مصطفى بن يوسف بن صالح البروسوي خواجه زادة

خواجة زادة مصطفى

تاريخ الولادةغير معروف
تاريخ الوفاة893 هـ
مكان الولادةبروسة - تركيا
مكان الوفاةبروسة - تركيا
أماكن الإقامة
  • بلاد الروم - بلاد الروم
  • أدرنة - تركيا
  • استانبول - تركيا
  • بروسة - تركيا

نبذة

مصطفى بن يُوسُف بن صَالح البروسوي الرومي الحنفي الْمَشْهُور بخواجه زادة عَالم الروم الْمَشْهُور بالتحقيق وجودة التَّصَوُّر والذكاء المفرط وإفحام من يناظره كَانَ وَالِده من التُّجَّار وَله ثروة عَظِيمَة فولد لَهُ صَاحب التَّرْجَمَة واشتغل بِالْعلمِ فسخط لذَلِك أَبوهُ وأبعده عَنهُ حَتَّى صَار لَا يملك إلا قَمِيصًا وَاحِدًا وَهُوَ لَا يزْدَاد فِي الْعلم الا شغفا وَرَآهُ

الترجمة

مصطفى بن يُوسُف بن صَالح البروسوي الرومي الحنفي الْمَشْهُور بخواجه زادة
عَالم الروم الْمَشْهُور بالتحقيق وجودة التَّصَوُّر والذكاء المفرط وإفحام من يناظره
كَانَ وَالِده من التُّجَّار وَله ثروة عَظِيمَة فولد لَهُ صَاحب التَّرْجَمَة واشتغل بِالْعلمِ فسخط لذَلِك أَبوهُ وأبعده عَنهُ حَتَّى صَار لَا يملك إلا قَمِيصًا وَاحِدًا وَهُوَ لَا يزْدَاد فِي الْعلم الا شغفا وَرَآهُ بعض مَشَايِخ الصُّوفِيَّة فَقَالَ لَهُ بِأَنَّهُ يكون لَهُ شَأْن عَظِيم وَإِن اخوانه الَّذين صَار وَالِده يعظمهم ويهينه سيقومون عِنْده مقَام الخدم وَالْعَبِيد وَأخذ عَن أكَابِر عُلَمَاء الروم كالعالم الْمَشْهُور بخضر بك وطبقته وبرع فِي الْعَرَبيَّة والأصولين والمعاني وَالْبَيَان وَأمره السُّلْطَان مُرَاد أَن يدرس بمدرسة بروسا وَعين لَهُ كل يَوْم عشرَة دَرَاهِم فَمَكثَ كَذَلِك سِتّ سِنِين مشتغلا بِالْعلمِ مَعَ فقر وحاجة وَحفظ هُنَالك شرح المواقف وَلما تولى السلطنة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان بن مُرَاد خَان الْمُتَقَدّم ذكره وَأظْهر الرَّغْبَة إِلَى الْعلم وَأَهله قصد الْعلمَاء حَضرته وَكَانَ صَاحب التَّرْجَمَة يُرِيد ذَلِك وَلَكِن لم يَسْتَطِيع أَن يُجهز إِلَيْهِ لشدَّة فقره وَكَانَ لَهُ خَادِم من أَبنَاء التّرْك فأقرضه ثَمَان مائَة دِرْهَم فَاشْترى بهَا فرسا لنَفسِهِ وفرسا لِخَادِمِهِ وَذهب إِلَى السُّلْطَان فَلَقِيَهُ وَهُوَ ذَاهِب من قسطنطينية إِلَى ادرنة فَلَمَّا رَآهُ الْوَزير مَحْمُود باشا قَالَ أصبت بمجئك وَقد ذكرتك عِنْد السُّلْطَان فَاذْهَبْ إِلَيْهِ فَذهب إِلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِ فَقَالَ السُّلْطَان للوزير مَحْمُود باشا من هَذَا قَالَ خواجة زادة فَرَحَّبَ السُّلْطَان بِهِ وَكَانَ عَن يَمِين السُّلْطَان وَعَن يسَاره أَعْيَان عُلَمَاء حَضرته فَجرى بَينهم الْبَحْث بِحَضْرَة السُّلْطَان فَتكلم وَصَاحب التَّرْجَمَة وأفحم جمَاعَة من الْعلمَاء الْحَاضِرين وَمَال السُّلْطَان إِلَيْهِ حَتَّى أنه بقي لَدَيْهِ بعد خُرُوج الْعلمَاء من عِنْده وَمَشى مَعَه ثمَّ إن السُّلْطَان وصل الْعلمَاء الَّذين بحثوا بِحَضْرَتِهِ بصلات وَلم يُعْط صَاحب التَّرْجَمَة مثلهم فَحصل مَعَه هم وحزن حَتَّى أَن خادمه صَار لَا يَخْدمه ويواجهه بقوله لَو كَانَ لَك علم لأكرمك السُّلْطَان كَمَا أكرمهم وَفِي بعض الْمنَازل نَام الْخَادِم فَتَوَلّى صَاحب التَّرْجَمَة خدمَة فرسه بِنَفسِهِ ثمَّ جلس حَزينًا فِي ظل شَجَرَة فَإِذا ثَلَاثَة نفر قد أَقبلُوا إِلَيْهِ من حجاب السُّلْطَان يسْأَلُون عَن خيمة خواجة زادة ويظنون أَن لَهُ خيمة كَسَائِر الأكابر فَأَشَارَ بعض النَّاس إِلَيْهِ فأنكروا ذَلِك ثمَّ جَاءُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا لَهُ أنت خواجة زادة فَقَالَ نعم فقبلوا يَده وَقَالُوا إن السُّلْطَان جعلك معلما لنَفسِهِ قَالَ فَظَنَنْت أَنهم يسخرون بي ثمَّ ضربوا هُنَالك خيمة وَقدمُوا إِلَيْهِ فرسا وعبيدا وملبوسا فاخرا وَعشرَة آلَاف دِرْهَم وَقدمُوا إِلَيْهِ فرسا مِنْهَا وَقَالُوا قُم إِلَى السُّلْطَان وَالْخَادِم الْمَذْكُور نايم فَذهب إِلَيْهِ صَاحب التَّرْجَمَة ونبهه من النوم فَقَالَ الْخَادِم خلني أنام فَقَالَ لَهُ قُم انْظُر إِلَى حالى قَالَ انى اعرف حالك دعنى فأبرم عَلَيْهِ فَقَامَ فَنظر إِلَيْهِ فَقَالَ أَي حَال هَذَا قَالَ إني صرت معلما للسُّلْطَان فَقبل الْخَادِم يَده وتضرع إِلَيْهِ وَاعْتذر فَقبل مِنْهُ وَذهب إِلَى السُّلْطَان فشرع السُّلْطَان يقْرَأ عَلَيْهِ فِي التصريف وَكتب هُوَ شرحا عَلَيْهِ وتقرب مِنْهُ غَايَة التَّقَرُّب فحسده الْوَزير وَقَالَ للسُّلْطَان إن صَاحب التَّرْجَمَة يُرِيد قَضَاء الْعَسْكَر فَقَالَ السُّلْطَان لأي شَيْء يتْرك صحبتي فَقَالَ هُوَ يُرِيد ذَلِك وَقَالَ لخواجة زادة أَمر السُّلْطَان أن تتولى قَضَاء الْعَسْكَر فَقَالَ أَنا لَا أُرِيد ذَلِك قَالَ هَكَذَا جرى الْأَمر فامتثل وَصَارَ قَاضِيا بالعسكر وَكَانَ ذَلِك بِمَنْزِلَة قَضَاء الْأَقْضِيَة فَعِنْدَ ذَلِك بلغ وَالِده أَن وَلَده قد صَار قَاضِي للعسكر فَلم يصدق فَلَمَّا تَوَاتر إِلَيْهِ الْخَبَر قدم من بروسا إِلَى أدرنة لزيارة وَلَده فَلَمَّا قرب من بَلْدَة أدرنة تَلقاهُ وَلَده وَتَبعهُ عُلَمَاء الْبَلَد وأشرافه فَلَمَّا نظر وَالِده إِلَى ذَلِك الْجمع الْعَظِيم قَالَ من هَؤُلَاءِ قَالُوا ابْنك فَنزل صَاحب التَّرْجَمَة من فرسه وَسلم على أَبِيه وأخوته وأدخلهم على السُّلْطَان وَعمل ضِيَافَة كَبِيرَة اجْتمع فِيهَا أَعْيَان المملكة وَجلسَ فِي صدر الْمجْلس وَجلسَ الأكابر على قدر مَرَاتِبهمْ وضاق الْمجْلس بِمن فِيهِ فَقَامَ أخوته مقَام الخدم فَكَانَ ذَلِك مَا تقدمت الْإِشَارَة إِلَيْهِ من ذَلِك الصُّوفِي ثمَّ درس بمدارس عدَّة وَقد اشْتهر فِي بِلَاد الروم وطار صيته وَكثر تلامذته وصنف مصنفات مِنْهَا شرح الريحانة الْمُتَقَدّم ذكره وَمِنْهَا حَاشِيَة على التَّلْوِيح وحاشية على المواقف وَلم تكمل وَكتاب التهافت وحاشية على شرح هِدَايَة الْحِكْمَة وَشرح الطوالع وَمَات فِي سنة 893 ثَلَاث وَتِسْعين وثمان مائَة وَلم يذكرهُ السخاوي فِي الضَّوْء اللامع

البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع - لمحمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني

 

مصطفى بن يوسف بن صالح البرسوي الشهير بخواجه زاده قرأ عند محمد بن اياتلوغ الأصلين والمعاني والبيان ثم وصل إلى خضر بيك وهو مدرس بسلطانية بروسا وحصل علوماً كثيرة وأعطاه السلطان مراد خان تدريس الأسدية ببروسا ولما انتهت السلطنة إلى محمد خان وشاهد العلماء رغبته في العلم ذهب إليه فجعله معلم نفسه وقرأ عليه من الزنجاني وكتب خواجه زاده شرحا عليه وله تهافت الفلاسفة وحواش على شرح المواقف وعلى شرح هداية الحكمة لمولانا زاده وحكي أن المولى على الطوسى لما ذهب إلى بلاد العجم لقي علياً القوشجي فقال له إلى أين تذهب قال إلى بلاد الروم فقال عليك بمداراة الكوسج خواجه زاده فلما قدم القوشجي استقبله علماء قسطنطينية وكان خواجه زاده قاضياً بها فذكر القوشجي ما شاهد في البحر من المد والجزر فبين خواجه زاده سبب المد والجزر ثم جري ذكر بحث السيد مع التفنازانى عدد تيمور فرجح القوشجي جانب التفتازاني فقال خواجه زاده إني قد حققت الأمر وظهر لى أن الحق مع السيد فطالع القوشجي ما كتبه فلما لقى السلطان مراد خان قال لا نظير لخواجه زاده في العجم فقال السلطان ولا في العرب وحكي أن المولي عبد الرحمن بن المؤيد لما وصل إلي خدمة الجلال الدواني قال له بأى هدية جئت إلينا قال بكتاب التهافت لخواجه زاده فطالعه وقال قد كان في فكري أن أكتب في هذا الباب كتاباً ولو كتبت قبل أن أري هذا الكتاب لأفضحت مات خواجه زاده ببروسا سنة 893 ومن تلامذته يوسف القراصوي ويوسف الكرماسنى وركن الدين محمد الشهير بزيرك زاده وقطب الدين محمد بن محمد ابن قاضي زاده وغيرهم.
(قال الجامع) طلعت تهافته فوجدته كتابا نفيساً.
الفوائد البهية في تراجم الحنفية - أبو الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي الهندي.

 

خَوَاجَهْ زادَهْ
(000 - 893 هـ = 000 - 1488 م)
مصطفى بن يوسف بن صالح البروسوي، مصلح الدين، المعروف بالمولى خواجه زاده:
قاض، من علماء الدولة العثمانية. مولده ووفاته في بروسة وإليها نسبته. تعلم وعلّم فيها، واتصل بالسلطان محمد خان فجعله معلما له، فأقرأه متن عز الدين الزنجاني في علم الصرف.
ثم عين قاضيا للعسكر في أدرنة فقاضيا بها ثم في القسطنطينية. ومات السلطان محمد فولاه السلطان بايزيد الفتوى في بروسة فاستمر الى أن توفي.
له كتاب (التهافت - ط) في المحاكمة بين تهافت الفلاسفة للغزالي وتهافت الحكماء ل أبي الوليد ابن رشد، صنفه بأمر السلطان محمد الفاتح العثماني، و (حاشية على شرح المواقف - خ) ألفها بأمر السلطان بايزيد، ولم يتمها، وحواش وشروح في الحكمة وغيرها .

-الاعلام للزركلي-

 

وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى مصلح الدّين مصطفى بن يُوسُف بن صَالح البروسوي المشتهر بَين النَّاس بالمولى خواجه زَاده نور الله تَعَالَى مرقده وَفِي أَعلَى غرف الْجنان ارقده
كَانَ وَالِده من طَائِفَة التُّجَّار وَكَانَ صَاحب ثروة عَظِيمَة وَكَانَ اولاده مترفهين فِي اللبَاس وَالْعَبِيد وَعين للْمولى خواجه زَاده فِي شبابه كل يَوْم درهما وَاحِدًا فَقَط وَكَانَ ذَلِك لاشتغاله بِالْعلمِ وَتَركه طَريقَة وَالِده وَقد سخط ابوه عَلَيْهِ لذَلِك وَفِي يَوْم من الايام اجْتمع وَالِده مَعَ الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى ولي شمس الدّين البُخَارِيّ قدس سره فَرَأى الشَّيْخ شمس الدّين الْمولى خواجه زَاده وَعَلِيهِ سوء الْحَال يجلس فِي صف النِّعَال وَعَلِيهِ ثِيَاب دنيئة وَرَأى اخوته متجملين بالثياب النفيسة مَعَ الخدم وَالْعَبِيد فَقَالَ الشَّيْخ الْمَذْكُور لوالده من هَؤُلَاءِ وَأَشَارَ الى اولاده فَقَالَ اولادي قَالَ وَمن هَذَا واشار الى الْمولى خواجه زَاده قَالَ هُوَ ايضا وَلَدي قَالَ لأي سَبَب هُوَ فِي سوء الْحَال قَالَ إِنِّي اسقطته من عَيْني لتَركه طريقتي فنصح الشَّيْخ لَهُ وَلم يُؤثر فِيهِ نصحه وَلما قَامُوا عَن الْمجْلس قَالَ الشَّيْخ للْمولى خواجه زَاده ادن مني فَدَنَا مِنْهُ فَقَالَ لَا تتأثر من سوء الْحَال فَإِن الطَّرِيق طريقك وَيكون لَك ان شَاءَ الله تَعَالَى شَأْن عَظِيم وَيقوم اخوتك عنْدك فِي مقَام الخدم وَالْعَبِيد وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى لَا يملك الا قَمِيصًا وَاحِدًا وَكَانَ لَا يقدر على اشْتِرَاء الْكتاب وَيكْتب كِتَابه بِنَفسِهِ على اوراق ضَعِيفَة لرخصها ثمَّ انه حصل الْعُلُوم ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى ابْن قَاضِي اياثلوغ وَقد مر ذكره وقرا عِنْده الاصولين والمعاني وَالْبَيَان فِي مدرسة اغراس ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى حضر بك ابْن جلال وَهُوَ مدرس سلطانية بروسه ثمَّ صَار معيدا لدرسه وَحصل عِنْده علوما كَثِيرَة وَهُوَ فِي سنّ الشَّبَاب وَكَانَ الْمولى الْمَذْكُور يُكرمهُ اكراما عَظِيما وَكَانَ يَقُول إِذا اشكلت عَليّ مسئلة لتعرض على الْعقل السَّلِيم يُرِيد بِهِ الْمولى خواجه زَاده ثمَّ ارسله الْمولى حضر بك الى السُّلْطَان مُرَاد خَان وَشهد لَهُ باستحقاقه التدريس فَقبله السُّلْطَان الا انه كَانَ مُتَوَجها الى السّفر وَأَعْطَاهُ قَضَاء كستل وَلما رَجَعَ عَن السّفر أعطَاهُ مدرسة الاسدية بِمَدِينَة بروسه وَعين لَهُ كل يَوْم عشْرين درهما فَمَكثَ هُنَاكَ سِتّ سِنِين واشتغل بِالْعلمِ مَعَ فقر وفاقه حَتَّى انه كَانَ يخْدم فِي بَيته بِنَفسِهِ وَحفظ هُنَاكَ شرح المواقف ثمَّ لما انْتَهَت السلطنة الى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وشاهدالعلماء رغبته فِي الْعلم ذَهَبُوا اليه واراد الْمولى خواجه زَاده الذّهاب اليه لَكِن مَنعه فقره عَن السّفر وَكَانَ لَهُ خَادِم من أَبنَاء التّرْك فاقترض لَهُ ثَمَانمِائَة دِرْهَم فَاشْترى بهَا فرسا لنَفسِهِ وفرسا لِخَادِمِهِ وَذهب الى السُّلْطَان ولقيه وَهُوَ ذَاهِب من قسطنطينية الى ادرنه وَلما رَآهُ الْوَزير مَحْمُود باشا قَالَ لَهُ اصبت فِي مجيئك اني ذكرتك عِنْد السُّلْطَان اذْهَبْ اليه وَعِنْده الْبَحْث فَذهب اليه وَسلم على السُّلْطَان فَقَالَ السُّلْطَان لمحمود باشا من هَذَا فَقَالَ هُوَ خواجه زَاده فَرَحَّبَ بِهِ السُّلْطَان فَإِذا فِي أحد جانبيه الْمولى زيرك وَفِي جَانِبه الاخر الْمولى سَيِّدي عَليّ فَتوجه خواجه زَاده الى جَانب سَيِّدي عَليّ وَاعْترض على الْمولى زيرك فَجرى بَينهمَا كَلَام كثير وَذهب الْمولى سَيِّدي عَليّ وَبَقِي هُوَ فِي جَانب السُّلْطَان وَكثر المباحثة وأفحم الْمولى زيرك حَتَّى قَالَ لَهُ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان كلامك لَيْسَ بِشَيْء وَذهب الْمولى زيرك وَبَقِي الْمولى خواجه زَاده عِنْد السُّلْطَان وتحدث مَعَه الى الْمنزل ثمَّ ان السُّلْطَان مُحَمَّد خَان احسن الى الْمولى سَيِّدي عَليّ والى الْمولى زيرك وَبَقِي الْمولى خواجه زَاده حَزينًا مهموما حَتَّى ان خادمه صَار لَا يَخْدمه وَيَقُول لَهُ لَو كَانَ لَك علم لأكرمك كَمَا اكرمهم وَفِي بعض الْمنَازل نَام الْخَادِم وخدم خواجه زَاده الْفرس بِنَفسِهِ ثمَّ جلس حَزينًا فِي ظلّ شَجَرَة فَإِذا ثَلَاثَة من حجاب السُّلْطَان يسْأَلُون عَن خيمة خواجه زَاده ويظنون ان لَهُ خيمة كَسَائِر الاكابر فاشار بعض النَّاس اليهم ان هَذَا الْجَالِس فِي ظلّ الشَّجَرَة هُوَ خواجه زَاده فانكروا ذَلِك ثمَّ جاؤوا وسلموا عَلَيْهِ وَقَالُوا انت خواجه زَاده قَالَ نعم قَالُوا اصحيح هَذَا قَالَ نعم قَالُوا انت مدرس الاسدية وانت الَّذِي الزمت على الْمولى زيرك قَالَ نعم فتقدموا اليه وقبلوا يَده وَقَالُوا ان السُّلْطَان جعلك معملما لنَفسِهِ قَالَ الْمولى خواجه زَاده فَظَنَنْت انهم يسخرون مني ثمَّ ضربوا هُنَاكَ خيمة فقدموا اليه طَوِيلَة فرس مَعَ عبيد والبسة فاخرة وَعشرَة الاف دِرْهَم وَالْعَبِيد اسرجوا مِنْهَا فرسا وَقَالُوا قُم الى السُّلْطَان وَالْخَادِم الْمَذْكُور نَائِم بعد فَذهب اليه الْمولى خواجه زَاده ونبهه من النّوم فَقَالَ الْخَادِم خَلِّنِي انام قَالَ قُم فَانْظُر الى حَالي قَالَ اني اعرف حالك دَعْنِي انام فابرم عَلَيْهِ فَقَامَ وَنظر الْحَال فَقَالَ أَي حَال هَذَا قَالَ اني صرت معلم السُّلْطَان فَقبل الْخَادِم يَده وتضرع اليه وَاعْتذر عَن تَقْصِيره فِي خدمته ثمَّ ان الْمولى خواجه زَاده ادى فِي ذَلِك الْوَقْت مَا عَلَيْهِ من دينه للخادم الْمَذْكُور وَهُوَ ثَمَانمِائَة دِرْهَم ثمَّ ركب الى السُّلْطَان وقرا عَلَيْهِ السُّلْطَان متن عز الدّين الزنجاني فِي التصريف وَكتب هُوَ شرحا عَلَيْهِ وتقرب عِنْده غَايَة التَّقَرُّب حَتَّى حسده الْوَزير مَحْمُود باشا وَقَالَ يَوْمًا للسُّلْطَان يُرِيد خواجه زَاده منصب قَضَاء الْعَسْكَر قَالَ لاي شَيْء يتْرك صحبتي قَالَ يُريدهُ وَقَالَ لخواجه زَاده امرك السُّلْطَان ان تصير قَاضِي الْعَسْكَر فَقَالَ انا لَا اريده قَالَ هَكَذَا جرى الامر فامتثل امْرَهْ وَصَارَ قَاضِيا بالعسكر وَكَانَ وَالِده وقتئذ فِي الْحَيَاة فَسمع ان لده صَار قَاضِيا بالعسكر فَلم يصدق وَلما تَوَاتر الْخَبَر قَامَ من بروسه الى مَدِينَة ادرنه لزيارة ابْنه فَلَمَّا قرب من ادرنه استقبله الْمولى خواجه زَاده وَتَبعهُ عُلَمَاء الْبَلَد واشرافه فَنظر وَالِده فَرَأى جمعا عَظِيما وَقَالَ من هَؤُلَاءِ قَالُوا ابْنك قَالَ ان ابْني هَل بلغ الى هَذِه الْمرتبَة قَالُوا نعم فَلَمَّا رأى الْمولى خواجه زَاده وَالِده نزل عَن فرسه وَنزل وَالِده ايضا فَقبل وَلَده وعانقه وَاعْتذر اليه عَن تَقْصِيره وَقَالَ الْمولى خواجه زَاده انك لَو اعطيتني مَالا لما بلغت الى هَذَا الجاه ثمَّ انه عرض وَالِده على السُّلْطَان واذن لَهُ فِي الدُّخُول عَلَيْهِ فَدخل هُوَ عَلَيْهِ بِهَدَايَا جزيلة وَقبل يَد السُّلْطَان ثمَّ ان الْمولى خواجه زَاده صنع ضِيَافَة عَظِيمَة لوالده وَجمع الْعلمَاء والاكابر وَجلسَ هُوَ فِي صدر الْمجْلس ووالده عِنْده وَسَائِر الاكابر جَلَسُوا على قدر مَرَاتِبهمْ وَلم يُمكن لاخوانه الْجُلُوس فِي الْمجْلس لازدحام الاكابر فَقَامُوا مقَام الخدم فَقَالَ الْمولى خواجه زَاده فِي نَفسه هَذَا مَا ذكره لي الشَّيْخ ولي شمس الدّين رَحمَه الله تَعَالَى على ذَلِك ثمَّ ان السُّلْطَان اعطاه تدريس سلطانية بروسه وَعين لَهُ كل يَوْم خمسين درهما وَحكى وَالِدي رَحمَه الله تَعَالَى عَنهُ انه قَالَ حِين كنت مدرسا بسلطانية بروسه كنت فِي سنّ ثَلَاث وَثَلَاثِينَ سنة وَلَيْسَ لي محبَّة شَيْء سوى محبَّة الْعلم وَكَانَ يفتخر بتدريس سلطانية بروسه فَوق مَا يفتخر بِقَضَاء الْعَسْكَر وَتَعْلِيم السُّلْطَان مُحَمَّد خَان قَالَ وَكَانَ لي وقتئذ مائَة ألف دِرْهَم ثمَّ ان السُّلْطَان مُحَمَّد خَان امْرَهْ بالمباحثة مَعَ الْمولى زيرك حَتَّى الزمه واعطاه مدرسته بقسطنطينية 

وَقد مر ذكره مشروحا واشتغل بِتِلْكَ الْمدرسَة اشتغالا عَظِيما وصنف هُنَاكَ كتاب التهافت بِأَمْر السُّلْطَان وَقد مر ذكره ايضا ثمَّ انه استقضي ببلدة ادرنه ثمَّ استقضي بِمَدِينَة قسطنطينية يَحْكِي وَالِدي عَن الْمولى العذاري انه قَالَ الْمُصِيبَة كل الْمُصِيبَة قبُوله الْقَضَاء اذ لَو داوم على الِاشْتِغَال الَّذِي كَانَ هُوَ عَلَيْهِ لظهر لَهُ آثَار عَظِيمَة فِي الْعلم بِحَيْثُ يتحير فِيهِ اولو الالباب ثمَّ ان السُّلْطَان مُحَمَّد خَان جعل مُحَمَّد باشا القرماني وزيرا وَكَانَ هُوَ من تلامذة الْمولى عَليّ الطوسي وَكَانَ متعصبا لذَلِك على الْمولى خواجه زَاده فَقَالَ للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان ان خواجه زَاده يشكو من هَوَاء قسطنطينية وَيَقُول قد نسيت مَا حفظت من الْعُلُوم ويمدح هَوَاء ازنيق فَقَالَ السُّلْطَان اعطيته قَضَاءَهُ مَعَ مدرسته فَذهب الى ازنيق امتثالا لامره ثمَّ ترك قَضَاءَهُ وَقَالَ انه مَانع لاشتغالي بِالْعلمِ وَبَقِي مدرسا بهَا الى ان مَاتَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان عَلَيْهِ الرَّحْمَة والرضوان وَفِي ذَلِك قَالَ بعض من تلامذته وَهُوَ المرحوم الْمولى سراج الدّين ... وُجُوه اعْتِرَاف قد عنت لَك سَيِّدي ... ويرجى عنايات وَيظْهر تعنيت
وتعطس عَن انف من الْفضل شامخ ... وَلَيْسَ يرى غير الشماتة تشميت ...
رَأَيْت هذَيْن الْبَيْتَيْنِ مكتوبين بِخَط الْمولى خواجه زَاده فِي ظهر كتاب التَّوْضِيح وَقَالَ هُنَاكَ للاخ الْفَاضِل مَوْلَانَا سراج الدّين المرحوم فِي حق الْفَقِير الحائر عِنْد معاداة الْوَزير الجائر ثمَّ ان الْمولى خواجه زَاده اتى من بَلْدَة ازنيق الى بَلْدَة قسطنطينية فِي حَيَاة الْوَزير الْمَزْبُور فَذهب اليه رَاكِبًا على بغلته وتلامذته يَمْشُونَ قدامه مِنْهُم الْمولى سراج الدّين الْمَذْكُور وَالْمولى بهاء الدّين المرحوم وَكَانَا مدرسين حِينَئِذٍ بالمدارس الثمان وَمِنْهُم الْمولى مصلح الدّين اليارحصاري وَكَانَ هُوَ مدرسا بمدرسة مُرَاد باشا بِمَدِينَة قسطنطينية فَلَمَّا رَآهُ الْوَزير بِهَذِهِ الابهة والجلال تحير واستقبله الى بَابه واجلسه مَكَانَهُ وَجلسَ هُوَ قدامه والتلامذة قائمون على اقدامهم فَتحدث مَعَه سَاعَة ثمَّ قَامَ واخذ هَؤُلَاءِ الاكابر بركابه وَمَشوا قدامه الى بَيته وتأوه الْوَزير وَقَالَ مَا قَدرنَا على كسر عرضه وَمَا علمت ان عزته بِالْعلمِ لَا بالمنصب وَكَانَ السَّبَب لمجيئه الى قسطنطينية ان الْوَزير الْمَذْكُور حرض الْمولى خطيب زَاده حَتَّى طلب المباحثة مَعَ الْمولى خواجه زَاده فَقَالَ خواجه زَاده انه يباحث اولا مَعَ تلامذتي فان غلب عَلَيْهِم يباحثني فَسمع الْمولى خطيب زَاده ذَلِك الْكَلَام فاتهمه بالاحجام عَن المباحثة وسَمعه الْمولى خواجه زَاده وارسل الى ازنيق خَادِمًا ان يَجِيء بكتبه اليه فَذهب المرحوم سِنَان باشا الى الْوَزير الْمَذْكُور فَقَالَ هَل تُرِيدُ كسر عرض خطيب زَاده قَالَ لَا قَالَ ان خواجه زَاده بعدتكميل مطالعته لَا يُمكن لَاحَدَّ ان يتَكَلَّم مَعَه فَقَالَ الْوَزير الامر هَكَذَا قَالَ نعم ثمَّ اذن للْمولى خواجه زَاده ان يذهب الى ازنيق فَلم يلبث الا قَلِيلا حَتَّى مَاتَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَجلسَ السُّلْطَان بايزيد خَان على سَرِير السلطنة فَأعْطَاهُ سلطانية بروسه وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم ثمَّ اعطاه منصب الْفَتْوَى بِمَدِينَة بروسه وَقد اخْتَلَّ رِجْلَاهُ وَيَده الْيُمْنَى وَكَانَ يكْتب الْفَتْوَى بِالْيَدِ الْيُسْرَى وَكَانَ لَا يكْتب الْفَتْوَى الا بعد النّظر فِي الْفَتَاوَى حَتَّى إِذا كررت عَلَيْهِ مسئلة وَاحِدَة كرر النّظر اليها وَكَانَ يُعلل فِي ذَلِك وَيَقُول لَو سامحت النَّفس فِيهَا لربما تسَامح فِي غَيرهَا وَكَانَ إِذا لم تُوجد مسئلة فِي الْفَتَاوَى يسْلك مَسْلَك الراي وَرُبمَا يظْهر لَهُ وُجُوه ويرجح وَاحِدًا مِنْهَا على الْبَوَاقِي قَالَ ثمَّ اني اجدتلك المسئلة فِي بعض الْكتب وَاجِد انه قد ذهب الى كل مَا لَاحَ لي من الْوُجُوه وَاحِد من الائمة وَاجِد مَا رجحته قد قيل فِيهِ وَهُوَ الاصح وَعَلِيهِ الْفَتْوَى قَالَ الْمولى الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى قلت حِين سَمِعت هَذِه الْحِكَايَة مِنْهُ ان هَذِه مرتبَة عَظِيمَة قَالَ وَلَيْسَ لي فضل على سَائِر الْعلمَاء الا بِهَذِهِ قَالَ الْمولى الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى قَرَأت عَلَيْهِ حَوَاشِي شرح الْمُخْتَصر للسيدالشريف فَلَمَّا بلغنَا الى مَبْحَث خَواص الذاتي وَكُنَّا نسْمع ان لَهُ هُنَاكَ اعتراضات على السَّيِّد الشريف قرر الْمولى تِلْكَ الاعتراضات وَمَا قَدرنَا ان نتكلم عَلَيْهَا لقوتها ثمَّ قَالَ الْمولى الْمَذْكُور وَهَذِه من الاعتراضات الَّتِي لَو كَانَ حَضْرَة الشريف فِي الْحَيَاة وعرضتها عَلَيْهِ لقبلها بِلَا توقف وَلَا اقل من الْقبُول بعدالمباحثة ثمَّ قَالَ وَلَا تَظنن من كَلَامي هَذَا اني ادعِي الْفضل على حَضْرَة الشريف اَوْ التَّسَاوِي مَعَه فحاشا ثمَّ حاشا انه استاذي فِي الْعُلُوم لقداستفدت من تصانيفه وَلَكِن كَانَ لَهُ همة صَادِقَة وَلم يتخللها سوء المزاج وَلَا المناصب الاجنبية وَلَقَد كَانَت معي تِلْكَ الهمة الصادقة وَلَكِن تخللها سوء المزاج والمناصب الْأَجْنَبِيَّة كالقضاء وَنَحْوه وَلَو لم يتخللها هَذِه لَكَانَ لي شَأْن فِي الْعلم قَالَ الْمولى الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى هَذِه عِبَارَته بِعَينهَا قَالَ وَكَانَ يَقُول مَا نظرت فِي كتاب اُحْدُ بعد تصانيف حَضْرَة الشريف بنية الاستفادة وَحكى الْمولى الْوَالِد انه قَالَ اني صَاحب اقدام واحجام قلت مَا التَّوْفِيق بَينهَا قَالَ إِذا كملت مطالعتي لَا اخاف احدا كَائِنا من كَانَ وَإِذا لم اكملها اخاف كل اُحْدُ قَالَ الْمولى الْوَالِد انه كَانَ لايتكلم بِلَا مطالعة اصلا نقل الْمولى الْوَالِد عَنهُ انه قَالَ يَوْمًا ان الْعُلُوم على ثَلَاثَة اقسام قسم مِنْهَا مَا يُمكن تَقْرِيره وتحريره وَهُوَ الْمَكْتُوب فِي المصنفات وَمِنْهَا مَا يُمكن تَقْرِيره وَلَا يجوز تحريره وَهُوَ الْجَارِي عِنْد المباحثة وَمِنْهَا مَا لايمكن تَقْرِيره وَلَا تحريره قَالَ قلت واي علم لَا يُمكن التَّعْبِير عَنهُ قَالَ مَالا يُمكن التَّعْبِير عَنهُ لدقته الا اذا حصل لَاحَدَّ تِلْكَ الْحَالة الذوقية فيتكلم مَعَه فِيهِ بالايماء والاشارة لَا بِصَرِيح الْعبارَة وَحكى عَنهُ ايضا انه قَالَ ذهبت يَوْمًا الى الْوَزير الْمَذْكُور وَجَلَست عِنْده وَفِي جَانِبه الاخر خير الدّين المهزول واراد بِهِ الْمولى خواجة خير الدّين معلم السُّلْطَان مُحَمَّد خَان قَالَ ثمَّ جَاءَ ابْن افضل الدّين فَجَلَسَ عِنْد خير الدّين وأنف ان يجلس عِنْدِي فتكدرت عَلَيْهِ لذَلِك قَالَ قَالَ ثمَّ جرى فِي الْمجْلس فضل السَّيِّد الشريف واتفقا على انه لَا يرد عَلَيْهِ اعْتِرَاض اصلا قَالَ قلت انه بشر يُمكن ان يخطيء وَلَكِن خَطؤُهُ قَلِيل قَالَ فانكرا عَليّ فَقلت انه يعْتَرض فِي شرح المواقف على الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ فِي قَوْله ان علم الْكَلَام مُحْتَاج الى الْمنطق وَيَقُول لَا يجترئ عَلَيْهِ الا فلسفي اَوْ متفلسف يلحس من فضلات الفلاسفة قَالَ وَيذكر نَفسه كَلَام الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ فِي حَوَاشِيه على شرح الْمُخْتَصر بقوله وَالْحق قَالَ قلت وَهَذَا خطأ صَرِيح قَالَ فاعترفا بِمَا نقلته عَن شرح المواقف وأنكرا مَا نقلته عَن الْحَوَاشِي الْمَذْكُورَة قَالَ قلت انه مَكْتُوب فِي نُسْخَتي فِي الصفحة الْيُمْنَى بعد اربعة اسطر وَهُوَ الان نصب عَيْني قَالَ قَالَ الْوَزير عِنْدِي الْحَوَاشِي الْمَذْكُورَة فَأمر باحضارها فاحضرت وَكَانَ غَرَضه من ذَلِك ان لَا يُوجد فِيهَا وَيظْهر افترائي على حَضْرَة الشريف قَالَ فَوجدت الْكَلَام الْمَذْكُور فِي الْحَاشِيَة فَنظر اليه فَسكت خير الدّين وَقَالَ ابْن افضل الدّين مَا فِي هَذِه الْحَاشِيَة بَيَان فِي نفس الامر وَمَا فِي شرح المواقف اعْتِرَاض قَالَ قلت انك قلت فِي نفس الامر وَمَا مَعْنَاهَا قَالَ ان لَهَا مَعْنيين قَالَ قلت قداخطأت وجهلت ان لَهَا معنى وَاحِدًا يصدق على أَمريْن وَأَنت مِمَّن لَا يفرق بَين الْمَفْهُوم وَبَين مَا صدق هُوَ عَلَيْهِ وَمَعَ ذَلِك تَدعِي الْعلم قَالَ فَسكت ابْن افضل الدّين قَالَ قَالَ الْوَزير يَا مَوْلَانَا ان فِيك لحدة قَالَ قلت نعم ان لي حِدة لَكِن على الْكَلَام الْبَاطِل قَالَ قَالَ الْوَزير أهكذا تعامل مَعَ طلبتك قَالَ قلت لَو تكلم وَاحِد مِنْهُم بِمثل هَذَا الْكَلَام الْبَاطِل لضَرَبْت بِالْكتاب على رَأسه قَالَ فَضَحِك الْوَزير ثمَّ قُمْت فَذَهَبت قَالَ الْمولى الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى أرسل سُلْطَان حُسَيْن ابْن بيقرا ملك خُرَاسَان الى السُّلْطَان بايزيد مُحَمَّد خَان لتهنئة السلطنة رَسُولا مَعَ هَدَايَا جزيلة وتحف سنية وارسل مَعَه رجلا من طلبة الْعلم بخراسان وَالْتمس من السُّلْطَان بايزيد خَان ان يَأْخُذ الاذن من الْمولى خواجه زَاده ليقرا ذَلِك الرجل عِنْده فجَاء الرجل الى الْمولى خواجه زَاده مَعَ كتاب السُّلْطَان بايزيد خَان اليه وَمَعَهُ هَدَايَا الى الْمولى خواجه زَاده فَعمل الْمولى ضِيَافَة ثمَّ أَمر لَهُ بَان يقرا حَوَاشِي شرح الْمُخْتَصر للسيدالشريف من بحث تَعْرِيف الْعلم قَالَ الْمولى الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى وَكنت انا فِي ذَلِك الدَّرْس فحضرنا مجْلِس الْمولى مَعَ ذَلِك الرجل فامرني الْمولى بِالْقِرَاءَةِ فقرات وَمَا تَكَلَّمت انا وَسَائِر الشُّرَكَاء فِي ذَلِك الْيَوْم وانما تكلم ذَلِك الرجل فَقَط وَفِي الدَّرْس الثَّانِي قرر ذَلِك الرجل اعتراضا فاجبت عَنهُ فَقبل الْمولى خواجه زَاده جوابي ثمَّ اورد اعتراضا ثَانِيًا فاجبت عَنهُ ايضا فَقبل الْمولى ايضا جوابي ثمَّ اورد اعتراضا ثَالِثا فاجبت عَنهُ ايضا وَلم يقبل الْمولى جوابي وَبعد قِرَاءَة سطرين من الْحَاشِيَة المزبورة استعاد الْمولى الْمَذْكُور جوابي الثَّالِث فاعدته فَحكم بِصِحَّتِهِ وَقَالَ هَذَا الْكَلَام من الشريف يُؤَيّد مَا ذكرته من الْجَواب فقمنا من الْمجْلس وَسمعت من ولد الْمولى ان الْمولى قَالَ فِي حَقي وَافق مطالعته مطالعتي وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى يفتخر بِهَذَا الْكَلَام مِنْهُ وَكَانَ يَقُول يَكْفِينِي هَذَا فخرا مُدَّة عمري وَسمعت من مُحَمَّد بن افلاطون كَاتب المحكمة الشَّرِيفَة ببروسه ونائبها إِنَّه جَاءَ أَمر من جناب السُّلْطَان بايزيد الى الْمولى خواجه زَاده وَهُوَ مفت بِمَدِينَة بروسه بَان يسمع دَعْوَى لوَاحِد من اهالي بروسه فَسَمعَهَا فَحكم لوَاحِد من المتخاصمين فَطلب ان يكْتب لَهُ حجَّة فدعاني وَقَالَ اكْتُبْ فِي هَذِه الْقَضِيَّة حجَّة فتحيرت لَان الْمولى كَانَ 

مَشْهُورا بِالْفَضْلِ فِي الافاق وانا دخيل فِي صناعَة الْكِتَابَة وقتئذ لَكِن امتثلت امْرَهْ واستفرغت مجهودي فِي كِتَابَة الْحجَّة وَأَنا رَاض بَان يضْرب بعض موَاضعهَا وَلَا يرد كلهَا فَذَهَبت اليه فَنظر فِي الْحجَّة وَقرأَهَا من اولها الى آخرهَا وَسكت ثمَّ قَرَأَهَا ثَانِيًا فَطلب الدواة والقلم فَقلت الان يضْرب على مَحل الْغَلَط فَأخذ الْقَلَم وتفكر سَاعَة ثمَّ قَالَ اتدري فِي أَي شَيْء اتفكر قَالَ قلت لَا قَالَ انك احسنت فِي إنْشَاء هَذِه الْحجَّة وَأَنِّي اتفكر عنوانا يُنَاسِبهَا قَالَ ابْن أفلاطون مَا فرحت بِشَيْء بعدالاسلام مثل فرحي بِهَذَا الْكَلَام مِنْهُ ثمَّ كتب الْمولى عنوان الْحجَّة نظما وَهُوَ هَذَا ... مَا هُوَ المسطور فِي طي الْكتاب ... صَحَّ عِنْدِي خَالِيا عَن ارتياب
مصطفى بن يُوسُف قد حرر ... راجيا من ربه حسن الثَّوَاب
الْمولى فِيهِ مِمَّن امْرَهْ ... نَافِذ وَالله أعلم بِالصَّوَابِ ...
قَالَ الْمولى الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى لما شاع حَوَاشِي حَاشِيَة التَّجْرِيد للْمولى خطيب زَاده طلبَهَا فاحضرناها لَهُ فطالعها وَلم تعجبه ثمَّ لما شاع حَوَاشِي الشَّرْح الْجَدِيد للتجريد للْمولى جلال الدّين الدواني طلبَهَا واحضرناها لَهُ فطالعها واعجبته وَسمعت عَن ثِقَة ان الْمولى ابْن الْمُؤَيد لما وصل الى خدمَة الْمولى الدواني قَالَ لَهُ بِأَيّ هَدِيَّة جِئْت الينا قَالَ كتاب التهافت لخواجه زَاده قَالَ ذَاك هُوَ الرجل المبروص

قَالَ قلت لَيْسَ هُوَ بمبروص قَالَ انه هُوَ مَشْهُور فِي بِلَادنَا بذلك قَالَ فَدفعت اليه الْكتاب الْمَذْكُور فطالعه مُدَّة ثمَّ قَالَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْك وَعَن مُؤَلفه قد كَانَ فِي نيتي ان اكْتُبْ فِي هَذَا الْبَاب كتابا وَلَو كتبت قبل أَن ارى هَذَا الْكتاب لافتضحت ثمَّ ان الْمولى خواجه زَاده حِين كَانَ مفتيا واختلال رجلَيْهِ وَيَده الْيُمْنَى امْرَهْ السُّلْطَان بايزيد خَان ان يكْتب حَاشِيَة على شرح المواقف فَاعْتَذر عَن ذَلِك وَقَالَ ان كلماتي على شرح المواقف أَخذهَا الْمولى حسن جلبي وَضمّهَا الى حَاشِيَته وان لي مسودة على التَّلْوِيح ان اراد السُّلْطَان ابيضها فَأمره السُّلْطَان ثَانِيًا بِأَن يكْتب حَاشِيَة على شرح المواقف فامتثل امْرَهْ فَكَانُوا يضعون شرح المواقف أَمَامه فَوق الوسائد وَينظر فِيهِ وَلَا يقدر ان ينظر فِي كتاب آخر لضعف يَده حَتَّى إِنَّه إِذا احْتَاجَ الى تقليب ورقة يتَوَقَّف الى ان يَجِيء اُحْدُ فيقلبها وَكتب الْحَاشِيَة الْمَذْكُورَة بِيَدِهِ الْيُسْرَى الى اثناء مبَاحث الْوُجُود وَعند ذَلِك توفاه الله تَعَالَى وَوصل الى رَحمته وَبقيت الْحَاشِيَة مسودة ثمَّ اخرجها الى الْبيَاض الْمولى بهاء الدّين من تلامذته فَلَمَّا اتم تبييضها مَاتَ هُوَ ايضا وَمن غرائب الِاتِّفَاق انه وَقع آخر كلمة من تِلْكَ الْحَاشِيَة كلمة لَا يتم الْمَطْلُوب توفّي رَحمَه الله تَعَالَى بِمَدِينَة بروسه وَهُوَ مفت بهَا فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَدفن فِي جوَار السَّيِّد البُخَارِيّ قدس سره الْعَزِيز وَله من المصنفات كتاب التهافت وحواشي شرح المواقف وحواش على شرح هِدَايَة الْحِكْمَة لمولانا زَاده يَحْكِي وَالِدي عَنهُ اني مَا قصدت تأليف هَذِه الْحَاشِيَة وانما قَرَأَ عَليّ الشَّرْح الْمَذْكُور ابو بكر جلبي وَهُوَ أَخُو احْمَد باشا ابْن ولي الدّين وَكنت اكْتُبْ مَا ظهر لي فِي مطالعتي على ورقة وادفعها اليه وَهُوَ نظم تِلْكَ يضْرب بعض موَاضعهَا وَلَا يرد كلهَا فَذَهَبت اليه فَنظر فِي الْحجَّة وَقرأَهَا من اولها الى آخرهَا وَسكت ثمَّ قَرَأَهَا ثَانِيًا فَطلب الدواة والقلم فَقلت الان يضْرب على مَحل الْغَلَط فَأخذ الْقَلَم وتفكر سَاعَة ثمَّ قَالَ اتدري فِي أَي شَيْء اتفكر قَالَ قلت لَا قَالَ انك احسنت فِي إنْشَاء هَذِه الْحجَّة وَأَنِّي اتفكر عنوانا يُنَاسِبهَا قَالَ ابْن أفلاطون مَا فرحت بِشَيْء بعدالاسلام مثل فرحي بِهَذَا الْكَلَام مِنْهُ ثمَّ كتب الْمولى عنوان الْحجَّة نظما وَهُوَ هَذَا ... مَا هُوَ المسطور فِي طي الْكتاب ... صَحَّ عِنْدِي خَالِيا عَن ارتياب
مصطفى بن يُوسُف قد حرر ... راجيا من ربه حسن الثَّوَاب
الْمولى فِيهِ مِمَّن امْرَهْ ... نَافِذ وَالله أعلم بِالصَّوَابِ ...
قَالَ الْمولى الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى لما شاع حَوَاشِي حَاشِيَة التَّجْرِيد للْمولى خطيب زَاده طلبَهَا فاحضرناها لَهُ فطالعها وَلم تعجبه ثمَّ لما شاع حَوَاشِي الشَّرْح الْجَدِيد للتجريد للْمولى جلال الدّين الدواني طلبَهَا واحضرناها لَهُ فطالعها واعجبته وَسمعت عَن ثِقَة ان الْمولى ابْن الْمُؤَيد لما وصل الى خدمَة الْمولى الدواني قَالَ لَهُ بِأَيّ هَدِيَّة جِئْت الينا قَالَ كتاب التهافت لخواجه زَاده قَالَ ذَاك هُوَ الرجل المبروص

قَالَ قلت لَيْسَ هُوَ بمبروص قَالَ انه هُوَ مَشْهُور فِي بِلَادنَا بذلك قَالَ فَدفعت اليه الْكتاب الْمَذْكُور فطالعه مُدَّة ثمَّ قَالَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْك وَعَن مُؤَلفه قد كَانَ فِي نيتي ان اكْتُبْ فِي هَذَا الْبَاب كتابا وَلَو كتبت قبل أَن ارى هَذَا الْكتاب لافتضحت ثمَّ ان الْمولى خواجه زَاده حِين كَانَ مفتيا واختلال رجلَيْهِ وَيَده الْيُمْنَى امْرَهْ السُّلْطَان بايزيد خَان ان يكْتب حَاشِيَة على شرح المواقف فَاعْتَذر عَن ذَلِك وَقَالَ ان كلماتي على شرح المواقف أَخذهَا الْمولى حسن جلبي وَضمّهَا الى حَاشِيَته وان لي مسودة على التَّلْوِيح ان اراد السُّلْطَان ابيضها فَأمره السُّلْطَان ثَانِيًا بِأَن يكْتب حَاشِيَة على شرح المواقف فامتثل امْرَهْ فَكَانُوا يضعون شرح المواقف أَمَامه فَوق الوسائد وَينظر فِيهِ وَلَا يقدر ان ينظر فِي كتاب آخر لضعف يَده حَتَّى إِنَّه إِذا احْتَاجَ الى تقليب ورقة يتَوَقَّف الى ان يَجِيء اُحْدُ فيقلبها وَكتب الْحَاشِيَة الْمَذْكُورَة بِيَدِهِ الْيُسْرَى الى اثناء مبَاحث الْوُجُود وَعند ذَلِك توفاه الله تَعَالَى وَوصل الى رَحمته وَبقيت الْحَاشِيَة مسودة ثمَّ اخرجها الى الْبيَاض الْمولى بهاء الدّين من تلامذته فَلَمَّا اتم تبييضها مَاتَ هُوَ ايضا وَمن غرائب الِاتِّفَاق انه وَقع آخر كلمة من تِلْكَ الْحَاشِيَة كلمة لَا يتم الْمَطْلُوب توفّي رَحمَه الله تَعَالَى بِمَدِينَة بروسه وَهُوَ مفت بهَا فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَدفن فِي جوَار السَّيِّد البُخَارِيّ قدس سره الْعَزِيز وَله من المصنفات كتاب التهافت وحواشي شرح المواقف وحواش على شرح هِدَايَة الْحِكْمَة لمولانا زَاده يَحْكِي وَالِدي عَنهُ اني مَا قصدت تأليف هَذِه الْحَاشِيَة وانما قَرَأَ عَليّ الشَّرْح الْمَذْكُور ابو بكر جلبي وَهُوَ أَخُو احْمَد باشا ابْن ولي الدّين وَكنت اكْتُبْ مَا ظهر لي فِي مطالعتي على ورقة وادفعها اليه وَهُوَ نظم تِلْكَ الاوراق كنظم السبحة قَالَ الْمولى الْوَالِد هَذِه عِبَارَته وَله شرح للطوالع لكنه بَقِي فِي المسودة وحواش على التَّلْوِيح بقيت ايضا فِي المسودة وَله غير ذَلِك من المسودات لَكِنَّهَا بعد وَفَاته تَفَرَّقت ايادي سبا ... فجزء حوته الدبور ... وجزء حوته الصِّبَا ...
وَخلف ابْنَيْنِ اسْم الاكبر مِنْهُمَا شيخ مُحَمَّد صَار هُوَ مدرسا فِي حَيَاة ابيه بمدرسة جنديك بِمَدِينَة بروسه وَضم اليها قَضَاء كسكل كته ثمَّ ترك التدريس وَالْقَضَاء فِي حَيَاة وَالِده وَرغب فِي التصوف واتصل بِخِدْمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ حاجي خَليفَة من طَريقَة المذينية ثمَّ ذهب مَعَ بعض مُلُوك الْعَجم الى بِلَاد الْعَجم وَتُوفِّي هُنَاكَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ اَوْ ثَلَاث وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى رَحمَه وَاسِعَة محققا مدققا يحل المباحث الغامضة بِقُوَّة فكرته وَكَانَ مشاركا فِي الْعُلُوم كلهَا وَكَانَ لَهُ اخْتِصَاص بالعلوم الْعَقْلِيَّة وَاسم الاصغر مِنْهُمَا عبد الله كَانَ طَالبا للْعلم ومشتغلا بِهِ وَكَانَ صَاحب ذكاء وفطنة وطلاقة لِسَان وجراءة جنان مَاتَ وَهُوَ شَاب قَالَ الْمولى الْوَالِد لَو عَاشَ هُوَ لَكَانَ لَهُ شَأْن عَظِيم فِي الْعلم روح الله تَعَالَى أَرْوَاحهم وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْكَامِل الْفَاضِل الْمولى شمس الدّين احْمَد بن مُوسَى الشهير بالخيالي
كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما عَاملا فَاضلا تقيا نقيا زاهدا متورعا وَكَانَ ابوه قَاضِيا قَرَأَ عِنْده بعض الْعُلُوم ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى حضربك جلبي وَهُوَ مدرس بسلطانية بروسه وَصَارَ معيد الدرسه ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ انْتقل الى مدرسة فلبه وَكَانَ لَهُ كل يَوْم ثَلَاثُونَ درهما وَكَانَ الْمولى ابْن الْحَاج حسن فِي ذَلِك الْوَقْت قَاضِيا بِمَدِينَة كليبولي فَأخذ لَهُ الْوَزير مَحْمُود باشا من السُّلْطَان مُحَمَّد خَان مرادية بروسه فحسده الْمولى الخيالي على ذَلِك وَكتب الى الْوَزير مَحْمُود باشا كتابا وارسله اليه واورد فِيهِ هذَيْن الْبَيْتَيْنِ لنَفسِهِ ... اعجوبة فِي آخر الايام ... تبديك صِحَة ظفرة النظام
وَفَسَاد آراء الْحَكِيم لانها ... فِي الان قطع مَسَافَة الاعوام ...
وَلما قَرَأَ الْوَزير مَحْمُود باشا هذَيْن الْبَيْتَيْنِ قَالَ ان الْمولى لَا يعرف هَذَا الرجل وَهُوَ مُسْتَحقّ لذَلِك ثمَّ ان الْمولى تَاج الدّين المشتهر بِابْن الْخَطِيب لما توفّي بازنيق وَهُوَ مدرس بهَا عرضه الْوَزير مَحْمُود باشا فتأسف عَلَيْهِ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان تأسفا عَظِيما ثمَّ قَالَ للوزير الْمَزْبُور اطلب مَكَانَهُ رجلا فَاضلا شَابًّا مهتما بالاشتغال فتبادر ذهن الْوَزير الى الْمولى الخيالي لَكِن لم يتَكَلَّم فِي ذَلِك الْمجْلس ثمَّ عرض الْمولى الخيالي فِي مجْلِس آخر فَقَالَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان الْيَسْ هُوَ الَّذِي كتب الْحَوَاشِي على شرح العقائد وَذكر فِيهَا اسْمك قَالَ نعم هُوَ ذَلِك قَالَ انه مُسْتَحقّ لذَلِك فاعطاه الْمدرسَة لمذكورة وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة وَثَلَاثِينَ درهما فَلَمَّا جَاءَ الى قسطنطينية لم يقبل الْمدرسَة لانه قد تهَيَّأ لِلْحَجِّ فأبرم عَلَيْهِ الْوَزير مَحْمُود باشا فَقَالَ ان اعطيتني وزارتك واعطى السُّلْطَان سلطنته لَا أترك هَذَا السِّرّ فَعرض الْوَزير مَحْمُود باشا على السُّلْطَان فَقَالَ هلا ابرمت عَلَيْهِ قَالَ ابرمت وَقَالَ ان اعطيتني وزارتك لَا أترك هَذَا السّفر وَلم يذكر السُّلْطَان استحياء من السلاطين فَحزن لذَلِك السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَأمر ان يدرس معيده فِي تِلْكَ الْمدرسَة الى ان يرجع هُوَ من الْحجاز وَلما رَجَعَ من الْحَج صَار مدرسا بهَا وَلم يلبث الا سِنِين قَليلَة حَتَّى مَاتَ وَكَانَ سنه وقتئذ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سنة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى مشتغلا بِالْعلمِ وَالْعِبَادَة لَا يَنْفَكّ عَنْهُمَا سَاعَة وَكَانَ يَأْكُل فِي كل يَوْم وَلَيْلَة مرّة وَاحِدَة ويكتفي بالاقل وَكَانَ نحيفا فِي الْغَايَة حَتَّى رُوِيَ انه كَانَ يحلق سبابته وابهامه وَيدخل فِيهَا يَده الى ان يَنْتَهِي الى عضده وَحكى الْمولى غياث الدّين اني لازمته مِقْدَار سنتَيْن وقرات عَلَيْهِ فِي بَلْدَة ازنيق وَلم اره فَرح وَلَا ضحك وَكَانَ دَائِم الصمت مشتغلا بِالْعبَادَة وملاحظة دقائق الْعُلُوم وَكَانَ لَا يتَكَلَّم الا عِنْد مبَاحث الْعُلُوم وَقد اجْتمع يَوْمًا مَعَ الْمولى خواجه زَاده فِي الْجَامِع وباحث مَعَه فغلب عَلَيْهِ فَلَمَّا رَجَعَ الى بَيته قَالَ لَهُ بعض الْحَاضِرين الْيَوْم غلبت على خواجه زَاده فَقَالَ اني مَا زلت اضْرِب على راس ابْن صَالح الْبَخِيل وَكَانَ يلقب جد الْمولى خواجه زَاده بذلك قَالَ الرَّاوِي مَا رَأَيْت ضحكه الا فِي هَذِه السَّاعَة يحْكى ان الْمولى خواجه زَاده مَا نَام على الْفراش قطّ الى ان مَاتَ الْمولى الخيالي خوفًا مِنْهُ لفضله وَقَالَ بعد وَفَاته انا استلقي بعد ذَلِك على ظَهْري وَكَانَ الشَّيْخ عبد الرحيم المرزيغوني خَليفَة الشَّيْخ زين الدّين الخافي لقن الْمولى الخيالي كلمة الذّكر بالجامع الْجَدِيد بادرنه رَأَيْته مَكْتُوبًا بِخَطِّهِ على ظهر بعض كتبه الَّتِي بِخَطِّهِ وَهُوَ كتاب التَّلْوِيح وَله من المصنفات حواش على شرح العقائد النسفية سلك فِيهَا مَسْلَك الايجاز يمْتَحن بِهِ الاذكياء من الطلاب وَهِي مَقْبُولَة بَين الْخَواص وشهرتها تغني عَن مدحها وحواش على اوائل حَاشِيَة التَّجْرِيد وَله شرح لنظم العقائد لاستاذه الْمولى حضر بك وَلَقَد أَجَاد فِيهِ واحسن وَرَأَيْت بِخَطِّهِ كتاب التَّلْوِيح وَكتب فِي حَوَاشِيه كثيرا من كَلِمَاته الشَّرِيفَة وَرَأَيْت ايضا بِخَطِّهِ تَفْسِير القَاضِي الْبَيْضَاوِيّ وَكتب على حَوَاشِيه كثيرا من افكاره اللطيفة طيب الله تَعَالَى مهجعه وَنور مضجعه

الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية - المؤلف: عصام الدين طاشْكُبْري زَادَهْ.