عبد القادر بن أحمد بن عبد القادر بن الناصر

الكوكباني

تاريخ الولادة1135 هـ
تاريخ الوفاة1207 هـ
العمر72 سنة
مكان الولادةصنعاء - اليمن
مكان الوفاةصنعاء - اليمن
أماكن الإقامة
  • المدينة المنورة - الحجاز
  • مكة المكرمة - الحجاز
  • اليمن - اليمن
  • ذمار - اليمن
  • صنعاء - اليمن
  • كوكبان - اليمن

نبذة

عبد القادر بن أحمد بن عبد القادر بن الناصر، من سلالة الإمام المهدي أحمد بن يحيى: محدث مجتهد، من علماء الزيدية باليمن. مولده ووفاته بصنعاء. نشأ بكوكبان، وإليها نسبته، وتنقل في اليمن، وسافر إلى مكة والمدينة فأخذ عن علماء كل بلد. واستقر في كوكبان زمنا.

الترجمة

عبد القادر بن أحمد بن عبد القادر بن الناصر، من سلالة الإمام المهدي أحمد بن يحيى:
محدث مجتهد، من علماء الزيدية باليمن. مولده ووفاته بصنعاء. نشأ بكوكبان، وإليها نسبته، وتنقل في اليمن، وسافر إلى مكة والمدينة فأخذ عن علماء كل بلد. واستقر في كوكبان زمنا. وهو أستاذ الشوكاني، وقد بالغ في الثناء عليه.فلك القاموس
له كتب، منها " مسند " في أسماء شيوخه، و " شرح نزهة الطرف " للأخفش الصنعاني، و " فلك القاموس " مدخل له، و " حواش " على ضوء النهار، ورسالة في " تحقيق بعض العقاقير الطبية " وله نظم .

-الاعلام للزركلي-

 

 

 

السيد عبد القادر بنُ أحمدَ بنِ عبدِ القادر، الكوكبانيُّ.
قال في "البدر الطالع": هو شيخنا، الإمام المحدث الحافظ المسند، المجتهدُ المطلق، ولد - كما نقلته من خطه - في سنة 1135، نشأ بكوكبان، ثم ارتحل إلى صنعاء، فأخذ عن أكابر علمائها؛ كالعلامة السيد محمد بن إسماعيل الأمير، وإني أذكر وأنا في المكتب مع الصبيان، سألت والدي - رحمه الله -: من أعلمُ الناسِ بالديار اليمنية؟ فقال: فلان - يعني: صاحب الترجمة -، وبالجملة: فلم تر عيني مثله في كمالاته، ولم أجد أحدًا يساويه في مجموع علومه، ولم يكن بالديار اليمنية في آخر مدته له نظير.

وهو - رحمه الله تعالى - من جملة من رغبني في تأليف "شرح المنتقى"، فشرعت فيه في حياته، وعرضت عليه كراريس من أوله، فقال: إذا كمل على هذه الكيفية، كان في نحو عشرين مجلدًا، وأهل العصر لا يرغبون فيما بلغ من التطويل إلى دون هذا المقدار، ثم أرشدني إلى الاختصار، ففعلت، فكمل بحمد الله، وبَيَّضْتُه في أربع مجلدات، ولم يكمل إلا بعد موته بنحو ثلاث سنين، وقد أجازني إجازة عامة كتبها لي، ولم تكن له كثرةُ اشتغال بتأليف، ولو أراد ذلك، لكان له في كل فن ما لا يقدر عليه غيره.
وله رسائل حافلة، ومباحث مطولة، وله "فلك القاموس" في كراريس، توفي - رحمه الله تعالى - سنة 1207، وتأسف الناس على فقده، ورثاه الشعراء بمراثٍ حسنات هي مجموعة في كراريس، وأنا من جملة من رثاه بقصيدة، مطلعها:
تَهَدَّمَ من رَبْعِ المعارفِ جانِبُهْ ... وأصبحَ في شُغْلٍ عن العلمِ طالبُهْ
وذكر له في "النفس اليماني والروح الريحاني" ترجمة حافلة، حاصلها قوله: السيد الإمام، إنسان عين الأعلام، صدرُ العلماء المعتمدين، بدر الأئمة المجتهدين، له العلوم الزاخرة، والأحوال الشريفة الفاخرة، والأخلاق النبوية، والسيرة المحمدية. ومن مشايخه الشيخان العلامتان: عبد الخالق بن أبي بكر، ومحمد بن علاء الدين المزجاجيان، ومن أهل الحرمين: السيدُ الإمام العلامة محمدُ بنُ الطيب المغربي الفاسي، وله من الأساتذة الكملة: نيف وثمانون شيخًا.
ومن المؤلفات ما يزيد على الأربعين مؤلفًا، منها: "حاشية القسطلاني"، و"حاشية الجلالين"، و"حاشية المطول" و"مختصره"، و"شرح كفاية المتحفظ".
ومن مشايخه الشيخ المسنِدُ محمد حياة السنديُّ المدنيُّ، وقد ترجمه وامتدحه عدة من العلماء الأعلام، منهم: القاضي العلامة، قال في جملة ترجمته: تسامى له السندُ العالي مع النسب الغالي، مظهرًا للسنة النبوية على رؤوس الأشهاد، مبكتًا لأهل البدعة في الحاضر والباد، ولقد قام بهذا الواجب أتمَّ القيام، وذبَّ عن سنة جدِّه بين الأنام، وأدخلها إلى أذهان الفقهاء المقلِّدين، وقبلَها من له الفهمُ المكين، والذهن السمين، وسلك طريق المتقين، ومال عن الاعتساف، وآض إلى الانصاف، فلله دَرُّه من عالم هُدَى، وأمال عن طريق الردَى، امتدحه السيد العلامة علي بن محمد بن علي بن أحمد اليمني بقصيدة أبان فيها أوصافَه الجميلة، وأياديَه الجزيلة، وقد استجاز منه لأولاده شيخُنا الوالد، فكتب الإجازة، انتهى.
التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول - أبو الِطيب محمد صديق خان البخاري القِنَّوجي.

 

السيد عبد القادر بن أحمد بن عبد القادر الكوكباني
قال في البدر الطالع: هو شيخنا الإمام المحدث الحافظ المسند المجتهد المطلق. ولد كما نقل من خطه سنة ألف ومائة وخمس وثلاثين، نشأ بكوكبان، ثم ارتجل إلى صنعاء، فأخذ عن أكابر علمائها كالعلامة السيد محمد بن إسماعيل الأمير. وإني أذكر وأنا في المكتب مع الصبيان أني سألت والدي رحمه الله من أعلم الناس بالديار اليمنية فقال السيد عبد القادر يعني صاحب الترجمة. وبالجملة فلم تر عيني مثله في كمالاته، ولم أجد أحداً يساويه في مجموع علومه، ولم يكن بالديار اليمنية في آخر مدته له نظير، وهو رحمه الله تعالى من جملة من رغبني في تأليف وشرح المنتقى، فشرعت فيه في حياته وعرضت عليه كراريس من أوله فقال: إذا كمل على هذه الكيفية في نحو عشرين مجلداً وأهل العصر لا يرغبون فيما بلغ من التطويل إلى هذا المقدار، ثم أرشدني إلى الاختصار ففعلت، فكمل بحمد الله وبيضته في أربع مجلدات، ولم يكمل إلا بعد موته بنحو ثلاث سنين. وترجمه في النفس اليماني والروح الريحاني بقوله: السيد الإمام إنسان عين الأعلام، صدر العلماء المعتمدين بدر الأئمة المجتهدين، له العلوم الزاخرة، والأحوال الشريفة الفاخرة، والأخلاق النبوية والسيرة المحمدية، من مشايخه الشيخان العلامتان عبد الخارق بن أبي بكر ومحمد بن علاء الدين المزجاجيان، ومن أهل الرحمين السيد الإمام العلامة محمد بن الطيب المغربي الفاسي. وله من الأساتذة الكملة نيف وثمانون شيخاً، ومن المؤلفات ما يزيد على الأربعين مؤلفاً: منها حاشية القسطلاني وحاشية الجلالين وحاشية المطول ومختصره وشرح كفاية المتحفظ، ومن مشايخه أيضاً محمد حياه السندي المدني، وقد ترجمه وامتدحه عمدة من العلماء الأعلام، منهم القاضي العلامة قال في جملة ترجمته: تسامى له السند العالي مع النسب الغالي، مظهر السنة النبوية على رؤوس الأشهاد، مبكتاً لأهل البدعة في الحاضرة والباد. ولقد قام بهذا الواجب أتم قيام، وذب عن سنة جده بين الأنام، وأدخلها إلى أذهان الفقهاء المقلدين، وقبلها من له الفهم المكين، والذهن السمين وسلك طريق المتقين، ومال عن الاعتساف وآض إلى الإنصاف، فلله دره من عالم هدى وأمال عن طريق الردى. امتدحه السيد العلامة علي بن محمد بن علي بن أحمد اليمني بقصيدة أبان فيها أوصافه الجميلة، وأياديه الجزيلة. توفي رحمه الله سنة ألف ومائتين وسبع.

حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ابن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي.

 

 

السَّيِّد عبد الْقَادِر بن احْمَد بن عبد الْقَادِر بن النَّاصِر بن عبد الرب بن علي بن شمس الدَّين
بن الإمام شرف الدَّين بن شمس الدَّين بن الإمام المهدي احْمَد بن يحيى قد تقدم تَمام نِسْبَة في تَرْجَمَة الإمام المهدي احْمَد بن يحيى وَهُوَ شَيخنَا الإمام الْمُحدث الْحَافِظ الْمسند الْمُجْتَهد الْمُطلق ولد كَمَا نقلته من خطه في شهر الْقعدَة سنة 1135 خمس وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وَألف وَنَشَأ بكوكبان فَقَرَأَ على من بِهِ من الْعلمَاء ثمَّ ارتحل إلى صنعاء فَأخذ عَن أكَابِر علمائها كالسيد الْعَلامَة مُحَمَّد بن إسماعيل الأمير وَالسَّيِّد الْعَلامَة هَاشم بن يحيى وَغَيرهم ثمَّ ارتحل إلى مَدِينَة ذمّار وَهِي إِذْ ذَاك مشحونة بعلماء الْفِقْه والفرائض فأخذ عَن شيوخها فِي الْفِقْه والفرائض ثمَّ تردد في جَمِيع مَدَائِن الْيمن وَأخذ عَن كل من لقِيه من الْعلمَاء ثمَّ ارتحل إلى مَكَّة وَالْمَدينَة فأخذ عَن عُلَمَاء الْحَرَمَيْنِ وشيوخه قد اشْتَمَل عَلَيْهِم مُجَلد حافل ذكر فِيهِ من أَخذ عَنهُ وَمن أجَاز لَهُ والأسانيد الَّتِى تلقاها عَن شُيُوخه وبقي مُهَاجرا فِي الْحَرَمَيْنِ نَحْو عَاميْنِ ثمَّ عَاد الى كوكبان وَصَنْعَاء ثمَّ استوطن كوكبان وَاسْتقر هُنَالك ينشر الْعلم ويفيد الطالبين وَمن جملَة من أَخذ عَنهُ أميركوكبان إِذْ ذَاك السَّيِّد الْعَلامَة أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن وَجَمَاعَة كَثِيرَة مِنْهُم السَّيِّد الْعَلامَة علي بن مُحَمَّد بن على وَمِنْهُم وَلَده السَّيِّد الْعَلامَة إبراهيم بن عبد الْقَادِر الْمُتَقَدّم ذكره وَكَانَ يفد إلى صنعاء فِي الأمور المهمة كوفوده عِنْد موت الإمام المهدي رَحمَه الله لمبايعة وَلَده مَوْلَانَا خَليفَة الْعَصْر الْمَنْصُور بِاللَّه حفظه الله وَكَانَ في مُدَّة إقامته هُنَالك قد طَار صيته في جَمِيع الأقطار اليمنية وَأقر لَهُ بالتفرد في جَمِيع أَنْوَاع الْعلم كل أحد بعد موت شَيْخه السَّيِّد الْعَلامَة مُحَمَّد بن إسماعيل الأمير وأني أذكر وَأَنا فِي الْمكتب مَعَ الصبيان أَنى سَأَلت وَالِدي رَحمَه الله عَن أعلم من بالديار اليمنية إذ ذَاك فَقَالَ فلَان يعْنى صَاحب التَّرْجَمَة وأخبرني الْعَالم الْفَاضِل عبد الرَّحْمَن بن الْحسن الريمي أَنه حضر في بعض المواقف بِصَنْعَاء وَقد كَانَ اجْتمع فِيهِ أكَابِر عُلَمَاء صنعاء وَسَمَّاهُمْ لي وكل وَاحِد لَهُ شهرة كَبِيرَة بِالْعلمِ والتفنن فِيهِ قَالَ وَمن جملَة الْحَاضِرين صَاحب التَّرْجَمَة وَهُوَ أَصْغَرهم سناً وَكَانَ ذَلِك في إحدى قدماته إلى صنعاء قَالَ فرأيتهم يتواضعون لَهُ ويخضعون لعلمه ويستفيدون مِنْهُ ويعترفون بارتفاع دَرَجَته عَلَيْهِم وَهَذَا الِاجْتِمَاع بَينه وَبَين قدوم شَيخنَا إلى صنعاء واستقراره فِيهَا سنُون كَثِيرَة فإنه قدم هَذَا الْقدوم الآخر الذي اسْتَقر فِيهِ وَلم يبْق من أُولَئِكَ الأعيان الَّذين كَانُوا في ذَلِك الْموقف أحد ثمَّ لما أَرَادَ الله إحياء عُلُوم الحَدِيث بل وَسَائِر الْعُلُوم بِصَنْعَاء جرت بَينه وَبَين أَمِير كوكبان السَّيِّد إبراهيم بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن مناكدة فأظهر أَنه يُرِيد الْخُرُوج من كوكبان إلى وادي ظهر للتنزه بِهِ أَيَّام الخريف فَأذن لَهُ السَّيِّد إبراهيم فَخرج وَاسْتقر أَيَّامًا بوادى ظهر وَمَا زَالَ يُرْسل لأَهله ولكتبه وَلِجَمِيعِ مَا يحْتَاج إليه ثمَّ كتب إِلَى الْوَزير الخطير الْحسن بن على حَنش الْمُتَقَدّم ذكره بِأَنَّهُ يُرِيد الِانْتِقَال إِلَى صنعاء فَرفع الْقَضِيَّة إِلَى خَليفَة الْعَصْر حفظه الله فَأذن بذلك وأنزله بدار الْفرج من بير الْعَرَب فسكن فِيهَا ووفد إِلَيْهِ أكَابِر عُلَمَاء صنعا وَأخذ عَنهُ جمَاعَة من أعيانهم كشيخنا الْعَلامَة الْقَاسِم ابْن يحيى الخولاني وَالسَّيِّد الْعَلامَة على بن عبد الله الْجلَال وَالسَّيِّد الْعَلامَة عبد الله بن مُحَمَّد الْأَمِير وَجَمَاعَة كَثِيرَة وَمِنْهُم الْعَلامَة الْحسن بن علي حَنش وَأخذت عَنهُ في عُلُوم عدَّة فَقَرَأت عَلَيْهِ في صَحِيح مُسلم من أَوله إِلَى آخِره بِلَا فَوت مَعَ بعض شَرحه للنووي وَبَعض صَحِيح البخاري مَعَ بعض من شَرحه فتح الباري وَبَعض جَامع الْأُصُول لِابْنِ الْأَثِير وَسنَن الترمذي من أَولهَا إلى آخرهَا بِلَا فَوت وَبَعض سنَن ابْن مَاجَه وَبَعض الْمُوَطَّأ وَبَعض الْمُنْتَقى لِابْنِ تَيْمِية وَبَعض شِفَاء القاضي عِيَاض وَسمعت مِنْهُ كثيراً من الأحاديث المسلسلة كالحديث المسلسل بِيَوْم الْعِيد والمسلسل بالمصافحة والمسلسل بالمشابكة وَغير ذَلِك وقرأت عَلَيْهِ في علم الِاصْطِلَاح بعض منظومة الزين العراقي وَشَرحهَا وفي الْفِقْه بعض ضوء النَّهَار وَبَعض الْبَحْر الزخار مَعَ حواشيهما وفي علم أصُول الدَّين بعض المواقف العضدية وَشَرحهَا للشريف وَبَعض القلايد وَشَرحهَا وَفِي أصُول الْفِقْه بعض جمع الْجَوَامِع وَشَرحه للمحلى وفى اللُّغَة بعض الصِّحَاح وَبَعض الْقَامُوس ومؤلفه الذي سَمَّاهُ فلك الْقَامُوس وفي الْعرُوض الجزازية وَشَرحهَا جَمِيعًا وَسمعت مِنْهُ في غير هَذِه الْكتب مِمَّا لم استحضره حَال تَحْرِير هَذِه التَّرْجَمَة وَكَانَت الْقرَاءَات جَمِيعهَا يجري فِيهَا من المباحث الْجَارِيَة على نمط الِاجْتِهَاد في الإصدار والإيراد مَا تشدّ إليه الرحال وَرُبمَا أنجرّ الْبَحْث إِلَى تَحْرِير رسائل مُطَوَّلَة وَوَقع من هَذَا كثير وَكنت أحرر مَا يظْهر لى فى بعض الْمسَائِل وأعرضه عَلَيْهِ فان وَافق مالديه من اجْتِهَاده فى تِلْكَ المسئلة قرظه تَارَة بالنظم الْفَائِق وَتارَة بالنثر الرَّائِق وَإِن لم يُوَافق كتب عَلَيْهِ ثمَّ أكتب على مَا كتبه ثمَّ كَذَلِك فإن بعض الْمسَائِل الَّتِى وَقعت فِيهَا المباحثة حَال الْقِرَاءَة اجْتمع مَا حررته وحرره فِيهَا إِلَى سبع رسائل وَكَانَ رَحمَه الله متبحراً في جَمِيع المعارف العلمية على اخْتِلَاف أَنْوَاعهَا يعرف كل فن مِنْهَا معرفَة يظن من باحثه فِيهِ أَنه لَا يحسن سواهُ وَالْحَاصِل أنه من عجائب الزَّمن ومحاسن الْيمن يرجع إِلَيْهِ أهل كل فن في فنهم الذي لَا يحسنون سواهُ فيفيدهم ثمَّ ينْفَرد عَن النَّاس بفنون لَا يعْرفُونَ أسماءها فضلاً عَن زِيَادَة على ذَلِك وَله في الأدب يَد طولى فإنه ينظم القصيدة الفائقة فِي لَحْظَة مختطفة بِحَيْثُ لَا يصدق بذلك إِلَّا من لَهُ بِهِ مزِيد اختبار وَمَعَ هَذَا فَفِيهِ من لطف الطَّبْع وَحسن المحاضرة وَجَمِيل المذاكرة والبشاش ومزيد التَّوَاضُع وَكَمَال التودّد وملاحه النادرة مَالا يُمكن إِلَّا حاطة بوصفه ومجالسته هي نزهة الأذهان والعقول لما لَدَيْهِ من الاخبار الَّتِى تشنف الاسماع والأشعار المهذبة للطباع والحكايات عَن الأقطار الْبَعِيدَة وَأَهْلهَا وعجائبهابحيث يظن السَّامع أَنه قد عرفهَا بِالْمُشَاهَدَةِ وَلم يكن الأمر كَذَلِك فإنه لم يعرف غير الْيمن والحرمين وَلكنه كَانَ باهر الذكاء قوي التَّصَوُّر كثير الْبَحْث عَن الْحَقَائِق فاستفاد ذَلِك في أَيَّام مجاورته في الْحَرَمَيْنِ لوفود أهل الأقطار الْبَعِيدَة إلى هُنَالك وَكنت أَظن عِنْد ابْتِدَاء اتصالي بِهِ أَنه قد عرف بِلَاد مصر لِكَثْرَة حكاياته عَن أَهلهَا وَعَن عجائب وغرائب مَوْجُودَة فِيهَا في عصره لَا فِيمَا تقدم فإنه لَا يستنكر ذَلِك لِأَنَّهُ قد صنّف النَّاس في أَخْبَارهَا مصنّفات يَسْتَفِيد بهَا من أكبّ على مطالعتها مَا يقرب من الْمشَاهد كالخطط والْآثَار للمقريزي وَحسن المحاضرة في أَخْبَار مصر والقاهرة للسيوطي إنما الشَّأْن فِيمَا يحكيه صَاحب التَّرْجَمَة على ماجرت في عصره فإن ذَلِك هُوَ الأمر العجيب الدَّال على اخْتِصَاصه بمالا يقوم بِهِ غَيره
(لَيْسَ على الله بمستنكر ... أَن يجمع الْعَالم في وَاحِد)
وَله في حسن التَّعْلِيم صناعَة لَا يقدر عَلَيْهَا غَيره فإنه يجذب الى محبته وإلى الْعَمَل بالأدلة من طبعه أكثف من الصخر وإذا جالسه منحرف الْأَخْلَاق أَو من لَهُ في الْمسَائِل الدِّينِيَّة بعض شقَاق جَاءَ من سحر بَيَانه بِمَا يؤلف بَين المَاء وَالنَّار وَيجمع بَين الضَّب وَالنُّون فَلَا يُفَارِقهُ إِلَّا هُوَ عَنهُ رَاض وَلَقَد كنت أرى مِنْهُ من هَذَا الْجِنْس مَا يزْدَاد مِنْهُ تعجبى ولذاتم خَبره بأحوال النَّاس وَبِمَا يَلِيق بِكُل وَاحِد مِنْهُم وَمَا يُنَاسِبه ومالا يُنَاسِبه وَله في علم الطِّبّ مُشَاركَة قَوِيَّة وَله في كل الصناعات العملية كائنة مَا كَانَت أتمّ اختبار وَكَانَ النَّاس يقصدونه على اخْتِلَاف طبقاتهم فَأهل الْعلم يقصدونه ليستفيدوا من علمه والأدباء ليأخذوا من أدبه ويعرضوا عَلَيْهِ أشعارهم والمحاويج يأتونه ليشفع لَهُم عِنْد أَرْبَاب الدُّنْيَا ويواسيهم بِمَا يُمكنهُ وَكَرمه كلمة اجماع والمرضى يلوذون بِهِ لمداواتهم وغرباء الديار من أهل الْعلم ينزلهم في منزله ويفضل عَلَيْهِم بِجَمِيعِ مَا يحتاجونه وَيسْعَى فِي قَضَاء أغراضهم ونيل مطالبهم وَهُوَ مَقْبُول الشَّفَاعَة وافر الْحُرْمَة عَظِيم الجاه وَبِالْجُمْلَةِ فَلم ترعينى مثله في كمالاته وَلم آخذ عَن أحد يُسَاوِيه في مَجْمُوع علومه وَلم يكن بالديار اليمنية في آخر مدَّته لَهُ نَظِير وَكَانَ لما جبل عَلَيْهِ من حسن الْأَخْلَاق لَا يبدى من علومه عِنْد المناظرة مَا يَنْقَطِع بِهِ من يناظره لاسيما إذا كَانَ من يناظره من الْمُقَصِّرِينَ كل ذَلِك محبَّة مِنْهُ لجبر الخواطر وائتلاف الْقُلُوب وَرُبمَا يتأثر عَن ذَلِك لبَعض من لم يحط بِهِ خَبرا أَنه لَيْسَ كَمَا يَقُول النَّاس فِي التفرد بِالْعلمِ وَقد سَمِعت هَذَا من كثير من الَّذين لم يبلغُوا فِي الْعلم مبالغ الْكَمَال وَلَو عرفوه كَمَا عرفه أهل الْكَمَال الممارسون لَهُ لعلموا بَان الْحَامِل لَهُ على التسامح فِي مناظرتهم مَا جبل عَلَيْهِ من سحاحة الْخلق وَكَانَ رَحمَه الله لَا يتَعَرَّض لتنقيص أحد كَائِنا من كَانَ بل يذكر من كل أحد مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ من المحاسن ويغطى عَن مساويه وَهُوَ أعرف بهَا من غَيره ويبالغ في وصف من لَهُ اشْتِغَال بِالْعلمِ وينشر من محاسنه مَالا يسمح بِهِ غَيره بعبارات تعشقها الْقُلُوب وترتشفها الأسماع وَتقبل عَلَيْهَا الطباع وَهُوَ رَحمَه الله من جملَة من رغّبني فِي تأليف شرح على الْمُنْتَقى فشرعت فِيهِ فِي حَيَاته وَعرضت عَلَيْهِ كراريس من أَوله فَقَالَ إِذا كمل على هَذِه الْكَيْفِيَّة كَانَ فِي نَحْو عشْرين مجلداً وَأهل الْعَصْر لَا يرغبون فِيمَا بلغ من التَّطْوِيل الى دون هَذَا الْمِقْدَار ثمَّ أرشدني إِلَى الِاخْتِصَار فَفعلت فكمل بِحَمْد الله وبيّضته فِي أَربع مجلدات وَلم يكمل إِلَّا بعد مَوته بِنَحْوِ ثَلَاث سِنِين وَقد أجازني اجازة عَامَّة كتبهَا الى بعد أَن مكنني من كتاب أسانيده فنقلت مِنْهُ مَا أُرِيد نَقله وَلم يكن لَهُ كَثْرَة اشْتِغَال بالتأليف وَلَو أَرَادَ ذَلِك لَكَانَ لَهُ فِي كل فن مَالا يقدر عَلَيْهِ غَيره وَله رسائل حافلة ومباحث مُطَوَّلَة هى مَجْمُوعَة فى مُجَلد وَالْكثير مِنْهَا لم يكن فِيهِ فإنه كَانَ مَقْصُودا بالمشكلات فِي كل فن من جَمِيع الأقطار اليمنية وَلكنه لم يحرص على جمع ذَلِك كُلية الْحِرْص وَمن مؤلفاته شرح نزهة الطرف في الْجَار وَالْمَجْرُور والظرف للسَّيِّد الْعَلامَة صَلَاح بن الْحُسَيْن الْأَخْفَش الْمُتَقَدّم ذكره وَهُوَ شرح نَفِيس مُفِيد فِي مُجَلد لطيف وَله فلك الْقَامُوس في كراريس وَله حواش على ضوء النَّهَار في نسخته لَو جمعت لكَانَتْ حَاشِيَة مُسْتَقلَّة وَقد كَانَ وَلَده الْعَلامَة إبراهيم شرع فِي جمعهَا وَضم اليها أنظارا لَهُ وَلم أَقف على شئ مِنْهَا وَلَعَلَّه لم يَتَيَسَّر لَهُ تَمامهَا وبيني وَبَينه رَحمَه الله مطارحات أدبية فَمِنْهَا قصيدة كتبتها إِلَيْهِ وهى
(من دونهَا ياعمرو وخز الرماح ... وَعِنْدهَا فَاعْلَم صليل الصفاح)
(لَا يسمع السَّامع في حيها ... غير جلاد مفزع أَو كفاح)
(فسر اليها سير متهور ... مستبدل فِيهَا الحيا بالوقاح)
(مشمرا قد حم لاينثنى ... عَن حبها لعاذل أَو للاح)
(فَمَا يهاب العتب من فَازَ من ... غَايَة أمْنِيته بالنجاح)
(سعى فَلَمَّا ظَفرت بالمنى ... يَمِينه ألْقى الْعَصَا واستراح)
(قد أتعب السير رحالي وَقد ... آن لَهَا بعد الوجى أَن تراح)
(فقد أقامتني عَداهَا الردى ... بِربع طود الْعلم بَحر السماح)

(من هز للعليا قناة وَمن ... حمى حماها فهي لَا تستباح)
(من شاد للسنة أعلامها ... من كافح الْبِدْعَة كل الكفاح)
(مجدّداً مُجْتَهدا جاهدا ... للدّين فى علم الْهدى وَالصَّلَاح)
(ياعالم السنّة في دَهْرنَا ... وقطب أَرْبَاب النهى والفلاح)
(مايال من أنصف فِي عصرنا ... وَمَال نَحْو المسندات الصِّحَاح)
(واطرح التَّقْلِيد من حالق
(مقطّعاً ربقته والوشاح)
(يرْمى بداء النصب في قومه ... وَمَا على الرامي لَهُ من جنَاح)
(يمزقون الْعرض مِنْهُ إذا ... جَاءَ بمرّ الْحق فيهم وَرَاح)
(يلقى لديهم من صنوف الأذى ... كلّ قَبِيح فى المسا والصباح)
(ابْن قزند البهت مِنْهُم غَدا ... منقدحاً في الْقلب أيّ انقداح)
فأحاب رَحمَه الله تَعَالَى بقوله
(دع قَول واشٍ فعذول فلاح ... فَلَيْسَ فِيمَا نمّقوه فلاح)
(وَفَارق الرَّوْض وماراق من ... طيب عَيْش فاق ان لَاحَ لَاحَ)
(نفسي فدا أَحْمد والآل من ... في حبهم نيل النجا والنجاح)
(من حلّ في نجد وغور وفي ... كل مَكَان ومهبّ الرِّيَاح)
(عاملهم ركني على أنني ... أَدْعُو لكل مِنْهُم بالصلاح)
(وأنصح الْجَاهِل مِنْهُم وهم ... كلهم أفضل من جا وَرَاح)
(أحبّ من أهلي هم دَائِما ... وَلَو لقاني عاذلي بالكفاح)
(فحبهم أفضل مَا أرتجي ... من فعل خير وَاجِب أَو مُبَاح)
(وكل قَول لَهُم ارتضى ... يرويهِ في الْبَحْر إمام الْفَلاح)
(تعساً لمن عاداهم يدعي ... تشيّعاً وَهُوَ عَدو براح)

(وَيقصر الْحق على خَمْسَة ... وَقَول باقبهم لَدَيْهِ نباح)
(وكلّ من عاصره مِنْهُم ... يودّ لَو قِطْعَة بالصفاح)
(كَأَنَّهُمْ لَيْسُوا بني الْمُصْطَفى ... لَدَيْهِ تَبًّا لبغيض وقاح)
(تقليدهم قد أَجمعُوا أَنه ... لعالم بِالنَّصِّ لَا يستباح)
(وأوجبوا الْمَشْي مَعَ النَّص إن ... لم يَك للْعَالم بُد سجَاح)
(فَمن أَبى هَذَا فَدَعْهُ وَلَا ... تَلقاهُ يَوْمًا غدْوَة أَو رواح)
(عَلَيْك الْآل تمسك بهم ... وان تلقاك العدى بِالسِّلَاحِ)
(ياعالم السنة في عصرنا ... وَمن بِهِ يمتاز مِنْهَا الصِّحَاح)
(دمت تجلي كل مستشكل ... بِنور فهم مِنْهُ نور الصَّباح)
(يهدى بِعلم كلما أنشدت ... دع قَول واش فعذول فلاح)
وبيني وَبَينه مكاتبات أدبية من نظم ونثر وَلم يحضر حَال تَحْرِير هَذَا إِلَّا هَذِه وَقد كَانَ رَحمَه الله يمِيل إِلَى كل الْميل ويؤثرني ابلغ تَأْثِير وَمَا سَأَلته الْقِرَاءَة عَلَيْهِ فِي كتاب فَأبى قط بل كَانَ يبتديني تارات وَيَقُول تقْرَأ في كَذَا وَكَانَ يبْذل لي كتبه ويؤثرني بهَا على نَفسه ومازال ناشراً للعلوم قَائِما بتفهيم منثورها والمنظوم حَتَّى توفاه الله تَعَالَى فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ خَامِس ربيع الأول سنة 1207 سبع وَمِائَتَيْنِ وألف وتأسّف النَّاس على فَقده ورثاه الشُّعَرَاء بمراث حسان هى مَجْمُوعَة فى كراريس وَأَنا من جملَة من رثاه بقصيدة مطْلعهَا
(تهدّم من ربع المعارف جَانِبه ... وَأصْبح في شغل عَن الْعلم طَالبه)

البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع - لمحمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني.