محمد بن عبد اللطيف بن يحيى بن علي بن تمام السبكي

تقي الدين أبي الفتح

تاريخ الولادة705 هـ
تاريخ الوفاة744 هـ
العمر39 سنة
مكان الوفاةقاسيون - سوريا
أماكن الإقامة
  • دمشق - سوريا
  • القاهرة - مصر

نبذة

تَقِيّ الدّين أَبُو الْفَتْح كَانَ مِمَّن جمع بَين الْفِقْه والْحَدِيث وَوضع أَخْمُصُهُ فَوق النُّجُوم مَعَ سنّ حَدِيث لَهُ الْأَدَب الغض والألفاظ الَّتِي لَو أصغى الْجِدَار إِلَيْهَا لأراد أَن ينْقض وَكَانَ متدرعا جِلْبَاب التقي متورعا حل مَحل النَّجْم وارتقى طلب الحَدِيث فِي صغره

الترجمة

 مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف بن يحيى بن عَليّ بن تَمام السُّبْكِيّ الْفَقِيه الْمُحدث الأديب المتفنن
تَقِيّ الدّين أَبُو الْفَتْح
كَانَ مِمَّن جمع بَين الْفِقْه والْحَدِيث وَوضع أَخْمُصُهُ فَوق النُّجُوم مَعَ سنّ حَدِيث
لَهُ الْأَدَب الغض والألفاظ الَّتِي لَو أصغى الْجِدَار إِلَيْهَا لأراد أَن ينْقض
وَكَانَ متدرعا جِلْبَاب التقي متورعا حل مَحل النَّجْم وارتقى
طلب الحَدِيث فِي صغره
وَسمع من أَحْمد بن أبي طَالب بن الشّحْنَة وَأحمد بن مُحَمَّد بن عَليّ العباسي وَالْحسن ابْن عمر الْكرْدِي وَعلي بن عمر الْعِرَاقِيّ ويوسف بن عمر الختني وَيُونُس بن إِبْرَاهِيم الدبابيسي وَخلق
وأحضره وَالِده على أبي الْحسن عَليّ بن عِيسَى الْقيم وَعلي بن مُحَمَّد بن هَارُون الْمُقْرِئ وَأحمد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْمَقْدِسِي ويوسف بن مظفر بن كوركبك
وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة مولده الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد الدمياطي وَغَيره
وَحدث وَكتب بِخَطِّهِ وَقَرَأَ بِنَفسِهِ وَكَانَ أستاذ زَمَانه فِي حسن قِرَاءَة الحَدِيث صِحَة وَأَدَاء واسترسالا وبيانا ونغمة
وانتقى على بعض شُيُوخه وَخرج لعم وَالِده جدي رَحمَه الله مشيخة سمعناها بقرَاءَته
وتفقه على جده الشَّيْخ صدر الدّين يحيى وعَلى الشَّيْخ الإِمَام الْوَالِد وَبِه تخرج فِي كل فنونه وعَلى الشَّيْخ قطب الدّين السنباطي
وَقَرَأَ النَّحْو على الشَّيْخ أبي حَيَّان وكمل عَلَيْهِ التسهيل وَغَيره وتلا عَلَيْهِ بالسبع
وَكَانَ الْوَالِد رَحمَه الله كثير الْمحبَّة لَهُ والتعظيم لدينِهِ وورعه وتفننه فِي الْعُلُوم
درس بِالْقَاهِرَةِ بِالْمَدْرَسَةِ السيفية وناب فِي الحكم ثمَّ انْتقل إِلَى دمشق وناب فِي الْقَضَاء عَن الْوَالِد ودرس بِالْمَدْرَسَةِ الركنية وَخَلفه صَاحب حمص
وَقد ذكره شَيخنَا الذَّهَبِيّ فِي المعجم الْمُخْتَص وَأثْنى على علمه وَدينه
مولده فِي سَابِع عشر ربيع الآخر سنة خمس وَسَبْعمائة
وَتُوفِّي فِي ثَانِي عشر ذِي الْقعدَة سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَدفن بقاسيون
أخبرنَا الْحَافِظ أَبُو الْفَتْح مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف السُّبْكِيّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ من حفظي بقرية يلدا من دمشق أخبرنَا أَبُو الْعَبَّاس الحجار وست الوزراء
وَكتب إِلَيّ الحجار قَالَا أخبرنَا ابْن الزبيدِيّ أخبرنَا أَبُو الْوَقْت أخبرنَا الدَّاودِيّ أخبرنَا الْحَمَوِيّ أخبرنَا الْفربرِي أَنا خَ حَدثنَا مُحَمَّد ابْن عبد الله الْأنْصَارِيّ أخبرنَا حميد أَن أنسا رَضِي الله عَنهُ حَدثهمْ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كتاب الله الْقصاص انْفَرد بِإِخْرَاجِهِ خَ من هَذَا الطَّرِيق فَرَوَاهُ فِي الصُّلْح وَالتَّفْسِير والديات مطولا ومختصرا
أخبرنَا الْفَقِيه الأديب مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ أخبرنَا عَليّ بن عمر الواني وَأَبُو الْهدى أَحْمد بن مُحَمَّد العباسي قِرَاءَة عَلَيْهِمَا قَالَ الأول أخبرنَا عبد الرَّحْمَن بن مكي الحاسب السبط وَقَالَ الثَّانِي أخبرنَا عبد الْوَهَّاب بن ظافر الْأَزْدِيّ ابْن رواج قَالَا أخبرنَا الْحَافِظ أَبُو الطَّاهِر
ح وَأخْبرنَا قَاضِي الْقُضَاة شرف الدّين أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن الْحسن بن عبد الله بن الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ الْمَقْدِسِي وَزَيْنَب بنت الْكَمَال وَغَيرهمَا كِتَابَة عَن أبي الْقَاسِم السبط إِذْنا أخبرنَا السلَفِي أخبرنَا مكي بن مَنْصُور بن مُحَمَّد بن عَلان أخبرنَا أَبُو بكر أَحْمد بن الْحسن بن أَحْمد الْحِيرِي الجرشِي حَدثنَا أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب حَدثنَا أَبُو يحيى زَكَرِيَّا بن يحيى بن أَسد الْمروزِي بِبَغْدَاد حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَاصِم عَن زر بن حُبَيْش عَن صَفْوَان بن عَسَّال الْمرَادِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رجل يَا رَسُول الله أَرَأَيْت رجلا أحب قوما وَلم يلْحق بهم قَالَ هُوَ مَعَ من أحب أخرجه التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عمر عَن سُفْيَان فَوَقع لنا بَدَلا عَالِيا وَعَن مَحْمُود بن غيلَان عَن يحيى بن آدم عَن سُفْيَان فَوَقع لنا عَالِيا بدرجات ثَلَاث
أَنْشدني شَيخنَا تَقِيّ الدّين أَبُو الْفَتْح لنَفسِهِ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ أرجوزته الَّتِي مِنْهَا
(اسْمَع أخي وَصِيَّة من نَاصح ... مناضل عَن عرضه مكادح)
(لَا تقصين مَا حييت صاحبا ... وَلَا قَرِيبا بل وَلَا مجانبا)
(وَلَا تعدد الْكَلم فِي أحد ... وَلَا تكن للغلطات بالرصد)
(وَلَا تؤاخذ مذنبا بذنب ... فتغتدي فَاقِد كل صحب)
(إجر مَعَ النَّاس على أَخْلَاقهم ... وَصَاحب الْخلق على وفاقهم)
(وَلَا تقطب إِن أَتَاك سَائل ... فَذَاك للسَّائِل دَاء قَاتل)
(وَلَا تكن على صديق مكثرا ... فَإِن صفو الود يُضحي كدرا)

 (وَلَا يغرنك دوَام الصحبه ... فَمَا يعود الْقلب إِلَّا قلبه)
(لَا تسمعن فِي صَاحب كلَاما ... لَا تلقين لامْرَأَة زماما)
وَهِي طَوِيلَة اقتصرنا مِنْهَا على مَا أوردناه
وأنشدني لنَفسِهِ أَيْضا وكتبت بهَا على جُزْء خرجته فِي الْكَلَام على حَدِيث الْمُتَبَايعين بِالْخِيَارِ
(يصنف فِي كل يَوْم كتابا ... يشابه فِي النُّور ضوء النَّهَار)
(وَأَنت فَمن سادة ينتمون ... بأنسابهم لعَلي النجار)
(فَحق لمادحكم أَن يَقُول ... حَدِيث الْخِيَار رَوَاهُ الْخِيَار)
وأنشدني لنَفسِهِ أَيْضا وكتبت بهَا على الْأَرْبَعين الَّتِي خرجتها زمن الشَّبَاب
(أَجدت الْأَرْبَعين فدمت تاجا ... لأهل الْعلم ذَا فضل مُبين)
(وأضحى الْوَالِد النّدب المرجى ... لما يرجوه فِيك قرير عين)
(وَأَرْجُو أَن أَرَاك رفيع قدر ... وَقد جَاوَزت حد الْأَرْبَعين)
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ من لَفظه تضمينا للبيت الثَّالِث
(عرف العاذل وجدي فلاحى ... وَرَأى عني التسلي فلاحا)
(عَن غزال فاق جيدا وظرفا ... وهلال رام قَتْلِي فلاحا)
(علموني كَيفَ أسلو وَإِلَّا ... فاحجبوا عَن مقلتي الملاحا)

وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ أبياتا مفيدة نظمها فِي أَسمَاء الْخُلَفَاء وَهِي
(إِذا رمت تعداد الخلائف عدهم ... كَمَا قلته تدعى اللبيب المحصلا)
(عَتيق وفاروق وَعُثْمَان بعده ... عَليّ الرِّضَا من بعده حسن تَلا)
(مُعَاوِيَة ثمَّ ابْنه وحفيده ... مُعَاوِيَة وَابْن الزبير أَخُو الْعلَا)
(ومروان يتلوه ابْنه ووليده ... سُلَيْمَان وافى بعده عمر وَلَا)
(يزِيد هِشَام والوليد يزيدهم ... سناهم بإبراهيم مَرْوَان قد علا)
(وسفاح الْمَنْصُور مهْدي ابتدئ ... وهاد رشيد للأمين تكفلا)
(وأعقب بالمأمون معتصم غَدا ... بواثقه يستتبع المتوكلا)
(ومنتصر والمستعين وَبعده ... لمعتز المتلو بالمهتدي انقلا)
(ومعتمد يقفوه معتضد وَعَن ... سنا المكتفي يتلوه مقتدر سلا)
(وبالقاهرة الراضي تعوض متق ... وَبِاللَّهِ مستكف مُطِيع تفضلا)
(وطائعهم لله بِاللَّه قَادر ... وقائمهم بالمقتدي استظهر الْعلَا)
(ومسترشد والراشد المقتفي بِهِ ... ومستنجد والمستضي نَاصِر خلا)
(وظاهرهم مستنصر قد تكملوا ... بمستعصم فِي وقته ظهر البلا)
(ومستنصر أَو حَاكم وَابْنه وَلم ... يقم واثق حَتَّى أَتَى حَاكم الملا)
(فدونكها مني بديها نظمتها ... فَإِن آتٍ تقصيرا فَكُن متطولا)

وأنشدني شيخ الْإِسْلَام الْوَالِد رَحمَه الله عِنْد سَمَاعه هَذِه الأبيات مني
(أَجدت تَقِيّ الدّين نظما ومقولا ... وَلم تبْق شأوا فِي الْفَضَائِل والعلا)
(فَمن رام نظما للأئمة بعْدهَا ... يروم محالا خاسئا ومجهلا)
خطر لي فِي وَقت أَن أنظم فِي الْخُلَفَاء وأضم خلفاء الفاطميين وخلفاء المغاربة فتذكرت قَول الْوَالِد إِن من رام نظما لَهُم بعد أبي الْفَتْح يكون خاسئا مجهلا فَقلت رجل صَالح وَقد أنطقه الله فأحجمت
وَكتب إِلَيّ الشَّيْخ الإِمَام الْوَالِد رَحمَه الله وَكُنَّا على شاطئ الْبَحْر وَتَأَخر عَنَّا أَبُو الْفَتْح بِالْقَاهِرَةِ لاشتغاله بوفاة والدته رَحمهَا الله تَعَالَى
(تسل تَقِيّ الدّين عَن فقد من أودى ... وأحرق لي قلبا وشيب لي فودا)
(لقد بَان عَنَّا مذ ترحل شخصها ... سرُور وآلى لَا يواصلها عودا)
(سقى الله تربا ضمهَا غيث رَحْمَة ... وجارتها أُمِّي وأولاهما جودا)
(وَلَو كَانَ حزن نَافِعًا لجعلته ... شعاري عَسى أفدي مكرمَة خودا)
(وَلم نزل قصدا لشَيْء سواهُمَا ... وَلَا مطلبا أرجوه كلا وَلَا رودا)

 (فراجع وَكن بِالصبرِ وَالْحكم وَالرِّضَا ... عَن الله للبلوى تذود بِهِ ذودا)
(وَلَا تبد ضعفا إِن علمك قدوة ... وَكن جبلا ذَا قُوَّة شامخا طودا)
(واقدم إِلَيْنَا أَن أَحْمد قَائِل ... أرى كل بيضًا من بعادك لي سُودًا)
أَحْمد الْمَذْكُور هُوَ الْأَخ شَيخنَا شيخ الْإِسْلَام أَبُو حَامِد أَحْمد وَهَذَا النّصْف نظمه
فَكتب الشَّيْخ أَبُو الْفَتْح الْجَواب
(أيا محسنا بَدْء ومستأنفا عودا ... وَمن حَاز من وصف الْعلَا سؤددا عودا)
(وَمن علمه بَحر تزايد مده ... وفيض ندى كفيه عَم الورى جودا)
(ملكت زمَان الْعلم فانقاد طَائِعا ... وأمك بالإذعان إِذْ قدته قودا)
(وجاريت أَرْبَاب البديع بمنطق ... عَلَوْت بِهِ قسا وفقت بِهِ أودا)
(وَأرْسلت سحرًا يطرب السّمع نفثه ... وخمرا تذود الْهم عَن خاطري ذودا)
(وسليتني عَن ذَاهِب أحرق الحشا ... وأذهب عَن قلبِي المسرة إِذْ أودى)
(وغادر مني أسود الشّعْر أبيضا ... كَمَا كل بيضًا من تنائيه لي سُودًا)
(فبردت نَار الشوق إِذْ زَاد وقدها ... وخففت حمل الوجد إِذا آدني أودا)

 (وأفرحتني لما دَعَوْت لَهَا فَفِي ... دعائك خير لَا أواري بِهِ رودا)
(وأذكرتني أما لَهَا الْفضل ثَابت ... لِأَن تركت من بعْدهَا جبلا طودا)
(فَمن بعْدهَا لَا أججت نَار قلبه ... وَلَا شيب الله الْكَرِيم لَهُ فودا)
(وعاش مُقيما فِي علا وسعادة ... قعُود قناة كلما بقيت عودا)
(ومتعه بالسيدين كليهمَا ... وثالثهم لَا يختشي للردى كودا)
(وعاشوا لإنعام يَقُول حسودهم ... لرُؤْيَته لَا خفف الله فِي فودا)
(فَخذهَا عروسا شرفت بمحاسن ... لديكم فَجَاءَت تنجلي لكم خودا)
(على الْعَرَب العرباء تبدي نفاسة ... وَلَا وطِئت نجدا وَلَا صاحبت سُودًا)
(وَلَا يَنْبَغِي إِلَّا الْقبُول فَإِن يكن ... فَذَلِك قصدي لَا نضارا وَلَا ذودا)

 (وَإِن لم تقع بالموقع الرحب مِنْكُم ... فعبدكم قد هاد عَن مثلهَا هودا)
(وَقد جمعت كل القوافي سوى الَّذِي ... تضمنه التصريع من قَوْله عودا)
وَكتب إِلَيْهِ القَاضِي شهَاب الدّين ابْن فضل الله يعزيه فِيهَا أبياتا مِنْهَا
(مُصِيبَة الفاقد فِي فَقده ... تظهر للْوَاحِد فِي وَحده)
(وكل من طَالَتْ بِهِ مُدَّة ... فنقصه فِي مُنْتَهى حَده)
(وَمَا على الْمَرْء إِذا لم يمت ... من ميت قد صَار فِي لحده)
(لَو كَانَ يُغْنِيه عَلَيْهِ البكا ... لكَانَتْ الأنواء من مده)
(ميعادنا الْمَوْت فَمَا لامرئ ... يفر فِي الميعاد عَن وعده)
(وَإِنَّمَا الْأَيَّام مَعْدُودَة ... لَا يغلط الْإِنْسَان فِي عده)
(وكل من حام على مورد ... مصيره يَأْتِي إِلَى ورده)
(وسائق الْمَوْت بِنَا مزعج ... وكل من يسْعَى على جهده)
(كم ولد يبكي على وَالِد ... ووالد يبكي على وَلَده)
(فقد تساوى فِي الثرى أول ... وَآخر قد جَاءَ من بعده)
(لَيْسَ بَين العَبْد من سيد ... كلا وَلَا السَّيِّد من عَبده)
(من سلم الْأَمر إِلَى ربه ... فَازَ بِمَا يرجوه من قَصده)
(كل امْرِئ منا سيلقى الردى ... بذمه إِن شَاءَ أَو حَمده)

 (فاسمع أَبَا الْفَتْح وقيت الردى ... وَلَا تثير النَّار من زنده)
(مثلك من يلقى الردى صَابِرًا ... محتسبا لِلْأجرِ فِي فَقده)
(فقدت أما برة لم يزل ... كوكبها الْمشرق فِي سعده)
(مَاتَت وأبقت مِنْك فِينَا فَتى ... كَمثل مَاء الْورْد من ورده)
وَهِي طَوِيلَة فَأَجَابَهُ بِأَبْيَات مثلهَا
(لله در فاق فِي عقده ... جَاءَ من الْمولى إِلَى عَبده)
(أربى على الزهر علوا كَمَا ... علا شذا الزهر شذا رنده)
(فأنعش الصب وَقد كَاد من ... أحزانه يهْلك فِي جلده)
(فَأَي فضل جاد فِي وبله ... وَأي بَحر زَاد فِي مده)
(من الْمقر الْأَشْرَف المرتضى ... يكْشف صَعب الْأَمر من شده)
(شهَاب دين الله رب الندا ... وجامع الْوَفْد على رفده)
(أَحْمد من عَم الورى فَضله ... فأجمع النَّاس على حَمده)
(ذِي الْقَلَم الْأَعْلَى الَّذِي حَده ... كصارم جرد من غمده)
(يصنع إِن مر على طرسه ... مَا يصنع الناشر فِي برده)
(أحرفه إِن برزت فِي الدجا ... عَاد صباحا جنح مسوده)
وَكتب إِلَيْهِ القَاضِي صَلَاح الدّين الصَّفَدِي أبياتا مِنْهَا سُؤال
(تقرر أَن فعالا فعولًا ... مبالغتان فِي اسْم الفاعلية)
(فَكيف تَقول فِيمَا صَحَّ مِنْهُ ... وَمَا الله بظلام الْبَريَّة)

 (أيعطي القَوْل إِن فَكرت فِيهِ ... سوى نفي الْمُبَالغَة القويه)
(وَكَيف إِذا توضأنا بِمَاء ... طهُور وَهُوَ رَأْي الشافعيه)
(أزلنا الْوَصْف عَنهُ بفرد فعل ... وَذَاكَ خلاف قَول المالكيه)
فَأَجَابَهُ بِأَبْيَات مِنْهَا
(وَمن جَاءَ الحروب بِلَا سلَاح ... كمن عقد الصَّلَاة بِغَيْر نيه)
(فظلام كفرار وَأَيْضًا ... فقد يَأْتِي بِمَعْنى الظالميه)
(وَقد ينفى الْقَلِيل لقلَّة فِي ... فَوَائده بِنَفْي الأكثريه)
(وَقد ينحى بِهِ التكثير قصدا ... لِكَثْرَة من يضام من البريه)
(وَأما قَوْله مَاء طهُور ... ونصرته لقَوْل المالكيه)
(فجَاء على مُبَالغَة فعول ... وساغ مَجِيئه للفاعليه)
(وَقد ينحى بِهِ التكثير قصدا ... لِكَثْرَة من يروم الطاهريه)
وَقد سمعنَا من أبي الْفَتْح خطبَته الفائقه الَّتِي أَلْقَاهَا أول يَوْم تدريسه بالركنية لما قدم مصر ومطلعها
الْحَمد لله نَاصِر الْملك النَّاصِر للدّين الحنيفي وممضي عَزَائِمه ومشيد أَرْكَانه الْقَائِم بِالشَّرْعِ المحمدي ومقوي دعائمه ومخصص أَهله التَّقْوَى بعلى مَا حظيت أهل التَّقْصِير بمعالمه وجامع شَمل الْمُتَّقِينَ بمكارمه وشامل جمع الموقنين بمراحمه والمتفضل على من التجأ إِلَيْهِ وَاعْتمد فِي أُمُوره عَلَيْهِ بنجح مَا أشبه أواخره بأوائله وَربح مَا أشبه فواتحه بخواتمه
أَحْمَده على من حلى الْأَعْنَاق بقلائده وجلل الْأَيْدِي بقوائمه وبذل مَا أبداه نظر جوده بمتراكمه إِلَّا أَعَادَهُ بَحر جوده بمتلاطمه وَفضل أثار شمسه فِي ظهيرة الآمال فحققها بقواصده وأطلع قمره فِي دجنة الأوجال فَدَفعهَا بقواصمه
وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة يعينها الْيَقِين بخوافيه وَالْإِخْلَاص بقوادمه ويثبتها الْقلب فَمَا اللائم فِيهَا بملائمه وَلَا السالي بمسالمه ويقر بهَا اللِّسَان على ممر الْأَوْقَات فيعشو إِلَى أنوارها فِي اللَّيْل بطارقه ويرنو إِلَى أنوائها فِي الصُّبْح بسائمه
وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله أرْسلهُ وَالْكفْر قد أطل بتعاضده وتعاظمه وَالْبَاطِل قد أضلّ بتزاحمه وتلاحمه فَلم يزل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أذهب جَيش الْبَاطِل بعواصفه وعواصمه وَنصر جند الْحق بصواهله وصوارمه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى آله وَأَصْحَابه صَلَاة يُربي نشرها على الْمسك ولطائمه وتجر ذيلا على نشر الرَّوْض وباسمه مِنْهَا أما بعد فَإِن غَرِيب الدَّار وَإِن نَالَ منَاط الثريا فَيَكْفِي أَن يُقَال غَرِيب وبعيد المزار وَلَو تهَيَّأ لَهُ مَا تهيا فَمَا لَهُ فِي الرَّاحَة مِنْهُم نصيب ولمشقة الغربة ازدادت رُتْبَة الْهِجْرَة فِي الْعِبَادَة وشرفت الْوَفَاة حَتَّى جَاءَ موت الْغَرِيب شَهَادَة والغربة كربَة وَلَو كَانَت بَين الْأَقَارِب ومفارقة الأوطان صعبة وَلَو عَن سم العقارب وأنى يُقَاس بِبِلَاد الغربة وَإِن شرف قدرهَا وعذب شرابها
(بِلَاد بهَا نيطت عَليّ تمائمي ... وَأول أَرض مس جلدي ترابها)
وَالْخطْبَة طَوِيلَة فائقة اقتصرنا مِنْهَا على مَا أوردناه
سَمِعت الشَّيْخ تَقِيّ الدّين أَبَا الْفَتْح يَقُول اسْم كلاب بن مرّة جد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُهَذّب وَعزا ذَلِك لِابْنِ سعد وَهِي فَائِدَة لم أَجدهَا فِي شَيْء من كتب السّير
رَأَيْت فِي الْقطعَة الَّتِي عَملهَا شَيخنَا تَقِيّ الدّين أَبُو الْفَتْح شرحا على التَّنْبِيه فِي بَاب الزَّكَاة أَن السَّائِمَة إِذا كَانَت عاملة فَالَّذِي يظْهر عِنْده مَا صَححهُ الْبَغَوِيّ من وجوب الزَّكَاة فِيهَا بِحُصُول الرِّفْق بالإسامة وَزِيَادَة فَائِدَة الِاسْتِعْمَال خلافًا للرافعي وَالنَّوَوِيّ حَيْثُ صححا أَنه لَا زَكَاة فِيهَا
ثمَّ تلكم أَبُو الْفَتْح على مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث عَليّ رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا لَيْسَ فِي العوامل صَدَقَة وَضَعفه وأجاد فِي تَعْلِيله
وَهَذَا الَّذِي عمله أَبُو الْفَتْح من شرح التَّنْبِيه حسن جدا حافل جَامع مَعَ غَايَة الِاخْتِصَار وَقد أَكثر فِيهِ النَّقْل عَن الشَّيْخ الْوَالِد وزينه بمحاسن شرح الْمِنْهَاج وَحَيْثُ يَقُول فِيهِ قَالَه شَيخنَا أبقاه الله يُشِير إِلَى كَلَام الْوَالِد رَحمَه الله فِي شرح الْمِنْهَاج أَو غَيره من تصانيفه

وَمن شعر الشَّيْخ تَقِيّ الدّين أَبُو الْفَتْح
(وافتك عَن قرب تباشير الْفَرح ... وأتتك مسرعة مباشير الْمنح)
مِنْهَا
(فارج الْإِلَه وَلَا تخف من غَيره ... تَجِد الْإِلَه لضيق صدرك قد شرح)
(وارغب إِلَيْهِ بِالنَّبِيِّ الْمُصْطَفى ... فِي كشف ضرك عل يأسو مَا انجرح)
(تالله مَا يَرْجُو نداه مخلص ... لسؤاله إِلَّا تهلل وانشرح)
(فَهُوَ النَّبِي الْهَاشِمِي وَمن لَهُ ... جاه علا وعلو قدر قد رجح)
(وَهُوَ النَّعيم لمن توقى وَاتَّقَى ... وَهُوَ الْجَحِيم لمن تكبر واتقح)
(هُوَ وابل الدُّنْيَا إِذا شح الحيا ... وَمُشَفَّع الْأُخْرَى إِذا عرق رشح)
(وَالشَّمْس تخجل من ضِيَاء جَبينه ... والبدر لَو حاكاه فِي الْحسن افتضح)
(كم عين مَاء من أَصَابِعه جرت ... نَهرا وَعين ردهَا لما مسح)
(ومعين فضل من أياديه بدا ... ومعين دمع من أعاديه نزح)
(وَلَقَد دَعَا الْأَشْجَار فانقادت لَهُ ... وَالذِّئْب لما جَاءَ يسْأَله منح)
(وأباد أَنْوَاع الضلال بعرفه ... لما دنا وبعرفه لما نفح)
(من أنزل الْقُرْآن فِي أَوْصَافه ... مَاذَا عساي أَقُول فِيهِ من الْمَدْح)
(فَعَلَيهِ صلى الله مَا هبت صبا ... أَو غرد الْقمرِي يَوْمًا أَو صدح)
(ثمَّ الرِّضَا عَن آله وصحابه ... وَعَن الَّذِي بوشاح علمهمْ اتَّشَحَ)
(مثل البُخَارِيّ الإِمَام المرتضى ... فَهُوَ الَّذِي اغتبق الْفَضَائِل واصطبح)
(من فَضله فِي النَّاس بَحر قد طما ... وعرائس تجلى وغيث قد طفح)

 (وَكتابه كالغيث يستسقى بِهِ ... فسواه فِي كرباتنا لم يستنح)
(وَهُوَ المجرب فِي الشَّديد وكشفه ... أوليس فِي غارات أَمر قد وضح)
وَهَذِه قافية حلوه أول من بَلغنِي نظم فِيهَا عبد الله بن المعتز حَيْثُ يَقُول
(خل الزَّمَان إِذا تقاعس أَو جمح ... واشك الهموم إِلَى المدامة والقدح)
(واحفظ فُؤَادك إِن شربت ثَلَاثَة ... وَاحْذَرْ عَلَيْهِ أَن يطير من الْفَرح)
فِي أَبْيَات أنكر عَلَيْهِ قَوْله فِيهَا
(وَإِذا تَمَادى فِي العتاب قطعته ... بِالضَّمِّ والتقبيل حَتَّى نصطلح)
وَقَالَ مهيار
(مَا كَانَ سَهْما غَار بل ظَبْيًا سنح ... إِن لم يكن قتل الْفُؤَاد فقد جرح)
(فِي خَدّه الكافور سبْحَة عنبر ... مَا كَانَ أغفلني الْغَدَاة عَن السبح)
(وَأما ومشيته توقر تَارَة ... صلفا وَأَحْيَانا يجن من المرح)
فِي أَبْيَات أنكر عَلَيْهِ قَوْله فِيهَا بطح
وَقَالَ ابْن سناء الْملك يمدح الْفَاضِل
(يَا قلب وَيحك إِن ظبيك قد سنح ... فتنح جهدك عَن مراتعه تَنَح)
(وَأَرَدْت أعقله ففر من الحشا ... طَربا وأحبسه فطار من الْفَرح)

 (وأتى فظل صريع هذاك اللمى ... عطشا وَعَاد قَتِيل هاتيك الْملح)
(جنح الغزال إِلَى قتال جوانحي ... فَغَدَوْت أجنح مِنْهُ لما أَن جنح)
(وَمن الْعَجَائِب أَنه لما رمى ... بسهامه قتل الْفُؤَاد وَمَا جرح)
(ولمى صقيل فِي مراشف شادن ... لَو شِئْت أمسحه بلثمي لانمسح)
وَمِنْهَا
(قبلته وَقبلت أَمر صبابتي ... وَنَصَحْت نَفسِي فِي قطيعة من نصح)
(ورشفت ريقته على رغم الطلا ... من كأس مرشفه على غيظ الْقدح)
وَمِنْهَا
(لي سبْحَة من جَوْهَر فِي ثغرها ... ففضلت سَائِر من يسبح بالسبح)
(لم لَا تصالح قِبْلَتِي يَا خدها ... وَالْمَاء فِيك مَعَ اللهيب قد اصْطلحَ)
(كم يعذلون وَلست أسمع قَوْلهم ... وَأَنا وهم مثل الْأَصَم مَعَ الْأَبَح)
(لَيْسَ العذول عَلَيْك إنْسَانا هذى ... إِن العذول عَلَيْك كلب قد نبح)
وَمِنْهَا
(أضحت على مهيار قبلي ناشزا ... إِذْ قَالَ عَن محبوبه فِيهَا بطح)

 (وَتَتَابَعَتْ فتحاتها فتنزهت ... عَن قَول عبد الله حَتَّى نصطلح)
وَلقَائِل أَن يَقُول إِن ابْن سناء الْملك قد وَقع فِيمَا وَقع فِيهِ عبد الله حَيْثُ حكى قَوْله وَجعله قافية فِي قصيدته وَقد وَقع هَذَا لكثير من شعراء الْعَصْر وَنَظِيره قَول من نثر فِي خطْبَة الْأَشْبَاه والنظائر لَيْسَ لَهُ من ثَان وَلَا عَنهُ من ثَان وَلَا عَلَيْهِ إِلَّا مثن وَقضى السجع بِأَن أَقُول ثَان
ثمَّ إِنَّه اعْترض ابْن المعتز ومهيارا بِمَا اعترضهما وَوَقع هُوَ فِي وَاحِدَة وَهِي قَوْله لانمسح فَإِنَّهَا لحن ولي أَبْيَات مِنْهَا
(إِن كَانَ عبد الله أَخطَأ قَوْله ... بِالضَّمِّ والتقبيل حَتَّى نصطلح)
(وأتى بِشَيْء لَيْسَ يحسن ذكره ... مهيار حَيْثُ يَقُول قافية بطح)
(فَلَقَد لحنت وَقلت فِيمَا قلته ... لَو شِئْت أمسحه بلثمي لانمسح)
وَقَالَ كَمَال الدّين ابْن النبيه
(قُم يَا غُلَام ودع نصيحة من نصح ... فالديك قد صدع الدجى لما صدح)

 (خفيت تباشير الصَّباح فأسقني ... مَا ضل فِي الظلماء من قدح الْقدح)
(صهباء مَا لمعت بكف مديرها ... لمقطب إِلَّا تهلل وانشرح)
(وَالله مَا مزج المدام بِمَائِهَا ... لكنه مزج المسرة بالفرح)
وَهَذِه قصيدة مَشْهُورَة نظمها فِي ديوانه
وَقَالَ شهَاب الدّين ابْن التلعفري
(مَاء الغمامة والمدامة والقدح ... وَابْن الْحَمَامَة فِي الأراكة قد صدح)
وَهِي قصيدة مليحة تضمنها ديوانه
وَكَانَ الشَّيْخ أَبُو حَيَّان قد اقترح على شعراء الْعَصْر قصيدا فِي الشطرنج على وزن مطلع قصيدة ابْن حزمون
(إِلَيْك إِمَام الْعَصْر جبت المفاوزا ... وخلفت خَلْفي صبية وعجائزا)
فَعمل الشَّيْخ الْوَالِد قصيدا بلغت مائَة وَخَمْسَة وَأَرْبَعين بَيْتا جود فِيهَا كل الإجادة
وَعمل الشَّيْخ تَقِيّ الدّين قصيدا مطْلعهَا
(بنفسي غزال مر بالرمل جَائِزا ... فصير قلبِي فِي الْمحبَّة حائزا)
(وَفَوق سَهْما من لحاظ جفونه ... فأصمى وَمَا ألْقى عَن الْقلب حاجزا)

 (تبدى فأبدى للنداوة تمنظرا ... يروق لذِي لب ويكمد لامزا)
(وماس فأمسى الْغُصْن يَهْتَز مائسا ... وَبَان فَبَان الْبَدْر يشرق بارزا)
(ثوى فِي حمى نجد وَلَيْسَ بمنجد ... وَفَوْز فاستحليت فِيهِ المفاوزا)
وَمِنْهَا
(وَيَسْبِي فُؤَادِي مِنْهُ وَاسع طرفه ... إِذا مَا انثنى صبو المحاجر عَاجِزا)
(تفرد بالْحسنِ الْغَرِيب وحبه ... غَرِيب فأضحى للغريبين حائزا)
(كَمَا حازت الشطرنج جيشين جمعا ... غريبين كل حَده لن يجاوزا)
وجود فِيهَا واختتمها بمدح الشَّيْخ أبي حَيَّان رَحمَه الله
وَكتب أديب الْعَصْر جمال الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن نباتة إِلَى الشَّيْخ أبي الْفَتْح رَحمَه الله استفتاء صورته
(يَا إِمَامًا قَالَ الْمُقَلّد والعالم ... فِيهِ بِوَاجِب التَّفْضِيل)
(مَا على عاشق يَقُول على حكم ... التَّدَاوِي بِالضَّمِّ والتقبيل)
(وافر الدّين مَعَ بسيط اقتدار ... حذر من عِقَاب يَوْم طَوِيل)
(لَا كمن دأبه بمحبوبه النَّحْو ... فَمن فَاعل وَمن مفعول)
فَأَجَابَهُ
(يَا مَلِيًّا بِكُل فضل جزيل ... وعلينا بِكُل وصف جميل)

 (وجمالا تجمل الْعلم مِنْهُ ... بِصِفَات زين بمجد أثيل)
(جَاءَنِي دَرك الَّذِي قلد النَّحْر ... بِعقد منضد التكليل)
(فتعجبت ثمَّ قلت وَمن يقذف ... بالدر غير بَحر أصيل)
(جَاءَ فِي صُورَة السُّؤَال فَقل فِي ... سَائل فَضله على الْمَسْئُول)
(فتنسمت مِنْهُ ريح شمال ... وترشفت مِنْهُ طعم الشُّمُول)
(وأتاني وَقد فرغت عَن الْآدَاب ... وَالْحب من زمَان طَوِيل)
(فتوقفت عَن جَوَاب وَلَكِن ... أَمر مولَايَ وَاجِب بِالدَّلِيلِ)
(وَجَوَاب الْهوى التسامح فِي الْأَمر ... فَقل إِن أجبْت بالتسهيل)
(إِن من يَدعِي الغرام بِظَبْيٍ ... صَاد أهل الْهوى بِطرف كحيل)
(قد أسَال الدُّمُوع مِنْهُ عذار ... سَائل فِي رياض خد أسيل)
(كَامِل قده بِشعر مديد ... وافر ردفه بخصر نحيل)
(لجدير بِكُل عذر بسيط ... فِي التَّدَاوِي بِالضَّمِّ والتقبيل)
(مَا لنار الْهوى سوى برد ريق ... من لماه فِيهِ شِفَاء الغليل)
(ولقلب يعتاده خفقان ... غير ضم بِهِ دَوَاء العليل)
(غُصَّة الْحبّ لَا تقاس بِشَيْء ... فليزلها من رِيقه بشمول)
(ذَا جَوَاب الغرام حَقًا وَعِنْدِي ... مَاله غير صبره من سَبِيل)

طبقات الشافعية الكبرى - تاج الدين السبكي