محمد بن محمد بن رجب البهنسي الدمشقي شمس الدين
نجم الدين
تاريخ الولادة | 927 هـ |
تاريخ الوفاة | 987 هـ |
العمر | 60 سنة |
مكان الوفاة | دمشق - سوريا |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
محمد بن محمد البهنسي: محمد بن محمد بن رجب، الشيخ الإمام، شيخ الإسلام الفقيه العلامة، النبيه الفهامة، شمس الدين، وقيل: نجم الدين البهنسي الأصل الدمشقي المولد والمنشأ أحد الرؤساء بدمشق، وخطيب خطبائها قرأت بخط الشيخ يحيى بن النعيمي أن ميلاده في صفر سنة سبع وعشرين وتسعمائة، وأخذ عن ابن فهد المكي، وغيره، وتفقه بالشيخ الإمام العلامة قطب الدين بن سلطان، وبه تخرج لأنه كان يكتب عنه على الفتوى لأن القطب كان ضريراً، ثم أفتى استقلالاً من سنة خمسين وتسعمائة، واشتغل في بقية العلوم على الشيخ أبي الفتح السبستري، والشيخ محمد الإيجي الصوفي نزيل الصالحية، وتخرج به أكثر من لقيناهم من الحنفية بدمشق منهم العلامة الشيخ عماد الدين المتوفي قبله، ورأس في دمشق بعد وفاة شيخ الإسلام الوالد، وكان إماماً بارعاً في الفقه مشاركاً في غيره، ولي خطابه الجامع الأموي بدمشق بعد خطيبه الشيخ أبي البقاء البقاعي بعد أن عرض في الخطابة للشيخ عبد الوهاب الحنفي إمام الجامع، فوجهت من الباب للبهنسي، واستناب في الخطابة شيخ الإسلام شهاب الدين الطيبي المقرىء مدة، ثم باشر الخطابة بنفسه ودرس في الجامع الأموي، والسيبائية، ثم بالمقدمية، ثم بالقصاعية، ومات عنها، وعلوفته في التدرس بها ثمانون عثمانياً؛ ولم يبلغ هذا المقدار في علوفة التدريس قبل شيخ الإسلام الوالد، وصاحب الترجمة أحد، ثم حدث بعد موتهما ترقية التدريس إلى مائة عثماني، وحج صاحب الترجمة مرتين مرة قبل سنه ست وستين وتسعمائة، ومرة في آخر عمره سنة خمس وثمانين وألف شرحاً على كتاب " منتهى الإرادات " لم يكمله وكان رحمه الله تعالى حسن السمت ساكناً ساكتاً عما لا يعنيه خاشعاً، سريع الدمعة، لطيف الطباع، حسن المعاشرة وله مع ذلك شهامة، وكان طويل القامة، أبيض اللون، عليه عمامة كبيرة على عادة علماء ذلك العصر، ورأيته بعد موت والدي مرة، وأنا ابن ثماني سنوات داخل الجامع الأموي فتواجهت معه بين البئر، والحنفية فقال له بعض من معه: يا سيدي هذا ولد المرحوم شيخ الإسلام الشيخ بدر الدين الغزي فنظر إلي، وسألني عن اسمي فذكرت له، وسألني عما أقرأ فذكرت له فدعا لي، وترحم على والدي، وحدثني ولده الشيخ يحيى خطيب الجامع الأموي الآن نفع الله تعالى به أن والده كان له نخوة، وشهامة في أول أمره فدخل على شيخه الشيخ أبي الفتح السبستري، فقال له يا شيخ: أريد أن تذهب إلى السوق تشتري لي بهذه القطعة الفضية بطيختين، وتحملها بنفسك من السوق إلى خلوتي، وكان الشيخ أبي الفتح ساكناً بالخانقاه السميصاتية فذهب الشيخ محمد البهنسي، واشترى بطيختين كبيرتين، وأنف من حملهما، وأراد أن ينظر من يحملهما عنه فذكر كلام الشيخ، وخشي أن يكاشفه بما يفعله إذا حملهما لأحد، ولا يرضى بفعله فحملهما إلى منزل الشيخ أبي الفتح، وقد تصبب عرقاً، وانكد لمحل نظر الناس إليه فلما دخل على الشيخ قال له: عسى أن تصغر نفسك الآن قال: فمن حينئذ ذهبت عني الأنفة والكبر، وكان الشيخ البهنسي يجمع ما يتحصل له من الغلال في كل سنة، ويتربص به حتى يبيعه آخر السنة، ومثل ذلك لا يعد احتكاراً إذ الاحتكار شراء الطعام الذي تمس إليه حاجة العامة في زمن الغلاء ليبيعه بأغلى، وكان بعض حساد الشيخ ربما طعنوا عليه ذلك حتى وشي به إلى قاضي القضاة ابن المفتي، في بعض السنين فبعث إلى حاصل الشيخ البهنسي من فتحه، وباع ما فيه، ثم ارتفع السعر بعد ذلك وفات الشيخ منه جملة من المال فانكف البهنسي عن التردد إلى القاضي بسبب ذلك، ووقع بينهما فاتفق أن القاضي حصل له حمى شديدة، ومرض أياماً حتى أعياه المرض، فالتمس من الشيخ عمر الرائي، وكان يرى النبي صلى الله عليه وسلم، في منامه كثيراً أن يسأل من النبي صلى الله عليه وسلم إذا رآه في منامه أن يشفع إلى الله تعالى في شفائه، فرجع إليه الشيخ عمر الرائي وقال له: يا قاضي القضاة سألت لك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: قل له يلتمس الدعاء من الشيخ محمد البهنسي يحصل له الشفاء، ولم يعلم الشيخ عمر ما كان بينهما فبعث القاضي من تلطف بالشيخ البهنسي، وأتى به إليه فلما اجتمعا تعانقا، وتباكيا، ودعا الشيخ البهنسي له بالشفاء فشفاه الله تعالى بعد ذلك قريباً، وبالجملة فقد كان - رحمه الله تعالى - من أفراد الدهر وأعاجيب العصر، توفي - رحمه الله تعالى - بعد الظهر يوم الأربعاء أو خامس جمادى الآخرة سنة ست، وقرأت بخط منلا أسد سنة سبع ثمانين وتسعمائة، ودفن بمقبرة باب الصغير بعد العصر عند قبر معاوية، ونصر المقدسي رضي الله تعالى عنهما قال القاضي عز الدين بن أبي بكر بن الموقع في تاريخ موته: ما وجدت له شعراً أحسن من هذه الأبيات الثلاثة:
لما لدار البقا مفتي الأنام مضى ... فالعين تبكي دماً من خشية الله ...
لفقد مولى خطيب الشام سيدنا ... من لم يزل قائماً في نصرة الله ...
وفاته قد أتت فيما أؤرخه ... البهنسي عليه رحمة الله
الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة.
شمس الدين محمد بن محمد بن رجب البهنسي الدمشقي .
ولد في صفر سنة سبع وعشرين وتسع مئة ، وأخذ عن ابن فهد المكي و غيره وتفقه على قطب الدین محمد بن سلطان المتقدم ذكره و به تخرج ، واشتغل بقية العلوم على أبي الفتح السبستري ، ومحمد الإيجي الصوفي نزيل الصالحية وغيرهم . وتصدر بدمشق وراس ، واقتطف من تلك الأغراس ، واشتد ساعده ، و شیدت مصاعده، و ائتلف الفائدة وما تكلف، وأحكم قواعدها وما تصلف ، وحل من الفتوى في طرفها ، وامتطى بفضله صهوة طرفها .
ومن تأليفه شرح ملتقى الأبحر ولم يكمله، وأعطي بدمشق تدريس القصاعية والسيبائية والمتقدمية، ودرس بها وبالجامع الأموي وصار خطیبه ، و نشر به طیبه ، واستقام مدة زينة محرابه ، كالمرهف رونق قرابه ، وكان ساکنا ساکتا سریع الدمعة ، حسن المعاشرة لا يلقي لغيبة سمعه ، ولم يزل رونق الإفتاء والدراسة ، وبهجة الخطابة والرئاسة ، حتى شرب الكأس المورود ، وذوت من روض محاسنه تلك الورود ، فنفد عليه الصبر والدمع ، وعمي لأجله البصر والسمع ، وتقوس ظهر المحراب حزنا بعده ، وغدت أضلاع المنبر سقما حين شاهد بعده ، وكانت وفاته في يوم الأربعاء خامس جمادی الثانية سنة سبع وثمانين وتسع مئة ودفن بمقبرة الباب الصغير رحمه الله تعالی .
مقتطفات من كتاب : عرف البشام فيمن ولي فتوى دمشق الشام، للعلامة محمد خليل بن علي بن محمد بن محمد المرادي الدمشقي.