ثوبان بن إبراهيم المصري الإخميني أبي الفيض
ذي النون المصري
تاريخ الولادة | 157 هـ |
تاريخ الوفاة | 245 هـ |
العمر | 88 سنة |
مكان الولادة | مصر - مصر |
مكان الوفاة | القاهرة - مصر |
أماكن الإقامة |
|
- عبد الحكم بن أحمد بن محمد بن سلام أبي عثمان الصدفي
- أبي محمد سهل بن عبد الله بن يونس التستري
- محمد بن يعقوب بن الفرج أبي جعفر "ابن الفرجي محمد"
- يوسف بن الحسين الرازي أبي يعقوب
- أحمد بن يحيي الجلاء البغدادي أبي عبد الله
- أحمد بن عيسى الخراز أبي سعيد الخراز "الخراز أحمد بن عيسى"
- أحمد بن إبراهيم بن أيوب أبي علي المسوحي
- سالم خادم ذي النون المصري
- علي بن الهيثم المصري
- زرافة حاجب المتوكل
نبذة
الترجمة
أَبُو الفيض ذو النون الْمِصْرِي واسمه ثوبان بْن إِبْرَاهِيم , وقيل: الفيض بْن إِبْرَاهِيم وأبوه كَانَ نوبيا توفى سنة خمس وأربعين ومائتين فائق هَذَا الشأن وأوحد وقته علما وورعا وحالا وأدبا سعوا بِهِ إِلَى المتوكل فاستحضره من مصر فلما دَخَلَ عَلَيْهِ وعظه فبكي المتوكل ورده إِلَى مصر مكرما، وَكَانَ المتوكل إِذَا ذكر بَيْنَ يديه أهل الورع يبكي وَيَقُول: إِذَا ذكر أهل الورع فحيهلا بذي النون، وَكَانَ رجلا نحيفا تعلوه حمرة لَيْسَ بأبيض اللحية.
سمعت أَحْمَد بْن محمود , يَقُول: سمعت سَعِيد بْن عُثْمَان , يَقُول: سمعت ذا النون , يَقُول: مدار الْكَلام عَلَى أربع: حب الجليل وبغض القليل واتباع التنزيل وخوف التحويل.
سمعت مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن رحمه اللَّه , يَقُول: سمعت سَعِيد بْن أَحْمَد بْن جَعْفَر , يَقُول: سمعت مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سهل , يَقُول: سمعت سَعِيد بْن عُثْمَان , يَقُول: سمعت ذا النون الْمِصْرِي , يَقُول: من علامات المحب لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ متابعة حبيب اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أخلاقه وأفعاله وأوامره وسننه.
وسئل ذو النون عَنِ السفلة , فَقَالَ: من لا يعرف الطريق إِلَى اللَّه ولا يتعرفه.
سمعت الشيخ أبا عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي رحمه اللَّه يَقُول: سمعت أبا بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن شاذان , يَقُول: سمعت يُوسُف بْن الْحُسَيْن , يَقُول: حضرت مجلس ذي النون يوما وجاءه سالم المغربي , فَقَالَ لَهُ: يا أبا الفيض , مَا كَانَ سبب توبتك؟ قَالَ: عجب لا تطيقه , قَالَ: بمعبودك إلا أخبرتني، فَقَالَ ذو النون: أردت الخروج من مصر إِلَى بَعْض القرى فنمت فِي الطريق فِي بَعْض الصحارى ففتحت عيني فَإِذَا أنا بقنبرة عمياء سقطت من وكرها عَلَى الأَرْض فانشقت الأَرْض فخرج منها سكرجتان , إحداهما ذهب , والأخرى فضة , وَفِي إحداهما سمسم , وَفِي الأخرى ماء , فجعلت تأكل من هَذَا وتشرب من هَذَا فَقُلْتُ: حسبي قَدْ تبت ولزمت الباب إِلَى أَن قبلني اللَّه عَزَّ وَجَلَّ سمعت مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن يَقُول: سمعت عَلِي بْن عُمَر الحافظ يَقُول: سمعت ابْن رشيق يَقُول: سمعت أبا دجانة يَقُول: سمعت ذا النون يَقُول: لا تسكن الحكمة معدة ملئت طعاما.
وسئل ذو النون عَنِ التوبة فَقَالَ: توبة العوام تكون من الذنوب وتوبة الخواص تكون من الغفلة.
الرسالة القشيرية. لعبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري.
ذو النون المصري 157 - 245 للهجرة
ذو النون بن ابرهيم المصري الاخميني، أبي الفيض احد ارجال الحقيقة. قيل: اسمه ثوبان، وقيل: الفيض، وقيل: ذو النون لقبه، واشتهر بذلك. وقد ذكره في حرف الذال ابن عساكر وغيره.
وكان احد العلماء الورعين في وقته، نحيفاً، تعلوه حمرة، ليس بأبيض اللحية، وكان أبيه نوبياً، فيما قيل.
سئل عن سبب توبته، فقال: - خرجت من مصر إلى بعض القرى، فنمت في الطريق، في بعض الصحاري. ففتحت عيني، فإذا انا بقنبرة عمياء، سقطت من وكرها على الارض، فأنشقت الارض، فأنخرجت منها سكرجتان: واحدة ذهب والاخرى فضة، في احداهما سمسم، وفي الاخرى ماء، فجعلت تأكل من هذا، وتشرب من هذا، فقلت: حسبي، قد تبت. ولزمت الباب إلى ان قبلت ".
مات يوم الاثنين، سنة خمس، وقيل: ست واربعين ومائتين، ودفن بالقرافة الصخرى. وعلى قبره مشهد مبني، عليه جلالة، ومعه قبور جماعة من الاولياء.
ومن كلامه: سقم الجسد في الاوجاع، وسقم القلوب في الذنوب. فكما لا يجد الجسد لذة في الطعام عند سقمه، كذلك لا يجد القلب حلاوة العبادة مع ذنبه ".
وقال: " من لم يعرف حق النعم سلبها من حيث لا يعلم ".
وقال: " الانس بالله من صفاء القلب مع الله ".
وقال: " الصدق سيف الله في ارضه، ما وضع على شيء الا قطعه ".
وسئل عن التوبه، فقال: " توبة العوام من الذنوب، وتوبة الخواص من الغفلة ".
وقال: " ثلاثة موجودة، وثلاثة مفقودة: العلم موجود، والعمل به مفقود؛ والعمل موجود، والاخلاص فيه مفقود؛ والحب موجود، والصدق فيه مفقود ".
وقال: قال الله: " من كان لي مطيعاً كنت له ولياً، فليثق بي، وليحكم علي، فوعزتي لو سألني زوال الدنيا لازلتها عنه ".
وقال: " لم ارْ شيئاً ابعثُ لطلب الاخلاص من الوحدة. لانه اذا خلا لم يرْ غير الله، فاذا لم يرْ غيره لم يحركه الا حكم الله. ومن احب الخلوة فقد تعلق بعمود الاخلاص، واستمسك بركن كبير من اركان الصدق ".
وقيل له: " هل للعبد إلى اصلاح نفسه من سبيل؟: فقال:
قد بقينا مذ بذ بين حيارى ... نطلب الصدق ما اليه سبي
فدواعي الهوى تخف علينا ... وخلاف الهوى علينا ثقيل
وقال: " ما اكلت طعام امرئ بخيل ولا منان الا وجدت ثقله على فؤادي اربعين صباحاً ".
وحكى ان رجلاً صالحاً صحبه مدة، وخدمه سنين، ثم قال له: " انت تعلم صلاحي وامانتي، احبك ان تعلمني اسم الله الاعظم، فأنه بلغني انك تعرفه. فسكت عنه مدة، وأوهمه انه سيعلمه، ثم أخذ يوماً طبقاً، وجعلى فيه فأرة حية، وغطاه وشده في مئزر، وقال له: " اتعرف صاحبنا الذي بالجيزة، بالمكان الفلاني؟ ". قال: " نعم "، قال: " فاوصل اليه هذه الامانة ". فأخذه ومضى، فوجده خفيفاً، فرفع الغطاء، فهربت الفآرة، فأزداد غيظاً، فقال: " يسخر بي؟؟. يحملني فأرة هدية؟؟ ". قال: فلما رآني علم ما في نفسي، فقال: " يا مسكين أئتمنتك على فآرة فلم تؤديها، فكيف آتمنك على اسم الله الاعظم؟؟ ز اذهب فلست تصلح له ".
وسئل: لما صير الموقف بالحل دون الحرم؟ ". فقال: " لان الكعبة بيت الله، والحرم حجابه، والمشعر الحرام بابه. فلم ان وصل الوافدون اوقفهم بالحجاب الثاني، وهو مزدلفة، فلم نظر إلى تضرعهم امرهم بتقريب قربانهم؛ فلما قربوه وقضوا تفثهم، وتطهروا من ذنوبهم، التي كانت لهم حجاباً من دونه، امرهم بالزيارة على الطهارة.
وانما كره صيام التشريق، لان القوم زوار الله، وهم في ضيافته، ولا ينبغي لضيف ان يصوم عند من اضافه الا باذنه ".
وقال اسحاق بن ابرهيم السرخسي، سمعت ذا النون - وفي يده الغل، وفي رجليه القيد - وهو يساق إلى " المطبق "، والناس يبكون حوله، وهو يقول: " هذا من مواهب الله ومن عطاياه، وكل عذب حسن طيب ". ثم انشأ يقول:
لك من قلبي المكان المصون ... كل لومٌ علي فيك يهون
لك عزم بأن اكون قتيلا ... فالصبر عنك ما لا يكون
ولما مرض مرضه الذي مات فيه، قيل له: " مات تشتهي؟؟ " قال: " ان اعرفه قبل موتي بلحظة.؟ ".
وقيل له عند النزع " اوصنا "، فقال: " لا تشغلوني فأني متعجب من سر لطفه ".
قال فتح بن شخرف: " دخلت عليه عند موته، فقلت له: كيف تجدك؟ فقال:
اموت وما ماتت اليك صبابتي ... ولا قضيت من صدق حبك اوطاري
مناي المنى، كل المنى، انت لي منى ... وانت الغني، كل الغني، عند أفقاري
وانت مدى سؤلي، وغاية رغبتي ... وموضع امالي ومكنون إضماري
تحمل قلبي فيك ما لا ابثه ... وان طال سقمي فيك او طال اضراري
وبين ضلوعي منك مالك قد بدا ... ولن يبد باديه لاهلٍ ولا جاري
وبي منك في الاحشاء داء مخامر ... وقد هد من الركن وانبت اسراري
الست دليل الركب اذ هم تحيروا ... ومنقذ من اشفى على جرف هار؟
انرت الهدى للمهتدين ولم يكن ... من النور في ايديهم عشر معشارِ
وعلمتهم علماً فباتوأ بنوره ... وبان لهم منهم معلموا اسرارِ
مهامه للغيب حتى كأنها ... لما غاب عنه منه حاضرة الدارِ
وابصارهم محجوبة وقلوبهم ... تراك اوهام حديدات ابصار
ومن اصحابه احمد الخراز، واحمد الجلاء، سلفاً.
ومنهم اخوه زرقان بن محمد، ولعها اخوة مؤاخاة لا نسب،
كما قال السلمي.
من اقرانه، وجلة رفقائه، صاحب سياحة. كان بجبل لبنان، من ساحل دمشق.
حكى عنه بن يوسف بن الحسين الرازي، قال: " بينا انا في جبل لبنان ادور، اذ بصرت بزرقان اخي ذو النون، جالساً على عين ماء عند العصر، وعليه زرمانقة شعر، فسلمت عليه، وجلست من ورائه، فألتفت الي، وقال: " ما حاجتك؟ ". قلت: " بيتين من شعر، سمعتها من اخيل ذو النون، اعرضهمنا عليك، فقال: " قل "، فقلت: " سمعت ذا النون يقول:
قد بقينا مذبذبين حيارى ... حسبنا ربنا ونعم الوكيل
فدواعي الهوى تخف علينا ... وخلاف الهوى علينا ثقيل
فقال زرقان: لكني اقول:
قد بقينا مدلهين حيارى ... حسبنا ربنا ونعم الوكيل
حيث ما الفور كان ذلك منا واليه في كل امر نميل فعرضت اقوالهم على طاهر المقدسي، فقال: " رحم الله ذا النون؟ رجع إلى نفسه فقال ما قال، ورجع زرقان إلى ربه فقال ما قال ".
ومن اقرانه سعيد بن يزيد النباجي، أبي عبد الله. احد الصلاحاء، حكى عن الفضيل بن عياض، وعنه ابن ابي الحواري تلميذه. وله كلام حسن في المعرفة وغيرها. ومن كلامه: " اصل العبادة في ثلاثة اشياء: لا يرد من احكامه شيئاً، ولا يدخر عنه شيئاً، ولا يمسك تسأل غيره حاجة ".
وقال: " ما التنعم إلا في الإخلاص، ولا قرة العين الا في التقوى، ولا الراحة الا في التسليم ".
وقال: " من خطرت الدنيا بباله لغير القيام بأمر الله حجب عن الله ".
وقال: " إن احببتم ان تكونوا ابدالا فأحبوا ما شاء الله، ومن احب ما شاء الله لم تُنزِل به مقادير الله وأحكاُمه شيئاً إلا احبه ".
وصلى بأهص طَرَسُوس الغداة، فوقع النقير وصاحوا، فلم يُخَفف الصلاة، فلما فرغوا قالوا: " أنت جاسوس! " قال: " وكيف ذاك؟! " فقالوا: " صاح النقير ولم تخفف ". فقال: " إنما سُميت صلاة لانها اتصال بالله تعإلى، وما حسبت أن أحداً يكون في الصلاة، فيقع في سمعه غير ما يخاطب الله به ".
وروى عنه انه قال: " أصابني ضيقة وشدة، فبت وأنا اتفكر في المصير إلى بعض إخواني، فسمعت قائلا يقول في النوم لي: " أيجمل بالحر المريد، إذ وجد عند الله ما يري، أن يميل بقلبه إلى العبيد؟! ". فأنتبهت وأنا من أغنى الناس ".
ومن أصحابه عمر بن سنان المنبجي أبي بكر، من قدماء مشايخ الشام، وصحب ابرهيم الخواص ايضاً.
ومن كلامه: " من لم يتأدب بأستاذ فهو بطال ".
وقال: " لما أقبل ذو النون منبج استقبله الناس فخرجت فيهم وأنا صبي، فوقفت على القنطرة، فلما رأيته اقبل، وحوله قوم من الصوفية، وعليهم المرقعات. ازدريته. فنظر إلى شزرا، وقال: " ياغلام! إن القلوب إذا بعدت عن الله مقتت القائمين بأمر الله ". فأرعدت مكاني، فنظر إلى ورحمني، وقال: " لن تراعَ ياغلام! رزقك الله علم الرواية، وألهمك علم الدراية والرعاية ".
ومن اصحابه ايضاً وليد السقاء، أبي إسحاق.
دخل عليه أبي عبد الله الرازي، وقال: " كان في نفسي أن أسأله عن الفقر، فقال: " لا يستحق أحد اسم الفقر حتى يستيقن انه لا يرد القيامة احد افقر إلى الله منه ".
وروى عنه انهقال: " قُدَّم إلى بعض اصحابنا لبن، قال: فقلت: " ذا يضرني! ". فلما كان يوم من الايام دعوت الله عين "، فمسعت هاتفاً يهتف بي ويقول: " ولا يوم اللبن؟! ".
مات سنة عشرين وثلثمائة.
طبقات الأولياء - لابن الملقن سراج الدين أبي حفص عمر بن علي بن أحمد الشافعي المصري.
ذُو النُّون بن إِبْرَاهِيم الْمصْرِيّ أبي الْفَيْض وَيُقَال ثَوْبَان ابْن إِبْرَاهِيم وَذُو النُّون لقب وَيُقَال الْفَيْض بن إِبْرَاهِيم
سَمِعت عليا بن عمر بن أَحْمد بن مهْدي الْحَافِظ بِبَغْدَاد يَقُول أَخْبرنِي الْحُسَيْن بن أَحْمد بن الماذرائي قَالَ قَرَأَ عَليّ أبي عمر الْكِنْدِيّ فِي كِتَابه أَعْيَان الموَالِي فَذكر فِيهِ وَمِنْهُم ذُو النُّون بن إِبْرَاهِيم الأخميمي مولى لقريش وَكَانَ أبيهُ إِبْرَاهِيم نوبيا
توفّي سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ كَذَلِك أَخْبرنِي عَليّ بن عمر أَخْبرنِي الْحسن بن رَشِيق الْمصْرِيّ إجَازَة حَدثنِي جبلة بن مُحَمَّد الصَّدَفِي حَدثنَا عبد الله بن سعيد بن كثير ابْن عفير بذلك
وَقيل مَاتَ سنة ثَمَان وَأَرْبَعين
وَأسْندَ الحَدِيث أخبرنَا عبد الله بن الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم الصُّوفِي أخبرنَا مُحَمَّد بن حمدون بن مَالك الْبَغْدَادِيّ أخبرنَا الْحسن بن أَحْمد بن الْمُبَارك وَأخْبرنَا أَحْمد بن صليح الفيومي أخبرنَا ذُو النُّون الْمصْرِيّ عَن اللَّيْث بن سعد عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الدُّنْيَا سجن الْمُؤمن وجنة الْكَافِر)
سَمِعت مَنْصُور بن عبد الله يَقُول سَمِعت الْعَبَّاس بن عبد الله الوَاسِطِيّ قَالَ سَمِعت إِبْرَاهِيم بن يُونُس يَقُول سَمِعت ذَا النُّون يَقُول إياك تكون بالمعرفة مُدعيًا أَو تكون بالزهد محترفا أَو تكون بِالْعبَادَة مُتَعَلقا
وَبِه قَالَ سَمِعت ذَا النُّون وَسُئِلَ مَا أخْفى الْحجاب وأشده قَالَ رُؤْيَة النَّفس وتدبيرها
أخبرنَا الْحسن بن رَشِيق إجَازَة قَالَ حَدثنَا عَليّ بن يَعْقُوب بن سُوَيْد الْوراق حَدثنَا مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْبَغْدَادِيّ حَدثنَا مُحَمَّد بن سعيد الْخَوَارِزْمِيّ قَالَ سَمِعت ذَا النُّون وَسُئِلَ عَن الْمحبَّة قَالَ أَن تحب مَا أحب الله وَتبْغض مَا أبْغض الله وَتفعل الْخَيْر كُله وترفض كل مَا يشغل عَن الله وَألا تخَاف فِي الله لومة لائم مَعَ الْعَطف للْمُؤْمِنين والغلظة على الْكَافرين وَاتِّبَاع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الدّين
سَمِعت أَبَا بكر مُحَمَّد بن عبد الله بن شَاذان الرَّازِيّ يَقُول سَمِعت يُوسُف ابْن الْحُسَيْن يَقُول سَمِعت ذَا النُّون يَقُول قَالَ الله تَعَالَى (من كَانَ لي مُطيعًا كنت لَهُ وليا فليثق بِي وليحكم عَليّ فَوَعِزَّتِي لَو سَأَلَني زَوَال الدُّنْيَا لأزلتها لَهُ)
أَخْبرنِي مُحَمَّد بن أَحْمد بن يَعْقُوب إجَازَة أَن عبد الله بن مُحَمَّد بن مَيْمُون حَدثهمْ قَالَ سَأَلت ذَا النُّون عَن الصُّوفِي فَقَالَ من إِذا نطق أبان نطقه عَن الْحَقَائِق وَإِن سكت نطقت عَنهُ الْجَوَارِح بِقطع العلائق
وَبِه قَالَ سَمِعت ذَا النُّون يَقُول الْأنس بِاللَّه من صفاء الْقلب مَعَ الله والتفرد بِاللَّه الِانْقِطَاع من كل شَيْء سوى الله
سَمِعت أَبَا عُثْمَان سعيد بن أَحْمد بن جَعْفَر يَقُول سَمِعت مُحَمَّد بن أَحْمد ابْن مُحَمَّد بن سهل يَقُول سَمِعت سعيد بن عُثْمَان الْخياط يَقُول سَمِعت ذَا النُّون يَقُول من أَرَادَ التَّوَاضُع فليوجه نَفسه إِلَى عَظمَة الله فَإِنَّهَا تذوب وتصفو وَمن نظر إِلَى سُلْطَان الله ذهب سُلْطَان نَفسه لِأَن النُّفُوس كلهَا فقيرة عِنْد هيبته
قَالَ وَسمعت سعيد بن عُثْمَان يَقُول سَمِعت ذَا النُّون يَقُول لم أر أَجْهَل من طَبِيب يداوي سَكرَان فِي وَقت سكره لن يكون لسكره دَوَاء حَتَّى يفِيق فيداوى بِالتَّوْبَةِ
وَبِه قَالَ سَمِعت ذَا النُّون يَقُول لم أر شَيْئا أبْعث لطلب الْإِخْلَاص من الْوحدَة لِأَنَّهُ إِذا خلا لم ير غير الله تَعَالَى فَإِذا لم ير غَيره لم يحركه إِلَّا حكم الله وَمن أحب الْخلْوَة فقد تعلق بعمود الْإِخْلَاص واستمسك بِرُكْن كَبِير من أَرْكَان الصدْق
وَبِه قَالَ سَمِعت ذَا النُّون يَقُول من عَلَامَات الْمحبَّة لله مُتَابعَة حبيب الله فِي أخلاقه وأفعاله وَأمره وسننه
وسمعته يَقُول إِذا صَحَّ الْيَقِين فِي الْقلب صَحَّ الْخَوْف فِيهِ
سَمِعت مَنْصُور بن عبد الله يَقُول سَمِعت الْعَبَّاس بن يُوسُف يَقُول سَمِعت سعيد بن عُثْمَان يَقُول أَنْشدني ذُو النُّون
(أَمُوت وَمَا مَاتَت إِلَيْك صبابتي ... وَلَا قضيت من صدق حبك أوطاري)
(مناي المنى كل المنى أَنْت لي مني ... وَأَنت الْغَنِيّ كل الْغنى عِنْد إقتاري)
(وَأَنت مدى سؤلي وَغَايَة رغبتي ... وَمَوْضِع آمالي ومكنون إضماري)
(تحمل قلبِي فِيك مَا لَا أبثه ... وَإِن طَال سقمي فِيك أَو طَال إضراري)
(وَبَين ضلوعي مِنْك مَا لَك قد بدا ... وَلم يبد باديه لأهل وَلَا جَار)
(وَبِي مِنْك فِي الأحشاء دَاء مخامر ... وَقد هدمني الرُّكْن وانبث إسراري)
(أَلَسْت دَلِيل الركب إِن هم تحيروا ... ومنقذ من أشفى على جرف هاري)
(أنرت الْهدى للمهتدين وَلم يكن ... من النُّور فِي أَيْديهم عشر معشار)
(فنلني بِعَفْو مِنْك أَحْيَا بِقُرْبِهِ ... اغثني بيسر مِنْك يطرد إعساري)
قَالَ وَسمعت ذَا النُّون يَقُول لَئِن مددت يَدي إِلَيْك دَاعيا لطالما كفيتني سَاهِيا أأقطع مِنْك رجاي بِمَا عملت يداي حسبي من سُؤَالِي علمك بحالي
وَبِه قَالَ ذُو النُّون كل مُدع مَحْجُوب بِدَعْوَاهُ عَن شُهُود الْحق لِأَن الْحق شَاهد لأهل الْحق لِأَن الله هُوَ الْحق وَقَوله الْحق وَلَا يحْتَاج أَن يَدعِي إِذا كَانَ الْحق شَاهدا لَهُ فَأَما إِذا كَانَ غَائِبا فَحِينَئِذٍ يدعى وَإِنَّمَا تقع الدَّعْوَى للمحجوبين
وَبِه قَالَ ذُو النُّون من أنس بالخلق فقد استمكن من بِسَاط الفراعنة وَمن غيب عَن مُلَاحظَة نَفسه فقد استمكن من الْإِخْلَاص وَمن كَانَ حَظه فِي الْأَشْيَاء هُوَ لَا يُبَالِي مَا فَاتَهُ مِمَّا هُوَ دونه
سَمِعت أَبَا الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد الْقزْوِينِي يَقُول سَمِعت عَليّ بن أَحْمد ابْن مُحَمَّد البزناني يَقُول سَمِعت مُحَمَّد بن الْحُسَيْن يَقُول سَمِعت فَارِسًا يَقُول سَمِعت يُوسُف بن الْحُسَيْن يَقُول سَمِعت ذَا النُّون يَقُول الصدْق سيف الله فِي أرضه مَا وضع على شَيْء إِلَّا قطعه
وبإسناده قَالَ ذُو النُّون من تزين بِعَمَلِهِ كَانَت حَسَنَاته سيئات
سَمِعت أَحْمد بن عَليّ بن جَعْفَر يَقُول سَمِعت فَارِسًا يَقُول سَمِعت يُوسُف بن الْحُسَيْن يَقُول سَمِعت ذَا النُّون يَقُول بِأول قدم تطلبه تُدْرِكهُ وتجده
وبإسناده قَالَ سَمِعت ذَا النُّون يَقُول أدنى منَازِل الْأنس أَن يلقى فِي النَّار فَلَا يغيب همه عَن مأموله
سَمِعت أَبَا سعيد أَحْمد بن مُحَمَّد بن رُمَيْح الْحَافِظ يَقُول سَمِعت أَبَا يعلى ابْن خلف يَقُول سَمِعت ابْن البرقي يَقُول سَمِعت ذَا النُّون يَقُول الْأنس بِاللَّه نور سَاطِع والأنس بالخلق غم وَاقع
سَمِعت نصر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن يَعْقُوب الْعَطَّار يَقُول سَمِعت أَبَا مُحَمَّد البلاذري يَقُول سَمِعت يُوسُف بن الْحُسَيْن يَقُول سَمِعت ذَا النُّون يَقُول لله عباد تركُوا الذَّنب استحياء من كرمه بعد أَن تَرَكُوهُ خوفًا من عُقُوبَته وَلَو قَالَ لَك اعْمَلْ مَا شِئْت فلست آخذك بذنب كَانَ يَنْبَغِي أَن يزيدك كرمه استحياء مِنْهُ وتركا لمعصيته إِن كنت حرا كَرِيمًا عبدا شكُورًا فَكيف وَقد حذرك
وبإسناده قَالَ ذُو النُّون الْخَوْف رَقِيب الْعَمَل والرجاء شَفِيع المحن
وبإسناده قَالَ ذُو النُّون اطلب الْحَاجة بِلِسَان الْفقر لَا بِلِسَان الحكم
سَمِعت أَحْمد بن عَليّ بن جَعْفَر يَقُول سَمِعت الْحسن بن سهل بن عَاصِم يَقُول سَمِعت عَليّ بن عبد الله الكرجي يَقُول سَمِعت ذَا النُّون يَقُول مِفْتَاح الْعِبَادَة الفكرة وعلامة الْهوى مُتَابعَة الشَّهَوَات وعلامة التَّوَكُّل انْقِطَاع المطامع
سَمِعت أَحْمد بن عَليّ بن جَعْفَر يَقُول سَمِعت فَارِسًا يَقُول سَمِعت يُوسُف بن الْحُسَيْن يَقُول سَمِعت ذَا النُّون يَقُول كَانَ لي صديق فَقير فَمَاتَ فرأيته فِي النّوم فَقلت لَهُ مَا فعل الله بك قَالَ قَالَ لي قد غفرت لَك بترددك إِلَى هَؤُلَاءِ السّفل أَبنَاء الدُّنْيَا فِي رغيف قبل أَن يعطوك
سَمِعت أَبَا جَعْفَر مُحَمَّد بن أَحْمد بن سعيد الرَّازِيّ يَقُول سَمِعت أَبَا الْفضل الْعَبَّاس بن حَمْزَة قَالَ سَمِعت ذَا النُّون يَقُول كَانَ الرجل من أهل الْعلم يزْدَاد بِعِلْمِهِ بغضا للدنيا وتركا لَهَا وَالْيَوْم يزْدَاد الرجل بِعِلْمِهِ للدنيا حبا وَلها طلبا وَكَانَ الرجل مَاله على علمه وَالْيَوْم تكسب الرجل بِعِلْمِهِ مَالا وَكَانَ يرى على صَاحب الْعلم زِيَادَة فِي بَاطِنه وَظَاهره وَالْيَوْم يرى على كثير من أهل الْعلم فَسَاد الْبَاطِن وَالظَّاهِر
سَمِعت أَبَا الْحُسَيْن مُحَمَّد بن أَحْمد الْفَارِسِي يَقُول سَمِعت فَارِسًا يَقُول سَمِعت يُوسُف بن الْحُسَيْن يَقُول سَمِعت ذَا النُّون يَقُول الْعَارِف كل يَوْم أخشع لِأَنَّهُ كل سَاعَة أقرب
قَالَ وَسمعت ذَا النُّون يَقُول يَا معشر المريدين من أَرَادَ مِنْكُم الطَّرِيق فليلق الْعلمَاء بِالْجَهْلِ والزهاد بالرغبة وَأهل الْمعرفَة بِالصَّمْتِ
سَمِعت أَبَا جَعْفَر الرَّازِيّ يَقُول سَمِعت الْعَبَّاس بن حَمْزَة يَقُول سَمِعت ذَا النُّون يَقُول إِن الْعَارِف لَا يلْزم حَالَة وَاحِدَة إِنَّمَا يلْزم ربه فِي الْحَالَات كلهَا.
طبقات الصوفية - لأبي عبد الرحمن السلمي.
ثوبان بن إبراهيم الإخميميّ المصري، أبو الفَيَّاض، أو أبو الفيض:
أحد الزهاد العباد المشهورين. من أهل مصر. نوبيّ الأصل من الموالي. كانت له فصاحة وحكمة وشعر. وهو أول من تكلم بمصر في (ترتيب الأحوال ومقامات أهل الولاية) فأنكر عليه عبد الله بن عبد الحكم. واتهمه المتوكل العباسي بالزندقة، فاستحضره إليه وسمع كلامه. ثم أطلقه، فعاد إلى مصر. وتوفي بجيزتها .
-الاعلام للزركلي-
أبو الفيض ثوبان بن إبراهيم المصري: المعروف بذي النون الشيخ الصالح المشهور أحد رجال الطريقة، كان أوحد وقته علماً وعملاً وحالاً وأدباً، وهو معدود في جملة من روى الموطأ عن مالك. وشيخه في الطريقة شقران، وعنه أخذ سهل بن عبد الله التستري. وأنشد حين وضع في القيد:
لك من قلبي المكان المصون ... كل لوم عليّ فيك يقيد:
لك عزم بأن أكون قتيلاً ... فيك والصبر عنك ما لايكون
وله فضائل ومحاسن كثيرة، توفي في ذي القعدة سنة 245هـ[859 م].
شجرة النور الزكية في طبقات المالكية_ لمحمد مخلوف
ذو النون المصري:
الزَّاهِدُ, شَيْخُ الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ، ثَوْبَانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَقِيْلَ: فَيْضُ بنُ أَحْمَدَ. وَقِيْلَ: فَيْضُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ النُّوْبِيُّ، الإِخْمِيْمِيُّ. يُكْنَى: أَبَا الفَيْضِ. وَيُقَالُ: أَبَا الفَيَّاضِ. وُلِدَ: فِي أَوَاخِرِ أَيَّامِ المَنْصُوْرِ.
وَرَوَى عَنْ: مَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَابْنِ لَهِيْعَةَ، وَفُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ، وَسَلْمٍ الخَوَّاصِ، وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ صَبِيْحٍ الفَيُّوْمِيُّ، وَرَبِيْعَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّائِيُّ، وَرِضْوَانُ بنُ مُحَيْمِيْدٍ، وَحَسَنُ بنُ مُصْعَبٍ، وَالجُنَيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ، وَمِقْدَامُ بنُ دَاوُدَ الرُّعَيْنِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَقَلَّ مَا رَوَى مِنَ الحَدِيْثِ، وَلاَ كَانَ يُتْقِنُه. قِيْلَ: إِنَّهُ مِنْ مَوَالِي قُرَيْشٍ، وَكَانَ أبيهُ نُوْبِيّاً.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: رَوَى عَنْ مَالِكٍ أَحَادِيْثَ فِيْهَا نَظَرٌ، وكان واعظًا.
قال ابْنُ يُوْنُسَ: كَانَ عَالِماً، فَصِيْحاً، حَكِيْماً. تُوُفِّيَ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ السُّلَمِيُّ: حَمَلُوْهُ عَلَى البَرِيْدِ مِنْ مِصْرَ إِلَى المُتَوَكِّلِ لِيَعِظَهُ فِي سَنَةِ 244، وَكَانَ إِذَا ذُكر بَيْنَ يَدَيِ المُتَوَكِّل أَهْلُ الوَرَعِ، بَكَى.
وَقَالَ يُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ: كَانَ أَهْلُ نَاحِيَتِه يُسَمُّوْنَهُ الزِّنْدِيْقَ، فَلَمَّا مَاتَ، أَظلَّتْ الطَّيْرُ جِنَازَتَه، فَاحْتَرَمُوا بَعْدُ قَبْرَهُ.
عَنْ أَيُّوْبَ مُؤَدِّبِ ذِي النُّوْنِ، قَالَ: جَاءَ أَصْحَابُ المَطَالِبِ ذَا النُّوْنِ، فَخَرَجَ مَعَهُم إِلَى قِفْطَ وَهُوَ شَابٌّ، فَحَفَرُوا قَبْراً، فَوَجَدُوا لَوْحاً فِيْهِ: اسْمُ اللهِ الأَعْظَمُ، فَأَخَذَهُ ذُو النُّوْنِ، وَسَلَّمَ إِلَيْهِم مَا وَجَدُوا.
قَالَ يُوْسُفُ بنُ الحُسَيْنِ الرَّازِيُّ: حَضَرْتُ ذَا النُّوْنِ، فَقِيْلَ لَهُ: يَا أَبَا الفَيْضِ، مَا كَانَ سَبَبُ تَوْبَتِكَ? قَالَ: نِمْتُ، فِي الصحراء، ففتحت عيني، فإذا قُنْبَرَةٌ عَمْيَاءُ سَقَطَتْ مِنْ وَكْرٍ، فَانْشَقَّتِ الأَرْضُ، فَخَرَجَ مِنْهَا سُكُرُّجَتَانِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ، فِي إِحْدَاهُمَا سِمْسِمٌ، وَفِي الأُخْرَى مَاءٌ، فَأَكَلَتْ، وَشَرِبَتْ، فَقُلْتُ: حَسْبِي. فَتُبْتُ، وَلَزِمْتُ البَابَ، إِلَى أَنْ قَبِلَنِي.
قَالَ السُّلَمِيُّ فِي "مِحَنِ الصُّوْفِيَّةِ": ذُو النُّوْنِ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِبَلْدَتهِ فِي تَرْتِيْبِ الأَحْوَالِ، وَمَقَامَاتِ الأَوْلِيَاءِ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الحَكَمِ، وَهَجَرَهُ عُلَمَاءُ مِصْرَ، وَشَاعَ أَنَّهُ أَحْدَثَ عِلْماً لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيْهِ السَّلَفُ وَهَجَرُوْهُ حَتَّى رَمَوْهُ بِالزَّنْدَقَةِ، فَقَالَ أَخُوْهُ: إِنَّهُم يَقُوْلُوْنَ: إنك زنديق، فقال:
ومالي سِوَى الإِطْرَاقِ وَالصَّمْتِ حِيْلَةٌ ... وَوَضْعِيَ كَفِّي تَحْتَ خَدِّي وَتَذْكَارِي
قَالَ: وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ الفَرْخِيِّ: كُنْت مَعَ ذِي النُّوْنِ فِي زَوْرَقٍ، فَمَرَّ بِنَا زَوْرَقٌ آخَرُ، فَقِيْلَ لِذِي النُّوْنِ: إِنَّ هَؤُلاَءِ يَمُرُّوْنَ إِلَى السُّلْطَانِ يَشْهَدُوْنَ عَلَيْكَ بِالكُفْرِ. فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانُوا كَاذِبِيْنَ، فَغَرِّقْهُم. فَانْقَلَبَ الزَّوْرَقُ، وَغَرِقُوا، فَقُلْتُ لَهُ: فَمَا بَالُ المَلاَّحِ? قَالَ: لِمَ حَمَلَهُم وَهُوَ يَعلَمُ قَصْدَهُم? وَلأَنْ يَقِفُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ غَرْقَى، خَيْرٌ لَهُم مِنْ أَنْ يَقِفُوا شُهُوْدَ زُوْرٍ. ثُمَّ انْتَفَضَ وَتَغَيَّر، وَقَالَ: وَعِزَّتِكَ لاَ أَدْعُو عَلَى أَحَدٍ بَعْدَهَا. ثُمَّ دَعَاهُ أَمِيْرُ مِصْرَ، وَسَأَلَهُ عَنِ اعْتِقَادِهِ، فَتَكَلَّمَ، فَرَضِيَ أَمْرَهُ، وَطَلَبَهُ المُتَوَكِّلُ، فَلَمَّا سَمِعَ كَلاَمَه، وَلِعَ بِهِ، وَأَحَبَّهُ، وَكَانَ يَقُوْلُ: إِذَا ذُكِرَ الصَّالِحُوْنَ، فَحَيَّ هَلاَ بِذِي النُّوْنِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ حَاتِمٍ: سَمِعْتُ ذَا النُّوْنِ يَقُوْلُ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ.
وَقَالَ يُوْسُفُ بنُ الحُسَيْنِ: سَمِعْتُ ذَا النُّوْنِ يَقُوْلُ: مَهْمَا تَصَوَّرَ فِي وَهْمِكَ، فَاللهُ بِخِلاَفِ ذَلِكَ. وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: الاسْتِغْفَارُ جَامِعٌ لِمَعَانٍ, أَوَّلُهُمَا: النَّدَمُ عَلَى مَا مَضَى, الثَّانِي: العَزْمُ عَلَى التَّرْكِ, وَالثَّالِثُ: أَدَاءُ مَا ضَيَّعْتَ مِنْ فَرْضٍ للهِ, الرَّابِعُ: رَدُّ المَظَالِمِ فِي الأَمْوَالِ وَالأَعْرَاضِ وَالمُصَالَحَةُ عَلَيْهَا, الخَامِسُ: إِذَابَةُ كُلِّ لَحْمٍ وَدَمٍ نَبَتَ عَلَى الحَرَامِ, السَّادِسُ: إِذَاقَةُ أَلَمِ الطَّاعَةِ كَمَا وَجَدْتَ حَلاَوَةَ المَعْصِيَةِ.
وَعَنْ عَمْرِو بنِ السَّرْحِ: قُلْتُ لِذِي النُّوْنِ: كَيْفَ خَلصتَ مِنَ المُتَوَكِّلِ، وَقَدْ أَمَرَ بِقَتْلِكَ? قَالَ: لَمَّا أَوْصَلَنِي الغُلاَمُ, قُلْتُ فِي نَفْسِي: يَا مَنْ لَيْسَ فِي البِحَارِ قَطَرَاتٌ، وَلاَ فِي دَيْلَجِ الرِّيَاحِ ديْلَجَاتٌ، وَلاَ فِي الأَرْض خَبِيئَاتٌ، وَلاَ فِي القُلُوْبِ خَطَرَاتٌ إِلاَّ وَهِيَ عَلَيْكَ دَلِيلاَتٌ، وَلَكَ شَاهِدَاتٌ، وَبِرُبُوبِيَّتِكَ مُعتَرِفَاتٌ، وَفِي قُدرَتِكَ مُتَحَيِّرَاتٌ، فَبِالقُدْرَةِ الَّتِي تُجِيْرُ بِهَا مَنْ فِي الأَرَضِيْنَ وَالسَّمَاوَاتِ إِلاَّ صَلَّيْتَ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَأَخَذتَ قَلْبَه عَنِّي. فَقَامَ المُتَوَكِّلُ يَخْطُو حَتَّى اعْتَنَقَنِي, ثُمَّ قَالَ: أَتْعَبْنَاكَ يَا أَبَا الفَيْضِ.
وَقَالَ يُوْسُفُ بنُ الحُسَيْنِ: حَضَرتُ مَعَ ذِي النُّوْنِ مَجْلِسَ المُتَوَكِّلِ، وَكَانَ مُوْلَعاً بِهِ، يُفَضِّلُه عَلَى الزُّهَّادِ، فَقَالَ: صِفْ لِي أَوْلِيَاءَ اللهِ. قَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! هُمْ قَوْمٌ أَلبَسَهُمُ اللهُ النُّوْرَ السَّاطِعَ مِنْ مَحَبَّتِهِ، وَجَلَّلَهُم بِالبَهَاءِ مِنْ إِرَادَةِ كَرَامَتِهِ، وَوَضَعَ عَلَى مَفَارِقِهِم تِيْجَانَ مَسَرَّتِهِ، فَذَكَرَ كَلاَماً طَوِيْلاً، وَقَدِ اسْتَوفَى ابْنُ عَسَاكِرَ أَحْوَالَ ذِي النُّوْنِ فِي "تَارِيْخِهِ"، وَأبي نُعَيْمٍ فِي الحِلْيَةِ.
وَمِنْ كَلاَمِهِ: العَارِفُ لاَ يَلتَزِمُ حَالَةً وَاحِدَةً، بَلْ يَلْتَزِمُ أَمرَ رَبِّهُ فِي الحَالاَتِ كُلِّهَِا.
أَرَّخَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدِ بنِ عُفَيْرٍ وَفَاته -كَمَا مَرَّ- فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَأَمَّا حَيَّانُ بنُ أَحْمَدَ السَّهْمِيُّ, فَقَالَ: مَاتَ بِالجِيْزَةِ، وَعُدِّي بِهِ إِلَى مِصْرَ فِي مَرْكِبٍ خَوْفاً مِنْ زَحْمَةِ النَّاسِ عَلَى الجِسْرِ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقَالَ آخَرُ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ. وَالأَوَّلُ أَصَحُّ. وَكَانَ مِنْ أبناء التسعين.
سير أعلام النبلاء: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي
ذو النون المصري
أبو الفيض ثوبان بن إبراهيم - وقيل: الفيض بن إبراهيم - المصري المعروف بذي النون، الصالح المشهور، أحد رجال الطريقة؛ كان أوحد وقته علماً وورعاً وحالاً وأدباً، وهو معدود في جملة من روى الموطأ عن الامام مالك رضي الله عنه؛ وذكر ابن يونس عنه في تاريخه أنه كان حكيماً فصيحاً، وكان أبوه نوبيا، وقيل: من أهل إخيم، مولى لقريش.
وسئل عن سبب توبته فقال: خرجت من مصر إلى بعض القرى، فنمت في الطريق في بعض الصحارى، ففتحت عيني فإذا أنا بقنبرة عمياء سقطت من وكرها على الأرض، فانشقت الأرض فخرجت منها سكرجتان: إحداهما ذهب والأخرى فضة، وفي إحادهما سمسم وفي الاخرى مساء، فجعلت تأكل من هذا وتشرب من هذا، فقلت: حسبي، قد تبت، ولزمت الباب إلى أن قبلني.
(32) * وكان قد سعوا به إلى المتوكل فاستحضره من مصر، فلما دخل عليه وعظه، فبكى المتوكل ورده مكرماً؛ وكان المتوكل إذا ذكر أهل الورع بين يديه يبكي ويقول: إذا ذكر أهل الورع فحي هلا بذي النون. وكان رجلاً نحيفاً تعلوه حمرة، ليس بأبيض اللحية، وشيخه في الطريقة شقران العابد.
ومن كلامه: إذا صحت المناجاة بالقلوب استراحت الجوارح.
وقال إسحاق بن إبراهيم السرخسي بمكة: سمعت ذا النون وفي يده الغل وفي رجليه القيد وهو يساق إلى المطبق والناس يبكون حوله وهو يقول: هذا من مواهب الله تعالى ومن عطاياه، وكل فعاله عذب حسن طيب، ثم أنشد:
لك من قلبي المكان المصون ... كل لوم علي فيك يهون
لك عزم بأن أكون قتيلاً ... فيك والصبر عنك ما لا يكون
ووقفت في بعض المجاميع على شيء من أخبار ذي النون المصري، رحمه الله تعالى، فقال: إن بعض الفقراء من الناس تلامذته فارقه من مصر وقدم بغداد فحضر بها سماعاً، فلما طاب القوم وتواجدوا قام ذلك الفقير ودار واستمع، ثم صرخ ووقع، فحركوه فوجدوه ميتا، فوصل خبره إلى شيخه ذي النون فقال لأصحابه: تجهزوا حتى نمشي إلى بغداد، فلما فرغوا من أشغالهم خرجوا إليها فقدموا عليها، وساعة قدومهم البلد قال الشيخ ائتوني بذلك المغني، فأحضروه إليه، فسأله عن قضية ذلك الفقير، فقص عليه قصته. فقال له: مبارك؛ ثم شرع هو وجماعته في الغناء، فعند ابتدائه فيه صرخ الشيخ على ذلك المغني فوقع ميتا، فقال الشيخ: قيل بقتيل، أخذنا ثأر صاحبنا؛ ثم أخذ في التجهيز والرجوع إلى الديار المصرية، ولم يلبث ببغداد بل عاد من فوره.
قلت: وقد جرى في زمني شيء من هذا يليق أن أحكيه ههنا، وذلك أنه كان عندنا بمدينة إربل مغن موصوف بالحذق والإجادة في صنعة الغناء يقال له: الشجاع جبريل بن الأواني، فحضر سماعاً قبل سنة عشرين وستمائة، فإنني أذكر الواقعة وأنا صغير، وأهلي وغيرهم يتحدثون بها في وقتها، فغنى الشجاع المذكور القصيدة الطنانة البديعة التي لسبط ابن التعاويذي - الآتي ذكره في حرف الميم في المحمد ين إن شاء الله تعالى - وأولها :
سقاك سار من الوسمي هتان ... ولا رقت للغوادي فيك أجفان إلى أن وصل إلى قوله منها:
ولي إلى البان من رمل الحمى وطر ... فاليوم لا الرمل يصيبني ولا البان
وما عسى يدرك المشتاق من وطر ... إذا بكى الربع والأحباب قد بانوا
كانوا معاني المغاني، والمنازل أم ... وات إذا لم يكن فيهن سكان
لله كم قمرت لبي بجوك أق ... مار وكم غازلتني فيك غزلان
وليلة بات يجلو الراح من يده ... فيها أغن خفيف الروح جذلان
خال من الهم في خلخاله حرج ... فقلبه فارغ والقلب ملآن
يذكي الجوى بارد من ثغره شبم ... ويوقظ الوجد طرف منه وسنان
إن يمسى ريان من ماء الشباب فلي ... قلب إلى ريقه المعسول ظمآن
بين السيوف وعينيه مشاركة ... من أجلها قيل للآغماد أجفان فلما انتهى إلى هذا البيت قام بعض الحاضرين وقال له: يا شجاع، وأعد ما قلته، فأعاده مرتين أو ثلاثاً وذلك الشيخ متواجد، ثم صرخ صرخة هائلة
ووقع، فظنوه قد أغمي عليه، فافتقدوه بعد أن انقطع حسه فوجدوه قد مات، فقال الشجاع: هكذا جرى في سماعي مرة أخرى، فإنه مات فيه شخص آخر.
وهذه القصيدة من غرر القصائد، وهي طويلة مدح بها الامام الناصر لين الله أبا العباس أحمد بن المستضيء أمير المؤمنين العباسي في يوم عيد الفطر من سنة إحدى وثمانين وخمسائة، والله أعلم.
ومحاسن الشيخ ذي النون كثيرة.
وتوفي في ذي القعدة سنة خمس وأربعين - وقيل: ست وأربعين، وقيل: ثمان وأربعين ومائتين - رضي الله عنه بمصر، ودفن بالقرافة الصغرى، على قبره مشهد مبني، وفي المشهد أيضاً قبور جماعة من الصالحين رضي الله عنهم وزرته غير مرة.
وثوبان: بفتح الثاء المثلثة وسكون الواو وفتح الباء الموحدة وبعد الألف نون.
وكان يعرف اسم الله الأعظم؛ قال يوسف بن الحسين: قيل لي إن ذا النون يعرف اسم الله الأعظم، فدخلت مصر وخدمته سنة ثم قلت: يا أستاذ إني قد خدمتك وقد وجب حقي عليك، وقيل لي إنك تعرف اسم الله الأعظم، وقد عرفتني ولا تجد له موضعاً مثلي فأحب أن تعلمني إياه؛ قال: فسكت عني ذو النون ولم يجبني وكأنه أومأ إلى أنه يختبرني؛ قال: فتركني بعد ذلك ستة أشهر ثم أخرج إليّ من بيته طبقاً ومكبة مشدوداً في منديل، وكان ذو النون يسكن الجيزة، فقال: تعرف فلاناً صديقنا من الفسطاط فقلت: نعم، قال: وأحب أن تؤدي هذا إليه. قال: فأخذت الطبق وهو مشدود وجعلت أمشي طول الطريق وأنا مفكر فيه: مثل ذي النون يوجه إلى فلان هدية ترى أي شيء هي فلم أصبر إلى أن بلغت الجسر، فحللت المنديل ورفعت المكبة، فإذا فأرة قفزت من الطبق ومرت؛ قال: فاغتظت غيظاً شديداً وقلت:
ذو النون يسخر بي ويوجه مع مثلي فأرة! فرجعت على ذلك الغيظ، فلما رآني عرف ما في وجهي، فقال: يا أحمق إنما جربناك، ائتمنتك على فأرة فخنتني أفأئتمنك على اسم الله الأعظم مر عني فلا أراك أبداً .
وكان المتوكل قد أمر بإشخاصه سنة خمس وأربعين ومائتين فوصل إلى سر من رأى، فأنزله الخليفة في بعض الدور وأوصى به رجلاً يعرف بزرافة، وقال: إذا أنا رجعت من ركوبي فأخرج إليّ هذا الرجل، فقال له زرافة: إن أمير المؤمنين قد أوصاني بك؛ فلما رجع من الغد قال له: تستقبل أمير المؤمنين بالسلام، فلما أخرجه إليه قال: سلم على أمير المؤمنين، فقال ذو النون ليس هكذا جاءنا الخبر، إن الراكب يسلم على الراجل، قال: فتبسم الخليفة وبدأه بالسلام ونزل إليه فقال له: أنت زاهد مصر، قال: كذا يقولون، ثم وعظه، وأكرمه الخليفة ورده إلى مصر مكرماً.
وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - لأبو العباس شمس الدين أحمد ابن خلكان البرمكي الإربلي
العارف بالله أبو الفيض ثَوبَان بن إبراهيم وقيل الفيض، المعروف بذي النون المصري الإخميمي، المتوفى بالقاهرة سنة خمس وأربعين ومائتين، عن نحو ثمانين سنة ودفن بالقَرَافة.
كان أبوه نوبيَّاً وكان هو رجلاً نحيفاً تعلوه حمرة وكان أحد رجال الطريقة، أوحد وقته علماً وعملاً وحالاً وهو معدود ممن روى "الموطأ" عن مالك. وكان قد سعوا به إلى المتوكل فاستحضره من مصر، فلما دخل عليه وعظه فبكى المتوكل وردَّه مكرماً. ذكره ابن خلِّكان.
سلم الوصول إلى طبقات الفحول - حاجي خليفة.
ذو النون المصري ، ابن إبراهيم أبي الفيض المصري أصله من النوبة من قرى صعيد مصر، فنزل مصر، وكان حكيما زاهدا واعظا ، أسند الحديث عن مالك، والليث بن سعد، ، وغيرهم . مات بالجيزة في يوم الإثنين ، لليلتين خلتا من ذي القعدة سنة ست وأربعين ومائتين . ينظر : المنتظم في تاريخ الملوك والأمم / 11 / 344 ، وتاريخ الاسلام / 18 / 265 .
ذو النون بن أحمد بن صالح بن عبد القدوس الإخميمي يكنى أبا الفيض يروي عن أبيه ومقدام وغيرهما حدثني عنه ابن رشيق.
تاريخ علماء أهل مصر - ليحيى بن علي بن محمد بن إبراهيم الحضرمي المعروف بابن الطحان.
أبو الفيض ذو النون بن إبراهيم الإخميمى.
ذو الإشارات والرموز الشريفة. مغربىّ الأصل يتولى قريشا، وقيل الأنصار.
روى عن مالك، والليث، وابن عيينة، وغيرهم. يروى عنه أخوه: عبد ذى العرش، وابن أخيه عبد البارى بن إسحاق بن إبراهيم المصرى.
توفى ذو النون هذا سنة 245 وقبر بالقرافة يزار ويتبرّك به.
ذيل وفيات الأعيان المسمى «درّة الحجال في أسماء الرّجال» المؤلف: أبو العبّاس أحمد بن محمّد المكناسى الشّهير بابن القاضى (960 - 1025 هـ)