محمد بن أحمد بن الحسين الشاشي أبي بكر فخر الإسلام
تاريخ الولادة | 429 هـ |
تاريخ الوفاة | 507 هـ |
العمر | 78 سنة |
مكان الولادة | ميافارقين - تركيا |
مكان الوفاة | بغداد - العراق |
أماكن الإقامة |
|
- علي بن أحمد بن الحسين بن أحمد بن الحسين بن محمويه اليزدي "أبي الحسن"
- أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السلفي أبي طاهر عماد الدين "صدر الدين"
- محمد بن الوليد بن خلف بن سليمان بن أيوب الفهري أبي بكر "ابن أبي رندقة محمد الطرطوشي"
- عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد القادر الطوسي البغدادي "أبي الفضل"
- أحمد بن علي بن محمد بن برهان الأصولي "أبي الفتح"
- الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن الحسن بن عمار الموصلي "أبي البركات"
- يحيى بن علي بن عبد العزيز القرشي أبي المفضل "ابن الصائغ"
- محمد بن علي بن عبد الله العراقي
- أبي العباس الخضر بن نصر بن عقيل الإربلي
نبذة
الترجمة
مُحَمَّد بن أَحْمد بْن الْحُسَيْن، أَبُو بكر الشَّاشِي.
صَاحب الشَّيْخ أبي إِسْحَاق، وَالشَّيْخ أبي نصر ابْن الصّباغ.
يلقب: فَخر الْإِسْلَام.
قيل: كَانَ معيد الشَّيْخ أبي إِسْحَاق.
قَالَ الشَّيْخ أَبُو الْحسن ابْن الْخلّ: كَانَ الإِمَام فَخر الْإِسْلَام أَبُو بكر الشَّاشِي مبرزا فِي علم الشَّرْع، عَارِفًا بِالْمذهبِ، حسن الْفتيا، جيد النّظر، محققا مَعَ الْخُصُوم، يلْزم الْمسَائِل الحكميه، حَتَّى يقطع خَصمه مَعَ حسن إِيرَاد، وَكَانَ يعْنى بسؤال الْكَبِير، ويمشيه مَعَ الْكِبَار من الْأَئِمَّة، ويفتي بِمَسْأَلَة ابْن سُرَيج وينصرها، وَله فِيهَا مُصَنف.
درس فِي بدايته على الإِمَام أبي عبد الله الكازروني، وَجَاء بَغْدَاد، وَهُوَ فَقِيه حسن، ثمَّ صحب الإِمَام الزَّاهِد أَبَا إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ إِلَى حِين وَفَاته، وَصَحبه فِي سَفَره إِلَى خُرَاسَان.
وَقَرَأَ كتاب " الشَّامِل " للشَّيْخ أبي نصر ابْن الصّباغ عَلَيْهِ، وَولي التدريس بِالْمَدْرَسَةِ النظامية بِبَغْدَاد دون سنة وَنصف.
وَكَانَ لطيفا، صَالحا، ورعا، دينا، على سيرة السّلف، وَخلف وَلدين إمامين مبرزين فِي الْمَذْهَب وَالنَّظَر: أَبُو المظفر أَحْمد، وَأَبُو مُحَمَّد عبد الله.
وَسمع الإِمَام أَبُو بكر الشَّاشِي الحَدِيث من أبي عبد الله بن بَيَان الكازروني بميافارقين، وَأبي الْقَاسِم قَاسم بن أَحْمد الْخياط بآمد، وَهياج بن مُحَمَّد الحطيني بِمَكَّة، وَالشَّيْخ أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ، وَأبي بكر الْخَطِيب، وَأبي يعلى ابْن الْفراء بِبَغْدَاد، وَغَيرهم.
وَحدث بِشَيْء يسير، وَأخذ عَنهُ عباد بن سرحان - من فضلاء الْمغرب - كتاب " الملخص فِي الجدل "، وَغَيره، عَن الشَّيْخ أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ، وَكتاب " زواهر الدُّرَر فِي نقض جَوَاهِر النّظر " حَدثهُ بِهِ عَن مُصَنفه الإِمَام أبي بكر الخجندي.
وَمن تآليفه: كتاب " الشافي فِي شرح الشَّامِل فِي عشْرين مجلدا، وَكَانَ قد بَقِي من إكماله نَحْو الْخمس، هَذَا فِي سنة أَربع وَتِسْعين وَأَرْبع مئة، وَمن تصانيفه: كتاب " التَّرْغِيب فِي الْمَذْهَب "، وَله: " الشافي فِي شرح مُخْتَصر الْمُزنِيّ ".
وتفقه عَلَيْهِ القَاضِي أَبُو الْعَبَّاس ابْن الرطبي.
أنْشد أَبُو سعد السَّمْعَانِيّ، عَن أبي الْحسن عَليّ بن أَحْمد الْفَقِيه قَالَ: أنشدنا أَبُو بكر الشَّاشِي فِي الِاعْتِذَار عَن الإقلال من الزِّيَارَة:
(إِنِّي وَإِن بَعدت دَاري لمقترب ... مِنْكُم بمحض مُوالَاة وإخلاص)
(وَرب دَان وَإِن دَامَت مودته ... أدنى إِلَى الْقلب مِنْهُ النازح القاصي)
توفّي رَحمَه الله يَوْم السبت، الْخَامِس وَالْعِشْرين من شَوَّال، سنة سبع وَخمْس مئة، وَدفن مَعَ شَيْخه أبي إِسْحَاق فِي قبر وَاحِد بِبَاب أبرز، رحمهمَا الله تَعَالَى.
قلت: وَمن تصانيفه " المستظهري " الْكتاب الْمَشْهُور فِي الْمَذْهَب، و " الْمُعْتَمد " وَهُوَ كالشرح ل " المستظهري "، وَهُوَ غَرِيب، و " الْعُمْدَة " الْمُخْتَصر الْمَشْهُور.
وَذكره الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم ابْن عَسَاكِر، فَقَالَ: انْتَهَت إِلَيْهِ الرياسة لأَصْحَاب الشَّافِعِي بِبَغْدَاد.
-طبقات الفقهاء الشافعية - لابن الصلاح-
مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن عمر الإِمَام الْكَبِير فَخر الْإِسْلَام أَبُي بكر الشَّاشِي
ولد بميافارقين فِي الْمحرم سنة تسع وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة
وَكَانَ إِمَامًا جَلِيلًا حَافِظًا لمعاقد الْمَذْهَب وشوارده ورعا زاهدا متقشفا مهيبا وقورا متواضعا من العاملين القانتين يضْرب الْمثل باسمه
تفقه عَليّ مُحَمَّد بن بَيَان الكازروني وعَلى القَاضِي أبي مَنْصُور الطوسي صَاحب الشَّيْخ أبي مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ إِلَى أَن عزل أَبُو مَنْصُور عَن قَضَاء ميافارقين وَرجع إِلَى طوس فَرَحل فَخر الْإِسْلَام إِلَى الْعرَاق قبل وَفَاة شَيْخه الكازروني وَدخل بَغْدَاد ولازم الشَّيْخ أَبَا إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ وَعرف بِهِ وَصَارَ معيد درسه
وتفقه بهَا أَيْضا على أبي نصر بن الصّباغ وجد واجتهد حَتَّى صَار الإِمَام الْمشَار إِلَيْهِ
وَسمع الحَدِيث من مُحَمَّد بن بَيَان الكازروني بميافارقين
وقاسم بن أَحْمد الْخياط بآمد
وَأَبا بكر الْخَطِيب وَأَبا إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ وَأَبا جَعْفَر مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْمسلمَة وَأَبا الْغَنَائِم بن الْمَأْمُون وَأَبا يعلى بن الْفراء وَغَيرهم بِبَغْدَاد
وَهياج بن مُحَمَّد الحطيني بِمَكَّة
روى عَنهُ أَبُو المعمر الْأَزجيّ وَأَبُو الْحسن عَليّ بن أَحْمد اليزدي وَأَبُو بكر ابْن النقور وشهده الكاتبة وَأَبُو طَاهِر السلَفِي وَغَيرهم
قَالَ أَبُو الْقَاسِم الزنجاني كَانَ أَبُو بكر الشَّاشِي يتفقه مَعنا وَكَانَ يُسمى الْجُنَيْد لدينِهِ وورعه وَعلمه وزهده
وَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الله الْقُرْطُبِيّ الْفَقِيه حضرت أَبَا بكر الشَّاشِي وَقد أُغمي عَلَيْهِ فِي مرض مَوته فَلَمَّا أَفَاق أحضر لَهُ مَاء ليشربه فَقَالَ لَا أحتاج قد سقاني الْآن ملك شربة أغنتني عَن الطَّعَام وَالشرَاب ثمَّ مَاتَ من سَاعَته
وَقَالَ أَبُو الْعِزّ الْوَاعِظ كنت مشرفا على غسله وَلما قلب الْغَاسِل عَلَيْهِ المَاء انكشفت الْخِرْقَة عَن عَوْرَته فَوضع يَده على عَوْرَته وسترها
توفّي فَخر الْإِسْلَام يَوْم السبت خَامِس عشرى شَوَّال سنة سبع وَخَمْسمِائة
وَدفن بِبَاب أبرز مَعَ شَيْخه أبي إِسْحَاق فِي قبر وَاحِد
وَخلف وَلدين إمامين فِي الْمَذْهَب وَالنَّظَر أَحْمد وَعبد الله
وَكَانَ فَخر الْإِسْلَام يدرس أَولا فِي مدرسة لنَفسِهِ لَطِيفَة بناها بقراح ظفر فَلَمَّا بنى تَاج الْملك أَبُو الْغَنَائِم مدرسته بِبَاب أبزر رتبه مدرسا بهَا ثمَّ لما مَاتَ إِلْكيَا الهراسي درس بالنظامية وَاسْتمرّ إِلَى أَن مَاتَ
وَمن مصنفاته
المستظهري الَّذِي صنفه لأمير الْمُؤمنِينَ المستظهر بِاللَّه وَهُوَ الْمُسَمّى حلية الْعلمَاء
وَالْمُعْتَمد وَهُوَ كالشرح لَهُ
وَالتَّرْغِيب فِي الْمَذْهَب
والشافي فِي شرح مُخْتَصر الْمُزنِيّ
والعمدة الْمُخْتَصر الْمَشْهُور
وصنف أَيْضا الشافي فِي شرح الشَّامِل
وَكَانَ بَقِي من إكماله نَحْو الْخمس هَذَا فِي سنة أَربع وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة
كَذَا ذكر ابْن الصّلاح وَلَعَلَّه هُوَ شرح مُخْتَصر الْمُزنِيّ
وَمن الرِّوَايَة عَنهُ
أخبرنَا الْمَشَايِخ وَالِدي الشَّيْخ الإِمَام رَحمَه الله فِيمَا قَرَأَهُ علينا من لَفظه والمسندة زَيْنَب بنت الْكَمَال أَحْمد بن عبد الرَّحِيم بن عبد الْوَاحِد الْمَقْدِسِي قِرَاءَة عَلَيْهَا
وَأَنا أسمع وَفَاطِمَة بنت إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن أبي عمر بِهَذِهِ الْقِرَاءَة الَّتِي قَرَأَهَا وَالِدي رَحمَه الله عَلَيْهَا وَأَنا أسمع لَهُ قَارِئًا ومستمعا
قَالَ الشَّيْخ الإِمَام أخبرنَا عبد الْمُؤمن بن خلف الْحَافِظ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ أخبرنَا أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أبي الْبَدْر بن مقبل بن فتيَان بن المنى وَغَيره سَمَاعا عَن شهدة بنت أَحْمد بن الْفرج الإبري سَمَاعا عَلَيْهَا
وَقَالَت زَيْنَب أخبرنَا الْمَشَايِخ أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم بن السيدي وَإِبْرَاهِيم بن مَحْمُود بن سَالم بن الْخَيْر والأعز بن الْفَضَائِل بن العليق وَمُحَمّد بن الْمَنِيّ إجَازَة قَالُوا أخبرتنا شهدة سَمَاعا
وَقَالَت فَاطِمَة أجازنا مُحَمَّد بن عبد الْهَادِي أجازتنا شهدة قَالَت حَدثنَا الإِمَام أَبُو بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْحُسَيْن الشَّاشِي أخبرنَا الشَّيْخ الزَّاهِد أَبُو عبد الله الْحُسَيْن بن سَلامَة أخبرنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن بحشل حَدثنَا أَبُو الْحسن عَليّ بن الْقَاسِم الْمقري حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن عبد الْعَزِيز بن حبَان حَدثنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن سَلمَة حَدثنَا سَلمَة بن شبيب حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل حَدثنَا الْفضل بن الْمُوفق ابْن عَم سُفْيَان الثَّوْريّ أنبانا الْأَعْمَش قَالَ سَمِعت أَبَا وَائِل يَقُول إِن أهل بَيت يُوجد على مائدتهم رغيف حَلَال لأهل بَيت غرباء
وَأخْبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن الْحسن بن نباتة بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِمَا قَالَا أخبرنَا عَليّ بن أَحْمد الغرافي سَمَاعا أخبرنَا أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن أَحْمد الْقطيعِي بِبَغْدَاد أخبرنَا أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن الْمُبَارك بن الْخلّ سَمَاعا عَلَيْهِ أخبرنَا شَيخنَا الإِمَام أَبُو بكر مُحَمَّد
ابْن أَحْمد بن الْحُسَيْن الشَّاشِي قِرَاءَة علينا من كِتَابه أخبرنَا أَبُو عبد الله مُحَمَّد ابْن بَيَان بن مُحَمَّد الكازروني قِرَاءَة عَلَيْهِ فِي جَامع ميافارقين أخبرنَا أَبُو عمر عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد بن مهْدي الْفَارِسِي قِرَاءَة عَلَيْهِ حَدثنَا أَبُو عبد الله الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل القَاضِي حَدثنَا أَحْمد بن إِسْمَاعِيل الْمدنِي حَدثنَا مَالك عَن ابْن شهَاب عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (من أنْفق زَوْجَيْنِ فِي سَبِيل الله نُودي فِي الْجنَّة يَا عبد الله هَذَا خير فَمن كَانَ من أهل الصَّلَاة دعِي من بَاب الصَّلَاة وَمن كَانَ من أهل الْجِهَاد دعِي من بَاب الْجِهَاد وَمن كَانَ من أهل الصَّدَقَة دعِي من بَاب الصَّدَقَة وَمن كَانَ من أهل الصّيام دعِي من بَاب الريان)
فَقَالَ أَبُو بكر بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله مَا على أحد مِمَّن دعِي من تِلْكَ الْأَبْوَاب من ضَرُورَة فَهَل يَدعِي أحد من تِلْكَ الْأَبْوَاب كلهَا
قَالَ (نعم وَأَرْجُو أَن تكون مِنْهُم)
كَذَا وَقع فِي الأَصْل نُودي فِي الْجنَّة
وَمن الغرائب والفوائد والمسائل عَنهُ
قَالَ ابْن الرّفْعَة فِي الْكِفَايَة إِن الشَّاشِي ذكر فِي الْحِلْية أَنه رُوِيَ عَن الشَّافِعِي فِي الْإِمْلَاء أَن الْمُسلم يقتل بالمستأمن
قلت وَالَّذِي فِي الْحِلْية نقل ذَلِك عَن الْإِمْلَاء عَن أبي حنيفَة أَو عَن أبي يُوسُف لَا عَن الشَّافِعِي
وَهَذَا نَص الْحِلْية لَا يقتل الْمُسلم بالكافر وَبِه قَالَ عَطاء وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري وَأحمد وَأَبُو ثَوْر
وَقَالَ أَبُو حنيفَة يقتل الْمُسلم بالذمي وَلَا يقتل بالمستأمن وَبِه قَالَ الشّعبِيّ وَالنَّخَعِيّ وَهُوَ الْمَشْهُور عَن أبي يُوسُف
وروى عَنهُ فِي الْإِمْلَاء أَنه يقتل الْمُسلم بالمستأمن
انْتهى
فَالضَّمِير فِي عَنهُ يعود على أبي يُوسُف وَأبي حنيفَة وَأما الشَّافِعِي فَلم يقل بِذَاكَ لَا فِي قديم وَلَا فِي جَدِيد بل نقل الْإِجْمَاع على خِلَافه فِي الْأُم
قَالَ ابْن الرّفْعَة أَيْضا فِي الْكِفَايَة إِن الشَّاشِي نقل فِي الْحِلْية وَجها عَن بعض الْعِرَاقِيّين أَنه لَا يَصح نِكَاح الْمُسلم الحربية
قلت وهَذَا كَالْأولِ وَلَيْسَ فِي الْحِلْية نقل ذَلِك إِلَّا عَن الْعِرَاقِيّين وَلم يقل إِنَّه وَجه فِي الْمَذْهَب إِنَّمَا مُرَاده بالعراقيين الْحَنَفِيَّة وَمن الْحَاوِي للماوردي أَخذه إِذْ فِي الْحَاوِي وأبطل الْعِرَاقِيُّونَ نِكَاحهَا فِي دَار الْحَرْب بِنَاء على أصولهم فِي أَن عُقُود دَار الْحَرْب بَاطِلَة وَهِي عندنَا صَحِيحَة
انْتهى كَلَام الْحَاوِي وَلذَلِك لم يحكه صَاحب الْبَحْر مَعَ كَثْرَة اسْتِقْصَائِهِ للحاوي وَإِنَّمَا ذَلِك لكَونه لَا يستوعب غَالِبا إِلَّا مَنْقُول الْمَذْهَب دون مَذَاهِب الْمُخَالفين
قَالَ فَخر الْإِسْلَام الشَّاشِي فِي المستظهري اخْتلف فِي وجوب الْإِشْهَاد على الشَّهَادَة فَقَالَ بعض فُقَهَاء الْعرَاق يجب وَمذهب الشَّافِعِي أَنه لَا يجب على الشَّاهِد أَن يشْهد على شَهَادَته
قَالَ القَاضِي أَبُو الْحسن الْمَاوَرْدِيّ أولى المذهبين عِنْدِي أَن يعْتَبر بِالْحَقِّ الْمَشْهُود بِهِ فَإِن كَانَ مِمَّا ينْتَقل إِلَى الأعقاب كالموقف المؤبد لزمَه الْإِشْهَاد على شَهَادَته وأما الْحُقُوق المعجلة فَلَا يلْزم فِيهَا
قَالَ الشَّيْخ الإِمَام وَعِنْدِي أَنه لَو بنى على وجوب الإسجال على الْحَاكِم فيماحكم وَكتبه الْمحْضر كَانَ أشبه
انْتهى
وَالشَّيْخ الإِمَام الْمشَار إِلَيْهِ فيمايظهر هُوَ الشَّاشِي كَأَن نَاسخ الْكتاب عبر عَنهُ بذلك وعَلى هَذَا أجر ابْن الرّفْعَة لم يفهم سواهُ فعزا النبأ إِلَى الشَّاشِي
وَفهم صَاحب الذَّخَائِر أَنه أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ صَاحب التَّنْبِيه شيخ الشَّاشِي لِأَن من عَادَة الشَّاشِي أَن يُطلق عَلَيْهِ الشَّيْخ الإِمَام
وَلَكِن لَيْسَ الْأَمر كَذَلِك هُنَا فِيمَا أَحسب وَهَذَا من آفَات النساخ يغيرون أَلْفَاظ المصنفين فيوقعون خللا كَبِيرا وَكَانَ الْوَاجِب تبقية صُورَة خطّ المُصَنّف على حَالهَا
قَالَ فَخر الْإِسْلَام فِي كِتَابه الْعُمْدَة الْمُخْتَصر الْمَشْهُور إِذا كَانَ فِي صَلَاة الصُّبْح وَرفع رَأسه من الرُّكُوع فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة إِنَّه يقنت بعد قَوْله ربناولك الْحَمد بِتَمَامِهِ وَكَذَلِكَ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي التَّهْذِيب
وَحكى ابْن الرّفْعَة عَن النبدينجي أَنه يَقُوله بعد الذّكر الرَّاتِب
قَالَ ابْن الرّفْعَة وَهُوَ سمع الله لمن حَمده رَبنَا وَلَك الْحَمد كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيّ وَهَذَا يتقضى أَنه لَا يَقُول مَا بعد ذَلِك
وَقد يُنَازع فِي ذَلِك قَول الشَّاشِي وَالْبَغوِيّ إِنَّه يَقُوله بِتَمَامِهِ فَظَاهر التَّمام أَنه يَقُول مَا بعد ذَلِك وَلم أجد فِي الْمَسْأَلَة صَرِيح نقل فِي الطَّرفَيْنِ وَيظْهر أَن يُقَال إِنَّه يَقُول الذّكر كُله لَا سِيمَا على القَوْل بِأَن الِاعْتِدَال ركن يطول سَوَاء كَانَ طَويلا فِي نَفسه أم قَصِيرا
وَفِي حلية الشَّاشِي أَنه إِذا بَاعَ صبرَة طَعَام بصبرة طَعَام مكايلة صَاعا بِصَاع فخرجتا سَوَاء أَنا إِن قُلْنَا فِيمَا إِذا خرجتا متفاضلتين يبطل فها هُنَا وَجْهَان
وَتوقف الْوَالِد فِي إِثْبَات هَذَا الْخلاف وَقَالَ أخْشَى أَن يكون وهما والمجزوم بِهِ عِنْد الْأَصْحَاب الصِّحَّة
قَالَ صَاحب الْبَيَان إِذا أَرَادَ الرجل وَطْء امْرَأَته فَقَالَت أَنا حَائِض وَلم يعلم بحيضها فَاخْتلف أَصْحَابنَا فَمنهمْ من قَالَ إِن كَانَت فاسقة لم يقبل قَوْلهَا وَإِن كَانَت عفيفية قبل قَوْلهَا
وَقَالَ الشَّاشِي إِن كَانَت بِحَيْثُ يُمكن صدقهَا قبل وَإِن كَانَت فاسقة كَمَا يقبل فِي الْعدة
انْتهى
وَلَا فرق بَين الزَّوْجَة وَالْأمة قَالَه النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب
قَالَ وَالْمذهب الأول
وَلَيْسَ كَمَا إِذا علق طَلاقهَا على حَيْضهَا حَيْثُ يقبل قَوْلهَا فِي الْحيض وَإِن كَانَت فاسقة
قَالَ القَاضِي لِأَن الزَّوْج مقصر فِي تَعْلِيقه بِمَا لَا يعرف إِلَّا من جِهَتهَا
قلت لَا يَنْبَغِي أَن يدار الحكم هَذَا على فسقها وَعَدَمه بل على ظَنّه صدقهَا وَعَدَمه وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي شرح الْمُهَذّب فَمَتَى اتهمها بِالْكَذِبِ وَطئهَا لأصل الْحل وَمَتى ظن صدقهَا وَإِن كَانَت فِي نَفسهَا فاسقة يَنْبَغِي أَن يحرم لِأَن مثل هَذَا لَا يكذب فِيهِ الحليلة حَيْثُ لَا يظْهر غَرَض وَهُوَ لَا يعلم إِلَّا من جِهَتهَا وَمن شعر الشَّاشِي
(إِنِّي وَإِن بَعدت دَاري لمقترب ... مِنْكُم بمحض مُوالَاة وإخلاص)
(وَرب دَان وَإِن دَامَت مودته ... أدنى إِلَى الْقلب مِنْهُ النازح القاصي)
وَقَالَ أَبُو الْقَاسِم بن السَّمرقَنْدِي سمعته يَقُول رَأَيْت فِي النّوم كَأَنِّي أنْشد
(قد نادت الدُّنْيَا على نَفسهَا ... لَو كَانَ فِي الْعَالم من يسمع)
(كم واثق بالعمر أفنيته ... وجامع بددت مَا يجمع)
وَمن شعره أَيْضا
(لحا الله دهر سدتم فِيهِ أَهله ... وأفضى إِلَيْكُم فيهم النهى وَالْأَمر)
(فَلم تسعدوا إِلَّا وَقد أنحس الورى ... وَلم ترأسوا إِلَّا وَقد خرف الدَّهْر)
(إِذا لم يكن نفع وضر لديكم ... فَأنْتم سَوَاء وَالَّذِي ضمه الْقَبْر)
أما
(لَو قيل لي وهجير الصَّيف متقد ... وَفِي فُؤَادِي جوى للْحرّ يضطرم)
(أهم أحب إِلَيْك الْيَوْم تبصرهم ... أم شربة من زلال المَاء قلت هم)
فَإِنَّهُمَا ليساله وَإِنَّمَا رَوَاهُمَا عَن غَيره
طبقات الشافعية الكبرى - تاج الدين السبكي
الإِمَامُ العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الشَّافعيَة، فَقِيْهُ الْعَصْر، فَخرُ الإِسْلاَم، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحُسَيْنِ بنِ عُمَرَ الشَّاشِيّ, التُّركِي، مصَنّف "المُسْتظهرِي" فِي المَذْهَب، وَغَيْر ذَلِكَ.
مَوْلِدُهُ بميَّافارقين فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَتَفَقَّهَ بِهَا عَلَى قَاضِيهَا أَبِي مَنْصُوْرٍ الطُّوْسِيّ، وَالإِمَامِ مُحَمَّد بن بَيَانٍ الكَازْرُوْنِي، ثُمَّ قَدِمَ بَغْدَاد، وَلاَزَمَ أَبَا إِسْحَاقَ، وَصَارَ مُعيدَه، وَقرَأَ كِتَاب "الشَّامِلِ" عَلَى مُؤلفه.
وَرَوَى عَنِ الكَازْرُوْنِي شَيْخِهِ، وَعَنْ ثَابِتِ بنِ أَبِي القَاسِمِ الخَيَّاطِ، وَأَبِي بَكْرٍ الخطيب، وهياج بن عبيد المجاور، وعدة.
وَانتهت إِلَيْهِ رِيَاسَةُ المَذْهَب، وَتَخَرَّج بِهِ الأَصْحَاب ببغداد، وصنف. وكتاب "الحليَة" فِيْهِ اخْتِلاَف العُلَمَاء، وَهُوَ الكِتَابُ المُلَقَّب بِالمُسْتظهرِي، لأَنَّه صنفه لِلْخَلِيْفَة المُسْتظهِر بِاللهِ، وَوَلِيَ تَدْرِيْسَ النّظَامِيَة بَعْد الغَزَّالِي، وَصُرِفَ، ثُمَّ وَلِيَهَا بَعْدَ إِلْكِيَا الهَرَّاسِي سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْس مائَة، وَدرَّس أَيْضاً بِمَدرسَة تَاجِ الْملك وَزِيْر السُّلْطَان مَلِكْشَاه.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو المُعَمَّر الأَزَجِي، وَعَلِيُّ بن أحمد اليزدي، وأبو بكر بن النَّقُّوْرِ، وَأَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَفخرُ النِّسَاءِ شُهْدَة.
مَاتَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْس مائَة، وَدُفِنَ إِلَى جَنْبِ شَيْخِهِ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِي، وَقِيْلَ: دُفِنَ مَعَهُ.
وَقَعَ لِي مِنْ حَدِيْثِهِ.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ يُوْسُفُ الزَّنْجَانِي: كَانَ أَبُو بَكْرٍ الشَّاشِيّ يَتَفَقَّه مَعَنَا، وَكَانَ يُسَمَّى الجُنَيْدَ لدينه وورعه وزهده، رحمه الله تعالى.
سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي.
محمد بن أحمد بن الحسين بن عمر، أبو بكر الشاشي القفال الفارقيّ، الملقب فخر الإسلام، المستظهري:
رئيس الشافعية بالعراق في عصره. ولد بميافارقين، ورحل إلى بغداد فتولى فيها التدريس بالمدرسة النظامية (سنة 504) واستمر إلى أن توفي.
من كتبه " حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء - خ " يعرف بالمستظهري، صنفه للإمام المستظهر باللَّه، و " المعتمد " وهو كالشرح له، و " الشافي " شرح مختصر المزني و " الفتاوى - خ " صغير يعرف بفتاوى الشاشي و " العمدة في فروع الشافعية - خ " و " تلخيص القول - خ " في مسألة تتعلق بالطلاق .
-الاعلام للزركلي-