يوسف بن الحسين الرازي أبي يعقوب

تاريخ الولادةغير معروف
تاريخ الوفاة304 هـ
مكان الولادةغير معروف
مكان الوفاةغير معروف
أماكن الإقامة
  • الري - إيران
  • بغداد - العراق
  • مرو - تركمانستان

نبذة

يوسف بن الحسين: الرازي، الإِمَامُ العَارفُ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّة، أبي يَعْقُوْبَ.

الترجمة

يوسف بن الحسين الرازي - 304 للهجرة
يوسف بن الحسين الرازي، أبي يعقوب. شيخ الري، في وقته، والجبال. كان: عالما أديبا. صحب ذا النون وأبا تراب، ورافق أبا سعيد الخراز في بعض أسفاره.
توفي سنة اربع وثلثمائة.
ومن كلامه: " الصوفية خيار الناس، وشرارهم خيار شرار الناس؛ فهم الأخيار على كل الأحوال ".
وقال: " إذا أردت ان تعلم العاقل من الأحمق فحدثه بالمحال، فان قبل فاعلم انه أحمق ".
وقال: " إذا رأيت المريد يشتغل بالرخص فاعلم انه لا يجيء منه شيء ".

وقال: " لان ألقى الله بجميع المعاصي احب ألي من أن ألقاه بذرة من التصنع ".
وكتب إلى الجنيد: " لا أذاقك الله طعم نفسكفانك أن ذقتها فانك لا تذوق بعدها خيرا أبدا " وكان يقول: " اللهم!، انك تعلم أني نصحت الناس قولا، وخنت نفسي فعلا، فهب خيانتي لنفسي، لنصيحتي للناس ".
وقيل له: " هل لكم - يا أبا يعقوب - هم غد؟ "، قال: " يا سيدي!، من كثرة همنا اليوم لا نتفرغ إلى هم غد ".
قال أبي الحسن الدراج: " قصدت زيارة يوسف بن الحسين الرازي، من بغداد، فلما دخلت الري سالت عن منزله، فكل من أساله عنه يقول: " ايش تعمل بذلك الزنديق؟؟ "، فضيقوا صدري، حتى عزمت على الانصراف. فبت تلك الليلة في مسجد، ثم قلت في نفسي: جئت هذا البلد، فلا اقل من زيارته. فلم أزل أسال عنه، حتى دفعت إلى مسجد، فوجدته جالسا في المحراب، وبين يديه مصحف يقرا فيه، وإذا هو شيخ بهي، حسن الوجه واللحية. فدنوت منه، وسلمت عليه، فرد على السلام، وقال: من انت؟ قلت من بغداد، قال: لاي شي جئت؟، قلت: زائرا لك، قال: أرايت لو إن أنسانا - في بعض البلدان التي جزت بها - قال لك: أقم عندي، وسأشتري لك دارا أو جارية، أكان ذلك يمنعك من زيارتي؟، قلت: ياسيدي، ما أمتحنني الله بشي من ذلك ". ولو كان، فلا ادري كيف كنت أكون؛ فقال: أتحسن تقول شيئا؟، قلت: نعم. وانشدت:
رايتك تبنى دائبا في قطيعتي ... ولو كنت ذا رحم لهدمت ما تبنى
كأني بكم، والليت افضل قولكم: ... الا ليتنا كنا إذ الليت لا تغنى
فأطبق المصحف، ولم يزل يبكي، حتى بل لحيته وثوبه، ورحمته من كثرة بكائه. ثم التفت إلى، وقال: يا بني، أتلوم أهل الري على قولهم: يوسف ابن الحسين زنديق، وهو ذا من وقت صلاة الصبح أتلو القرآن، لم تقطر من عيني قطرة، وقد قامت على القيامة بهذا البيت؟؟؟؟؟؟! ".
وقيل، كان آخر كلامه: " ألهى؟ دعوت الخلق إليك بجهدي، وقصرت في الواجب لك، على معرفتي بك، وعلمي فيك؛ فهبني لمن شئت من خلقك؟ ". ثم مات، فرؤى في المنام، فقيل له: " ما فعل الله بك؟ "، فقال: " أوقفني بين يديه وقال: يا عبد السوء! فعلت وصنعت؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ "، قلت: " سيدي لم أبلغ عنك هذا، بلغت انك كريم، والكريم إذا قدر عفا "، فقال: " تملقت بى بقولك: هبني لمن شئت من خلقك. اذهب؟ فقد وهبتك لك ".
وقال: " عاهدت ربي - اكثر من مائة مرة - إلا أصحاب حدثا، وفسخها على حسن الخدود، وقوام القدود، وغنج العيون، وما يسألني الله معهم، عن معصية ". وانشد لصريع الغواني:
أن ورد الخدود والحدق النجل ... وما الثغور من أفحوان
واعوجاج في ظاهر الخد ... وما في الصدور من رمان تر
تركتني بين الغواني صريعاً ... فلهذا ادعى صريع الغواني

وكان يتأوه ويقول في تأوهه:
كيف السبيل إلى مرضاه من غضبا ... من غير جرم، ولم اعرف له سبباً
وينشد:
يا موقد النار في قلبي بقدرته ... لو شئت أطفأت عن قلبي بك النارا
لا عار ان مت من شوقي ومن حزني ... على فَعالك بي، لا عار، لا عاراً
وينشد:
وأذكركم في السر والجهر دائباً ... وإن كان قلبي في الوثاق أسير
لتعرف نفسي قدرة الخالق الذي ... يدبر امر الخلق وهو شكور
وقيل له: " ما بال المحبين يتلذذون بالذل في المحبة؟؟ " فأنشد.
ذُل الفتى في الحب مكرمة ... وخضوعه لحبيبه شرف
وروى انه اعتل، فدخل عليه بعض إخوانه، فقال له: " مالك أيها الشيخ؟؟ " وما الذي تجد؟ إلا ندعو لك بعض الاطباء؟ " فأنشد:

بقلبي سقام ما يداوي مريضه ... خفي عن العواد، باق على الدهر
هوى باطن، فوق الهوى، لج داؤه ... وأصبى فؤادي منه في السر والجهر
تلفت بجار يجل عن المنى ... على رأسه تاج من التيه والكبر
قدير على ما سأمنى، متسلط ... جريء على ظلمى، امير على أمرى

طبقات الأولياء - لابن الملقن سراج الدين أبي حفص عمر بن علي بن أحمد الشافعي المصري.

 

 

 

 

يُوسُف بن الْحُسَيْن أبي يَعْقُوب الرَّازِيّ
شيخ الرّيّ وَالْجِبَال فِي وقته كَانَ أوحد فِي طَرِيقَته فِي إِسْقَاط الجاه وَترك التصنع وَاسْتِعْمَال الْإِخْلَاص
صحب ذَا النُّون الْمصْرِيّ وَأَبا تُرَاب النخشبي ورافق أَبَا سعيد الخراز فِي بعض أَسْفَاره وَكَانَ عَالما دينا
سَمِعت عبد الله بن عَطاء يَقُول مَاتَ يُوسُف سنة أَربع وثلاثمائة وروى الحَدِيث

حَدثنَا أبي نصر عبد الله بن عَليّ الطوسي قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْحُسَيْن الرَّاوِي يَقُول سَمِعت يُوسُف بن الْحُسَيْن يَقُول حَدثنِي بعض رُفَقَائِي عَن أبي بكر بن دَاوُد الْأَصْبَهَانِيّ عَن أَبِيه عَن سُوَيْد بن سعيد عَن عَليّ بن مسْهر عَن أبي يحيى القَتَّات عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من عشق فعف وكتم ثمَّ مَاتَ فَهُوَ شَهِيد)
وَأخْبرنَا عبد الله قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد حَدثنَا يُوسُف حَدثنَا عبد الله بن حَاضر حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل حَدثنَا روح عَن سعيد عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا يُؤمن أحدكُم حَتَّى يحب لِأَخِيهِ مَا يحب لنَفسِهِ)
سَمِعت عبد الله بن عَليّ الطوسي يَقُول سَمِعت أَبَا جَعْفَر مُحَمَّد بن أَحْمد الرَّازِيّ يَقُول سَمِعت يُوسُف بن الْحُسَيْن يَقُول علم الْقَوْم بِأَن الله يراهم فاستحيوا من نظره أَن يراعوا شَيْئا سواهُ
قَالَ وَقَالَ يُوسُف من ذكر الله بِحَقِيقَة ذكره نسى ذكر غَيره وَمن نسى ذكر كل شَيْء فِي ذكره حفظ عَلَيْهِ كل شَيْء إِذْ كَانَ الله لَهُ عوضا من كل شَيْء
قَالَ وَقَالَ رجل ليوسف دلَّنِي على طَرِيق الْمعرفَة فَقَالَ أر الله الصدْق مِنْك فِي جَمِيع أحوالك بعد أَن تكون مُوَافقا للحق وَلَا ترق إِلَى حَيْثُ لم يرق بك فتزل قدمك فَإنَّك إِذا رقيت سَقَطت وَإِذا رقي بك لم تسْقط وَإِيَّاك أَن تتْرك الْيَقِين لما ترجوه ظنا
قَالَ وَقَالَ يُوسُف إِذا رَأَيْت الله قد أقامك لطلب شَيْء وَهُوَ يمنعك ذَلِك فَاعْلَم أَنَّك معذب
قَالَ وَسُئِلَ يُوسُف بِمَاذَا يقطع الطَّرِيق إِلَى الله قَالَ بِهِ وبخطاب كراماته ولطائف جذبه إِلَى ساحات توحيده ومروج كراماته
قَالَ وَقَالَ يُوسُف يتَوَلَّد الْإِعْجَاب بِالْعَمَلِ من نِسْيَان رُؤْيَة الْمِنَّة فِيمَا يجْرِي الله لَك من الطَّاعَات
قَالَ وَقَالَ يُوسُف خفَّة الْمعدة من الشَّهَوَات والفضول قُوَّة على الْعِبَادَة
قَالَ وَسُئِلَ يُوسُف عَن الْفَقِير الصَّادِق فَقَالَ من آثر وقته فَإِن كَانَ فِيهِ تطلع إِلَى وَقت ثَان لم يسْتَحق اسْم الْفقر
قَالَ وَقَالَ يُوسُف من تفتت عذاره وَانْقطع حزامه وساح فِي مفاوز المخاطرات تجرى عَلَيْهِ أَحْكَام السعايات وَهُوَ يَقُول فِي تيهه
(كَيفَ السَّبِيل إِلَى مرضاة من غَضبا ... من غير جرم وَلم أعرف لَهُ سَببا)
قَالَ وَقَالَ يُوسُف أَرغب النَّاس فِي الدُّنْيَا أَكْثَرهم ذما لَهَا عِنْد أبنائها لِأَن المذمة لَهَا حِرْفَة عِنْدهم
قَالَ وَقَالَ يُوسُف اصل الْعقل الصمت وباطن الْعقل كتمان السِّرّ وَظَاهر الْعقل الِاقْتِدَاء بِالسنةِ

قَالَ وَقَالَ يُوسُف كل مَا رَأَيْتُمُونِي أَفعلهُ فافعلوه إِلَّا صُحْبَة الْأَحْدَاث فَإِنَّهُم أفتن الْفِتَن
قَالَ وَقَالَ يُوسُف أذلّ النَّاس الْفَقِير الطموع والمحب لمحبوبه
قَالَ وَقَالَ يُوسُف الْخَيْر كُله فِي بَيت ومفتاحه التَّوَاضُع وَالشَّر كُله فِي بَيت ومفتاحه التكبر وَمِمَّا يدلك على ذَلِك أَن آدم عَلَيْهِ السَّلَام تواضع فِي ذَنبه فنال الْعَفو والكرامة وَأَن إِبْلِيس تكبر فَلم يَنْفَعهُ مَعَه شَيْء
قَالَ وَقَالَ يُوسُف بالأدب تفهم الْعلم وبالعلم يَصح لَك الْعَمَل وبالعمل تنَال الْحِكْمَة وبالحكمة تفهم الزّهْد وتوفق لَهُ وبالزهد تتْرك الدُّنْيَا وبترك الدُّنْيَا ترغب فِي الْآخِرَة وبالرغبة فِي الْآخِرَة تنَال رضى الله
سَمِعت أَبَا بكر مُحَمَّد بن عبد الله بن شَاذان يَقُول بَلغنِي أَن يُوسُف بن الْحُسَيْن كَانَ يَقُول إِذا أردْت أَن تعرف الْعَاقِل من الأحمق فحدثه بالمحال فَإِن قبل فَاعْلَم أَنه أَحمَق
قَالَ وَقَالَ يُوسُف إِن عين الْهوى عوراء
سَمِعت أَبَا بكر الرَّازِيّ يَقُول قَالَ يُوسُف بن الْحُسَيْن عارضني بعض النَّاس فِي كَلَام وَقَالَ لي لَا تستدرك مرادك من علمك إِلَّا أَن تتوب فَقلت مجيبا لَو أَن التَّوْبَة طرقت بَابي مَا أَذِنت لَهَا على أَنِّي أنجو بهَا من رَبِّي وَلَو أَن الصدْق وَالْإِخْلَاص كَانَا لي عَبْدَيْنِ لبعتهما زهدا مني فيهمَا لِأَنِّي إِن كنت عِنْد الله فِي علم الْغَيْب سعيدا مَقْبُولًا لم أَتَخَلَّف باقتراف الذُّنُوب والمآثم وَإِن كنت عِنْده شقيا مخذولا لم تسعدني تَوْبَتِي وإخلاصي وصدقي وَإِن الله خلقني إنْسَانا بِلَا عمل وَلَا شَفِيع كَانَ لي إِلَيْهِ وهداني لدينِهِ الَّذِي ارْتَضَاهُ لنَفسِهِ فَقَالَ {وَمن يبتغ غير الْإِسْلَام دينا فَلَنْ يقبل مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَة من الخاسرين}) (آل عمرَان: 85) فاعتمادي على فَضله وَكَرمه أولى بِي إِن كنت حرا عَاقِلا من اعتمادي على أفعالي المدخولة وصفاتي المعلولة لِأَن مُقَابلَة فَضله وَكَرمه بأفعالنا من قلَّة الْمعرفَة بالكريم المتفضل
قَالَ وَقَالَ يُوسُف لَوْلَا أَنِّي مستعبد بترك الذُّنُوب لأحببت أَن أَلْقَاهُ بذنوب الْعباد أجمع فَإِن هُوَ عذبني كَانَ أعذر لَهُ فِي عَذَابي مَعَ أَنه لَو عذب الْخلق جَمِيعًا كَانَ عدلا مِنْهُ وَإِن عَفا عني كَانَ أظهر لكرمه عِنْدهم فِي عفوي مَعَ أَنه لَو لم يعف عَن أحد من خلقه لَكَانَ ذَلِك مِنْهُ فضلا وكرما وَكَانَت لَهُ الْحجَّة الْبَالِغَة وَذَلِكَ أَن الْملك ملكه وَالسُّلْطَان سُلْطَانه والخلق مترددون بَين عدله وفضله بل الْكل كرم وإفضال فقد أحسن مَعَ الْكل حَيْثُ قَالَ {أدخلُوا آل فِرْعَوْن أَشد الْعَذَاب} (غَافِر 46) فَمن عَفا عَنهُ فبفضله وَمن عذبه فبعدله وَهُوَ إِلَى الْفضل أقرب {لَا يسْأَل عَمَّا يفعل وهم يسْأَلُون} (الْأَنْبِيَاء: 23)
قَالَ وَقَالَ يُوسُف نظرت فِي آفَات الْخلق فَعرفت من أَيْن أَتَوا وَرَأَيْت آفَة الصُّوفِيَّة فِي صُحْبَة الْأَحْدَاث ومعاشرة الأضداد وأرفاق النسوان
قَالَ وَقَالَ يُوسُف عَاهَدت رَبِّي أَكثر من مائَة مرّة أَلا أصحب حَدثا ففسخها عَليّ حسن الخدود وقوام القدود وغنج الْعُيُون وَمَا سالني الله تَعَالَى مَعَهم عَن مَعْصِيّة وَأنْشد لصريع الغواني
(إِن ورد الخدود والحدق النجل ... وَمَا فِي الثغور من أقحوان)
(واعوجاج الأصداغ فِي ظَاهر الخد ... وَمَا فِي الصَّدْر من رمان)
(تَرَكتنِي بَين الغواني صَرِيعًا ... فَلهَذَا أدعى صريع الغواني)

قَالَ وَقَالَ يُوسُف فِي الدُّنْيَا طغيانان طغيان الْعلم وطغيان المَال فَالَّذِي ينجيك من طغيان الْعلم الْعِبَادَة وَالَّذِي ينجيك من طغيان المَال الزّهْد فِيهِ
قَالَ وَسُئِلَ يُوسُف عَن قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَرحْنَا بهَا يَا بِلَال) فَقَالَ مَعْنَاهُ أَرحْنَا بهَا من اشغال الدُّنْيَا وحديثها لِأَنَّهُ كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُرَّة عينه فِي الصَّلَاة.

طبقات الصوفية - لأبي عبد الرحمن السلمي.

 

 

يوسف بن الحسين:
الرازي، الإِمَامُ العَارفُ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّة، أبي يَعْقُوْبَ.
أَكْثَر التَّرحَال، وَأَخَذَ عَنْ ذِي النُّوْن المِصْرِيّ، وَقَاسِم الجوعي، وأحمد بن حنبل، وأحمد ابن أَبِي الحَوَارِيِّ، وَدُحَيْم، وَأَبِي تُرَابٍ عَسْكَر النَّخْشَبِيّ.
وَعَنْهُ: أبي أَحْمَدَ العَسَّال، وَأبي بَكْرٍ النَّقَّاشُ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ شَاذَانَ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السُّلَمِيُّ: كَانَ إِمَامَ وَقته، لَمْ يَكُنْ فِي المَشَايِخ أَحَدٌ عَلَى طَرِيقَته فِي تَذْلِيل النَّفْس وَإِسقَاط الجَاهُ.
قَالَ أبي القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ: كَانَ نسيجَ وَحْدِهِ فِي إِسْقَاط التَّصَنُّع. يُقَال: كَتَبَ إِلَى الجُنَيْد: لاَ أَذَاقَكَ اللهُ طعم نَفْسك، فَإِنْ ذُقْتَهَا لاَ تُفْلِح.
وَقَالَ: إِذَا رَأَيْتَ المُرِيدَ يشتغلُ بِالرُّخَص فَاعلمْ أَنَّهُ لاَ يَجِيْء مِنْهُ شَيْء.
وَقِيْلَ: كَانَ يَسْمَعُ الأَبيَاتَ وَيَبْكِي.
مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ. وَقَدْ سَمِعَ قَوَّالاً يُنشد:
رَأَيْتُكَ تَبْنِي دَائِماً فِي قَطِيْعَتِي ... وَلَوْ كُنْتَ ذَا حَزْمٍ لَهَدَّمْتَ مَا تَبْنِي
كَأَنِّيْ بِكُمْ وَاللَّيْتُ أَفْضَلُ قَوْلِكُم ... أَلاَ لَيْتَنَا كُنَّا إِذَا اللَّيْتُ لاَ تُغْنِي
فَبَكَى كَثِيْراً وَقَالَ لِلْمنشد: يَا أَخِي! لاَ تَلُم أَهْلَ الرَّيّ أَنْ يُسَمُّونِي زِنْدِيْقاً، أَنَا مِنْ بكرَةٍ أَقرأُ فِي المُصْحَفِ مَا خَرَجَتْ مِنْ عَيْنِي دَمْعَة، وَوقَعَ مِنِّي إِذْ غَنَّيْتَ مَا رَأَيْتَ.
قَالَ السُّلَمِيُّ: كَانَ -مَعَ عِلْمه وَتمَامِ حَاله- هَجَرَهُ أَهْلُ الرَّيّ، وَتكلَّمُوا فِيْهِ بِالقبَائِح، خُصُوْصاً الزُّهَّاد، وَأَفْشَوْا أُمُوراً، حَتَّى بَلَغَنِي أَنَّ شَيْخاً رَأَى فِي النَّوْمِ كَأَنَّ برَاءةً نزلتْ مِنَ السَّمَاء، فِيْهَا مَكْتُوْب: هَذِهِ برَاءةٌ ليُوْسُفَ بنِ الحُسَيْنِ مِمَّا قِيْلَ فِيْهِ. فَسَكَتُوا.
قَالَ الخَطِيْبُ: سَمِعَ مِنْهُ أبي بَكْرٍ النَّجَّادُ.
قُلْتُ: هُوَ صَاحِبُ حِكَايَة الفَأْرَة مَعَ ذِي النُّوْنِ لَمَّا سأله الاسم الأعظم.
وقد عمر دهرًا.
وَعَنْهُ قَالَ: بِالأَدب تَتَفَهَّم العِلْم، وَبَالعِلْمِ يصحُّ لَكَ العَمَل، وَبَالعَمَلِ تنَالُ الحِكْمَة، وَبَالحِكْمَة تفهَمُ الزُّهْد، وَبَالزُّهْدِ تتركُ الدُّنْيَا، وَترغبُ فِي الآخِرَةِ، وبذلك تنال رضا الله تَعَالَى.
قَالَ السُّلَمِيُّ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ رَحِمَهُ اللهُ.
طَوَّل ابْنُ عَسَاكِرَ تَرْجَمَته.
قَالَ الخُلْدِيّ: كتبَ الجُنَيْد إِلَى يُوْسُفَ بن الحُسَيْنِ: أُوْصِيْكَ بِتَرْكِ الاَلتفَاتِ إِلَى كُلِّ حَالٍ مَضَتْ، فَإِنَّ الاَلتفَاتَ إِلَى مَا مَضَى شغلٌ عَنِ الأولَى، وَأُوصِيْكَ بِتَرْكِ ملاَحظَةِ الحَالِ الكَائِنَة، اعملْ عَلَى تخليصِ هَمِّكَ مِنْ هَمِّكَ لِهَمِّكَ، وَاعملْ عَلَى محقِ شَاهِدِكَ مِنْ شَاهدك حَتَّى يَكُوْنَ الشَّاهدُ عَلَيْكَ شَاهداً لَكَ وَبِكَ وَمنكَ ... فِي كَلاَم طَوِيْل.
وَليُوْسُف رسَالَة إِلَى الجنيد منها:
كَيْفَ السَّبِيْلُ إِلَى مَرْضَاةِ مَنْ غَضِبَا ... مِنْ غَيْرِ جُرْمٍ وَلَمْ أَعْرِفْ لَهُ سَبَبَا
قَالَ وَالد تمَام: سَمِعْتُ يُوْسُفَ بنَ الحُسَيْنِ يَقُوْلُ: قيلَ لِي: ذُو النُّوْنِ يَعْرِفُ الاسْمَ الأَعْظَم. فَسِرْتُ إِلَيْهِ، فَبَصُرَ بِي وَأَنَا طَوِيْلُ اللِّحْيَة، وَمعِي ركوَة طَوِيْلَة، فَاسْتَشْنَعَ مَنْظرِي.
قَالَ وَالد تمَام: يُقَال: كَانَ يُوْسُفُ أَعْلَمَ أَهْلِ زَمَانِهِ بِالكَلاَم وَبعلم الصُّوْفِيَّة. قَالَ: فَجَاءَ مَتَكَلِّمٌ، فَنَاظَر ذَا النُّوْنِ، فَلَمْ يَقم لَهُ بِحجَّة. قَالَ: فَاجْتَذَبْتُهُ إِلَيَّ، وَنَاظرْتُه فَقَطَعْتُهُ، فَعَرَف ذُو النُّوْنِ مَكَانِي، وَعَانَقَنِي، وَجَلَسَ بَيْنَ يَديَّ، وَقَالَ: اعذُرْنِي. قال: فخدمته سنة.

سير أعلام النبلاء: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن  قايمازالذهبي

 

 

 

يُوسُف بْن الْحُسَيْن شيخ الري والجبال فِي وقته وَكَانَ نسيج وحده فِي إسقاط التصنع وَكَانَ عالما أديبا صحب ذا النون المصري وأبا تراب النخشبي ورافق أبا سَعِيد الخراز، مَات سنة أربع وثلاث مائة.
قَالَ يُوسُف بْن الْحُسَيْن: لأن ألقى اللَّه تَعَالَى بجميع المعاصي أحب إِلَى من أَن ألقاه بذرة من التصنع.
وَقَالَ يُوسُف بْن الْحُسَيْن: إِذَا رأيت المريد يشتغل بالرخص فاعلم أَنَّهُ لا يجئ منه شَيْء.
وكتب إِلَى الجنيد لا أذاقك اللَّه طعم نفسك فإنك إِن ذقتها لَمْ تذق بعدها خيرا أبدا.
وَقَالَ يُوسُف بْن الْحُسَيْن: رأيت آفات الصوفية فِي صحبة الأحداث ومعاشرة الأضداد ورفق النسوان.

الرسالة القشيرية.   لعبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري.

 

 

 

أبو يعقوب الرَّازِي
(000 - 304 هـ = 000 - 916 م)
يوسف بن الحسين بن علي، أبو يعقوب الرازيّ:
زاهد صوفي، من العلماء الأدباء. كثير السياحة. كان شيخ الريّ والجبال في وقته. وفيهم من يصفه بالزندقة. وهو من أقران ذي النون المصري.
قال ابن أبي يعلى: يقال إنه كان أعلم أهل زمانه بالكلام والتصوف. ونقل الشعراني أنه: كان إذا سمع القرآن لا تقطر له دمعة وإذا سمع شعرا قامت قيامته، ثم يقول للحاضرين: أتلومون أهل الريّ على قولهم يوسف بن الحسين زنديق! له كلمات سائرة، منها: " إذا أردت أن تعرف العاقل من الأحمق، فحدثه بالمحال، فإن قبل، فاعلم أنه أحمق " " أرغب الناس بالدنيا، أكثرهم ذما لها " " لأن ألقي الله تعالى بجميع المعاصي أحب إليَّ من أن ألقاه بذرة من التصنع " .

-الاعلام للزركلي-