خليل بن أيبك بن عبد الله الصفدي أبي الصفا صلاح الدين

تاريخ الولادة696 هـ
تاريخ الوفاة764 هـ
العمر68 سنة
مكان الولادةصفد - فلسطين
مكان الوفاةدمشق - سوريا
أماكن الإقامة
  • حلب - سوريا
  • دمشق - سوريا
  • صفد - فلسطين
  • القاهرة - مصر
  • مصر - مصر

نبذة

خَلِيل بن أيبك بن عبد الله الْمَعْرُوف بصلاح الدَّين الصفدي الأديب الْمَشْهُور. ولد سنة 697 سبع وَتِسْعين وسِتمِائَة وَكتب الْخط الْجيد وَذكر عَن نَفسه أَن أَبَاهُ لم يُمكنهُ من الِاشْتِغَال حَتَّى استوفى عشْرين سنة وَطلب بِنَفسِهِ فَأخذ عَن الشهَاب مَحْمُود وَابْن سيد النَّاس وَابْن نَبَاته وأبي حَيَّان.

الترجمة

خَلِيل بن أيبك بن عبد الله الْمَعْرُوف بصلاح الدَّين الصفدي الأديب الْمَشْهُور
ولد سنة 697 سبع وَتِسْعين وسِتمِائَة وَكتب الْخط الْجيد وَذكر عَن نَفسه أَن أَبَاهُ لم يُمكنهُ من الِاشْتِغَال حَتَّى استوفى عشْرين سنة وَطلب بِنَفسِهِ فَأخذ عَن الشهَاب مَحْمُود وَابْن سيد النَّاس وَابْن نَبَاته وأبي حَيَّان وَسمع من المزي والدبوسي وَطَاف مَعَ الطّلبَة وَكتب الطباق وَقَالَ الشّعْر الْحسن وَأكْثر مِنْهُ جداً وَترسل وَألف كتباً مِنْهَا التَّارِيخ الْكَبِير الَّذِي سَمَّاهُ الوافي بالوفيات فِي نَحْو ثَلَاثِينَ مجلداً على حُرُوف المعجم وأفرد مِنْهُ أهل عصره فِي كتاب سَمَّاهُ أعوان النَّصْر وأعيان الْعَصْر في سِتّ مجلدات وَشرح لامية الْعَجم بمجلدين وَله الحان السواجع بَين المبادئ والمراجع مجلدان وجر الذيل فى وصف الْخَيل وكشف الْحَال فِي وصف الْخَال وَأول مَا ولى كِتَابَة الدرج بصفد ثمَّ بِالْقَاهِرَةِ كِتَابَة السِّرّ وَغير ذَلِك من الاعمال وَكَانَ حسن المعاشرة جمييل الْمُرُوءَة وَكَانَ إليه الْمُنْتَهى في مَكَارِم الأخلاق ومحاسن الشيم قَالَ ابْن كثير مصنفاته بلغت المئين من المجلدات قَالَ وَلَعَلَّ الَّذِي كتبه في ديوَان الإنشاء ضعف ذَلِك وَمن تصانيفه فض الختام عَن التورية والاستخدام ونظمه مَشْهُور
قد أودع مِنْهُ في شرح لامية الْعَجم وَغَيرهَا مِمَّا يعرف بِهِ مِقْدَاره ولكثرة ملاحظته للمعاني البديعية صَار الغث من شعره كثيراً وينضم إلى ذَلِك مايطريه بِهِ من الْمُبَالغَة فِي حسنه فَيَزْدَاد ثقلاً وَقد يَأْتِي لَهُ مَا هُوَ من الْحسن بمَكَان كَقَوْلِه
(بِسَهْم أجفانه رماني ... وذبت من هجره وَبَينه)
(إن مت مالي سواهُ خصم ... لأنه قاتلي بِعَيْنِه)
وَكَانَ يختلس معاني شعر شَيْخه ابْن نباته وينظمها لنَفسِهِ وَقد صنّف ابْن نَبَاته في ذَلِك مصنفاً سَمَّاهُ خبز الشّعير الْمَأْكُول المذموم وَبَين سرقانه لشعره وَمَات بِدِمَشْق لَيْلَة عَاشر شَوَّال سنة 764 أَربع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة
البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع - لمحمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني ال

 

 

خليل بن أيبك بن عبد الله الصفدي، صلاح الدين:
أديب، مؤرخ، كثير التصانيف الممتعة. ولد في صفد (بفلسطين) وإليها نسبته. وتعلم في دمشق فعانى صناعة الرسم فمهر بها، ثم ولع بالأدب وتراجم الأعيان. وتولى ديوان الإنشاء في صفد ومصر وحلب، ثم وكالة بيت المال في دمشق، فتوفي فيها. له زهاء مئتي مصنف، منها (الوافي بالوفيات - خ) كبير جدا، في التراجم، طبع منه ثلاثة أجزاء، و (الشعور بالعور - خ) في تراجم العور وأخبارهم، و (نكت الهميان - ط) ترجم به فضلاء العميان، و (ألحان السواجع - خ) رسائله لبعض معاصريه، رتب أسماءهم على حروف المعجم، عندي نسخة منه و (التذكرة - خ) مجموع شعر وأدب وتراجم وأخبار، كبير جدا، جاء في تعليقات الميمني أن منه أحد عشر جزءا في مكتبة البساطي بالمدينة (رقم 165 - 175 أدب) و (الغيث المسجم في شرح لامية العجم - ط) مجلدان، و (جنان الجناس - ط) في الأدب، و (نصرة الثائر - خ) في نقد المثل السائر، و (تشنيف السمع في انسكاب الدمع - ط) و (دمعة الباكي - ط) و (أعيان العصر- خ) في التراجم، كبير، و (منشآته - خ) جزء، و (ديوان الفصحاء - خ) مجموع في الأدب، و (تمام المتون في شرح رسالة ابن زيدون - ط) وهي غير الرسالة التهكمية التي شرحها ابن نباتة، و (جلوة المذاكرة - خ) في الأدب، و (المجاراة والمجازاة - خ) و (فض الختام في التورية والاستخدام - خ) و (تحفة ذوي الألباب فيمن حكم دمشق من الخلفاء والملوك والنواب - ط) ورسائل، منها: (الروض الناسم - خ) و (الحسن الصريح في مئة مليح - خ) بخطه في دار الكتب، وفي نهايتها إجازة ذكر فيها بعض مؤلفاته (كما في تعليقات أحمد خيري) و (قهر الوجوه العابسة بذكر نسب الجراكسة ط) و (الوصف والتشبيه - خ) و (وصف الهلال - ط) و (وصف الحريق - خ) و (كشف السر المبهم في لزوم مالا يلزم - خ) ذكره عبيد، و (غوامض الصحاح، للجوهري - خ) بخطه، رأيته في الاسكوريال (الرقم 192) .له شعر فيه رقة وصنعة .
-الاعلام للزركلي-

