عبد الله بن يوسف بن محمد بن حيويه الجويني

ركن الإسلام أبي محمد

تاريخ الولادةغير معروف
تاريخ الوفاة438 هـ
مكان الولادةجوين - إيران
مكان الوفاةنيسابور - إيران
أماكن الإقامة
  • جوين - إيران
  • نيسابور - إيران
  • بغداد - العراق
  • مرو - تركمانستان

نبذة

شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، أَبُو مُحَمَّدٍ؛ عَبْدُ اللهِ بنُ يوسف بن عبد الله بن يوسف ابن مُحَمَّدِ بنِ حَيُّوَيْه، الطَّائِيُّ السِّنْبِسِيُّ كَذَا نَسَبَه المَلِكُ المُؤَيَّدُ الجُوَيْنِيُّ وَالِدُ إِمَامِ الحَرَمَيْنِ. كَانَ فَقِيْهاً مُدَقِّقاً مُحَقِّقاً، نَحْوِيّاً مُفَسِّراً. تَفَقَّهَ بِنَيْسَابُوْرَ عَلَى أَبِي الطَّيِّبِ الصُّعْلُوْكِيُّ، وَبِمَرْوَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ القَفَّالِ، وَسَمِعَ: مِنْ أَبِي نُعَيْمٍ الإِسْفَرَايِيْنِيِّ، وَابنِ مَحْمِشٍ، وَبِبَغْدَادَ مِنْ أَبِي الحُسَيْنِ بنِ بِشْرَانَ، وَطَائِفَةٍ.

الترجمة

عبد الله بن يوسف بن محمد بن حيويه الجويني، أبي محمد: من علماء التفسير واللغة والفقه, ولد في جوين من نواحي نيسأبير وسكن نيسأبير، وتوفي بها,  من مصنفاته: التفسير  كبير، و التبصرة والتذكرة فقه . ينظر : طبقات الشافعية الكبرى للسبكي: 5/73 , الأعلام للزركلي : 4/146 .

 

 

 

شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، أَبُو مُحَمَّدٍ؛ عَبْدُ اللهِ بنُ يوسف بن عبد الله بن يوسف ابن مُحَمَّدِ بنِ حَيُّوَيْه، الطَّائِيُّ السِّنْبِسِيُّ كَذَا نَسَبَه المَلِكُ المُؤَيَّدُ الجُوَيْنِيُّ وَالِدُ إِمَامِ الحَرَمَيْنِ.
كَانَ فَقِيْهاً مُدَقِّقاً مُحَقِّقاً، نَحْوِيّاً مُفَسِّراً.
تَفَقَّهَ بِنَيْسَابُوْرَ عَلَى أَبِي الطَّيِّبِ الصُّعْلُوْكِيُّ، وَبِمَرْوَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ القَفَّالِ، وَسَمِعَ: مِنْ أَبِي نُعَيْمٍ الإِسْفَرَايِيْنِيِّ، وَابنِ مَحْمِشٍ، وَبِبَغْدَادَ مِنْ أَبِي الحُسَيْنِ بنِ بِشْرَانَ، وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ أَبُو المَعَالِي، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ الأَخْرَمِ، وَسَهْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المَسْجِدِيُّ.
قَالَ أَبُو عُثْمَانَ الصَّابُوْنِيُّ: لَوْ كَانَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيْلَ، لنقلت إلينا شمائله، وافتخروا به.
قَالَ ابْنُ الأَخْرَمِ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ: أَنَا مِنْ سِنْبِسٍ؛ قَبِيْلَةٍ مِنَ العَرَبِ.
وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ: غَسَلتُ أَبَا مُحَمَّدٍ، فَلَمَّا لَفَفتُهُ فِي الكَفَنِ، رَأَيْتُ يَدَه اليُمْنَى إِلَى الإِبطِ مُنِيْرَةً كَلَوْنِ القَمَرِ، فَتَحيَّرتُ، وَقُلْتُ: هَذِهِ بَرَكَاتُ فَتَاوِيْهِ.
قُلْتُ: رَجَعَ مِنْ عِنْدِ القَفَّالِ، وَتَصَدَّرَ لِلإِفَادَةِ وَالفَتْوَى سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَكَانَ مُجْتَهِداً فِي العِبَادَةِ، مَهِيْباً بَيْنَ التَّلاَمِذَةِ، صَاحِبَ جِدٍّ وَوَقَارٍ وَسَكِيْنَةٍ، تَخَرَّجَ بِهِ ابْنُهُ.
وَلَهُ مِنَ التَّوَالِيفِ "كِتَابُ التَّبْصِرَةِ" فِي الفِقْهِ، وَكِتَابُ "التَّذْكِرَةِ"، وَكِتَابُ "التَّفْسِيْرِ الكَبِيْرِ"، وَكِتَابُ "التَّعْلِيْقَةِ".
تُوُفِّيَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَهُوَ صَاحِبُ وَجهٍ فِي المَذْهَبِ، وَكَانَ يَرَى تَكْفِيْرَ مَنْ تَعَمَّدَ الكَذبَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ شَيْخُ القُرَّاءِ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ بِمِصْرَ، وَأَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ سَيُّوَيْه المُؤَدِّبُ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ محمد التبان، وآخرون.
سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي.

 

 

 

 

عبد الله بن يوسف بن محمد بن حيّويه الجويني، أبو محمد:
من علماء التفسير واللغة والفقه. ولد في جوين (من نواحي نيسابور) وسكن نيسابور، وتوفي بها.
من كتبه " التفسير " كبير، و " التبصرة والتذكرة " فقه، و " الوسائل في فروق المسائل - خ " و " الجمع والفرق - خ " في فقه الشافعية. وله رسائل، منها " إثبات الاستواء - ط " رأيت في ظاهر أصلها المخطوط ما نصه: " قال شيخ الإسلام الصابوني: لو كان الجويني في بني إسرائيل لنقلت لنا أوصافه وافتخروا به ". وهو والد إمام الحرمين الجويني .

-الاعلام للزركلي-
 

 

 

 

عبد الله بن يُوسُف [000 - 438] )
أَبُو مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ.
قَالَ أَبُو حَامِد مَحْمُود بن جيلياسي بن عبد الله التركي: تفقه أَولا على أبي يَعْقُوب الأبيوردي بِنَاحِيَة جُوَيْن، ثمَّ قدم نيسابور، واجتهد فِي تَحْصِيل الْعُلُوم على أبي الطّيب سهل بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الصعلوكي، ثمَّ ارتحل إِلَى مرو، وَقصد الشَّيْخ أَبَا بكر عبد الله بن أَحْمد الْقفال الْمروزِي، ولازم درسه حَتَّى تخرج مذهبا وَخِلَافًا، وأتقن طَرِيقَته، وَعَاد إِلَى نيسابور سنة سبع وَأَرْبع مئة، وَقعد للتدريس وَالْفَتْوَى ومجلس المناظرة، وَتَعْلِيم الْعَام وَالْخَاص، وَكَانَ ماهرا فِي إِلْقَاء الدُّرُوس.

قَالَ: وَكَانَ يحْتَاط فِي أَدَاء الزَّكَاة حَتَّى كَانَ يُؤَدِّي فِي سنة وَاحِدَة مرَّتَيْنِ حذرا من نِسْيَان النِّيَّة، أَو دَفعهَا إِلَى غير الْمُسْتَحق.
توفّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مئة.
هَذَا آخر مَا ذكره الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن الصّلاح.
قلت: هُوَ وَالِد الإِمَام أبي الْمَعَالِي إِمَام الْحَرَمَيْنِ.
قَالَ الشَّيْخ أَبُو الْحسن عبد الغافر بن إِسْمَاعِيل الْفَارِسِي: عبد الله بن يُوسُف بن عبد الله بن يُوسُف بن مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ ثمَّ النَّيْسَابُورِي أَبُو مُحَمَّد الإِمَام، ركن الْإِسْلَام، الْفَقِيه، الأصولي، الأديب، النَّحْوِيّ، الْمُفَسّر، أوحد زَمَانه، تخرج بِهِ جمَاعَة من أَئِمَّة الْإِسْلَام، وَكَانَ لصيانته وديانته مهيبا، مُحْتَرما بَين التلامذة، وَلَا يجْرِي بَين يَدَيْهِ إِلَّا الْجد والحث والحض على التَّحْصِيل، لَهُ فِي الْفِقْه تصانيف كَثِيرَة الْفَوَائِد، وَله " التَّفْسِير الْكَبِير " الْمُشْتَمل على عشرَة أَنْوَاع فِي كل آيَة.
توفّي فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مئة، وَلم يخلف مثله فِي استجماعه.
وَسمعت خَالِي الإِمَام أَبَا سعيد - يَعْنِي: عبد الْوَاحِد بن عبد الْكَرِيم الْقشيرِي - يَقُول: كَانَ أَئِمَّتنَا فِي عصره، والمحققون من أَصْحَابنَا، يَعْتَقِدُونَ فِيهِ من الْكَمَال وَالْفضل والخصال الحميدة أَنه لَو جَازَ أَن يبْعَث الله نَبيا فِي عصره لما كَانَ إِلَّا هُوَ، من حسن طَرِيقَته وورعه وزهده وديانته فِي كَمَال فَضله.

-طبقات الفقهاء الشافعية - لابن الصلاح-

 

 

 

 

عبد الله بن يُوسُف بن عبد الله بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن حيوية الشَّيْخ أَبُي مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ

وَالِد إِمَام الْحَرَمَيْنِ أوحد زَمَانه علما ودينا وزهدا وتقشفا زَائِدا وتحريا فِي الْعِبَادَات
كَانَ يلقب بِرُكْن الْإِسْلَام لَهُ الْمعرفَة التَّامَّة بالفقه وَالْأُصُول والنحو وَالتَّفْسِير وَالْأَدب وَكَانَ لفرط الدّيانَة مهيبا لَا يجْرِي بَين يَدَيْهِ إِلَّا الْجد وَالْكَلَام إِمَّا فِي علم أَو زهد وتحريض على التَّحْصِيل
سمع الحَدِيث من الْقفال وعدنان بن مُحَمَّد الضَّبِّيّ وَأبي نعيم عبد الْملك بن الْحسن وَابْن محمش وببغداد من أبي الْحُسَيْن بن بَشرَان وَجَمَاعَة
روى عَنهُ ابْنه إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَسَهل بن إِبْرَاهِيم المسجدي وعَلى بن أَحْمد الْمَدِينِيّ وَغَيرهم
تفقه أَولا على أبي يَعْقُوب الأبيوردي بِنَاحِيَة جُوَيْن ثمَّ قدم نيسابور واجتهد فِي التفقه على أبي الطّيب الصعلوكي ثمَّ ارتحل إِلَى مرو قَاصِدا الْقفال الْمروزِي فلازمه حَتَّى تخرج بِهِ مذهبا وَخِلَافًا وأتقن طَرِيقَته وَعَاد إِلَى نيسابور سنة سبع وَأَرْبَعمِائَة

وَقعد للتدريس وَالْفَتْوَى ومجلس المناظرة وَتَعْلِيم الْخَاص وَالْعَام وَكَانَ ماهرا فِي إِلْقَاء الدُّرُوس
وَأما زهده وورعه فإليه الْمُنْتَهى
قَالَ الإِمَام أَبُو سعيد بن الإِمَام أبي الْقَاسِم الْقشيرِي كَانَ أَئِمَّتنَا فِي عصره والمحققون من أَصْحَابنَا يَعْتَقِدُونَ فِيهِ من الْكَمَال وَالْفضل والخصال الحميدة أَنه لَو جَازَ أَن يبْعَث الله نَبيا فِي عصره لما كَانَ إِلَّا هُوَ من حسن طَرِيقَته وزهده وَكَمَال فَضله
وَقَالَ شيخ الْإِسْلَام أَبُو عُثْمَان الصَّابُونِي لَو كَانَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد فِي بني إِسْرَائِيل لنقل إِلَيْنَا شمائله ولافتخروا بِهِ
وَمن ورعه أَنه مَا كَانَ يسْتَند فِي دَاره الْمَمْلُوكَة لَهُ إِلَى الْجِدَار الْمُشْتَرك بَينه وَبَين جِيرَانه وَلَا يدق فِيهِ وتدا وَأَنه كَانَ يحْتَاط فِي أَدَاء الزَّكَاة حَتَّى كَانَ يُؤَدِّي فِي سنة وَاحِدَة مرَّتَيْنِ حذرا من نِسْيَان النِّيَّة أَو دَفعهَا إِلَى غير الْمُسْتَحق
وَعَن الشَّيْخ أبي مُحَمَّد أَنه قَالَ نَحن من الْعَرَب من قَبيلَة يُقَال لَهَا سِنْبِسٍ
وَمن ظريف مَا يحْكى مَا ذكره أَبُو عبد الله الفراوي قَالَ سَمِعت إِمَام الْحَرَمَيْنِ يَقُول كَانَ وَالِدي يَقُول فِي دُعَاء قنوت الصُّبْح اللَّهُمَّ لَا تعقنا عَن الْعلم بعائق وَلَا تَمْنَعنَا عَنهُ بمانع

قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَكَانَ أَبُو الْقَاسِم السياري يَوْمًا اقْتدى بوالدي فِي صَلَاة الصُّبْح وَقد سبق بِرَكْعَة فَلَمَّا قَضَاهَا قَالَ فِي دُعَاء الْقُنُوت هَذَا الدُّعَاء فَقلت لَهُ لَا تقل هَذَا فِي دُعَاء الْقُنُوت فَقَالَ أَنْت تخرج على كل أحد حَتَّى على أَبِيك
قلت كَانَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ يرى أَن الِاعْتِدَال ركن قصير فَلَا يُزَاد فِيهِ على الْمَأْثُور لِأَنَّهُ يطول بِهِ وَفِي بطلَان الصَّلَاة بتطويل اعْتِدَال الرُّكُوع خلاف مَعْرُوف بَين الْأَصْحَاب مَبْنِيّ على قصره أَو طوله بل بَالغ الإِمَام أَي إِمَام الْحَرَمَيْنِ فَقَالَ فِي قلبِي من الطُّمَأْنِينَة فِي الِاعْتِدَال شَيْء وَأَشَارَ غَيره إِلَى تردد فِيهَا وَالْمَعْرُوف الصَّوَاب وُجُوبهَا. .
وَرُوِيَ أَن الشَّيْخ أَبَا مُحَمَّد رأى إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام فِي الْمَنَام فَأَوْمأ لتقبيل رجلَيْهِ فَمَنعه ذَلِك تكريما لَهُ
قَالَ فَقبلت عَقِبَيْهِ وأولت ذَلِك الْبركَة والرفعة تكون فِي عَقبي
قلت فَأَي بركَة ورفعة مثل إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَلَده توفّي الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة بنيسابور
قَالَ الْحَافِظ أَبُو صَالح الْمُؤَذّن غسلته فَلَمَّا لففته فِي الأكفان رَأَيْت يَده الْيُمْنَى إِلَى الْإِبِط زهراء منيرة من غير سوء كَأَنَّهَا تتلألأ تلألؤ الْقَمَر فتحيرت وَقلت هَذِه من بَرَكَات فَتَاوِيهِ
وَمن تصانيفه الفروق والسلسلة والتبصرة والتذكرة ومختصر الْمُخْتَصر وَشرح الرسَالَة وَله مُخْتَصر فِي موقف الإِمَام وَالْمَأْمُوم ووقفت على شرح على كتاب عُيُون الْمسَائِل الَّتِي صنفها أَبُو بكر الْفَارِسِي ذكر كَاتبه وَهُوَ إِسْمَاعِيل بن أَحْمد النوكاني الطريثيثي أَنه علقه عَن الشَّيْخ أبي مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ وَقد قدمت ذكر هَذَا الشَّرْح فِي تَرْجَمَة الْفَارِسِي لكني رَأَيْت الرَّوْيَانِيّ ينْقل فِي الْبَحْر أَشْيَاء جمة عَن شرح عُيُون الْمسَائِل للقفال أَخذهَا بألفاظها فِي هَذَا الشَّرْح وَرُبمَا أَتَت على سطور كَثِيرَة كَمَا قَالَ فِي الْبَحْر فِي انْعِقَاد النِّكَاح بالمكاتبة إِن الْقفال قَالَ فِي شرح عُيُون الْمسَائِل فَذكر أسطرا كَثِيرَة هِيَ بعبارتها مَوْجُودَة فِي هَذَا الشَّرْح
وَمثل هَذَا كثير فتحيرت لِأَن وجدان هَذَا الأَصْل بِخَط الْمُعَلق نَفسه يعين أَنه كَلَام الشَّيْخ أبي مُحَمَّد وَنقل الرَّوْيَانِيّ يقتضى أَنه كَلَام الْقفال وَلَعَلَّ الشَّيْخ أَبَا مُحَمَّد أملاه عَن شَيْخه الْقفال ليجتمع هَذَانِ الْأَمْرَانِ وَإِلَّا فَكيف السَّبِيل إِلَى الْجمع وَله تَفْسِير كَبِير يشْتَمل على عشرَة أَنْوَاع فِي كل آيَة وَكتاب الْمُحِيط وسنشرح خَبره
وَمن شعره يرثي بعض أصدقائه وَلم أسمع لَهُ غَيرهمَا رَحمَه الله تَعَالَى
(رَأَيْت الْعلم بكاء حَزينًا ... ونادى الْفضل واحزنا وبوسى)
(سألتهما بِذَاكَ فَقيل أودى ... أَبُو سهل مُحَمَّد بن مُوسَى)
ذكر الْبَحْث عَن حَال المُصَنّف
الَّذِي كَانَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد قد بَدَأَ فِيهِ ثمَّ رَجَعَ عَن إِتْمَامه لكَلَام أرْسلهُ إِلَيْهِ الْحَافِظ أَبُو بكر الْبَيْهَقِيّ رَحِمهم الله تَعَالَى
كَانَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد قد شرع فِي كتاب سَمَّاهُ الْمُحِيط عزم فِيهِ على عدم التقيد بِالْمذهبِ وَأَنه يقف على مورد الْأَحَادِيث لَا يعدوها ويتجنب جَانب العصبية للمذاهب فَوَقع إِلَى الْحَافِظ أبي بكر الْبَيْهَقِيّ مِنْهُ ثَلَاثَة أَجزَاء فانتقد عَلَيْهِ أوهاما حَدِيثِيَّةٌ وَبَين أَن الْآخِذ بِالْحَدِيثِ الْوَاقِف عِنْده هُوَ الشَّافِعِي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَأَن رغبته عَن الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد إِنَّمَا هِيَ لعلل فِيهَا يعرفهَا من يتقن صناعَة الْمُحدثين
فَلَمَّا وصلت الرسَالَة إِلَى الشَّيْخ أبي مُحَمَّد قَالَ هَذِه بركَة الْعلم ودعا للبيهقي وَترك إتْمَام التصنيف فرضى الله عَنْهُمَا لم يكن قصدهما غير الْحق والنصيحة للْمُسلمين وَقد حصل عِنْد الْبَيْهَقِيّ مِمَّا فعله الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد أَمر عَظِيم كَمَا يظْهر من كَلَامه فِي هَذِه الرسَالَة وَأَنا أرى أَن أسوقها بكمالها لتستفاد فَإِنَّهَا مُشْتَمِلَة على فَوَائِد مهمة ودالة على عَظِيم قدر الْبَيْهَقِيّ وفيهَا أَيْضا مَوَاضِع من كتاب الْمُحِيط انتقدها الْبَيْهَقِيّ فتستفاد أَيْضا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
ذكر صُورَة الرسَالَة الَّتِي أرسلها إِلَيْهِ الْحَافِظ الْبَيْهَقِيّ
كتب إِلَيّ أَبُو عبد الله الْحَافِظ وَخلق من مشيختنا عَن أبي الْفضل بن عَسَاكِر عَن أبي روح الْهَرَوِيّ عَن أبي المظفر بن السَّمْعَانِيّ عَن أَبِيه الْحَافِظ أبي سعد قَالَ أخبرنَا أَبُو نصر عَليّ بن مَسْعُود بن مُحَمَّد الشجاعي إِذْنا قَالَ حَدثنَا الإِمَام الْحَافِظ أَبُو بكر أَحْمد بن الْحُسَيْن الْبَيْهَقِيّ قَالَ سَلام الله وَرَحمته على الشَّيْخ الإِمَام وَإِنِّي أَحْمد إِلَيْهِ الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَحده لَا شريك لَهُ وأصلي على رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما بعد عصمنا الله بِطَاعَتِهِ وَأَكْرمنَا بالاعتصام بِسنة خيرته من بريته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأعاننا على الِاقْتِدَاء بالسلف الصَّالِحين من أمته وعافانا فِي ديننَا ودنيانا وكفانا كل هول دون الْجنَّة بفضله وَرَحمته إِنَّه وَاسع الْمَغْفِرَة وَالرَّحْمَة وَبِه التَّوْفِيق والعصمة
فقلبي للشَّيْخ أدام الله عصمته وأيد أَيَّامه مقتد ولساني لَهُ بِالْخَيرِ ذَاكر وَللَّه تَعَالَى على حسن توفيقه إِيَّاه شَاكر وَالله جلّ ثَنَاؤُهُ يزِيدهُ تَوْفِيقًا وتأييدا وتسديدا وَقد علم الشَّيْخ أدام الله توفيقه اشتغالي بِالْحَدِيثِ واجتهادي فِي طلبه مُعظم مقصودي مِنْهُ فِي الِابْتِدَاء التَّمْيِيز بَين مَا يَصح الِاحْتِجَاج بِهِ من الْأَخْبَار وَبَين مَا لَا يَصح حَتَّى رَأَيْت الْمُحدثين من أَصْحَابنَا يرسلونها فِي الْمسَائِل على مَا يحضرهم من ألفاظها من غير تَمْيِيز مِنْهُم بَين صحيحها وسقيمها ثمَّ إِذا احْتج عَلَيْهِم بعض مخالفيهم بِحَدِيث شقّ عَلَيْهِم تَأْوِيله أخذُوا فِي تَعْلِيله بِمَا وجدوه فِي كتب الْمُتَقَدِّمين من أَصْحَابنَا تقليدا وَلَو عرفوه معرفتهم لميزوا صَحِيح مَا يُوَافق أَقْوَالهم من سقيمه ولأمسكوا عَن كثير مِمَّا يحتجون بِهِ وَإِن كَانَ يُطَابق آراءهم ولاقتدوا فِي ترك الِاحْتِجَاج بِرِوَايَة الضُّعَفَاء والمجهولين بإمامهم فشرطه فِيمَن يقبل خَبره عِنْد من يعتنى بمعرفته مَشْهُور وَهُوَ بشرحه فِي كتاب الرسَالَة مسطور وَمَا ورد من الْأَخْبَار بِضعْف رِوَايَته أَو انْقِطَاع إِسْنَاده كثير وَالْعلم بِهِ على من جَاهد فِيهِ سهل يسير وَقد أحتج فِي ترك الِاحْتِجَاج بالمجهولين بِمَا أَنبأَنَا أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله الْحَافِظ قَالَ حَدثنَا أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب قَالَ حَدثنَا الرّبيع بن سُلَيْمَان قَالَ حَدثنَا الشَّافِعِي قَالَ حَدثنَا سُفْيَان عَن مُحَمَّد بن عَمْرو عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (حدثوا عَن بني إِسْرَائِيل وَلَا حرج وَحَدثُوا عني وَلَا تكذبوا عَليّ)
قَالَ الشَّافِعِي أحَاط الْعلم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يَأْمر أحدا بِحَال أَن يكذب على بني إِسْرَائِيل وَلَا على غَيرهم فَإذْ أَبَاحَ الحَدِيث عَن بني إِسْرَائِيل فَلَيْسَ أَن يقبلُوا الحَدِيث الْكَذِب على بني إِسْرَائِيل لِأَنَّهُ يرْوى عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ (من حدث بِحَدِيث وَهُوَ يرَاهُ كذبا فَهُوَ أحد الْكَاذِبين) وَإِنَّمَا أَبَاحَ قبُول ذَلِك عَمَّن حدث بِهِ مِمَّن يجهل صدقه وَكذبه
قَالَ وَإِذ فرق بَين الحَدِيث عَنهُ والْحَدِيث عَن بني إِسْرَائِيل فَقَالَ (حدثوا عني وَلَا تكذبوا عَليّ) فالعلم إِن شَاءَ الله يُحِيط أَن الْكَذِب الَّذِي نَهَاهُم عَنهُ هُوَ الْكَذِب الْخَفي وَذَلِكَ الحَدِيث عَمَّن لَا يعرف صدقه
ثمَّ حكى الشَّافِعِي فِي رد حَدِيث الضُّعَفَاء عَن ابْن عمر وَعَن عُرْوَة بن الزبير وَسعد بن إِبْرَاهِيم وَحَكَاهُ فِي كتاب الْعمريّ عَن عَطاء بن أبي رَبَاح وَطَاوُس وَابْن سِيرِين وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ ثمَّ قَالَ وَلَا لقِيت وَلَا علمت أحدا من أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ يُخَالف هَذَا الْمَذْهَب
قَالَ الشَّيْخ الْفَقِيه أَحْمد وَإِنَّمَا يُخَالِفهُ بعض من لَا يعد من أهل الحَدِيث فَيرى قبُول رِوَايَة المجهولين مَا لم يعلم مَا يُوجب رد خبرهم
وَقد قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فِي أول كتاب الطَّهَارَة حِين ذكر مَا تكون بِهِ الطَّهَارَة من المَاء وَاعْتمد فِيهِ على ظَاهر الْقُرْآن وَقد رُوِيَ فِيهِ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدِيث يُوَافق ظَاهر الْقُرْآن فِي إِسْنَاده من لَا أعرفهُ ثمَّ ذكر حَدِيثه عَن مَالك عَن صَفْوَان بن سليم عَن سعيد بن سَلمَة عَن الْمُغيرَة بن أبي بردة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْبَحْر وَعَسَى لم يخْطر ببال فَقِيه من فُقَهَاء عصرنا ريب فِي صِحَة هَذَا الحَدِيث وإمامه يَقُول فِي إِسْنَاده من لَا أعرفهُ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك لاخْتِلَاف وَقع فِي اسْم الْمُغيرَة ابْن أبي بردة ثمَّ فِي وَصله بِذكر أبي هُرَيْرَة مَعَ إِيدَاع مَالك بن أنس إِيَّاه كِتَابه الْمُوَطَّأ ومشهور فِيمَا بَين الْحفاظ أَنه لم يودعه رِوَايَة من يرغب عَنهُ إِلَّا رِوَايَة عبد الْكَرِيم أبي أُميَّة وَعَطَاء الْخُرَاسَانِي فقد رغب عَنْهُمَا غَيره وَتوقف الشَّافِعِي فِي إِيجَاب الْغسْل من غسل الْمَيِّت وَاعْتذر بِأَن بعض الْحفاظ أَدخل بَين أبي صَالح وَبَين أبي هُرَيْرَة إِسْحَاق مولى زَائِدَة وَأَنه لَا يعرفهُ وَلَعَلَّه أَن يكون ثِقَة وَتوقف فِي إِثْبَات الْوَقْت الثَّانِي لصَلَاة الْمغرب مَعَ أَحَادِيث صِحَاح رويت فِيهِ بعد إِمَامَة جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين لم يثبت عِنْده من عَدَالَة رواتها مَا يُوجب قبُول خبرهم وَكَأَنَّهُ وَقع لمُحَمد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ رَحمَه الله بعده مَا وَقع لَهُ حَتَّى لم يخرج شَيْئا من تِلْكَ الْأَحَادِيث فِي كِتَابه ووقف مُسلم بن الْحجَّاج رَحمَه الله على مَا يُوجب قبُول خبرهم ووثق بِحِفْظ من رفع الْمُخْتَلف فِي رَفعه مِنْهَا فَقبله وأخرجها فِي الصَّحِيح وَهُوَ فِي حَدِيث أبي مُوسَى وبريرة وَعبد الله بن عَمْرو
وَاحْتج الشَّافِعِي رَحمَه الله فِي كتاب أَحْكَام الْقُرْآن بِرِوَايَة عَائِشَة فِي أَن زوج بَرِيرَة كَانَ عبدا وَأَن بعض من تكلم مَعَه قَالَ لَهُ هَل تروون عَن غير عَائِشَة أَنه كَانَ عبدا قَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُعتقَة وَهِي أعلم بِهِ من غَيرهَا وَقد رُوِيَ من وَجْهَيْن قد أثبت أَنْت مَا هُوَ أَضْعَف مِنْهُمَا وَنحن إِنَّمَا نثبت مَا هُوَ أقوى مِنْهُمَا فَذكر حَدِيث عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس وَحَدِيث الْقَاسِم الْعمريّ عَن عبد الله ابْن دِينَار عَن ابْن عَمْرو أَن زوج بَرِيرَة كَانَ عبدا وَحَدِيث عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قد أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح إِلَّا أَن عِكْرِمَة مُخْتَلف فِي عَدَالَته كَانَ مَالك بن أنس رحمنا الله وإياه لَا يرضاه وَتكلم فِيهِ سعيد بن الْمسيب وَعَطَاء وَجَمَاعَة من أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ وَلذَلِك ترك مُسلم بن الْحجَّاج الِاحْتِجَاج بروايته فِي كِتَابه وَالقَاسِم الْعمريّ ضَعِيف عِنْدهم
قَالَ الشَّافِعِي لخصمه نَحن إِنَّمَا نثبت مَا هُوَ أقوى مِنْهُمَا
وَقَالَ فِي أثرين ذكرهمَا فِي كتاب الْحُدُود وَهَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ وَإِن لم يخالفانا غير معروفتين وَنحن نرجو أَلا نَكُون مِمَّن تَدعُوهُ الْحجَّة على من خَالفه إِلَى قبُول خبر من لَا يثبت خَبره بمعرفته عِنْده
وَله من هَذَا أَشْيَاء كَثِيرَة يَكْتَفِي بِأَقَلّ من هَذَا من سلك سَبِيل النصفة فَهَذَا مذْهبه فِي قبُول الْأَخْبَار وَهُوَ مَذْهَب القدماء من أهل الْآثَار
قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَضِي الله عَنهُ وَكنت أسمع رَغْبَة الشَّيْخ رَضِي الله عَنهُ فِي سَماع الحَدِيث وَالنَّظَر فِي كتب أَهله فأشكر إِلَيْهِ وأشكر الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَأَقُول فِي نَفسِي ثمَّ فِيمَا بَين النَّاس قد جَاءَ الله عز وَجل بِمن يرغب فِي الحَدِيث ويرغب فِيهِ من بَين الْفُقَهَاء ويميز فِيمَا يرويهِ ويحتج بِهِ الصَّحِيح من السقيم من جملَة الْعلمَاء وَأَرْجُو من الله أَن يحيي سنة إمامنا المطلبي فِي قبُول الْآثَار حَيْثُ أماتها أَكثر فُقَهَاء الْأَمْصَار بعد من مضى من الْأَئِمَّة الْكِبَار الَّذين جمعُوا بَين نَوْعي علمي الْفِقْه وَالْأَخْبَار ثمَّ لم يرض بَعضهم بِالْجَهْلِ بِهِ حَتَّى رَأَيْته حمل الْعَالم بِهِ بالوقوع فِيهِ والإزراء بِهِ والضحك مِنْهُ وَهُوَ مَعَ هَذَا يعظم صَاحب مذْهبه ويجله وَيَزْعُم أَنه لَا يُفَارق فِي منصوصاته قَوْله ثمَّ يدع فِي كَيْفيَّة قبُول الحَدِيث ورده طَرِيقَته وَلَا يسْلك فِيهَا سيرته لقلَّة مَعْرفَته بِمَا عرف وَكَثْرَة غفلته عَمَّا عَلَيْهِ وقف هلا نظر فِي كتبه ثمَّ اعْتبر باحتياطه فِي انتقاده لرواة خَبره واعتماده فِيمَن اشْتبهَ عَلَيْهِ حَاله على رِوَايَة غَيره فنرى سلوك مذْهبه مَعَ دلَالَة الْعقل والسمع وَاجِبا على كل من انتصب للفتيا فإمَّا أَن يجْتَهد فِي تعلمه أَو يسكت عَن الْوُقُوع فِيمَن يُعلمهُ وَلَا يجْتَمع عَلَيْهِ وزران حَيْثُ فَاتَهُ الأجران وَالله الْمُسْتَعَان وَعَلِيهِ التكلان
ثمَّ إِن بعض أَصْحَاب الشَّيْخ أدام الله عزه وَقع إِلَى هَذِه النَّاحِيَة فَعرض عَليّ أَجزَاء ثَلَاثَة مِمَّا أملاه من كِتَابه الْمُسَمّى بالمحيط فسررت بِهِ ورجوت أَن يكون الْأَمر فِيمَا يُورِدهُ من الْأَخْبَار على طَريقَة من مضى من الْأَئِمَّة الْكِبَار لائقا بِمَا خص بِهِ من علم الأَصْل وَالْفرع مُوَافقا لما ميز بِهِ من فضل الْعلم والورع فَإِذا أول حَدِيث وَقع عَلَيْهِ بَصرِي الحَدِيث الْمَرْفُوع فِي النَّهْي عَن الِاغْتِسَال بِالْمَاءِ المشمس فَقلت فِي نَفسِي يُورِدهُ ثمَّ يُضعفهُ أَو يصحح القَوْل فِيهِ فرأيته قد أمْلى وَالْخَبَر فِيهِ مَا روى مَالك عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة
فَقلت هلا قَالَ رُوِيَ عَن عَائِشَة أَو رُوِيَ عَن ابْن وهب عَن مَالك أَو رُوِيَ عَن مَالك أَو رُوِيَ عَن إِسْمَاعِيل بن عَمْرو الْكُوفِي عَن ابْن وهب عَن مَالك أَو روى خَالِد بن إِسْمَاعِيل أَو وهب بن وهب أَبُو البخْترِي عَن هِشَام بن عُرْوَة أَو روى عَمْرو بن مُحَمَّد الأعسم عَن فليح عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة ليَكُون الحَدِيث مُضَافا إِلَى مَا يَلِيق بِهِ مثل هَذِه الرِّوَايَة وَلَا يكون فِي مثل هَذَا عَن مَالك بن أنس من أَظُنهُ يبرأ إِلَى الله تَعَالَى من رِوَايَته ظنا مَقْرُونا بِعلم
ثمَّ إِنِّي رَأَيْته أدام الله عصمته أول حَدِيث التَّسْمِيَة وَضعف مَا رُوِيَ عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن فِي تَأْوِيله بِحَدِيث شهد بِهِ على الْأَعْمَش أَنه رَوَاهُ عَن شَقِيق ابْن سَلمَة عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَن تَوَضَّأ وسمى وفيمن تَوَضَّأ وَلم سم
وَهَذَا حَدِيث تفرد بِهِ يحيى بن هَاشم السمسار عَن الْأَعْمَش وَلَا يشك أحد فِي ضعفه
وَرَوَاهُ أَيْضا عبد الله بن حَكِيم أَبُو بكر الداهري عَن عَاصِم بن مُحَمَّد عَن نَافِع عَن ابْن عمر مَرْفُوعا
وَأَبُو بكر الداهري ضَعِيف لَا يحْتَج بِخَبَرِهِ
وَرُوِيَ من وَجه آخر مَجْهُول عَن أبي هُرَيْرَة وَلَا يثبت
وَحَدِيث التَّسْمِيَة قد رُوِيَ من أوجه مَا وَجه من وجوهها إِلَّا وَهُوَ مثل إِسْنَاد من أَسَانِيد مَا رُوِيَ فِي مُقَابلَته وَمَعَ ذَلِك فَأَحْمَد بن حَنْبَل رَضِي الله عَنهُ يَقُول لَا أعلم فِيهِ حَدِيثا ثَابتا
فَقلت فِي نَفسِي قد ترك الشَّيْخ حرس الله مهجته الْقَوْم فِيمَا أَحْدَثُوا من المساهلة فِي رِوَايَة الْأَحَادِيث وَأَحْسبهُ سلك هَذِه الطَّرِيقَة فِيمَا حكى لي عَنهُ من مَسحه وَجهه بيدَيْهِ فِي قنوت صَلَاة الصُّبْح وَأحسن الظَّن بِرِوَايَة من روى مسح الْوَجْه باليدين بعد الدُّعَاء مَعَ مَا أخبرنَا
أَبُو عبد الله الْحَافِظ قَالَ أخبرنَا أَبُو بكر الخراجي قَالَ حَدثنَا سَارِيَة حَدثنَا عبد الْكَرِيم السكرِي قَالَ حَدثنَا وهب بن زَمعَة أَخْبرنِي على الناسائي قَالَ سَأَلت عبد الله بن الْمُبَارك عَن الَّذِي إِذا دَعَا مسح وَجهه فَلم يجب
قَالَ عَليّ وَلم أره يفعل ذَلِك قَالَ عَليّ وَكَانَ عبد الله يقنت بعد الرُّكُوع فِي الْوتر وَكَانَ يرفع يَدَيْهِ فِي الْقُنُوت
وَأخْبرنَا أَبُو عَليّ الرُّوذَبَارِي حَدثنَا أَبُو بكر بن داسة قَالَ قَالَ أَبُو دَاوُد السجسْتانِي رُوِيَ هَذَا الحَدِيث من غير وَجه عَن مُحَمَّد بن كَعْب كلهَا واهية وَهَذَا الطَّرِيق أمثلها وَهُوَ ضَعِيف أَيْضا
يُرِيد بِهِ حَدِيث عبد الله بن يَعْقُوب عَمَّن حَدثهُ عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (سلوا الله ببطون أكفكم وَلَا تسألوه بظهورها فَإِذا فَرَغْتُمْ فامسحوا بهَا وُجُوهكُم)
وَرُوِيَ ذَلِك من أوجه أخر كلهَا أَضْعَف من رِوَايَة من رَوَاهَا عَن ابْن عَبَّاس
وَكَانَ أَحْمد بن حَنْبَل ينكرها وَحكي عَنهُ أَنه قَالَ فِي الصَّلَاة لَا وَلَا بَأْس بِهِ فِي غير الصَّلَاة
قَالَ الْفَقِيه وَهَذَا لما فِي اسْتِعْمَاله فِي الصَّلَاة من إِدْخَال عمل عَلَيْهَا لم يثبت بِهِ أثر وَقد يَدْعُو فِي آخر تشهده ثمَّ لَا يرفع يَدَيْهِ وَلَا يمسحهما بِوَجْهِهِ إِذْ لم يرد بهما أثر

فَكَذَا فِي دُعَاء الْقُنُوت يرفع يَدَيْهِ لوُرُود الْأَثر بِهِ وَلَا يمسح بهما وَجهه إِذْ لم يثبت فِيهِ أثر
وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
وَعِنْدِي أَن من سلك من الْفُقَهَاء هَذِه الطَّرِيقَة فِي المساهلة أنكر عَلَيْهِ قَوْله مَعَ كَثْرَة مَا رُوِيَ من الْأَحَادِيث فِي خِلَافه وَإِذا كَانَ هَذَا اخْتِيَاره فسبيله أدام الله توفيقه يملي فِي مثل هَذِه الْأَحَادِيث رُوِيَ عَن فلَان وَلَا يَقُول روى فلَان لِئَلَّا يكون شَاهدا على فلَان بروايته من غير ثَبت وَهُوَ إِن فعل ذَلِك وجد نَفسه مُتبعا
فقد أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ قَالَ سَمِعت أَبَا الْوَلِيد الْفَقِيه يَقُول لما سمع أَبُو عُثْمَان الْحِيرِي من أبي جَعْفَر بن حمدَان كِتَابه الْمخْرج على كتاب مُسلم كَانَ يديم النّظر فِيهِ فَكَانَ إِذا جلس للذّكر يَقُول فِي بعض مَا يذكر من الحَدِيث قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيَقُول فِي بعضه رُوِيَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فَنَظَرْنَا فَإِذا بِهِ قد حفظ مَا فِي الْكتاب حَتَّى ميز بَين صَحِيح الْأَخْبَار وسقيمها
وَأَبُو عُثْمَان الْحِيرِي يحْتَاط فِي هَذَا النَّوْع من الِاحْتِيَاط فِيمَا يُدِير من الْأَخْبَار فِي المواعظ وَفِي فَضَائِل الْأَعْمَال فَالَّذِي يديرها فِي الْفَرْض وَالنَّفْل ويحتج بهَا فِي الْحَرَام والحلال أولى بِالِاحْتِيَاطِ وأحوج إِلَيْهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
قَالَ الْفَقِيه وَقد رَأَيْت بعض من أوردت عَلَيْهِ شَيْئا من هَذِه الطَّرِيقَة فزع فِي ردهَا إِلَى اخْتِلَاف الْحفاظ فِي تَصْحِيح الْأَخْبَار وتضعيفها وَلَو عرف حَقِيقَة اخْتلَافهمْ لعلم أَن لَا فرج لَهُ فِي الِاحْتِجَاج بِهِ كَمَا لَا فرج لمن خَالَفنَا فِي أصُول الديانَات فِي الِاحْتِجَاج علينا باختلافنا فِي المجتهدات وَاخْتِلَاف الْحفاظ فِي ذَلِك لَا يُوجب رد الْجَمِيع وَلَا قبُول الْجَمِيع وَكَانَ من سَبيله أَن يعلم أَن الْأَحَادِيث المروية على ثَلَاثَة أَنْوَاع نوع اتّفق أهل الْعلم بِهِ على صِحَّته وَنَوع اتَّفقُوا على ضعفه وَنَوع اخْتلفُوا فِي ثُبُوته فبعضهم يضعف بعض رُوَاته بِجرح ظهر لَهُ وخفي على غَيره أَو لم يظْهر لَهُ من عَدَالَته مَا يُوجب قبُول خَبره وَقد ظهر لغيره أَو عرف مِنْهُ معنى يُوجب عِنْده رد خَبره وَذَلِكَ الْمَعْنى لَا يُوجِبهُ عِنْد غَيره أَو عرف أَحدهمَا عِلّة حَدِيث ظهر بهَا انْقِطَاعه أَو انْقِطَاع بعض أَلْفَاظه أَو إدراج لفظ من أَلْفَاظ من رَوَاهُ فِي مَتنه أَو دُخُول إِسْنَاد حَدِيث فِي إِسْنَاد غَيره خفيت تِلْكَ الْعلَّة على غَيره فَإِذا علم هَذَا وَعرف معنى رد من رد مِنْهُم خَبرا أَو قبُول من قبله مِنْهُم هداه الْوُقُوف عَلَيْهِ والمعرفة بِهِ إِلَى اخْتِيَار أصح الْقَوْلَيْنِ إِن شَاءَ الله
قَالَ الْفَقِيه وَكنت أدام الله عز الشَّيْخ أنظر فِي كتب بعض أَصْحَابنَا وحكايات من حكى مِنْهُم عَن الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ نصا وَأنْظر اخْتلَافهمْ فِي بَعْضهَا فيضيق قلبِي بالاختلاف مَعَ كَرَاهِيَة الْحِكَايَة من غير ثَبت فَحَمَلَنِي ذَلِك على نقل مَبْسُوط مَا اخْتَصَرَهُ الْمُزنِيّ رَحمَه الله على تَرْتِيب الْمُخْتَصر ثمَّ نظرت فِي كتاب التَّقْرِيب وَكتاب جمع الْجَوَامِع وعيون الْمسَائِل وَغَيرهَا فَلم أر أحدا مِنْهُم فِيمَا حَكَاهُ أوثق من صَاحب التَّقْرِيب وَهُوَ فِي النّصْف الأول من كِتَابه أَكثر حِكَايَة لألفاظ الشَّافِعِي مِنْهُ فِي النّصْف الْأَخير وَقد غفل فِي النصفين جَمِيعًا مَعَ اجْتِمَاع الْكتب لَهُ أَو أَكْثَرهَا وَذَهَاب بَعْضهَا فِي عصرنا عَن حِكَايَة أَلْفَاظ لَا بُد لنا من مَعْرفَتهَا لِئَلَّا نجترىء على تخطئة الْمُزنِيّ فِي بعض مَا نخطئه فِيهِ وَهُوَ عَنهُ بَرِيء ولنتخلص بهَا عَن كثير من تخريجات أَصْحَابنَا

وَمِثَال ذَلِك من الْأَجْزَاء الَّتِي رَأَيْتهَا من كتاب الْمُحِيط من أَوله إِلَى مَسْأَلَة التَّفْرِيق أَن أَكثر أَصْحَابنَا وَالشَّيْخ أدام الله عزه مَعَهم يوردون الذَّنب فِي تَسْمِيَة الْبَحْر بالمالح إِلَى أبي إِبْرَاهِيم الْمُزنِيّ ويزعمون أَنَّهَا لم تُوجد للشَّافِعِيّ رَحمَه الله تَعَالَى
قد سمي الشَّافِعِي الْبَحْر مالحا فِي كتابين
قَالَ الشَّافِعِي فِي آمالي الْحَج فِي مَسْأَلَة كَون الْمحرم فِي صيد الْبَحْر كالحلال وَالْبَحْر إِمَّا العذب وَإِمَّا المالح
قَالَ الله تَعَالَى {هَذَا عذب فرات سَائِغ شرابه وَهَذَا ملح أجاج} وَقَالَ فِي كتاب الْمَنَاسِك الْكَبِير فِي الْآيَة دَلِيل أَن الْبَحْر العذب والمالح
وَذكر الشَّيْخ أبقاه الله حَدثنَا الشَّيْخ الإِمَام أَبُو بكر رَحمَه الله أحد قولي الشَّافِعِي فِي أكل الْجلد المدبوغ على مَا بنى عَلَيْهِ ثمَّ ذكر الشَّيْخ حفظه الله تَصْحِيح القَوْل بِمَنْع الْأكل من عِنْد نَفسه بإيراد حجَّته
وَقد نَص الشَّافِعِي رَحمَه الله فِي الْقَدِيم وَفِي رِوَايَة حَرْمَلَة على مَا هداه إِلَيْهِ خاطره المتين قَالَ الزَّعْفَرَانِي قَالَ أَبُو عبد الله الشَّافِعِي فِي كَلَام ذكره يحل أَن يتَوَضَّأ فِي جلدهَا إِذا دبغ وَذَلِكَ الَّذِي أَبَاحَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُ فأبحناه كَمَا أَبَاحَهُ ونهينا عَن أكله بِحمْلِهِ أَنه من ميتَة وَلم يرخص فِي غير مَا رخص فِيهِ خَاصَّة
ثمَّ قَالَ وَلَيْسَ مَا حل لنا الِاسْتِمْتَاع بِبَعْضِه بِخَبَر بِالَّذِي يُبِيح لنا مَا نهينَا عَنهُ من ذَلِك الشَّيْء بِعَيْنِه بِخَبَر أَلا ترى أَنا لَا نعلم اخْتِلَافا فِي أَنه يحل شِرَاء الْحمر والهر والاستمتاع بهَا وَلَا يُبِيح أكلهَا وَإِنَّمَا نُبيح مَا يُبِيح ونحظر مَا حظر
وَقَالَ فِي رِوَايَة حَرْمَلَة يحل الِاسْتِمْتَاع بِهِ بِالْحَدِيثِ وَلَا يحل أكله بِأَصْل أَنه من ميتَة ورأيته أدام الله عصمته اخْتَار فِي تحلية الدَّابَّة بِالْفِضَّةِ جَوَازهَا وَأَظنهُ علم كَلَام الشَّافِعِي رَحمَه الله فِي كتاب مُخْتَصر الْبُوَيْطِيّ وَالربيع وَرِوَايَة مُوسَى بن أبي الْجَارُود حَيْثُ يَقُول وَإِن اتخذ رجل أَو أمْرَأَة آنِية من فضَّة أَو من ذهب أَو ضببا بهما آنِية أَو ركباه على مشجب أَو سرج فعلَيْهِمَا الزَّكَاة وَكَذَلِكَ اللجم والركب
هَذَا مَعَ قَوْله فِي روايتهم لَا زَكَاة فِي الْحلِيّ الْمُبَاح وَحَيْثُ لم يخص بِهِ الذَّهَب بِعَيْنِه فَالظَّاهِر أَنه أَرَادَ بِهِ كليهمَا جَمِيعًا وَإِن كَانَت الْكِنَايَة بالتذكير يحْتَمل أَن تكون رَاجِعَة إِلَى الذَّهَب دون الْفضة كَمَا قَالَ الله عز وَجل {وَالَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيل الله} فَالظَّاهِر عِنْد أَكثر أهل الْعلم أَنه أَرَادَ بِهِ كليهمَا مَعًا وَإِن كَانَت الْكِنَايَة بالتأنيث يحْتَمل أَن تكون رَاجِعَة إِلَى الْفضة دون الذَّهَب
وَقد علم الشَّيْخ أبقاه الله وُرُود التَّحْرِيم فِي الْأَوَانِي المتخذة من الذَّهَب وَالْفِضَّة عَامَّة ثمَّ وُرُود الْإِبَاحَة فِي تحلية النِّسَاء بهما وتختم الرِّجَال بِالْفِضَّةِ خَاصَّة ووقف على اخْتِلَاف الصَّدْر الأول رَضِي الله عَنْهُم فِي حلية السيوف واحتجاج كل فريق مِنْهُم لقَوْله بِخَبَر فَنحْن وَإِن رجحنا قَول من قَالَ بإباحتها بِنَوْع من وُجُوه الترجيحات ثمَّ حظرنا تحلية السَّيْف والسرير وَسَائِر الْآلَات وَلم نقسها على التَّخَتُّم بِالْفِضَّةِ وَلَا على حلية السيوف فتصحيح إِبَاحَة تحلية الدَّابَّة بِالْفِضَّةِ من غير وُرُود أثر صَحِيح مِمَّا يشق ويتعذر وَهُوَ أدام الله توفيقه أهل أَن يجْتَهد وَيتَخَيَّر
وَمَا اسْتدلَّ بِهِ من الْخَبَر بِأَن أَبَا سُفْيَان أهْدى إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعِيرًا برته من فضَّة فَغير مشتهر وَهُوَ إِن كَانَ فَلَا دلَالَة لَهُ فِي فعل أبي سُفْيَان إِذْ لم يثبت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه تَركه ثمَّ رَكبه أَو أركبه غَيره

وَإِنَّمَا الحَدِيث الْمَشْهُور عندنَا مَا رَوَاهُ مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن يسَار عَن عبد الله بن أبي نجيح عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ أهْدى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هَدِيَّة جملا لأبي جهل فِي أَنفه برة فضَّة ليغيظ بِهِ الْمُشْركين
أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ حَدثنَا أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب حَدثنَا أَحْمد بن عبد الْجَبَّار حَدثنَا يُونُس بن بكير عَن ابْن إِسْحَاق. . الحَدِيث
وَكَانَ عَليّ بن الْمَدِينِيّ يَقُول كنت أرى هَذَا من صَحِيح حَدِيث ابْن إِسْحَاق فَإِذا هُوَ قد دلسه حَدثنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن سعد عَن أَبِيه عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق قَالَ حَدثنِي من لَا أتهم عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس
فَإِذا الحَدِيث مُضْطَرب
أخبرنَا بِهَذِهِ الْحِكَايَة مُحَمَّد بن عبد الله الْحَافِظ أَخْبرنِي مُحَمَّد بن صَالح الْهَاشِمِي حَدثنَا أَبُو جَعْفَر السبيعِي حَدثنَا عبد الله بن عَليّ الْمَدِينِيّ قَالَ حَدثنِي أبي فَذكرهَا
وَقد رُوِيَ الحَدِيث عَن جرير بن حَازِم عَن ابْن أبي نجيح وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن الحكم عَن مقسم عَن ابْن عَبَّاس وَلَيْسَ بِالْقَوِيّ
وَقد أخبرنَا مُحَمَّد بن مُوسَى بن الْفضل أخبرنَا أَبُو عبد الله الصفار حَدثنَا أَحْمد ابْن مُحَمَّد البرتي القَاضِي حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمنْهَال حَدثنَا يزِيد بن زُرَيْع حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن عبد الله بن أبي نجيح عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهْدى جملا لأبي جهل يَوْم الْحُدَيْبِيَة كَانَ استلبه يَوْم بدر وَفِي أَنفه برة من ذهب

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد السجسْتانِي فِي كتاب السّنَن عَن مُحَمَّد بن الْمنْهَال برة من ذهب
أخبرنَا أَبُو عَليّ الرُّوذَبَارِي أخبرنَا أَبُو بكر بن داسة حَدثنَا أَبُو دَاوُد فَذكره وَقَالَ عَام الْحُدَيْبِيَة وَلم يذكر قصَّة بدر
وَقد أجمعنا على منع تحلية الدَّابَّة بِالذَّهَب وَلم نَدع فِيهَا ظَاهر الْكتاب بِإِيجَاب الزَّكَاة فِيهِ وعدة إِذا لم يُخرجهَا من الْكُنُوز بِهَذَا الْخَبَر وَكَذَلِكَ لَا ندعه فِي الْفضة وَلَيْسَ فِي الْخَبَر إِن ثَبت فِي الْفضة صَرِيح دلَالَة فِي الْمَسْأَلَة وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق والعصمة
وَقد حُكيَ لي عَن الشَّيْخ أدام الله عزه أَنه اخْتَار جَوَاز الْمَكْتُوبَة على الرَّاحِلَة الواقفة إِذا تمكن من الْإِتْيَان بشرائطها مَعَ مَا فِي النُّزُول للمكتوبة فِي غير شدَّة الْخَوْف من الْأَخْبَار والْآثَار الثَّابِتَة وَعدم ثُبُوت مَا رُوِيَ فِي مقابلتها دون الشَّرَائِط الَّتِي اعتبرها وَقد قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي الْإِمْلَاء وَلَا يُصَلِّي الْمُسَافِر الْمَكْتُوبَة بِحَال أبدا إِلَّا حَالا وَاحِدًا إِلَّا نازلا فِي الأَرْض أَو على مَا هُوَ ثَابت على الأَرْض لَا يَزُول بِنَفسِهِ مثل الْبسَاط والسرير والسفينة فِي الْبَحْر وَلَا يُصَلِّي
وَمن الْفَوَائِد والغرائب والمسائل عَنهُ
قَالَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد فِي كِتَابه فِي موقف الإِمَام وَالْمَأْمُوم إِن الْوَاحِد من أهل الْعلم إِذا سَأَلَ النَّاس مَالا واستجداهم وَقَالَ أَنا أطلب ذَلِك لبِنَاء مدرسة لم يكن لَهُ أَن يصرفهُ فِي غير ذَلِك وَلَا أَن يَجْعَلهَا مَسْجِدا وَلَا أَن يَجْعَلهَا ملكا لَهُ قَالَ بل الْوَاجِب الصّرْف فِي تِلْكَ الْجِهَة وَإِن جعلهَا مَسْجِدا لم تصر مَسْجِدا وَصَارَت بِنَفس الشِّرَاء مدرسة لما تقدم من النيات الْمُتَقَدّمَة وَالتَّقْيِيد السَّابِق

قَالَ وَإِنَّمَا ذكرنَا هَذَا الْجَواب عَن أصل مَنْصُوص للشَّافِعِيّ فِي بعض كتبه إِلَى أَن قَالَ وَهَذِه طَريقَة ابْن سُرَيج
انْتهى مُلَخصا
وَالْحكم بصيرورتها مدرسة من غير أَن يتَلَفَّظ بإيقافها كَذَلِك اعْتِمَادًا على النيات السَّابِقَة غَرِيب
وَأما تعين صرف المَال فِي تِلْكَ الْجِهَة فَهُوَ مَسْأَلَة أبي زيد فِيمَن أعْطى درهما وَقيل لَهُ اغسل ثَوْبك بِهِ
قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب مَا نَصه فرع قَالَ أَصْحَابنَا الْمرة نَجِسَة قَالَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد فِي كِتَابه الفروق فِي مسَائِل الْمِيَاه المرارة بِمَا فِيهَا من الْمرة نَجِسَة
انْتهى كَلَام النَّوَوِيّ
قلت الْمرة هِيَ مَا فِي بَاطِن المرارة ونجاستها هُوَ مَا ذكره فِي زِيَادَة الرَّوْضَة وَأما المرارة فَفِي الحكم بنجاستها إِشْكَال ووقفت على عبارَة الشَّيْخ أبي مُحَمَّد فِي الفروق فَلم أَجدهَا صَرِيحَة فِي ذَلِك فَإِنَّهُ قَالَ بعد مَا فرق بَين المترشح وَغَيره وَأما اللَّبن فِي الْبَاطِن فَلَيْسَ يحصل على جِهَة الترشح وَلَكِن لَهُ فِي الْبَاطِن مُجْتَمع مَعْلُوم ومستقر يسْتَقرّ فِيهِ وَمَا كَانَ من هَذَا الْجِنْس فِي الْبَاطِن فَهُوَ مَحْكُوم بِنَجَاسَتِهِ كالمرارة بِمَا فِيهَا والمثانة والمعدة إِلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ نَص الشَّرِيعَة فخالفنا فِيهِ بواطن الْقيَاس وَهُوَ لبن مَا يُؤْكَل لَحْمه
انْتهى
وَمَا أرَاهُ أَرَادَ إِلَّا مَا فِي بَاطِن المرارة من الْمرة وَمَا فِي بَاطِن المثانة والمعدة
وَقَوله المرارة بِمَا فِيهَا حِينَئِذٍ مَحْمُول على مَا فِيهَا دونهَا وَكَذَلِكَ المثانة والمعدة لَكِن رَأَيْت فِي الْبَحْر للروياني التَّصْرِيح بِأَن الْمعدة نَفسهَا نَجِسَة ذكره أثْنَاء فرع فِي أَوَائِل بَاب الْحَدث وَهُوَ أَيْضا غَرِيب

قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب مَا نَصه وَمن خطه نقلته فرع قَالَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ فِي الفروق تَوَضَّأ فَغسل الْأَعْضَاء مرّة مرّة ثمَّ عَاد فغسلها مرّة مرّة ثمَّ عَاد فغسلها كَذَلِك ثَالِثَة لم يجز
قَالَ وَلَو فعل مثل ذَلِك فِي الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق جَازَ
قَالَ وَالْفرق أَن الْوَجْه وَالْيَد متباعدان ينْفَصل حكم أَحدهمَا عَن الآخر فَيَنْبَغِي أَن يفرغ من أَحدهمَا ثمَّ ينْتَقل إِلَى الآخر وَأما الْفَم وَالْأنف فكعضو فَجَاز تطهيرهما مَعًا كاليدين
انْتهى
وَكَذَا رَأَيْته بِخَطِّهِ لم يجز وتطهيرهما وَإِنَّمَا هُوَ فِيمَا أَحسب لم يجزىء يَعْنِي عَن تأدية الغسلة الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة وَإِلَّا فَعدم الْجَوَاز لَا وَجه لَهُ وَإِن دلّ عَلَيْهِ قَوْله فِي الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق جَازَ إِلَّا أَن يُرَاد بِالْجَوَازِ تأدية السّنة أَي لم تتأد السّنة وَمَعَ ذَلِك فِيهِ نظر قد يُقَال بل يتَأَدَّى بِهِ السّنة
وَأما قَوْله فَجَاز تطهيرهما فَسبق قلم بِلَا شكّ وَمرَاده نظيرهما
وَقد رَأَيْت لفظ الفروق وَهُوَ يشْهد لما قلته وَعبارَته إِذا تَوَضَّأ فَغسل وَجهه مرّة وَيَديه مرّة وَمسح بِرَأْسِهِ مرّة وَغسل رجلَيْهِ مرّة ثمَّ عَاد فَغسل وَجهه ثَانِيَة وَيَديه ثَانِيَة إِلَى آخرهَا ثمَّ فعل ذَلِك مرّة ثَالِثَة لم يجز وَلَو أَنه تمضمض مرّة ثمَّ استنشق مرّة ثمَّ تمضمض ثَانِيَة ثمَّ استنشق ثَانِيَة وَكَذَلِكَ الثَّالِثَة كَانَ جَائِزا فِي أحد الْوَجْهَيْنِ وَالْفرق بَينهمَا أَن الْوَجْه مَعَ الْيَدَيْنِ عضوان متباعدان ينْفَصل حكم أَحدهمَا عَن الثَّانِي وَالسّنة أَن يفرغ من سنة أَحدهمَا ثمَّ ينْتَقل إِلَى الثَّانِي وَأما الْفَم وَالْأنف فهما فِي تقاربهما وتماثلهما فِي حكمهمَا كالعضو الْوَاحِد فَجَاز أَن يوضئهما مَعًا إِلَى آخر مَا ذكره
وَالشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد لَا يرى تَجْدِيد الْوضُوء حَتَّى يُؤَدِّي بِالْأولِ عبَادَة مَا فَكَأَن هَذِه الغسلة تكون تجديدا لِأَن الغسلة الرَّابِعَة الموصولة فِي حكم التَّجْدِيد

طبقات الشافعية الكبرى - تاج الدين السبكي.