محمد بن عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن عبد الوهاب

أبي علي الثقفي محمد

تاريخ الولادة239 هـ
تاريخ الوفاة328 هـ
العمر89 سنة
مكان الولادةقهستان - إيران
مكان الوفاةغير معروف
أماكن الإقامة
  • الري - إيران
  • خراسان - إيران
  • قهستان - إيران
  • نيسابور - إيران
  • بغداد - العراق

نبذة

مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْوَهَّاب بن عبد الْأَحَد الإِمَام الْجَلِيل الْقدْوَة الْأُسْتَاذ أَبِي علي الثقفي الْجَامِع بَين الْعلم وَالتَّقوى والمتمسك من حبال الشَّرِيعَة بِالسَّبَبِ الْأَقْوَى والسالك للطريقة الَّتِى لَا عوج فِيهَا والحاوى للصفات الَّتِى لَيْسَ سوى المصطفين الأخيار تصطفيها

الترجمة

مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْوَهَّاب بن عبد الْأَحَد الإِمَام الْجَلِيل الْقدْوَة الْأُسْتَاذ أَبِي علي الثقفي
الْجَامِع بَين الْعلم وَالتَّقوى والمتمسك من حبال الشَّرِيعَة بِالسَّبَبِ الْأَقْوَى والسالك للطريقة الَّتِى لَا عوج فِيهَا والحاوى للصفات الَّتِى لَيْسَ سوى المصطفين الأخيار تصطفيها
قَالَ فِيهِ الْحَاكِم الإِمَام المقتدى بِهِ فى الْفِقْه وَالْكَلَام والوعظ والورع وَالْعقل وَالدّين
قَالَ وَطلب الْعلم على كبر السن فَإِن ابتداءه كَانَ التصوف والزهد والورع
وَقَالَ غَيره كَانَ إِمَامًا فى أَكثر عُلُوم الشَّرْع مقدما فى كل فن عطل أَكثر علومه واشتغل بِعلم الصُّوفِيَّة وَتكلم عَلَيْهِم أحسن كَلَام وَبِه ظهر التصوف بنيسابور
سمع بنيسابور من مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب وأقرانه
وبالرى من مُوسَى بن نصر وأقرانه
وببغداد من أَحْمد بن حَيَّان بن ملاعب وَمُحَمّد بن الجهم السمرى وأقرانهما
روى عَنهُ أَبُو بكر بن إِسْحَاق وَغَيره من الْأَئِمَّة
وتفقه على مُحَمَّد بن نصر المروزى
ولقى فى التصوف أَبَا جَعْفَر وحمدون الْقصار
قَالَ الْحَاكِم سَمِعت عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد الصفار يَقُول سَمِعت أَبَا بكر ابْن إِسْحَاق

يَقُول سَمِعت أَبَا الْقَاسِم الشيروانى يَقُول مَا ولد فى الْإِسْلَام بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالصَّحَابَة رضى الله عَنْهُم أَعقل من أَبى على الثقفى
وَحكى أَن أَبى بكر الشبلى بعث رجلا من أهل الْعلم قَاصِدا إِلَى نيسابور وَأمره أَن يعلق مجلسى أَبى على الثقفى بِالْغَدَاةِ والعشى لسنة كَامِلَة ويحملها إِلَى حَضرته فَحَضَرَ الرجل وَكَانَ يحضر الْمجْلس بِحَيْثُ لَا يعلم بِهِ فى غمار النَّاس ويعلق كَلَامه فى المجلسين إِلَى أَن تمت السّنة فَانْصَرف إِلَى بَغْدَاد وَعرض على الشبلى تِلْكَ الْمجَالِس وَقد أفرد مِنْهَا مجَالِس الغدوات من مجَالِس العشى فتأملها الشبلى فَقَالَ كَلَام هَذَا الرجل بالغدوات فى علم الْحَقَائِق معجز وَكَلَامه بالعشيات ردى فَاسد بعيد عَن تِلْكَ الْعُلُوم وَذَلِكَ أَنه كَانَ يَخْلُو ليله بسره فيصفو كَلَامه بالغدوات فَقَالَ لَهُ الشبلى هَل رَأَيْت بداره شَيْئا من الْفرش والأوانى الَّتِى يتجمل بهَا أهل الدُّنْيَا فَقَالَ أما الْفرش فَنعم وَكنت أرى طستا دمشقيا فى زَاوِيَة من زَوَايَا الْبَيْت فصاح الشبلى ثمَّ قَالَ فَهَذَا الذى يُغير عَلَيْهِ أَحْوَاله
وروى بِسَنَدِهِ إِلَى ابْن خُزَيْمَة أَنه استفتى فى مسَائِل فَدَعَا بِدَوَاةٍ ثمَّ قَالَ لأبى على الثقفى أجب فَأخذ أَبُو على الْقَلَم وَجعل يكْتب الْأَجْوِبَة ويضعها بَين يدى ابْن خُزَيْمَة وَهُوَ ينظر فِيهَا ويتأمل مَسْأَلَة مَسْأَلَة فَلَمَّا فرغ مِنْهَا قَالَ لَهُ يَا أَبَا على مَا يحل لأحد منا بخراسان أَن يُفْتى وَأَنت حى
وروى عَن أَبى الْعَبَّاس ابْن سُرَيج أَنه قَالَ مَا جَاءَنَا من خُرَاسَان أفقه مِنْهُ
وَعَن أَبى عُثْمَان الحيرى إِنَّه لينفعنى فى نفسى إِذا نظرت إِلَى خشوع هَذَا الْفَتى يعْنى أَبَا على الثقفى رَحمَه الله
قَالَ الْحَاكِم توفى أَبُو على الثقفى لَيْلَة الْجُمُعَة وَدفن يَوْم الْجُمُعَة الثَّالِث وَالْعِشْرين من جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَعشْرين وثلاثمائة وَهُوَ ابْن تسع وَثَمَانِينَ سنة

قَالَ وَشهِدت الصَّلَاة عَلَيْهِ وَدَفنه وَلَا أذكر أَنى رَأَيْت بنيسابور بعده مثل ذَلِك الْجمع
قَالَ وسمعته يَقُول فى دُعَائِهِ إِنَّك أَنْت الْوَهَّاب الْوَهَّاب الْوَهَّاب وَلست أحفظ عَنهُ غَيرهَا
قلت وَمن ذكائه حفظ هَذَا الْقدر فقد كَانَ عمره يَوْم وَفَاة الثقفى سبع سِنِين وَقد أَطَالَ الْحَاكِم فى تَرْجَمَة الْأُسْتَاذ أَبى على وأجاد فِيهَا
وَمن كَلِمَات أَبى على رَحمَه الله
يَا من بَاعَ كل شئ بِلَا شئ وَاشْترى لَا شئ بِكُل شئ
وَقَالَ أُفٍّ من أشغال الدُّنْيَا إِذا هى أَقبلت وأف من حسراتها إِذا هى أَدْبَرت والعاقل من لَا يركن إِلَى شئ إِذا أقبل كَانَ شغلا وَإِذا أدبر كَانَ حسرة
وَقَالَ أَرْبَعَة أَشْيَاء لابد للعاقل من حفظهن الْأَمَانَة والصدق وَالْأَخ الصَّالح والسريرة
وَقَالَ لَو أَن رجلا جمع الْعُلُوم كلهَا وَصَحب طوائف النَّاس لَا يبلغ مبلغ الرِّجَال إِلَّا بالرياضة من شيخ أَو إِمَام أَو مؤدب نَاصح وَمن لم يَأْخُذ أدبه من آمُر لَهُ وناه يرِيه عُيُوب أَعماله ورعونات نَفسه لَا يجوز الِاقْتِدَاء بِهِ فى تَصْحِيح الْمُعَامَلَات
وَقَالَ لَيْسَ شئ أولى بِأَن تمسكه من نَفسك وَلَا شئ أولى بِأَن تغلبه من هَوَاك
وَقَالَ من غَلبه هَوَاهُ توارى عَنهُ عقله
وَقَالَ الْغَفْلَة وسعت على الْخلق الطَّرِيق فى مَعَايشهمْ وأفعالهم والورع واليقظة ضيقا عَلَيْهِم ذَلِك

وَقَالَ من صحب الأكابر على غير طَرِيق الْحُرْمَة حرم فوائدهم وبركات نظرهم وَلَا يظْهر عَلَيْهِ من أنوارهم شئ
قَالَ بَعضهم حضرت مجْلِس أَبى على فَتكلم فى الْمحبَّة وأحوال المحبين وَأنْشد فى خلال تِلْكَ الْأَحْوَال
(إِلَى كم يكون الصد فى كل سَاعَة ... وَكم لَا تملين القطيعة والهجرا)
(رويدك إِن الدَّهْر فِيهِ كِفَايَة ... لتفريق ذَات الْبَين فارتقبى الدهرا)
وَمن الْمسَائِل عَنهُ رَحمَه الله
قَالَ أَبُو عَاصِم إِن لأبى على كتابا أجَاب فِيهِ عَن الْجَامِع الصَّغِير لمُحَمد بن الْحسن
وَقَالَ وَفِيه ذكر أَنه إِذا قَالَ أَنْت طَالِق إِن شِئْت فَقَالَت شِئْت إِن كَانَ كَذَا أَو إِن شَاءَ فلَان
قَالَ أَبُو حنيفَة إِن كَانَ لشَيْء مضى وَقع وَإِن كَانَ بشئ مُسْتَقْبل لم يَقع وَبَطل خِيَارهَا
قَالَ الثقفى فِيهِ احْتِمَالَانِ أَحدهمَا أَنه يَقع فى الْحَال إِذا وجد فى الْمجْلس والثانى أَنه يَقع فى الْحَالين إِذا وجد فى الْمجْلس أَو بعده
وَقَالَ أَبُو على الزجاجى لَا يَقع بِحَال
قلت الاحتمالان غَرِيبَانِ وَمَا ذكره الزجاجى هُوَ الْمَذْهَب ووراءه وَجه فى الرافعى عَن الحناطى أَنه يَصح تَعْلِيق الْمَشِيئَة وَيَقَع الطَّلَاق إِذا قَالَ الْمُعَلق بمشيئته شِئْت وَلَكِن لم يتَعَرَّض الْقَائِل لهَذَا الْوَجْه إِلَى أَنه هَل يكون هَذَا دَائِما أَو يخْتَص بِالْمَجْلِسِ وَفقه أَبى حنيفَة دَقِيق
وَنَظِير الْمَسْأَلَة لَو قَالَت الزَّوْجَة طلقنى بِأَلف دِرْهَم فَقَالَ أَنْت طَالِق على الْألف إِن شِئْت
قَالَ الْأَصْحَاب فى بَاب الْخلْع لَيْسَ بِجَوَاب لما فِيهِ من التَّعْلِيق بِالْمَشِيئَةِ بل هُوَ كَلَام يتَوَقَّف على مَشِيئَة مستأنفة
قَالَ القاضى الْحُسَيْن فى أول بَاب صفة الصَّلَاة من تعليقته بعد مَا حكى قَول أَبى حنيفَة أَنه لَو نوى فى بَيته أَنه يخرج يصلى فى الْمَسْجِد صَحَّ وَإِن عزبت نِيَّته بعده مَا نَصه سَأَلت أَبَا على الثقفى عَن هَذَا فَقَالَ عندنَا أَنه يجوز ذَلِك إِذا لم يخْطر بِبَالِهِ شئ آخر إِلَى أَن يدْخل فى الصَّلَاة فَلَو كَانَ الْأَمر كَمَا ذكره لم يبْق بَيْننَا وَبَينه فِيهِ خلاف
قلت أَبُو على الثقفى هَذَا رجل حنفى رَآهُ القاضى حُسَيْن أما أَبُو على صاحبنا صَاحب هَذِه التَّرْجَمَة فَلم يُدْرِكهُ أَشْيَاخ القاضى فضلا عَنهُ نبهت عَلَيْهِ لِئَلَّا يَقع فِيهِ الْغَلَط

طبقات الشافعية الكبرى للإمام السبكي

 

 

 

أبي عَلَى مُحَمَّد بْن عَبْد الْوَهَّاب الثقفي إمام الوقت صحب أبا حفص وحمدون القصار وَبِهِ ظهر التصوف بنيسأبير، مَات سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة.
سمعت مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن يَقُول: سمعت مَنْصُور بْن عَبْد اللَّهِ يَقُول: سمعت أبا عَلِيّ الثقفي يَقُول: لو أَن رجلا جمع العلوم كلها وصحب طوائف النَّاس لا يبلغ مبلغ الرجال إلا بالرياضة من شيخ أَوْ إمام أَوْ مؤدب ناصح ومن لَمْ يأخذ أدبه من أستاذ يريه عيوب أعماله ورعونات نَفْسه لا يَجُوز الاقتداء بِهِ فِي تصحيح المعاملات، وَقَالَ: أبي عَلَى رحمه اللَّه: يَأْتِي عَلَى هذه الأمة زمان لا تطيب المعيشة فِيهِ لمؤمن إلا بَعْد استناده إِلَى منافق، وَقَالَ: أف من أشغال الدنيا إِذَا أقبلت وأف من حسراتها إِذَا أدبرت، والعاقل من لا يركن إِلَى شَيْء إِذَا أقبل كَانَ شغلا، وإذا أدبر كَانَ حسرة.

الرسالة القشيرية.   لعبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري.

 

 

 

 

أَبُو عَليّ الثَّقَفِيّ واسْمه مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب
لَقِي أَبَا حَفْص وحمدونا الْقصار وَكَانَ إِمَامًا فِي أَكثر عُلُوم الشَّرْع مقدما فِي كل فن مِنْهُ عطل أَكثر علومه واشتغل بِعلم الصُّوفِيَّة وَتكلم فِيهِ أحسن كَلَام
وَكَانَ أَبُو عُثْمَان الْحِيرِي يَقُول إِنَّه لينفعني فِي نَفسِي إِذا نظرت إِلَى خشوع هَذَا الْفَتى يَعْنِي أَبَا عَليّ الثَّقَفِيّ
وَكَانَ أَبُو عَليّ أحسن الْمَشَايِخ كلَاما فِي عُيُوب النَّفس وآفات الْأَعْمَال
سَمِعت أبي رَحمَه الله يَقُول مَاتَ أَبُو عَليّ سنة ثَمَان وَعشْرين وثلاثمائة وَأسْندَ الحَدِيث
اُخْبُرْنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بن عبد الله بن زَكَرِيَّا قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ قَالَ حَدثنَا أَبُو الْأَحْوَص مُحَمَّد بن الْهَيْثَم حَدثنَا ابْن عفير قَالَ حَدثنَا الْفضل بن الْمُخْتَار الْبَصْرِيّ عَن هِشَام بن حسان عَن الْحسن عَن أنس أَن رَسُول الله ﷺ قَالَ من (من جَاءَ مِنْكُم الْجُمُعَة فليغتسل)
أخبرنَا أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْحسن الكارزي قَالَ حَدثنَا أَبُو عَليّ مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ قَالَ حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق قَالَ حَدثنَا عبد الله بن سَلمَة عَن مَالك عَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله ﷺ (قَالَ الرُّؤْيَا الْحَسَنَة من الرجل الصَّالح جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا من النُّبُوَّة)
سَمِعت مَنْصُور بن عبد الله يَقُول سَمِعت أَبَا عَليّ الثَّقَفِيّ يَقُول كَمَال الْعُبُودِيَّة هُوَ الْعَجز والقصور عَن تدارك معرفَة علل الْأَشْيَاء بِالْكُلِّيَّةِ
وَبِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ أَبُو عَليّ الثَّقَفِيّ لكل شَيْء حد وَكَمَال فَمن صحب الاشياء على حُدُودهَا فقد أَفْلح وأنجح وَمن قصر عَن حُدُودهَا فقد ضيع حَقّهَا وَمن تجَاوز حَدهَا فقد اشرف على هَلَاك نَفسه
وَبِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ أَبُو عَليّ الثَّقَفِيّ لبَعض أَصْحَابه يَنْبَغِي أَلا تفارق هَذِه الْخلال الْأَرْبَعَة صدق القَوْل وَصدق الْعَمَل وَصدق الْمَوَدَّة وَصدق الْأَمَانَة
وَبِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ أَبُو عَليّ الثَّقَفِيّ لَا يقبل الله من الْأَعْمَال إِلَّا مَا كَانَ صَوَابا وَمن صوابها إِلَّا مَا كَانَ خَالِصا وَمن خالصها إِلَّا مَا وَافق السّنة
وَبِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ أَبُو عَليّ الثَّقَفِيّ من صحب الأكابر على غير طَرِيق الْحُرْمَة حرم فوائدهم وبركات نظرهم وَلَا يظْهر عَلَيْهِ من أنوارهم شَيْء
وَبِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ أَبُو عَليّ الثَّقَفِيّ تَمام الْعلم انْقِطَاع الرَّجَاء عَن بُلُوغ كنهه
وَبِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ أَبُو عَليّ أُفٍّ من اشغال الدُّنْيَا إِذا أَقبلت وأف من حسراتها إِذا أَدْبَرت والعاقل من لَا يركن إِلَى شَيْء إِذا أقبل كَانَ شغلا وَإِذا أدبر كَانَ حسرة
وَبِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ أَبُو عَليّ لَا تلبس تَقْوِيم مَا لَا يَسْتَقِيم وَلَا تَأْدِيب من لَا يتأدب

وَبِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ أَبُو عَليّ الْعلم حَيَاة الْقلب من الْجَهْل وَنور الْعين من الظلمَة
وَبِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ أَبُو عَليّ يَا من بَاعَ كل شَيْء بِلَا شَيْء وَاشْترى لَا شَيْء بِكُل شَيْء
وَبِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ أَبُو عَليّ الْفُرُوع الصَّحِيحَة لَا تتفرع إِلَّا من أصل صَحِيح فَمن أَرَادَ أَن تصح لَهُ أَفعاله على السّنة فليصحح الْإِخْلَاص من قلبه فَإِن تَصْحِيح ظواهر الْأَعْمَال بِصِحَّة بواطن الْإِخْلَاص
سَمِعت أَبَا بكر الرَّازِيّ يَقُول حضرت مجْلِس أبي عَليّ الثَّقَفِيّ فَتكلم فِي الْمحبَّة وأحوال المحبين وَأنْشد فِي خلال تِلْكَ الْأَحْوَال هَذِه الأبيات
(إِلَى كم يكون الصد فِي كل سَاعَة ... وَكم لَا تملين القطيعة والهجرا)
(رويدك إِن الدَّهْر فِيهِ كِفَايَة ... لتفريق ذَات الْبَين فارتقبي الدَّهْر)
وَبِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ أَبُو عَليّ الثَّقَفِيّ من غَلبه هَوَاهُ توارى عَنهُ عقله
وَبِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ أَبُو عَليّ الْغَفْلَة وسعت على الْخلق الطّرق فِي مَعَايشهمْ وأفعالهم والورع واليقظة ضيقت عَلَيْهِم ذَلِك
وَبِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ ابو عَليّ الْمَعْرُوف كنز لَا يبعد من بر وَلَا فَاجر
وَبِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ أَبُو عَليّ الثَّقَفِيّ أَرْبَعَة اشياء لَا بُد للعاقل من حفظهن الْأَمَانَة والصدق وَالْأَخ الصَّالح والسريرة
سَمِعت مَنْصُور بن عبد الله يَقُول سَمِعت ابا عَليّ الثَّقَفِيّ يَقُول لَو أَن رجلا جمع الْعُلُوم كلهَا وَصَحب طوائف النَّاس لَا يبلغ مبلغ الرِّجَال إِلَّا بالرياضة من شيخ أَو إِمَام أَو مؤدب أَو نَاصح وَمن لم يَأْخُذ أدبه من آمُر لَهُ وناه يرِيه عُيُوب أَعماله ورعونات نَفسه لَا يجوز الِاقْتِدَاء بِهِ فِي تَصْحِيح الْمُعَامَلَات
وَبِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ أَبُو عَليّ لَيْسَ شَيْء أولى بِأَن تمسكه من نَفسك وَلَا شَيْء أولى بِأَن تغلبه من هَوَاك
وَبِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ أَبُو عَليّ يأتى على هَذِه الْأمة زمَان لَا تطيب الْمَعيشَة فِيهِ لمُؤْمِن إِلَّا بعد استناده إِلَى مُنَافِق
طبقات الصوفية - لأبو عبد الرحمن السلمي.

 

 

 

أبي علي الثقفي 244 - 338 للهجرة
محمد بن عبد الوهاب الثقفي أبي علي، الإمام في علوم الشريعة والوعظ. سمع أبا حفص، وحمدون القصّار، وبه ظهر التصوف بنيسأبير.
مات سنة ثمان وعشرين وثلثمائة.
من كلامه: " من غلبه هواه توارى عنه عقله ".
وقال: " لا تلتمس تقويم ما لا يستقيم، ولا تأديب من لا يتأدب من لا يتأدب ".
وقال: " أربعة أشياء لا بد للعاقل من حفظهن: الأمانة، والصدق، والأخ الصالح، والسريرة ".
وقال: " لو أن رجلاً جمع العلوم كلها، وصحب طوائف الناس، لا يبلغ مبلغ الرجال إلا بالرياضة من مُريض ناصح. ومن لم يأخذ أدبه من أستاذ، يريه عيوب أعماله، ورعونات نفسه، لا يجوز الاقتداء به في تصحيح المعاملات ".
وقال: " يأتي على هذه الأمة زمان لا تطيب فيه المعيشة لمؤمن إلا بعد استناده لمنافق ".
أي يكون عنده باطن وظاهر، ليخالط الناس الظلمة وغيرهم. فإذا غلب الفساد - كهذا الزمان - واستهين بأهل الخير، فلا يطيب لهم حال، ولا يسلمون من أذى. إلا إذا استندوا لمن هذه صفته.
وقال أبي بكر الرازي: " حضرت مجلسه، فتكلم في أنواع المحبة، وأحوال المحبين ".
وأنشد في خلال ذلك:
إلى كم يكون الصد في كل ساعة ... وكم لا تملّين القطيعة والهجرا
رويدك! إن الدهر فيه كفاية ... لتفريق ذات البين، فارتقبي الدهرا!

طبقات الأولياء - لابن الملقن سراج الدين أبي حفص عمر بن علي بن أحمد الشافعي المصري.

 

 

 

 

أبي عَلِيٍّ الثقفي:
الإِمَامُ المُحَدِّث الفَقِيْه العَلاَّمَة الزَّاهِد العَابِدُ، شَيْخُ خراسان، أبي عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ عَبْدِ الرحمن ابن عَبْدِ الوَهَّابِ، الثَّقَفِيُّ النَّيْسَأبيرِيُّ الشَّافِعِيُّ الوَاعِظُ، مِنْ وَلَد الحَّجَاج.
مَوْلِدُهُ بقُهُسْتَان فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاء، وَمُوْسَى بن نَصْرٍ الرَّازِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ ملَاعِب الحَافِظ، وَمُحَمَّد بن الجَهْمِ السِّمَّرِيِّ، وَطَبَقَتِهِم. سَمِعَ فِي كبره.
حَدَّثَ عَنْهُ: أبي بَكْرٍ الصِّبْغِيُّ، وَأبي الوَلِيْدِ الفَقِيْه، وَأبي عَلِيٍّ النيسأبيري، وأبي أحمد الحاكم، وآخرون.
قَالَ الحَاكِمُ: شَهِدْتُ جِنَازَتَه، فَلا أَذكر أَنِّي رَأَيْتُ بنَيْسَأبيرَ مِثْلَ ذَلِكَ الجَمْعِ، وَحَضَرْتُ مَجْلِسَ وَعْظه، وَأَنَا صَغِيْرٌ، فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي دعَائِه: إِنَّك أَنْتَ الوَهَّاب الوَهَّاب الوَهَّاب.
قَالَ شَيْخنَا الصِّبْغِيُّ: شمَائِل الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ، أَخَذَهَا مَالِك الإِمَامُ عَنْهُم، وَأَخذهَا عَنْ مَالِكٍ يَحْيَى بنُ يَحْيَى التَّمِيْمِيُّ، وَأَخذهَا عَنْ يَحْيَى مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ المَرْوَزِيُّ، وَأَخذهَا عَنِ ابْنِ نَصْر أبي عَلِيٍّ الثَّقَفِيُّ.
قَالَ الحَاكِمُ: وَسَمِعْتُ أَبَا الوَلِيْدِ الفَقِيْه، يَقُوْلُ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ سُرَيْج بِبَغْدَادَ، فَسَأَلنِي: عَلَى مَنْ درستَ فِقْه الشَّافِعِيّ بِخُرَاسَانَ؟ قُلْتُ: عَلَى أَبِي عَلِيٍّ الثَّقَفِيّ. قَالَ: لَعَلَّك تعنِي: الحَجاجِيّ الأَزْرَق؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: مَا جَاءنَا مِنْ خُرَاسَان أَفقه مِنْهُ.
وَسَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ الزَّاهِد، يَقُوْلُ: كَانَ أبي عَلِيٍّ فِي عَصْره حجة الله على خلقه.
وَسَمِعْتُ الصِّبغِيّ، يَقُوْلُ: مَا عَرَفْنَا الجَدَلَ وَالنَّظَر حَتَّى وَرَدَ أبي عَلِيٍّ الثَّقَفِيُّ مِنَ العِرَاقِ.
قَالَ أبي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: لقِي أبي عَلِيٍّ الثَّقَفِيّ أَبَا حَفْص النَّيْسَأبيرِيَّ، وَحمدُوْنَ القَصَّار، وَكَانَ إِمَاماً فِي أَكْثَر عُلُوْم الشَّرع، مقدَّماً فِي كُلِّ فنٍّ مِنْهُ. عطَّل أَكْثَر عُلُوْمه، وَاشتغَل بعِلْم الصُّوْفِيَّة، وَقَعَدَ، وَتكلَّم عَلَيْهِم أَحسنَ كَلامٍ فِي عُيُوب النَّفْس، وَآفَاتِ الأَفْعَال: وَمَعَ علمه وَكَمَاله خَالفَ الإِمَام ابْنَ خُزَيْمَةَ فِي مَسَائِل التَّوفيق وَالخذلاَن، وَمسأَلَةِ الإِيْمَان، وَمسأَلة اللَّفْظِ، فَأُلزم البَيْت، وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ إِلَى أَنْ مَاتَ وَأصَابه فِي ذَلِكَ مِحَنٌ.
وَمِنْ قَوْله: يَا مَنْ بَاعَ كُلَّ شَيْءٍ بِلاَ شَيْء، وَاشْتَرَى لاَ شَيْءَ بِكُلِّ شَيْءٍ.
وَقَالَ: أُفٍّ مِنْ أَشغَال الدُّنْيَا إِذَا أَقْبَلَتْ، وَأَفٍّ مِنْ حَسَرَاتهَا إِذَا أَدْبَرَتْ، العَاقل لاَ يَرْكَن إِلَى شَيْءٍ إِنْ أَقبل كَانَ شُغلاً، وَإِنْ أَدْبَرَ كان حسرة.
وَقَالَ أبي بَكْرٍ الرَّازِيُّ: سَمِعْتُهُ، يَقُوْلُ: تَرْكُ الرِّيَاء للرِّيَاء أَقبحُ مِنَ الرِّيَاء.
وَعَنْهُ قَالَ: هوذَا أَنظرُ إِلَى طَرِيْق نَجَاتِي مِثْل مَا أَنظرُ إِلَى الشَّمْس، وَلَيْسَ أَخطو خَطْوَة.
وَكَانَ كَثِيْراً مَا يَتَكَلَّم فِي رُؤْيَة عَيْب الأَفْعَال.
مات أبي علي في جمادى الأولى سنة ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ

سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي