عبد الغني بن طالب بن حمادة بن إبراهيم الغنيمي الدمشقي الميداني

تاريخ الولادة1222 هـ
تاريخ الوفاة1298 هـ
العمر76 سنة
مكان الولادةدمشق - سوريا
مكان الوفاةالسوس الأقصى - المغرب
أماكن الإقامة
  • الحجاز - الحجاز
  • السوس الأقصى - المغرب
  • دمشق - سوريا

نبذة

عبد الغني بن طالب بن حمادة بن إبراهيم الغنيمي الدمشقيّ الميداني: فاضل من فقهاء الحنفية. نسبته إلى محلة الميدان بدمشق.

الترجمة

عبد الغني بن طالب بن حمادة بن إبراهيم الغنيمي الدمشقيّ الميداني:
فاضل من فقهاء الحنفية. نسبته إلى محلة الميدان بدمشق. له " اللباب - ط " فقه، في شرح القدوري، و " كشف الالتباس - خ " في شرح البخاري، و " شرح العقيدة الطحاوية - ط " وشروح ورسائل في " الصرف " و " التوحيد " والرسم.

-الاعلام للزركلي-

 

 

الشيخ عبد الغني بن طالب بن حمادة بن إبراهيم بن سليمان الميداني الحنفي
بحر علم لا يدرك غوره، وفلك فضل على قطب المعارف دوره، لم يقنع بالمجاز عن الحقيقة، حتى تبوأ البحبوحة من تلك الحديقة.

ولديه من المعلومات ما يشق على القلم حشره، ويتعسر على الألسنة نشره، وتأليفاته التي يحق لرائيها أن ينافس بها ويفاخر، محشوة من الفوائد بما يعقل الأفكار ويقيد الخواطر. ولد في الشام في الميدان سنة ألف ومائتين واثنتين وعشرين، وربي في حجر والده، ثم بعد تمييزه قرأ القرآن، ثم طلب العلم الشريف بكل جد واجتهاد، فقرأ على الشيخ عمر أفندي المجتهد وعلى الشيخ سعيد الحلبي وعلى الشيخ عبد الغني السقطي وعلى السيد محمد عابدين وعلى الشيخ عبد الرحمن الكزبري وعلى الشيخ أحمد بيبرس وعلى والدي الشيخ حسن البيطار، فإنه لازمه ملازمة المرضعة للرضيع، وكان يكثر المديح في حقه لدى كل رفيع ووضيع، ولما طلب منه الإجازة حضرة المحترم السيد سلمان أفندي القادري نقيب بغداد كتب له بها أسماء مشايخه المرقومين، ولما ذكر والده قال وكان جل انتفاعي به. وكان ذا زهد وتقوى وعبادة في السر والنجوى، وهمة عالية ومروءة سامية، ولسان على الذكر دائب، وشهرة قد سارت في المشارق والمغارب، ومنزلة في القلوب حميدة وعقيدة في كماله وحيدة، له من المؤلفات: الشرح المسمى باللباب على متن القدوري وقد طبع مرتين لكثرة طالبيه، وشرح المراح في علم الصرف، وشرح رسالة الطحاوي في التوحيد، ورسالة وشرحها في الرسم، ورسالة سماها إسعاف المريدين لإقامة فرائض الدين وقد شرحها ولده الشيخ إسماعيل، وسل الحسام على شاتم دين الإسلام، ورسالة في صحة وقف المشاع، ورسالة في مشد المسكة، ورسالة في رد شبهة عرضة لبعض الأفاضل، ورسالة سماها كشف الالتباس في قول البخاري قال بعض الناس. وله نظم ونثر يفوق اللآلي والدر، فمما نظمه قصيدته التي مدح بها أستاذه الوالد التي صدرها بقوله: لمحررها عبد الغني يمدح فيها جناب شيخه وقدوته العالم الرباني والوالد الروحاني، من تفاخرت به الأقطار، سيدي الشيخ حسن بن إبراهيم البيطار ويهنيه بوصوله بالسلامة من الرحلة الحجازية إلى وطنه دمشق المحمية، دام كما رام والسلام:
ومضت بروق الحي في الظلماء ... سحراً أهاجت لاعج الأحشاء
ونضت سيوف الهند في إبراقها ... فهمت عيون مدامعي بدماء
ما شمتها إلا وملت ترنماً ... كتمايل النشوان بالصهباء
وشفت فؤاد المستهام من الضنى ... نعم الدواء يكون إثر الداء
وفكرت عهداً قد مضى فينا سقى ... عهدي القديم به غمام بكاء
زار الحبيب ونوره متشعشع ... يمحو ظلام الليل الليلاء
لما بدا أنشدت في تلك الربى ... شق الصباح غلالة الظلماء
نادمته والشوق بين جوانحي ... أذكى لهيب الوجد والأهواء
في ليلة جنت فأنور بدرها ... يحكي محيا مرتع البلغاء
من قد رعى حب القلوب وقد حوى ... روض الربيع معنبر الأرجاء
المرتقي رتب الفضائل والعلا ... فيها ارتقى للذروة العلياء
اللوعذي الألمعي ومن غدا ... علم العلوم ومرجع العلماء
المفرد العلم الذي آثاره ... دلت عليه بأصدق الأنباء
إن قيل من هذا الذي تعني فقل ... من مدحه فرض على الشعراء
الفاضل النحرير بدر قد سما ... " حسن " ولكن سيد الحسناء
ميداننا بقدومه قد فاخرت ... أمثالها فيه مع الندماء
صدر الشريعة والحقيقة والتقى ... من قلبه كالدرة البيضاء
من أتقن المعقول والمنقول وافتخرت به شام على الزوراء
مغني اللبيب فكفه قطر الندى ... ومطول التمداح فيه شفائي
قد قام في ذكر الإله ملاحظاً ... بسوابغ الآلاء والنعماء
بطريقة الصديق قد يروي الظما ... بخلوص صدق ساعة الظلماء
كهف ترى النجباء في أعتابه ... تأتي له بالنظم والإنشاء

