه وَعقد بالأزهر وَغَيره بِحَضْرَة جمَاعَة من أهل الافتراء والمراء أَو المغفلين الْمُكرمين للغريب فضلا عَن الْقَرِيب بالقرى مجَالِس للإسماع والقرا كَانَ الْوَقْت فِي غنية عَنْهَا لِكَثْرَة مَا وَقع فِيهَا من الْكَلِمَات الَّتِي لَا متحصل مِنْهَا بل كَانَ قبل خطب بالجامع مرَارًا وأسمع فِيهِ الحَدِيث جهارا بل واستحضر الشاوي بَاقِي المسندين لوَلَده بِيَقِين فِي سنة سِتّ وَسبعين فأسمعه عَلَيْهِ بِحَضْرَتِهِ الصَّحِيح وَبَان بذلك الألكن من الفصيح إِلَى غير ذَلِك عَلَيْهِمَا أَو عَلَيْهِ بِانْفِرَادِهِ وتحاكى الطّلبَة مِمَّا كَانَ يَقع مَا لَا أثْبته مَعَ كثرته لمزيد فَسَاده وَمِمَّنْ كَانَ يحْكى مَا يَبْدُو مِنْهُ فِي رويته فضلا عَن بديهته بِحَضْرَتِهِ من الْكَلِمَات الَّتِي لَا تصدر من آحَاد الطّلبَة عِنْد الْملك أودواداره الْبُرْهَان الكركي الإِمَام الْفَائِق فِي علمه وتفننه وخبرته حَتَّى سَمِعت من يَقُول أَنه لذَلِك أسر النَّاس بمحنته وتقرر فِي خطابه جَامع الرَّوْضَة وباشر ذَلِك جمعا بِمَالِه من عزم ونهضة ثمَّ استناب فِيهِ بعض الْفُضَلَاء الْمَذْكُورين بالتوجيه وَكَذَا حدث بِبَلَدِهِ وأملى ودرس وَوعظ وخطب وَأفْتى بالوجاهة والاعتلاء وَولى السميساطية وَغَيرهَا من مدارس الشَّام خَارِجا عَمَّا يتَعَلَّق بِالْقضَاءِ من الْمدَارِس الَّتِي لَا تسام كالغزالية والعذراوية بل كَانَ يذكر بصدقات زَائِدَة وإحسان للغرباء بنية صَالِحَة أَو فَاسِدَة وَأَنه بنى بِجَانِب بَيته مدرسة إِمَّا إنْشَاء أَو تجديدا إِلَى غَيرهَا المآثر الَّتِي لَا احْتِيَاج بِنَا لذكرها تعديدا وَبنى أَيْضا بالقرافة عِنْد بَاب مقَام الشَّافِعِي تربة قرر بهَا فِيمَا قيل صوفية مَعَ شيخ لَهُم من الطّلبَة صرف الله عَن مشيختها بعض من خطبه لذَلِك من الْفُضَلَاء النبلاء بِحَيْثُ قيل أَن الْمُنَاسب لَهَا كَانَ ابْن دَاوُد المنوه بِهِ عِنْد السُّلْطَان بِتَقْدِيم شَيْء مهمل سَمَّاهُ بالتاريخ لَا يعبأ بِهِ من عَلَيْهِ يعول وَلَكِن فِي جماعته المقرب لَهُم عِنْده بعض من يرْمى من القبائح بعده مَعَ فَضَائِل يمتاز بهَا على ابْن دَاوُد وخبرة بالوسائل المبلغة للمقصود وَلذَا رقاه للقضا وَآل أمره إِلَى أَن صَار أَرضًا. وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ مِمَّن فِيهِ رَائِحَة الْفَنّ بل هُوَ من قدماء الْأَصْحَاب وَأحد الْعشْرَة الَّذين ذكرهم شَيخنَا فِي وَصيته وَإِن فعل معي مَا أَرْجُو أَن يجازى بمقصده عَلَيْهِ، وَقد صرف عَن الْقَضَاء وَبَقِي مَعَ ابْنه كِتَابَة السِّرّ مَعَ غَيرهَا من الْجِهَات واستفيض مرافعة وَلَده فِيهِ وَآل أمره أَن صرف عَن كِتَابَة السِّرّ وَاسْتمرّ أَبوهُ على طَرِيقَته فِي مُلَازمَة خدمَة السُّلْطَان حَتَّى مَاتَ فِي ربيع الثَّانِي سنة أَربع وَتِسْعين بِالْقَاهِرَةِ وَدفن بتربته عِنْد بَاب الشَّافِعِي وتأسف السُّلْطَان فِيمَا قيل عَلَيْهِ رَحمَه الله وإيانا.
ـ الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي.

 

 

محمد بن محمد بن عبدِ اللهِ، الخيضريُّ.
ولد سنة 821 ببيت المقدس، ونشأ بدمشق، وأخذ عن جماعة، وسمع الحديث من مشايخ بلده، والقادمين إليها، وتدرب بالحافظ ابن ناصر، ثم ارتحل إلى القاهرة، فسمع من ابن حجر، له مصنفات، منها: "البرق اللموع لكشف الحديث الموضوع". ترجمه السخاوي ترجمة طويلة كلُّها ثلبٌ وشتم؛ كعادته في أقرانه، ومن أعجب ما رأيته فيها من التعصب: أنه قدح في مؤلفات الخيضري، ثم قال: إنه ما رآها، وهذا غريب. ولعل موته بعد كمال المئة التاسعة، انتهى ما في "البدر الطالع".
التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول - أبو الِطيب محمد صديق خان البخاري القِنَّوجي.

 

 

مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن خيضر بن سُلَيْمَان بن دَاوُد ابْن فلاح الدمشقى الشافعى الْمَعْرُوف بالخيضري
بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة ثمَّ الْمُثَنَّاة من تَحت ثمَّ الضَّاد الْمُعْجَمَة نِسْبَة إِلَى جده الْمَذْكُور ولد فِي لَيْلَة الاثنين نصف رَمَضَان سنة 821 إِحْدَى وَعشْرين وثمان مائَة بِبَيْت الْمُقَدّس وَنَشَأ بِدِمَشْق وَأخذ عَن جمَاعَة مِنْهُم ابْن قاضي شُهْبَة والْعَلَاء بن الصيرفي وَسمع الحَدِيث من شُيُوخ بَلَده والقادمين إِلَيْهَا وتدرب بِالْحَافِظِ بن نَاصِر والنجم بن فَهد وَقد زَاد عدد مشايخه بِبَلَدِهِ على الْمِائَتَيْنِ ثمَّ ارتحل إِلَى الْقَاهِرَة فَسمع من ابْن حجر ولازمه وَأخذ عَنهُ جملَة من تصانيفه وَسمع على غَيره وَسمع بِبَيْت الْمُقَدّس على ابْن رسْلَان وطبقته وَسمع الْكثير وَكتب الطباق وصنف طَبَقَات للشَّافِعِيَّة والبرق اللموع لكشف الحَدِيث الْمَوْضُوع والاكتساب فِي الْأَنْسَاب فِي نَحْو أَربع مجلدات كبار وَله مصنفات أخرى وَمِنْهَا مَا أفرد فِيهِ مسَائِل بمصنفات وَولى قَضَاء الشَّافِعِيَّة بِالشَّام وانفصل مَرَّات ثمَّ ثَبت قدمه فِي ذَلِك وَصَارَت الْأُمُور معقودة بِهِ واتسعت أَمْوَاله ووفد الْقَاهِرَة مَرَّات وقربه السُّلْطَان وَقد تَرْجمهُ السخاوي تَرْجَمَة طَوِيلَة كلهَا ثلب وَشتم كعادته فِي أقرانه
وَمن أعجب مَا رَأَيْته فِيهَا من التعصب أَنه قدح فِي مؤلفات المترجم لَهُ ثمَّ قَالَ انه مَا رَآهَا وَهَذَا غَرِيب وَلكنه قد أبان الْعلَّة فِي آخر التَّرْجَمَة فَقَالَ وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ مِمَّن فِيهِ رَائِحَة الْفَنّ بل هُوَ من قدماء الْأَصْحَاب وَأحد الْعشْرَة الَّذين ذكرهم شَيخنَا يعْنى ابْن حجر فِي وَصيته وإن فعل معي مَا أرجو أَن يجازى بمقصده عَلَيْهِ انْتهى
وَلَعَلَّ مَوته بعد كَمَال الْمِائَة التَّاسِعَة
البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع - لمحمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني

 


محمد بن محمد بن عبد الله بن خيضر، قطب الدين أبو الخير ابن الخيضري الزّبيدي الدمشقيّ الشافعيّ:
قاض، من العلماء بالتراجم والأنساب والحديث. أصله من عرب البلقاء. ولد في بيت لهيا (من قرى دمشق) وقرأ بدمشق وبعلبكّ والقدس ومصر ومكة. وولي قضاء الشافعية وكتابة السرّ بدمشق. وتوفي بالقاهرة.
له كتب، منها (الاكتساب في تلخيص كتب الأنساب - خ) الأول منه، بخطه في البصرة، و (اللفظ المكرم بخصائص النبي الأعظم - خ) و (شرح ألفية العراقي) و (طبقات الشافعية) و (البرق اللموع) في الأحاديث الموضوعة، و (الروض النضر في حال الخضر - خ) و (زهر الرياض - ط) .
-الاعلام للزركلي-