محمد بن الوليد بن خلف بن سليمان بن أيوب الفهري أبي بكر
ابن أبي رندقة محمد الطرطوشي
تاريخ الولادة | 451 هـ |
تاريخ الوفاة | 520 هـ |
العمر | 69 سنة |
مكان الوفاة | الإسكندرية - مصر |
أماكن الإقامة |
|
- علي بن أحمد بن علي بن إبراهيم بن بحر التستري "أبي علي"
- محمد بن أحمد بن الحسين الشاشي أبي بكر فخر الإسلام
- أبي محمد رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز التميمي
- محمد بن فتوح بن عبد الله بن فتوح بن حميد الأزدي أبي عبد الله "الحافظ الحميدي"
- عبد الله بن يوسف القاضي أبي محمد الجرجاني
- محمد بن علي بن محمد بن الحسين بن عبد الملك الدامغاني أبي عبد الله
- سليمان بن خلف بن سعيد بن أيوب التجيبي القرطبي الذهبي أبي الوليد الباجي
- أحمد خليفة بن المسلم بن رجاء اللخمي "أبي طالب"
- عبد الله بن موسى بن سليمان أبي محمد "ابن برطلة"
- أبي عبد الله محمد بن مسلم بن محمد بن أبي بكر القرشي الصقلي المازري الإسكندري
- محمد بن عبد الله ابن تومرت "ابن تومرت"
- الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمر الأنصاري الأندلسي البطليوسي أبي علي "ابن الفراء"
- إسماعيل بن مكي بن إسماعيل بن عيسى بن عوف أبي الطاهر
- محمد بن عبد الله بن محمد المعافري أبي بكر "القاضي أبي بكر بن العربي"
- أحمد بن عبد الله بن احمد بن هشام بن الحطيئة اللخمي الفاسي أبي العباس "ابن الحطيئة أحمد"
- عبد الله بن عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل بن علي بن محمد بن إسماعيل الديباجي "أبي محمد"
نبذة
الترجمة
الإِمَامُ العَلاَّمَةُ، القُدْوَةُ الزَّاهِدُ، شَيْخُ المَالِكِيَّة، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الوَلِيْدِ بنِ خَلَفِ بن سُلَيْمَانَ بن أَيُّوْبَ الفِهْرِيّ الأَنْدَلُسِيّ, الطُّرْطُوشِي الفَقِيْه، عَالِمُ الإِسْكَنْدَرِيَّة، وَطُرْطُوشَة: هِيَ آخِرُ حَدِّ المُسْلِمِين مِنْ شِمَالِي الأَنْدَلُس، ثُمَّ اسْتولَى العَدُوّ عَلَيْهَا مِنْ دَهْرٍ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُعْرَفُ فِي وقته بتبن أَبِي رَنْدَقَه.
لاَزَمَ القَاضِي أَبَا الوَلِيْدِ البَاجِي بِسَرقُسْطَةَ، وَأَخَذَ عَنْهُ مَسَائِلَ الخلاَفِ، ثُمَّ حَجَّ، وَدَخَلَ العِرَاق.
وَسَمِعَ بِالبَصْرَةِ "سُنَن أَبِي دَاوُدَ" من أبي علي التستري، وسمع بِبَغْدَادَ مِنْ قَاضِيهَا أَبِي عَبْدِ اللهِ الدَّامغَانِي، وَرزقِ الله التَّمِيْمِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ الحُمَيْدِيّ، وَعِدَّة.
وَتَفَقَّهَ أَيْضاً عِنْد أَبِي بَكْرٍ الشَّاشِيّ، وَنَزَلَ بَيْتَ المَقْدِسِ مُدَّة، وَتَحَوَّل إِلَى الثَّغْر، وَتَخَرَّج بِهِ أَئِمَّة.
قَالَ ابْنُ بَشْكُوَال: كَانَ إِمَاماً عَالِماً، زَاهِداً وَرِعاً، ديناً مُتَوَاضِعاً، متقشِّفاً متقلِّلاً مِنَ الدُّنْيَا، رَاضياً بِاليسير، أَخْبَرَنَا عَنْهُ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ بنُ العربِي، وَوصفه بِالعِلْمِ، وَالفَضْل، وَالزُّهْدِ، وَالإِقبالِ عَلَى مَا يَعْنِيْهِ، قَالَ لِي: إِذَا عَرَضَ لَكَ أمرُ دُنْيَا وَأَمرُ آخِرَة، فَبَادِرْ بِأَمرِ الآخِرَة، يَحْصُلْ لَكَ أَمرُ الدنيا والأخرى.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَهْدِيِّ بنِ قليُنَا: كَانَ شيخُنَا أَبُو بَكْرٍ زُهْدُهُ وَعبَادتُهُ أَكْثَرُ مِنْ عِلْمه، وَحَكَى بَعْضُ العُلَمَاء أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الطُّرطُوشِي أَنجبَ عَلَيْهِ نَحْوٌ مِنْ مائَتَيْ فَقِيْهٍ مُفْتِي، وَكَانَ يَأْتِي إِلَى الفُقَهَاء وَهُم نِيَام، فَيَضع فِي أَفوَاهِهِم الدَّنَانِيْر، فَيَهُبُّوْن، فيرونهَا فِي أَفوَاهِهِم.
قَالَ القَاضِي شَمْسُ الدِّيْنِ ابْنُ خَلِّكَان: دَخَلَ الطُّرطُوشِي عَلَى الأَفْضَلِ ابْن أَمِيْر الجُيُوْش بِمِصْرَ، فَبسط تَحْته مِئْزَره، وَكَانَ إِلَى جَانبِ الأَفضل نَصْرَانِي، فَوَعَظ الأَفْضَلَ حَتَّى أَبكَاهُ، ثُمَّ أَنشده:
يَا ذَا الَّذِي طَاعَتُهُ قُرْبَةٌ ... وَحَقُّهُ مُفْتَرَضٌ وَاجِبُ
إِنَّ الَّذِي شُرِّفْتَ مِنْ أَجْلِهِ ... يَزْعُمُ هَذَا أَنَّهُ كَاذِبُ
وَأَشَارَ إِلَى ذَلِكَ النَّصْرَانِيّ، فَأَقَامَ الأَفْضَلُ النَّصْرَانِيَّ مِنْ مَوْضِعه.
وَقَدْ صَنَّفَ أَبُو بَكْرٍ كِتَاب "سرَاج المُلُوْك" لِلْمَأْمُوْنِ بن البطائحي الَّذِي وَزَرَ بِمِصْرَ بَعْدَ الأَفْضَلِ، وَلَهُ مُؤلَّف فِي طرِيقَة الخلاَفِ، وَكَانَ المَأْمُوْنُ قَدْ نَوَّه بِاسْمِهِ، وَبَالَغَ فِي إِكْرَامِهِ.
قِيْلَ: كَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ
وَدَخَلَ بَغْدَاد فِي حَيَاة أَبِي نَصْرٍ الزَّيْنَبِيّ، وَأَظُنُّهُ سَمِعَ مِنْهُ، وَقَالَ: رَأَيْتُ بِهَا آيَةً فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ بَعْدَ الْعَصْر، فَسمِعنَا دوياً عَظِيْماً، وَأَقْبَلَ ظلاَمٌ، فَإِذَا رِيحٌ لَمْ أَرَ مِثْلهَا، سَوْدَاءُ ثخينَةٌ، يَبينُ لَكَ جِسْمُهَا، فَاسوَدَّ النَّهَارُ، وَذَهَبت آثَارُهُ، وَذَهَبَ أَثَرُ الشَّمْس، وَبقينَا كَأَنَّنَا فِي أَشَدِّ ظُلْمَةٍ، لاَ يُبْصِرُ أَحَدٌ يَدَهُ، وَمَاجَ النَّاسُ، وَلَمْ نشكَّ أَنَّهَا القِيَامَة، أوخسف، أَوْ عَذَاب قَدْ نَزل، وَبَقِيَ الأَمْرُ كَذَلِكَ قدر مَا يَنْضِجُ الْخبز، وَرجع السَّوَادُ حُمْرَةً كلهبِ النَّار، أَوْ جمراً يَتَوَقَّدُ، فَلَمْ نَشُك حِيْنَئِذٍ أَنَّهَا نَارٌ أَرْسَلهَا الله عَلَى العبَاد، وَأَيِسْنَا مِنَ النَّجَاة، ثُمَّ مَكَثتْ أَقلَّ مِنْ مُكْثِ الظَّلاَمِ، وَتَجَلَّتْ بِحَمْدِ اللهِ عَنْ سلاَمَة، وَنَهبَ النَّاسُ بعضَهُم بعضاً فِي الأَسواقِ، وَخطفُوا العَمَائِمَ وَالمَتَاع، ثُمَّ طَلَعتِ الشَّمْسُ، وَبقيت سَاعَةً إِلَى الغُروب.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَالفَقِيْه سلاَّر بن الْمُقدم، وَجَوْهَرُ بن لُؤْلُؤ المُقْرِئ، وَالفَقِيْهُ صَالِحُ ابْن بِنْت مُعَافَى المالكي، وعبد اللهبن عَطَّافٍ الأَزْدِيّ، وَيُوْسُفُ بنُ مُحَمَّدٍ القروِي الفَرَضِيّ، وَعَلِيُّ بن مَهْدِيِّ بن قلينَا، وَأَبُو طَالِبٍ أحمد المسلم اللخمي، وظاهر بن عَطِيَّةَ، وَأَبُو الطَّاهِرِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَوْف، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العثماني، وعبد المجيد بن دليل، وآخرون.
وَبِالإِجَازَة أَبُو طَاهِرٍ الخُشُوْعِيّ وَغَيْرهُ، وَلَهُ مُؤلَّف فِي تَحْرِيْم الغِنَاء، وَكِتَاب فِي الزُّهْد، وَتعليقَة فِي الخلاَف، وَمُؤلَّف فِي البِدَع وَالحوَادث، وَبرِّ الوَالِدّين، وَالرَّدّ عَلَى اليَهُوْد، وَالعمد فِي الأُصُوْل، وَأَشيَاء.
أَنْبَأَنَا ابْنُ عَلاَّن، عَنِ الخُشُوْعِيّ، عَنِ الطُّرطُوشِي: أَنَّهُ كتب هَذِهِ الرِّسَالَة جَوَاباً عَنْ سَائِلٍ سَأَله مِنَ الأَنْدَلُس عَنْ حقيقَة أَمرِ مُؤلف "الإِحيَاء"، فَكَتَبَ إِلَى عَبْدِ اللهِ بنِ مُظَفَّر: سلاَمٌ عَلَيْكَ، فَإِنِّي رَأَيْتُ أَبَا حَامِدٍ، وَكَلَّمتُهُ، فَوَجَدتُهُ امْرءاً وَافِرَ الفَهْمِ وَالعقل، وَمُمَارسَةً لِلْعلُوْم، وَكَانَ ذَلِكَ مُعْظَمَ زَمَانِهِ، ثُمَّ خَالَفَ عَنْ طَرِيْق العُلَمَاء، وَدَخَلَ فِي غِمَار العُمَّال، ثُمَّ تَصَوَّف، فَهَجَرَ العُلُوْمَ وَأَهْلَهَا، وَدَخَلَ فِي عُلُوْم الخوَاطِرِ، وَأَربَابِ الْقُلُوب، وَوسَاوسِ الشَّيْطَان، ثُمَّ سَابهَا، وَجَعَلَ يَطْعُنُ عَلَى الفُقَهَاء بِمَذَاهِبِ الفَلاَسِفَة، وَرموزِ الحلاَّج، وَجَعَلَ يَنْتحِي عَنِ الفُقَهَاء والمتكلمين، ولقد كاد أن ينسلخ من الدين.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ: إِن مُحَمَّدَ بنَ الوليد هذا ذكر في غيره هذه الرِّسَالَة كِتَابَ "الإِحيَاء". قَالَ: وَهُوَ -لَعَمْرُو الله- أَشْبَهُ بِإِمَاتَةِ عُلُوْم الدّين، ثُمَّ رَجَعنَا إِلَى تَمَام الرِّسَالَة.
قَالَ: فَلَمَّا عَمِلَ كِتَابهُ "الإِحيَاء" عَمَدَ فَتكلَّم فِي عُلُوْم الأَحْوَال، وَمرَامزِ الصُّوْفِيَّة، وكان غير أنيس بها، ولا خبير بمعرفتها، فَسَقَطَ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ، فَلاَ فِي عُلَمَاءِ المُسْلِمِين قَرَّ، وَلاَ فِي أَحْوَال الزَّاهِدينَ اسْتَقرَّ، ثُمَّ شَحَنَ كِتَابهُ بِالكَذِبِ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلاَ أَعْلَمُ كِتَاباً عَلَى وَجه بسيطِ الأَرْض أَكْثَر كذباً عَلَى الرَّسُول مِنْهُ، ثُمَّ شبَّكه بِمَذَاهِبِ الفَلاَسِفَة، وَرموزِ الْحَلَّاج، وَمعَانِي رَسَائِلِ إِخْوَان الصَّفَا، وَهُم يَرَوْنَ النُّبُوَّة اكتسَاباً، فَلَيْسَ النَّبِيُّ عِنْدَهُم أَكْثَرَ مِنْ شَخْص فَاضِل، تخلَّق بِمَحَاسِنِ الأَخلاَق، وَجَانَبَ سَفْسَافَهَا، وَسَاسَ نَفْسَه حَتَّى لاَ تغلِبه شَهْوَة، ثُمَّ سَاق الخَلْقَ بِتِلْكَ الأَخلاَقِ، وَأَنْكَرُوا أَنْ يَكُوْنَ اللهُ يَبعثُ إِلَى الْخلق رَسُوْلاً، وَزعمُوا أَنَّ المعجزَاتٍ حِيَلٌ وَمخَارِيق، وَلَقَدْ شرَّف اللهُ الإِسْلاَمَ، وَأَوضح حُجَجَه، وَقطعَ العُذْرَ بِالأَدلَّة، وَمَا "مَثَلُ" مَنْ نَصَرَ الإِسْلاَمَ بِمَذَاهِب الفَلاَسِفَةِ، وَالآرَاء المنطقيَةِ، إِلاَّ كَمَنْ يغسِلُ الثَّوْب بِالبول، ثُمَّ يَسُوْقُ الكَلاَم سوقاً يُرْعِدُ فِيْهِ وَيُبْرِقُ، وَيُمنِّي وَيُشَوِّقُ، حَتَّى إِذَا تَشوَّفت لَهُ النُّفُوْسُ، قَالَ: هَذَا مِنْ علم المعَامِلَة، وَمَا وَرَاءَهُ مِنْ علم المكَاشفَة لاَ يَجُوْزُ تسطيرُه فِي الكُتُبِ، وَيَقُوْلُ: هَذَا مِنْ سرِّ الصَّدْر الَّذِي نُهينَا عَنْ إِفشَائِهِ. وَهَذَا فِعْلُ البَاطِنِيَّة وَأَهْلِ الدَّغَلِ وَالدَّخَلِ فِي الدّين يَسْتَقِلُّ المَوْجُوْدَ وَيُعلِّقُ النُّفُوْسَ بِالمفقود، وَهُوَ تَشويشٌ لعقَائِد الْقُلُوب، وَتوهينٌ لمَا عَلَيْهِ كلمَةُ الجَمَاعَة، فَلَئِنْ كَانَ الرَّجُلُ يَعتقد مَا سطَّره، لَمْ يَبْعُدْ تَكفِيرُهُ، وَإِنْ كَانَ لاَ يَعتقِدُه، فَمَا أَقْرَبَ تضليلَه.
وَأَمَّا مَا ذكرتَ مِنْ إِحرَاق الكِتَابِ، فَلعمرِي إِذَا انْتَشَر بَيْنَ من لا معرفة له بمسمومه القاتلة، خِيْفَ عَلَيْهِم أَنْ يَعتقدُوا إِذاً صِحَّة مَا فِيْهِ، فَكَانَ تَحْرِيْقُه فِي مَعْنَى مَا حرَّقته الصَّحَابَة مِنْ صُحف المَصَاحِفِ الَّتِي تُخَالِفُ المُصْحَفَ العُثْمَانِيّ، وَذَكَرَ تَمَامَ الرِّسَالَة.
قَالَ ابْنُ المُفَضَّلِ: تُوُفِّيَ بِالإِسْكَنْدَرِيَّة، فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، رَحِمَهُ اللهُ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو الوَلِيْدِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بن طَرِيْفٍ القُرْطُبِيّ، وَأَبُو الفُتُوْح أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الغزَالِي الوَاعِظ أَخُو الإِمَامِ أَبِي حَامِد، وَالأَمِيْرُ قسيمُ الدَّوْلَة آقسُنْقُر البرسُقِي الَّذِي اسْتولَى عَلَى المَوْصِلِ وَعَلَى حلب، وَأَبُو بَحْرٍ سُفْيَانُ بنُ العَاصِ الأَسَدِيّ بقُرْطُبَة، وَصَاعِدُ بن سَيَّار الهَرَوِيّ الحَافِظ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ عتَاب القُرْطُبِيّ، وَقَاضِي الجَمَاعَة أَبُو الوَلِيْدِ بنِ رشد، وَمُحَمَّد بن بَرَكَات السَّعِيدِي رَاوِي صَحِيْح البُخَارِيِّ.
سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي.
محمد بن الوليد بن محمد بن خلف القرشي الفهري الأندلسي، أبو بكر الطرطوشي، ويقال له ابن أبي رندقة:
أديب، من فقهاء المالكية، الحفاظ. من أهل طرطوشة Tortosa بشرقي الاندلس. تفقه ببلاده، ورحل إلى المشرق سنة 476 فحج وزار العراق ومصر وفلسطين ولبنان، وأقام مدة في الشام. وسكن الإسكندرية، فتولى التدريس واستمر فيها إلى أن توفي. وكان زاهدا لم يتشبث من الدنيا بشئ.
من كتبه (سراج الملوك - ط) و (التعليقة) في الخلافيات، خمسة أجزاء، وكتاب كبير عارض به إحياء علوم الدين للغزالي، و (بر الوالدين) و (الفتن) و (الحوادث والبدع - ط) و (مختصر تفسير الثعلبي - خ) و (المجالس - خ) في الرباط .
-الاعلام للزركلي-
محمد بن الوليد بنِ محمدٍ الفهريُّ الطرطوشيُّ، يعرف بابن أبي رَندقة.
كان عالمًا فقيهًا، شاعرًا فاضلاً جيدًا، أخذ عنه الحافظ ابن العربي وغيره، ومن نظمه قوله من رسالة:
أُقَلِّبُ طَرْفي في السماءِ تَرَدُّدًا ... لَعَلَّي أَرى النجمَ الذي أنتَ تنظُرُ
وأَستعرِضُ الركبانَ من كل وِجْهَةٍ ... لَعَلِّي بمن قد شَمَّ عَرْفَك أَظْفَرُ
وأَستقبلُ الأرواحَ عندَ هُبوبها ... لعلَّ نسيمَ الريحِ عنك يُخَبِّرُ
وأَمشي وما لي في الطريقِ مآربٌ ... عسى نغمةٌ باسم الحبيب سَتُذْكَرُ
وأَلْمَحَ مَنْ ألقاه من غيرِ حاجةٍ ... عسى لمحة من نورِ وجهِك تسْفِرُ
وكان يقول: إذا عرض لك أمر دنيا وأخرى، فبادر بأمر الأخرى، يحصل لك أمر الدنيا والأخرى، له كتاب "بدع الأمور ومحدثاتها"، ولد سنة 451 تقريبًا، وتوفي سنة 520.
التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول - أبو الِطيب محمد صديق خان البخاري القِنَّوجي.
أبو بكر محمد بن الوليد القرشي الفهري: المعروف بابن رَنْدَقَه الطُرطوشي الإسكندري الإمام الفقيه الحافظ العالم العامل الثقة الفاضل الجليل القدر الشهير الذكر صحب أبا الوليد الباجي وأخذ عنه وأجازه ورحل للمشرق ودخل بغداد، وسمع من أبي بكر الشاشي وأبي محمد الجرجاني وأبي علي التستري وجماعة، وعنه أخذ من لا يعد كثرة منهم أبو الطاهر إسماعيل بن مكي وسند مؤلف الطراز وأبو بكر بن العربي وطارق المخزومي والقاضي ابن سعادة وأبو عبد الرحمن الأصيلي والإقليسي ومحمد بن مسلم المازري والقاضي عياض بالإجازة، له تآليف مفيدة منها سراج الملوك وكفى به دليلاً على فضله ومختصر تفسير الثعالبي وكتاب كبير في مسائل الخلاف ورسالة في تحريم جبن الروم وكتاب في بدع الأمور ومحدثاتها وشرح رسالة ابن أبي زيد وكتاب بر الوالدين وسراج الهدى حسن في بابه وتأليف عارض به الأحياء واختصار الكشف والبيان عن تبيين القرآن ورسالة لابن تاشفين ومنتخب في عيون خصائص العباد وأجزاء في الكلام عن الغنى والفقر وغير ذلك. مولده سنة 451 هـ وتوفي سنة 520 هـ[1126 م] بالإسكندرية وقبره بها معروف متبرك به مستجاب الدعاء عنده.
شجرة النور الزكية في طبقات المالكية _ لمحمد مخلوف.
محمد بن الوليد بن محمد بن خلف بن سليمان بن أيوب الفهري المعروف بالطرطوشي ومنها أصله يكنى أبا بكر ويعرف بابن أبي رندقة براء مهملة مضمومة ونون ساكنة ودال مهملة وقاف مفتوحتين. نشأ بالأندلس ببلده طرطوشة ثم تحول لغيرها من بلاد الأندلس وصحب القاضي أبا الوليد الباجي بسرقسطة وأخذ عنه مسائل الخلاف وكان يميل إليها وتفقه عليه وسمع منه وأجاز له ثم رحل إلى المشرق وحج فدخل بغداد والبصرة وتفقه عند أبي بكر الشاشي وابن المعيد المتولي وأبي سعيد الجرجاني وغيرهم من أئمة الشافعية وسمع بالبصرة من أبي علي التستري وسكن الشام مدة ودرس بها ولازم الانقباض والقناعة وبعد صيته هناك وأخذ عنه الناس هناك علماً كثيراً وكان إماماً عالماً زاهداً ورعاً ديناً متواضعاً متقشفاً متقللاً من الدنيا راضياً باليسير منها.
وتقدم في الفقه مذهباً وخلافاً وكان بعض الجلة من الصالحين هناك يقول: الذي عند أبي بكر من العلم هو الذي عند الناس والذي عنده مما ليس مثله عند غيره دينه.
وكانت له - رحمه الله تعالى - نفس أبية قيل إنه كان ببيت المقدس يطبخ في شقفة وكان مجانباً للسلطان معرضاً عنه وعن أصحابه شديداً عليهم مع مبالغتهم في بره وامتحن في دولة العبيديين بالإخراج من الإسكندرية والتزم الفسطاط ومنع الناس من الأخذ عنه.
ثم شرح وألف تآليف حساناً منها: تعليقه في مسائل الخلاف وفي أصول الفقه وكتابه في البدع والمحدثات وفي بر الوالدين وغير ذلك وممن أخذ عنه بالإجازة: القاضي أبي الفضل: عياض كتب إليه يجيزه بجميع رواياته ومصنفاته. وحكي عنه أنه تزوج بالإسكندرية امرأة موسرة حسنت حاله بها ووهبت له دار لها سرية وصير موضع سكناه معها علوها وأباح قاعتها وسفلها للطلبة فجعلها مدرسة ولازم التدريس. وتفقه عنده جماعة من الإسكندرانيين.
ومن الوفيات أن الشيخ أبا بكر لما طلب إلى مصر أنزله الأفضل وزير العبيدي في مسجد بالقرب من الرصد وكان الشيخ يكرهه فلما طال مقامه به ضجر وقال لخادمه: إلى متى نصبر؟ اجمع لي المباح من الأرض فجمع له فأكله ثلاثة أيام فلما كان عند صلاة المغرب قال لخادمه: رميته الساعة فلما كان من الغد ركب الأفضل فقتل وولي بعده المأمون بن البطائحي فأكرم الشيخ إكراماً كثيراً وصنف له كتاب سراج الملوك وهو حسن في بابه.
قلت: ومن مشيخته أبي عبد الله: محمد بن عبد الرحمن بن علي التجيبي بن ظافر بن عطية بن مولاهم بن فائد اللخمي الإسكندراني أحد شيوخ أبي عبد الله التجيبي.
كان تلميذاً للإمام أبي بكر الطرطوشي وخديماً له متصرفاً له في حوائجه ملازماً خدمة داره وذكر أن الطرطوشي كان صاحب نزهة مع طلبته في أكثر الأوقات يخرج معهم إلى البستان فيقيمون الأيام المتوالية في فرجة ومذاكرة ومداعبة مما لا يقدح في حق الطلبة بل يدل على فضلهم وسلامة صدورهم.
قال: وخرجنا معه في بعض النزه فكنا ثلاثمائة وستين رجلاً لكثرة الآخذين عنه المحبين في صحبته وخدمته وهذا من جملة ما رفعه عنه القاضي بن حديد إلى العبيدي ووشى به إليه في أمور غيرها.
وكان الطرطوشي يذكر بني حديد ذكراً قبيحاً لما كانوا عليه من أخذ المكوسات والمعونة على المظالم.
وكان يفتي بتحريم الجبن الذي يأتي به النصارى ويفتي بقطع محرمات كثيرة فخاطب بذلك بنو حديد وذكروه للسلطان فأرسل إليه الأفضل وزير خليفة مصر وهو من العبيدية فقال له الرسول: يسر حوائجك فإنك تمشي يوم كذا. فقال له: وأي حوائج؟ معي ريشي رياشي وطعامي في حوصلتي؟.
ثم مشى إلى الأفضل فلما اجتمع به أكرمه وصرفه صرفاً حسناً وجعل له عشرة دنانير في كل شهر يأخذها من جزية اليهود - بعد الرغبة إليه في ذلك.
وذكر أبي الطاهر بن عون الزهري: أن الطرطوشي كان نزوله بالإسكندرية ثم باشر قتل الأمير بها علماءها فوجد البلد عاطلاً عن العلم فأقام بها وبث علماً جماً وكان يقول: إن سألني الله تعالى عن المقام بالإسكندرية - لما كانت عليه في أيام الشيعة العبيدية من ترك إقامة الجمعة ومن غير ذلك من المناكر التي كانت في أيامهم - أقول له: وجدت قوماً ضلالاً فكنت سبب هدايتهم. قال أبي الطاهر: وأنشدني أبي بكر الطرطوشي لنفسه:
إذا كنت في حاجة مرسلاً ... وأنت بإنجازها مغرم
فأرسل بأكمه خلابة ... به صمم أغطش أبكم
ودع عنك كل رسول سوى ... رسول يقال له الدرهم
قال بن خلكان: الطرطوشي بضم الطاءين المهملتين بينهما راء مهملة ساكنة وبعد الطاء الثانية واو ساكنة وشين معجمة.
هذه النسبة: لطرطوشة وهي مدينة في آخر بلاد المسلمين بالأندلس على ساحل البحر وهي في شرق الأندلس ورندقة تقدم ضبطها وهي لفظة فرنجية سألت بعض الإفرنج عنها فقال: معناها رد تعال. توفي رحمه الله تعالى بالإسكندرية في شهر شعبان سنة عشرين وخمسمائة قال الذهبي في كتاب العبر في ذكر من غبر: عاش أبي بكر سبعين سنة وتوفي في جمادى الأولى والله أعلم بالصواب.
الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب - ابن فرحون، برهان الدين اليعمري