لا عيب فيه غير أن نظامه ... خلب العقول ببهجة وسناء
وجميع من في الكون من عشاقه ... في الدين والدنيا من السعداء
فجعلته بين البرية حليتي ... هو ملجأ الفقراء والغرباء
لا زال كالبيت الحرام محرماً ... عند استلام الركن والإيماء
والعذر لا يخفى فإني مادح ... يأتي إلى أعتابكم بعناء
متخلصاً من بطؤه متشفعاً ... بالهاشمي وسيد الشفعاء
المجتبى المختار من كل الملا ... وهو الذي قد خص بالإسراء
صلى عليه الله ربي دائماً ... ما ناح قمري على الورقاء
وعلى قرابته الذين تقدسوا ... والآل مع أصحابه النجباء
من بعد مختتم أتى تاريخها ... أمواج كافور سرت كرباء
سنة 1242 ومن نثره ما كتبه لوالدي حين كان في الحجاز سنة ألف ومائتين واثنتين وأربعين: غب إهداء سلام تنطبق كلياته وجزئياته على قضايا الأشواق، وتثبت مقدماته من الأشكال ما يعجز عن وصفه خاصة الرسم والحد من الاشتياق، نخص بذلك جناب سيدنا ذي القضية الموجهة إلى كل مجد، الحملية على مقدمات العز المعدولة عن العكس والطرد، حضرة مولانا الشيخ حسن البيطار، لا برح لواء فضله منشوراً في الآفاق والأمصار، ولا زال قدره بالرفعة مشفوعاً، ومقامه الأسمى على عاتق الجوزاء محمولاً وموضوعاً، وعدوه عقيماً عن بلوغ الآمال، ذميماً على ممر الأيام والليالي إلى آخره.
ومن كلامه في مدح الذات المحمدية، ذات الصفات الأحمدية:
هما مقلتي طير على البان ساجع ... وتغريده المسموع للقلب صادع
كأن صروف الدر القته بالنوى ... فناح على إلف له وهو خاضع

فقلت له يا طير قطعت مهجتي ... وهيمت مضنى وهو بالحب والع
وذكرتني يوماً رمى القلب في الغنا ... ومن لي وقلبي في جوى الحب واقع
فهاك حديثاً عن حقيق محبتي ... تسلسله عني دموع هوامع
فقد رمقت عيني لوامع ظبية ... لها برق وجه في دجى الشعر لامع
وحاجبها قد فاق حسناً وثغرها ... فريد نظام للفرائد جامع
ولما بدت للصب ماست وقد رنت ... فما البرد ما الأغصان ما الريم راتع
وفي البعد عنها واسع الأرض ضيق ... وفي القرب منها ضيق الأرض واسع
وكل محب ما اهتدى بجمالها ... فذاك كذوب في الضلالة واقع
إليها جميع الحسن يعزى أصالة ... وحسن سواها في البرية تابع
إلى أن قال:
إذا أقبلت فالشمس تسجد هيبة ... وإن خطرت فالغصن في الروض راكع
ولي مخلص من صدها بتشفعي ... إليها بمن لي في القيامة شافع
فلولاه لم نعرف لدين ولا تقى ... ولولاه لم يوجد مدى الدهر طالع
ولا عيب أن قيل الغنيمي مادح ... رسول إله عبده فيه طامع
فذاك عبيد للغني ومن له ... سواه إذا اشتدت عليه الموانع
وله قصائد كثيرة، وفضائل معروفة شهيرة، وخيريات حسنة وتعميرات مستحسنة. وكانت الناس تأتيه بالهدايا وتقصده بعظيم الوصايا، وقد جدد عمارة الجامع الذي بجانب داره في الميدان في محلة ساحة السخانة وأنشأ له منارة عظيمة متينة. وبالجملة والتفصيل، قد كان شهماً ما له من مثيل، وقد اتسع جاهه وكثر في الناس ثناؤه، وخالطت هيبته القلوب فكان لها أجل مطلوب ومرغوب. ولم يزل على استقامته في طاعته وعبادته، وإفادته لطالبه ووارده، وإحسانه لراغبه وقاصده، إلى أن سجع على دوحه حمام الحمام، ودعاه إلى الرحلة داعي الأنام. فتوفي رحمه الله تعالى رابع ربيع الأول سنة ألف ومائتين وثمان وتسعين. ولقد صلي عليه في جامع الدقاق بإمامة ولده الفاضل الشيخ إسماعيل، قدمه للإمامة شيخنا الفاضل الطنطاوي، وكان لجنازته مشهد قد غص به واسع الطريق، ودفن في تربة باب الله في أسفل التربة الوسطى من جهة الشرق، وطلب مني ولده أن أنظم له أبياتاً تكتب على القبر فقلت:
همام فاضل شهم إمام ... جليل ذو مقامات شريفة
ثوى في رمسه فاعجب لرمس ... حوى بحراً شمائله منيفة
فوا أسفا قضى عبد الغني ... سريعاً نحبه ونحا حليفة
ربيع الفضل حياً في ربيع ... بروح وارتياح مستضيفة
بكاء قد أتى تاريخه زد ... لقد ماتت علوم أبي حنيفة
حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ابن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي.