محمد أبي عبد الله بن الطالب بن سودة المري الفاسي التاودي

تاريخ الولادة1128 هـ
تاريخ الوفاة1207 هـ
العمر79 سنة
مكان الولادةفاس - المغرب
مكان الوفاةغير معروف
أماكن الإقامة
  • المدينة المنورة - الحجاز
  • مكة المكرمة - الحجاز
  • فاس - المغرب

نبذة

محمد أبي عبد الله بن الطالب بن سودة المري الفاسي التاودي المالكي الإمام الفقيه المحدث البارع المتبحر عالم المغرب قال العلامة الجبرتي ولد بفاس سنة ثمان وعشرين ومائة وألف، وأخذ عن أبي عبد الله محمد بن عبد السلام بناني الناصري شارح الاكتفاء والشفاء ولامية الزقاق وغيرها، والشهاب أحمد بن عبد العزيز الهلالي السجلماسي، قرأ عليهما الموطأ وغيره، والشهاب أحمد بن مبارك السجلماسي اللمطي، قرأ عليه المنطق والكلام والبيان والأصول والتفسير والحديث، وكان في أكثرها هو القارئ بين يديه مدة مديدة، وأذن له في إقراء الصحيح في حياته فألقى دروساً بين يديه، وكان يوده ويسر به ويقدمه على سائر الطلبة. ولما توفي ليلة الجمعة تاسع عشر جمادى الأولى سنة خمس ومائة وألف بالطاعون

الترجمة

محمد أبي عبد الله بن الطالب بن سودة المري الفاسي التاودي المالكي
الإمام الفقيه المحدث البارع المتبحر عالم المغرب قال العلامة الجبرتي ولد بفاس سنة ثمان وعشرين ومائة وألف، وأخذ عن أبي عبد الله محمد بن عبد السلام بناني الناصري شارح الاكتفاء والشفاء ولامية الزقاق وغيرها، والشهاب أحمد بن عبد العزيز الهلالي السجلماسي، قرأ عليهما الموطأ وغيره، والشهاب أحمد بن مبارك السجلماسي اللمطي، قرأ عليه المنطق والكلام والبيان والأصول والتفسير والحديث، وكان في أكثرها هو القارئ بين يديه مدة مديدة، وأذن له في إقراء الصحيح في حياته فألقى دروساً بين يديه، وكان يوده ويسر به ويقدمه على سائر الطلبة. ولما توفي ليلة الجمعة تاسع عشر جمادى الأولى سنة خمس ومائة وألف بالطاعون، تزاحم ذوو الجاهات فيمن يلحده في قبره، فكان الشيخ هو المتولي لذلك دون غيره، وتلك كرامة له، ورضوا بذلك، قال: وكلمته يوماً في شأن الحج متمنياً له ذلك فقال لي مشيراً إلى شيخه عبد العزيز الدباغ أن الناس قالوا لي جعلناك في حق فلا تخرج من هذه البلدة، وأنت ستحج وأعطيك ألف دينار وألف مثقال إن شاء الله تعالى، قال: ولم تكن نفسي تحدثني بالحج يومئذ ولم يخطر بالبال، ومن جملة مشايخ المترجم الفقيه المتواضع صاحب التآليف أبي عبد الله محمد بن قاسم جسوس، لازمه مدة وقرأ عليه كتباً، منها رسالة ابن أبي زيد، ومختصر خليل ثلاث مرات، مع مطالعة شروح وحواش، والحكم والشمائل وجميع الصحيح من غير فوت شيء منه، ومنهم حافظ المذهب الفقيه القاضي أبي البقاء يعيش ابن الزغاوي الشاوي، قرأ عليه طرفاً من الصحيح وغيره. توفي سنة خمسين ومائة وألف، كان منزله بالدوخ في أطراف المدينة، فنزل به اللصوص ليلاً فدافع عن حريمه وقاتلهم حتى قتل شهيداً رحمه الله تعالى، ومنهم قاضي الجماعة ومفتي الأنام أبي العباس أحمد بن أحمد الشدادي الحسني، قرأ عليه المختصر الخليلي من أوله إلى الوديعة أو العارية، وسمع عليه بعض التفسير من أوله، ومنهم الفقيه الزاهد القاضي أبي عبد الله محمد بن أحمد التماق قرأ عليه رسالة بن أبي زيد والحكم، والتفسير من أوله إلى سورة النساء، ومنهم الإمام الناسك الزاهد أبي محمد عبد الله محمد بن جلون، قرأ عليه الآجرومية وختم عليه الألفية مرتين، والمختصر الخليلي من أوله إلى اليمين، ولم يكن له نظير في الضبط والإتقان والتحرير، وهو أول شيخ أخذ عليه وذلك قبل البلوغ، وكان إذا قام من درسه عرض على نفسه ما قاله فيجده لا يدع منه حرفاً واحداً، ومنهم سيبويه زمانه أبي عبد الله سيدي محمد بن الحسن الجندوز، قرأ عليه الألفية فكان يملي من حفظه في أثنائه الشروح والحواشي، وشروح الكافية والتسهيل والرضي والمغني والشواهد وغير ذلك مما يستجاد ويستغرب، وقرأ عليه السلم والتلخيص، ومن إنصافه أنه لما قرب أواخره بلغه أن الشيخ ابن مبارك يريد أن يقرأه، فقام مع جماعة وذهب إليه ليسمع منه، وهذا من حسن إنصافه واعترافه بالحق، ومنهم أبي العباس أحمد بن علال الوجاري، قرأ عليه الألفية بلفظه ثلاث مرات، وشيئاً من التسهيل والمغني، وقد ذكر له بعض الشيوخ عن ابن هشام، أنه قرأ الألفية ألف مرة، فقال له بعض من سمعه وكم قرأتها؟ قال أما المائة فجزتها، فهؤلاء عشرة شيوخ. كذا لخصتها من إجازة المترجم للشيخ أحمد بن علي بن عبد الوهاب بن الحاج الفاسي في تاسع جمادى الثانية سنة ثلاث وألف.

وحج المترجم فقدم مصر سنة إحدى وثمانين ورجع عام اثنين وثمانين ومائة وألف، وعقد درساً حافلاً بالجامع الأزهر برواق المغاربة، فقرأ الموطأ بتمامه وحضر غالب الموجودين من العلماء، وأجاد في تقريره وأفاد، وسمع عليه الكثير أوائل الكتب الستة والشمائل والحكم وغيرها، وأجاز، ولقي بمكة أبا زيد عبد الرحمن بن أسلم اليمني، وأبا محمد حسين بن عبد الشكور صاحب الشيخ عبد الله الميرغني، والشيخ إبراهيم الزمزمي، وغيرهم. وبالمدينة أبا عبد الله محمد بن عبد الكريم السمان، وأبا الحسن السندي، وعبد الله جعفر الهندي، وغيرهم. وأجازوه وأجازهم، وعاد إلى مصر واجتمع بأفاضلها كالجوهري والصعيدي وحسن الجبرتي والطبلاوي والسيد العيدروس والشيخ محمود الكردي وعيسى البراوي والبيومي والعريان وعطية الأجهوري، وكان صحبته ولداه سيدي محمد وهو الأكبر وسيدي أبي بكر، خالي العذار جميل الصورة، وتردد على الشيخ حسن الجبرتي كثيراً وتلقى عنه بعض الرياضيات، وترك عنده ولديه المذكورين مدة إقامته بمصر، فكنا نطالع معهما سوية صحبة الشيخ سالم القيرواني والشيخ أحمد السوسي، ونسعر غالب الليل نراعي المطالعه والمغارب وممرات الكواكب، بالسطح حذاء خيط المساترة، ونراجع الشيخ فيما يشكل علينا فهمه وهو معنا في ناحية أخرى، وأوقفت سيدي أبا بكر على طريق رسم ربع الدائرة المقنطر والمجيب.
ومن تأليف المترجم حاشية على البخاري في أربع مجلدات، وحاشية على الزرقاني شارح خليل، وشرحان على الأربعين النووية، ومناسك حج، وشرح الجامع لسيدي خليل، وشرح تحفة ابن عاصم في القضاء والأحكام، والمنحة الثابتة في الصلاة الفائتة، وفتح المتعال فيما ينتظم منه بيت المال، وحاشية على ابن جزي المفسر، وحاشية على البيضاوي لم تكمل، وشرح المشارق للصاغاني ومنظومة فيما يختص بالنساء، أولها:

الحمد لله العلي الصمد ... ثم صلاته على محمد
وبعد فالقصد بهذا النظم ... تحصيل نبذة من المهم
إلى أن قال:
الدم صفرة وكدرة ترى ... من قبل من تحمل حيض قد جرى
مثل أقل الطهر والمعتاده ... عادتها تمكث مع زياده
ثلاثة إن لم تجاوز أكثره ... وبعد طاهر لدى من حرره
إلى آخرها، وكلفه سلطان المغرب خطة القضاء في ثلاث ومائتين وألف فقبلها كرهاً، وكانت فتاويه مسددة وأحكامه مؤيدة، مع غاية التحرز والصيانة والإتقان. وبالجملة فكان عين الأعيان في عصره ومصره، شهير الذكر وافر الحرمة مهيب الصورة، يغلب جلاله على جماله، قليل التبسم. ولما توفي محمد سلطان المغرب ووقع الاختلاف والاضطراب بين أولاده، اجتمع الخاصة والعامة على رأي المترجم، فاختار المولى سليمان وبايعه على الأمر بشرط السير على الخلافة الشرعية، والسنن المحمدية، وبايعه الكافة بعده على ذلك، وعلى نصرة الدين وترك البدع والمظالم والمكوس والمحارم، وكان كذلك.
ولم يزل المترجم على طريقته الحميدة، حتى توفي سنة سبع ومائتين وألف، وكان قد توفي قبله ولده السيد محمد سنة أربع وتسعين ومائة وألف، وتوفي بعده ولده السيد أبي بكر سنة عشر ومائتين وألف.

حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ابن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي.