محمد بن نصر بن الحجاج المروزي أبي عبد الله

أبي عبد الله المروزي

تاريخ الولادة202 هـ
تاريخ الوفاة294 هـ
العمر92 سنة
مكان الولادةبغداد - العراق
مكان الوفاةسمرقند - أوزبكستان
أماكن الإقامة
  • سمرقند - أوزبكستان
  • خراسان - إيران
  • نيسابور - إيران
  • المدينة المنورة - الحجاز
  • البصرة - العراق
  • الكوفة - العراق
  • بغداد - العراق
  • بلاد الشام - بلاد الشام
  • القاهرة - مصر
  • مصر - مصر

نبذة

أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي : ولد ببغداد ونشأ بنيسابور واستوطن سمرقند؛ وولد في سنة اثنتين ومائتين، ومات سنة أربع وتسعين ومائتين.

الترجمة

 أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي : ولد ببغداد ونشأ بنيسابور واستوطن سمرقند؛ وولد في سنة اثنتين ومائتين، ومات سنة أربع وتسعين ومائتين.
روى عنه أنه قال: كتبت الحديث بضعاً وعشرين سنة وسمعت قولاً ومسائل ولم يكن لي حسن رأي في الشافعي، فبينا أنا قاعد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة إذ أغفيت إغفاءة فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت: يا رسول الله، أكتب رأي أبي حنيفة؟ فقال: لا، فقلت: رأي مالك؟ قال: اكتب ما وافق حديثي، قلت: أكتب رأي الشافعي؟ فطأطأ رأسه شبه الغضبان وقال: تقول رأي؟ ليس بالرأي؛ هو رد على من خالف سنتي؛ قال: فخرجت في اثر هذه الرؤيا إلى مصر فكتبت كتب الشافعي.
وصنف محمد هذا كتباً ضمنها الآثار والفقه، وكان من أعلم الناس باختلاف الصحابة ومن بعدهم في الأحكام وصنف كتاباً فيما خالف أبو حنيفة علياً وعبد الله رضي الله عنهما. قال أبو بكر الصيرفي: لو لم يصنف إلا كتاب القسامة لكان من أفقه الناس، فكيف وقد صنف كتباً سواه؟

- طبقات الفقهاء / لأبو اسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي -.

 

 

مُحَمَّد بن نصر المروزي الإِمَام الْجَلِيل أَبِي عبد الله
أحد أَعْلَام الْأمة وعقلائها وعبادها
ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَمِائَتَيْنِ بِبَغْدَاد وَنَشَأ بنيسابور وَسكن سَمَرْقَنْد وَكَانَ أَبوهُ مروزيا
سمع مُحَمَّد بن نصر هِشَام بن عمار وَهِشَام بن خَالِد وَالْمُسَيب بن وَاضح وَيحيى بن يحيى وَإِسْحَاق وعَلى بن بَحر الْقطَّان وَالربيع بن سُلَيْمَان وَيُونُس بن عبد الْأَعْلَى وَعَمْرو بن زُرَارَة وعَلى بن حجر وهدبة وشيبان وَمُحَمّد بن عبد الله بن نمير وخلقا
وتفقه على أَصْحَاب الشافعى
روى عَنهُ أَبُو الْعَبَّاس السراج وَأَبُو حَامِد بن الشرقى وَمُحَمّد بن الْمُنْذر شكر وَأَبُو عبد الله بن الأخرم وَابْنه إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن نصر وَطَائِفَة

قَالَ الْحَاكِم هُوَ الْفَقِيه العابد الْعَالم إِمَام أهل الحَدِيث فى عصره بِلَا مدافعة
وَقَالَ الْخَطِيب كَانَ من أعلم النَّاس باخْتلَاف الصَّحَابَة وَمن بعدهمْ فى الْأَحْكَام
وَقَالَ ابْن حزم فى بعض تآليفه أعلم النَّاس من كَانَ أجمعهم للسنن وأضبطهم لَهَا وأذكرهم لمعانيها وأدراهم بِصِحَّتِهَا وَبِمَا أجمع النَّاس عَلَيْهِ مِمَّا اخْتلفُوا فِيهِ وَمَا نعلم هَذِه الصّفة بعد الصَّحَابَة أتم مِنْهَا فى مُحَمَّد بن نصر المروزى فَلَو قَالَ قَائِل لَيْسَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدِيث وَلَا لأَصْحَابه إِلَّا وَهُوَ عِنْد مُحَمَّد بن نصر لما بعد عَن الصدْق
وَقَالَ أَبُو ذَر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يُوسُف القاضى كَانَ الصَّدْر الأول من مَشَايِخنَا يَقُولُونَ رجال خُرَاسَان أَرْبَعَة ابْن الْمُبَارك وَيحيى بن يحيى وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَمُحَمّد بن نصر المروزى
وَقَالَ أَبُو بكر الصيرفى لَو لم يصنف المروزى إِلَّا كتاب الْقسَامَة لَكَانَ من أفقه النَّاس فَكيف وَقد صنف كتبا سواهَا وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق الشيرازى صنف مُحَمَّد هَذَا كتبا ضمنهَا الْآثَار وَالْفِقْه وَكَانَ من أعلم النَّاس باخْتلَاف الصَّحَابَة وَمن بعدهمْ فى الْأَحْكَام وصنف كتابا فِيمَا خَالف فِيهِ أَبُو حنيفَة عليا وَعبد الله رضى الله عَنْهُمَا
وَقَالَ ابْن الأخرم انْصَرف مُحَمَّد بن نصر من الرحلة الثَّانِيَة سنة سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ فاستوطن نيسابور وَلم تزل تِجَارَته بنيسابور أَقَامَ مَعَ شريك لَهُ مضَارب وَهُوَ يشْتَغل بِالْعلمِ وَالْعِبَادَة ثمَّ خرج سنة خمس وَسبعين إِلَى سَمَرْقَنْد فَأَقَامَ بهَا وشريكه بنيسابور وَكَانَ وَقت مقَامه هُوَ الْمُفْتى والمقدم بعد وَفَاة مُحَمَّد ابْن يحيى فَإِن حيكان يعْنى يحيى بن مُحَمَّد بن يحيى وَمن بعده أقرُّوا لَهُ بِالْفَضْلِ والتقدم
قَالَ ابْن الأخرم حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن قُتَيْبَة سَمِعت مُحَمَّد بن يحيى غير مرّة إِذا سُئِلَ عَن مَسْأَلَة يَقُول سلوا أَبَا عبد الله المروزى
وَقَالَ أَبُو بكر الصبغى فِيمَا أخبرنَا بِهِ الشَّيْخ الإِمَام الْفَقِيه شيخ الشَّافِعِيَّة برهَان الدّين أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم ابْن شيخ الشَّافِعِيَّة تَاج الدّين أَبى مُحَمَّد عبد الرَّحْمَن ابْن إِبْرَاهِيم الفزارى فى كِتَابه إِلَى من دمشق وَعمر بن الْحسن المراغى بقراءتى عَلَيْهِ قَالَ الأول أخبرنَا الْمُسلم بن مُحَمَّد بن الْمُسلم القيسى سَمَاعا عَلَيْهِ وَقَالَ الثانى أخبرنَا أَبُو الْفَتْح يُوسُف بن يَعْقُوب بن المجاور إجَازَة قَالَا أخبرنَا أَبُو الْيمن زيد بن الْحسن الكندى سَمَاعا قَالَ أخبرنَا أَبُو مَنْصُور عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْقَزاز سَمَاعا قَالَ أخبرنَا الْحَافِظ أَبُو بكر أَحْمد بن على بن ثَابت الْخَطِيب قَالَ أخبرنى مُحَمَّد بن على بن يَعْقُوب الْمعدل قَالَ أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الله النيسابورى قَالَ سَمِعت أَبَا بكر أَحْمد بن إِسْحَاق يَقُول أدْركْت إمامين لم أرزق السماع مِنْهُمَا أَبَا حَاتِم الرازى وَمُحَمّد بن نصر المروزى فَأَما مُحَمَّد بن نصر فَمَا رَأَيْت أحسن صَلَاة مِنْهُ وَلَقَد بلغنى أَن زنبورا قعد على جَبهته فَسَالَ الدَّم على وَجهه وَلم يَتَحَرَّك
وَقَالَ ابْن الأخرم مَا رَأَيْت أحسن صَلَاة من مُحَمَّد بن نصر كَانَ الذُّبَاب يَقع على أُذُنه فيسيل الدَّم وَلَا يذبه عَن نَفسه وَلَقَد كُنَّا نتعجب من حسن صلَاته وخشوعه وهيبته للصَّلَاة كَانَ يضع ذقنه على صَدره فينتصب كَأَنَّهُ خَشَبَة مَنْصُوبَة وَكَانَ من أحسن النَّاس خلقا كَأَنَّمَا فقئ فى وَجهه حب الرُّمَّان وعَلى خديه كالورد ولحيته بَيْضَاء
وَقَالَ السليمانى مُحَمَّد بن نصر إِمَام الْأَئِمَّة الْمُوفق من السَّمَاء
وَقَالَ أَحْمد بن إِسْحَاق الصبغى سَمِعت مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب الثقفى يَقُول كَانَ إِسْمَاعِيل بن أَحْمد والى خُرَاسَان يصل مُحَمَّد بن نصر فى السّنة بأَرْبعَة آلَاف دِرْهَم ويصله أَخُوهُ إِسْحَاق بِمِثْلِهَا ويصله أهل سَمَرْقَنْد بِمِثْلِهَا فَكَانَ ينفقها من السّنة إِلَى السّنة من غير أَن يكون لَهُ عِيَال فَقيل لَهُ لَو ادخرت لنائبه فَقَالَ سُبْحَانَ الله أَنا بقيت بِمصْر كَذَا وَكَذَا سنة قوتى وثيابى وكاغدى وحبرى وَجَمِيع مَا أنفقهُ على نفسى فى السّنة عشرُون درهما فترى إِن ذهب ذَا لَا يبْقى ذَاك

قلت انْظُر حَالَة من لَا فرق بَين الْقلَّة وَالْكَثْرَة عِنْده
أخبرنَا مُحَمَّد بن الْعَلامَة أَبُو إِسْحَاق الفزارى إِذْنا أخبرنَا الْمُسلم بن مُحَمَّد ح وَأخْبرنَا أَبُو حَفْص عمر بن الْحسن بن مزِيد بن أميلة المراغى بقراءتى عَلَيْهِ قَالَ أخبرنَا يُوسُف بن يَعْقُوب بن المجاور إجَازَة قَالَا أخبرنَا أَبُو الْيمن الكندى أخبرنَا أَبُو مَنْصُور الْقَزاز أخبرنَا أَبُو بكر الْخَطِيب أخبرنَا الجوهرى أخبرنَا ابْن حيويه حَدثنَا عُثْمَان بن جَعْفَر اللبان حَدَّثَنى مُحَمَّد بن نصر قَالَ خرجت من مصر ومعى جَارِيَة لى فركبت الْبَحْر أُرِيد مَكَّة فغرقت فَذهب منى ألفا جُزْء وصرت إِلَى جَزِيرَة أَنا وجاريتي فَمَا رَأينَا فِيهَا أحدا وأخذنى الْعَطش فَلم أقدر على المَاء فَوضعت رأسى على فَخذ جاريتى مستسلما للْمَوْت فَإِذا رجل قد جاءنى وَمَعَهُ كوز فَقَالَ هاه فَشَرِبت وسقيتها ثمَّ مضى فَلَا أدرى من أَيْن جَاءَ وَلَا من أَيْن ذهب
أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ بقراءتى عَلَيْهِ أخبرنَا أَبُو حَفْص عمر بن عبد الْمُنعم بن القواس أخبرنَا زيد بن الْحسن الكندى إجَازَة أخبرنَا أَبُو الْحسن بن عبد السَّلَام أخبرنَا الشَّيْخ الإِمَام أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن على الفيروزابادى قَالَ روى عَنهُ يعْنى مُحَمَّد بن نصر أَنه قَالَ كتبت الحَدِيث بضعا وَعشْرين سنة وَسمعت قولا ومسائل وَلم يكن لى حسن رأى فى الشافعى فَبينا أَنا قَاعد فى مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَدِينَةِ إِذْ أغفيت إغْفَاءَة فَرَأَيْت النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فى الْمَنَام فَقلت يَا رَسُول الله أكتب رأى أَبى حنيفَة فَقَالَ (لَا) فَقلت رأى مَالك فَقَالَ (اكْتُبْ مَا وَافق حديثى) فَقلت أكتب رأى الشافعى فطأطأ رَأسه شبه الغضبان وَقَالَ تَقول رأى لَيْسَ هُوَ بالرأى هُوَ رد على من خَالف سنتى)
قَالَ فَخرجت فى أثر هَذِه الرُّؤْيَا إِلَى مصر فَكتبت كتب الشافعى

أخبرنَا الإِمَام أَبُو إِسْحَاق الشافعى إجَازَة والمسند أَبُو حَفْص المراغى بقراءتى قَالَ الأول أخبرنَا أَبُو الْغَنَائِم بن عَلان سَمَاعا وَقَالَ الثانى أخبرنَا أَبُو الْفَتْح بن المجاور الشيبانى إجَازَة قَالَا أخبرنَا زيد بن الْحسن أخبرنَا أَبُو مَنْصُور الْقَزاز أخبرنَا أَحْمد بن على الْحَافِظ أخبرنى أَبُو الْوَلِيد الْحسن بن مُحَمَّد الدربندى أخبرنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْحَافِظ ببخارى قَالَ سَمِعت أَبَا صَخْر مُحَمَّد بن مَالك السعدى يَقُول سَمِعت أَبَا الْفضل مُحَمَّد بن عبيد الله البلعمى يَقُول سَمِعت الْأَمِير أَبَا إِبْرَاهِيم إِسْمَاعِيل بن أَحْمد يَقُول كنت بسمرقند فَجَلَست يَوْمًا للمظالم وَجلسَ أخى إِسْحَاق إِلَى جنبى إِذْ دخل أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن نصر فَقُمْت لَهُ إجلالا لعلمه فَلَمَّا خرج عاتبنى أخى إِسْحَاق وَقَالَ أَنْت والى خُرَاسَان يدْخل عَلَيْك رجل من رعيتك فتقوم إِلَيْهِ وَبِهَذَا ذهَاب السياسة فَبت تِلْكَ اللَّيْلَة وَأَنا منقسم الْقلب بذلك فَرَأَيْت النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فى الْمَنَام كأنى وَاقِف مَعَ أخى إِسْحَاق إِذْ أقبل النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخذ بعضدى وَقَالَ يَا إِسْمَاعِيل ثَبت ملكك وَملك بنيك بإجلالك لمُحَمد بن نصر ثمَّ الْتفت إِلَى إِسْحَاق فَقَالَ ذهب ملك إِسْحَاق وَملك بنيه باستخفافه بِمُحَمد بن نصر حِكَايَة إملاق المحمدين بِمصْر
قَرَأت على أَبى عبد الله مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن الخباز قلت لَهُ أخْبرك أَبُو الْغَنَائِم الْمُسلم بن مُحَمَّد بن عَلان قِرَاءَة عَلَيْهِ وَأَنت تسمع فَأقر بِهِ أخبرنَا أَبُو الْيمن زيد بن الْحسن الكندى أخبرنَا أَبُو مَنْصُور الْقَزاز أخبرنَا الْحَافِظ أَبُو بكر الْخَطِيب حَدَّثَنى أَبُو الْفرج مُحَمَّد بن عبيد الله بن مُحَمَّد الخرجوشى الشيرازى لفظا سَمِعت أَحْمد بن مَنْصُور بن مُحَمَّد الشيرازى يَقُول سَمِعت مُحَمَّد بن أَحْمد الصحاف السجستانى يَقُول سَمِعت أَبَا الْعَبَّاس البكرى من ولد أَبى بكر الصّديق رضى الله عَنهُ يَقُول جمعت الرحلة بَين مُحَمَّد بن جرير وَمُحَمّد بن إِسْحَاق بن خُزَيْمَة وَمُحَمّد بن نصر المروزى وَمُحَمّد بن هَارُون الرويانى بِمصْر فأرملوا وَلم يبْق عِنْدهم مَا يقوتهم وأضر بهم الْجُوع فَاجْتمعُوا لَيْلَة فى منزل كَانُوا يأوون إِلَيْهِ فاتفق رَأْيهمْ على أَن يستهموا ويضربوا الْقرعَة فَمن خرجت عَلَيْهِ الْقرعَة سَأَلَ لأَصْحَابه الطَّعَام فَخرجت الْقرعَة على مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن خُزَيْمَة فَقَالَ لأَصْحَابه أمهلونى حَتَّى أتوضأ وأصلى صَلَاة الْخيرَة فَانْدفع فى الصَّلَاة فَإِذا هم بالشموع وخصى من قبل والى مصر يدق الْبَاب ففتحوا الْبَاب فَنزل عَن دَابَّته فَقَالَ أَيّكُم مُحَمَّد بن نصر فَقيل هُوَ هَذَا فَأخْرج صرة فِيهَا خَمْسُونَ دِينَارا فَدَفعهَا إِلَيْهِ ثمَّ قَالَ أَيّكُم مُحَمَّد بن جرير فَقَالُوا هُوَ ذَا فَأخْرج صرة فِيهَا خَمْسُونَ دِينَارا فَدَفعهَا إِلَيْهِ ثمَّ قَالَ أَيّكُم مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن خُزَيْمَة فَقَالُوا هُوَ هَذَا يصلى فَلَمَّا فرغ من صلَاته دفع إِلَيْهِ الصرة وفيهَا خَمْسُونَ دِينَارا ثمَّ قَالَ أَيّكُم مُحَمَّد بن هَارُون وَفعل بِهِ كَذَلِك ثمَّ قَالَ إِن الْأَمِير كَانَ قَائِلا بالْأَمْس فَرَأى فى الْمَنَام خيالا قَالَ إِن المحامد طَوَوْا كشحهم جياعا فأنفذ إِلَيْكُم هَذِه الصرار وَأقسم عَلَيْكُم إِذا نفدت فَابْعَثُوا إِلَى أحدكُم
قلت ابْن نصر وَابْن جرير وَابْن خُزَيْمَة من أَرْكَان مَذْهَبنَا وَأما مُحَمَّد بن هَارُون الرويانى فَهُوَ الْحَافِظ أَبُو بكر لَهُ مُسْند مَشْهُور روى عَن أَبى كريب وَبُنْدَار وَهَذِه الطَّبَقَة مَاتَ سنة سبع وثلثمائة

وَحكى أَن مُحَمَّد بن نصر كَانَ يتَمَنَّى على كبر سنه أَن يُولد لَهُ ابْن قَالَ الحاكى فَكُنَّا عِنْده يَوْمًا وَإِذا بِرَجُل من أَصْحَابه قد جَاءَ وساره فى أُذُنه فَرفع يَدَيْهِ وَقَالَ {الْحَمد لله الَّذِي وهب لي على الْكبر إِسْمَاعِيل} ثمَّ مسح وَجهه بباطن كَفه وَرجع إِلَى مَا كَانَ فِيهِ
قَالَ الحاكى فَرَأَيْنَا أَنه اسْتعْمل فى تِلْكَ الْكَلِمَة الْوَاحِدَة ثَلَاث سنَن تَسْمِيَة الْوَلَد وَحمد الله على الموهبة وتسميته إِسْمَاعِيل لِأَنَّهُ ولد على كبر سنه وَقَالَ الله عز وَجل {أُولَئِكَ الَّذين هدى الله فبهداهم اقتده}
قلت كَذَا أسْند هَذِه الْحِكَايَة الْحَاكِم أَبُو عبد الله وَإِن كَانَ مُحَمَّد بن نصر قصد الثَّلَاث فنستفيد من هَذَا أَنه يسْتَحبّ لمن ولد لَهُ ابْن على الْكبر أَن يُسَمِّيه إِسْمَاعِيل وهى مَسْأَلَة حَسَنَة وأحسب إِسْمَاعِيل هَذَا من خنة بخاء مُعْجمَة ثمَّ نون وهى أُخْت القاضى يحيى بن أَكْثَم كَانَ مُحَمَّد بن نصر قد تزَوجهَا
توفى مُحَمَّد بن نصر بسمرقند فى الْمحرم سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ
وَمن غَرَائِبه
ذهب إِلَى أَن صَلَاة الصُّبْح تقصر فى الْخَوْف إِلَى رَكْعَة
وَأَنه يُجزئ الْمسْح على الْعِمَامَة
وَنقل فى كِتَابه تَعْظِيم قدر الصَّلَاة عَن بعض أهل الْعلم أَن عِلّة النهى عَن السمر بعد الْعشَاء الْآخِرَة لِأَن مصلى الْعشَاء قد كفرت عَنهُ ذنُوبه بِصَلَاتِهِ فيخشى أَن يكون مِنْهُ الزلة فيتدنس بالذنب بعد الطَّهَارَة
قلت وَعلله آخَرُونَ بِوُقُوع الصَّلَاة الَّتِى هى أفضل الْأَعْمَال خَاتِمَة عمله وَهُوَ قريب من ذَلِك وَآخَرُونَ بِأَن الله قد جعل اللَّيْل سكنا والْحَدِيث يُخرجهُ عَن ذَلِك وَآخَرُونَ بِأَن نَومه يتَأَخَّر فيخاف فَوَات الصُّبْح عَن وَقتهَا أَو عَن أَوله وَآخَرُونَ بخشية من لَهُ تهجد فَوَاته
قلت وَيُمكن أَن يتَعَلَّق بِكُل من هَذِه الْمعَانى بِجَوَاز اجتماعها وَلَا يُمكن أَن يقْتَصر على وَاحِد من التعليلين الْأَخيرينِ لِئَلَّا يلْزم اخْتِصَاص الْكَرَاهَة بِمن يخْشَى فَوَات الصُّبْح واختصاصهما بِمن لَهُ تهجد يخْشَى فَوَاته
حَدِيث رفع عَن أمتى الْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ هَذَا الحَدِيث كثر ذكره على أَلْسِنَة الْفُقَهَاء والأصوليين وتكلمت عَلَيْهِ قَدِيما فِيمَا كتبته على أَحَادِيث منهاج البيضاوى ثمَّ وقفت على كتاب اخْتِلَاف الْفُقَهَاء للْإِمَام مُحَمَّد بن نصر وَهُوَ مُخْتَصر يذكر فِيهِ خلافيات الْعلمَاء وَيبدأ فى كل مَسْأَلَة بِذكر سُفْيَان الثورى فَأَبْصَرت فِيهِ فى بَاب طَلَاق الْمُكْره وعتاقه مَا نَصه ويروى عَن النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ (رفع الله عَن هَذِه الْأمة الْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَمَا أكْرهُوا عَلَيْهِ) إِلَّا أَنه // لَيْسَ لَهُ إِسْنَاد // يحْتَج بِمثلِهِ انْتهى
فاستفدت من هَذَا أَن لهَذَا اللَّفْظ // إِسْنَادًا وَلكنه لَا يثبت //
وَقد وَقع الْكَلَام فى هَذَا الحَدِيث قَدِيما بِدِمَشْق وَبهَا الشَّيْخ برهَان الدّين بن الفركاح شيخ الشَّافِعِيَّة ثمَّ إِذْ ذَاك وَبَالغ فى التنقيب عَنهُ وسؤال الْمُحدثين وَذكر فى تعليقته على التَّنْبِيه فى كتاب الصَّلَاة قَول النووى فى زِيَادَة الرَّوْضَة فى كتاب الطَّلَاق فى الْبَاب السَّادِس فى تَعْلِيق الطَّلَاق إِنَّه حَدِيث حسن
قَالَ الشَّيْخ برهَان الدّين وَلم أجد هَذَا اللَّفْظ مَعَ شهرته ثمَّ ذكر أَن فى كَامِل ابْن عدى فى تَرْجَمَة جَعْفَر بن فرقد من حَدِيثه عَن أَبِيه عَن الْحسن عَن أَبى بكرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (رفع الله عز وَجل عَن هَذِه الْأمة ثَلَاثًا الْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَالْأَمر يكْرهُونَ عَلَيْهِ) وجعفر بن جسر وَأَبوهُ ضعيفان
قلت ثمَّ وجد رفيقنا فى طلب الحَدِيث شمس الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الهادى الحنبلى الحَدِيث بِلَفْظِهِ فى رِوَايَة أَبى الْقَاسِم الْفضل بن جَعْفَر بن مُحَمَّد التميمى الْمُؤَذّن الْمَعْرُوف بأخى عَاصِم فَإِنَّهُ قَالَ حَدثنَا الْحُسَيْن بن مُحَمَّد حَدثنَا مُحَمَّد بن مصفى حَدثنَا الْوَلِيد بن مُسلم حَدثنَا الأوزاعى عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (رفع عَن أمتى الْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ)
لَكِن ابْن ماجة روى فى سنَنه الحَدِيث بِهَذَا الْإِسْنَاد بِلَفْظ غَيره فَقَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن مصفى الحمصى عَن الْوَلِيد بن مُسلم عَن الأوزاعى عَن عَطاء ابْن أَبى رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس عَن النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن الله وضع عَن أمتى الْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ) وَلَفظ الْوَضع وَالرَّفْع متقاربان فَلَعَلَّ أحد الراويين روى بِالْمَعْنَى
وَسُئِلَ أَحْمد بن حَنْبَل عَن الحَدِيث فَقَالَ لَا يَصح وَلَا يثبت إِسْنَاده
قلت وروى من حَدِيث ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن الله تجَاوز لى عَن أمتى الْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَمَا أكْرهُوا عَلَيْهِ) كَذَا رَوَاهُ الطبرانى من حَدِيث الأوزاعى عَن عَطاء بن أَبى رَبَاح عَن عبيد بن عُمَيْر عَن ابْن عَبَّاس
وَبِالْجُمْلَةِ الْأَمر فى الحَدِيث وَإِن تعدّدت أَلْفَاظه كَمَا قَالَ الإمامان أَحْمد بن حَنْبَل وَمُحَمّد ابْن نصر إِنَّه غير ثَابت وَذكر الْخلال من الْحَنَابِلَة فى كتاب الْعلم أَن أَحْمد قَالَ من زعم أَن الْخَطَأ وَالنِّسْيَان مَرْفُوع فقد خَالف كتاب الله وَسنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن الله أوجب فى قتل النَّفس فى الْخَطَأ الْكَفَّارَة
قلت وَلَا محمل لهَذَا الْكَلَام إِلَّا أَن يُقَال أَرَادَ بِهِ من زعم ارتفاعهما على الْعُمُوم فى خطاب الْوَضع وخطاب التَّكْلِيف وَإِلَّا فَقَائِل هَذَا الْمقَالة أشبه بوفاق الْإِجْمَاع

