محمد بن كمال الدين بن محمد الحسيني

آل حمزة

تاريخ الولادة1024 هـ
تاريخ الوفاة1085 هـ
العمر61 سنة
مكان الولادةدمشق - سوريا
مكان الوفاةدمشق - سوريا
أماكن الإقامة
  • مكة المكرمة - الحجاز
  • استانبول - تركيا
  • دمشق - سوريا

نبذة

السَّيِّد مُحَمَّد بن كَمَال الدّين بن مُحَمَّد بن حُسَيْن بن مُحَمَّد بن حَمْزَة وَبَقِيَّة النّسَب ذكرته فى تَرْجَمَة أَخِيه السَّيِّد حُسَيْن نقيب الشَّام وعلامة الْعلمَاء الاعلام الحسينى المنتمى الحنفى الْمَذْهَب رَئِيس وقته فى الْعلم والجاه ووحيد دهره فى سودده وعلاه وَكَانَ عَالما محققا وحبرا مدققا غواصا على الْمسَائِل.

الترجمة

السَّيِّد مُحَمَّد بن كَمَال الدّين بن مُحَمَّد بن حُسَيْن بن مُحَمَّد بن حَمْزَة وَبَقِيَّة النّسَب ذكرته فى تَرْجَمَة أَخِيه السَّيِّد حُسَيْن نقيب الشَّام وعلامة الْعلمَاء الاعلام الحسينى المنتمى الحنفى الْمَذْهَب رَئِيس وقته فى الْعلم والجاه ووحيد دهره فى سودده وعلاه وَكَانَ عَالما محققا وحبرا مدققا غواصا على الْمسَائِل كثيرا لتبحر مملوءا معارف وفنونا وَقد حظى من التَّخْصِيص والتنعم بِمَا قصر عَنهُ غَيره وَتقدم على كل من عاصره من الْكِبَار وَبَلغت شهرته الْآفَاق ورزق الابناء الَّذين هم غرر جباه المعلومات وأكاليل تَاج المكرمات والسعادات وهم السَّيِّد عبد الرَّحْمَن الماضى ذكره والباقى على مدى الازمان حَمده وشكره وَالسَّيِّد عبد الْكَرِيم وَالسَّيِّد ابراهيم الباقيان كالفرقدين النيرين والساميان فى الانارة على نور القمرين أحياهما الله تَعَالَى الْحَيَاة الطبية وروى الآمال بسحائب مواهبهم الصيبة وَقد ولد بِدِمَشْق وربى فى حجر وَالِده وَقَرَأَ الْقُرْآن الْعَظِيم على الشَّيْخ المعمر الصَّالح أَبى بكر السليمى الحنفى وجوده عَلَيْهِ ثمَّ على الشَّيْخ عبد الباقى الحنبلى وَقَرَأَ عَلَيْهِ لاهل سما افرادا وجمعا من طَرِيق الشاطبية والتيسير الى أواسط سُورَة الْبَقَرَة وأحضره وَالِده الى الْفَقِيه الْمسند المعمر الشَّمْس مُحَمَّد بن مَنْصُور بن محب الدّين الحنفى وَأَجَازَهُ بِمَا يجوز لَهُ رِوَايَته وَحضر مجْلِس الشَّمْس الميدانى فى صَحِيح البخارى تَحت قبَّة النسْر من جَامع الاموى فى دمشق فى الثَّلَاثَة أشهر رَجَب وَشَعْبَان ورمضان فَسمع عَلَيْهِ بعض الصَّحِيح وَأَجَازَهُ بسائره وَمَا يجوز لَهُ رِوَايَته فى آخَرين وَقَرَأَ على الْمسند المعمر الشهَاب أَحْمد بن مُحَمَّد الفرغانى البقاعى قِطْعَة من صَحِيح البخارى وَقطعَة من صَحِيح مُسلم وَقطعَة من الاربعين النووية وَأَجَازَهُ بسائرهن وَبِمَا يجوز لَهُ رِوَايَته وجد فى طلب الْعُلُوم على جمَاعَة من الْعلمَاء مِنْهُم السَّيِّد أَحْمد بن على الصفورى وَسمع بقرَاءَته بعض صَحِيح البخارى على النَّجْم الغزى وَمِنْهُم الشَّيْخ مُحَمَّد بن على الحرفوشى العاملى الحريرى وَالشَّيْخ ابراهيم القبردى وَسمع عَلَيْهِ بعض صَحِيح البخارى وَالشَّيْخ عبد اللَّطِيف الجالقى وَالشَّيْخ عبد اللَّطِيف بن المنقار وَعَلَيْهِمَا تفقه وَالشَّيْخ عمر القارى وَالشَّيْخ رَمَضَان بن عبد الْحق العكارى وتفقه عَلَيْهِ وَسمع عَلَيْهِ بعض صَحِيح مُسلم وَالشَّيْخ يُوسُف ابْن أَبى الْفَتْح وتفقه عَلَيْهِ وَالشَّيْخ عبد الرَّحْمَن بن عماد الدّين وتفقه عَلَيْهِ وَسمع عَلَيْهِ بعض التَّفْسِير الزمخشرى وَبَعض صَحِيح البخارى والنجم مُحَمَّد الغزى وَسمع وَقَرَأَ عَلَيْهِ شرح التَّبْصِرَة لِلْحَافِظِ العراقى وَأَجَازَهُ بهَا وبشرح القاضى زَكَرِيَّاء وبسائر تآليفه فى آخَرين وَكتب لَهُم فى طبقَة السماع خطه بذلك ولازم مَجْلِسه تَحت قبَّة النسْر فى صَحِيح البخارى فى الثَّلَاثَة أشهر فَسمع عَلَيْهِ كثيرا من الصَّحِيح والمنلا عبد الْكَرِيم الكورانى نزيل دمشق وَقَرَأَ وَسمع عَلَيْهِ شرح العقائد النسفية للسعد التفتازانى وَشرح الطوالع للسَّيِّد الفنرى وَشرح منَازِل السائرين وَأَجَازَهُ بِمَا يجوز لَهُ رِوَايَته فى آخَرين وَلما ورد الْحَافِظ الاثرى أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد المقرى الى دمشق فى سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَألف لَازمه وَحضر درسه فى شرح الهمزية لِابْنِ حجر فى أرجوزته الْمُسَمَّاة باضاءة الدجنة وَسمع عَلَيْهِ من صَحِيح البخارى قِطْعَة ثمَّ قَرَأَ عَلَيْهِ قِطْعَة مِنْهُ وَمن صَحِيح مُسلم وَقطعَة من الاربعين النووية وأرجوزته الْمَذْكُورَة وَأَجَازَهُ بسائرهن وَمَا تصح لَهُ وَعنهُ رِوَايَته وَلما رَحل الى دَار السلطنة صُحْبَة وَالِد مُسِنَّة أَرْبَعِينَ وَألف لَازم بهَا درس الشَّيْخ حُسَيْن بن عبد النبى الشعال الدمشقى وَلما حج فى سنة خمسين وَألف اجْتمع بمحدث مَكَّة المكرمة الشَّيْخ على بن عَلان وَقَرَأَ عَلَيْهِ قِطْعَة من الشفا للقاضى عِيَاض وَأَجَازَهُ بِمَا يجوز لَهُ رِوَايَته وَكتب لَهُ خطه بذلك وَاجْتمعَ بمحدث الْمَدِينَة المنورة الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن الخيارى وَقَرَأَ عَلَيْهِ قِطْعَة من أول صَحِيح البخارى وَأَجَازَهُ بسائرهن وَمَا يجوز لَهُ رِوَايَته وَأنْشد حِين ابتهج بمشارق أنوار طابه وألم بمزار من فضل الله تَعَالَى على كَافَّة الخليقة ترابه هَذِه الابيات
(حياك يَا طيبَة الغراء مبتكرا ... من الْحيَاء جزيل النَّفْع منسكب)
(فلى بأفقك بدر كَامِل أبدا ... فى حبه مهجتى وَالروح أحتسب)
(بِهِ اعتصامى اذا مَا شفنى ألم ... بِهِ أغاث اذا حلت بى الكرب)
(بِهِ غنيت عَن الدُّنْيَا وزخرفها ... بِهِ توطد لى الاكناف والرتب)
(بِهِ فنيت جوى يَا حبذا تلفى ... وَالْحب مقترب والوصل مرتقب)
(عَلَيْهِ أزكى تحيات معطرة ... من نشره اذ اليه الْعرف ينتسب)
(مَا اخضر عَيْش محبيه بروضته ... وَقَامَ فِيهَا على الاقدام منتحب)
وَقَالَ أَيْضا ممتدحا بَاب السَّلَام على دَاخله السَّلَام
(حبذا بَاب السَّلَام اذا ... عاينته مقلة البادى)
(فِيهِ لى نشأة نشأت ... كَأَنَّمَا نوديت للنادى)
وَلما ورد لدمشق سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَألف الْمولى الشهَاب أَحْمد الخفاجى وَقد وَافق قدومه وُرُود الْورْد كتب لخدمته
(اذا حل مجد فى ديار تزينت ... بِأَحْسَن مَا تولى الرياض وَمَا تبدى)
(وَحَيْثُ اغتدى الْمولى الشهَاب بجلق ... فَلَا غر وَأَن تزهو بهَا بهجة الْورْد)
وتكرر سفره الى دَار السلطنة ولازم على عَادَتهم ودرس ومدح مَشَايِخ الاسلام وصدور الدولة بقصائد فائقة فَمن ذَلِك مَا مدح بِهِ قاضى العساكر الرومية الْمولى أَحْمد الشهير بالمعيد
(أَبى الْقلب أَن يقوى على النَّار والصد ... وغصن الصِّبَا غض يمِيل الى الود)
(وَمَا كل تبريح يُطَاق احْتِمَاله ... وَلَا كل من تهوى تجنيه لَا يردى)
(وبى مائل فى مهجتى لَا اعتياض لى ... بِذَات وشاح عَن لقاه وَلَا برد)
(خميل الدمى عذب اللمى مونق الْحمى ... ظريف السمى غض النما مائس الْقد)
(جميل الْمحيا يخجل الشَّمْس ان بدا ... ضحى أَو مسا أزرى على الاغصن الْمَدّ)
(وان قَامَ حاكى السمهرى اعتداله ... وَيَا حبذا ان رنح الْعَطف بِالْقَصْدِ)
(مليح وشى النمام من فَوق خَدّه ... عذار تحاشى من سَطَا شَوْكَة الْورْد)
(غزانا بهتدى من اللحظ صارم ... فيا حسنه من فَارس فاتك نجدى)
(حكى شعره ليل التجافى بِطُولِهِ ... وأعقب خلفا بعد مَا جاد بالوعد)
(وألوى وَمَا ألوى على بزورة ... فيا حسرى غاض الوفا من ذوى الْعَهْد)
(وَلَكِن لى من فضل مولاى أَحْمد ... نتائج عقد فاح مِنْهَا شذا الند)
وَكتب فى صدر كتاب لبَعض أحبابه قَوْله
(لقد هيج الْقلب التنائى وزادنى ... ولوعا فَهَل أقضى الليالى بعلما)
(وانى لراج للقا بعد بَعدنَا ... وَقد يجمع الله الشتيتين بعد مَا)
وَقَالَ يشكو فِرَاق بعض أحبابه
(كُنَّا ازدواجا فبنا ... والآن صرنا فُرَادَى)
(يَا فرقة قطعتنا ... وَمَا نَسِينَا الودادا)
وَقَالَ أَيْضا فى معنى قَول مهيلر
(أبكى ويبكى غير أَن الاسا ... دُمُوعه غير دموع الدَّلال)
مَا لَفظه
(يقْضى الدجى غير بمطلوبه ... وصلا وأقضيه بوعد محَال)
(أحيى وَيحيى اللَّيْل لكنما ... ليل التجافى غير ليل الْوِصَال)
وَكتب الى أَخِيه السَّيِّد حُسَيْن من دَار الْخلَافَة قَوْله
(كم من بعيد والقلوب دياره ... وَالْعين من طول المدى تختاره)
(يَا نازحين ولى بهم وجد على ... وجد تشعب حَيْثُ شبت ناره)
(رعيا لايام مضين وَنحن فى ... مرح التألف والهنا أقطاره)
(أَيَّام حنا الرياض ومرحنا ... فَوق الْحِيَاض وأسنا أقماره)
(وحديثنا النَّجْوَى يدار ألذ من ... كأس الْعقار تشعشعت أنواره)
(وخطابنا السحر الْحَلَال أسر من ... طيف الخيال اذا بَدَت أسراره)
(لله من عصر نضى لما مضى ... سيف العتو على الحشا تذكاره)
(عود فعود مدنفا فِيكُم قضى ... شرخ الشَّبَاب وَمَا انْقَضتْ أوطاره)
(وتعطفوا بحشاشة الصب الذى ... هجر السكرى وتواصلت أخطاره)
(وعساه يسعده بلطف شَامِل ... من وصلكم فعلى الْكَرِيم مَدَاره)
ثمَّ رَجَعَ الى الشَّام وَأقَام بهَا وَولى النِّيَابَة الْكُبْرَى بِدِمَشْق وقسمه الْعَسْكَر ودرس بالتقوية وَلما توفى وَالِده ولى مَكَانَهُ النقابة وانعقدت عَلَيْهِ صدارة الشَّام وهرعت لبابه الطّلبَة وأرباب الْحَاجَات ودام على الافادة والتحرير وَأَجَازَ فى الاستدعاآت وَألف التآليف الحسان المقبولة من ذَلِك حَاشِيَة على شرح الْخُلَاصَة لِابْنِ النَّاظِم شرع فى تأليفها من بَاب الِاسْتِثْنَاء مَعَ الدَّرْس والتحريرات على الْهِدَايَة مَعَ الدَّرْس من كتاب الطَّهَارَة الى أثْنَاء كتاب الصَّلَاة وَغير ذَلِك من الرسائل والتحريرات وانتفع بِهِ جمَاعَة وَمن أجل من أَخذ عَنهُ الامام الْهمام مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان المغربى نزيل الْحَرَمَيْنِ الشريفين وَشَيخنَا الشَّيْخ رَمَضَان بن مُوسَى بن عطيف وَشَيخنَا الشَّيْخ أَبُو الْمَوَاهِب الحنبلى وَشَيخنَا الشَّيْخ عبد الحى العكرى وَغَيرهم وَكَانَت تصدر لَهُ مجَالِس تُؤثر عَنهُ وَيحدث عَن عظم وقعها فى النُّفُوس فَمن ذَلِك أَنه خرج يَوْمًا الى منتزه يسفر عَن محياه وينفتق عَن طيب رياه فقرئ بَين يَدَيْهِ مَا غنته نعم الْجَارِيَة بَين يَدي الْمَأْمُون وَهُوَ
(وَلَقَد أَخَذْتُم من فؤادى انسة أَنه ... لَا شل ربى كف ذَاك الْآخِذ)
(وَزَعَمت أَنى ظَالِم فهجرتنى ... ورميت فى قلبى بِسَهْم نَافِذ)
(وَنعم هجرتك فاغفرى وتجاوزى ... هَذَا مقَام المستجير العائذ)
(هَذَا مقَام فَتى أضرّ بِهِ الْهوى ... قرح الجفون بِحسن وَجهك لائذ)
قلت وقصة هَذِه الابيات ذكرهَا ابْن خلكان وَقَالَ انه استعادها الْمَأْمُون الصَّوْت ثَلَاث مَرَّات وَكَانَ بِحَضْرَتِهِ اليزيدى فَقَالَ لَهُ يَا يزيدى أَيكُون شئ أحسن مِمَّا نَحن فِيهِ قَالَ قلت نعم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ مَا هُوَ فَقلت الشُّكْر لمن خولك هَذِه النعم الْعَظِيمَة الجليلة فَقَالَ أَحْسَنت وصدقت ووصلنى وَأمر بِمِائَة ألف دِرْهَم يتَصَدَّق بهَا فكانى أنظر الى الْبَدْر وَقد أخرجت وَالْمَال يفرق انْتهى فَلَمَّا قُرِئت أنْشد النَّقِيب صَاحب التَّرْجَمَة لنَفسِهِ مضمنا لمصراع هَذَا مقَام المستجير العائذ فَقَالَ
(نقل العذول بأننى أفنيت مَا ... أخْفى الْحفاظ من الغرام الواقذ)
(هبنى اقترفت لما افترى فاغفره لى ... هَذَا مقَام المستجير العائذ)
وَأنْشد أَيْضا قَوْله
(نبذا الخليط مودتى حَيْثُ العدا ... حولى يروعنى بهجر النابذ)
(فَسَأَلته الرجعى وَقلت دع القلى ... هَذَا مقَام المستجير العائذ)
ثمَّ أَشَارَ لاولاده وَمن فى مَجْلِسه من أحفاده بِأَن يضمن كل مِنْهُم هَذَا المصراع وينظم مَا يُنَاسِبه على وَجه الِاتِّبَاع وَمَا قَصده الاسبر قرائحهم واختبار سافلهم وراجحهم فَانْتدبَ وَلَده النّدب السَّيِّد عبد الرَّحْمَن فَقَالَ
(نبذا العهود مغاضبى فألم بى ... فى صُورَة الاشفاق طيف النابذ)
(فَسَأَلته أَن لَا يفوه بِمَا جرى ... فيحيله عَنى بقول نَافِذ)
(فَمضى ونم على فِيمَا قلته ... فاتى يهددنى بِسيف شاحذ)
(رحماك قد صدق الخيال وانما ... هَذَا مقَام المستجير العائذ)
ثمَّ تَلا تلوه السَّيِّد عبد الْكَرِيم فَقَالَ
(هَب قادنى فِيك الغرام فَمَا الذى ... ألجاك تعذيبى بهجر واقذ)
(أضراعتى أم مَا افترته عواذلى ... عَنى اليك من الْكَلَام النَّافِذ)
(رحماك بِي لَا ترع غير مودتي ... وحفاظ ودي لاتكن بالنابذ)
(فلديك مِنْك بك استعذت وانه ... هَذَا مقَام المستجير العائذ)
وَقَالَ أَيْضا
(ريم رنا نحوى بِطرف أدعج ... فاستل روحى من جَمِيع مآخذى)
(فطفقت أستعفى اللواحظ قَائِلا ... هَذَا مقَام المستجير العائذ)
ثمَّ ثلث الثَّالِث السَّيِّد ابراهيم فَقَالَ
(قد أوسعت عَيناهُ قلبى أسهما ... ان غض عَنى هَذِه أصمى بذى)
(مَا فوقت الا وَقلت لسهمها ... هَذَا مقَام المستجير العائذ)
ثمَّ قَالَ شَيخنَا بركَة الْوُجُود الشَّيْخ عبد الْغنى النابلسى
(لاحظت خالا فَوق صفحة خَدّه ... متواريا خوف اللهيب النَّافِذ)
(فَسَأَلته مَاذَا الْمقَام فَقَالَ لى ... هَذَا مقَام المستجير العائذ)
ثمَّ اتَّصل بشيخنا الشَّيْخ عبد الْقَادِر بن عبد الهادى فَقَالَ
(وافى الحبيب بِغَيْر وعد زَائِرًا ... يرنو بِطرف بالمجامع آخذ)
(أربى بسكر هوى وسكر مدامة ... حَتَّى اذا سدت على منافذى)
(ناديته حسبى فديتك زَائِرًا ... هَذَا مقَام المستجير العائذ)
ثمَّ قَالَ شَيخنَا الشَّيْخ عبد الحى العكرى
(أنزلت آمالى بوادى مخصب ... وَحمى منيع نعم كَهْف اللائذ)
(فلذاك نادانى يقينى مُعْلنا ... هَذَا مقَام المستجير العائذ)
وَقَالَ الشَّيْخ زين الدّين البصروى
(وأغن فتاك اللواحظ ادعج ... يرْمى بنبل فى الْقُلُوب نوافذ)
(نادته أفلاذى وَقد فتكت بهَا ... هَذَا مقَام المستجير العائذ)
وَقَالَ شَيخنَا عبد الرَّحْمَن التاجى البعلى
(وَلَقَد وقفت على الطلول عَشِيَّة ... التوديع يَوْم الْبَين وَقْفَة لائذ)
(فاستعبرت عيناى لما بَان من ... أَوْهَى بفرقته جَمِيع مآخذى)
(لَام العذول وَقد رآنى والها ... فأجبته خفض عَلَيْك منا بذى)
(لَو راعك الْبَين المشت عذرتى ... هَذَا مقَام المستجير العائذ)
وَقَالَ الأمجد بن السّفر جلانى
(يَا آل بَيت الْمُصْطَفى شعرى حلا ... فِيكُم وَطَابَتْ بالمديح لذائذى)
(وافيتكم أبغى حماكم منشدا ... هَذَا مقَام المستجير العائذ)
وَقَالَ الشَّيْخ مُحَمَّد الذهبى
(يَا من اذا جَارِيَته فى مَسْلَك ... ألفيته قد سد طرق منافذى)
(أَهْون بمضناك الذى حيرته ... هَذَا مقَام المستجير العائذ)
ثمَّ بعد أَيَّام طلب تَضْمِينه من الامير المنجكى فَقَالَ
(بسوى حماكم لَا ترانى مقلة ... يَا من لَهُم ودى الْمُؤَكّد لائذى)
(فاذا وقفت ببابكم متذللا ... هَذَا مقَام المستجير العائذ)
وَقَالَ الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن الموصلى
(عاهدته أَن لَا يمل وَقد رآى ... نبذ العهود فديته من نابذ)
(رد الصَّباح لناظرى بهجره ... لَيْلًا وسدد بالصدر منافذى)
(ناديته واليأس أَمْسَى ضَاحِكا ... وأنامل الآمال تَحت نواجذى)
(رفقا بقلب لَا يمِيل لغيركم ... هَذَا مقَام المستجير العائذ)
انْتهى وَمِمَّا يحْكى من مَكَارِم اخلاقه أَنه دَعَاهُ بَنو الاصفر أَعْيَان تجار الشَّام فَسقط قنديل مَمْلُوء زيتا على عِمَامَة صَاحب التَّرْجَمَة وفروته فاستشاط غيظا وحنقا فَأَنْشد بعض الادباء مُخَاطبا أَصْحَاب الدعْوَة بمسمع من صَاحب التردمة بيتى محيى الدّين بن عبد الظَّاهِر فى الْملك الاشرف لما نَازل عكا وهما
(يَا بنى الاصفر قد حلت بكم ... نقمة الله الَّتِى لَا تنفصل)
(نزل الاشرف فى ساحلكم ... فابشروا مِنْهُ بصفع مُتَّصِل)
فسرى عَنهُ الْغَضَب وتلافى الْمجْلس بِأَحْسَن تلاف وانهش قَالَ لى بعض الاخوان كَثِيرَة وَكَانَ مُضر ذَلِك الْمجْلس مَا رَأَيْته سرورة فِي تِلْكَ اللَّيْلَة وَقد وَقعت على أشعار وَقد ذكر لى وَلَده الصَّغِير الْكَبِير الشان السَّيِّد الْفَاضِل ابراهيم انه جمع ديوانا لنَفسِهِ وَمِمَّا يلطف موقعه قَوْله فى الْغَزل
(أمل لَيْسَ يقْضى فى تمنى ... نظرة تستفاد عِنْد التفاتك)
(لست أرضاك مُسْرِفًا فى تجنيك بِحَال وَالْحسن بعض صفاتك)
(لَك فى كل مهجة راضها الْحبّ هوى يستطاب فى مرضاتك ... )
(بقوام يملى على اذا مَال حَدِيث الرماح فى لفتاتك ... )
(ومحيا يرى ضئيل نحولى ... لعذولى وَالصُّبْح للسر هاتك)
(وسنا مبسم الى الرشد يهدى ... هائما ضل فى دجى مرسلاتك)
(يَا بديعا تحكى الرياض سجاياه أقل مهجتى شبا لحظاتك ... )
(أَنا من لَا يحيله فرط اعرا ... ضك عَن مَذْهَب الولا وحياتك)
(وعَلى مهجتى رَقِيب من الوجد أرى فى لقاه بهجة ذاتك ... )
(حسب قلب وناظر يتمنا ... ك بِأَن لَا يرى سوى حَسَنَاتك)
(ملح تسلب النهى ومزايا ... أَيهَا يُسْتَطَاع واللحظ فاتك)
وَله غير ذَلِك مِمَّا ذكرته فى كتابى النفحة وَكَانَت وِلَادَته فى غرَّة رَجَب سنة أَربع وَعشْرين وَألف وَتوفى ختام صفر سنة خمس وَثَمَانِينَ وَألف وَدفن بمقبرة الفراديس رَحمَه الله تَعَالَى
ــ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.

 

 

محمد بن كمال الدين بن محمد الحسيني الحنفي، من آل حمزة:
نقيب الشام وصدرها في عصره. كان شاعرا فاضلا، له علم بالحديث والأدب وفقه الحنفية.
وصنف كتبا، منها (حاشية على شرح الألفية لابن الناظم) في النحو. وكان الأديب ابن شاشو ينسخ له كتبه. مولده ووفاته في دمشق .
-الاعلام للزركلي-