محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن العمادي

تاريخ الولادة1075 هـ
تاريخ الوفاة1135 هـ
العمر60 سنة
مكان الولادةدمشق - سوريا
مكان الوفاةدمشق - سوريا
أماكن الإقامة
  • دمشق - سوريا

نبذة

محمد العمادي ابن إبراهيم بن عبد الرحمن المعروف بالعمادي الحنفي الدمشقي تقدم ذكر أخيه علي وولده حامد وكان هذا المترجم صدر الشام علامة العلماء حبراً فقيهاً فاضلاً صدراً كبيراً مهاباً عالماً محتشماً أديباً بارعاً نحريراً كاملاً ولد بدمشق في سنة خمس وسبعين وألف ونشأ في حجر أخيه.

الترجمة

محمد العماديابن إبراهيم بن عبد الرحمن المعروف بالعمادي الحنفي الدمشقي تقدم ذكر أخيه علي وولده حامد وكان هذا المترجم صدر الشام علامة العلماء حبراً فقيهاً فاضلاً صدراً كبيراً مهاباً عالماً محتشماً أديباً بارعاً نحريراً كاملاً ولد بدمشق في سنة خمس وسبعين وألف ونشأ في حجر أخيه المولى علي العمادي المفتي ومات والده وسنه أربع سنين فنشأ في رفاهية وصيانة وقرأ القرآن ثم اشتغل بطلب العلم فأخذ الحديث عن الشيخ أبي المواهب الحنبلي والفقه والنحو والمعاني والبيان عن الشيخ إبراهيم الفتال والشيخ عثمان القطان والشيخ نجم الدين الفرضي والشيخ عبد الله العجلوني نزيل دمشق وأجاز له الشيخ يحيى الشاوي المغربي والشيخ إسمعيل الحائك المفتي وعلاء الدين الحصكفي المفتي والشيخ محمد بن سليمان المغربي وبرع في الفنون وساد وتقدم وبهرت فضيلته واشتهر وعلا قدره وولي تدريس السليمانية بالميدان الأخضر بعد وفاة أخيه ثم تولى افتاء الحنفية بدمشق في أول سنة احدى وعشرين ومائة فباشرها بهمة علية ونفس ملكية ورياسة واكرام وقيام بأمور أهل العلم واهتمام ودرس بالسليمانية في كتاب الهداية وانعقدت عليه صدارة دمشق الشام وكان بهي المنظر جميل الهيئة يملأ العين جمالاً والصدر كمالاً بارعاً في النظم والانشاء له الشعر الرائق النضير فإذا نظم خلته العقود وإذا أنشأ زين الطروس بجواهره ووشي وكان معظماً مقبول الشفاعة عند الحكام والوزراء والقضاة وغيرهم وكان سمح اليد سخياً جداً وفيه يقول أحد سادحيه
يد العمادي سماء ممطر ويد ال ... عباد أرض تراها تطلب المطرا

فكم غروس أياد أنبتت فغدا ... حسن الثناء ثماراً تدهش الفكرا
وقال فيه
قلت للفضل لم علوت الثريا ... وتساميت فوق رأس العباد
قال قد شادني محمد فأسكت ... لا عجيب فإن ذاك عمادي
وترجم المترجم الأمين المحبي في ذيل نفحته وقال في وصفه عنوان الشرف الوافي وحظ النفوس من الأمل الموافي ومن طلع أسعد طالع في تمامه فتستر البدر خجلاً منه بذيل غمامه فوردت طلائع المدائح عليه تقرأ سورة الحمد إذا نظرت إليه ومحله من ناظر المجد في أماقيه ومقامه ما بين حنجرته وتراقيه ففضائله أنطقتني بما نظمته فيه من الغرر فكنت كمن قدر البحر من فرائده بعقود الدرر وقد سلم أن يشوب باله غرض لأن جواهر الأغراض عنده كلها عرض فحضرته أرجت الأرجاء بطيب شمائله وقد راض الرياض فأصبحت راضية عن صوب أنامله بحديث يمد في الآجال ومنطق مهرم البؤس ومرهم الأوجال وعهد لم يطرقه الريب وعرض لم يرن إليه العيب وأما فضله فكل فضل عنه فضول وله من الأدب أنواع تكاثرت وفصول وأنا داعيه وشاكر مساعيه فإذا رأيته رأيت القمر الزاهد وإذا دنوت منه استرقت أنفس الجواهر على أني حين أمثل لديه لا أستطيع من مهابته النظر إليه إلا المخالسة بالنظر الثاني فأعيذه بالسبع المثاني وشعره يزري بقلائد الجمان في نحور الحسان فمنه قوله من نبوية مطلعها
يا بارقاً من نحو رامة أبرقا ... حيّ العوالي واللوى والأبرقا
وأسال كراماً نازلين بطيبة ... عن قلب مضنى في حماها أوبقا
ركب النجائب حين أمّ رحابها ... صحب الفؤاد وقاده متشوقا
كم تأتني ريح الصبا من نحوها ... وأشم فيها بارقاً متألقا
وأبيت أرقبها سحيراً علها ... تسري فأعرف عرف من حل النقا
وإذا كتمت الوجد خيفة شامت ... آلت جفوني حلفة أن تنطقا
يا من سعى بالقلب ثم رمى به ... جمر التفرق محرماً عيني اللقا
وقضى بخيف مني نهايات المنى ... هلا ذكرت متيماً متحرقا
يا من تمتع مفرداً مشتاقه ... رفقاً فإني قد عهدتك مشفقا

يا رائداً للخير يقصد طيبة ... متشوقاً في سيره متأنقا
يمم حمى هذا الشفيع المرتجى ... وأسأل أنامله الغمام المغدقا
وأقر السلام مع الصلاة على الذي ... جبريل كان خديمه لما رقى

هذي الغيوث الهاطلات بجودها ... ما كل غيث في الورى متدفقا
من أخجل الكرماء لما جاءهم ... متحدياً بمفاخر لن تسبقا
فأذهب لحضرته الشريفة ضارعاً ... وأهد السلام وقل مقالاً مونقا
يا سيد الرسل الكرام ومن غدا ... لجنابه السامي نشد الأينقا
يا راحم الضعفاء نظرة رحمة ... لمعذب مضني الفؤاد تشوقا
يرجوك فضلاً أن تمن ترحما ... بشفاعة محو ذنوباً سبقا
فالعبد في سجن الآثام مقيد ... إن الكريم إذا تفضل أطلقا
أنت الملاذ إذا الذنوب تراكمت ... والغوث أنت إذا رجانا أخفقا
أنجد لعبد قد تملك قلبه ... حب الجناب وعمره ما أعتقا
هاجت له الأشواق جمرة لوعة ... في قلبه فقضت بسقم أحرقا
ما حال يوماً عن غرام صادق ... لا والذي قدما تفرّد بالبقا
إن كان يوماً بالديار مخلفاً ... فالقلب منه حيث أنتم أوثقا
أو كان قيده القضاء بجسمه ... فالشوق قد وافى لنحوك مطلقا
فاشفع لعبدك كي يزورك سيدي ... ويرى ضريحاً بالرسالة مشرقا
حيث القبول لوافد بآثامه ... والعفو عن جان أتى متملقا
من لي بلثم تراب ذياك الحمى ... أو أن أكون لعرفه متنشقا
تلك المشاهدان يفزجان بها ... يلق النجاح مع السماح محققا
مثوى حبيب قد ثوى في مهجتي ... ومقام ذي الشرف الرفيع المنتقي

هو غيثنا وغياثنا بل غوثنا ... من كل خطب في القيامة أحدقا
من جاء بالفرقان نوراً ساطعاً ... وغدا الوجود بهديه متآلقا
يا هادياً وافى بأوضح منهج ... لولاك ما عرف السبيل إلى التقى
يا ملجأ المسكين عند كروبه ... يا منجياً من هول ذنب أقلقا
يا من به طابت معالم طيبة ... وتمسكت منه بطيب أعبقا
أنت الذي ما زلت ترب نبوة ... من منذ كوّنك الآله وخلقا
العبد من خوف الجناية مشفق ... وبذيل جاهك يا شفيع تعلقا
صلى عليك الله ما ركب سرى ... نحو الحجاز وقاصداً أرض النقا
والآل والصحب الذين بحبهم ... ترجى النجاة بيوم هول أو بقا
وعلى الخصوص السيد الصدّيق من ... أضحى به نور الهداية مشرقا
ورفيقه الليث الغضنفر غوثنا ... من رأيه نص التلاوة وافقا

والصهر عثمان بن عفان الذي ... حاز الحياء مع المهابة والتقى
والشهم حيدرة الحروب مدينة ال ... علم الذي حاز السناء الأسبقا
فعليهم منى السلام محلقاً ... نحو الحجاز وبالعبير مخلقا
ما سارت الركبان نحو تهامة ... يحدو بها حادي الغرام مشوّقا
وله أيضاً
قمر تبدّى فوق غصن قوام ... ورنا يصول بناظر الآرام
وغدا لقوسي حاجبيه زاوياً ... يرمي بها نحو الورى بسهام
فتكت نصول لحاظه بقلوبنا ... فعلى الدوام تصول وهي دوامي
نحن المرامي والسهام لحاظه ... ومن العجائب أنهن مرامي
في لفظه أو لحظه لعقولنا ... خمر وسحر ما هما بحرام

ملك الجمال بحسنه وبهائه ... وبغنج لحظيه ولين قوام
ليت الزمان به لشملي جامع ... لندوم في وصل مدى الأيام
جعلت له مني الحشاشة موطناً ... لما جفاني منه طيب منامي
فعلام يطنب لائمي في حبه ... والوجد وجدي والغرام غرامي
ريح الصبا زوري حماه وبلغي ... عني السلام وعرّضي بسقامي
واستقبلي وجهاً غدا من حسنه ... قمر الدجى متستراً بغمام
واستجلى خالاً في مقبل مبسم ... أضحى لكنز الدر مسك ختام
وتأملي تلك المحاسن وانظري ... صنع الآله وحكمة الأحكام
كالورد لاح لناظر والورد طا ... ب لناشق والروح في الأجسام
وهلم إن قبل السلام فبشري ... أملي وغلا فارجعي بسلام
وله أيضاً
يا سقى الله يوم أنس بناد ... غلط الدهر لي بطيب التلاقي
لست أنساه إذ أدار علينا ... فيه أقداح خمرة الأحداق
بدر تم أبقى الكمال لّه ... الله وأعطى المحاق للعشاق
رق جسمي كالخصر منه وقلبي ... خافق مثل بنده الخفاق
يا كثير الصدود رفقاً قليلاً ... بمحب مضني من الأشواق
ذاب قلبي وقد تصعد حتى ... قطرته الجفون من آماقي
وله أيضاً مشجراً
رنا قمراً في جنح ليل من الشعر ... فلم أدر ضوء الصبح أم غرّة الفجر

جلا ورد خد مع شقيق يزينه ... عقيق شفاه فوق عقد من الدر
برى حبه عشقاً وما رق قلبه ... فياليت شعري كان قلبك من صخر
جرحت فؤادي وانطويت على الجفا ... وحكمت فيّ الحب من حيث لا أدري
لعل زماني أن يجود بقربكم ... وتسعفني الأيام فيه مدى الدهر
بليت بمن قلبي كمثل جفونه ... تساوت جميعاً في البناء على الكسر
ينفذ من لحظ لقلبي أسهماً ... ويرشق من قدّ بأمضى من السمر
وقال
غرامي سليم والفؤاد سقيم ... ودمعي نموم واللسان كتوم
وخدي من ودق الدموع مخدد ... وبين ضلوعي مقعد ومقيم
وما الدمع ماء بل فؤاد مصعد ... مذاب تقطره الجفون كليم
وقلبي لبعد الحب أصبح والهاً ... وفيه عذاب من جفاك عظيم
وجسمي عليل يشبه الخصر ناحل ... وحظي مثل الفرع منه بهيم
يلومونني في حب من لو إذا بدا ... مساء لغاب البدر وهو ذميم
فليس لشيء من جميع جوارحي ... مكان سواه والآله عليم
وقد عاب قلبي بالمحبة عاذل ... وكيف خلاصي والغرام غريم
حديث الهوى من عهد آدم قد رووا ... فمهلاً فؤادي فالبلاء قديم
ولم أنس ليلاً ضمناً بعد فرقة ... برغم عذول لام وهو لئيم
فبات وكأسي ثغره ورضابه ... مدامي إلى الأصباح وهو نديم
إلى أن شد أفوق الأراكة طائر ... وهب علينا للقبول نسيم
فقام لتوديعي وقد أودع الحشا ... بلابل شوق والفراق أليم
أيا جاعلاً مني سهام لحاظه ... وملء الحشا من مقلتيه كلوم
رويداً رعاك الله قربك جنة ... وبعدك يا رب الجمال جحيم
فقال وقد أثنى القوام تأدباً ... تصبر فإني بالوصال زعيم
وسار وقد سار الفؤاد أسيره ... ودمعي مسجوم حكته غيوم

فياليتني من قبل لم أعرف الهوى ... وياليته لا كان ذاك اليوم
وقوله
هل لقلبي من قامة قتاله ... من مجير ومقلة نباله
يالقومي من جور ظبي غرير ... بلحاظ فعل الظبا فعاله

بدر تمّ أعطى المحاق محبي ... هـ وأبقى له الآله كماله
لم أقسه بالبدر إلا ببعد ... وبصون عن ناظر أن يناله
أين للبدر قدّ خوط رطيب ... أين للبدر مقلة غزاله
قد حكاه الغزال جيداً ولحظاً ... وحكت وجهه المنير الغزاله
وغصون الرياض خرّت سجوداً ... إذ تثني بقامة مياله
لهواه كلي فؤاد وكلي ... أذن كلما سمعت مقاله
يا حبيباً تفديه روحي ويا من ... ما رأت في الدنيا عيوني مثاله
ما دموعي إلا فؤاد مذاب ... صاعد والهوى كدمعي أساله
لست أنساه إذ أشار لنحوي ... بقوام عند الوداع أماله
وكمين الغرام ثار وصبري ... حار بل راح مذ رأى ترحاله
أتمنى طعم الرقاد عساها ... مقلتي في المنام تلقى خياله
آه بل ألف آهة لغرام ... بفؤادي نيرانه شعاله
كيف أنسى أيام وصل بناد ... حط ركب السرور فيه رحاله
مع بدر يميس عجباً ويرنو ... بقوام وأعين قتاله
فسقت عهدنا البهيج عهود ... بملث كدمعتي الهطاله
ما شدت سحرة بلابل روض ... وأهاجت من مدنف بلباله
وله

هل لقلب قد هام فيك غراماً ... راحة من جفاك تشفي السقاما
يا غزالاً منه الغزالة غابت ... عندما لاح خجلة واحتشاما
وبأوراقها الغصون توارت ... منه لما انثنى وهز قواما
لك يا فاتن اللواحظ طرف ... فتكه بالقلوب فاق السهاما
عجباً من بقاء خالك في الخدّ ... ونيرانه تؤج ضراما
يا بديع الجمال يا كامل الحس ... ن ترفق بمن غدا مستهاما
هو صب ما مال عنك لواش ... نمق الزور في هواك ولاما
وله من قصيدة تخلص فيها إلى مديح الجناب الأكرم والرسوم المعظم صلى الله عليه وسلم وهي قوله
نبيّ حبيب الله فينا مشفع ... له الرتبة العلياء والنسب الغرا
تسامت على هام السماك بمجدها ... فتاهت على الجوزاء وارتفعت قدرا
أروم امتداحيه بكفء فأزدري ... له من بنات الفكر مجلوّة بكرا

لعمري ولا أرضى الدراري ولو ونت ... لأنظمها في مدحه فذر الدرّا
وما مدح المدّاح تحصر فضله ... وقطر الغوادي من يطيق لها حصرا
ولو أن ألفاً ينظمون مديحه ... لما بلغوا من قدر أفضاله العشرا
وناهيك من قد جاءنا في مديحه ... من الله آيات مدى دهرنا تقرا
وصلى الهي مع سلام على الذي ... أنال الورى فخراً يفوق على الشعرى
مدى الدهر ما غنى على الدوح ساجع ... وما أسبل المشتاق من دمعه القطرا
وكان لصاحب الترجمة غير ذلك من النظم والنثر وعلى كل حال فقد كان من أفراد الصدور أهل الفضل والجود ومن ابتهج بمحامدهم وفضائلهم الوجود ولم يزل مستمراً على طريقته المثلى إلى أن مات وكانت وفاته في جمادي الأولى سنة خمس وثلاثين ومائة وألف ودفن بتربتهم بقرب ضرائح الصحابة في الباب الصغير رحمه الله تعالى.

الثاني عشر - محمد خليل بن علي الحسيني، أبو الفضل. سلك الدرر في أعيان القرن

 

 

محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن العمادي:
مفتي الحنفية بدمشق. مولده ووفاته فيها. له اشتغال بالأدب ونظم دون الوسط، منه " قصيدة - خ " .

-الاعلام للزركلي-