يحيى بن يحيى بن كثير الليثي القرطبي أبي محمد

يحيى بن يحيى الليثي

تاريخ الولادة152 هـ
تاريخ الوفاة234 هـ
العمر82 سنة
مكان الولادةغير معروف
مكان الوفاةقرطبة - الأندلس
أماكن الإقامة
  • طليطلة - الأندلس
  • قرطبة - الأندلس
  • المدينة المنورة - الحجاز
  • مكة المكرمة - الحجاز
  • طنجة - المغرب
  • مصر - مصر

نبذة

أبو محمَّد يحيى بن يحيى بن كثير الليثي القرطبي: الإِمام الحجة الثبت رئيس علماء الأندلس وفقيهها وكبيرها، سمع الموطأ أولاً من شبطون ثم سمعها من مالك غير الاعتكاف وروايته أشهر الروايات، وسمع ابن وهب وابن القاسم وابن عيينة ونافعاً القاري والليث بن سعد وغيرهم وعنه أبناؤه عبيد الله وإسحاق ويحيى وابن حبيب وتفقه به من لا يحصى كثرة منهم العتبي وابن مزين وابن وضاح وبقي بن مخلد وآخر من حدث عنه ابنه عبيد الله وبه وبعيسى بن دينار انتشر مذهب مالك بالأندلس

الترجمة

أبو محمَّد يحيى بن يحيى بن كثير الليثي القرطبي: الإِمام الحجة الثبت رئيس علماء الأندلس وفقيهها وكبيرها، سمع الموطأ أولاً من شبطون ثم سمعها من مالك غير الاعتكاف وروايته أشهر الروايات، وسمع ابن وهب وابن القاسم وابن عيينة ونافعاً القاري والليث بن سعد وغيرهم وعنه أبناؤه عبيد الله وإسحاق ويحيى وابن حبيب وتفقه به من لا يحصى كثرة منهم العتبي وابن مزين وابن وضاح وبقي بن مخلد وآخر من حدث عنه ابنه عبيد الله وبه وبعيسى بن دينار انتشر مذهب مالك بالأندلس، توفي سنة 234 هـ عن اثنتين وثمانين سنة [848 م].

شجرة النور الزكية في طبقات المالكية_ لمحمد مخلوف

 

 

 

يَحَيى بن يَحْيَى بن كَثير. وكَثير هو الكنّى بأبي عيسى وهُو الداخل إلى الأنْدَلُس. وهُو: كَثير بن وَسْلاَسْ بن شملل بن منقايا : من أهْلِ قُرْطُبَة أصله من البربر من مَصْمُودة ويتولى بني لَيْث، يُكَنَّى: أبَا محمد.
سَمِعَ من زيَاد بن عبد الرحمن: موطأ مالك بن أنس، وسَمِعَ من يحيى بن مضر، ثم رحل إلَى المَشْرِق وهو ابن ثمان وعشرين سنة فَسَمِع: من مالِك بن اَنس: المطأ غير أبواب في كِتَاب الاعْتِكاف شَكّ في سماعها، فاثيت رِوَايته فيها عن زِيَاد. وسَمِع: من نَافِع بن أبي نَعيم القَارِئ، ومن القَاسِم بن عبد الله العمري.
وسَمِعَ بمكة: من سُفْيَان بن عُيَيْنة، وبمصر: من الَّيث بن سعد، وعبد الله ابن وَهْب، وعبد الرحمن بن القَاسِم وأنس بن عياض.
وقَدِمَ الأنْدَلُس بِعِلْم كثير فعَادت فُتْيا الأنْدَلُس بعد عيسى بن دِينَار إلى رَأْيهِ وقَوْلِه. وكان: يفتي برأْي مِالِك بن أنس لا يدع ذلك إلاَّ في القنوت في الصّبح فانه تركه لرأْي الّليث.
أخبرنا العبَّاس بن أصْبَغ قال: نا محمد بن خَالد بن وَهْب، قال: أنا ابن وضِّاح قال: سمِعتُ يحيى بن يحيى يقول: سَمِعتُ الّليث بن سعد، يقول: سمعت يحيى بن سَعِيد يقول: إنَّما قنت رسول الله (نحو من أَربعين يوماً يدْعُوا على قَوْم ويدعو الآخرين، ثم ترك القُنوت. (قال) : فَلِي منذ سمعت هذا الحديث من يحيى بن سَعِيد نحواً من أربعين سن لم أقنت. قَالَ يحيى: ولي أنَا منذ سَمِعتُ هذا الحديث من الّليث بن سَعد نحواً من أربعين سنة لم أقنت.
وترك يحيى بن يحيى أيضاً رأي مالك في اليمين مع الشَّاهد، وأخذ بقول الليث في ذَلِك وإيجاب شهيدين. وكَان لاَ يرى بعثه الحَكَمين عند تشاجر الزوجين. وكان ذلك مما ينكر عَلَيْه. وكان يحيى بن يَحْيَى قَدْ رأى عبد الرّحمن بن القَاسِم دَوَّن سَماعه من مَالك. فنشط للرجوع إلى مالك ليسْمَع منه المسائل التي كان ابن القَاسِم دوّنها عنه. فرحل ثانية فالفى مَالِكاً عليلاً. فأقَام عنده إلى أن تُوفِّيَ (رحمه الله) : وحضر جنازته، فسمع من ابن القَاسِم سماعه من مالك وسأله عن العشرة. وذكر أحمد بن يوسف عن أبي عيسَى. وانْصَرف يحيى بن يحيى إلى الأنْدَلُس فكان إمام وقته، وَاحد بَلده. وكان: رجُلاً عَاقِلاً.
قال محمد بن عمر بن لُبَابة: فقيه الأنْدَلُس عيسى بن دينار، وعالمها عبد الملك بن حَبِيب، وعاقلها يَحْيَى بن يَحْيَى، وكان يحيى ممن اتهم في الهيج فهرب إلى طُلَيْطُلة ثم استَأْمن فكتب له الأمير الحكم رضي الله عنه أماناً وانصرف إلى قُرْطُبَة.
وكان أحمد بن خالد يقول: لَمْ يُعْطَ أحد من أَهل العِلم بالأنْدَلُس منذ دَخلها الإسْلام من الحظوة، وعظم القدر، وجَلاَلة الذكر ما اعطِيه يَحْيَى بن يَحْيَى، وسَمِعَ منهُ مشايخ الأنْدَلُس في وقته، وكَان آخر من حَدَّث عنْهُ ابنه عُبَيْد الله ابن يَحْيَى.
أخبرني عبد الله بن محمد بن علي، قال: حَدَّثَني عبد الله بن محمد بن جعفر، قال: رأَيْتُ يحيى بن يحيى نَازِلاً عن دَابتِهِ ماشياً إلى الجامع وعليه عمامة وَرِدَاء متين، وأنا أحْسَب دابة أبي. قال لي أبو محمد: تُوفِّيَ: يحيى بن يحيى رحمه الله سنَة ثلاث وثَلاثِين ومائتين. قال أحمد: تُوفِّيَ سنة أربع وثلاثين ومائتين. وذكر أبو عيسى يحيى بن عبد الله أنه تُوفِّيَ: في رجب سنة أربع وثلاثين ومائتين.
-تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي-

 

 

يحيى بن يحيى بن كثير بن وسلاس بن شملال بن منغايا الإِمَامُ الكَبِيْرُ فَقِيْهُ الأَنْدَلُسِ، أبي مُحَمَّدٍ اللَّيْثِيُّ البَرْبَرِيُّ المَصْمُوْدِيُّ الأَنْدَلُسِيُّ القُرْطُبِيُّ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ اثنتين وخمسين ومائة.
سَمِعَ أَوَّلاً مِنَ الفَقِيْهِ زِيَادِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَبَطُوْنَ، وَيَحْيَى بنِ مُضَرَ وَطَائِفَةٍ.
ثمَّ ارْتَحَلَ إِلَى المَشْرِقِ فِي أَوَاخِرِ أَيَّامِ مَالِكٍ الإِمَامِ فَسَمِعَ مِنْهُ المُوَطَّأَ سِوَى أبيابٍ مِنَ الاعْتِكَافِ شَكَّ فِي سَمَاعِهَا مِنْهُ، فَرَوَاهَا عَنْ زِيَادٍ شَبَطُوْنَ عَنْ مَالِكٍ، وَسَمِعَ مِنَ: اللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ وَهْبٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ العُتَقِيِّ. وَحَمَلَ عَنِ ابْنِ القَاسِمِ عَشْرَةَ كُتُبٍ سُؤَالاَتٍ وَمَسَائِلَ. وَسَمِعَ مِنَ: القَاسِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ العُمَرِيِّ، وَأَنَسِ بنِ عِيَاضٍ اللَّيْثِيِّ.
وَيُقَالُ: إِنَّهُ لحق نافع بن أبي نعيم مقرىء المَدِيْنَةِ، وَأَخَذَ عَنْهُ وَهَذَا بَعِيْدٌ فَإِنَّ نَافِعاً مَاتَ قَبْلَ مَالِكٍ بِعَشْرِ سِنِيْنَ.
وَلاَزمَ ابْنَ وَهْبٍ وَابْنَ القَاسِمِ ثُمَّ حَجَّ وَرَجَعَ إِلَى المَدِيْنَةِ لِيَزْدَادَ مِنْ مَالِكٍ، فَوَجَدَهُ فِي مَرَضِ المَوْتِ فَأَقَامَ إِلَى أَنْ تَوَفَّاهُ اللهُ وَشَهِدَ جِنَازَتهُ وَرَجَعَ إِلَى قُرْطُبَةَ بِعِلْمٍ جَمٍّ، وَتَصَدَّرَ للاشْتِغَالِ، وَازْدَحَمُوا عَلَيْهِ وَبَعُدَ صِيْتُهُ، وَانْتَفَعُوا بِعِلْمِهِ وَهَدْيهِ وَسَمْتِهِ.
وَكَانَ كَبِيْرَ الشَّأْنِ وَافِرَ الجَلاَلَةِ عَظِيْمَ الهَيْبَةِ نَالَ مِنَ الرِّئَاسَةِ وَالحُرمَةِ مَا لَمْ يَبْلُغْهُ أَحَدٌ.
رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ أبي مَرْوَانَ عُبَيْدُ اللهِ وَمُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ الوَلِيْدِ، وَمُحَمَّدُ بنُ وَضَّاحٍ، وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ وَصَبَّاحُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العُتَقِيُّ وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
كَانَ أَحْمَدُ بنُ خَالِدِ بنِ الحُبَّابِ الحَافِظُ يَقُوْلُ: لَمْ يُعْطَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ بِالأَنْدَلُسِ مِنَ الحُظْوَةِ، وَعِظَمِ القَدْرِ وَجَلاَلَةِ الذِّكْرِ مَا أُعْطِيَهُ يَحْيَى بنُ يَحْيَى.
وَبَلَغَنَا أَنَّ يَحْيَى بنَ يَحْيَى اللَّيْثِيَّ كَانَ عِنْدَ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ رَحِمَهُ اللهُ فَمَرَّ عَلَى بَابِ مَالِكٍ الفِيْلُ فَخَرَجَ كُلُّ مَنْ كَانَ فِي مَجْلِسِهِ لِرُؤْيَةِ الفِيْلِ سِوَى يَحْيَى بنِ يَحْيَى، فَلَمْ يَقُمْ فَأُعْجِبَ بِهِ مَالِكٌ وَسَأَلَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ وَأَيْنَ بَلَدُكَ؟ ثُمَّ لَمْ يَزَلْ بَعْدُ مكرمًا له.
وَعَنْ يَحْيَى بنِ يَحْيَى قَالَ: أَخَذْتُ بِرِكَابِ اللَّيْثِ فَأَرَادَ غُلاَمُهُ أَنْ يَمْنَعَنِي فَقَالَ اللَّيْثُ: دَعْهُ ثُمَّ قَالَ لِي: خَدَمَكَ العِلْمُ قَالَ: فَلَمْ تَزَلْ بِيَ الأَيَّامُ حَتَّى رَأَيْتُ ذَلِكَ.
وَقِيْلَ: إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ الحَكَمِ المَرْوَانِيَّ صَاحِبَ الأَنْدَلُسِ نَظَرَ إِلَى جَارِيَةٍ لَهُ فِي رَمَضَانَ نَهَاراً فَلَمْ يَمْلِكْ نَفْسَهُ أَنْ وَاقَعَهَا، ثُمَّ نَدِمَ وَطَلَبَ الفُقَهَاءَ وَسَأَلَهُم عَنْ تَوْبَتِهِ فَقَالَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى: صُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَسَكَتَ العُلَمَاءُ فَلَمَّا خَرَجُوا قَالُوا لِيَحْيَى: مَا لَكَ لَمْ تُفْتِهِ بِمَذْهَبِنَا عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ العِتْقِ وَالصَّوْمِ وَالإِطْعَامِ؟ قَالَ: لَوْ فَتَحْنَا لَهُ هَذَا البَابَ لَسَهُلَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَأَ كُلَّ يَوْمٍ وَيَعْتِقَ رَقَبَةً فَحَمَلْتُهُ عَلَى أصعب الأمور لئلا يعود.
قَالَ أبي عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ: قَدِمَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى الأَنْدَلُسَ بِعِلمٍ كَثِيْرٍ فَعَادَتْ فُتْيَا الأَنْدَلُسِ بَعْدَ عِيْسَى بنِ دِيْنَارٍ الفَقِيْهِ عَلَيْهِ، وَانْتَهَى السُّلْطَانُ وَالعَامَّةُ إِلَى رَأْيِهِ وَكَانَ فَقِيْهاً حَسَنَ الرَّأْيِ، وَكَانَ لاَ يَرَى القُنُوتَ فِي الصُّبْحِ، وَلاَ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَيَقُوْلُ: سَمِعْتُ اللَّيْثَ بنَ سَعْدٍ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيَّ يَقُوْلُ: إِنَّمَا قَنَتَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحْواً مِنْ أَرْبَعِيْنَ يَوْماً يَدْعُو عَلَى قَوْمٍ، وَيَدْعُو لآخَرِيْنَ قَالَ: وَكَانَ اللَّيْثُ لاَ يَقْنُتُ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: وَخَالَفَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى مَالِكاً فِي اليَمِيْنِ مَعَ الشَّاهِدِ فَلَمْ يَرَ القَضَاءَ بِهِ وَلاَ الحُكْمَ وَأَخَذَ بِقَولِ اللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ.
قَالَ: وَكَانَ يَرَى جَوَازَ كِرَاءِ الأَرْضِ بِجُزْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا عَلَى مَذْهَبِ اللَّيْثِ وَيَقُوْلُ: هِيَ سُنَّةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في خيبر.
وَقَضَى بِرَأْيِ أَمِيْنَيْنِ إِذَا لَمْ يُوْجَدْ فِي أَهْلِ الزَّوْجَيْنِ حَكَمَانِ يَصْلُحَانِ لِذَلِكَ.
قَالَ أبي عُمَرَ: وَكَانَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى إِمَامَ أَهْلِ بَلَدِهِ، وَالمُقْتَدَى بِهِ مِنْهُم وَالمَنْظُوْرَ إِلَيْهِ وَالمُعَوَّلَ عَلَيْهِ، وَكَانَ ثِقَةً عَاقِلاً حَسَنَ الهَدْيِّ وَالسَّمْتِ، يُشَبَّهُ فِي سَمْتِهِ بِسَمْتِ مَالِكٍ قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَصَرٌ بِالحَدِيْثِ.
قُلْتُ: نَعَمْ مَا كَانَ مِنْ فُرْسَانِ هَذَا الشَّأْنِ بَلْ كَانَ مُتَوَسِّطاً فِيْهِ رَحِمَهُ اللهُ.
قَالَ ابْنُ الفَرَضِيِّ: كَانَ يُفْتِي بِرَأْي مَالِكٍ وَكَانَ إِمَامَ وَقْتِهِ وَوَاحِدَ بَلَدِهِ وَكَانَ رَجُلاً عَاقِلاً.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ لُبَابَةَ: فَقِيْهُ الأَنْدَلُسِ: عِيْسَى بنُ دِيْنَارٍ وَعَالِمُهَا: عَبْدُ المَلِكِ بنُ حَبِيْبٍ وَعَاقِلُهَا: يَحْيَى بنُ يَحْيَى.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ الفَرَضِيِّ فِي تَارِيْخِهِ: وَكَانَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى مِمَِّنِ اتُّهِمَ بِبَعْضِ الأَمْرِ فِي الهَيْجِ

يَعْنِي: فِي القِيَامِ وَالإِنْكَارِ عَلَى أَمِيْرِ الأَنْدَلُسِ. قَالَ: فَهَرَبَ إِلَى طُلَيْطِلَةَ ثُمَّ اسْتَأْمَنَ فَكَتَبَ له الحكم الأمير المعروف: بِالرَّبَضِيِّ أَمَاناً فَرُدَّ إِلَى قُرْطُبَةَ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ: رَأَيْتُ يَحْيَى بنَ يَحْيَى نَازِلاً عَنْ دَابَّتِهِ مَاشِياً إِلَى الجَامِعِ يَوْمَ جُمُعَةٍ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ، وَرِدَاءٌ مَتِيْنٌ وَأَنَا أَحْبِسُ دَابَّةَ أَبِي.
قَالَ أبي القَاسِمِ بنُ بَشْكُوَالَ الحَافِظُ: كَانَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى مُجَابَ الدَّعْوَةِ فَقَدْ أَخَذَ نَفْسَهُ فِي هَيْئَتِهِ، وَمَقْعَدِهِ هَيْئَةَ مَالِكٍ الإِمَامِ بِالأَنْدَلُسِ فَإِنَّهُ عُرِضَ عَلَيْهِ قَضَاءُ الجَمَاعَةِ فَامْتَنَعَ فَكَانَ أَمِيْرُ الأَنْدَلُسِ لاَ يُوَلِّي أَحَداً القَضَاءَ بِمَدَائِنِ إِقْلِيْمِ الأَنْدَلُسِ إلَّا مَنْ يُشِيْرُ بِهِ يَحْيَى بنُ يَحْيَى فَكَثُرَ لِذَلِكَ تَلاَمِذَةُ يَحْيَى بنِ يَحْيَى، وَأَقْبَلُوا عَلَى فِقْهِ مَالِكٍ، وَنَبَذُوا مَا سِوَاهُ.
نَقَلَ غَيْرُ وَاحِدٍ وَفَاةَ يَحْيَى بنِ يَحْيَى: فِي شَهْرِ رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَبَعْضُهُم قَالَ: فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَالأَوَّلُ أَصَحُّ.
أَخْبَرَنَا بِكِتَابِ المُوَطَّأِ: الإِمَامُ المُعَمَّرُ مُسْنِدُ المَغْرِبِ أبي مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ الطَّائِيُّ كِتَابَةً مِنْ مَدِيْنَةِ تُوْنُسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا القَاضِي أبي القَاسِمِ أَحْمَدُ بنُ يَزِيْدَ بنِ بَقِيٍّ المَالِكِيُّ قِرَاءةً عَلَيْهِ فِي سَنَةِ عِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الحَقِّ القُرْطُبِيُّ قِرَاءةً قَالَ: أَخْبَرَنَا الإِمَامُ مُحَمَّدُ بنُ فَرَجٍ مَوْلَى ابْنِ الطَّلاَّعِ قَالَ: أَخْبَرَنَا القَاضِي أبي الوَلِيْدِ يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُغِيْثٍ سَمَاعاً، أَخْبَرَنَا أبي عِيْسَى يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى بنِ يَحْيَى بن يحيى اليثي قِرَاءةً، وَتُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمُّ أَبِي الفَقِيْهِ أبي مَرْوَانَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بنِ يَحْيَى وَتُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بنُ أَنَسٍ سِوَى فَوْتِهِ مِنَ الاعْتِكَافِ فَذَكَرَ الموطأ.

سير أعلام النبلاء: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن  قايماز الذهبي.

 

 

يحيى بن يحيى : رحل إلى مالك وهو صغير وسمع منه وتفقه بالمدنيين والمصريين من أكابر أصحاب مالك وكان مالك يعجبه سمته وعقله. روي أنه كان يوماً عند مالك في جملة أصحابه إذ قال قائل: قد حضر الفيل، فخرج أصحاب مالك  لينظروا إليه غيره  فقال له مالك: ما لك لم تخرج فترى الفيل  ؟ لأنه لا يكون بالأندلس ، فقال له يحيى: إنما جئت من بلدي لأنظر إليك وأتعلم من هديك وعلمك ولم أجئ لأنظر إلى الفيل، فأعجب به مالك وسماه عاقل أهل الأندلس  ، وانتهت إليه الرياسة في العلم بالأندلس.

- طبقات الفقهاء / لأبي إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي -.

 

 

أبو محمد، يحيى بنُ يحيى بنِ كثير بن وسلاسٍ، الليثي.
أصلُه من بربر من قبيلة يقال لها: مصمود، مولى بن الليث، فنسب إليهم جدّه كثير، يكنى: أبا عيسى، وهو الداخل إلى الأندلس.
وسكن قرطبةَ، وسمع بها من زياد بن عبد الرحمن بن زياد اللخميِّ المعروفِ بسبطون القرطبي - راوي "موطأ مالك بن أنس"، وسمع من يحيى بن مضر القيسي الأندلسي، ثم رحل إلى المشرق وهو ابن ثمان وعشرين سنة، فسمع من مالك بن أنس "الموطأ" غير أبواب في كتاب الاعتكاف، شكَّ في سماعه فيها، فأثبت روايته فيها عن زياد، وسمع بمكة من سفيان ين عيينة، وبمصر من الليثِ بن سعد، وعبد الله بن وهب، وعبد الرحمن بن القاسم، وتفقه - بالمدينتين والمصرين، من أكابر أصحاب مالك بعد انتفاعه به وملازمته له. وكان مالك يسميه: عاقل أهل الأندلس، وسببُ ذلك - فيما يروي - أنه كان في مجلس مالك جماعةٌ من أصحابه، فقال قائل: قد حضر الفيل، فخرج أصحاب مالك كلهم لينظروا إليه، ولم يخرج يحيى، فقال له مالك: ما لك لا تخرج فتراه لأنه لا يكون بالأندلس؟ فقال: إنما جئت من بلدي لأنظر إليك، وأتعلم من هديك وعلمك، ولم أجىء لأنظر إلى الفيل، فأعجب به مالك، وسماه: عاقل أهل الأندلس.
ثم إن يحيى عاد إلى الأندلس، وانتهت إليه الرئاسة بها، وبه انتشر مذهب مالك في تلك البلاد، وتفقه به جماعة لا يحصون عددًا، وروى عنه خلق كثير، وأشهر روايات "الموطأ" وأحسنها رواية يحيى بن يحيى المذكور، وكان مع إمامته ودينه معظمًا عند الأمراء، مكينًا عفيفًا عن الولايات، متنزهًا، جلَّت رتبته عن القضاء، فكان أعلى قدرًا من القضاة عند ولاة الأمر هناك؛ لزهده في القضاء، وامتناعه منه.
قال أبو محمد علي بن أحمد المعروف بابن حزم الأندلسي، المقدم ذكره: مذهبان انتشرا في مبدأ أمرهما بالرئاسة والسلطان: مذهب أبي حنيفة؛ فإنه لما ولي قضاء القضاة أبو يوسف يعقوب صاحبُ أبي حنيفة، كانت القضاة من قبله، فكان لا يولي قضاء البلدان من أقصى الشرق إلى أقصى إفريقية إلا أصحابَه، والمنتمين إليه، وإلى مذهبه.
ومذهب مالك بن أنس عندنا في بلاد الأندلس، فإن يحيى بن يحيى كان مكينًا عند السلطان، مقبولَ القول في القضاة، فكان لا يلي قاض في أقطار بلاد الأندلس إلا بمشورته واختياره، ولا يشير إلا بأصحابه، ومن كان على مذهبه، والناس سراع إلى الدنيا، فأقبلوا عليه يرجون بلوغَ أغراضهم به، على أن يحيى بن يحيى لم يل قضاء قط، ولا أجاب إليه، وكان ذلك زائدًا في جلالته عندهم، وداعيًا إلى قبول رأيه لديهم.
حكى أحمد بن أبي الفياض في كتابه، قال: كنت عند الأمير عبد الرحمن بن الحكم الأموي المعروف بالمرتضى، صاحبِ الأندلس، فأرسل إلى الفقهاء يستدعيهم إليه، فأتوا إلى القصر، وكان عبد الرحمن المذكورُ قد نظر في شهر رمضان إلى جارية له كان يحبها حبًا شديدًا، فعبث بها، ولم يملك نفسَه أن وقع عليها، ثم ندم ندمًا شديدًا، فسأل الفقهاءَ عن توبته من ذلك وكفارته، فقال يحيى بن يحيى: يكفّر ذلك بصوم شهرين متتابعين، فلما بدر يحيى بن يحيى بهذه الفتيا، سكت بقيةُ الفقهاء حتى خرجوا من عنده، فقال بعضهم لبعض - وقالوا ليحيى: ما لك لم تفته بمذهب مالك؟ فعنده أنه مخير بين العتق والإطعام والصيام، فقال: لو فتحنا له هذا الباب، سهل عليه أن يطأ كل يوم، ويعتق رقبةً فيه، ولكن حملتُه على أصعب الأمور؛ لئلا يعود.
ولما انفصل يحيى عن مالك ليعود إلى بلاده، ووصل إلى مصر؛ رأى عبد الرحمن بن القاسم يدون سماعه من مالك، فنشط إلى الرجوع إلى مالك ليسمع منه المسائل التي كان ابن القاسم دوّنها عنه، فرحل إليه ثانية، فلقي مالكًا عليلًا، فأقام عنده إلى أن توفي، وحضر جنازته، فعاد إلى ابن القاسم، وسمع منه سماعه من مالك. ذكر ذلك أبو الوليد بن الفرضي في "تاريخه". وكان أحمد بن خالد يقول: لم يعط أحد من أهل العلم بالأندلس منذ دخلها الإسلام من الحظوة وعظم القدر وجلالة الذكر ما أُعطيه يحيى بن يحيى. وقال ابن بشكوال في "تاريخه": إن يحيى بن يحيى مُجاب الدعوة، وكان قد أخذ في نفسه وهيئته ومقعده هيئة مالك، وحكي عنه أنه قال: أخذت ركاب الليث بن سعد، فأراد غلامه أن يمنعني، فقال: دعه، ثم قال لي الليث: خدمك أهلُ العلم، فلم تزل بي الأيام حتى رأيت ذلك، ثم قال.
وتوفي يحيى بن يحيى في رجب سنة 234؛ وقبره يُستسقى به - رحمه الله تعالى -، وقد ذكر له المقرىء في "نفح الطيب" ترجمةً حافلة حسنة، فارجع إليه.
التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول - أبو الِطيب محمد صديق خان البخاري القِنَّوجي.

 

 

ابن أَبي عِيسى
(152 - 234 هـ = 769 - 849 م)
يحيى بن يحيى بن أبي عيسى كثير بن وسلاس الليثي بالولاء، أبو محمد:
عالم الأندلس في عصره. بربري الأصل، من قبيلة مصمودة. من طنجة. قرأ بقرطبة، ورحل إلى المشرق شابا، فسمع الموطأ من الإمام مالك وأخذ عن علماء مكة ومصر. وعاد إلى الأندلس، فنشر فيها مذهب مالك. وعلا شأنه عند السلطان، فكان لا يولي قاضي في أقطار بلاد الأندلس إلا بمشورته واختياره. وترفع هو عن ولاية القضاء، فزاد ذلك في جلالته. وكان يختار للقضاء من هم على مذهبه، فأقبل الناس عليه. واشتهر بالعقل قال الإمام مالك: هذا عاقل أهل الاندلس. وتوفي بقرطبة .

-الاعلام للزركلي-
 

 

 


يحيى بن يحيى بن كثير بن وسلاس يكنى أبا محمد وأبيه يحيى يكنى بأبي عيسى وهو من مصمودة طنجة ويتولى بني ليث وأسلم وسلاس جدهم على يد يزيد بن أبي عامر الليثي ليث كنانة فهذا - والله أعلم - سبب انتمائهم إلى ليث وكانوا يعرفون ببني أبي عيسى.
سمع يحيى مالكاً والليث وحج وكان لقاؤه لمالك سنة تسع وسبعين السنة التي مات فيها مالك ثم عاد فحج ولقي جلة أصحاب مالك.
وكانت له رحلتان من الأندلس سمع في الأولى من مالك والليث وابن وهب واقتصر في الأخرى على بن القاسم وبه تفقه.
سمع يحيى لأول نشأته من زياد موطأ مالك وسمع من يحيى بن مضر ثم رحل وهو بن ثمان وعشرين سنة فسمع من مالك الموطأ غير أبياب في كتاب الاعتكاف شك فيها فحدث بها عن زياد وسمع من نافع بن أبي نعيم القارئ ومن بن عيينة وسمع من بن وهب موطأه وجامعه ومن بن القاسم مسائل وحمل عنه عشرة كتب وكتب سماعه وحضر جنازة مالك وقدم الأندلس بعلم كثير فعادت فتيا الأندلس بعد عيسى بن دينار إلى رأيه.وبيحيى وبعيسى انتشر مذهب مالك. وكان يحيى يفضل بالعقل على علمه.
وقال بن لبابة: فقيه الأندلس عيسى بن دينار وعالمها: بن حبيب وعاقلها يحيى.
وإليه انتهت الرياسة في العلم بالأندلس وكان مالك يعجبه سمت يحيى وعقله وسماه العاقل وكان ثقة عاقلاً حسن الهدي والسمت يشبه سمته سمت مالك ولم يكن له بصر بالحديث وكان أخذ بزي مالك وسمته.
قال يحيى: لما ودعت مالكاً سألته أن يوصيني فقال: عليك بالنصيحة لله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم وقال لي الليث مثل ذلك.
وامتدت أيام يحيى إلى أن توفي في رجب سنة أربع وثلاثين ومائتين وقيل في ذي الحجة وقيل توفي سنة ثلاث وثلاثين وكان سنه يوم توفي ثنتين وثمانين سنة.
قال صاحب الوفيات: وسلاس بكسر الواو وسينين مهملتين: الأولى ساكنة وبينهما لام ألف ويزاد فيه نون فيقال ونسلاس ومعناه بالبربرية: يسمعهم

الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب - ابن فرحون، برهان الدين اليعمري