محمد بن محمد بن محمد الغزي العامري أبي المكارم نجم الدين

أبي السعود

تاريخ الولادة977 هـ
تاريخ الوفاة1061 هـ
العمر84 سنة
مكان الولادةدمشق - سوريا
مكان الوفاةدمشق - سوريا
أماكن الإقامة
  • مكة المكرمة - الحجاز
  • حلب - سوريا
  • دمشق - سوريا
  • الرملة - فلسطين

نبذة

مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن مفرج بن بدر وَتقدم تَمام النّسَب فى تَرْجَمَة أَخِيه أَبى الطّيب مُحدث الشَّام ومسندها الشَّيْخ الامام نجم الدّين أَبُو المكارم وَأَبُو السُّعُود بن بدر الدّين بن رضى الدّين الغزى العامرى الدمشقى الشافعى شيخ الاسلام مُلْحق الاحفاد بالاجداد.

الترجمة

مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن مفرج بن بدر وَتقدم تَمام النّسَب فى تَرْجَمَة أَخِيه أَبى الطّيب مُحدث الشَّام ومسندها الشَّيْخ الامام نجم الدّين أَبُو المكارم وَأَبُو السُّعُود بن بدر الدّين بن رضى الدّين الغزى العامرى الدمشقى الشافعى شيخ الاسلام مُلْحق الاحفاد بالاجداد المتفرد بعلو الاسناد ترْجم نَفسه فى كِتَابه بلغَة الْوَاجِد فى تَرْجَمَة وَالِده الْبَدْر فَقَالَ مولدى كَمَا رَأَيْته بِخَط شيخ الاسلام يَوْم الاربعاء حادى عشر شعْبَان المكرم سنة سبع وَسبعين وَتِسْعمِائَة وسط النَّهَار وَقت الظهيرة ودعا لى الْوَالِد بَعْدَمَا كتب ميلادى فَقَالَ أنشأه الله تَعَالَى وعمره وَجعله ولدا صَالحا برا تقيا وَكَفاهُ وحماه من بلَاء الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَجعله من عباده الصَّالِحين وَحزبه المفلحين وعلمائه العاملين ببركة سيد الْمُرْسلين صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم وحسبنا الله وَنعم الْوَكِيل انْتهى مَا وجدته بِخَط الشَّيْخ الْوَالِد وَلَا بَأْس بِذكر شئ مِمَّا من الله تَعَالَى على بِهِ على عَادَة عُلَمَاء الحَدِيث وان كنت فى نفسى مقصرا وَعَن حلبة الْعلمَاء مقهقهرا فاقول ربيت فى حجر والدى وَتَحْت كنفه حَتَّى بلغت سبع سنوات وقرأت عَلَيْهِ من كتاب الله تَعَالَى قصار الْمفصل وَحَضَرت بَين يَدَيْهِ يَوْم عيد الْفطر عَام وَفَاته وَقلت يَا سيدى أُرِيد أَن أَقرَأ عَلَيْك من أول الْبَقَرَة الى المفلحون فَقَالَ لى يَكْفِيك الى هُنَا فأطبقت الْمُصحف بعد ان لقننى سُبْحَانَ رَبك رب الْعِزَّة عَمَّا يصفونَ وَسَلام على الْمُرْسلين وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وانعم على حِينَئِذٍ بِأَرْبَع قطع فضَّة ترغيبا لى وأمرنى وَأَنا ابْن سِتّ سنوات ان أَصوم رَمَضَان ويعطينى فى كل يَوْم قِطْعَة فضَّة فَصمت مُعظم الشَّهْر وَكَانَ ذَلِك ترغيبا مِنْهُ وَحسن تربية وَصمت رَمَضَان السّنة الَّتِى مَاتَ فِيهَا الا يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ وَأَنا ابْن سبع وَبقيت اجْلِسْ مَعَه للسحور وَكَانَ يَدْعُو لى كثيرا وأحضرنى دروسه أَنا وأخى الشَّيْخ كَمَال الدّين فى سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَثَلَاث وَثَمَانِينَ وَأَرْبع وَثَمَانِينَ وحدثتنى والدتى عَنهُ انه كَانَ يَقُول ان أحيانى الله تَعَالَى حَتَّى يكبر نجم الدّين أَقرَأته فى كتاب التَّنْبِيه وأجازنى فِيمَن حضر دروسه اجازة خَاصَّة وأجازنى فى حزبه الذى كتبه لمفتى مَكَّة الشَّيْخ قطب الدّين اجازة عَامَّة فى عُمُوم أهل عصره من الْمُسلمين ثمَّ ربيت بعد وَفَاته فى حجر والدتى أَنا واخوتى فأحسنت تربيتنا ووفرت حرمتنا وعلمتنا الصَّلَوَات والآداب وحرصت على تعليمنا الْقُرْآن وَجَازَت شُيُوخنَا على ذَلِك وكافأتهم وَقَامَت فى كفالتنا بِمَا هُوَ فَوق مَا تقوم بِهِ الرِّجَال مترملة علينا راغبة من الله سُبْحَانَهُ فى حسن الثَّوَاب والنوال وجزيل الْحَظ من قَوْله أَنا أول من يفتح بَاب الْجنَّة أَلا انى أرى امْرَأَة تبادرنى فَأَقُول لَهَا مَالك وَمن أَنْت فَتَقول أَنا امْرَأَة قعدت على أَيْتَام لى رَوَاهُ أَبُو يعلى من حَدِيث أَبى هُرَيْرَة رضى الله عَنهُ قَالَ الْحَافِظ المنذرى // واسناده حسن // ان شَاءَ الله تَعَالَى وَقَالَ أَنا وَامْرَأَة سفعاء الْخَدين كهاتين يَوْم الْقِيَامَة وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ يُرِيد ابْن زُرَيْع السبابَة وَالْوُسْطَى وَامْرَأَة آمت من زَوجهَا ذَات منصب وجمال حبست نَفسهَا على يتاماها حَتَّى باتوا أَو مَاتُوا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن عَوْف بن مَالك الاشجعى رضى الله عَنهُ قَالَ الخطابى السفعاء الَّتِى تغير لَوْنهَا الى الكمودة والسواد من طول الايمة يُرِيد بذلك انها حبست نَفسهَا على أَوْلَادهَا وَلم تتَزَوَّج فتحتاج الى الزِّينَة والتصنع للزَّوْج فجزاها الله عَنَّا أحسن الْجَزَاء وعوضها عَمَّا تركت من أَجله لوجهة فى دَار الْبَقَاء وساعدها على ذَلِك كُله شقيقها الخواجا زين الدّين عمر بن الخواجا بدر الدّين حسن بن سبت واجزل الينا خيرا وَكَانَت معيشتنا من ريع وقف جدنا وَملك ابينا وميراثه الذى تلقيناه عَنهُ أَحْسَنت والدتنا التَّصَرُّف فى أَمْوَالنَا وفى مؤنتنا وكسوتنا وَلم تحملنا منَّة أحد قطّ وَتقول هُوَ ببركة والدهم ثمَّ انها أعزها الله وَمد فى أجلهَا اشغلتنا بِقِرَاءَة الْقُرْآن وَطلب الْعلم فَقَرَأت الْقُرْآن على الشَّيْخ عُثْمَان اليمانى ثمَّ نقلنى الْوَالِد قبل وَفَاته الى الشَّيْخ يحيى العمارى فختمت عَلَيْهِ الْقُرْآن مَرَّات واقرأنى فى الاجرومية والجزرية والشاطبية والالفية تَصْحِيحا وحفظا لبعضهن وحفظت عَلَيْهِ مُعظم الْقُرْآن قلت وَقد تَرْجمهُ فى الْكَوَاكِب وَقَالَ انه كَانَ من أَوْلِيَاء الله تَعَالَى مِمَّن تطوى لَهُ الارض قَالَ ثمَّ أخذت فى طلب الْعلم فترددت الى مجْلِس الشَّيْخ الْعَلامَة زين الدّين عمر بن سُلْطَان مفتى الْحَنَفِيَّة فَقَرَأت عَلَيْهِ الاجرومية حفظا وحلا وَشَرحهَا للشَّيْخ خَالِد ثمَّ لَزِمت درس شَيخنَا شيخ الاسلام شهَاب الدّين العيثاوى فَقَرَأت عَلَيْهِ شرح الجزرية للمكودى وقرأت عَلَيْهِ شرح الْمِنْهَاج بِتَمَامِهِ الا فرقا يَسِيرا من أواسطه وأواخره وَلَكِن سَمِعت عَلَيْهِ مَا فاتنى وقرأت عَلَيْهِ نصف شرح الْمِنْهَاج الصَّغِير الاول لشيخ الاسلام والدى وَسمعت عَلَيْهِ مَوَاضِع صَالِحَة من شرح الْمحلى وقرأت من أَوَائِل شرح الْبَهْجَة للقاضى زَكَرِيَّا وَسمعت عَلَيْهِ من أول الارشاد واوسطه بِقِرَاءَة الشَّيْخ مُحَمَّد بن دَاوُد وَصَاحبه الشَّيْخ مُحَمَّد الزوكارى الصالحيين وَسمعت عَلَيْهِ عقيدة الشيبانى بِقِرَاءَة أَبى الصفاء بن الحمصى وَله على تربية وحنو وَعطف وَهُوَ أعز شيوخى عندى وأحبهم الى جزاهم الله عَنى خيرا وقرأت عَلَيْهِ فى الحَدِيث من أول البخارى وَغَيره والى الْآن فى صحبته من سنة احدى وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة ثَلَاث عشرَة سنة اطال الله صحبتنا ومتعنى بحياته ونفعنى ببركته ولزمت شَيخنَا مفتى الْفرق شيخ الاسلام أَبَا الْفضل مُحَمَّد محب الدّين القاضى الحنفى أعز الله جَانِبه فَقَرَأت شَرحه على منظومة الشَّيْخ الْعَلامَة محب الدّين ابْن الشّحْنَة كَمَا تقدم فى تَرْجَمته وَمن أَوَائِل المطول وقرأت عَلَيْهِ نَحْو ربع صَحِيح البخارى وَكتب لى بِهِ وَبِغَيْرِهِ اجازة بِخَطِّهِ وَهُوَ متع الله بحياته الى الْآن يُوصل الينا احسانه وانعامه علما وثناء ومالا وَغير ذَلِك مِمَّا لَا نستطيع مكافأته الا ان يجازيه الله عَنَّا أحسن الْجَزَاء ويمتعنا بحياته وعلومه مَا تعاقب الصَّباح والمساء وقرأت على السَّيِّد الشريف الحسيب النسيب الامام الْعَلامَة اللوذعى الْمُحَقق الفهامه قاضى الْقُضَاة فى حلب ثمَّ الْمَدِينَة ثمَّ آمد بضميمة الافتاء بهَا وَقَضَاء البيره السَّيِّد مُحَمَّد بن السَّيِّد مُحَمَّد بن السَّيِّد حسن السعودى تغمده الله تَعَالَى برحمته حُسَيْن قدم علينا دمشق الشَّام فى سنة ثَمَان وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة مَوَاضِع من تَفْسِير القاضى الْعَلامَة نَاصِر الدّين البيضاوى وَمِنْهَا تَفْسِير قَوْله تَعَالَى شهد الله انه لَا اله الا هُوَ الْآيَتَيْنِ باشارته وأجازنى بمروياته مِنْهَا تَفْسِير الْمُفْتى الاعظم والامام الاقدم أَبى السُّعُود مُحَمَّد بن العمادى رَحمَه الله تَعَالَى وَلم أر فى موالى الرّوم اذكى من وَلَا ارغب فى الْعلم مِنْهُ رَحمَه الله تَعَالَى وأجازنى من المصريين شَيخنَا شيخ الاسلام شمس الدّين الرملى المصرى وَشَيخنَا الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الاستاذ الاعظم زين العابدين البكرى متع الله بحياتهما كِتَابَة الى قلت وَسمع المسلسل بالاولية من مُحدث حلب شيخ الاسلام مَحْمُود بن مُحَمَّد البيلونى الشافعى حِين قدم دمشق فى سنة سبع بعد الالف وَأَجَارَهُ بمروياته وَأخذ عَن مُحدث مَكَّة المشرفة شيخ الاسلام الشَّمْس مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الزمزمى الشافعى فى سنة سبع بعد الالف قَالَ وَفتح الله تَعَالَى على بالنظم والنثر والتأليف من سنة احدى وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة وَذكر من شعره قَوْله
(لَو بحت بالحب الذى ... أضنى الْفُؤَاد وَكلما)
(لبكى لى الصخر الاصم وَكَاد أَن يتكلما ... )
ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك وَدخلت فى يَوْم عَرَفَة سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة على شيخ الاسلام الشَّيْخ اسماعيل النابلسى أهنيه بالعيد فَرَأَيْت عِنْده جمَاعَة مِنْهُم شَيخنَا الْعَلامَة المنلا أَسد بن معِين الدّين أَقُول فَعلم من قَوْله ذَلِك ان المنلا أَسد من مشايخه ثمَّ رَأَيْته ذكر فى تَرْجَمَة الاسد فى الْكَوَاكِب انه قَرَأَ عَلَيْهِ فى شرح الشذور لِابْنِ هِشَام ودروسا من شرح الجاربردى على الشافية ثمَّ قَالَ وَمن مؤلفاته نظم الاجرومية سميته الْحلَّة البهية واقتديت فى نظمها بوالدى لشرح الاجرومية لطيف ممزوج وَشرح الْقطر لِابْنِ هِشَام وَشرح الْقَوَاعِد لِابْنِ هِشَام ايضا وَشرح منظومة والدى فى النَّحْو نظما فى أَرْبَعَة آلَاف بَيت سميته المنحة النجمية فى شرح الملحة البدرية قرط الْعلمَاء عَلَيْهَا ومنظومة فى النَّحْو مائَة بَيت ومنظومة فى التصريف والخط كَذَلِك مائَة بَيت ونظم العقيان فى مورثات الْفقر وَالنِّسْيَان للناجى وَهُوَ غير نظم الْجد الشَّيْخ رضى الدّين ومختصر فى النَّحْو سميته الْبَهْجَة وكتبت قِطْعَة على التَّوْضِيح لِابْنِ هِشَام وَقطعَة على الشافية لِابْنِ الْحَاجِب وَشرح لامية الافعال لِابْنِ مَالك فى التصريف فى شرحين ممزوجين الاول منظوم من بَحر الاصل وقافيته فى نَحْو ألف بَيت ونظم شرح شَيخنَا عَلامَة الْعَصْر الْمُحب الحموى على منظومة الْعَلامَة الْمُحب ابْن الشّحْنَة فى الْمعَانى وَالْبَيَان ونظم فَرَائض الْمِنْهَاج فى الْفِقْه وَشرح منظومة والدى فى ضبط شَأْن الْقَاعِدَة الْفِقْهِيَّة كل مَا كَانَ أَكثر عملا أَو أشق فَهُوَ أَكثر فى الثَّوَاب وسميته تحفة الطلاب وشرحت ابياتا لصاحبنا الشَّيْخ أَبُو الوفا الحموى العبدرى فى شُرُوط تَكْبِيرَة الاحرام بالتماس مِنْهُ فى شرحين الاول منثور سميته الدرة المنيرة فى شُرُوط التَّكْبِيرَة الثانى منظوم سميته تحفة النظام فى تَكْبِيرَة الاحرام وشرحت كتاب اللآلى المبدعة فى الْكِنَايَات المخترعة لشيخ الاسلام الْجد ونظمت خَصَائِص الْجُمُعَة فى منظومة سميتها اللآلى المجتمعه ونظمت كتاب رُوَاة الاساطين فى عدم الدُّخُول على السلاطين للشَّيْخ السيوطى واختصرت كتاب المنهل الروى فى الطِّبّ النبوى لَهُ أَيْضا فى مُخْتَصر سميته الْمُخْتَار وكتبت شرحا حافلا على قَول الشَّيْخ علوان الحموى رَحمَه الله تَعَالَى
(وَشرع وَحقّ وَحقّ وَشرع ... وَجمع وَفرق وَفرق وَجمع)
(ينَال الْفَتى كل مَا يشتهى ... بتنزيه طرف وتقديس سمع)
(وَترك هوى بِاتِّبَاع الْهوى ... وتأديب نفس وتنزيه طبع)
(عَلَيْك بهَا انها انها ... جماع لخير ومفتاح جمع)
وسميته كتاب الهمع الهتان فى شرح أَبْيَات الْجمع للشَّيْخ علوان وَأعظم مؤلفاتى الْآن شرحى على ألفية التصوف لشيخ الاسلام الْجد الْمُسَمّى بمنبر التَّوْحِيد ومظهر التفريد فى شرح جمع الْجَوْهَر الفريد فى أدب الصوفى والمريد وَهُوَ كتاب حافل جمعت فِيهِ جَمِيع أَحْكَام الطَّرِيق ووفيت فِيهِ شُرُوط الشَّرْع فى عين التَّحْقِيق وَهُوَ وكل مؤلفاتى الَّتِى أَشرت اليها الْآن كوامل بِفضل الله مَا عدا شرح التَّوْضِيح وَشرح الشافية وَشرح اللآلى المبدعة لَكِن الاخير مشرف على الْكَمَال وفى عزمى الْآن أَن أكتب فى الْفِقْه كتابا حافلا وَأَنا شَارِع فى مؤلفات أُخْرَى اسْأَل الله تَعَالَى التَّوْفِيق وَمن مؤلفاتى الَّتِى كملت الْآن أَيْضا مجالسى فى تَفْسِير سُورَة الاسراء الَّتِى أمليتها فى سنة ثَمَان وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة ومجالسى الَّتِى أمليتها فى السنتين بعْدهَا الى آخر سُورَة طه ثمَّ تركت تدريس مجَالِس وعظى وَجعلت أُمليهَا على مَا يفِيض الله من سيب فَضله وَيفتح وَمن مؤلفاتى أَيْضا هَذَا الْكتاب الحافل الْمُسَمّى بلغَة الْوَاجِد فى تَرْجَمَة شيخ الاسلام الْوَالِد وفى ضمنهَا أَرْبَعُونَ حَدِيثا من مسموعاتى كَمَا ترَاهَا مسطرة فى الْبَاب السَّابِع ونسأل الله تَعَالَى التَّوْفِيق وَقد قرظ أكَابِر عُلَمَاء مصر وَالشَّام على شرحى اللمحة البدرية وشرحى على منظومة ابْن الشحنه اه كَلَامه ثمَّ ذكر شَيْئا من التقاريظ أَقُول وَمن مؤلفاته أَيْضا كتاب عقد النظام لعقد الْكَلَام وَهُوَ كتاب غَرِيب الْوَضع مبْنى على مقولات للسلف فى النَّصِيحَة والزهد واشباههما ثمَّ ينظم تِلْكَ المقولات وَيذكر نظمه عِنْد آخر كل مقولة نقلت مِنْهُ أَشْيَاء مِنْهَا ذكر النووى فى تَهْذِيب الاسماء واللغات عَن الامام الشافعى انه قَالَ مَا أَفْلح فى الْعلم الا من طلبه فى الْقلَّة وَلَقَد كنت أطلب القرطاس فيعسر على وَقَالَ لَا يطْلب أحد هَذَا الْعلم بِالْمَالِ وَعز النَّفس فيفلح وَلَكِن من طلبه بذلة النَّفس وضيق الْعَيْش وخدمة الْمعلم والتواضع فى النَّفس أَفْلح قَالَ وَقلت فى مَعْنَاهُ هَذَا
(من يطْلب الْعلم بذل وضيق الْعَيْش والخدمة والانقطاع ... )
(فَهُوَ الذى يفلح لَا من غَدا ... يَطْلُبهُ بالعز والاتساع)
وَقلت
(من يطْلب الْعلم بعز الْغنى ... يبطر وَلَا يفلح بِمَا يصنع)
(للْعلم طغيان كَمَا للغنى ... وَالْعلم بالطغيان لَا ينفع)
(لَا يبلغ الْعَالم شأو الْعلَا ... الا لتقى الاروع الاورع)
وَمِنْهَا عَن أَبى سُلَيْمَان الدارانى رضى الله عَنهُ قَالَ لَو اجْتمع الْخلق جَمِيعًا أَن يضعوا عملى كَمَا عِنْد نفسى مَا قدرُوا على ذَلِك قَالَ وَقد ضمنت كَلَامه رضى الله عَنهُ فى قولى
(قل لنفسى ان تراعى ... حق ربى لن تراعى)
(انما نقص وَضعف ... وانتقاص من طباعى)
(من يضع منى ويجهد ... لم يضعنى كَمَا تضاعى)
(ان عرفانى بنفسى ... قد كفانى وعظ واعى)
(انما الدُّنْيَا مَتَاع ... لم يدم فِيهَا انتفاعى)
(انما يسْعَى لدار ... لم تضع فِيهَا المساعى)
(دَار تكريم اليها ... قد دعانى كل داعى)
وَله كتاب تحبير الْعبارَات فى تَحْرِير الامارات وَهُوَ أَيْضا عَجِيب نقل فِيهِ مَا نَصه يبتلى المغتاب بِأَن يغتاب روى أَبُو الشَّيْخ بن حَيَّان فى كتاب النكت والنوادر عَن عبد الله بن وهب قَالَ قَالَ مَالك بن أنس رضى الله عَنهُ كَانَ عندنَا بِالْمَدِينَةِ قوم لَا عُيُوب لَهُم تكلمُوا فى عُيُوب النَّاس فَصَارَت لَهُم عُيُوب وَكَانَ عندنَا قوم لَهُم عُيُوب سكتوا عَن عُيُوب النَّاس فنسيت عيوبهم قلت
(عائب النَّاس وان كَانَ سليما يستعاب ... )
(والذى يمسك عَن عيب الورى سَوف يهاب ... )
(مَا دُخُول الْمَرْء فِيمَا ... لَيْسَ يعنيه صَوَاب)
وَذكر فِيهِ أَيْضا روى أَبُو الشَّيْخ أَيْضا عَن مطرف قَالَ قَالَ لى مَالك بن أنس رضى الله عَنهُ مَا تَقول النَّاس فى قلت أما الصّديق فيثنى وَأما الْعَدو فَيَقَع فَقَالَ مَا زَالَ النَّاس كَذَلِك لَهُم صديق وعدو وَلَكِن نَعُوذ بِاللَّه من تتَابع الالسن كلهَا وَقلت
(لَا ترى كَامِلا خلا ... من عَدو يعِيبهُ)
(بل لَهُ من سبابه ... وأذاه نصِيبه)
(أَحمَق النَّاس من يرى ... ان ذَا لَا يُصِيبهُ)
(وأخو الْكيس قد رجا الله عَنهُ يثيبه ... )
(حَسبه الله ربه ... فَهُوَ عَنهُ ينوبه)
وَنقل فِيهِ عِنْد ذكر امارات الصّبيان قَالَ وَمن لطائف الْعَلامَة الشَّيْخ زين الدّين عمر ابْن المظفر الوردى وَقد ولى السلطنة صبى مُمَيّز غير بَالغ
(سلطاننا الْيَوْم طِفْل والاكابر فى ... خلف وَبينهمْ الشَّيْطَان قد نزغا)
(وَكَيف يطْمع من مسته مظْلمَة ... أَن يبلغ السؤل وَالسُّلْطَان مَا بلغا)
وَله كتاب التنسيه فى التَّشْبِيه وَهُوَ كتاب بديع فى سبع مجلدات فى قطع النّصْف لم يسْبق الى تأليفه وَهُوَ أَن يذكر مَا ينبغى للانسان مَا يتشبه بِهِ من أَفعَال الانبياء وَالْمَلَائِكَة والحيوانات المحمودة وَمَا يتشبه بِهِ من اجْتِنَاب مَا يذم فعله رَأَيْته ونقلت مِنْهُ أَشْيَاء لَطِيفَة مِنْهَا قَوْله لقد مر بى فى بعض مجالسى من نَحْو عشْرين سنة أَنى دَعَوْت الله تَعَالَى فَقلت اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا من الصَّالِحين فان لم تجعلنا من الصَّالِحين فاجعلنا من المخلطين الَّذين خلطوا عملا صَالحا وَآخر سَيِّئًا أَو مَا هَذَا مَعْنَاهُ فَبعد انْقِضَاء الْمجْلس اعْترض على بعض السامعين فَقَالَ يَا سيدى كَيفَ تَدْعُو الله أَن يجعلنا من المخلطين وَالْمَعْصِيَة مقررة فيهم قلت سُبْحَانَ الله وَالْعَمَل الصَّالح مُقَرر فيهم أَيْضا وَهُوَ أولى من أَن نَكُون من المصرين فان لم يصبهَا وابل فطل ثمَّ وقفت على كَلَام مطرف وَهُوَ مَا روى البيهقى عَن مطرف قَالَ انى لاستلقى فى اللَّيْل على فراشى وأتدبر الْقُرْآن فَأَعْرض نفسى على أَعمال أهل الْجنَّة فاذا أَعْمَالهم شَدِيدَة كَانُوا قَلِيلا من اللَّيْل مَا يهجعون يبيتُونَ لرَبهم سجدا وقياما مَا أَمن هُوَ قَانِت آنَاء اللَّيْل سَاجِدا وَقَائِمًا فَلَا أرانى مِنْهُم فَأَعْرض نفسى على هَذِه الْآيَة {مَا سلككم فِي سقر قَالُوا لم نك من الْمُصَلِّين} الى قَوْله {نكذب بِيَوْم الدّين} فَأرى الْقَوْم مكذبين فَلَا أرانى مِنْهُم فَأمر بِهَذِهِ الْآيَة {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خلطوا عملا صَالحا وَآخر سَيِّئًا} فأرجو أَن أكون مِنْهُم فحمدت الله تَعَالَى على مُوَافَقَته على ان المخلطين الْمَذْكُورين كَانُوا من أَعْيَان الانصار وَالصَّحَابَة الاخيار وأنى لنا باللحاق بأقلهم وَقَوله تَعَالَى {عَسى الله أَن يَتُوب عَلَيْهِم} فَعَسَى وَلَعَلَّ فى الْقُرْآن يدلان على تَحْقِيق مَا بعدهمَا باجماع الْمُحَقِّقين من الْمُفَسّرين فالتوبة مَقْبُولَة مِنْهُم بِفضل الله تَعَالَى انْتهى وَمِمَّا ذكره فِيمَا يجْتَنب التَّشْبِيه بالثيران وَنَحْوهَا من الفظاظة وجهر الصَّوْت والتكلم بِمَا لَا يَلِيق بِالْمَكَانِ وَالزَّمَان وَالنَّاس يشبهون كل فظ غليظ بليد أكول بالبقرة والثور وَتقدم فِيمَا أنشدناه عَن عبد الْحق الاشبيلى وَهُوَ
(يَا رَاكب الروع للذاته ... كانه فى أتن عير)
(يَأْكُل من كل الذى يشتهى ... كانه فى كلأ ثَوْر)
وَكنت يَوْمًا فى جمَاعَة مِنْهُم الْعَلامَة المنلا أَسد الدّين بن معِين الدّين العجمى أحد تلاميذ والدى عِنْد بعض الصُّوفِيَّة فَبَيْنَمَا المنلا أَسد يقْرَأ الْفَاتِحَة اذا فَقير من فُقَرَاء ذَلِك الصوفى صرخَ متورا فانذعر المنلا أَسد وانزعج ثمَّ الْتفت الينا وَقَالَ وَالله لم أعلم قَول فُقَرَاء الصُّوفِيَّة ثوروا من أى شئ اشتقاقه الا فى هَذَا الْوَقْت علمت انه مُشْتَقّ من لفظ الثور فانى رَأَيْت هَذَا الرجل الْآن خار خوارا كانه ثَوْر وَذكر ان بعض الوعاظ كَانَ يعظ طَائِفَة من النَّاس وَهُوَ يلقى الْكَلَام فَنظر مِنْهُم اعراضا ولغطا فَأَرَادَ أَن يستبطنهم فَقَالَ أَلا اسمعوا يَا بقر فَقَالَ بَعضهم قل يَا ثَوْر ونقلت من خطه قَالَ أوردت فى بعض مجالسى هَذَا الحَدِيث " يَقُول الله تَعَالَى للحفظة يَوْم الْقِيَامَة اكتبوا لعبدى كَذَا وَكَذَا من الاجر فَيَقُولُونَ رَبنَا لم نَحْفَظ ذَلِك عَنهُ وَلَا هُوَ فى صحفنا فَيَقُول انه نَوَاه وَقلت على هَذَا بديهة حَتَّى كَانَ المنسد على لسانى ينشد هذَيْن الْبَيْتَيْنِ
(تلومونى على فعل ... بفرط اللوم ولعتب)
(وَلم تدروا الذى بينى ... وَبَين الله فى قلبى)
وَحكى انه رأى النبى صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَسلم فى النّوم فى لَيْلَة مرَّتَيْنِ فأنشده يَقُول
(لَئِن تقضى زمن أَنْت فِيهِ ... فان آثارك تكفى النبيه)
(من تبع الْآثَار مِنْك اهْتَدَى ... وَمن أَبَاهُ فَهُوَ فى أى تيه)
(صلى عَلَيْك الله يَا سيدى ... مُسلما مَا فَاه بالنطق فِيهِ)
أَصله فِيهِ بالحركة الظَّاهِرَة وَله فَوَائِد منظومة كَثِيرَة مِنْهَا قَوْله جَامعا آدَاب العيادة للْمَرِيض وهى
(ان تعد يَوْمًا مَرِيضا فَلْيَكُن ... فى زمَان لَاق فِيهِ أَن تعود)
(واطرق الْبَاب بِرِفْق ثمَّ بِاسْمِك صرح مَا صديق كالحسود ... )
(واغضض الطّرف وَلَا تكْثر اذا ... من سُؤال ثمَّ خفف فى الْقعُود)
(لَا تكلم فى الذى يضجره ... أَوله فِيهِ ارتياب فى الْوُجُود)
(ضع عَلَيْهِ يدك الْيُمْنَى وَعَن ... حَاله سَله على وَجه يجود)
(أظهر الرقة وسع مُدَّة ... وعدنه بالعوافى ان تعود)
(وأشر بِالصبرِ حذر جزعا ... وادع بالاخلاص مَوْلَاك الْوَدُود)
(تِلْكَ آدابك ان عدت وَمن ... يحفظ الْآدَاب يُرْجَى أَن يسود)
وَله التَّارِيخ الذى أَلفه فى أَعْيَان الْمِائَة الْعَاشِرَة وَسَماهُ بالكواكب السائرة والذيل الذى سَمَّاهُ لطف السمر وقطف الثَّمر من تراجم أَعْيَان الطَّبَقَة الاولى من الْقرن الحادى عشر والثانى أحد مَادَّة تاريخى هَذَا وكلا الاثرين لَهُ جيد جزاه الله على صنعهما خيرا الا انهما يحتاجان الى تَنْقِيح وَحسن ضبط فان فيهمَا الغث وتكرير بعض تراجم وَبَعض سَهْو فى الوفيات وَمَا خا لله الا انه أَجَاد كل الاجادة فى هَذَا الْجمع على كل حَال وَأما مَا فِيهِ من بعض الاغراض فقد عرفت بهَا المؤرخون فى الماضى وَأَبْرَأ أَنا مِنْهَا فى الْحَال وأماما فِيهِ من بعض الاغراض فقدعرفت بهَا المؤرخون فى الماضى وَأَبْرَأ مِنْهَا فى الْحَال وَمن نظر فى كتابى بِعَين الرِّضَا عرف انى أتلافى كثيرا مِمَّا مضى وَبِاللَّهِ أستعين واستدفع الْمَكْرُوه واسأله أَن يبيض وجهى يَوْم تبيض الْوُجُوه عودا ثمَّ تصدر للاقراء والتدريس فدرس بالشامية البرانية تفرغ لَهُ عَنْهَا الشهَاب العيثاوى اخْتِيَارا وَكَذَلِكَ فرغ لَهُ عَن تدريس بالعمرية وَعَن امامة بالجامع الاموى وَعَن وعظ بِهِ بعد ان وليه عَن الشَّيْخ أَحْمد ابْن الطيبى ثمَّ ولى العيثاوى الْوَعْظ أَيْضا عَن الشَّمْس الداودى ففرغ لَهُ وَلابْن اخته الْبَدْر الموصلى وَأذن لَهُ العيثاوى بِالْكِتَابَةِ على الْفَتْوَى قبل وَفَاته بِنَحْوِ عشْرين سنة فَكتب فى هَذِه الْمدَّة على فَتْوَى وَاحِدَة فى الْفِقْه وَغير وَاحِدَة فى التَّفْسِير تأدبا مَعَ العيثاوى فَلَمَّا كَانَ قبل وَفَاته بِنَحْوِ خَمْسَة أَيَّام دخل النَّجْم عَلَيْهِ فَحَضَرت فَتْوَى فَقَالَ لَهُ اكْتُبْ عَلَيْهَا فَكتب وَقَالَ اكْتُبْ اسمكم قَالَ بل اكْتُبْ اسْمك فَكَتبهُ ثمَّ تَتَابَعَت عَلَيْهِ الْفَتَاوَى فاستمر يُفْتى من سنة خمس وَعشْرين وَألف الى سنة احدى وَسِتِّينَ وهى سنة وَفَاته وَكَانَ مغرما بِالْحَجِّ الى بَيت الله الْحَرَام وانفق لَهُ مَرَّات فَأول حجاته كَانَت فى سنة احدى وَألف قَالَ فى تَرْجَمَة وَالِده فى الْكَوَاكِب بمناسبة وَقع لنا اتِّفَاق غَرِيب وَهُوَ أَنا حجَجنَا فى سنة احدى وَألف وهى أول حجَّة حججتها وَكُنَّا نترجى أَن يكون عَرَفَة يَوْم الِاثْنَيْنِ فَرَأَيْنَا هِلَال ذى الْحجَّة لَيْلَة السبت وَكَانَ وقوفنا بِعَرَفَة يَوْم الاحد وَهُوَ خلاف مَا كَانَ النَّاس يتوقعونه فَقلت لبَعض اخواننا من أهل مَكَّة وَغَيرهم ظهر لى اتِّفَاق غَرِيب وَهُوَ ان الله تَعَالَى قدر الْوُقُوف يَوْم الاحد فى هَذَا الْعَام لانه عَام أحد بعد الالف فاستحسنوا ذَلِك وَقلت مُقَيّدا لهَذَا وَهُوَ
(لقد حجَجنَا عَام ألف وَأحد ... وَكَانَت الوقفة فى يَوْم الاحد)
(الْيَوْم وَالْعَام توافقا مَعًا ... فجل مَوْلَانَا الْمُهَيْمِن الاحد)
قلت والموافقة الثَّالِثَة انها اُحْدُ وَقْفَة بِعَرَفَة وسافر الى حلب مَعَ شَيْخه العيثاوى فى جمَاعَة من مَشَايِخ دمشق مِنْهُم السَّيِّد مُحَمَّد بن عجلَان نقيب الاشراف وَالسَّيِّد ابراهيم بن مُسلم الصمادى وَالسَّيِّد أَحْمد بن على الصفورى فى آخَرين الى الْوَزير مُحَمَّد باشا بِقصد رفع التَّكْلِيف عَن أهل دمشق بِسَبَب السّفر الْعَجم الْوَاقِع ذَلِك فى سنة خمس وَعشْرين وَألف وَلما وجهت عَنهُ الشامية للشمس الميدانى كَمَا ذَكرْنَاهُ فى تَرْجَمَة الميدانى سَافر الى الرّوم فى سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَألف وَقرر فى الْمدرسَة الى ان جَاءَ الميدانى تقريرا آخر فاشتركا فى الْمَعْلُوم ثمَّ لم تمض سنة الا مَاتَ الميدانى فاستقل بِالْمَدْرَسَةِ وَجلسَ مَكَان الميدانى تَحت الْقبَّة فى الْجَامِع الاموى لاقراء صَحِيح البخارى فى الاشهر الثَّلَاثَة رَجَب وَشَعْبَان ورمضان وَرَأس الرياسة التَّامَّة وَلم يبْق من أقرانه الشَّافِعِيَّة أحد وهرعت اليه النَّاس والطلبة وَعظم قدره وَبعد صيته وَكَانَ قارى الدَّرْس بَين يَدَيْهِ السَّيِّد أَحْمد بن على الصفورى ثمَّ الشَّيْخ الامام رَمَضَان بن عبد الْحق العكارى ثمَّ الشَّيْخ الْعَالم مصطفى بن سوار وَكَانَت مُدَّة جُلُوسه تَحت قبَّة النسْر سَبْعَة وَعشْرين سنة وَهُوَ قَادر مُدَّة الميدانى وَهَذَا من غَرِيب الِاتِّفَاق وانتفع النَّاس بِهِ وَأخذُوا عَنهُ طبقَة بعد طبقَة وهم فى الْكَثْرَة لَا يحوم الا حِصَار حَولهمْ وَقد مر مِنْهُم فى كتَابنَا جمَاعَة وسيأتى جمَاعَة وَكَانَ لَهُ بالحجاز الصيت الذائع وَالذكر الشَّائِع وَحكى الشَّيْخ الْعَالم التقى الشَّيْخ حَمْزَة بن يُوسُف الدومانى ثمَّ الدمشقى الحنبلى أبقاه الله تَعَالَى غير مرّة أَنه لما حج فى سنة تسع وَخمسين وَألف كَانَ النَّجْم حَاجا تِلْكَ السّنة وهى آخر حجاته وَكَذَلِكَ الشَّيْخ مَنْصُور السطوحى الْمحلى كَانَ حَاجا قَالَ وَكنت صُحْبَة الشَّيْخ مَنْصُور فَبَيْنَمَا أَنا ذَات يَوْم عِنْد الشَّيْخ مَنْصُور بخلوة عِنْد بَاب الزِّيَادَة واذا بحس ضجة عَظِيمَة قَالَ فَخرجت فَنَظَرت واذا بالشيخ النَّجْم بَينهم وهم يَقُولُونَ لَهُ أجزنا وَمِنْهُم من يَقُول هَذَا حَافظ الْعَصْر وَمِنْهُم من يَقُول هَذَا حَافظ الشَّام وَمِنْهُم من يَقُول هَذَا مُحدث الدُّنْيَا فَوقف عِنْد بَاب الزِّيَادَة وَقَالَ لَهُم أجزتكم بِمَا تجوز لى رِوَايَته بِشَرْطِهِ عِنْد أَهله بِشَرْط أَن لَا يلحقنا أحد حَتَّى نطوف ثمَّ مَشى الى المطاف فَمَا وصل اليه الا وَخَلفه اناس اكثر من الاولى فَوقف وَأَجَازَهُمْ كَمَا تقدم وَقَالَ لَهُم بِشَرْط ان لَا يشغلنا أحد عَن الطّواف قَالَ فَوقف النَّاس وَطَاف الشَّيْخ قَالَ وَلم يكن يطوف مَعَ الشَّيْخ الا اناس قَلَائِل كانما أخلى لَهُ المطاف فَلَمَّا فرغ من الطّواف طلبُوا مِنْهُ الاجازة أَيْضا فأجازهم ثمَّ أرسل الشَّيْخ مَنْصُور وَدعَاهُ الى الْخلْوَة فَذهب ولحقه النَّاس الى بَاب الْخلْوَة وطلبوا مِنْهُ الاجازة فاجازهم وَدخل الْخلْوَة ثمَّ جَاءَ الشَّمْس مُحَمَّد البابلى ثمَّ بعد هنيئة جَاءَ الشريف زبد صَاحب مَكَّة فَلَمَّا اسْتَقر بهم الْمجْلس تَذَاكَرُوا أَمر السَّاعَة فاخذ الشَّمْس البابلى فى الْكَلَام فَقَالَ النَّجْم بِصَوْت مزعج وَقد جلس على ركبته وَشرع يُورد أَحَادِيث السَّاعَة بأسانيد وعزوها لمخرجيها وَيتَكَلَّم على مَعَانِيهَا حَتَّى بهر الْعُقُول وَأطَال فى ذَلِك ثمَّ لما فرغ قَالَ البابلى تجيزونا يَا مَوْلَانَا بِمَا لكم وَكَذَلِكَ استجازه الشَّيْخ مَنْصُور والشريف زيد وَأَنا وَمن حضر فاجاز الْجَمِيع ثمَّ قدم لَهُم الشَّيْخ مَنْصُور من عِنْده سماطا وأردفه الشريف زيد باشياء من المآكل فَلَمَّا فرغوا انْصَرف الشَّيْخ النَّجْم وبقى البابلى فَقَالَ للشَّيْخ سُبْحَانَ الله مَا هَذَا الا عَن نبأ عَظِيم فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ مَنْصُور أَنا كنت اذا رَأَيْت كتبه وتصانيفيه اعْجَبْ مِنْهَا واذا اجْتمعت بِهِ لَا يتَكَلَّم الا قَلِيلا فاعجب من ذَلِك وَلَكِن الْآن تحقق عندى علمه وَحفظه انْتهى وَكَانَ قبل مَوته بست سنوات أَو سبع سنوات اعتراه طرف فالج فَكَانَ لَا يتَكَلَّم الا قَلِيلا فعد هَذَا الْمجْلس وَكَثْرَة الْكَلَام فِيهِ بالمناسب لما هم بصدده من غير توقف وَلَا تلعثم كَرَامَة لَهُ وَهُوَ مَحل الْكَرَامَة فقد أخبر بعض الثِّقَات انه سَأَلَ بعض الصَّالِحين عَن الابدال بِالشَّام فعد مِنْهُم ثَلَاثَة احدهم النَّجْم وَمَا اشْتهر من ان سُكُوته بذلك الْعَارِض كَانَ من الشَّيْخ حُسَيْن بن فرفره كَمَا ذَكرْنَاهُ فى تَرْجَمَة الشَّيْخ حُسَيْن لَا يقْدَح فى ولَايَته كَمَا يظنّ وَلَعَلَّ ذَلِك كَانَ سَببا لولايته فى مُقَابلَة انكسار حصل لَهُ وَتوجه الى الْقُدس قرب مَوته هُوَ وَالشَّيْخ ابراهيم الصمادى فى جمعية عَظِيمَة وَنزلا الى الرملة وزارا تِلْكَ الْمعَاهد ورجعا الى دمشق فتخلى النَّجْم لِلْعِبَادَةِ وَترك التَّأْلِيف وَبَلغت بِهِ السن الى الْهَرم وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ خَاتِمَة حفاظ الشَّام وَكَانَت وَفَاته يَوْم الاربعاء ثامن عشر جُمَادَى الْآخِرَة سنة احدى وَسِتِّينَ وَألف عَن ثَلَاث وَثَمَانِينَ سنة وَعشرَة أشهر وَأَرْبَعَة أَيَّام وَدفن بمقبرة الشَّيْخ ارسلان رضى الله عَنهُ وَمن غَرِيب مَا اتّفق لَهُ فى درسه تَحت الْقبَّة ان الشَّمْس الداودى كَانَ وصل فى قِرَاءَته البخارى الى بَاب كَانَ اذا صلى لَا يكف شعرًا وَلَا ثوبا ودرس بعده الشَّمْس الميدانى من ذَلِك الْبَاب الى بَاب مَنَاقِب عمار بن يَاسر وَتوفى ودرس من بعده النَّجْم الى ان اكمله فى ثَلَاث سنوات ثمَّ افتتحه وختمه واعاد قِرَاءَته الى أَن وصل الى بَاب الْبكاء على الْمَيِّت وَوَقع لَهُ قبل مَوته بيومين انه طلع الى بساتينه أوقاف جده واستبرأ الذِّمَّة من الفلاحين وَطلب مِنْهُم الْمُسَامحَة وفى الْيَوْم الثانى دَار على أَهله ابْنَته وبنتها وَغَيرهم وزارهم وأتى الى منزله بَيت زَوجته أم القاضى يحيى بن حميد بزقاق الْوَزير الْآخِذ الى سوق جقمق وَصلى الْمغرب ثمَّ جلس لقِرَاءَة الاوراد وَأخذ يسْأَل عَن اذان الْعشَاء وَأخذ فى ذكر لَا اله الا الله وَهُوَ مُسْتَقْبل الْقبْلَة ثمَّ سمع مِنْهُ وَهُوَ يَقُول بالذى أرسلك ارْفُقْ بى فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فرأوه قد قضى نحبه ولقى ربه رَحْمَة الله تَعَالَى ورثاه جمَاعَة من الْفُضَلَاء مِنْهُم الاديب مُحَمَّد بن يُوسُف الكريمى رثاه بقصيدة طَوِيلَة مطْلعهَا
(لما لجنات العلى ... شيخ الشُّيُوخ انتقلا)
وَجعل تَارِيخ الْوَفَاة فى بَيت هُوَ آخر القصيدة وَهُوَ هَذَا
(يَا نجم دين الله من ... أفق دمشق أَفلا)
ــ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.

 

 

(977 - 1061 ه = 1570 - 1651 م) محمد بن محمد بن محمد الغَزِّي العامري القرشي الدمشقيّ، أبو المكارم، نجم الدين: مؤرخ، باحث أديب. مولده ووفاته في دمشق. من كتبه (الكواكب السائرة في تراجم أعيان المئة العاشرة - ط) و (لطف السمر وقطف الثمر من تراجم أعيان الطبقة الأولى من القرن الحادي عشر - خ) أخذ عنه المحبي كثيرا، و (حسن التنبّه لما ورد في التشبه - خ) بخطه، كاملا في الظاهرية، و (عقد الشواهد - خ) في الأخلاق والعظات، ورسالة في (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - خ) و (النجوم الزواهر - خ) في شرح أرجوزة لأبيه بدر الدين، في الكبائر والصغائر، و (إتقان ما يحسن من بيان الأخبار الدائرة على الألسن - خ) في الحديث .
-الاعلام للزركلي-

 

 

محمد بن محمد بن محمد ، أبي المكارم، الغَزِّي ، مؤرِّخ، باحث ، أديب  ، من مؤلفاته: "الكواكب السائرة في تراجم المئة العاشرة "، و " حسن التَّنَبُّه لما ورد في التَّشَبُّه"، (ت:1061هـ) .  يُنظَر: "خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر" لمحمد أمين, (4/189), و"الأعلام" للزركلي, (7/ 63).

 


العلامة الإمام، والحبر الهمام الشيخ نجم الدين محمد الغزي واستمر للتحديث تحت قبة النسر بعد العصر في الأشهر الثلاثة رجب وشعبان ورمضان إلى أن توفي يوم الأربعاء ثامن عشر جمادى الآخرة سنة إحدى وستين وألف عن ثلاث وثمانين سنة وعشرة أشهر وأربعة أيام، ودفن بمقبرة الشيخ رسلان رضي الله عنه، ومن غريب ما اتفق له في درسه تحت القبة أن الشمس الداودي كان وصل في قراءة البخاري إلى باب كان صلى الله عليه وسلم إذا صلى لا يكف شعراً ولا ثوباً، ودرس بعده الشمس الميداني من ذلك الباب إلى باب مناقب عمار بن ياسر وتوفي، ودرس من بعده النجم الغزي إلى أن أكمله في ثلاث سنوات، ثم افتتحه وختمه وأعاد قراءته إلى أن وصل البكاء على الميت، وكانت مدة تدريسه سبعاً وعشرين سنة اه. والظاهر أن الكتخدا المقدم ذكره رتبة في مدة النجم كما يعلم مما سلف والله أعلم.
حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ابن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي.