كرنيليوس فنديك: Cornelius Van Dyck
طبيب عالم. هولندي الأصل. أميركي المولد والمنشأ، مستعرب. ولد في قرية من أعمال نيويورك، وتعلم الطب الصيدلية بمدرسة جفرسن (في فيلادلفيا) وأرسله مجمع المرسلين الأميركيين، للتبشير الديني في سورة، وهو في الحادية والعشرين من عمره، فقدم بيروت سنة 1840 وحذق العربية كل الحذق، وحفظ كثيرا من أشعارها وأمثالها ومفرداتها وتاريخها. وأنشأ مع بطرس البستاني مدرسة في عبية (بلبنان) وتنقل في الإقامة بين القدس ولبنان وصيدا. وتولى التعليم في الكلية الأميركية ببيروت، ويعد من مؤسسيها. واختلف مع پوست في لغة التعليم بها: پوست يصرّ على الإنجليزية، وهو يريد العربية، ونجح پوست فخرج فنديك مستقيلا سنة 1882 وتوفي في بيروت. له نحو خمسة وعشرين مصنفا عربيا،
أشهرها " المرآة الوضية في الكرة الأرضية - ط " و " النقش في الحجر - ط " ثمانية أجزاء، و " أصول علم الهيئة - ط " و " التشخيص الطبيعي - ط " و " الروضة الزهرية في الأصول الجبرية - ط " و " الأصول الهندسية - ط " و " أصول الكيمياء - ط " و " طب العين - ط " ونشر أبحاثا من كتاب " تاريخ الأطباء " له، في المقتطف .
-الاعلام للزركلي-
الدكتور كرنيليوس فانديك
1818م – 1895م.
ترجمة حياته
وكان والده يتعاطى
ولد الدكتور فانديك في قرية كندرهوك، من أعمال ولاية نيويورك بأميركا، في 13 أغسطس (آب) سنة 1818، ووالداه هولانديا الأصل من عائلة هاجرت إلى أميركا منذ مائتي سنة، وولد لهما سبعة بنين هو أصغرهم، وسمَّياه كرنیلیوس، فتلقی مبادئ العلم في مولده، فظهرت عليه مخائل النجابة والذكاء، وأتقن اللغتين اليونانية واللاتينية، فضلا عن اللغتين الإنكليزية والهولاندية اللتين رضعهما مع اللبن.
وحاز قصب السبق على رفاقه - وكلهم أكبر منه سنا – وكان والده يتعاطى مهنة الطب في تلك القرية، وله فيها صيدلية (أجزاخانة) فكان كرنيليوس يعمل ساعات الفراغ في صيدلية والده، وهو مع ذلك مغرم بالعلم عامل على اكتسابه بكليته، حتى جمع من تلقاء نفسه منبتة فيها كل النباتات البرية التي تنمو في تلك النواحي، وتعلم تجفيفها وتقسيمها وترتيبها بنفسه على نظام لينيوس، وسماها بأسمائها وهو صبي صغير، فكان ذلك دليل على ميله الفطري إلى العلم.
ثم أخنى الدهر على والده، فنكب بحادثة أذهبت كل ماله؛ ذلك أنه كفل صديقًا له على مال، فحان زمن الدفع فغدر الصديق، فاضطر هو إلى دفع المال، فاستغرق كل ما كان يملكه من متاع وعقار، فأصبح صفر اليدين، ولم يعد في وسعه تعليم أولاده في المدارس العالية.
أما صاحب الترجمة فكان - لشدة ميله إلى العلم - لا يفتر لحظة عن تدبير الوسائل للحصول على الكتب وهو في البيت؛ إما بالاستعارة، أو بالاستئجار بدريهمات يجمعها بشق الأنفس، أو أن يحفظ مضمونها بالسماع، وكثيرًا ما كان يتزلّف إلى بعض أصحاب الكتب التماسًا لمطالعة كُتُبهم، وكان في تلك القرية طبيب كريم الأخلاق، فيداره مكتبة، فلما آنس في الغلام ذلك الاجتهاد أخذته الحمية ودعاه إليه، وأباح له مطالعة كل ما يريده من الكُتُب، فأكبَّ على المطالعة يغترف العلم اعتراف الظمآن للماء الزلال، وكان في تلك المكتبة كتاب في علم الحيوان للعالم كيفيه الشهير، فدرسه حتى تفهمه جيدًا، ثم درس بنفسه كل ما تيسَّر له الوصول إليه من حيوان بلاده.
ولم يبلغ الثامنة عشرة من عمره حتى بلغ من العلم مبلغًا حسنًا، وصار يلقي خطبًا في فن الكيمياء على صف البنات، ولا يُستغرب بلوغ مثله هذا المقدار من العلم، ولكن الغريب أنه ناله بالرغم من ضيق ذات يده وقلة وسائل التعليم، ثم عكف على دراسة الطب على والده، وكان قد أتقن فَنَّ الصيدلة علمًا وعملًا، فرأى بعض ذوي قُرباه ما خصه الله به من المواهب الثمينة، فخافوا أن يحول الفقر بينه وبين خدماته لبني الإنسان، فأدخلوه مدرسة سبرنكفيلد، ثم مدرسة فيلادلفيا، وهناك نال الدبلوما الطبية مع لقب دكتور، وكانت مساعدة هؤلاء له أساسًا لأفضال هذا الرجل العظيم على بلادنا - جزاهم الله خيرا.
ثم اختاره مجمع المرسلين الأميركانيين مرسلًا وطبيبًا للديار السورية، ففارق الأهل والوطن وهو في الحادية والعشرين من عمره، وجاء مدينة بيروت فوصلها في 2 أفريل (نيسان) سنة1840م، وكان في بيروت عند وصوله حَجْر صحي على واردات أوروبا، فأقام في الحجر (الكرنتينا) أربعين يومًا، حفظ في أثنائها مائتي كلمة من اللغة العربية، ولم تطل مدة إقامته في بيروت فأوعز إليه أن يسير إلى القدس لتطبيب عائلات بعض المرسلين، ثم عاد إلى بيروت وشرع في تعلم اللغة العربية، فتعرف بالمرحوم المعلم بطرس البستاني، وكانا عزبين فأقاما معًا في غرفة واحدة، وائتلف قلباهما وتمكنت بينهما رُبُط المودة، وما برحت الصداقة بينهما متينة يتحدث بها أهل الشام حتى الآن.
ونذكر أننا شهدنا الصلاة على المرحوم البستاني يوم وفاته وقد طُلب من الدكتور فان ديك تأبينه، فوقف وقد تلعثم لسانه وارتعشت شفتاه، وخنقته العبرات ولم يقوَ على الكلام، ما خلا قوله: يا صديقي ورفيق صباي، كررها مرارا بصوت ممتزج بالبكاء فأبكى كل من حضر.
فتناول مبادئ القراءة العربية أولاً من إلياس فوار البيروتي، ثم قرأ على أبي بشارة طنوس الحداد الكفرشيمي، وأخذ شيئًا عن صديقه البستاني، ثم أتقن الفنون العربية على الشيخ ناصيف اليازجي والشيخ يوسف الأسير، فبرع فيها حتى صار من المعدودين في معرفتها، وحفظ أشعارها وأمثالها وشواهدها ومفرداتها وكل علومها، وأتقن التلفظ بها إتقانًا لم يسبقه إليه أحدٌ قبله من جالية الإفرنج على اختلاف أصولهم ولغاتهم، فإذا نطق لا تميز نطقه عن نطق أهل الشام مطلقًا، فضلا عما وعاه في حافظته من الأمثال الفصيحة، والعامية، حتى صار يضرب المثل بضربه الأمثال، وأتقن أيضًا اللغة العبرانية والسريانية.
وفي خريف سنة 1842م انتقل إلى عيتات بلبنان، واقترن هناك بالسيدة جوليابنت المستر بطرس آبت قنصل إنكلترا في بيروت، المشهورة بلطفها وحُسن أخلاقها - وفي الصفحة رسماهما بعيد الزفاف سنة 1852م.
وكان اقترانه هذا عونًا كبيرًا له على إتقان اللغة العامية وحفظ أمثالها؛ فقد كان لقرينته خادمة تُدعى أسماء، كانت نابغة في حفظ الأمثال العامية أشبه بقاموس حي لها، فكان الدكتور يأخذ عنها الأمثال والألفاظ العامية ويحفظها، حتى تمكّن منها - كما تقدم -.
ومما حكاه لنا أعرف الناس بأحواله، أنه لم يكن في منزله عند زفافه إلا ستة كراسي قش، وثلاث حلل، ومائدتان من خشب غير مدهون، وكانون من طين، غير ذلك كله لم يحطّ من منزلته، ولا قلل شيئًا من قدر خدماته.
ثم انتقل من عيتات إلى قرية عبيه، وهناك أنشأ مدرسة عبيه الشهيرة بمعاضدة صديقه البستاني، وكانت اللغة العربية قليلة الكتب التعليمية في الفنون الحديثة، فأخذ في تأليف الكتب اللازمة للتدريس، فألف كتابًا في الجغرافية، وآخر في الجبر والمقابلة، وآخر في الهندسة، وآخر في اللوغرثمات والمثلثات البسيطة والكروية، وسلك البحار والطبيعيات، ومعظم هذه الكتب مطبوع.
وبعد أن قضى في عبيه أربع سنوات بالتدريس والتأليف دعاه مجمع المرسلين إلى صيدا، وعهد بمدرسة عبيه إلى المرحوم سمعان كلهون، المشهور بالفضل والاستقامة والتقوى، وبقي الدكتور فانديك مع صديقه الدكتور طمسن في صيدا وتوابعها معلمًا واعظا ومبشرًا جائلًا من مكان إلى مكان، حتى تُوفي المرحوم عالي سميث سنة 1857م، فانتدب الدكتور فانديك لترجمة التوراة والإنجيل مكانه.
وعالي سميث المذكور من أفاضل المرسلين الأميركانيين، وكان قد باشر ترجمة الكتاب من اللغتين الأصليتين بمعاونة المعلم بطرس البستاني، وأتم ترجمة سفر التكوين وسفر الخروج إلا الإصحاح الأخير منه، وراجعهما وصححهما وترجم أسفارًا أخرى لم يراجعها، فلما انتدب الدكتور فانديك مكانه أبقى السفرين الأولين على حالهما، وترجم وراجع ما بقي، وعانى في غضون الترجمة أتعابًا جزيلةً في التفتيشعن أصل كل لفظة باللغات الأصلية وتطبيقها على العربية، ما جعل الترجمة الأميركانية كما وصفناها في كلامنا على ترجمات التوراة في السنة الثانية من الهلال، وتولى مع الترجمة إدارة المطبعة الأميركانية المشهورة، وحَسَّنَ فيها وزاد الحركات على الحروف، حتى صارت منْ أحسن مطابع المشرق وأشهرها، وأتم الترجمة سنة 1864م، وبعثه مجمع المرسلين إلى الولايات المتحدة سنة 1865م ليتولى أمر طبعها وتصفيح صحائفها بالكهربائية هناك، فأقام في الولايات المتحدة سنتين حتى أَتَمَّ هذا العمل، وعاد إلى سورية سنة 1867م.
وكان أثناء إقامته في أميركا هذه المرة يدرس العبرانية في مدرسة يونيون اللاهوتية، وكثيرًا ما كان الطلبة يعافون درس هذه اللغة ويأبون الحضور في ساعة تدريسها؛ لصعوبتها وعدم مناسبة أسلوب إلقائها، أما هو فغير أسلوب التدريس، وجعل يعلمهم إياها كلغة حية، فصار الطالب يجد في درسها معنى ولذة، ويرغب في تحصيلها، فتقاطر الطلبة إلى صفّه وتكاثر عددُهُم، فلما رأت عمدة المدرسة ذلك عرضت عليه أن يبقى أستاذا للعبرانية فيها، وعيَّنت له راتبًا كبيرًا، فاعتذر عن قبوله قائلًا: قد تركت قلبي في سورية، فلا لذة لي إلا بالعودة إليها.
وتم في تلك الأثناء إنشاء المدرسة الكلية السورية في بيروت على نفقة جماعة من أهل البر في الولايات المتحدة بأميركا، فعرضت عليه عمدة تلك المدرسة الكبرى في أميركا أن يكون أستاذا فيها، فأجابها إلى ذلك، ثم طلبت إليه أن يعيّن راتبه السنوي بنفسه، فكتب 800 ريال مع أن راتب أصغر أساتذتها لا يقل عن 1500 ريال؛ وإنما فعل ذلك حُبًّا بخير البلاد ونَفْع أهلها.
وَلَمَّا وصل بيروت باشر تأسيس المدرسة الكلية الطبية مع صديقه الدكتور يوحنا ورتبات، ووضعا وحدهما نظامًا لدروسها، وشرعا في التعليم لا يحاسبان على أتعاب، ولا ينظران إلى مكافأة أو مدح، ولما رأى الدكتور فانديك أن المدرسة تفتقر إلى أستاذ يدرس الكيمياء فيها أقبل من فوره على تدريسها، وهو إنما عُيّن أستاذًا لعلم الباثولوجيالا لغيره.
ولم يكن في المدرسة – حينئذ - مِنْ أدوات الكيمياء إلا قضيبٌ مِنْ زُجاج وقنينة عتيقة، فأنفق مائتي ليرة إنكليزية من ماله لاستحضار ما يلزم من الأدوات، وألفَ كتابه المشهور في مبادئ الكيمياء لتدريس التلامذة، وطَبَعَه على نفقته وهو يعلم أنه لا يسترجع نفقات طبعه قبل مماته وما زال يدرّس هذا الفن ست سنوات متوالية ينفق على لوازم التدريس من جيبه، وعينت عمدة المدرسة أستاذًا للكيمياء، فجاء وبقي سنتين يتعلم العربية ويقبض أجرته، والدكتور فانديك يدرس مكانه مجانا؛ حبًّا بمصلحة المدرسة وخير أبناء البلاد، ولَمَّا تولَّج أستاذ الكيمياء أشغاله ترك الدكتور فان ديك للمدرسة كل ما أنفقه عليها، ولم يأخذ مقابله إلا مائة ليرة إنكليزية.
ولم يقتصر الأستاذ على ذلك، ولكنه تولج منصبًا ثالثًا لتعليم علم الفلك؛ لأن المدرسة لم يكن في وسعها القيام بنفقة تدريسه، فتبرع هو بتدريس هذا الفن مجانًا، وأَلَّفَ كتابًا له وطبعه على نفقته أيضًا، كما طبع كتاب الأنساب والمثلثات والمساحة والقطوع المخروطية وسلك البحار.
ولم يكن في المدرسة آلاتٌ فلكية يُعتد بها، فما لبثت أن شرعت في بناء مرصدها حتى ابتاع له آلات بقيمة سبعمائة ليرة إنكليزية من ماله الخاص، وأثثه وفرش فيه على نفقته، واشتهر ذلك المرصد باسمه في المشارق والمغارب، ولما خَلَفه معاونه في تدريس علم الفلك الوصفي ألَّف كتابًا في الفلك العملي، وجعل يعلم به الطلبة على الآلات، وكان - مع تدريسه الباثولوجيا والكيمياء والفلك - يتولى إدارة المطبعة الأميركانية، فينتقد ما يُطبع فيها من الكُتُب، ويهتم بتأليف النشرة الأسبوعية، ويطبب في المستشفى البروسياني، وكان المرضى يتقاطرون عليه أفواجًا أفواجًا حتى بلغ عددُهُم الألوف في السنة، فضلًا عن تأليف الكتب العلمية والطبية والدرس والمطالعة والامتحانات العلمية وحضور الجمعيات النافعة ومراسلة العلماء في سائر أقطار الأرض، مما يعجز جماعة من الرجال عن القيام به.
وفيما هو لاهٍ بأشغال التأليف والتدريس والرصد والمراسلات العلمية عما سواها من مطامع البشر، نُكبت المدرسة الكلية بحادث شوَّه تاريخها، ولا نريد ذكره؛ لأن فيه إثارة الأحقاد وتكدير العواطف، ولكننا نقول – بالإجمال - إن الدكتور فانديك أظهر في ذلك الحادث شهامةً وغيرةً وشرفا ومروءةً تُذكر له مدى الدهر؛ لأنه ضحى مصلحته الخصوصية انتصارا للحق والعدل، فاعتزل عن المدرسة محتملا آلام فراقها وملام ذوي الأغراض؛ محافظة على مبادئه، فعوضته المدرسة عما ترك في مرصدها خمسمائة ليرة إنكليزية دفعتها له أقساطًا.
وما زال يطبب في المستشفى البروسياني على جاري عادته حتى سعى البعض في صد فؤاده عن بني الوطن، فترك المستشفى على غير رضى منه، لكنه إنما تركه ليحيي في الوجود مستشفى مارجرجس لطائفة الروم الأرثوذكسيين، فكان له في تأسيسه وإنشائه أيادٍ تُذكر، وما زال يطبب المرضى فيه ويبذل ما في وسعه في تنشيطه أدبيًّا وماديا إلى أواخر أيامه، والطائفة الأرثوذكسية لا تنسى فضله في ذلك.
وفي 20 أفريل سنة 1890م احتفل أهل سورية بمرور خمسين عاما على إقامته بينهم، فأقاموا له يوبيلاً شاركهم فيه أفاضلُ المشارقة في مصر والعراق وغيرهما بالاكتتاب، وتقاطرت عليه الرسائل والقصائد وكتب التهنئة من وجهاء سورية وأمرائها وجمعياتها وبطاركتها وأساقفتها ومجامعها، على اختلاف المذاهب والنحل، وملأت جرائد القُطرين السوري والمصري أعمدتها بذكر مآثره وأفضاله وأعماله، ولولا ضيق المقام لجئنا ببعض ما قيل فيه، ولكن ذلك مجموع في كتاب مطبوع على حدة بمطبعة الأميركان ببيروت من أراد التفصيل فليطالعه.
اليوبيل الخمسيني
لَمَّا دنى اليوم الثاني من أفريل سنة 1890م، وهو اليوم الذي وطئت به قدم الدكتور أرض الشام منذ خمسين عاما، اجتمعت فئة من وُجُوه بيروت على اختلاف مذاهبهم وألفوا لجنةً تجمع ما تَيَسَّرَ من المال لتبذله في تقديم هدية لحضرته؛ دليلًا على إقرارهم بفضله، واعترافهم بمقدار خدماته.
وقبل مباشرة العمل سارت اللجنة إلى دولة الوالي إذ ذاك (عزيز باشا) واستأذنته، فنشطها كثيرًا، ومما قاله لها: يسرني أن أرى السوريين يعترفون بالجميل ويقدرون خدم الرجال حق قدرها، وهو دليل على تَمَدُّنهم ورقة عواطفهم، ولا ريب أن سيدنا ومولانا الخليفة الأعظم يشترك مع رعيته الأمينة في مكافأة الرجل الذي خدم الإنسانية في بلاد جلالته خمسين عامًا.
فعادت اللجنة وقد اشتد عزمها، وباشرت العمل بالاكتتاب فآنست من السوريين وغيرهم رغبة شديدة في تنشيط مشروعها، وأنعم جلالة السلطان الأعظم في أثناء ذلك على الدكتور بالنيشان المجيدي من الرتبة الثالثة؛ مشاركة لرعيته في إكرامه، وما زالت اللجنة تكاتب الجهات وتنشر أعمالها في الجرائد والمجلات حتى جاء يوم اليوبيل فإذا في صندوقها خمسمائة ليرة، فتفاوضت في ماذا تعمل بها، واستشارت دولة الوالي، فأجمع الرأي على أن تُقدَّم إليه نقدًا على شريطة أن لا يبذلها في سبيل الخير كعادته، بل يُبقيها في يده بالوجه الذي يختاره؛ علامة دائمة لما عند أهل الوطن من الشكر والمحبة له.
ولما كان صبح الأربعاء ٢ أفريل (نيسان) سنة 1890م سار أعضاء اللجنة إلى دار الأستاذ للقيام بفروض التهنئة وتقديم الهدية، فإذا بتلك الدار قد غصَّت بالوفود من المهنئين على اختلاف الأديان والنحل، والدكتور وقرينته جالسان في صدر القاعة يقابلان المهنئين بما جُبلا عليه من اللطف والأنس، فدخل أعضاء اللجنة وقدموا له عريضة مكتوبة على رق غزال، تتضمن إحساسات السوريين نحوه وإقرارهم بفضله، وتلاها الرئيس؛ وهاك نصها:
أيها السيد الجليل الفاضل:
روت عنك أخبار المعالي محاسنًا كفت بلسان الحال عن ألسن الحمد
لَمَّا علم السوريون بلوغكم نهاية السنة الخمسين منذ حضوركم إلى سورية، وعرفوا أنكم شغلتموها بخدمة الوطن؛ رأوا مما توجبه خدمه الإنسانية إشعاركم بما في أفئدتهم من عواطف الشكر على ما لكم من الأيدي البيضاء عندهم في كل هاتيك السنين، ولم يفُتهم أنكم منذ وطئتم أرضهم نهجتم المنهج السوري حتى صرتُم كأحد أبناء سورية، وشربتُم حبها، ورغبتم في نفعها، وجعلتم غاية حياتكم إفادة سكانها، فألفتم كثيرًا من مفيدات الكتب على اختلاف صنوفها، من أدبية وعلمية وطبية، وسعيتم في تشييد صروح العلم ونوادي الخير، وعلَّمتم الفقراء والمرضى؛ فنشأ من مساعيكم وأتعابكم عظيم الفوائد لشبَّان هذا القطر، وقد صار كثيرون من تلامذتكم فيه كهولا، وشارككم بعضهم في الشيخوخة، وهم جميعا موقنون أنه ما حملكم على ذلك سوى حب الإنسانية بخلوص أثبتته شواهد السنين.
وعلى ما ذُكر، اختاروا لجنة تنوب عنهم في التهنئة لكم بإدراككم هذا اليوم الموافق ليوم دخولكم سورية في سنة 1840م، وفي التصريح بأطيب الثناء عليكم لما سبق بيانه من مناقبكم ومآثركم، وفي سؤال المثيب الكريم أن يطيل بقاكم ويجعل سائر أيامكم زمن راحة وسلام، وتقديم هدية منهم على اختلاف الملل والمذاهب، وهي وإن تكن أمرا يسريًا لا تقتصر عن أن تكون آية ما في قلوبهم من خالص الشكر لجنابكم؛ وفي الختام نسأله (تعالى) أن لا يضيع لكم أجرا، وأن يجزيكم خير الجزاء، آمين.
فأجابهم الدكتور والدموع تتلألأ في عينيه من الفرح قائلا:
ليس لديَّ ألفاظ تعرب عما في قلبي، فالأجدر بي قبول إكرامكم بالسكوت الأبكم، وهو شاهد لا تحتاج شهادتُه إلى تزكية، ومن أقوى حاسياتي اليوم أني لم أفعل شيئًا يستحق من حضراتكم كل هذا الالتفات، وإذا كان الله (سبحانه وتعالى) قد فسح في أجلي حتى أقضي في هذه الديار 50 سنة، فلست أرى أن ادَّعي لنفسي جميلا، على أني أصرِّح قدام الله والناس أني أقمت بين أهل الشرق بكل نية صافية، ولم أقصد غري نفع جيلي وترقيته، وتخفيف الأثقال على قدر الاستطاعة، وهذا من فضل الله يؤتيه من يشاء.
إلى أن قال:
فأقدم لحضراتكم الشكر الجزيل من صميم القلب، وأرجو أن تنوبوا عني في إبلاغ شكري وامتناني لكل من شارككم في هذا الاكرام؛ ولا سيما أصحاب َ الجرائد الذين سعوا في المعونة على ما أجريتموه؛ أي من الجرائد المصرية: الأهرام والمقتطف والشفاء واللطائف والمقطم، أما الجرائد السورية، أعني: لسان الحال وبيروت والثمرات والصفاء والمصباح والتقدُّم؛ فلا أتجاسر أن أتفوه من جهتها؛ لأن (القاق في الجوزة) جزاكم وإياهم الله عني كل خير في الدنيا والآخرة، وأدام لنا مليكا رتعنا تحت ظله بالأمن والسلام.
ثم نهض جماعةٌ من العلماء والشعراء وأرباب المناصب العالية وغيرهم من وجهاء البلاد، وتلَوا القصائد والخطب في تهنئة حضرته وتقديم الهدايا؛ ومن جملة ما قُدم إليه منها صورته بالفوتوغرافية مرسومة كبرية على صفيحة من البلور، يحيط بها برواز شرقي جميل، ومكتبةٌ ثمينةٌ مصنوعةٌ من خشب الجوز، وفيها تآليفه مجلدة تجليدا متقنا قدمها إليه المرسلون الأمريكان في سورية، وطاقم قهوة فضي قدمته عمدة مستشفى ماري جرجس للروم الأرثوذكس، وكتاب فوتوغرافي (ألبوم) من عمدة المستشفى البروسياني، وغير ذلك.
أعماله ومؤلفاته:
قضى الأستاذ العلامة - رحمه الله - نيِّفا وخمسا وخمسين عاما في سورية، وهو (كما وصفته جمعية الروم الأرثوذكس) لا تنفتح في الصبح عيناه إلا عن لائذ بجنابه، ولا تسري في النهار قدماه إلا إلى معونة أعدائه وأصحابه، ولا يغلق في المساء بابه إلا على منصرف مرتض واقف في بابه، ولا يأوي في ليلته غرفته إلا لينكب على مكتوباته وكتابه؛ حياة امتلأت بطاعة الحداثة، ونشاط الصبا، ومروءة الفتوة، وإقدام الشباب، ومقدرة الكهولة، وحكمة الشيخوخة، وهي في كل أدوارها ذكاءٌ وفطنة، ودرس ومعرفة، وعلم وعمل، واستفادة وإفادة، وعبادة الله، وحب للقريب وخدمة للإنسانية.
وزد على ذلك قيامه بتنشيط المشروعات العلمية والأدبية، فلم تقم جمعيةٌ علميةٌ أو أدبية إلا كان هو المنشط في إمشائها، ولا أنشئت مدرسة إلا كانت له يد بيضاء فيها، وهكذا قُل عن المستشفيات والكنائس، ولا يقتصر في مساعدته على التنشيط الأدبي، ولكنه يجود بالبذل والعطاء والخدمة الشخصية علما وعملا، لا ينظر في كل ذلك إلى مذهب دون آخر، أو طائفة دون أخرى، فهذا مستشفى القديس جاورجيوس للطائفة الكاثوليكية ببيروت، فإن الدكتور أول من فتح جيبه لتنشيطه، وقضى بضعة عشر عاما يطبِّب مرضاه، ويخفف أسقامهم، ويلطف أحزانهم برقته وإيناسه، وهذه الجمعيةُ السورية لا يُذكر اسمها إلا مقرونًا باسمه؛ فإنها أول جمعية تأسست في بلاد الشام، وهو الواضع لأساسها؛ اسأل جمعية شمس البر والمجمع العلمي الشرقي، اسأل المجامع الدينية الإنجيلية، ناهيك بما أفاده بعظاته وخطبه ومراسلاته، بل ما قولك بما آثره بقدرته، فإن من يجاوره أو يعاشره لا تلبث أن تراه قد اكتسب شيئًا من أخلاقه وهو لا يدري، فيعكف على اكتساب العلم وخدمة الوطن.
مما نذكره له ونعده خدمة كبرى إيعازه إلى أحد منشئي المقتطف أن ينقل كتاب سر النجاح إلى اللسان العربي، فإن نشر هذا الكتاب النفيس بني قرائها أثَّر تأثيرا كبيرا في بعثة العلم والعمل بينهم؛ لأنه كتاب لم يكتب علماء الأخلاق والأعمال على مثاله، ولا ريب عندنا أنه كان سببًا كبيرا في إنهاض الذين قرأوه؛ وخصوصا الشبان، فإن مطالعة ما فيه من سير رجال العلم والعمل تثير في أنفس الأحرار رغبة في الاقتداء بهم والنسج على منوالهم، على أن في سيرة أستاذنا (رحمه الله) ما يُغني عن مطالعة ذلك الكتاب.
ومن أعماله أنه كان أكبر مساعد في تأسيس المدرسة الكلية السورية والمرصد الفلكي والمتريولوجي، وكان دعامة أعمال المرسلين الأمريكانين في سورية، ومن أقوى أركانهم في نشر تعاليمهم وبث روح العلم والعمل بغير أن يمس كرامة طائفة من الطوائف، إلا ما قد سيق إليه سوقًا مما يعد من قبيل المناظرة أو المسابقة؛ وهذا هو سبب إجماع الناس على اختلاف طوائفهم على احترامه وحبه.
أما مؤلفاته فتشمل أهم العلوم الحديثة، وهو أول من نشر تلك العلوم بالعربية في سورية، فألف فيها وأجاد، فضلا عما كان ينشره من قلمه في النشرة الأسبوعية، ومما صححه أو ترجمه من الكتب الدينية؛ وخصوصا التوراة، وأما مؤلفاتُه المطبوعة فهي:
- الباثولوجية الداخلية الخاصة: وتبحث في مبادئ الطب البشري النظري والعملي، في مجلد ضخم.
- محيط الدائرة في العروض والقوافي.
- المرآة الوضية في الكرة الأرضية، طبعت غير مرة
- الروضة الزهرية في الأصول الجبرية
- الأصول الهندسية
- التشخيص الطبيعي.
- الأنساب والمثلثات المستوية والكروية ومساحة السطوح والأجسام والأراضي وسلك الأبحر.
- أصول الكيمياء.
- رسالة الجدري للرازي، مع ملحق بقلم الدكتور
- أصول الهيئة في علم الفلك.
- محاسن القبة الزرقاء.
- النقش في الحجر، في تسعة مجلدات صغيرة، كل منها يبحث في علمُ العلُوم الحديثة؛ كالفلسفة الطبيعية والكيمياء والجغرافية الطبيعية والنبات والفلك والجيولوجيا وغيرها؛ يُراد بها تعليم هذه العلوم في المدارس العالية، أو نشرها بين الذين شبوا وتعاطوا التجارة أو الصناعة ولم يدرسوا شيئًا منها.
- النفائس لتلامذة المدارس.
- قصة شونبرج وبركا، وهما دينيَّان.
صفاته وأخلاقه:
كان ربع القامة مع ميل إلى القصر، خفيف العضل، سريع الحركة، وقد أمسى في أواخر أيامه شيخا هرما طويل اللحية والشاربين أشيَبَهما، خفيف الشعر، ولكنه ما انفك علىَ شيخوخته، طلق المحيا باشَّه، وديعا، لطيف الحديث، رقيق الجانب، لطيف المعشر، أو كما قيل فيه: قد جمع إلى حكمة الشيخوخة مقدرةَ الكهولة وإقدام الشباب ومروءة الفتوة ونشاط الصبا وطاعة الحداثة.
ومن أخلاقه حسن الطوية، والإخلاص في عمله، وهو السبب الرئيسي فيما ناله من الشهرة وملكه من قلوب السوريين. وفي اعتقادنا أن المرء لا يفوز في عمله ولا يجمع الناس على مدحه إلا إذا أخلص النية في خدمتهم، ولا يفلح المراءون.
ومنها اقتداره على العمل، وقد علمت - مما تقدم - أنه عمل أعمالا لا يستطيعها جماعة من الرجال، وكان ذلك من أكبر أسباب نجاح الإرسالية الأمريكانية في بلاد الشام؛ فإنها قامت بأربعة من أفاضلهم، امتاز كل منهم بصفات لا بد منها في قيام مشروعهم؛ وهم: عالي سميث، ووليم طمسن، وسمعان كلهون، والدكتور فانديك، فامتاز الأول بالتأني والتدقيق، والثاني بالسياسة والتدبير، والثالث بالتقوى والورع.
وامتاز أستاذنا (رحمه الله) بالعلم والعمل، وكان يحب كل العلوم؛ وخصوصا علم الفلك.
ومنها حرية الضمير قولا وعملا؛ فهو أبعد الناس عن المدالسة والمواربة، لا يحتمل الحق ولا يطيق الإجحاف، ومن أقرب الأدلة على ذلك أنه ترك المدرسة الكلية واحتمل َضيْم فراقها، وأنكر ذاته وتنازل عن مصلحته الخصوصية إذعانًا لحرية ضمريه؛ فإنه لم يستطع المشاركة في الحكم على شبَّان لم يطلبوا إلا العدل والحق، ومن هذا القبيل حدة طبعه في شبوبيته، وحُّر الضمير يغلب أن يكون حاد الطبع؛ لعدم صبره على المدالسة والمماطلة ومن قبيل ذلك أيضا استنكافُه من المدح وتحاشيه كل ما تُشم منه رائحة الفخر.
ومنها الإقدام والإنجاز؛ فإنك لا تكاد تلتمس منه أمرا حتى تراه قد باشره حالا، وهي خلة لا بد منها في قيام الأعمال ونجاح المشروعات؛ فالأستاذ (رحمه الله) كان مقصدا للطلاب وملجأ للسائلين والمستفيدين، لا يخلو منزلُه من مستشير أو مستفيد أو ملتمس، فضلا عن مراسلات الأدباء ومكاتبات تلامذته المتفرقين في أربعة أقطار المسكونة.
ومن أكره الأمور لديه التأجيل؛ فهو لا يؤجل إلى الغد ما يستطيع عمله اليوم، ويبكر في عمله فيستيقظ باكرا، ويقضي طول نهاره عاملا، وقد قال إنه اعتاد ذلك منذ صباه؛ لأن والدته غرست في ذهنه أن من استيقظ باكرا ساق عمله أمامه، ومن استيقظ متأخرا ساقه عمله.
ومنها رباطة الجأش؛ فهو لا يهاب الأهوال، وقد ربَّى أنجالَه على ذلك، فكان يرسل أولاده للصيد أو ركوب الخيل منفردا وهو حوالي العاشرة من عمره، وقد يبعث به إلى بلد آخر ليلا ولا يخاف عليه شرا، فإذا لامتْه والدتهم على ذلك أجابها: «أتُريدين أن يشب أولادك على الجبن والضعف؟» وكان في شبوبته يحب الخيل ويقتني الجياد منها.
ومنها أنه كان مغرما بأمرين:
الأول: أشغاله وتآليفه.
والثاني: أهله وأولاده.
ولم يكن يحب الدعوات إلى الأفراح، ولا يأنس باللهو والطرب.
ومنها النفور من الدَّين؛ فهو يكره الديْن كرها شديدا، وقد بالغ في ذلك حتى كان لا يلبس لباسا قبل أن يدفع ثمنه، وقد سمعناه مرة يلوم خيَّاطه؛ لأنه أرسل الثوب إليه ولم يرسل من يقبض ثمنه، قائلا: «ألعلك تريد أن لا ألبس هذه البدلة!» ومن أمثاله: «الحلاقة بالفاس ولا جميل الناس».
ومنها حبُّه للأمثال العامية والفصحى؛ فلا يرد في حديثه معنًى إلا أيده بمثل عامي، ولا تسأله عن لفظ فصيح إلا أورد عليه شعرا، فسئل كيف حفظ ذلك، فقال إنه اقتبسه من المرحوم الشيخ ناصيف اليازجي.
ومن أهم أوصافه تخلُّقه بأخلاق المشارقة، والتزيي بزيهم، واكتساب عوائدهم في الطعام والشراب واللباس، وكان أثناء إقامته في عبيه يلبس اللباس السوري الخاص بالأمراء في ذلك العهد، وهو السراويل من البفتا البيضا (العنبركيس)، والمنطقة الحريرية الطرابلسية، وكبران من الجوخ الأزرق عليه تطريز بالقبطان الأسود، وعلى رأسه طربوش مغربي ذو زر طويل (شرابة).
فكان إذا مشى أو ركب تحسبه من الأمراء، ولكنه اضطر إلى العدول عنه إلى اللباس الإفرنجي كرها؛ وسبب ذلك أنه دعي مرة لتطبيب أحد وجهاء عبيه، فركب وسار بركابه خادم ذلك الوجيه، فاتفق في أثناء عودته الشروع في الثورة التي حصلت قبل حادثة 1860م بين النصارى والدروز، فرآه بعض الدروز بذلك اللباس فظنوه من أمراء بني شهاب فهموا بقتله، ولم ينج من بني أيديهم إلا بعد الجهد، وعول من ذلك الحين على اللباس الإفرنجي.
على أنه ما انفك ميالا إلى لباس المشارقة؛ فيلبس في منزله طربوشا من المخمل الأسود أو الأزرق مطرزا بالقصب، تتدلى منه شرابة من القصب، ويلتف بعباءة واسعة كما تراه في الرسم وهو يدخن النارجيلاء في منزله أمام غرفة المطالعة، وقد تخلَّق بأخلاق المشارقة، وأحب أهل المشرق، فالسوريون على اختلاف طوائفهم ومشاربهم يعتبرونه أبًا لهم، أما هو فقد برهن على حبه لهم ببذل عمره وصحته في خدمتهم، وما كسبه من أغنيائهم أنفقه على فقرائهم؛ فخدم الفئتين جسدا ونفسا وعقلا.
وكان تقيٍّا حسن العقيدة، عن روية وحسن نظر لا عن تسليم وسذاجة، ومن أثمن ما نطق به وصيته لنجله المستر إدوار أثناء زيارته له في أواخر أيامه؛ وهي: «احذر أن يخدعك أحد فيسلبك اعتقادك في مبادئ الديانة المسيحية؛ فإنها الركن الوحيد الذي يمكننا الاعتماد عليه في مصائبنا وأمراضنا وشيخوختنا، أما ما وراء تلك المبادئ مما هو موضوع اختلاف اللاهوتيين فكله إبهام وظلمة.
تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر، تأليف جُرجي زيدان، ج/2 – ص: 53 – 66.