(الشيخ محمّد اليراغى) هو محمد بن ملاّ اسماعيل بن ملاّ شيخ كمال بن نذر اليراغىّ الكورى الداغستانى حصّل العلوم والمعارف عن الأعلام الكرام والفضلاء الفخام كان الشيخ اليراغىّ أولاً مدرّسًا فى العلوم الظاهرة المتداولة فى بقعة داغستان فاجتمع لديه جمٌّ غفير من الطلبة من جميع النواحى وكان فيما بينهم الشيخ خاص محمد الشروانى الذى اشتغل هو بعد رجوعه من عند الشيخ محمد اليراغى على تلقن الطريقة النقشبنديّة من الشيخ اسماعيل الكوردميرى رحمه الله وصار منه مجازا فى نشر الطريقة واجرائها فرجع الشيخ خاص محمد ثانيا الى قرية يراغ وصاحب الشيخ محمد اليراغى ولقّنه الطريقة النقشبنديّة حتى صار اليراغى منه مجازًا فى اجراء الطريقة فكثر فى بلاد داغستان الراحلون الى الشيخ اليراغىّ بعضهم لأخذ العلوم منه وبعضهم لتلقن الطريقة عنه، ورحل اليه فيمن رحل العالمان الشهيران بالتصدى للامامة فى داغستان فى ذلك الأوان الشيخ الغازى محمد الكمراوى والشيخ شامل أفندي الكمراوى فتلقنا منه الطريقة وصارا منه مجازين فعادا الى ناحيتهما واجتهدا على اجراء الشريعة واحياء أحكامها المندرسة وأرادا قطع العلاقة عن الدّولة الروسيّة بالجهاد والمقاتلة حتى كان ما فعلاه سببا على تهمة الشيخ محمد اليراغى رضى الله عنه من جهة الدولة الروسية فلهذا هاجر الشيخ اليراغى من ناحية (كوره) الى ناحية (أوار) مع أهله وعياله فأقام أولا فى قرية كيمرة ثم فى قرية بلكان وفى الأخير أقام فى قرية ثغور ثلث سنين وأربعة أشهر ومات فيها فى اثناء الوضوء سنة 1254 فى 13 جمادى الاولى يوم الاثنين فى وقت العصر فاجتمع عليه علماء القرية وصلحائهم وصلوا عليه صلاة الجنازة ودفنوه فى مقبرة ثغور ضحوة يوم الثلثاء وقبره مشهور يزار رضى الله عنه. وفى امثال هذه المحن والفتن قال اليراغى هذه القصيدة:
تعلّمْ يا أخى انا رضينا ـ بلاءً فيه جلبٌ للمتاب
وكم آى كذا الأخبار فيها ـ جزا صبْرٍ جميلٍ للمصاب
وبشر آية فيها ضروب ـ من العليا حواها ذو صواب
ذوو الايمان كانوا فى الاصابة ـ كجسمٍ واحدٍ مرمى الشهاب
اذا شكى له عضوٌ تداعى ـ جميع الجسم حتّى الخراب
بمعنى ذا روى جمعٌ ثقات ـ حديثا فيه من فرد الصّحاب
فكونوا صابرين من البلايا ـ كما كنا تثابوا فى الاياب
بتاريخ حواه سلخ غَرْمَه ـ سقانا الله ما فى ذا الكتاب
تجرّعتا بكأسٍ بعد كأسٍ ـ لها عجب دهاقا من شراب
إلهى كن صفوحًا عن فقير ـ رجى عفوًا وتلقين الجواب
سمى كن شفيعًا فى القيام ـ نحز فوزًا بقربات الثواب
كان رحمه الله عمدة العلماء والأعلام شيخ الأنام زين الملة والاسلام مجدد الشريعة ومرشد الطريقة عارفا بربّه زاهدا عن الدنيا لدينه مكبا على عبادة الله تعالى وحافظا لكلام الله المجيد مهاجرًا فى سبيل الله كان عضدًا للامام الغازى محمد وبعده الامام شامل أفندى ومات فى عـصره رضى الله عنهم ويوجد له آثار وقصائد وتائياته الكبرى والصغرى فى المدحيّات والسّير مطبوع رحمه الله تعالى.
نزهة الاذهان فى تراجم علماء داغستان - نذير بن محمد حاج الدركيلى الداغستانى