محمد بن أحمد بن محمد بن حسين الأسطواني الدمشقي

تاريخ الولادة1016 هـ
تاريخ الوفاة1072 هـ
العمر56 سنة
مكان الوفاةدمشق - سوريا
أماكن الإقامة
  • استانبول - تركيا
  • قبرص - تركيا
  • دمشق - سوريا
  • مصر - مصر

نبذة

مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن حُسَيْن بن سُلَيْمَان الْمَعْرُوف بالاسطوانى الدمشقى الحنفى الْفَقِيه الْوَاعِظ الاخبارى أعجوبة الزَّمَان ونادرة الْوَقْت كَانَ من منن الله تَعَالَى على عباده لم يزل يَأْمر بِالْمَعْرُوفِ وَينْهى عَن الْمُنكر وَكَانَ ورعا ناسكا متقشفا مخشوشنا كثير العبوس فى وُجُوه النَّاس لما يكرههُ مِنْهُم.

الترجمة

مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن حُسَيْن بن سُلَيْمَان الْمَعْرُوف بالاسطوانى الدمشقى الحنفى الْفَقِيه الْوَاعِظ الاخبارى أعجوبة الزَّمَان ونادرة الْوَقْت كَانَ من منن الله تَعَالَى على عباده لم يزل يَأْمر بِالْمَعْرُوفِ وَينْهى عَن الْمُنكر وَكَانَ ورعا ناسكا متقشفا مخشوشنا كثير العبوس فى وُجُوه النَّاس لما يكرههُ مِنْهُم شَدِيد الانكار عَلَيْهِم فِيمَا يُخَالف الشَّرْع لَا يقنع فى أَمر الله بِغَيْر اظهاره وَكَانَ مطبوعا على الالتذاذ بذلك متحملا للاذى من النَّاس بِسَبَبِهِ وَبلغ القَوْل فِيهِ الى أَنه حرم البقلاوة وأمثالها لما كَانَ يحرم الْحَرَام وَكَانَ أحد أَعَاجِيب الدُّنْيَا فى حلاوة الْمنطق وَحسن التأدية وَمَعْرِفَة أساليب الْكَلَام لَا يمل حَدِيثه بِحَال بل كلما طَال طَابَ وَبِالْجُمْلَةِ فَلم ير نَظِيره فى هَذَا الدّور وَلم يسمع بِمثلِهِ فى أَوْصَافه كَانَ فى الاصل على مَذْهَب أسلافه حنبليا ثمَّ انْتقل الى مَذْهَب الشافعى وَقَرَأَ الْفِقْه على مَشَايِخ عصره مِنْهُم الشَّمْس الميدانى والنجم الغزى وَغَيرهمَا وَأخذ الْعَرَبيَّة والمعقولات عَن الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن العمادى وَالشَّيْخ عبد اللَّطِيف الجالقى وَالشَّيْخ عمر القارى والامام يُوسُف بن أَبى الْفَتْح وَأخذ الحَدِيث عَن أَبى الْعَبَّاس المقرى فى قَدمته لدمشق ودرس بالجامع الاموى ثمَّ رَحل الى مصر وَأخذ بهَا عَن الْبُرْهَان اللقانى والنور على الحلبى وَالشَّيْخ عبد الرَّحْمَن الْيُمْنَى وَالشَّمْس البابلى وَقدم الى دمشق فى سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَألف ودرس بهَا وَأفَاد وَوَقع بَينه وَبَين شَيْخه النَّجْم الغزى فى مسئلة فسافر الى الرّوم بحرا فأسرته الفرنج ثمَّ خلص بعد مُدَّة قَليلَة وَوصل الى دَار الْخلَافَة فَأَقَامَ بهَا وَحسن حَاله وَحصل جِهَات وعلوفات وَتزَوج وجاءه أَوْلَاد ثمَّ تحنف وَصَارَ اماما بِجَامِع السُّلْطَان أَحْمد ولازم على عَادَة موالى الرّوم ثمَّ قدم الى دمشق حَاجا فى سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَألف وَعَاد الى الرّوم فَصَارَ واعظا بِجَامِع السُّلْطَان أَبى الْفَتْح مُحَمَّد خَان واشتهر بِحسن الْوَعْظ ولطافة التَّعْبِير فانكيت عَلَيْهِ النَّاس وَلَزِمَه جمَاعَة قاضى زَاده الرومى وَعظم حزبه فَبَالغ فى النهى عَن أَشْيَاء كَانَ غَنِيا عَنْهَا فكاد أَن يُوقع فتْنَة فعزل عَن وَظِيفَة الْوَعْظ وَنفى الى جَزِيرَة قبرس ثمَّ أَمر بِالْمَسِيرِ الى دمشق فوردها فى سنة سبع وَسِتِّينَ وَأقَام بهَا وَلزِمَ الدَّرْس تَحت قبَّة النسْر بالجامع الاموى بَين العشاءين وَبعد الظّهْر وَنشر عليم القراآت والمواعظ وَأقر أشرح الهمزية وَرغب النَّاس فى حُضُور دروسه من عُلَمَاء وعوام لحسن تَقْرِيره وعذوبة تفهيمه ولطافة مناسباته وَسمعت والدى رَحمَه الله تَعَالَى يَقُول ان درسه كَانَ يَلِيق أَن يرحل اليه من بلد الى بلد وانه قرر أَشْيَاء لم يسْمعهَا من أهالى دمشق أحد وَفِيه يَقُول الامير المنجكى
(ان سمع الْعُقُول يصغى لقَوْل الاسطوانى والقلوب لَدَيْهِ ... )
(جمع الْفضل والمكارم حَتَّى ... كل حسنى تعزى وتنمى اليه)
(رجل جَاءَ فى الزَّمَان أخيرا ... يحْسد الاول الاخير عَلَيْهِ)

وَكَانَ بِدِمَشْق بعض مناكر فتقيد بازالتها أَو تخفيفها وَمن جُمْلَتهَا لبس السوَاد خلف الْمَيِّت وَرفع الصَّوْت بالولولة وأعهده يَوْمًا فى جَنَازَة بعض أَقَاربه وأقاربى أَمر جماعته بِحمْل عصى تَحت أصوافهم فَلَمَّا خرجت الْجِنَازَة من بَاب السلسلة وباشر النِّسَاء الولولة أَشَارَ الى جماعته بضربهن فضربوهن وَلم يدعهن يخْرجن الى الْمقْبرَة وَله غير ذَلِك مِمَّا يحْمَدُوا الى هَذَا أَشَارَ الامير المنجكى أَيْضا فى مدحه
(جوزيت من رب الْهدى عَن خلقه ... مَاذَا تشا وكفيت شَرّ الْحَسَد)
(أبعدتهم عَن كل لَهو مرشدا ... حَتَّى اهْتَدَى من لم يكن بالمهتدى)
(وَصحت بك الدُّنْيَا فَلَيْسَ يرى بهَا ... من مُسكر الالحاظ الخرد)
ثمَّ وجهت اليه الْمدرسَة السليمية بِدِمَشْق وَكَانَ بَعضهم يزْعم انه يطعن فى سُلْطَان الْعلمَاء والاولياء الشَّيْخ محيى الدّين الاكبر بن عربى قدس الله تَعَالَى سره الْعَزِيز فَلَمَّا ولى الْمدرسَة ظَهرت محبته لَهُ وَأثبت نسبه الى الشَّيْخ حسن القيمرى وَأخذ توليه البيمارستان بالصالحية وَجمع عقارات وأملاكا كَثِيرَة وَلم أسمع انه ألف أَو قَالَ شعرًا غير أَنى ظَفرت لَهُ بتحريرات على عِبَارَات فى التَّفْسِير وَالْفِقْه وَكَانَ فِيمَا يمليه مُسْتَوْفيا أَقسَام الْمُنَاسبَة وَمن املائه لمُحَمد بن الْحَنَفِيَّة كل عزلا يوطده علم فالى ذل مصيره وَمِنْه لَو كشف الغطاء لما اختير غير الْوَاقِع من عرف الله أَزَال التهمه وَقَالَ كل فعله بالحكمة وَمِنْه قوام الدُّنْيَا بِأَرْبَع السُّلْطَان وجنده وَالْعُلَمَاء والصوفية والتجار وأرباب الصَّنَائِع وَغَيرهم من قبيل الاشراء والهمل قَالَ وَأوصى عبد الْمطلب قبل وَفَاته أَبَا طَالب بنبينا مُحَمَّد
وَقَالَ فِيمَا أوصى بِهِ
(أوصى ابا طَالب بعدى بذى رحم ... مُحَمَّد وَهُوَ فى ذَا النَّاس مَحْمُود)
(هَذَا الذى تزْعم الاحبار ان لَهُ ... أمرا سيظهره نصر وتأييد)
(فى كتب مُوسَى وَعِيسَى مِنْهُ بَيِّنَة ... كَمَا يحدثنى القوام العبابيد)
(فاحذر عَلَيْهِ شرار النَّاس كلهم ... والحاسدين فان الْخَيْر مَحْسُود)
وَمِنْه اللُّغَة أَرض وَبَقِيَّة الْعُلُوم غراساتها وَمن املائه للبحترى
(الجاهلان اثْنَان من دون الورى ... فافطن أخى وان هما لم يفطنا)
(من قَالَ مَا بِالنَّاسِ عَنى من غنى ... من جَهله أَو قَالَ بى عَنْهُم غنى)
وَلما انْحَلَّت بقْعَة درس الحَدِيث تَحت قبَّة النسْر بِجَامِع بنى أُميَّة عَن الشَّيْخ سعودى الغزى مفتى الشَّافِعِيَّة الْمُقدم ذكره طلها الاسطوانى من قاضى الْقُضَاة وَاجْتمعَ هُوَ وَالشَّيْخ مُحَمَّد بن تَاج الدّين المحاسنى فى مجْلِس القاضى وَكَانَ الآخر طَالبا لَهَا فَوَقع بَينهمَا مقاولة ومخاصمة وَقيل انهما تشاتما بِأَلْفَاظ قبيحة ثمَّ وجهت الْبقْعَة للمحاسنى وَمرض الاسطوانى من يَوْمه وَبعد أسبوعين توفى وَلم تطل مُدَّة الآخر حَتَّى توفى بعده وقرأت بِخَط الاسطوانى ان وِلَادَته كَانَت لَيْلَة الِاثْنَيْنِ سَابِع عشر الْمحرم سنة سِتّ عشرَة بعد الالف وَتوفى قبيل الظّهْر من يَوْم الاربعاء سادس وعشرى الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَألف بالحمى المحرقة وَدفن بمقبرة الفراديس الْمَعْرُوفَة بالغرباء وَقَالَ شَيخنَا عبد الْغنى النابلسى فى تَارِيخ وَفَاته
(قدمات حاوى الْعُلُوم طرا ... مُحَمَّد كعبة الْوُفُود)
(الاسطوانى طود علم ... وَمن تسامى بفرط جود)
(فضر كل الانام أرخ ... ممات عَلامَة الْوُجُود)
- خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر -