عبد الباقي بن عبد الرحمن بن محمد الدمشقي
ابن مغيزل
تاريخ الولادة | 1060 هـ |
تاريخ الوفاة | 1139 هـ |
العمر | 79 سنة |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
السيد عبد الباقي بن عبد الرحمن بن محمد المعروف بابن مغيزل الشافعي الدمشقي الشريف لأمه لكون والدته ابنة السيد السند موسى الصمادي الامام العالم الفاضل البارع النحوي المفنن ولد في حدود الستين بعد الألف واشتغل بطلب العلم بعد أن تأهل لذلك فأخذ الفقه عن الشيخ محمد العيسى والشيخ علي الكاملي والحديث عن الشيخ أبي المواهب والنحو عن الشيخ نجم الدين الفرضي والمعاني والبيان عن الشيخ إبراهيم الفتال وأصول الدين عن الشيخ يحيى الشاوي المغربي وبرع وساد ودرس في الجامع الأموي في فنون من العلم وعكف عليه الطلبة للاستفادة وكان فصيحاً ذكياً ومن محاسنه إنه كانت له منقبة عجيبة ماتت بموته وهي إنه كان إذا حضر في محضر فيه أحد من أهل العلم ذكر في التفسير مبحثاً من تفسير البيضاوي أو تفسير الزمخشري أو مبحثاً في الفقه أو في المعاني والبيان أو في معنى بيت شعر فينتشر البحث ويستفيد غالب الحاضرين ممن يكون من طلبة العلم أو يكون له فهم وذلك مع الأدب والانصاف والتواضع منه ويسلم المجلس من لغو الكلام والغيبة ويحمده على ذلك أهل الديانة من الحاضرين وينقبض منه من كان بخلاف ذلك فتنبعث همم غالب الحاضرين من أهل العلم على مراجعة تلك المسئلة التي ألقاها والمسائل التي جرها البحث في كتب العلم فمن فوائده إن من العطف نوعاً يسمى العطف التلقيني وهو إن تعطف جملة على جملة ويختلف قائلهما ويكون المتكلم بالجملة الثانية مذعناً لمضمون الجملة الأولى كقوله تعالى قال إني جاعلك للناس اماماً قال ومن ذريتي وذكره الشيخ خالد في باب العطف من شرح التوضيح ومن فوائده إن الأكبار من أسماء الحيض وقد ذكر بعض المفسرين في أكبرنه من قوله تعالى في سورة يوسف فلما رأيته أكبرنه إنه بمعنى حضن على الحذف والإيصال أي أكبرن منه وفوائد المترجم كثيرة ولولا الاطالة لذكرت منها شيأً كثيراً وكان ديناً مواظباً على حضور الجماعات بالجامع الأموي وعيادة المرضى وشهود الجنائز وترجمة الأديب السيد الأمين المحبي في نفحته وذكر له من شعره وقالفي وصفه من الزمرة الأولى من أخلائي ومن به أشرق في أبان رونقه وجه اجتلائي فاستهليت أنا وإياه العيش بدرياً وهززت غصن اللذات غصناً طرياً في زمان عيون سعوده روان والآمال فيه دوان ما بين بكر وعوان لم يتعد فيه أرضي عن أرضه ولم نأل فيه من القيام بنفل الود وفرضه ولم يتنسم أحدنا أخاء الأهب الآخر معه رخاء وهو ممن خلصت ذاته خلوص الذهب على اللهب وتميزت بما أحرزته من نسب شريف وحسب ونشب تليد ومكتسب شمر في الطلب عن ساق وأبدى بدائع حسن واتساق وله براعة تعرب عن لسان ذليق وذهن متوقد يزينه وجه طليق وفضل يستغني عن المدح وشعر يعلم الحمامة الصدح قد استخرجت له ما هو كالروض المعطار تضحك ثغور نواره عن بكاء الأمطار انتهى ما قاله ومن لطائف الأمين تنكيته عليه بقوله وشعر يعلم الحمامة الصدح وقد أشار إلى نكتة وهي أن والد المترجم كان يلبس الثياب البيض فكان يلقب بالحمامة فأشار الأمين بذكر الحمامة إلى هذا اللقب وهذا التنكيت حسن بخلاف الأديب الشيخ سعيد السمان فإنه قل إن يأتي في تراجمه بمثل ذلك بل غالب تراجمه قدح ظاهر كما هو مسطر في تراجمه التي ذكرتها في هذا الكتاب فراجعه إن شئت ومن شعر المترجم قوله
أواه من ذلك الخشف الذي سنحا ... من أكسب المستهام المبتلي برحا
لم أنس إذ مر مختالاً بقرطقه ... من دونه ذلك القد الذي رجحا
يزور لحظاً بطرف زانه حور ... فكم طريح على فرش الضنى طرحا
وكم دواعي الهوى من كل جارحة ... تستخبر القلب عنا آية جنحا
قال الأمين وبعث إلي بهذه الأبيات وكان وافاني ولم يجدني في بيتي
يا ماجداً حاز السيادة يافعاً ... وغدا بأثواب البراعة يرتدي
من مذكري عهد الشبيبة والصبا ... والعيش مع وصل الحسان الخرد
كم مرة قد جئت نحو حماكم ... كي أن أفوز برؤية الوجه الندي
فلسوء حظي لم تجدكم مقلتي ... فرجعت من ذاك الحمى صفر اليد
فكتبت إليه
مولاي من دون الأنام وسيدي ... بلغتني بالسعي أسنى سؤدد
وافيتني والبيت مني مقفر ... من سوء حظي والزمان الأنكد
هي عادة الأيام أرجو صاحباً ... فيصده قدر علي بمرصد
وإذا أبيت فتى وعفت دنوه ... الفيته نفسي يروح ويغتدي
وللمترجم
كلما رمت خلاصاً من هوى ... ظبي أنس حبة القلب ملك
قال لي حسن حواه كم له ... من شج مثلك ملقى في الفلك
وقوله
قلت إذ جاء صاحبي ... يشتكي حرقة النوى
كيف شكواك إننا ... كلنا في الهوى سوا
وهذا المصراع قد أكثر الناس من تضمينه وأشهر تضامينه قول بعضهم
قل لمن جاء يشتكي ... باهتمام من الهوى
لأتفه بالذي جرى ... كلنا في الهوى سوا
قال الأمين وأنشدته يوماً قولي معمياً باسم موفق
من ولاة الجمال سلطان حسن ... حكمته القلوب فازداد عجبه
حد للقلب مذ سما حد سر ... نازل في حشاه ما راق حبه
قال فحله وحلاه فقلت أخاطبه
مولاي يا حلال كل مشكل ... بفمه ورأيه السديد
أفديك مذ حليت ما عميته ... حليت قلبي وفمي وجيدي
فقال هذا يشبه قول العفيف
قد قلت لما أدار شداً ... بخصره يا مهفهف القد
حليت قلبي وعقد صبري ... وعاطل الخصر منك بالشد
وطالما جال في خلدي من أي نوع هذا من أنواع البديع فقلت له قد ذكر البدر الدماميني في حاشيته على شرح لامية العجم إنه نوع من الاستخدام وأنشد منه قول ابن نباتة
رشفتها في مكان خلوتها ... وجيد الحسن ثم قد جمعا
حلت مذاقاً ومشرباً وفماً ... والجيد والشعر والصفات معا
وفيه استعمال كلمة واحدة على ستة معان وقدم إن مثل هذا لم ينصوا عليه في الاستخدام انتهى وكتب إليه الأمين المذكور يستدعيه إلى منتزه بالشرف الأعلى بدمشق في يوم شرف الشمس سيدي النفس خضراً والربيع أخضر وأنا شريف وأنت شريف فما علينا أن نهجر المألف والمربع ويجمع بين هذه الفصول الأربع في زمن تعتدل فيه الطباع وتقف عليه الخواطر والأسماع فانهض لنكون ألفين ولك الأعلى من الشرفين في يوم حل به شرف الشمس واتدلت الحواس الخمس فهناك أنشدك باللسان مع موافقة الجوارح والجنان
لم لا أتيه في العلا ... على جميع السلف
والسيد الشريف قد ... شرفني في الشرف
وكانت وفاة المترجم في ذي الحجة سنة تسع وثلاثين ومائة وألف رحمه الله تعالى ورثاه الأديب الشيخ سعيد السمان بقصيدة مطلعها
مصاب لقد عم الأنام عظيم ... وخطب على مر الزمان يدوم
ورزء تكل اللسن عن شرح وصفه ... وفي القلب منه مقعد ومقيم
الا لا رعى الله الفراق ويومه ... لقد عاد صبري منه وهو هزيم
وتباً لدهر لا تزال صروفه ... لتكدير أوقات السرور تروم
أرتنا بوقع الحادثات عجائباً ... يشيب لهن الطفل وهو فطيم
فحاذر ولا تغتر يوماً بصفوه ... فما هو الا للأنام هموم
فكيف وقد حلت أكف صروفه ... من المجد وسط العقد وهو نظيم
همام حوى الأفضال والحلم والتقى ... لسؤدده بدر الفخار خديم
هو الجهبذ النقاد والصدر كهفنا ... وحيد السجايا والخلال كريم
فيا حر قلبي كيف يلتذ بعده ... وأطلب عيشاً ناعماً وأسوم
ويا لهف نفسي كيف أصبح في الثرى ... وقد كان شمساً والكرام نجوم
سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر - محمد خليل بن علي الحسيني، أبو الفضل.