المولى محمد بن محمد عرب زاده

تاريخ الولادة919 هـ
تاريخ الوفاة969 هـ
العمر50 سنة
أماكن الإقامة
  • استانبول - تركيا
  • بروسة - تركيا
  • القاهرة - مصر

نبذة

الْعَالم الْفَاضِل وواسطة عقد الافاضل صَاحب الْجد والافادة الْمولى مُحَمَّد بن مُحَمَّد الشهير بعرب زَاده ... نَشأ رَحمَه الله طَالبا للتحصيل وراغبا فِي التَّكْمِيل فاشتغل على موَالِي عصره وأفاضل دهره وتتبع الْكتب والرسائل وَضبط الْقَوَاعِد والمسائل وبرز فِي الْفُنُون وفَاق وملأ بصيته الافاق.

الترجمة

وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل وواسطة عقد الافاضل صَاحب الْجد والافادة الْمولى مُحَمَّد بن مُحَمَّد الشهير بعرب زَاده ... نَشأ رَحمَه الله طَالبا للتحصيل وراغبا فِي التَّكْمِيل فاشتغل على موَالِي عصره وأفاضل دهره وتتبع الْكتب والرسائل وَضبط الْقَوَاعِد والمسائل وبرز فِي الْفُنُون وفَاق وملأ بصيته الافاق وَصَارَ ملازما للْمولى خير الدّين معلم السُّلْطَان سليما ثمَّ قلد الْمدرسَة الَّتِي بناها عبد السلام بقصبة جكمجه بِخمْس وَعشْرين ثمَّ صَارَت وظيفته فِيهَا ثَلَاثِينَ ثمَّ ولي باربعين الْمدرسَة الَّتِي بناها السُّلْطَان مُرَاد الْغَازِي بِمَدِينَة بروسه الْمَشْهُور بقبولجه ثمَّ نقل عَنْهَا الى مدرسة مَحْمُود باشا بقسطنطينية بِخَمْسِينَ وَقبل ان يدرس فِيهَا اعطي مدرسة السُّلْطَان سُلَيْمَان وَلم يذهب كثير حَتَّى نقل الى احدى الْمدَارِس الثمان فداخله نوع من الْغرُور الَّذِي يعمي الْقُلُوب الَّتِي فِي الصُّدُور فنسي قَوْله تَعَالَى وَلَا يَغُرنكُمْ بِاللَّه الْغرُور تحرّك على خلاف الْعَادة وَعين وَاحِدًا من طلبة الْمولى ابي السُّعُود للاعادة فَلَمَّا سمع تَركه الادب قَامَ الْمُفْتِي على سَاق الْغَضَب وتهيأ للخصام وتاهب للانتقام فاضرم ناره وَطلب ثاره وَقصد الى ان يمحو آثاره فَكتب الْحِكَايَة وعرضها على السُّلْطَان واظهر الشكاية فَلَمَّا سمع السُّلْطَان اساءته الادب استولى عَلَيْهِ ثائرة الْغَضَب فامر ان يكتبوا صُورَة فَتْوَى مضمونها من حقر شيخ الاسلام ومفتي الانام فَمَا جَزَاؤُهُ عندالائمة الْعِظَام فاجاب الْمُفْتِي الْمَزْبُور بِثَلَاث كَلِمَات الْعَزْل لِلْأَبَد وَالضَّرْب الاشد وَالنَّفْي عَن الْبَلَد فَعَزله السُّلْطَان وعزم على تحقيره فَأمر بتأديبه وتعزيره فَاحْضُرْ الى الدِّيوَان كواحد من الاوغاد وَضرب على رُؤُوس الاشهاد فَلَمَّا جَاوز الضَّرْب الْحَد أَمر بنعيه عَن الْبَلَد فارتحل وَرَايَة عزه منكوسة الى دَار الْملك بروسه وَرجع بخفي حنين وَأقَام بهَا مُدَّة سنتَيْن لَا أنيس لَهُ الا الْبعد والفراق وأيامه فِي الظلمَة كليلة المحاق ... الدَّهْر دولاب يَدُور ... فِيهِ السرُور مَعَ الشرور
بَينا الْفَتى فَوق السما ... وَإِذا بِهِ تَحت الصخور ...
ثمَّ رَضِي عَنهُ السُّلْطَان فاعطاه ثَانِيًا احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ نقل الى احدى الْمدَارِس السُّلْطَانِيَّة الْمَعْرُوفَة عِنْد النَّاس بالسليمانية ثمَّ نقل من تِلْكَ العامرة الى قَضَاء الْقَاهِرَة فَلَمَّا عزم على السّفر رأى مُؤنَة الْبر أكبر فقصد الْبَحْر فِي غير اوانه فِي زمن عتوه وطغيانه كَيفَ لَا وَقد أدبر الرّبيع وَأَقْبل الشتَاء والقت وشَاة الثلوج والامطار برودة بَين الارض وَالسَّمَاء وَلبس السَّحَاب فَرْوَة السنجاب وَعرض اقطان الثَّلج قَوس السَّحَاب على الحلج وَكم نَاصح بذل جهده واستفرغ فِي نصحه مجهوده وَرب حَازِم نصيح عرض عَلَيْهِ الرَّأْي الصَّحِيح الا ان سبق الْكتاب اغفله عَن طَرِيق الصَّوَاب ... اذا انعكس الزَّمَان على لَبِيب ... يحسن رَأْيه مَا كَانَ قبحا
يعاني كل امْر لَيْسَ يعْنى ... وَيفْسد مَا رَآهُ النَّاس صلحا ...
فَلم يلْتَفت الى كَلَام وملام قَائِلا لَا تكترثوا بشأن الشتَاء فانما هُوَ برد وَسَلام مركب الْبَحْر وَأَصْحَابه يمْنَعُونَ تاليا قَوْله تَعَالَى اذا جَاءَ اجلهم فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَة وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ فَلَمَّا انْفَصل من جَزِيرَة رودس هبت الرِّيَاح الْعَاصِفَة واومضت البروق الخاطفة واظلمت السَّمَاء وطفت كرة المَاء واضطرب الْبَحْر وماج وَارْتَفَعت الامواج وتواتر تَوَاتر الْكَتَائِب وهجمت هجوم العدا على المراكب وَظهر فِي ظهر الْبَحْر اودية وجبال وانجاد شاهقة وتلال فَلَمَّا شاهدوا هَذِه الاحوال غَابَتْ الشَّمْس فِي الْحَال وعزمت على العروج والتحصن بالبروج واصفرت وجنة الْقَمَر من خوف الْهَلَاك وتشبث بذيل الافلاك وَأَقْبل عَلَيْهِم اللَّيْل وَأَنْذرهُمْ بالشدة وَالْوَيْل والسفينة بَين الصعُود والهبوط واهلها غارقون فِي بَحر الْيَأْس والقنوط واذا موج عَظِيم كالجبل يدب نحوهم دَبِيب الاجل الى الامل فَلَمَّا شاهدوا الويل سَالَتْ عبراتهم كالسيل وَأخذُوا فِي الاسْتِغْفَار والاستحلال وشرعوا فِي التضرع والابتهال وطلبوا من الله الْخَلَاص واجتهدوا فِي طَرِيق المناص الا ان ارادة الْجَبَّار ساقت الْمركب نَحْو التيار فَلم يُمكن لذَلِك الفوج الا الدُّخُول فِي الموج ... مَا كل مَا يتَمَنَّى الْمَرْء يُدْرِكهُ ... تجْرِي الرِّيَاح بِمَا لَا تشْتَهي السفن ...
فَلَمَّا انصب المَاء عَلَيْهِم وانقض تلو قَوْله تَعَالَى {ظلمات بَعْضهَا فَوق بعض} وَلما ارْتَفَعت تِلْكَ الطامة وَفتح اعينهم الْخَاصَّة والعامة تفقد كل امْرِئ صَاحبه ورفيقه ومصاحبه فاذا المرحوم وَفرْقَة من رفقته وارباب صحبته فقدوا وَلم ير لَهُم اثر وَلم يسمع عَنْهُم خبر ... كَأَن لم يكن بَين الْحجُون الى الصَّفَا ... انيس وَلم يسمر بِمَكَّة سامر ...
وَحكي انه كَانَ رَحمَه الله قَاعِدا فِي كوثل السَّفِينَة مَعَ سَبْعَة عشر نَفرا من اصحابه وخلاصة احزابه فَلَمَّا غشيهم من اليم مَا غشيهم واحاطهم ذَلِك الموج الْكَبِير رمى بالكوثل الى الْبَحْر مَعَ من بِهِ من الْكَبِير وَالصَّغِير وَكَانَ المرحوم يقْرَأ الْقُرْآن وَيسْأل الْفرج من الْملك الرَّحْمَن فَمَا غرق الا والمصحف على صَدره اغرقهم الله فِي بحار رَحمته وَجمع شملهم فِي حدائق جنته وحلول الباس بِهَذِهِ الفئة سنة تسع وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة وَقد مضى من عمره خَمْسُونَ سنة وَكَانَ رَحمَه الله من فحول عصره واكابر دهره صَاحب تَحْقِيق وتدقيق وتوفيق وتلفيق قوي الْجنان نَافِذ الْكَلَام يلوح من جَبينه آثَار الْفَوْز والسعادة يصرف اكثر اوقاته فِي مطالعة الْكتب وَالْعِبَادَة وَكَانَ فِي طَرِيق الْحق من السيوف الصوارم لَا يخَاف فِي الله لومة لائم وَكَانَ ينظم الشّعْر الْمُحكم الْمُشْتَمل على نبذ من الحكم وَقد ظَفرت بِهَذِهِ الابيات الخليقة بالاثبات وَقد قَالَهَا قبل مَوته بايام على مَا نَقله بعض الاعلام ... ايا طَالبا مَالا وتزعم مَالِكًا ... فَمَا لَك تَدْعُو للعواري بمالكا
قُم واشتغل كسب الْكَمَال فانه ... كمالك عِنْد الله لَيْسَ كمالكا
وناج بِذكر الله انك باسمه ... لناج من الاحزان فِي كل حالكا
الهي ومولائي علمتك محسنا ... جميلا فجاملني بِنور جمالكا ...

.. وجد نظرة وارفع حجاب هويتي ... وَلَا تحرمني نفحة من وصالكا
اتيتك من كل الْوَسَائِل عَارِيا ... وَلم اك فِي هَذَا شقيا وهالكا
نِهَايَة آمالي لقاؤك مسرعا ... فيا موصل المشتاق بلغ هنالكا ...
وعلق حَوَاشِي على تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ وعَلى الْهِدَايَة والعناية وَفتح الْقَدِير وَصدر الشَّرِيعَة وعَلى شرح الْمِفْتَاح للشريف وعَلى المطول الا ان اكثرها فِي حَوَاشِي الْكتب وَلم يَتَيَسَّر لَهُ الْجمع وَالتَّرْتِيب ضاعف الله اجره انه قريب مُجيب

العقد المنظوم فِي ذكر افاضل الرّوم على هامش الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية - المؤلف: عصام الدين طاشْكُبْري زَادَهْ.

 

 

محمد بن محمد، الشهير بعرب زاده:
فقيه حنفي، رومي، له نظم وتأليف بالعربية. كان مدرسا في بروسة ثم إستامبول. وغضب عليه شيخ الإسلام، فضرب ونفي إلى بروسة مدة سنتين. وعفي عنه فأعيد إلى التدريس. ثم عين قاضيا في القاهرة، وركب البحر، فلما اجتاز (رودس) غرق بعض ركاب السفينة، وكان منهم. له حواش على عدة كتب، منها (حاشية على الهداية - خ) في الفقه، بمكتبة عاشر، و (حاشية على أنوار التنزيل - خ) ببغداد 353 ورقة .

-الاعلام للزركلي-