 

طبقات الشافعية الكبرى للإمام السبكي

 

 

محمد بن نصر، أبو عبد الله المروزي الفقيه:
صاحب التصانيف الكثيرة والكتب الجمة، ولد ببغداد، ونشأ بنيسابور، ورحل إلى سائر الأمصار في طلب العلم، واستوطن سمرقند، وكان من أعلم الناس باختلاف الصحابة ومن بعدهم في الأحكام.
وحدث عن عبدان بن عثمان، وصدقة بن الفضل المروزيين، ويحيى بن يحيى النيسابوري، وإسحاق بن راهويه، وأبي قدامة السرخسي، وهدبة بن خالد، وعبيد الله ابن معاذ العنبري، ومُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن أَبِي الشوارب، وأبي كامل الجحدري، ومحمد بن بشار بندار، وأبي موسى الزمن، وإبراهيم بن المنذر الحِزامي، وغيرهم. من أهل خراسان، والعراق، والحجاز، والشام، ومصر. روى عنه ابنه إسماعيل، وأبو علي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَلْخِيُّ، ومحمد بن إسحاق الرَّشادي السمرقندي، وعثمان بن جعفر اللبان، ومحمد بن يعقوب بن الأخرم النيسابوري، وغيرهم.
قرأت على الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد المؤدب عَن أَبِي سعد عبد الرحمن بن محمد الإدريسي قَالَ سمعتُ أَبَا يَحْيَى أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْنُ إِبْرَاهِيمَ السمرقندي يقول سمعت أبا العباس محمد بن عثمان بن سلم بن سلامة السمرقندي يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ نَصْرٍ المروزي يقول: ولدت سنة اثنتين ومائتين، وتوفي الشافعي سنة أربع ومائتين، وأنا بن سنتين وكان أبي مروزيا، وولدت أنا ببغداد، ونشأت بنيسابور، وأنا اليوم بسمرقند، ولا أدري ما يقضى الله في.
وَقَالَ أبو سعد: سمعت أبا بكر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إسحاق الدبوسي بها يقول سمعت أبي يقول: دخلت سمرقند ورأيت بها محمد بن نصر المروزيّ وكان بحرا في الحديث.
قال أبو سعد: وسمعت الفقيه أبا بكر محمد بن علي بن إسماعيل القفال الشاشي- بسمرقند- يقول سمعت أبا بكر الصيرفي- يعني الفقيه الأصولي ببغداد- يقول:
لو لم يُصَنِّفِ المروزي كتابا إلا كتاب «القسامة» ؛ لكان من افقه الناس، فكيف وقد صنف كتبا آخر سواه؟!.
حدّثنا أبو نعيم الحافظ حدثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي قال سمعت عبد الله بن محمد بن مسلم يَقُولُ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الحكيم يقول: كان محمد بن نصر المروزي عندنا إماما فكيف بخراسان!.
أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عمر المنكدري حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد الحافظ- بنيسابور- حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا إسماعيل بن قتيبة قَالَ سمعت محمد بن يحيى غير مرة إذا سئل عن مساله يقول: سلوا أبا عبد الله المروزي.
وأخبرني المنكدري حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عبد اللَّه الحافظ قَالَ سمعت أبا محمد الثقفي- وهو عبد الله بن محمد- يقول سمعت جدي يقول: جالست أبا عبد الله المروزي أربع سنين فلم أسمعه في طول تلك المدة يتكلم في غير العلم، إلا أني حضرته يوما وقيل له عن ابنه إسماعيل وما كان يتعاطاه: لو وعظته أو زبرته؟ فرفع رأسه ثم قَالَ: أنا لا أفسد مروءتي بصلاحه.
أَخْبَرَنِي محمد بن علي بن يعقوب المعدل حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه أَبُو عَبْد اللَّه النيسابوري قَالَ سمعت أبا بكر أحمد بن إسحاق يقول: أدركت إمامين من أئمة المسلمين لم ارزق السماع منهما، أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي، وأبو عبد الله محمد بن نصر المروزي، فأما أبو عبد الله فما رأيت أحسن صلاة منه، وبلغني أن زنبورا قعد على جبهته فسال الدم على وجهه ولم يتحرك.
حدّثنا الْحَسَن بْن عَلِيّ الجوهري حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن العبّاس الخزّاز حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ اللبان قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بن نصر. قَالَ: خرجت من مصر ومعي جارية لي، فركبت البحر أريد مكة قَالَ فغرقت فذهب مني ألفا جزء، قَالَ: وصرت إلى جزيرة أنا وجاريتي، قَالَ فما رأينا فيها أحدا، قَالَ وأخذني العطش فلم اقدر على الماء، قَالَ وأجهدت فوضعت رأسى على فخذ جاريتي مستسلما للموت، قَالَ فإذا رجل قد جاءني ومعه كوز فقال لي: هاه. قَالَ فأخذت فشربت وسقيت الجارية، قَالَ ثم مضى فما أدري من أين جاء ولا من أين ذهب.
حَدَّثَنِي أبو الفرج محمد بن عبيد الله الخرجوشي- لفظا- قَالَ سمعت أحمد بن منصور بن محمد الشيرازي يقول سمعت أحمد بن إسحاق بن أيوب الفقيه يقول سمعت محمد بن عبد الوهاب الثقفي يقول: كان إسماعيل بن أحمد والى خراسان يصل محمد بن نصر المروزي في كل سنة بأربعة آلاف درهم، ويصله أخوه إسحاق ابن أحمد بأربعة آلاف درهم، ويصله أهل سمرقند بأربعة آلاف درهم، فكان ينفقها من السنة إلى السنة من غير أن يكون له عيال ثقيل! فقلت له: لعل هؤلاء القوم الذين يصلونك يبدو لهم، فلو جمعت من هذا شيئا لنائبه! فقال: يا سبحان الله! أنا بقيت بمصر كذا وكذا سنة، فكان قوتي وثيابي وكاغدى وحبرى وجميع ما أنفقه على نفسي في السنة عشرين درهما، فترى أن ذهب هذا لا يبقى ذاك! أَخْبَرَنِي أَبُو الْوَلِيدِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّرْبَنْدِيُّ حَدَّثَنَا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان الحافظ- ببخارى- قَالَ سمعت أبا صخر محمد بن مالك السعدي يقول:
سمعت أبا الفضل محمّد بن عبيد البلعمي يقول سمعت الأمير أبا إبراهيم إسماعيل ابن أحمد يقول: كنت بسمرقند، فجلست يوما للمظالم، وجلس أخي إسحاق إلى جنبي إذ دخل أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي فقمت له إجلالا لعلمه، فلما خرج عاتبني أخي إسحاق. وقال: أنت والى خراسان يدخل عليك رجل من رعيتك فتقوم إليه؟ وبهذا ذهاب السياسة! فبت تلك الليلة وأنا مقسم القلب بذلك، فَرَأَيْتُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المنام وكأني واقف مع أخي إسحاق، إذ أقبل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخذ بعضدي فقال لي: «يا إسماعيل ثبت ملكك وملك بنيك بإجلالك لمحمد بن نصر» .
ثم التفت إلى إسحاق فقال: «ذهب ملك إسحاق وملك بنيه باستخفافه بمحمّد ابن نصر» .
حدّثنا محمد بن عبد الواحد حَدَّثَنَا محمد بن العباس قال قرئ على ابن المنادي وأنا أسمع. قال: وأخبرنا يموت بن المزرع عن محمد بن نصر المروزي أنه كان بسمرقند سنة أربع وتسعين ومائتين. قرأت على الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد المؤدب عَن أَبِي سَعْد الإدريسي قَالَ: سمعتُ أَبَا يَحْيَى أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْنُ إِبْرَاهِيمَ السمرقندي والبصريّ محمد الكرابيسي وأحمد بن علي بن عمرو البخاري يقولون: مات محمّد ابن نصر سنة أربع وتسعين ومائتين

ــ تاريخ بغداد وذيوله للخطيب البغدادي ــ.

 

 

مُحَمَّد بن نصر
الإِمَام شيخ الاسلام أَبُو عبد الله الْمروزِي الْفَقِيه
ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَمِائَتَيْنِ وبرع فِي هَذَا الشَّأْن وَكَانَ من أعلم النَّاس باخْتلَاف الصَّحَابَة وَمن بعدهمْ فِي الْأَحْكَام قَالَ الْحَاكِم إِمَام أهل الحَدِيث فِي عصره بِلَا مدافعة
لَهُ كتاب الصَّلَاة وَكتاب الْقسَامَة وَغير ذَلِك
قَالَ ابْن حزم أعلم النَّاس من كَانَ أجمعهم للسنن وأضبطهم لَهَا وأذكرهم لمعانيها وأدراهم بِصِحَّتِهَا وَبِمَا أجمع عَلَيْهِ النَّاس مِمَّا اخْتلفُوا فِيهِ إِلَى أَن قَالَ وَمَا نعلم هَذِه الصّفة بعد الصَّحَابَة أتم مِنْهَا فِي مُحَمَّد بن نصر فَلَو قَالَ قَائِل لَيْسَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدِيث وَلَا لأَصْحَابه سنة إِلَّا وَهُوَ عِنْد مُحَمَّد بن نصر لما بعد عَن الصدْق مَاتَ فِي محرم سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ بسمرقند

طبقات الحفاظ - لجلال الدين السيوطي.

أبي عبد الله المروزي : محمد بن نصر هو محمد بن نصر، إمام في الفقه والحديث. كان من أعلم الناس باختلاف الصحابة فمن بعدهم في الأحكام. نشأ بنيسأبير، ورحل رحلة طويلة استوطن بعدها سمرقند وتوفي بها. روى عن يحيى بن يحيى النيسأبيري وإسحاق بن راهويه، وإبراهيم بن المنذري وغيرهم. وعنه ابنه إسماعيل، ومحمد بن إسحاق الرشادي وغيرهما. ومن تصانيفه: " القسامة " في الفقه، و " المسند " في الحديث، و " ما خالف به أبي حنيفة عليا وابن مسعود ، و السنة ،

ينظر: تهذيب التهذيب 9 / 489، وتاريخ بغداد 3 / 315، والأعلام 7 / 346.

 

محمد بن نصر بن الحجاج المروزي الإِمَامُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أبي عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ.
مَوْلِدُهُ بِبَغْدَادَ، فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَمائَتَيْنِ، وَمَنْشَؤُهُ بِنَيْسَأبيرَ، وَمَسْكَنُهُ سَمَرْقَنْدُ. كَانَ أبيهُ مَرْوَزِيّاً، وَلَمْ يُرْفَعْ لَنَا فِي نَسَبِهِ.
ذَكَرَهُ الحَاكِمُ، فَقَالَ: إِمَامُ عَصْرِهِ بِلاَ مُدَافعَةٍ فِي الحَدِيْثِ.
سَمِعَ بِخُرَاسَانَ مِنْ: يَحْيَى بنِ يَحْيَى التَّمِيْمِيِّ، وَأَبِي خَالِدِ يَزِيْدَ بنِ صَالِحٍ، وَعُمَرَ بنِ زُرَارَةَ، وَصَدَقَةَ بنِ الفَضْلِ المَرْوَزِيّ، وَإِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وعلي بن حجر. وبالري: محمد ابن مهران الحمال، ومحمد بن مقاتل وَمُحَمَّدَ بنَ حُمَيْدٍ، وَطَائِفَةٍ. وَبِبَغْدَادَ: مُحَمَّدَ بنَ بكار ابن الرَّيَّانِ، وَعُبَيْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ القَوَارِيْرِيّ، وَالطَّبَقَة. وَبِالبَصْرَة: شَيْبَانَ بنَ فَرُّوخٍ، وَهُدْبَةَ بنَ خَالِدٍ، وَعبدَ الواحدِ بنَ غِيَاثٍ، وَعِدَّةً. وَبَالكُوْفَةِ: مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَهَنَّاد، وَابنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَطَائِفَةً. وَبَالمَدِيْنَةِ: أَبَا مُصْعَبٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ المُنْذِرِ الحِزَامِيّ، وَطَائِفَةً. وَبَالشَّامِ: هِشَامَ بنَ عَمَّارٍ، وَدُحَيْماً.
قُلْتُ: وَبِمِصْرَ مِنْ: يُوْنُسَ الصَّدَفيِّ، وَالرَّبِيْعِ المُرَادِيِّ، وَأَبِي إِسْمَاعِيْلَ المُزَنِيّ، وَأَخَذَ عَنْهُ كُتُبَ الشَّافِعِيّ ضَبْطاً وَتفَقُّهاً. وَكَتَبَ الكَثِيْرَ، وَبَرَعَ فِي عُلُومِ الإِسْلاَمِ، وَكَانَ إِمَاماً مُجْتَهِداً عَلاَّمَةً، مِنْ أَعْلَمِ أَهْلِ زَمَانِهِ بِاخْتِلاَفِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ، قلَّ أَنْ تَرَى العُيُونَ مِثْلَهُ.
قَالَ أبي بَكْرٍ الخَطِيْبُ: حَدَّثَ عَنْ: عَبْدَانَ بنِ عُثْمَانَ. ثُمَّ سمَّى جَمَاعَةً، وَقَالَ: كَانَ مِنْ أَعْلَمِ الناس باختلاف الصحابة ومن بعدهم في الأحكام.
قُلْتُ: يُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ أَعْلَم الأَئِمَّةِ بِاخْتِلاَفِ العُلَمَاءِ عَلَى الإِطلاَقِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أبي العَبَّاسِ السَّرَّاجِ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ شَكَّر، وَأبي حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَأبي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ الأَخْرَمِ، وَأبي النَّضْرِ مُحَمَّدُ بنُ محمد الفقيه، وولده إسماعيل ابن مُحَمَّدِ بنِ نصرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ السَّمَرْقَنْدِيّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ أبي بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّة: لَوْ لَمْ يُصَنِّفِ ابْنُ نَصْرٍ إلَّا كتاب: "القسامة" لكان من أفقه الناس.
وَقَالَ أبي بَكْرٍ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبْغِيّ، وَقِيْلَ له: ألا تنظر إلى تمكن أبي عليٍّ الثَّقَفِيِّ فِي عَقْلِهِ؟ فَقَالَ: ذَاكَ عَقْلُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ مِنْ أَهْلِ المَدِيْنَةِ. قِيْلَ: وَكَيْفَ ذَاكَ؟ قَالَ: إِنَّ مَالِكاً كَانَ مِنْ أَعْقَلِ أَهْلِ زَمَانِهِ، وَكَانَ يُقَالُ: صَارَ إِلَيْهِ عَقْلُ الَّذِيْنَ جَالسَهُم مِنَ التَّابِعِيْنَ، فجَالَسَهُ يَحْيَى بنِ يَحْيَى النَّيْسَأبيرِيّ، فَأَخَذَ مِنْ عَقْلِهِ وَسَمْتِهِ، ثُمَّ جالس يحيى بن يحيى محمد ابن نَصْرٍ سِنِيْنَ، حَتَّى أَخذَ مِنْ سَمْتِهِ وَعَقْله، فَلَمْ يُرَ بَعْدَ يَحْيَى مِنْ فُقَهَاءِ خُرَاسَانَ أَعْقَلُ مِنِ ابْنِ نَصْرٍ، ثُمَّ إِنَّ أَبَا عَلِيٍّ الثَّقَفِيّ جَالسَهُ أَرْبَعَ سِنِيْنَ، فَلَمْ يَكُنْ بَعْدَهُ أَعْقَلُ مِنْ أَبِي عليٍّ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الإِسْفَرَايِيْنِيّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ يَقُوْلُ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ بِمِصْرَ إِمَاماً، فَكَيْفَ بِخُرَاسَانَ?
وَقَالَ القَاضِي مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ: كَانَ الصَّدْرُ الأَوَّلُ مَنْ مَشَايِخنَا يَقُوْلُوْنَ: رِجَالُ خُرَاسَانَ أَرْبَعَةٌ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَابْنُ رَاهْوَيْه، وَيَحْيَى بنُ يَحْيَى، وَمُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ.
وَمن كَلاَمِ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَتِ المَعَاصِي بَعْضُهَا كُفْراً وَبِعْضُهَا لَيْسَ بِكُفْرٍ، فَرَّقَ تَعَالَى بَيْنَهَا، فَجَعَلَهَا ثَلاَثَةَ أَنْوَاعٍ: فَنَوْعٌ مِنْهَا كُفْرٌ، وَنوْعٌ مِنْهَا فُسُوقٌ، وَنوعٌ مِنْهَا عِصْيَانٌ، لَيْسَ بِكُفْرٍ وَلاَ فُسُوقٍ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ كرَّهَهَا كُلّهَا إِلَى المُؤْمِنِيْنَ. وَلَمَّا كَانَتِ الطَّاعَاتُ كُلّهَا دَاخلَةٌ فِي الإِيْمَانِ، وَلَيْسَ فِيْهَا شَيْءٌ خَارجٌ عَنْهُ، لَمْ يُفَرِّق بَيْنَهَا، فَمَا، قَالَ: حَبَّبَ إِلَيْكُم الإِيْمَانَ وَالفَرَائِضَ وَسَائِرَ الطَّاعَاتِ، بَلْ أَجْمَلَ ذَلِكَ، فَقَالَ: {حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَان} [الحجرَات: 7] فَدَخَلَ فِيْهِ جَمِيْعُ الطَّاعَاتِ، لأَنَّهُ قَدْ حَبَّبَ إِلَيْهِم الصَّلاَةَ وَالزَّكَاةَ، وَسَائِرَ الطَّاعَاتِ حُبَّ تَدَيُّنٍ، وَيكْرَهُونَ المَعَاصِي كرَاهيَةَ تَدَيُّنٍ، وَمِنْهُ قَولُهُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: $"مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وساءته سيئته فهو مؤمن".
وَقَالَ أبي عَبْدِ اللهِ بنُ الأَخْرَمِ: انْصَرَفَ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ مِنَ الرِّحلَةِ الثَّانِيَةِ سَنَةَ ستين ومائيتن، فَاسْتَوْطَنَ نَيْسَأبيرَ، فَلَمْ تَزَلْ تِجَارَتُهُ بِنَيْسَأبيرَ، أَقَامَ مع شريك له مضارب، وهويَشْتَغِلُ بِالعِلْمِ وَالعِبَادَةِ، ثُمَّ خَرَجَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ إِلَى سَمَرْقَنْدَ، فَأَقَامَ بِهَا وَشريكُهُ بِنَيْسَأبيرَ، وَكَانَ وَقتَ مُقَامِهِ بِنَيْسَأبيرَ هُوَ المُقَدّم وَالمُفْتِي بَعْدَ وَفَاةِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى، فَإِنَّ حَيْكَانَ -يَعْنِي: يَحْيَى وَلدُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى- وَمَنْ بَعْدَهُ أَقَرُّوا لَهُ بِالفَضْلِ، وَالتَّقَدُّمِ.
قَالَ ابْنُ الأَخْرَمِ الحَافِظُ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ قُتَيْبَةَ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى غَيْرَ مَرَّةٍ، إِذَا سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ يَقُوْلُ: سَلُوا أَبَا عَبْدِ اللهِ المَرْوَزِيّ.
وَقَالَ أبي بَكْرٍ الصِّبْغِيّ: أَدْرَكْتُ إِمَامَيْن لَمْ أُرْزَق السَّمَاعَ مِنْهُمَا: أبي حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ المَرْوَزِيُّ، فَأَمَّا ابْنُ نَصْرٍ، فَمَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ صَلاَةً مِنْهُ، لَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ زُنْبُوراً قَعَدَ عَلَى جَبْهَتِهِ، فسَالَ الدَّمُ عَلَى وَجهِهِ وَلَمْ يَتَحَرَّكْ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ الأَخْرَمِ: مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ صَلاَةً مِنْ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ كَانَ الذُّبَابُ يقعُ عَلَى أُذُنِهِ، فَيَسِيْلُ الدَّمُ، وَلاَ يَذُبُّهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَقَدْ كُنَّا نَتَعَجَّبُ مِنْ حُسْنِ صَلاَتِهِ وخشوعه وهيئته للصلاة، كان يضع ذقنه عَلَى صَدْرِهِ، فَيَنْتَصِبُ كَأَنَّهُ خشبَةٌ مَنْصوبَةٌ. قَالَ: وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خَلقاً، كَأَنّمَا فُقِئَ فِي وَجْهِهِ حَبُّ الرُّمَانِ وَعَلَى خَدَّيْهِ كَالوَرْدِ، وَلحيتُهُ بَيْضَاءَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبْغِيّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ يَقُوْلُ: كَانَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَحْمَدَ: وَالِي خُرَاسَانَ -يَصِلُ مُحَمَّدَ بنَ نَصْرٍ فِي العَامِ بِأَرْبَعَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ، وَيصِلُهُ أَخُوْهُ إِسْحَاقُ بِمِثْلِهَا، وَيصِلُهُ أَهْلُ سَمَرْقَنْدَ بِمِثْلِهَا، فَكَانَ يُنْفِقُهاً مِنَ السّنَةِ إِلَى السّنَةِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُوْنَ لَهُ عِيَالٌ، فَقِيْلَ لَهُ: لَوِ ادَّخَرْتَ لنَائِبَةٍ? فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! أَنَا بَقِيْتُ بِمِصْرَ كَذَا وَكَذَا سَنَةً، قُوتِي وثيَابِي وَكَاغَدِي وَحِبرِي وَجَمِيْعُ مَا أُنْفِقُهُ عَلَى نَفْسِي فِي السّنَةِ عِشْرُوْنَ دِرْهَماً، فَتَرَى إِنْ ذَهَبَ ذَا لاَ يَبْقَى ذَاكَ!
قَالَ الحَافِظُ السُّلَيْمَانِيُّ: مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ إِمَامُ الأَئِمَّةِ الموفَّقُ مِنَ السَّمَاءِ، سَكَنَ سَمَرْقَنْدَ، سَمِعَ: يَحْيَى بنَ يَحْيَى، وَعَبْدَان، وَعَبْد اللهِ المُسْنَدِيّ، وَإِسْحَاقَ، وَلَهُ كِتَابُ: "تعَظِيْم قدر الصَّلاَة"، وَكِتَابُ: "رَفْع اليَدِين"، وَغيرهُمَا مِنَ الكُتُبِ المُعْجِزَةِ. كَذَا قَالَ السُّلَيمَانِي، وَلاَ مُعْجِزَ إلَّا القُرْآنَ. ثُمَّ قَالَ: مَاتَ هُوَ وَصَالِح جَزَرَة فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ.
أَنْبَأَنِي أبي الغَنَائِمِ القَيْسِيُّ وَجَمَاعَةٌ سَمِعُوا أَبَا اليُمْنِ الكِنْدِيُّ: أَخْبَرَنَا أبي مَنْصُوْرٍ القَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أبي بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا الجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ حَيَّوَيه، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ جَعْفَرٍ اللَّبَّانُ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ، قَالَ: خَرَجْتُ مِنْ مِصْرَ، وَمعِي جَارِيَةٌ فَرَكبتُ البَحْرَ أُريدُ مَكَّةَ، فغرقت، فذهب مني ألفا جُزْءٍ وَصِرْتُ إِلَى جَزِيْرَةٍ أَنَا وَجَارِيَتِي، فَمَا رَأَينَا فِيْهَا أَحَداً، وَأَخَذَنِي العَطَشُ فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَى المَاءِ، فَوَضَعْتُ رَأْسِي عَلَى فَخِذِ جَارِيتِي مُسْتَسْلِماً لِلمَوْتِ، فَإِذَا رَجُلٌ قَدْ جَاءنِي وَمَعَهُ كُوزٌ، فَقَالَ لِي: هَاهُ. فَشَرِبْتُ وَسقَيْتُهَا، ثُمَّ مَضَى، فَمَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ جَاءَ؟ وَلاَ مِنْ أَيْنَ رَاحَ؟
وفِي "الطَّبَقَاتِ" لأَبِي إِسْحَاقَ: وُلِدَ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ بِبَغْدَادَ، وَنَشَأَ بِنَيْسَأبيرَ، وَاسْتوطَنَ سَمَرْقَنْدَ.
رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ لِي حُسْنُ رَأْيٍ فِي الشَّافِعِيِّ، فَبَيْنَا أَنَا قَاعِدٌ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَغْفَيْتُ، فرَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "فِي المَنَامِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَكْتُبُ رَأْيَ الشَّافِعِيِّ؟ فَطَأَطَأَ رَأَسَهُ شِبْهَ الغَضْبَانِ وَقَالَ: "تَقُوْلُ رَأْي؟ لَيْسَ هُوَ بِالرَّأْي، هُوَ ردٌّ عَلَى مَنْ خَالَفَ سُنَّتِي". فَخَرَجْتُ فِي أَثَرِ هَذِهِ الرُّؤيَا إِلَى مِصْرَ، فَكَتَبْتُ كُتُبَ الشَّافِعِيِّ.
قَالَ أبي إِسْحَاقَ: وَصَنَّفَ ابْنُ نَصْرٍ كُتُباً، ضَمَّنَهَا الآثَارَ وَالفِقْهَ، وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِاخْتِلاَفِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي الأَحْكَامِ، وَصَنَّفَ كِتَاباً فِيمَا خَالَفَ أبي حَنِيْفَةَ عَلِيّاً وَابنَ مَسْعُوْدٍ. قَالَ أبي بَكْرٍ الصَّيْرَفِيّ: لَوْ لَمْ يُصَنِّف إلَّا كِتَاب: "القسَامَة" لكَانَ مِنْ أَفْقَهِ النَّاسِ، كَيْفَ وَقَدْ صَنَّفَ سِوَاهُ?!
قَالَ الوَزِيْرُ أبي الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ البَلْعَمِيّ: سَمِعْتُ الأَمِيْرَ إِسْمَاعِيْلَ بنَ أَحْمَدَ يَقُوْلُ: كُنْتُ بِسَمَرْقَنْدَ، فجلَسْتُ يومًا للمظالم، وجلس أَخِي إِسْحَاقُ إِلَى جَنْبِي، إِذْ دَخَلَ أبي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ، فَقُمْتُ لَهُ إِجلاَلاً لِلْعِلمِ، فَلَمَّا خَرَجَ عَاتَبَنِي أَخِي وَقَالَ: أَنْتَ وَالِي خُرَاسَانَ تَقُوْمُ لِرَجُلٍ مِنَ الرَّعيَّةِ؟ هَذَا ذهَابُ السِّيَاسَةِ. قَالَ: فَبِتُّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَأَنَا مُتَقَسِّمُ القَلْبِ، فرَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي المَنَامِ كَأَنِّيْ وَاقِفٌ مَعَ أَخِي إِسْحَاقَ إِذْ أَقْبَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخَذَ بِعَضُدِي، فَقَالَ لِي: ثَبُتَ مِلْكُكَ وَملْكُ بَنِيْكَ بِإِجلاَلِكَ مُحَمَّدَ بنَ نَصْرٍ. ثُمَّ التَفَتَ إِلَى إِسْحَاقَ، فَقَالَ: ذَهَبَ مُلْكُ إِسْحَاقَ، وَمُلْكُ بَنِيْهِ بِاسْتِخْفَافِهِ بِمُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ.
قُلْتُ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرِ زَوْجَ أُخْتِ يَحْيَى بنِ أَكْثَمَ القَاضِي، وَاسمُهَا خَنَّةُ بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ نُوْنٌ، مَاتَ بَعْدَ أَيَّامٍ قلاَئِلَ مِنْ مَوْتِ صَالِحِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جَزَرَةَ، وَذَلِكَ فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ الحَافِظُ أبي عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ فِي مَسْأَلَةِ الإِيْمَان: صَرَّحَ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ فِي كِتَاب "الإِيْمَان" بِأَنَّ الإِيْمَانَ مَخْلُوْقٌ، وَأَنَّ الإِقْرَارَ، وَالشَّهَادَةَ، وَقرَاءةَ القُرْآنِ بِلَفْظِهِ مَخْلُوْقٌ. ثُمَّ قَالَ: وَهَجَرَهُ عَلَى ذَلِكَ عُلَمَاءُ وَقتِهِ، وَخَالفَهُ أَئِمَّةُ خراسان والعراق.

(11/26)

 

قُلْتُ: الخَوْضُ فِي ذَلِكَ لاَ يَجُوْزُ، وَكَذَلِكَ لاَ يَجُوْزُ أَنْ يُقَالُ: الإِيْمَانُ، وَالإِقْرَارُ، وَالقِرَاءةُ، وَالتَّلَفُّظُ بِالقُرْآنِ غَيْرَ مَخْلُوْقٍ، فَإِنَّ اللهَ خَلَقَ العبَادَ وَأَعمَالَهُمُ، وَالإِيْمَانُ: فَقَوْلٌ وَعمَلٌ، وَالقِرَاءةُ وَالتَّلَفُّظُ: مِنْ كَسْبِ القَارِئِ، وَالمَقْرُوءُ المَلْفُوظُ: هُوَ كَلاَمُ اللهِ وَوَحْيُهُ وَتَنْزِيلُهُ، وَهُوَ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، وَكَذَلِكَ كَلِمَةُ الإِيْمَانِ، وَهِيَ قَوْلُ "لاَ إِلَهَ إلَّا الله، مُحَمَّدٌ رَسُوْلُ اللهِ" دَاخلَةٌ فِي القُرْآنِ، وَمَا كَانَ مِنَ القُرْآنِ فلَيْسَ بِمَخْلُوْقٍ، وَالتَّكَلُّمُ بها مِنْ فِعْلنَا، وَأَفعَالُنَا مَخْلُوْقَةٌ، وَلَوْ أَنَّا كلَّمَا أَخْطَأَ إِمَامٌ فِي اجْتِهَادِهِ فِي آحَادِ المَسَائِلِ خَطَأً مَغْفُوراً لَهُ، قُمْنَا عَلَيْهِ، وَبدَّعْنَاهُ، وَهَجَرْنَاهُ، لَمَا سَلِمَ مَعَنَا لاَ ابْنَ نَصْرٍ، وَلاَ ابْنَ مَنْدَةَ، وَلاَ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُمَا، وَاللهُ هُوَ هَادِي الخَلْقِ إِلَى الحَقِّ، وَهُوَ أَرحمُ الرَّاحمِينَ، فَنَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الهوَى وَالفظَاظَةِ.
قَالَ أبي مُحَمَّدٍ بنُ حَزْمٍ فِي بَعْضِ توَالِيفِهِ: أَعْلَمُ النَّاسِ مَنْ كَانَ أَجْمَعهُم للسُّنَنِ، وَأَضْبَطهُم لَهَا، وَأَذْكَرهُمُ لِمَعَانِيهَا، وَأَدرَاهُمُ بِصِحَّتِهَا، وَبِمَا أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ مِمَّا اخْتَلفُوا فِيْهِ.
قَالَ: وَمَا نَعْلَمُ هَذِهِ الصِّفَةَ -بَعْد الصَّحَابَةِ- أَتمَّ مِنْهَا فِي مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ المَرْوَزِيّ، فَلَو قَالَ قَائِل: لَيْسَ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيْثٌ وَلاَ لأَصْحَابِهِ إلَّا وَهُوَ عِنْدَ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ لَمَا أَبْعَدَ عَنِ الصِّدْقِ.
قُلْتُ: هَذِهِ السَّعَةُ وَالإِحَاطَةُ مَا ادَّعَاهَا ابْنُ حَزْمٍ لابْنِ نَصْرٍ إلَّا بَعْدَ إِمعَانِ النَّظَرِ فِي جَمَاعَةِ تَصَانِيْفَ لابْنِ نَصْرٍ، وَيمْكِن ادِّعَاءُ ذَلِكَ لِمِثْلِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ وَنُظَرَائِهِ، والله أعلم.

سير أعلام النبلاء: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن  قايمازالذهبي

 

 

مُحَمَّد بن نصر [202 - 294] )
أَبُو عبد الله الإِمَام الْمروزِي، صَاحب التصانيف الجمة.
أحد من استبحر فِي علمي الْفِقْه والْحَدِيث، وَجمع بَين فضيلتي الْإِمَامَة والديانة.
وَهُوَ صَاحب اخْتِيَار، وَرُبمَا تذرع متذرع بِكَثْرَة اخياراته الْمُخَالفَة لمَذْهَب الشَّافِعِي إِلَى الْإِنْكَار على الْجَمَاعَة العادين لَهُ فِي أَصْحَابنَا، وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك، لِأَنَّهُ فِي هَذَا بِمَنْزِلَة ابْن خُزَيْمَة، والمزني، وَأبي ثَوْر قبله، وَغَيرهم.
فَلَقَد كثرت اختياراتهم الْمُخَالفَة لمَذْهَب الشَّافِعِي، ثمَّ لم يخرجهم ذَلِك عَن أَن يَكُونُوا فِي قبيل أَصْحَاب الشَّافِعِي معدودين، وبوصف الاعتزاء إِلَيْهِ موصوفين.
قَالَ الْخَطِيب: قَرَأت على الْحُسَيْن بن مُحَمَّد الْمُؤَدب، عَن أبي سعد عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الإدريسي قَالَ: سَمِعت أَبَا يحيى أَحْمد بن مُحَمَّد السَّمرقَنْدِي يَقُول: سَمِعت أَبَا الْعَبَّاس مُحَمَّد بن عُثْمَان بن سلم السَّمرقَنْدِي يَقُول: سَمِعت أَبَا عبد الله مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي يَقُول: ولدت سنة اثْنَتَيْنِ ومئتين، وَتُوفِّي الشَّافِعِي رَحمَه الله سنة أَربع ومئتين، وَأَنا ابْن سنتَيْن، وَكَانَ أبي مروزيا، وَولدت أَنا بِبَغْدَاد، ونشأت بنيسابور، وَأَنا الْيَوْم بسمرقند، وَلَا أَدْرِي مَا يقْضِي الله فِي.
قَالَ أَبُو سعد: وَسمعت الْفَقِيه أَبَا بكر مُحَمَّد بن عَليّ بن إِسْمَاعِيل الْقفال الشَّاشِي بسمرقند يَقُول: سَمِعت أَبَا بكر الصَّيْرَفِي - يَعْنِي: الْفَقِيه الأصولي - بِبَغْدَاد يَقُول: لَو لم يصنف الْمروزِي كتابا إِلَّا كتاب " الْقسَامَة " لَكَانَ من أفقه النَّاس، فَكيف وَقد صنف كتبا أخر سواهُ؟ !
وَعَن الْخَطِيب، أخبرنَا الْحسن بن عَليّ الْجَوْهَرِي، حَدثنَا مُحَمَّد بن حيويه الخزاز، حَدثنَا أَبُو عَمْرو عُثْمَان بن جَعْفَر اللبان، حَدثنِي مُحَمَّد بن نصر قَالَ: خرجت من مصر وَمَعِي جَارِيَة لي، فركبت الْبَحْر أُرِيد مَكَّة، قَالَ: فغرقت، فَذهب مني ألقا جُزْء.
قَالَ: وصرت إِلَى جَزِيرَة أَنا وجاريتي، قَالَ: فَمَا رَأينَا فِيهَا أحدا، قَالَ: وأخذني الْعَطش، فَلم أقدر على المَاء، قَالَ: وأجهدت، فَوضعت رَأْسِي على فَخذ جاريتي مستسلما للْمَوْت، قَالَ: وَرجل قد جَاءَنِي وَمَعَهُ كوز، فَقَالَ لي: هاه، قَالَ: فَأخذت، فَشَرِبت وسقيت الْجَارِيَة، قَالَ: ثمَّ مضى، فَمَا أَدْرِي من أَيْن جَاءَ، وَلَا من أَيْن ذهب.
وَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ: كَانَ إِسْمَاعِيل بن أَحْمد وَالِي خُرَاسَان يصل مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي فِي كل سنة بأَرْبعَة آلَاف دِرْهَم، ويصله أَخُوهُ إِسْحَاق بن أَحْمد بأَرْبعَة آلَاف دِرْهَم، ويصله أهل سَمَرْقَنْد بأَرْبعَة آلَاف دِرْهَم، فَكَانَ ينفقها من السّنة إِلَى السّنة من غير أَن يكون لَهُ عِيَال ثقيل، فَقلت لَهُ: لَعَلَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذين يصلونك يَبْدُو لَهُم؟ فَلَو جمعت من هَذَا أَشْيَاء لنائبة، فَقَالَ: يَا سُبْحَانَ الله {أَنا بقيت بِمصْر كَذَا وَكَذَا سنة، فَكَانَ قوتي وثيابي وكاغدي وحبري وَجَمِيع مَا أنفقهُ على نَفسِي فِي السّنة عشْرين درهما، فترى إِن ذهب هَذَا لَا يبْقى ذَاك} ! .

قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله الْحَافِظ: سَأَلت أَبَا عبد الله ابْن الأخرم: أَكَانَ أَبُو عبد الله الْمروزِي يحفظ الحَدِيث على رسم أهل النَّقْل؟ فَقَالَ: كَانَ يحفظ، قلت: إِن الْفُقَهَاء الْوَاحِد مِنْهُم يحفظ مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من زِيَادَة لفظ أَو حَدِيث يحْتَج بِهِ فِي مَسْأَلَة، وَإِنَّمَا أَعنِي التراجم والشيوخ، فَقَالَ: كَانَ مُحَمَّد بن نصر يُعْطي كل نوع من الْعلم حَظه.
سمع بخراسان: يحيى بن يحيى، وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه، وَصدقَة بن الْفضل، وأضرابهم.
وبالري: مُحَمَّد بن مقَاتل، وأقرانه.
وببغداد: عبيد الله القواريري، وأشباهه.
وبالبصرة: عبيد الله بن معَاذ، ونظراءه.
وبالكوفة: أَبَا كريب، وَابْن نمير، وَغَيرهمَا.
وبالحجاز: إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر الْحزَامِي، وَأَبا مُصعب الزُّهْرِيّ، وأمثلهما.
وبمصر: يُونُس بن عبد الْأَعْلَى، وَالربيع، وَابْن عبد الحكم، وأقرانهم.
وبالشام: هِشَام بن عمار، وَآخَرين.
روى عَنهُ الْحفاظ وَالْأَئِمَّة: أَبُو عبد الله ابْن الأخرم، وَأَبُو بكر الجارودي، وَأَبُو الْعَبَّاس السراج، وَأَبُو الْعَبَّاس الدغولي، وَمُحَمّد بن الْمُنْذر الْهَرَوِيّ، وَأَبُو حَامِد الشَّرْقِي، وَأَبُو النَّضر الْفَقِيه، وَأَبُو عَليّ الثَّقَفِيّ، وَابْنه: إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن نصر فِي آخَرين.

مَاتَ - فِيمَا حَكَاهُ غير وَاحِد - سنة أَربع وَتِسْعين ومئتين بسمرقند.
قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: سمعته - يَعْنِي: ابْن الأخرم - يَقُول: رَأَيْت أَبَا عبد الله مُحَمَّد بن نصر، وَهُوَ من أعلم النَّاس، وآدب النَّاس، وَأَحْسَنهمْ صَلَاة، وَلَقَد بَلغنِي أَن ذبابا جلس على أُذُنه، وَهُوَ فِي الصَّلَاة فأدماه، فَلم يذب عَن نَفسه، وَكَانَ من أحسن النَّاس خلقا، كَأَنَّمَا فقئ فِي وَجهه حب الرُّمَّان، ولحيته بَيْضَاء.
وبإسناد إِلَى أبي المظفر بن أبي سعد السَّمْعَانِيّ إِلَى أبي الْفضل عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن نصرويه الْفَقِيه قَالَ: سَمِعت أَبَا الْوَلِيد حسان بن مُحَمَّد الْفَقِيه يحدث عَن مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي أَنه رُبمَا دخل فِي الصَّلَاة، فَيَقَع الذُّبَاب والزنابير على رَأسه، مَا يعبأ بهَا، وَلَا يطردها، فتدمي رَأسه، وَتغَير لَونه وَلَا يَدْفَعهَا عَن نَفسه لما كَانَ فِيهِ من الْأَدَب والخشوع فِي الصَّلَاة.
أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم الْأنْصَارِيّ، أخبرنَا أَبُو الْفَتْح المصِّيصِي، أخبرنَا أَبُو الْفَتْح الْمَقْدِسِي، أخبرنَا أَبُو الْفضل أَحْمد الفراتي قَالَ: سَمِعت جدي الإِمَام أَبَا عَمْرو الفراتي يَقُول: سَمِعت أَبَا مَنْصُور مُحَمَّد بن عبد الله بن حمشاذ يَقُول: سَمِعت الْأُسْتَاذ أَبَا الْوَلِيد حسان الْقرشِي يَقُول: سَمِعت أَبَا الْفضل البلعمي يَقُول: دخل مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي على إِسْمَاعِيل بن أَحْمد وَالِي خُرَاسَان، فَقَامَ لَهُ وبجله، وأبلغ فِي تَعْظِيمه وإجلاله، فَلَمَّا خرج عاتبه إِسْحَاق بن أَحْمد أَخُوهُ على ذَلِك، فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِيل: إِنَّمَا قُمْت لَهُ إجلالا لأخبار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. ثمَّ إِن إِسْمَاعِيل رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النّوم، فَقَالَ لَهُ: قُمْت لمُحَمد بن نصر إجلالا لأخباري، لَا جرم ثَبت ملكك وَملك بنيك لإجلالك لَهُ، وَذهب ملك أَخِيك إِسْحَاق وَملك بنيه لاستخفافه بِمُحَمد بن نصر، فَبَقيَ ملك إِسْمَاعِيل وبنيه أَكثر من مئة وَعشْرين سنة.

-طبقات الفقهاء الشافعية - لابن الصلاح-

 

 

محمد بن نصر المروزي، أبو عبد الله:
إمام في الفقه والحديث. كان من أعلم الناس باختلاف الصحابة فمن بعدهم في الأحكام. ولد ببغداد. ونشأ بنيسابور، ورحل رحلة طويلة استوطن بعدها سمرقند وتوفي بها.
له كتب كثيرة، منها (القسامة) في الفقه، قال أبو بكر الصيرفي: لو لم يكن له غيره لكان من أفقه الناس، و (المسند - خ) في الحديث، وكتاب (ما خالف به أبو حنيفة عليا وابن مسعود) . واختصر المقريزي ثلاثة من كتبه، طبعت في جزء واحد، وهي (قيام الليل) و (قيام رمضان) و (الوتر) .

-الاعلام للزركلي-