محمد بن إسماعيل بن صلاح بن محمد الكحلاني الأمير
الأمير محمد
تاريخ الولادة | 1099 هـ |
تاريخ الوفاة | 1182 هـ |
العمر | 83 سنة |
مكان الولادة | كحلان - اليمن |
مكان الوفاة | صنعاء - اليمن |
أماكن الإقامة |
|
- أحمد بن اسحاق بن إبراهيم بن أحمد بن الحسن
- الحسين بن عبد القادر بن علي
- يحيى بن محمد بن علي بن صلاح الحوثي
- يوسف بن الحسين بن أحمد الحسني اليمني الصنعاني "زبارة الهادوى"
- إسحاق بن يوسف بن إسماعيل بن قاسم بن محمد الحسني
- الحسن بن إسحاق بن المهدي أحمد بن الحسن الحسني
- إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن المهدي أحمد الصنعاني
- الحسين بن يحيى بن إبراهيم الديلمي الذماري
- أحمد بن صالح بن محمد بن أحمد الصنعاني "ابن ابي الرجال"
- أحمد بن حسين الهبل
- عبد القادر بن أحمد بن عبد القادر بن الناصر "الكوكباني"
- محمد بن حسين حوتي الصنعاني
- عبد الوهاب بن محمد سداد
- عبد الله بن محيى الدين العراسي
نبذة
الترجمة
السَّيِّد مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن صَلَاح بن مُحَمَّد بن علي بن حفظ الدَّين بن شرف الدَّين بن صَلَاح بن الْحسن بن المهدي بن مُحَمَّد بن ادريس بن على ابْن مُحَمَّد بن احْمَد بن يحيى بن حَمْزَة بن سُلَيْمَان بن حَمْزَة بن الْحسن بن عبد الرَّحْمَن بن يحيى بن عبد الله بن الْحُسَيْن بن الْقَاسِم بن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل ابْن إِبْرَاهِيم بن الْحسن بن الْحسن بن علي بن أَبى طَالب رضي الله عَنْهُم
الكحلاني ثمَّ الصنعاني الْمَعْرُوف بالأمير الإِمَام الْكَبِير الْمُجْتَهد الْمُطلق صَاحب التصانيف ولد لَيْلَة الْجُمُعَة نصف جُمَادَى الْآخِرَة سنة 1099 تسع وَتِسْعين وَألف بكحلان ثمَّ انْتقل مَعَ وَالِده إِلَى مَدِينَة صنعاء سنة 1107 وَأخذ عَن علمائها كالسيد الْعَلامَة زيد بن مُحَمَّد بن الْحسن وَالسَّيِّد الْعَلامَة صَلَاح بن الْحُسَيْن الاخفش وَالسَّيِّد الْعَلامَة عبد الله بن علي الْوَزير والقاضي الْعَلامَة عَليّ بن مُحَمَّد العنسي ورحل إِلَى مَكَّة وَقَرَأَ الحَدِيث على أكَابِر علمائها وعلماء الْمَدِينَة وبرع فِي جَمِيع الْعُلُوم وفَاق الأقران وَتفرد برئاسة الْعلم فِي صنعاء وَتظهر بِالِاجْتِهَادِ وَعمل بالأدلة وَنَفر عَن التَّقْلِيد وزيف مَالا دَلِيل عَلَيْهِ من الآراء الْفِقْهِيَّة وَجَرت لَهُ مَعَ أهل عصره خطوب ومحن مِنْهَا فِي أَيَّام المتَوَكل على الله الْقَاسِم بن الْحُسَيْن ثمَّ فِي أَيَّام وَلَده الإِمَام الْمَنْصُور بِاللَّه الْحُسَيْن بن الْقَاسِم ثمَّ فِي أَيَّام وَلَده الإِمَام المهدى الْعَبَّاس بن الْحُسَيْن وَتجمع الْعَوام لقَتله مرة بعد أُخْرَى وَحفظه الله من كيدهم ومكرهم وَكَفاهُ شرهم وولاه الإِمَام الْمَنْصُور بِاللَّه الخطابة بِجَامِع صنعاء فاستمر كَذَلِك إِلَى أَيَّام وَلَده الإِمَام المهدي وَاتفقَ فِي بعض الْجمع أنه لم يذكر الْأَئِمَّة الَّذين جرت الْعَادة بذكرهم فِي الْخطْبَة الْأُخْرَى فثار عَلَيْهِ جمَاعَة من آل الإِمَام الَّذين لَا أنسة لَهُم بِالْعلمِ وعضدهم جمَاعَة من الْعَوام وتواعدوا فِيمَا بَينهم على قَتله فِي الْمِنْبَر يَوْم الْجُمُعَة الْمُقبلَة وَكَانَ من أعظم المحشدين لذَلِك السَّيِّد يُوسُف العجمى الإمامى القادم فِي أَيَّام الإِمَام الْمَنْصُور بِاللَّه والمدرس بِحَضْرَتِهِ فَبلغ الإِمَام المهدي مَا قد وَقع التواطأ عَلَيْهِ فَأرْسل لجَماعَة من أكابر آل الإِمَام وسجنهم وَأرْسل لصَاحب التَّرْجَمَة أَيْضا وسجنه وَأمر من يطرد السَّيِّد يُوسُف الْمَذْكُور حَتَّى يُخرجهُ من الديار اليمنية فَكنت عِنْد ذَلِك الْفِتْنَة وبقي صَاحب التَّرْجَمَة نَحْو شَهْرَيْن ثمَّ خرج من السجْن وَولى الخطابة غَيره وَاسْتمرّ ناشرا للْعلم تدريسا وإفتاء وتصنيفا وَمَا زَالَ فِي محن من أهل عصره وَكَانَت الْعَامَّة ترميه بِالنّصب مستدلين على ذَلِك بِكَوْنِهِ عاكفا على الْأُمَّهَات وَسَائِر كتب الحَدِيث عَاملا بِمَا فِيهَا وَمن صنع هَذَا الصنع رمته الْعَامَّة بذلك لَا سِيمَا إِذا تظهر بِفعل شئ من سنَن الصَّلَاة كرفع الْيَدَيْنِ وضمهما وَنَحْو ذَلِك فَإِنَّهُم ينفرون عَنهُ ويعادونه وَلَا يُقِيمُونَ لَهُ وزنا مَعَ أَنهم فِي جَمِيع هَذِه الديار منتسبون إِلَى الإِمَام زيد بن علي وَهُوَ من الْقَائِلين بمشروعية الرّفْع وَالضَّم وَكَذَلِكَ مَا زَالَ الْأَئِمَّة من الزيدية يقرأون كتب الحَدِيث الْأُمَّهَات وَغَيرهَا مُنْذُ خرجت إِلَى الْيمن ونقلوها فِي مصنفاتهم الأولى فَالْأول لَا يُنكره إِلَّا جَاهِل أَو متجاهل وَلَيْسَ الذَّنب فِي معاداة من كَانَ كَذَلِك للعامة الَّذين لَا تعلق لَهُم بشئ من المعارف العلمية فَإِنَّهُم اتِّبَاع كل ناعق إِذا قَالَ لَهُم من لَهُ هَيْئَة أهل الْعلم إن هَذَا الْأَمر حق قَالُوا حق وَإِن قَالَ بَاطِل قَالُوا بَاطِل إِنَّمَا الذَّنب لجَماعَة قرأوا شَيْئا من كتب الْفِقْه وَلم يمعنوا فِيهَا وَلَا عرفُوا غَيرهَا فظنوا لقصورهم أَن الْمُخَالفَة لشئ مِنْهَا مُخَالفَة للشريعة بل الْقطعِي من قطعياتها مَعَ أَنهم يقرأون فِي تِلْكَ الْكتب مُخَالفَة أكَابِر الْأَئِمَّة وأصاغرهم لما هُوَ مُخْتَار لمصنفها وَلَكِن لَا يعْقلُونَ حَقِيقَة وَلَا يَهْتَدُونَ إِلَى طَريقَة بل إِذا بلغ بعض معاصريهم إِلَى رُتْبَة الاجتهاد وَخَالف شَيْئا بِاجْتِهَادِهِ جَعَلُوهُ خَارِجا عَن الدَّين وَالْغَالِب عَلَيْهِم أن ذَلِك لَيْسَ لمقاصد دينية بل لمنافع دنيوية تظهر لمن تأملها وهي أَن يشيع فِي النَّاس أَن من أنكر على أكَابِر الْعلمَاء مَا خَالف الْمَذْهَب من اجتهاداتهم كَانَ من خلص الشِّيعَة الذابين عَن مَذْهَب الْآل وَتَكون تِلْكَ الشُّهْرَة مفيدة فِي الْغَالِب لشئ من مَنَافِع الدُّنْيَا وفوائدها فَلَا يزالون قَائِمين وثائرين فِي تخطئة أكَابِر الْعلمَاء ورميهم بِالنّصب وَمُخَالفَة أهل الْبَيْت فَتسمع ذَلِك الْعَامَّة فتظنه حَقًا وتعظم ذَلِك الْمُنكر لِأَنَّهُ قد نفق على عقولها صدق قَوْله وظنوه من المحامين عَن مَذْهَب الْأَئِمَّة وَلَو كشفوا عَن الْحَقِيقَة لوجدوا ذَلِك الْمُنكر هُوَ الْمُخَالف لمَذْهَب الْأَئِمَّة من أهل الْبَيْت بل الْخَارِج عَن إجماعهم لأَنهم جَمِيعًا حرمُوا التَّقْلِيد على من بلغ رُتْبَة الِاجْتِهَاد وأوجبوا عَلَيْهِ أَن يجْتَهد رأي نَفسه وَلم يخصوا ذَلِك بمسئلة دون مسئلة وَلَكِن المتعصب أعمى والمقصر لَا يهتدي إِلَى صَوَاب وَلَا يخرج عَن معتقده إِلَّا إِذا كَانَ من ذوى الْأَلْبَاب مَعَ أَن مسئلة تَحْرِيم التَّقْلِيد على الْمُجْتَهد هِيَ محررة فِي الْكتب الَّتِى هى مدارس صغَار الطّلبَة فضلا عَن كبارهم بل هي فِي أول بحث من مباحثها يتلقنها الصبيان وهم فِي الْمكتب وَمن جملَة مَا اتفق لصَاحب التَّرْجَمَة من الامتحانات أَنه لما شاع فِي الْعَامَّة ماشاع عَنهُ بلغ ذَلِك أهل جبل برط من ذوي مُحَمَّد وذوي حُسَيْن وهم إِذْ ذَاك جَمْرَة الْيمن الَّذين لَا يقوم لَهُم قَائِم فَاجْتمع أكابرهم وَمن أعظم رُؤَسَائِهِمْ حسن بن مُحَمَّد العنسي البرطي وَخَرجُوا على الإِمَام المهدي فِي جيوش عَظِيمَة ووصلت مِنْهُم الْكتب أَنهم خارجون لنصرة الْمَذْهَب وَأَن صَاحب التَّرْجَمَة قد كَاد يهدمه وَأَن الإِمَام مساعد لَهُ على ذَلِك فترسل عَلَيْهِم الْعلمَاء الَّذين لَهُم خبْرَة بِالْحَقِّ وَأَهله ورتبة فِي الْعلم فَمَا أَفَادَ ذَلِك وَآخر الْأَمر جعل لَهُم الإِمَام زِيَادَة فِي مقرراتهم قيل أَنَّهَا نَحْو عشْرين ألف قِرْش فِي كل عَام فعادوا إِلَى دِيَارهمْ وَتركُوا الْخُرُوج لِأَنَّهُ لَا مطمع لَهُم فِي غير الدُّنْيَا وَلَا يعْرفُونَ من الدَّين إِلَّا رسوما بل يخالفون مَا هُوَ من القطعيات كَقطع مِيرَاث النِّسَاء والتحاكم إِلَى الطاغوت وَاسْتِحْلَال الدِّمَاء وَالْأَمْوَال وَلَيْسوا من الدَّين فِي ورد وَلَا صدر وَمن محن الدُّنْيَا أَن هَؤُلَاءِ الأشرار يدْخلُونَ صنعاء لمقررات لَهُم فِي كل سنة ويجتمع مِنْهُم ألوف مؤلفة فَإِذا رَأَوْا من يعْمل بِاجْتِهَادِهِ فِي الصَّلَاة كَأَن يرفع يَدَيْهِ أَو يضمها إِلَى صَدره أَو يتورك أَنْكَرُوا ذَلِك عَلَيْهِ وَقد تحدث بِسَبَب ذَلِك فتْنَة ويتجمعون ويذهبون إِلَى الْمَسَاجِد الَّتِى تقْرَأ فِيهَا كتب الحَدِيث على عَالم من الْعلمَاء فيثيرون الْفِتَن وكل ذَلِك بِسَبَب شياطين الْفُقَهَاء الَّذين قدمنَا ذكرهم وَأما هَؤُلَاءِ الْأَعْرَاب الجفاة فأكثرهم لَا يصلي وَلَا يَصُوم وَلَا يقوم من فروض الْإِسْلَام سوى الشَّهَادَتَيْنِ على مَا فِي لَفظه بهما من عوج وَاتفقَ فِي شهر الذي حررت فِيهِ التَّرْجَمَة أَنه دخل جمَاعَة مِنْهُم وَفِيهِمْ عجب وتيه واستخفاف بِأَهْل صنعاء على عَادَتهم وَقد كَانُوا نهبوا فِي الطرقات فوصلوا إِلَى بَاب مَوْلَانَا الإِمَام حفظه الله فَرَأى رجل بقرة لَهُ مَعَهم فرام أَخذهَا فسل من هِيَ مَعَه من أهل بكيل السِّلَاح على ذَلِك الذي رام أَخذ بقرته فثار عَلَيْهِم أهل صنعاء الَّذين كَانُوا مُجْتَمعين فِي بَاب الْخَلِيفَة وهم جمَاعَة قَلِيلُونَ من الْعَوام وَهَؤُلَاء نَحْو أربعمائة فَوَقع الرَّجْم لهَؤُلَاء من الْعَامَّة ثمَّ بعد ذَلِك أخذُوا مَا مَعَهم من الْجمال الَّتِى يملكونها وَكَذَلِكَ سَائِر دوابهم فضلا عَن الدَّوَابّ الَّتِى نهبوها على الْمُسلمين وَأكْثر بنادقهم وَسَائِر سِلَاحهمْ وَقتلُوا مِنْهُم نَحْو أَرْبَعَة أنفار أَو زِيَادَة وجنوا على جمَاعَة مِنْهُم وَمَا وسعهم إلا الْفِرَار إِلَى الْمَسَاجِد وَإِلَى محلات قَضَاء الْحَاجة وَلَوْلَا أَن الْخَلِيفَة بَادر بزجر الْعَامَّة عِنْد ثوران الْفِتْنَة لما تركُوا مِنْهُم أحد فصاروا الْآن فِي ذلة عَظِيمَة زادهم الله ذلة وقلل عَددهمْ وَقد كَانَ كثر اتِّبَاع صَاحب التَّرْجَمَة من الْخَاصَّة والعامة وعملو بِاجْتِهَادِهِ وتظهروا بذلك وقرأوا عَلَيْهِ كتب الحَدِيث وَفهم جمَاعَة من الأجناد بل كَانَ الإِمَام المهدي يُعجبهُ التظهر بذلك وَكَذَلِكَ وزيره الْكَبِير الْفَقِيه أَحْمد بن علي النهمي وأميره الْكَبِير الماس المهدي وَمَا زَالَ ناشرا لذَلِك فِي الْخَاصَّة والعامة غير مبال بِمَا يتوعده بِهِ المخالفون لَهُ وَوَقعت فِي أثناء ذَلِك فتن كبار وَقَاه الله شَرها وَله مصنفات جليلة حافلة مِنْهَا سبل السَّلَام اخْتَصَرَهُ من الْبَدْر التَّمام للمغربي وَمِنْهَا منحة الْغفار جعلهَا حَاشِيَة على ضوء النَّهَار للجلال وَمِنْهَا الْعدة جعلهَا حَاشِيَة على شرح الْعُمْدَة لِابْنِ دَقِيق الْعِيد وَمِنْهَا شرح الْجَامِع الصَّغِير للأسيوطي فِي أَرْبَعَة مجلدات شَرحه قبل أَن يقف على شرح المناوي
وَمِنْهَا شرح التَّنْقِيح فِي عُلُوم الحَدِيث للسَّيِّد الإِمَام مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْوَزير وَسَماهُ التَّوْضِيح وَمِنْهَا منظومة الكافل لِابْنِ مهْرَان فِي الْأُصُول وَشَرحهَا شرحا مُفِيدا وَله مصنفات غير هَذِه وَقد أفرد كثيرا من الْمسَائِل بالتصنيف بِمَا يكون جَمِيعه فِي مجلدات وَله شعر فصيح منسجم جمعه وَلَده الْعَلامَة عبد الله بن مُحَمَّد فِي مُجَلد وغالبه فِي المباحث العلمية والتوجع من أَبنَاء عصره والردود عَلَيْهِم وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ من الْأَئِمَّة المجددين لمعالم الدَّين وَقد رَأَيْته فِي الْمَنَام فِي سنة 1206 وَهُوَ يمشي رَاجِلا وَأَنا رَاكب فِي جمَاعَة معي فَلَمَّا رَأَيْته نزلت وسلمت عَلَيْهِ فدار بيني وَبَينه كَلَام حفظت مِنْهُ أَنه قَالَ دقق الْإِسْنَاد وتأنق فِي تَفْسِير كَلَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فخطر ببالي عِنْد ذَلِك أَنه يُشِير إِلَى مَا أصنعه فِي قِرَاءَة البخاري فِي الْجَامِع وَكَانَ يحضر تِلْكَ الْقِرَاءَة جمَاعَة من الْعلمَاء ويجتمع من الْعَوام عَالم لَا يُحصونَ فَكنت فِي بعض الْأَوْقَات أفسر الْأَلْفَاظ الحديثية بِمَا يفهم أُولَئِكَ الْعَوام الْحَاضِرُونَ فَأَرَدْت أَن أَقُول لَهُ إِنَّه يحضر جمَاعَة لَا يفهمون بعض الْأَلْفَاظ الْعَرَبيَّة فبادر وَقَالَ قبل أَن أَتكَلّم قد علمت أَنه يقْرَأ عَلَيْك جمَاعَة وَفِيهِمْ عَامَّة وَلَكِن دقق الْإِسْنَاد وتأنق فِي تَفْسِير كَلَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ سَأَلته عِنْد ذَلِك عَن أهل الحَدِيث مَا حَالهم فِي الْآخِرَة فَقَالَ بلغُوا بِحَدِيثِهِمْ الْجنَّة أَو بلغُوا بِحَدِيثِهِمْ بَين يدي الرَّحْمَن الشَّك مني ثمَّ بَكَى بكاء عَالِيا وضمني إِلَيْهِ وفارقني فقصصت ذَلِك على بعض من لَهُ يَد فِي التَّعْبِير وَسَأَلته عَن تَأْوِيل الْبكاء وللضم فَقَالَ لَا بُد أَن يجري لَك شَيْء مِمَّا جرى لَهُ من الامتحان فَوَقع من ذَلِك بعد تِلْكَ الرُّؤْيَا عجائب وغرائب كفى الله شَرها وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة 1182 اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَة وَألف فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَالِث شهر شعْبَان مِنْهَا ونظم بَعضهم تَارِيخه فَكَانَ هَكَذَا مُحَمَّد فِي جنان الْخلد قد وصلا ورثاه شعراء الْعَصْر وتأسفوا عَلَيْهِ وَله تلامذة نبلاء عُلَمَاء مجتهدون مِنْهُم شَيخنَا السَّيِّد الْعَلامَة عبد الْقَادِر بن أَحْمد والقاضي الْعَلامَة أَحْمد بن مُحَمَّد قاطن والقاضي الْعَلامَة احْمَد بن صَالح بن أَبى الرِّجَال وَالسَّيِّد الْعَلامَة الْحسن بن إسحاق بن المهدي وَالسَّيِّد الْعَلامَة مُحَمَّد بن إسحاق بن المهدي وَقد تقدمت تراجمهم وَغَيرهم مِمَّا لَا يُحِيط بهم الْحصْر ووالده كَانَ من الْفُضَلَاء الزاهدين فِي الدُّنْيَا الراغبين فِي الْعَمَل وَله عرفان تَامّ وَشعر جيد
وَمَات فِي ثَالِث شهر ذي الْحجَّة سنة 1142 اثنتين وَأَرْبَعين وَمِائَة وَألف وَكَانَ وَلَده صَاحب التَّرْجَمَة إِذْ ذَاك بشهارة
البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع - لمحمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني
الصنعاني: محمد بن إسماعيل بن صلاح بن محمد بن علي الكحلاني الصنعاني، الأمير وتسمّى أسرته بآل الأمير،يرجع نسبه إلى الإمام الحسن بن على (رضي الله عنهما)، توفي سنة(1182)، صاحب المؤلفات الكثيرة، منها سبل السلام شرح بلوغ المرام. ينظر: في مقدمة كتاب سبل السلام بتحقيق محمد عبد العزيز الخولي، دار إحياء التراث العربي ،بيروت،ط4(1397).
محمد بن إسماعيل بن صلاح بن محمد الحسني، الكحلاني ثم الصنعاني، أبو إبراهيم، عز الدين، المعروف كأسلافه بالأمير:
مجتهد، من بيت الإمامة في اليمن. يلقب (المؤيد باللَّه) ابن المتوكل على الله. أصيب بمحن كثيرة من الجهلاء والعوام. له نحو مئة مؤلف، ذكر صديق حسن خان أن أكثرها عنده (في الهند) . ولد بمدينة كحلان، ونشأ وتوفي بصنعاء. من كتبه (توضيح الأفكار، شرح تنقيح الأنظار - ط) مجلدان في مصطلح الحديث، و (سبل السلام، شرح بلوغ المرام من أدلة الأحكام لابن حجر العسقلاني - ط) و (منحة الغفار) حاشية على ضوء النهار، و (إسبال المطر على قصب السكر) و (المسائل المرضية في بيان اتفاق أهل السنة والزيدية - خ) في مكتبة عبيد بدمشق، مع ردّ عليه باسم (السيوف المنضية على زخارف المسائل المرضية) و (اليواقيت، في المواقيت - خ) في مكتبة عمر سميط بتريم، رسالة، و (الروض النضير) في الخطب، و (إرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد - ط) و (شرح الجامع الصغير للسيوطي) أربع مجلدات، و (تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد - ط) رسالة، و (الرد على من قال بوحدة الوجود) و (ديوان شعر - ط) .
-الاعلام للزركلي-
السيد محمد بنُ إسماعيلَ بنِ صلاح، الأميرُ الكحلانيُّ، ثم الصنعانيُّ.
قال في "البدر الطالع": الإمام الكبير، المجتهد المطلق، ولد سنة 1099 بكحلان، ثم انتقل مع والده إلى مدينة صنعاء، وأخذ عن علمائها، ورحل إلى مكة، وقرأ الحديث على أكابر علمائها، وعلماء المدينة، وبرع في جميع العلوم، وفاق الأقران، وتفرد برئاسة العلم في صنعاء، وتظهر بالاجتهاد، وعمل بالأدلة، ونفر عن التقليد، وزيف ما لا دليل عليه من الآراء الفقهية، وجرت له مع أهل عصره خطوب ومحن، وحفظه الله من كيدهم ومكرهم، وكفاه شَرَّهم، وولاه الإمام المنصور الخطابة بجامع صنعاء، واستمر ناشرًا للعلم تدريسًا وإفتاء وتصنيفًا، وكانت العامة ترميه بالنصب، مستدلين على ذلك بكونه عاكفًا على الأمهات، وسائر كتب الحديث، عاملاً بما فيها، ومن صنع هذا الصنعَ، رمته العامة بذلك، ولا سيما إذا تظهر بفعل شيء من سنن الصلاة؛ كرفع اليدين وضمهما، ونحو ذلك؛ فإنهم ينفرون عنه، ويعادونه، ولا يقيمون له وزنًا، وليس الذنب معاداة لمن كان كذلك للعامة الذين لا تعلق لهم بشيء من المعارف العلمية، فإنهم أتباع كل ناعق، إذا قال لهم مَنْ له هيئةُ أهلِ العلم: إن هذا الأمر حق، قالوا: حق، وإن قال: باطل، قالوا: باطل، إنما الذنب لجماعة قرؤوا شيئًا من كتب الفقه، ولم يمعنوا فيها، ولا عرفوا غيرها، فظنوا - لقصورهم - أن المخالفة لشيء منها مخالفة للشريعة، بل لقطعي من قطعياتها، مع أنهم يقرؤون في تلك الكتب مخالفة أكابر الأئمة وأصاغرهم لما هو مختار لمصنفها، ولكن لا يعقلون حقيقة، ولا يهتدون إلى طريقة، بل إذا بلغ بعض معاصريهم إلى رتبة الاجتهاد، وخالف شيئًا باجتهاده، جعلوه خارجًا عن الدين، والغالب عليهم أن ذلك ليس لمقاصد دينية، بل لمنافع دنيوية تظهر لمن تأملها، وهي أن يشيع في الناس أن من أنكر على أكابر العلماء ما خالف المذهب من اجتهاداتهم، كان من خلص الشيعة، أو تكون تلك الشهرة مفيدة في الغالب لشيء من منافع الدنيا وفوائدها، فلا يزالون قائمين وثائرين في تخطئة أكابر العلماء، ورميهم بالنصب، ومخالفة أهل البيت، فتسمع ذلك العامة، فتظنه حقًا، وتعظم ذلك المنكر؛ لأنه قد نفق على عقولها صدقُ قوله، وظنوه من المحامين عن مذاهب الأئمة، ولو كشفوا عن الحقيقة، لوجدوا ذلك المنكر هو المخالف لمذهب الأئمة من أهل البيت، بل الخارج عن إجماعهم؛ لأنهم جميعًا حرموا التقليد على من بلغ رتبة الاجتهاد، وأوجبوا عليه أن يجتهد رأي نفسه، ولم يخصوا ذلك بمسألة دون مسألة، ولكن المتعصب أعمى، والمقصر لا يهتدي إلى الصواب، ولا يخرج عن معتقده إلا إذا كان من ذوي الألباب، مع أن مسألة تحريم التقليد على المجتهد هي محررة في الكتب التي هي [في] مدارس صغار الطلبة، فضلاً عن كبارهم.
قال: وقد كان كثيرٌ [من] أتباع صاحب الترجمة من الخاصة والعامة، وعملوا باجتهاده، وتظهروا بذلك، وقرؤوا عليه كتب الحديث، وما زال ناشرًا لذلك في الخاصة والعامة، غيرَ مُبال بما يتوعده به المخالفون له، ووقعت في خلال أثناء ذلك فتن كبار وقاه الله شرها، وله مصنفات حافلة جليلة، منها: "سبل السلام" اختصره من "البدر التمام" للمغربي، ومنها: "منحة الغفار" جعلها حاشية على "ضوء النهار" للجلال، ومنها: "العدة" جعلها حاشية على "شرح العمدة" لابن دقيق العيد، ومنها: شرح التنقيح في علوم الحديث". قال: وله مصنفات غير هذا، وقد أفرد كثيرًا من المسائل بالتصنيف بما يكون جمعه في مجلدات، وله شعر فصيح منسجم، وغالبه في المباحث العلمية، والتوجع من أبناء عصره والردود عليهم. وبالجملة: فهو من الأئمة المجددين لمعالم الدين. وقد رأيته في المنام في سنة 1206 وهو يمشي راجلا وأنا راكب في جماعة معي، فلما رأيته، نزلت فسلمت عليه، فدار بيني وبينه كلام حفظت منه، قال لي: دقق الإسناد، وتأنق في تفسير كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فخطر ببالي عند ذلك أنه يشير إلى ما أصنعه في قراءة "البخاري" في الجامع، وكان يحضر تلك القراءة جماعة من العلماء، ويجتمع من العوام عالَم لا يُحْصَون، فكنت في بعض الأوقات أفسر الألفاظ الحديثية بما يفهمه أولئك العوام الحاضرون. فاردت أن أقول: إنه يحضر جماعة لا يفهمون بعض الألفاظ العربية، فبادرني، وقال قبل أن أتكلم: قد علمتُ أنه يقرأ عليك جماعة، وفيهم عامة، ولكن دقق الإسناد، وتأنق في تفسير كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم سألته عند ذلك عن أهل الحديث ما حالهم في الآخرة؟ فقال: بلغوا بحديثهم الجنة، أو بلغوا بحديثهم بين يدي الرحمن، - الشك مني -، ثم بكى بكاء عاليًا، وضمني إليه، وفارقني، فقصصت ذلك على بعض من له يدٌ في التعبير، وسألت عن تعبير البكاء والضم؟ فقال: لا بد أن يجري لك شيء مما جرى له من الامتحان، فوقع من بعد ذلك بعد تلك الرؤيا عجائبٌ وغرائب - كفى الله شرها -. وتوفي - رحمه الله تعالى - ثالث شعبان سنة 1182، ونظم بعضهم فكان هكذا: ع * محمدٌ في جِنانِ الخلد قد نَزَلا *، ورثاه شعراء العصر، وتأسفوا عليه.
وله تلامذة نبلاء علماء مجتهدون، منهم: السيد العلامة عبد القادر الكوكباني، والقاضي أحمد قاطن، والعلامة أحمد بن أبي الرجال، وغيرهم ممن لا يحيط به الحصر، ووالدُه كان من الفضلاء الزاهدين في الدنيا، الراغبين في العمل، وله عرفان وشعر جيد، مات سنة 1142، وكان ولده هذا - صاحب الترجمة - إذ ذاك بشهارة، انتهى حاصله.
التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول - أبو الِطيب محمد صديق خان البخاري القِنَّوجي.