 

 

الشيخ الأديب صلاح الدين أبو الصفَا خليل بن أيبك الصفدي الشافعي، المتوفى مطعوناً بدمشق سنة أربع وستين وسبعمائة عن ثمان وستين سنة. ولد بصفد وكان من موالي الأمير فارس الدين الألبكي، عُني بالأدب، فكان إمام عصره في النظم والنثر، ومصنَّفاته تنيف على مائتي مصنَّف، أشهرها "شرح لامية العجم" و"الوافي بالوفيات" و"أعيان العصر". عُني بالحديث وسمع بالآخرة من جماعة وقرأ على الشيخ تقي الدين السُّبْكي ولازم ابن سَيِّد الناس وبرع، فمهر في الأدب. ذكر السبكي أنه قال له: كتبت أزيد من ستمائة مجلد مصنفات.
قال السبكي: كان بيني وبينه صداقة إلى أن قضى نحبه وكنت قد ساعدته، فولي كتابة الدست بدمشق، ثم ساعدته فولي كتابة السرِّ بحلب، ثم ساعدته فحضر إلى دمشق على وكالة بيت المال وكتابة الدَّست واستمر بها إلى أن مات وكانت له هِمَّة عالية في التحصيل.
ذكره في "الكبري" وقال عنه: طارح الأدباء وكتب لهم وكتبوا إليه نظماً ونثراً ورزق الحظ الأوفر والذيل العريض وتقدم عند الأكابر والملوك. أخذ عن ابن الوردي والجلال القَزْويني والشهاب محمود وابن نباته والشهاب بن فضل الله [العمري] وابن القيسراني وابن فهد والحافظ الذهبي وابن تيمية وابن الصَّائغ وابن سيِّد الناس وأبي حَيَّان وخلائق.
ومن تأليفاته: "فصُّ الختام في التورية والاستخدام" و"جنان الجناس" و"ألحان الشوَاجع" و"تصحيح التَّضمين" و"التاريخ الكبير" و"التذكرة". ذكره أكمل [الدِّين] بن مفلح.
سلم الوصول إلى طبقات الفحول - حاجي خليفة.

 

 

خَلِيل بن أيبك بن عبد الله الأديب صَلَاح الدّين الصَّفَدِي أَبُو الصفاء ولد سنة سِتّ أَو سبع وَتِسْعين وسِتمِائَة تَقْرِيبًا وتعانى صناعَة الرَّسْم فمهر فِيهَا ثمَّ حبب إِلَيْهِ الْأَدَب فولع بِهِ وَكتب الْخط الْجيد وَذكر عَن نَفسه أَن أَبَاهُ لم يُمكنهُ من الإشتغال حَتَّى استوفى عشْرين سنة فَطلب بِنَفسِهِ وَقَالَ الشّعْر الْحسن ثمَّ أَكثر جدا من النّظم والنثر والترسل والتواقيع وَأخذ عَن الشهَاب مَحْمُود وَابْن سيد النَّاس وَابْن نباتة وَأبي حَيَّان وَنَحْوهم وَسمع بِمصْر من يُونُس الدبوسي وَمن مَعَه وبدمشق من الْمزي وَجَمَاعَة وَطَاف مَعَ الطّلبَة وَكتب الطباق ثمَّ أَخذ فِي التَّأْلِيف فَجمع تَارِيخه الْكَبِير الَّذِي سَمَّاهُ الوافي بالوفيات فِي نَحْو ثَلَاثِينَ مجلدة على حُرُوف المعجم وأفرد مِنْهُ أهل عصره فِي كتاب سَمَّاهُ أعوان النَّصْر فِي أَعْيَان الْعَصْر فِي سِتّ مجلدات وَله شرح لامية الْعَجم كثير الْفَوَائِد والحان السواجع بَين المبادي والمراجع مجلدان وَمن تصانيفه اللطاف التَّنْبِيه على التَّشْبِيه وجر الذيل فِي وصف الْخَيل وتوشيح الترشيح وكشف الْحَال فِي وصف الْخَال وجنان الجناس وَغير ذَلِك وَأول مَا ولي كِتَابَة الدرج بصفد ثمَّ بِالْقَاهِرَةِ وباشر كِتَابَة السِّرّ بحلب وقتا وبالرحبة وقتا والتوقيع بِدِمَشْق ووكالة بَيت المَال وَكَانَ محبباً إِلَى النَّاس حسن المعاشرة جميل الْمَوَدَّة وَكَانَ فِي الآخر قد ثقل سَمعه وَكَانَ قد تصدى للإفادة بالجامع وَقد سمع مِنْهُ من أشياخه الذَّهَبِيّ وَابْن كثير والحسيني وَغَيرهم قَالَ الذَّهَبِيّ فِي حَقه الأديب البارع الْكَاتِب شَارك فِي الْفُنُون وَتقدم فِي الْإِنْشَاء وَجمع وصنف وَقَالَ أَيْضا سمع مني وَسمعت مِنْهُ وَله تواليف وَكتب وبلاغة وَقَالَ فِي المعجم الْمُخْتَص الإِمَام الْعَالم الأديب البليغ الْكَامِل طلب الْعلم وشارك فِي الْفَضَائِل وساد فِي الرسائل وَقَرَأَ الحَدِيث وَجمع وصنف وَله تواليف وَكتب وبلاغة وَقد ترْجم لَهُ السُّبْكِيّ فِي الطَّبَقَات وَمَات سنة 764 وَقَالَ الْحُسَيْنِي كَانَ إِلَيْهِ الْمُنْتَهى فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق ومحاسن الشيم وَقَالَ ابْن كثير كتب مَا يُقَارب مئين من المجلدات وَقَالَ ابْن سعد كَانَ من بقايا الرؤساء الأخيار وَوجد بِخَطِّهِ كتبت بيَدي مَا يُقَارب خَمْسمِائَة مجلدة قَالَ وَلَعَلَّ الَّذِي كتبه فِي ديوَان الْإِنْشَاء ضعف ذَلِك وَقَالَ ابْن رَافع قَرَأَ بِنَفسِهِ شَيْئا من الحَدِيث وَكتب بعض الطباق وَقَرَأَ الْأَدَب على شَيخنَا الشهَاب مَحْمُود ولازمه مُدَّة وَمن تصانيفه فض الختام عَن التورية والاستخدام وجلوة المذاكرة فِي خلْوَة المحاضرة وَالرَّوْض الباسم وَشرح لامية الْعَجم وَغير ذَلِك وَكتب عَنهُ الذَّهَبِيّ من شعره وَذكره فِي مُعْجَمه
وَأنْشد عَنهُ ابْن رَافع عدَّة مقاطيع من نظمه مِنْهَا
(بِسَهْم أجفانه رماني ... وذبت من هجره وَبَينه)
(إِن مت مَا لي سواهُ ... لِأَنَّهُ قاتلي بِعَيْنِه) وَمَات بِدِمَشْق فِي لَيْلَة عَاشر شَوَّال سنة 764
-الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة لابن حجر العسقلاني-

 


خَلِيل بن أيبك الشَّيْخ صَلَاح الدّين الصَّفَدِي
الإِمَام الأديب النَّاظِم الناثر أديب الْعَصْر
ولد سنة سِتّ وَتِسْعين وسِتمِائَة
وَقَرَأَ يَسِيرا من الْفِقْه والأصلين وبرع فِي الْأَدَب نظما ونثرا وَكِتَابَة وجمعا وعني بِالْحَدِيثِ
سمع بِالآخِرَة من جماع وَقَرَأَ على الشَّيْخ الإِمَام رَحمَه الله جَمِيع كتاب شِفَاء السقام فِي زِيَارَة خير الْأَنَام عَلَيْهِ أفضل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولازم الْحَافِظ فتح الدّين بن سيد النَّاس وَبِه تمهر فِي الْأَدَب
وصنف الْكثير فِي التَّارِيخ وَالْأَدب قَالَ لي إِنَّه كتب أَزِيد من سِتّمائَة مُجَلد تصنيفا وَكَانَت بيني وَبَينه صداقة مُنْذُ كنت صَغِيرا فَإِنَّهُ كَانَ يتَرَدَّد إِلَى وَالِدي فصحبته وَلم يزل مصاحبا لي إِلَى أَن قضى نحبه وَكنت قد ساعتده آخر عمره فولي كِتَابَة الدست بِدِمَشْق
ثمَّ ساعدته فولي كِتَابَة السِّرّ بحلب ثمَّ ساعدته فَحَضَرَ إِلَى دمشق على وكَالَة بَيت المَال وَكِتَابَة الدست وَاسْتمرّ بهما إِلَى أَن مَاتَ بالطاعون لَيْلَة عَاشر شَوَّال سنة أَربع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة
وَكَانَت لَهُ همة عالية فِي التَّحْصِيل فَمَا صنف كتابا إِلَّا وسألني فِيهِ عَمَّا يحْتَاج إِلَيْهِ من فقه وَحَدِيث وأصول وَنَحْو لَا سِيمَا أَعْيَان الْعَصْر فَأَنا أَشرت عَلَيْهِ بِعَمَلِهِ ثمَّ اسْتَعَانَ بِي فِي أَكْثَره وَلما أخرجت مختصري فِي الْأَصْلَيْنِ الْمُسَمّى جمع الْجَوَامِع كتبه بِخَطِّهِ وَصَارَ يحضر الْحلقَة وَهُوَ يقْرَأ عَليّ ويلذ لَهُ التَّقْرِير وسَمعه كُله عَليّ وَرُبمَا شَارك فِي فهم بعضه رَحمَه الله تَعَالَى
نبذ مِمَّا دَار بيني وَبَين هَذَا الرجل
كنت أَصْحَبهُ مُنْذُ كنت دون سنّ الْبلُوغ وَكَانَ يكاتبني وأكاتبه وَبِه رغبت فِي الْأَدَب فَرُبمَا وَقع لي شعر رَكِيك من نظم الصّبيان فَكَتبهُ هُوَ عني إِذْ ذَاك وَأَنا ذَاكر بعض مَا بَيْننَا مِمَّا كَانَ فِي صغري ثمَّ لما كَانَ بعد ذَلِك كتب إِلَيّ مرّة وَقد سَافر إِلَى مصر وَلم يودعني
(يَا سيدا سَافَرت عَنهُ وَلم أجد ... جلدي يطاوعني على توديعه)
(إِن غبت عَنْك فَإِن قلبِي حَاضر ... يصف اشتياقي للحمى وربوعه)
فِي أَبْيَات أخر فَكتبت الْجَواب
(يَا راحلا بحشا الْمُقِيم على الوفا ... مَا الطّرف بعْدك مُؤْذِيًا بهجوعه)
(إِن غبت عَنهُ فَمَا تغير مِنْهُ إِلَّا ... جِسْمه سقما ولون دُمُوعه)
(وَالْقلب بَيت هَوَاك رَاح كَأَنَّهُ ... بَيت العروضيين من تقطيعه)
فِي أَبْيَات أخر أنسيتها
كتب إِلَيّ مرّة وَقد ولد لَهُ ولد يدعوني إِلَى حُضُور عقيقته
(عَبدك هَذَا الْجَدِيد أضحى ... يَقُول فاسمع لَهُ طَرِيقه)
(يَا جوهرا فِي الزَّمَان فَردا ... مَا ضرّ أَن تحضر العقيقه)
فَكتبت إِلَيْهِ
(هنيت ذَا الْجَوْهَر المفدى ... بِالْعرضِ الكنه والحقيقه)
(لَو لم تكن حازما مصيبا ... لم تفتد النَّفس بالعقيقه)
أعارني مرّة من تَذكرته مجلدا وَكَانَ يصنف كتابا فِي الْوَصْف والتشبيه وَينظر عَلَيْهِ التَّذْكِرَة وَيكْتب على كل مُجَلد إِذا نجز نجز التَّشْبِيه مِنْهُ فَلَمَّا وجدت ذَلِك عَلَيْهِ بِخَطِّهِ قلت هَذَا نصف بَيت فَكتبت إِلَى جَانِبه
(نجز التَّشْبِيه مِنْهُ ... وروى الراوون عَنهُ)
(إِن مَوْلَانَا لبحر ... طافح إِن لم يكنه)
(فَاقِد الْأَشْبَاه فَرد ... فرغ التَّشْبِيه مِنْهُ)
وَلَا يحضرني الْآن مَا كتبه هُوَ جَوَابا عَن هَذَا
كتب هُوَ إِلَيّ مرّة يسألني عَن تَثْنِيَة لفظ عين وَعين فِي بَيت الحريري فانثنى بِلَا عينين فأجبته بِجَوَاب يطول قد حَكَاهُ هُوَ فِي كِتَابه الْمُسَمّى صرف الْعين وَقلت فِي آخِره
وكتبت إِلَيْهِ من الْقَاهِرَة فِي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة
(لَا تبكين مَاء تسنه ... ودع الرسوم المستجنه)
(خل ادكارك فالعيون ... كليلة آثَار دمنه)
(واهجر غزالا نَار خديه ... إِذا حققت جنه)
(وَسنَان كم نبهته ... وَالْعجب يطبق مِنْهُ جفْنه)
(متغافل أَدْعُوهُ من ... وجد إِذا مَا اللَّيْل جنه)
(فِي النَّفس حاجات إِلَيْك ... من الْوِصَال وفيك فطنه)
(فرض على الْعين البكا ... إِذْ لحظه للفتك سنه)
(أحوى بديع الْحسن ظَبْي ... فِي الْحَقِيقَة أَو كَأَنَّهُ)
(وَله معاطف مَا دَعَا ... هن الصِّبَا إِلَّا أجبنه)
(هَذَا وَذَا مَعَ أَنه ... لم يلْتَفت يَوْمًا لِأَنَّهُ)
(وَيخَاف من واش لَهُ ... عين مراقبه الأكنه)
(وفم فُضُولِيّ تقل ... الرجل مِنْهُ راس فتنه)
(بكر العواذل فِي الغرام ... يلمنني وألومهنه)
(وَيَقُلْنَ شيب قد علاك ... وَقد كَبرت فَقلت إِنَّه)
(أبرزن لما لمن قلبِي ... الْمُضْمرَات المستكنه)
(فتحركت نفس على ... نَار الصبابة مطمئنه)
(قد هجن حِين عذلتها ... وعواذل العاني يهجنه)
(أَنى يَصح من العواذل ... من نها صبا ونهنه)
(هم جمع تكسير تصرف ... فِي دفاعهم الأعنه)
(فاهجرهم الهجر الْجَمِيل ... فَكل مَا قَالُوهُ هجنه)
(وَاذْكُر صفاء أبي الصَّفَا ... والخطب معتكر الدجنه)
(السَّيِّد اليقظ الْأَغَر ... أخي الْوَفَاء بِدُونِ مِنْهُ)
(وَالنَّدْب ذُو الهمات مَا ... أبدأن من جود أعدنه)
(والجود مثل الْجُود يسْقِي ... الْألف مِنْهُ ألف مزنه)
(والحلم كالجبل اعتلت ... فِيهِ الرِّيَاح فَمَا أزلنه)
(وَالْجد ينْهض لَو تعالته ... النُّجُوم لما بلغنه)
(والأيد تبطش لَو تغالبه ... الْأسود لما غلبنه)
(متدرع ثوب التقى ... حصنا وتقوى الله جنه)
(متفنن بَحر إِذا ... جَارِيَته لم تدر فنه)
(أدب نضير يسْتَحبّ لمن ... لَهُ الْآدَاب سنه)
(وَله بَنَات الْفِكر غرتها ... استهلت كالأجنه)
(فكر إِذا عاين معنى ... طائرا فِي الجو صدنه)
(وعلوم دين لم يخل ... خليلها فرضا وسنه)
(وجليل قدر دق فهما ... لَا يضاهي التبر ذهنه)
(يَا أَيهَا الحبر الَّذِي ... جعل الْإِلَه الْخَيْر ضمنه)
(لَو فصل الْخياط قَالَ ... لكل مَا وصلت حسنه)
(أسدي وألحم لست أقدر ... أَن أَزِيد عَلَيْك طعنه)
(وَلَو أَن الأفوه حَاضر ... لعرته بَين يَديك لكنه)
(وَغدا الصريع بِهِ كديك ... الْجِنّ مِمَّا قلت جنه)
(دم وابق مَا بَقِي الزَّمَان ... فَإِن وَهِي زلزلت وهنه)
(ولقدرك العالي الْعُلُوّ ... فَمَا النُّجُوم علا يطلنه)
يقبل الأَرْض لَا يبعد الله دارها وَلَا يُجَاوز إِلَّا بالجوزاء مقدارها وَلَا يسْمعهَا من أنباء من أعلن لَهَا أَو سَارهَا إِلَّا سَارهَا تقبيلا يقوم بِسنة الْفَرْض ويعرب عَن مَبْنِيّ ود مديد كَامِل الطول وَالْعرض ويفصح عَن خضوع لفضه فَإِذا أنْشد منشده بَين يَدَيْهِ بلغنَا السَّمَاء تَلا هُوَ {فَلَنْ أَبْرَح الأَرْض} وَأنْشد
(من أَجله جعلت نَفسِي أَرضًا ... للصادر الْوَارِد حَتَّى يرضى)
وَيُنْهِي بعد وصف حب اعتده دينا فتسلم كِتَابه بِالْيَمِينِ ثَابت يزِيد حلاوة إيمَانه فِي الْقلب مر السِّين بَاقٍ لَا يُبدل إِذا مَا غير النأي المحبين
(مَا غير الْبعد حَالا كنت تعرفه ... وَلَا تبدلت بعد الذّكر نِسْيَانا)
(وَلَا ذكرت جَلِيسا كنت آلفه ... إِلَّا جعلتك فَوق الْكل عنوانا)
أَن مُوجب تَأْخِير كتبه مَحْض الِاقْتِدَاء وَالسير على سنتكم فِي قلَّة الْكتب مَعَ كَثْرَة الْوَفَاء وَكَيف لَا وَقد رفع أَبُو رَافع مولى الْقَوْم مِنْهُم إِلَى سيد الْأَنْبِيَاء وَعند ذَلِك يَنْقَلِب معتذرا عَن تهجمه بِهَذِهِ الضراعة مبتدرا إِلَى ذكر الفار حَيْثُ أَطَالَ لِسَانه وَبَاعه مزدجرا عَمَّا لَعَلَّه ذَنْب إِذا علم بِهِ مَوْلَاهُ سامه الْبعد وَبَاعه فَيَقُول قيد الْحبّ أطلق لساني فأعرب عَن الْمَبْنِيّ على السّكُون وسرح يَدي فخطت مَا هُوَ فِي لوحها الْمَحْفُوظ مصون وَأذن لي فتصرفت فِي الْكِتَابَة وَكَيف لَا يتَصَرَّف العَبْد الْمَأْذُون فأصدرت هَذِه الْوَارِدَة مدى بِأَنِّي مِنْهُم وهم مني وَهَذَا المنى
وَقلت اسألي عَنْهُم وخبري عني حاشاك من عَنَّا وبادري مَوْلَاك وَلَا تخشي أَن يُقَال مَا أَتَى بك هَاهُنَا وخذي من شرح الْحَال فِي كل فن وكوني مِمَّن إِذا سمع صَالحا أذاعه وَإِن سمع طالحا أَو يرى رِيبَة دفن وأطلقي الدمع وَلَا تخافي أَن يُقَال مَا هاج الْعُيُون الذرفن واعتمدي على الْمُسَامحَة فهم أهلوها واتخذي إخلاص الْوَلَاء ذَرِيعَة أَن لَا يفتقدوها وثقي بهم فهم أحسن النَّاس وُجُوهًا وأنضر هموها
(أَضَاءَت لَهُم أحسابهم ووجوههم ... دجا اللَّيْل حَتَّى نظم الْجزع ثاقبه)
الْمَمْلُوك يُنْهِي أَنه مُنْذُ سَافر من دمشق مُسْتَبْشِرًا وَبَاعَ الْأَسْفَل بالأعلى وتلا {إِن الله اشْترى من الْمُؤمنِينَ أنفسهم} فَحَمدَ الْمُشْتَرى وَوصل إِلَى مصر فَرحا مَسْرُورا وَمَا شكى غليه جمله طول السرى بل حمد سيره وخيل الْبَرِيد وبهيم اللَّيْل وساحة البيدا وَقدم فَنزل جوَار الْبَحْر فَقَالُوا نزل مَاء السما وَكَاد ينشد
(أَقمت بِأَرْض مصر فَلَا ورائي ... تخب بِي الركاب وَلَا أَمَامِي)
وَلم ينشد
(ذمّ الْمنَازل بعد منزلَة اللوى ... والعيش بعد أُولَئِكَ الْأَيَّام)
لِكَثْرَة مَا لَقِي من التَّعْظِيم الَّذِي لَو شعر بِهِ الْعَدو لَا نظم أَسبَابه خيم الْمَمْلُوك على كرم الله وَسَار متوكلا عَلَيْهِ يحْسب كل حمد فَمد سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أطنابه وَورد حَيْثُ قصد فَوجدَ الله عِنْد فوفاه حسابه وَلم يخْش بِحسن ظَنّه من ذِي الْعَرْش إقلالا وَلم يُصَادف إِلَّا من قَالَ لَهُ أهابك إجلالا
وَلم يناده كل محب إِلَّا بِكَذَا هَكَذَا وَإِلَّا فَلَا لَا وَقَالَ كل أَمِير أَنْت الحكم الترضى حكومته هُنَاكَ هُنَاكَ وَأنْشد
(الله أَعْطَاك فضلا من عطيته ... )
وأولاك وَبَالغ فِي الْبشر وَمَا كل من يُبْدِي البشاشة كَائِنا أَخَاك بل رُبمَا حسبته أَبَاك
وَأما زمر الْأَعْدَاء فَكل مِنْهُم عبس وَتَوَلَّى وَتبين لوَلِيّ الْأَمر أَن لمثله يُقَال {نوله مَا تولى}
وناديت كلا من زاجري عَن حُضُور هَذِه المعركة
(أَلا أَيهَا ذَا الزاجري أحضر الوغى ... )
أولى لَك فَأولى لقد استولى الْحق على عَرْشه واستوى وَلم يكن غير الإحراجات الأهوية وللأعراض قائلة {لَا نخلفه نَحن وَلَا أَنْت مَكَانا سوى}
فَلَمَّا طلع صبح الْحق على من أمرضت قلبه بَان وبدا لَهُ من بعد مَا اندمل الْهوى قوم أشربوا فِي قُلُوبهم المنصب فَقطع أمعاءهم وأعجبوا بألسنة حداد فضلعت أعضاءهم واستكلبوا على اصطياد جارحة فطرحهم قَتْلَى ورد أهواءهم لم يرجِعوا حَتَّى وقف الْهوى وأهلكهم كل نزاعة للشوى وقوبل كل أفاك مِنْهُم بِمَا نوى لعب بهم شَيْطَان الْحَسَد وَشد وثاقهم الَّذِي لَا يوثق بِهِ بِحَبل من مسد وطبع على قلبه واغتاله فَقلت لَهُ غالتك إِذا الغول بل اغتالك الْأسد
(وَلَقَد عذلت حليمهم ونهيته ... فَأبى وَقَالَ هواي أَمر مُحكم)
(وقف الْهوى بِي حَيْثُ أَنْت فَلَيْسَ لي ... مُتَأَخّر عَنهُ وَلَا مُتَقَدم)
(فَأَرَدْت أطنب قَالَ لي متبرما ... أطنب أَو أوجز حَبل كيدي مبرم)
(أجد الْمَلَامَة فِي هَوَاك لذيذة ... حسدا وبغيا فليلمني اللوم)
فَلَمَّا سَمِعت قَوْله
(أجد الْمَلَامَة فِي هَوَاك لذيذة ... )
وَرَأَيْت من قلبه الْمعَانِي مَا يحملهُ على أَن يَجْعَل ضَالَّة الْمُؤمن منبوذة ويطبع على قلبه والأفئدة بِدُونِ هَذَا مَأْخُوذَة عرفت أَن العذل لَا يرجعه وَأَن الْحق ختم على قلبه فَلَا ينجده الْعدْل وَلَا ينجعه وَأَنه لَا يزَال يحاول سُقُوط من كَانَ فَوق مَحل الشَّمْس مَوْضِعه وَأَنه لزم إِطْلَاق اللِّسَان فِيمَا لَا يعنيه لُزُوم الْخَطِيب للمنابر وَكِتَابَة الْبَاطِل لُزُوم الأقلام للمحابر والاشتغال لمن يترفع قدره عَنهُ لُزُوم الْأَعْرَاض للجواهر عدلت عَن عذله واكتفيت بالحكم الْعدْل وعدله ورفت قصتي على يَدي إحسانه وفضله وَجئْت فشاهدت من الْأَمِير الْكَبِير وَالسُّلْطَان مَا رغم بِهِ أنف الشَّيْطَان
وَقد علمت بكنه ذَلِك عدنان وقحطان وصرت المسؤول فِيمَا حسبوا أَنِّي أحاوله استقرارا والمتضرع إِلَيْهِ فِي الْعود مرَارًا والمعرض عَمَّا حسدوا عَلَيْهِ استصغارا لقوم {ومكروا مكرا كبارًا}
وحفتين من الله ألطافه ونعمه وَأطلق فِي الثَّنَاء عَليّ بِفضل من هُوَ كل يَوْم فِي شَأْن لِسَانه وقلمه وَبَان ووضح أَن الْعَدو ظمآن وَفِي بَحر الغواية فَمه
وكل ذَلِك ببركة سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سيد النَّبِيين فلست وَالله قدر وَاحِدَة من هَذِه النعم الَّتِي تقلدت عقدهَا الثمين وَلَا أَنا مِمَّن يفتخر بِعلم وَلَا دين وَلَا نسب وَلَو شِئْت لأنشدت
(وَكَانَ لنا أَبُو حسن عَليّ ... أَبَا برا وَنحن لَهُ بَنِينَ)
ثمَّ لما كَانَ قد امْتَلَأَ من مَاء دمشق بَطْني ونادى حَوْض الآمال قطني وسئمت نَفسِي صداع الشَّام وماذا يدْرِي الشُّعَرَاء وَغَيرهم مني وَرَأَيْت هَذَا الْإِكْرَام الَّذِي مَلأ عنان السما وَذكرت دمشق وَمَا وَمَا وَمَا أَقُول وكل دمشق مَا قلت لمن لامني فِيهَا
(خليلي مَا واف بعهدي أَنْتُمَا ... )
ومعاذ الله أَن ألوم أهل الشَّام وَقد أَحْسنُوا وأنعموا
(وَمَا أصَاحب من قوم فأذكرهم ... إِلَّا يزيدهم حبا إِلَّا همو)
وَإِنَّمَا ألوم فرقة قلبوا الْحق وبدلوا الْقُرْآن فصموا وعموا
فصل
وَأما السَّادة الْأَصْحَاب فالمخصوص من بَينهم بِعُمُوم التَّحِيَّة والمقبل كَفه مئة وَقَالَ السجع ميه من يحسن سلامي كل يَوْم إِلَيْهِ سيدنَا الشَّيْخ عز الدّين
شيخ السلامية وَالثَّانِي لهَذَا الْمُقدم فِي الأقطار من تحققت مودته بعد الْبَحْث مَعَ الْأَشْبَاه والأنظار وَعرف بقوله فِي التقوية واهتمامه فِي الْمَعْرُوف وَإِن لم يصلح الْعَطَّار ثمَّ سَائِر المخاديم يقبل الْمَمْلُوك يدهم سيدا سيدا ويخص السَّادة الْأَوْلَاد الأعزة فَلَا يجد إِلَّا مُحَمَّدًا ويلتفت مُتَّهمًا منجدا فينادي أَصْحَابِي أَيْن من لَا أعدل بِهِ أحدا كَأَن صارمه فل فَأتبعهُ قوما بورا أَو نبا فَوجدَ قصورا أسْكنهُ قبورا أتراه فِي جِهَة أم لَا تحويه الْجِهَات ارْجعُوا وراءكم فالتمسوا نورا
فَأَجَابَهُ
(وافى قريضك لي كَأَنَّهُ ... صبح وَقد شقّ الدجنه)
(أبصرته وَاللَّيْل أَمْسَى ... ذَا غياطل مرجحنه)
(وفضضته فَأَضَاءَتْ الْأَنْوَار ... من هُنَا وهنه)
(لحمائم الْأَلْفَاظ مِنْهُ ... رنة من بعد رنه)
(فاللحن مِنْهُ مطرب ... مَعَ أَنه مَا فِيهِ لحنه)
(كم منَّة أوليت مِنْهُ ... وَكم بِهِ قويت مِنْهُ)
(هُوَ جنَّة بل جنَّة ... فِي السِّرّ من نَاس وجنه)
(أَبْيَات شعر ضرَّة ... للشمس أَو للبدر كنه)
(أما البديع فَإِنَّهُ ... أدغمته فِيهِ بغنه)
(فِيهِ بَدَائِع مادرى ... أهل البلاغة مَا اسمهنه)
(خلفت مِفْتَاح الْعُلُوم ... معطلا وَكسرت سنه)
(وقهرت عبد القاهر الْمِسْكِين ... حَتَّى حَاز حزنه)
(يَا حسنه من رَوْضَة ... أزهارها لم تسق مزنه)
(أبرزت فضل حلاوة ... فِي النّيل كَانَت مستكنه)
(فَأرى مَعَانِيه جزَافا ... والخليل أحب وَزنه)
(كم فِيهِ علق مضنة ... لمنى النُّفُوس غَدا مظنه)
(كنز من الْأَدَب استعنت ... بِهِ على فقر ومحنه)
(هُوَ كوم تبر مِنْهُ آخذ ... حفْنَة من بعد حفنه)
(لَو أَن جَرْوَل ذاق من ... جرياله لم يلق سجنه)
(وَكَذَا زُهَيْر لَو رَآهُ ... روى وَمَا أصبته دمنه)
(وَأرى الحزين لأَجله ... كم أسمع الأقوام أَنه)
(وَكَذَلِكَ الرماح كم ... فِي شعره للنَّاس طعنه)
(وَجَمِيل قبح فعله ... إِذْ بَث عَنهُ حَدِيث بثنه)
(وَكثير قد قل حِين ... أرته عزة كل هنه)
(وَأَبُو نواس لَو رَآهُ ... مَا أَقَامَ بدير حنه)
(وَغدا فروق كأسه ... ودنا فروق مِنْهُ دنه)
(وارتد مُسلم مِنْهُ عَن ... حب الغواني إِذْ صرعنه)
(نظم يلين قاسيون ... وَلَو أَبى لنفشت عهنه)
(وشفعته بترسل ... أدرجت لي التسهيل ضمنه)
(ونقلت فِيهِ شواهدا ... عِنْد ابْن مَالك مستجنه)
(لَو كنت فِي عصر مضى ... يَا من أعَار الشَّمْس حسنه)
(مَا جَاءَ حَظّ الجاحظ الْمَعْرُوف ... فِي التِّبْيَان تبنه)
(وَبكى ابْن بسام إِلَى ... أَن بل بالعبرات ردنه)
(وَالْفَتْح أغلق بَابه ... وَرمى قلائده بمهنه)
(أسفي على عبد الرَّحِيم ... فَإِنَّهُ أخملت فنه)
(وأتيت فِيهِ بمعجزات ... فتنه فَأصَاب بتنه)
(هُوَ مَالك الْإِنْشَاء إِن ... شَاءَ التَّقَدُّم لم ينهنه)
(وإمامنا لكنه ... إِن قسته بك فِيهِ لكنه)
(لَو عَاشَ كَانَ أولو النهى ... مَا داهنوا فِي الْحق دهنه)
(ولقال كل مِنْهُم ... وَالْحق لم يَك فِيهِ هدنه)
(هَذَا عَلَيْك مقدم ... فَاضْرب برأسك ألف قرنه)
(لَكِن جعلت الشَّام بعْدك ... كالجحيم وَكَانَ جنه)
(ودمشق بعْدك قد تردت ... ثوب حزن فِيهِ دكنه)
(لم يسق من يرد البريص ... وَلَو أَتَى أَوْلَاد جفْنه)
(وَكَذَلِكَ ثورا بعد بعْدك ... مَا تسنى بل تسنه)
(وَالْجَامِع الْمَعْمُور كَاد ... تزعزع الأشواق رُكْنه)
(والقبة الشماء لَيْسَ ... بجوها للنسر قنه)
(كَانَت بِهِ الأعطاف وَهِي ... مَوَائِد يملأن صحنه)
(والآن أفقر وَحْشَة ... وأسال مِنْهُ السّقف دهنه)
(ودموعه فوارة ... قد قرحت بالفيض جفْنه)
(وغدت قسي قناطر ... فِيهِ من البرحاء مزنه)
(وَلكم نفوس من نفوس ... متن حِين أكل مَتنه)
(لم يبْق إِلَّا زورة ... لتزيل لما غبت غبنه)
(فَالله خيب فِيك مَا ... قَالَ الحسود ورد ظَنّه)
(قد كَاد حَتَّى كَاد يُمْسِي ... مَا تَقوله عرضنه)
(عملا بقول مُحَمَّد بن ... يسير فَهُوَ يسير سنه)
(تخطي النُّفُوس مَعَ العيان ... وَقد تصيب مَعَ المظنه)
(كم من مضيق فِي الفضاء ... ومخرج بَين الأسنه)
(مولَايَ يَا قَاضِي الْقُضَاة ... وَمن عوارفه شهرنه)
(ومقيل عثره كل من ... قلب الزَّمَان لَهُ مجنه)
(ومبلغ الآمال ظمآنا ... تشوق مَا مجنه)
(أَنا عِنْد غَيْرك فِي الورى ... مِمَّن عوارفه أضعنه)
(فلأجل ذَا أوقعت نَفسِي ... فِي الْجَواب بِغَيْر فطنه)
(خفت الْحَرِيق بِنَار تقصيري ... وشيب الرَّأْس قطنه)
(لَكِن أجبْت فَإِن أَجدت ... فَلم أَظن وَلنْ أَظُنهُ)
(إِن الشجاع بِلَحْمِهِ ... سمح إِذا لم يرض جبنه)
(فَاسْلَمْ وَدم فِي نعْمَة ... مَا زَان زهر الرَّوْض حزنه)
يقبل الأَرْض حَيْثُ تضع الْمَلَائِكَة بهَا الأجنحة ويتخذ الْأَنَام من الدُّعَاء فِي مواطنها مواضي الأسلحة وَيفْعل الله بهَا مَا أحب فَإِنَّهُ لَا يجب عَلَيْهِ شَيْء وَإِن رَاعى الْمصلحَة وَيعْمل طلاب الْعلم إِلَيْهَا الركاب بِكُل يعملة
(كَأَن راكبها غُصْن بمروحة ... )
(وَإِنِّي بتقبيلي لَك الأَرْض وَالثَّرَى ... على كل من فاخرته لفخور)
تقبيلا يثبت بِهِ الْجَوْهَر الْفَرد فَإِن كل جُزْء مِنْهُ للقبل يتَجَزَّأ ويحط بِهِ أثقال خطوب أقعدته عَن اللحاق بهَا عَجزا ويتشرف بمشافهة تربها فَإِن ناله مِنْهَا أقل الْأَجْزَاء أجزا
(ترابهم وَحقّ أبي تُرَاب ... أعز عَليّ من عَيْني الْيَمين)
وَيُنْهِي بعد وصف وَلَاء حكم بتصديقه لما تصَوره كل منطقي ومنطيق وَدلّ بالمطابقة والتضمن والالتزام على أَنه فِي الْوَفَاء عريق عري من تلف التلفيق وَأصْبح وَحده جَامع مَانع لِأَن جنسه الْقَرِيب هُوَ الْإِخْلَاص وفصله التَّحْقِيق
(عرفت بِصدق الود فِيك لأنني ... رفعت بِلَا عجز لِوَاء ولائي)
وَرفع أدعية مَا أخل بأَدَاء فَرضهَا إِن بعد أَو دنا وَلَا أَخذهَا إِلَّا من النَّابِغَة حَيْثُ قَالَ
(بلغنَا السَّمَاء مَجدنَا وجدودنا ... )
وَلَا أنكرتها مَلَائِكَة الْقبُول إِلَّا مرّة ثمَّ اعْترفت بهَا فَصَارَت ديدنا
(إِذا رفعت يَوْمًا لذِي الْعَرْش خيمت ... لصدق ولائي فِيك بَين السرادق)
وَبث أثنية مَا أمسك الْمسك مَعهَا رمقه وَلَا ثَبت لَهَا الْبَدْر حَتَّى خسف لما لمح محياها ورمقه وَلَا طالبت دهاليز الْأَنْهَار بَين قُصُور الرَّوْض إِلَّا وأنفاس الأزهار مِنْهَا مسترقة
(أثني عَلَيْك وَلَو تشَاء لَقلت لي ... قصرت فالإمساك عني نائل)
وُرُود الْمثل العالي الَّذِي مَا ناله نَظِير وَلَا مِثَال وَلَا جود ابْن العديم فِي الْوُجُود إِلَّا على سطوره فَإِنَّهَا لَهُ مِثَال وَلَا مضى لَهُ حسن حَتَّى تدخل سين السرُور على حَاله فتميزه وتخلصه للاستقبال وَلَا تَلقاهُ شاكي سلَاح من البلاغة إِلَّا وَرَاح كَمَا قَالَ امْرُؤ الْقَيْس
(ولي بِذِي رمح وَلَيْسَ بِنِبَالٍ ... )
(بِلَا مثل وَإِن أَبْصرت فِيهِ ... لكل مغيب حسن مِثَالا)
كم أهْدى ألطافا وهز بالطرب أعطافا وَجعل الْقُلُوب أغراضا لسهام محاسنه وأهدافا وجلب الْفَرح وسلب التَّرَحِ فَأخذ تَاء من الثَّانِي وَأهْدى فا تروق دُرَر أصدافه وتفوق دَاري أسدافه وَكَيف لَا يهول وكل حرف مِنْهُ جَاءَ لِمَعْنى وَكَيف لَا يطول وكل لفظ مِنْهُ قد اسْتَقر من البديع بِمَعْنى وَكَيف لَا يعرب والأبصار تلفت إِلَيْهِ بأعنة الْإِعْجَاب وتثنى وَكَيف لَا يطرب وَمَا فِيهِ سطر وَاحِد إِلَّا وَيسمع مِنْهُ مثلث ومثنى
فَمَا أحسن من نظم وَمَا نثر وَمَا أَجود مَا جرى فِي ميدان الْإِنْشَاء وَمَا غبر لما عبر وَمَا عثر وَمَا أعف كَلَامه فَإِنَّهُ لم يلْتَمس من كَلَام غَيره شَيْئا وَهُوَ يعلم أَنه لَا قطع فِي ثَمَر وَلَا كثر وَمَا أتقن مَا رتب ورتل لما سَاق الْمثل وَالشَّاهِد والأثر
(وَمَا كل من ألْقى القلائد نظما ... )
(من كل معنى يكَاد الْمَيِّت يفهمهُ ... حسنا ويعبده القرطاس والقلم)
وَقَالَ الْمَمْلُوك الله أكبر وَهِي كلمة لَا تقال إِلَّا فِي الصَّلَاة أَو الْأَذَان أَو عِنْد عجب مَاله عَن الْعين حَاجِب أَو عِنْد خبر لَا يَأْخُذهَا إِذْنا على الآذان أَو عِنْد خطب يطْرق فَيُصْبِح ملتئم الْحَصَى مِنْهُ وَهُوَ شذان
وَحقّ لي أَن أَقُول الله أكبر فَإِن هَذَا أَمر خرق الْعَادة واستعبد السَّادة واستقرب مَا استبعد من مدى الْمَادَّة وَأخرج الأدباء عَمَّا سلكوه من الجادة وأحرج الْكتاب حَتَّى كلت ظَبْي أقلامهم الحادة
وَلَقَد عَالَجت ببديعه جراحات الْفِرَاق فَإِنَّهُ لَهَا كالمرهم وأنفقت لعجزي أَنَفَة جبل عَلَيْهَا جبلة بن الْأَيْهَم وأفلست فِي جوابي فَلَو وجدت سطرا مثله يُبَاع كنت كَمَا قَالَ بعض الْعَرَب اشْتَرَيْته بوالله ألف دِرْهَم لِأَنَّهُ تلعب بِي تلعب الْأَفْعَال بالأسماء والبطر بِأَهْل الصِّحَّة والنعماء وخلبني سجع هَذِه الْحَمَامَة وسلبني زهر هَذِه الكمامة وغلبني سكر هَذِه المدامة
(وَمن حكمت كأسك فِيهِ فاحكم ... لَهُ بإقالة عِنْد العثار)
وَقد عولت على الْفِكر فِي أَن يلم شعث قريحتي وَيضم وَقلت للقلم هَلُمَّ إِلَى المساعدة على الْجَواب فَقَالَ لَا أهلم
(وأطرق إطراق الشجاع وَلَو رأى ... مساغا لناباه الشجاع لصمما)
وَلما ثقل على راسي هَذَا الْجَبَل الراسي وَلم يفد فِيهِ إيناسي قبل إبساسي
وأفضت بِي الْحَال إِلَى نِسْيَان مَا كنت أعلمهُ وَلَا غرو فقد قَرَأَ سعيد بن جُبَير {ثمَّ أفيضوا من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس} وَقَالَ أَبُو الْفَتْح البستي
(واعذر فَأول نَاس أول النَّاس ... )
رجعت إِلَى مَا عِنْدِي من فَوَائِد مَوْلَانَا أعز الله نوافذ أَحْكَامه وَمَا زينت بزهره من مروج تعليقي وأكمامه فَلم أدع بقْعَة وَلَا سبسبا إِلَّا أثرت فِيهِ أثرا وأثرت نَفعه ولفقت هَذَا الْجَواب وَهُوَ كَمَا يُقَال من كل زوق رقْعَة حَتَّى شملتني سعادتك وحملتني بل جملتني إفادتك
(مَا زَالَ يُوقن من يؤمك بالغنى ... وَسوَاك مَانع فَضله الْمُحْتَاج)
وَقد أثبت الْحَصَى على المرجان وضاق بِي وَادي الْإِنْشَاء كَمَا اتَّسع لمولانا من نظمه ونثره المرجان
وَأما بَيت أبي الْحسن عَليّ فَإِنَّهُ أحكم تأسيس بنيته وَرفع بكم نون قافيته وَحرم سكناهُ على غَيْركُمْ وَلَو حرك مَوْلَانَا نون وريه لعام فِي بَحر فَضلكُمْ وَمَا كَأَن الله تَعَالَى أوجد هَذَا الْبَيْت إِلَّا لهَذَا الْبَيْت وللدلالة على فضل الْحَيّ مِنْهُ وَالْمَيِّت
(وَمَا كل زند يزدهي بسواره ... وَلَا كل فرق لَاق من فوفه تَاج)
وَأما قَول مَوْلَانَا وَمَا وَمَا وَمَا أَقُول وكل دمشق مَا فَهَذِهِ نُكْتَة يَأْخُذ الْفَاضِل حسنها مبرهما والغبي مُسلما
وَأما مَا وَصفه من حَال مصر المحروسة وإقبالها عَلَيْهِ وإدلالها لَدَيْهِ فَمَا يَقُول الْمَمْلُوك إِلَّا
(تغايرت الأقطار فِيك محبَّة ... عَلَيْك فَهَذَا الْقطر يحْسد ذَا القطرا)
لَا بل يَقُول
(تغايرت الأقطار فِيك فواحد ... لفقدك يبكي إِذْ لقربك يبسم)
(وكل مَكَان أَنْت فِيهِ مبارك ... وَفِي كل يَوْم فِيهِ عيد وموسم)
(وَلَا شكّ فِي أَن الديار كأهلها ... كَمَا قيل تشقى بِالزَّمَانِ وتنعم)
وَأما مَا وَصفه من حَال الحسدة الباغين والمردة الطاغين فقد رد الله كيدهم فِي نحرهم وزخر تيار بَحر مَوْلَانَا فأغرق وشل نهرهم
(وَلَو علمُوا مَا يعقب الْبَغي قصروا ... وَلَكنهُمْ لم يفكروا فِي العواقب)
وَلَو لم يكن مَوْلَانَا فِي هَذَا الْكَمَال مَا حسد على مَا حازه من غَنَائِم الْمَعَالِي وَلَا ودت النُّفُوس الظالمة أَن تسلبه مَا وهبه الله هُوَ أبهى وأبهر من عُقُود اللآلي وَلَا تمالئوا على اهتضام قدره وَكم هَذَا التَّمَادِي فِي التمالي
(إِن العرانين تلقاها محسدة ... وَلم تَجِد للئام النَّاس حسادا)
فَالْحَمْد لله على النُّصْرَة وَضعف أَقْوَال أهل الْكُوفَة وترجيح أَقْوَال أهل الْبَصْرَة وَمَا يغلق بَاب إِلَّا وَيفتح دونه من الْخيرَات أَبْوَاب وعَلى كل حَال أَبُو نصر أَبُو نصر وَعبد الْوَهَّاب عبد الْوَهَّاب وَمَا يَقُول الْمَمْلُوك فِي مَوْلَانَا إِلَّا كَمَا قَالَ الأول
(من بِالسِّنَانِ يصول عِنْد فطامه ... لم يخْش آخر بالشنان يقعقع)
وَمَا بَقِي غير الْخُرُوج من هَذَا الْجَواب وثبا وَأَن نقُول لركابه الشريف إِذا ورد أَهلا وسهلا ورحبا
طبقات الشافعية الكبرى - تاج الدين السبكي