حسين بن سليم بن سلامة بن سلمان الحسيني الدجاني
تاريخ الولادة | 1202 هـ |
تاريخ الوفاة | 1274 هـ |
العمر | 72 سنة |
مكان الولادة | يافا - فلسطين |
مكان الوفاة | مكة المكرمة - الحجاز |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
حسين بن سليم بن سلامة بن سلمان ابن عوض بن داود الحسيني الدجاني:
أديب من فقهاء الحنفية. له نظم. نسبته الى (بيت دجن) بقرب يافا (في فلسطين) ولي الإفتاء بيافا. وتوفي حاجا بمكة. له تآليف، منها (ديوان) من نظمه، و (المنهل الشافي على متن الكافي - خ) في العروض والقوافي، عندي، و (التحرير الفائق على شرح الطائي الصغير لكنز الدقائق) في فروع الفقه، و (الفتاوي الحسنينة) مجموعة مما أفتى به، و (الكواكب الدرية على شرح الشيخ خالد للأزهرية -خ) في النحو، و (شرح نظم الأفعال - خ) في الظاهرية (الرقم العام 1604) رسالة، و (تحفة المريد) منظومة في العقائد، و (تخميس قصيدة بانت سعاد) . ولأخيه حسن (رسالة - خ) في الظاهرية (الرقم 6351) في ترجمته، ومثلها (رسالة - خ) في الظاهرية (الرقم10980) لولده محمد .
-الاعلام للزركلي-
الشيخ حسين بن الشيخ سليم بن سلامة بن سليمان بن عوض بن داود بن سليمان بن السيد عبد الله بن السيد أحمد الدجاني بن السيد علاء الدين الشيخ علي بن السيد محمد بن السيد يوسف بن السيد حسن ابن السيد ياسين بن السيد بدر الدين بن السيد محمد بن السيد حسن ابن السيد ياسين بن السيد بدر الدين بن السيد محمد بن السيد يوسف ابن السيد بدر بن السيد يعقوب بن السيد مطر بن السيد غانم بن السيد محمد بن السيد زيد بن السيد علي بن السيد حسن بن السيد عوض الأكبر بن السيد زيد بن السيد علي بن السيد الحسن بن السيد عوض الأكبر بن السيد زيد بن السيد الحسين أمير المؤمنين ابن السيد أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه وابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة الزهراء رضي الله عنهم أجمعين.
وهو العالم العلامة، والحبر البحر الفهامة، تاج الأفاضل، ومنهاج ذوي الفضائل والفواضل، اشتهر فضله اشتهار البدر، وملأ ذكره البر والبحر.
ولد في مدينة يافا مدينة من مدن الشام على رأس الاثنين بعد الألف والمائتين، ونشأ في حجر والده الشيخ سليم الدجاني الشافعي وقرأ عليه النحو والصرف وعدة كتب من الفنون الأدبية، والعلوم الشرعية المحمدية. وأخذ عنه معظم الكتب المتداولة من فقه السادة الشافعية، حتى ترعرع وبرع، وشملته بركة والده وبه انتفع، ثم رحل بأمر والده إلى الجامع الأزهر، والمقام الباهر الأنور، سنة سبع وعشرين فأدرك الطبقة العالية من المشايخ، ممن لهم في علو الإسناد القدم الراسخ، كالأستاذ الفضالي، والعلامة الأمير، وشبله الأوحد، والشيخ حسن العطار، والشيخ محمد الدمنهوري، ذوي التدقيق والتحرير، والفاضل الكامل الشيخ أحمد الصاوي، والعارف بالله الشيخ عبد الله الشرقاوي، وحضر بعض كتب السادة الحنفية، على السيد أحمد الطحطاوي خاتمة المحققين في البلاد المصرية، وكان أكثر انتفاعه بالعالم الفاضل، والإمام الكامل، السابق في ميدان الفضل إذا جوري، الشيخ إبراهيم الشافعي الباجوري، وهو الحامل له على غالب مؤلفاته النافعة، التي هي بين الناس مستعملة وشائعة، فكان يوافقه لشدة عطفه من بين تلامذته عليه، وميله القلبي إليه، وغب أن حضر عليه شرح المنهج في فقه السادة الشافعية، حصلت له إشارة باطنية، بالحضور في مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، على ضريحه سحائب الرحمة والرضوان، فاستشار بعض أشياخه الكرام فأذنوا له كوالده بقصد الإفتاء ونفع الأنام، وبقي إلى موته يتعبد على مذهب إمامه النفيس، عالم قريش محمد بن إدريس، ومن أشياخه في الفقه النعماني شيخ الحنفية، في الديار المصرية، ذو التحقيق الوافي، الشيخ منصور اليافي، وممن لازمهم وانتفع عليهم بالحضور، شيخنا القدوة المشهور، ذو السر الوهبي السيد محمد بن حسين الكتبي، مفتي السادة الحنفية ببيت الله الحرام، وبه كان انتقاله لدار السلام، وقد صنف بعض مؤلفات وهو في الجامع الأزهر، وبالجملة فعلو همته لا ينكر، وفضله أشهر من أن يذكر، ثم بعد أن أجازه شيوخه الأمجاد، بالإجازات العلية الإسناد، قدم لوطنه يافا المحروسة، وسر أبيه والأهالي برؤيته المأنوسة، وذلك في حدود عام خمسة وثلاثين، ولازم والده إلى أن توفي عام تسعة وثلاثين، وقد ناهز والده من العمر ثمانين فورث حال أبيه الغني فضله عن الإطراء والتنويه، ولا شك أن الولد سر أبيه، وواظب بعد والده على الإقراء والتدريس، وقرت به عين كل فاضل وجليس، فانتفع به كثير من الطلاب، وفاقوا ببركة أنفاسه على الأقران والأتراب، وولي وظيفة الفتوى بيافة المحمية، على مذهب السادة الحنفية، بمنشور من مقام المشيخة الكبرى في الدولة العثمانية، وذلك في حياة والده سنة ست وثلاثين، واستمر بخدمة الفتيا ما ينوف عن أربعين، متحلياً بالورع والتقوى، متحرياً الصواب وما عليه الفتوى، وكانت الأسئلة ترد إليه من أقصى البلاد، لما اشتهر عنه من العفة وسلوك منهج السداد، وكانت فتواه نافذة في الآفاق، وهو المرجع عند الاختلاف والشقاق، وكان منهلاً لكل قاصد ورائم، عاملاً بعلمه لا يخشى في الله لومة لائم، محباً للعلماء والأشراف، ولا يحب أن يأكل مرة إلا مع الأضياف، وكثيراً ما كان يترنم بما قيل، من بديع الأقاويل، مما يدل على حالته، وانفراده في جوده وسماحته.
لا مرحباً بالليل إن لم يأتني ... في طيه ضيف ملمٌ نازل
والصبح إن وافى فلا أهلاً به ... إن كان عندي فيه ضيف راحل
والحاصل أنه كان مطبوعاً على المعروف والخير، مجبولاً على المساعدة ودفع الضير، حسن الظن والاعتقاد، بكل حاضر وباد، كثير النصيحة والفوائد، جديراً بالعطايا والعوائد، عظيم الهيبة، كري الشيبة، مجلسه محفوظ من الهزل المخل والفحش والهذيان، لا تخلو أوقاته من الكتابة والإفادة والمراجعة والتحرير في كل آن، وكان متعلقاً بتعمير الجوامع والمساجد، وكان زاهداً في الدنيا معرضاً عما فيها من الحطام، قانعاً بما تيسر من اللباس والطعام، كثير التحمل، صادق التوكل، عريض الجاه بين الورى، مقبول الكلمة عند الحكام والأمرا، وطالما كان ينشد قول من قال، وأحسن في المقال:
ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا ... هم السلاطين والسادات والأمرا
وقد جمع الله له بين العلوم الباطنة والظاهرة، حتى كان في علم الشريعة والحقيقة آية باهرة، مقصوداً للزيارة والرواية عنه من البلاد، موروداً للبركة والدعاء والإمداد، وقد كان علامة المذهبين، مشتهر الفضيلة في الخافقين، أخذ الطريقة الخلوتية البكرية من العارف بالله ذي الإرشاد والتمكين، نجل المحقق الصوفي السيد مصطفى البكري الصديقي وهو السيد كمال الدين. وأخذ هذه الطريقة بعينها عن الفاضل المشهور في كل ناد السيد الشيخ أحمد الصاوي ابي الإرشاد، وتكمل على يد الأستاذ العلامة السيد الشيخ فتح الله المالكي خليفة الأستاذ الصاوي، حينما قدم ليافا عام مائتين وأربعين لزيارة البيت المقدس الذي هو لكل خير حاوي، فأذن له بالخلافة والإرشاد، كما أذن له شيخه أبي الإرشاد، وأخذ عنه الطريقة الدسوقية الإبراهيمية، وحرر له بخطه إجازة سنية، وأخذ الطريقة القادرية عن الشيخ العماوي الفالوجي الهمام، والأحمدية البدوية عن الشيخ صالح العلا ري السادة الكرام، والرفاعية عن صاحب المشرب الأنسي، الشيخ حسن الغزالي الرفاعي القدسي، والشاذلية عن والده السيد سليم الدجاني، ونال من الله الآمال والأماني، وكان له أطوار وأحوال، مع ثبات قدمه على نهج ذوي الكمال، فلم يمنعه ذلك عن دروسه وقراءته، ولا عن طاعته وتقواه وعبادته.
وكان في كل سنة يتوجه إلى القدس والخليل بقصد الزيارة، وله عدة قصائد في مدح السيد الخليل جعلها لنفسه أربح تجارة، وله قصائد عدة يمدح بها غيره من السادة الأخيار، قد جمعها في ديوانه المخصوص بالأشعار، وله بيتان كتبهما على باب سيدنا داود أبي سليمان، عليه وعلى إخوانه الصلاة والسلام والرضوان، وهما:
إن باب الخليفة كعبة فضل ... لاح منه للعالمين ضياء
في الرحاب الشريف نيل العطايا ... من نحاه له المنى والعطاء
وكان يصحبه في الزيارة جمع من المريدين والأخيار، من أكابر أهل العلم والطريق وذوي الصناعة والتجار، كالأستاذ الفاضل الشيخ محمد الجسر الطرابلسي أبي الأحوال، والشيخ العارف الشيخ محمود الرافعي صاحب الكمال، والأستاذ الشيخ صالح اللاذقي الطويل، والأستاذ الكامل الشيخ محمد القاوقجي الشاذلي ابن خليل، وكثير من ذوي المقامات العالية، والمناقب الرفيعة السامية، وكلهم يتأدبون بين يديه، ويعولون في مهمات أمورهم عليه، وأما كشوفاته وكراماته، وأخباره الغيبية وصلاته، ومقاماته المرتقبة إلى ذروة الكمال، فلو أردنا بسطها لخرجنا عن الاختصار المطلوب إلى الإطالة في المقال، وله من بديع التآليف، وجميل التصانيف، عدة وافرة، نفعنا الله به وبعلومه في الدنيا والآخرة، وكان كثير التعلق بالذات المحمدية، وله عدة اشعار يمدح بها ذاته العلية. منها
قد عيل صبري وأيام الصبا ذهبت ... واليد صفر ودمع العين كالديم
ولي حنين سما في كل آونة ... لخير من جاء بالتبيان والحكم
وقد خشيت من الأيام تمنعني ... عن الوصول لباهي النور والشيم
يا رب سهل طريقي في زيارته ... من قبل أن تعتريني شدة الهرم
وله رحمه الله
يا نسمة هبت بطيب من قبا ... أنعشت حباً في الحجاز لقد صبا
سيري لطيبة خبري عن صبها ... ما زال يصبو للمعاهد والربا
وإذا دخلت لروضة قد طهرت ... قولي حسين لإذنكم مترقبا
قد شاب رأساً يا كرام ترحموا ... فعساه يقضي من حماكم مأربا
وله أيضاً
إليك رسول الله وجهت وجهتي ... وأرسيت في تيار جودك مركبي
فمن لي رسول الله منك بنظرة ... أزاحم فيها الأصفياء بمنكبي
وله أيضاً
يا أهل طيبة هل لنا من زورة ... ومتى بقربي يا كرام تجودوا
قد طال هذا الانتظار ولمتي ... بيضاً وفي قلبي يهب وقود
وله أيضاً
ألا ليت شعري والأماني كثيرة ... أأبلغ ما أرجوه من سادة الحمى
وهل أنظرن أرض الحجاز وطيبه ... ومن زمزم يروى الفؤاد من الظما
وله هذان البيتان مع تشطيرهما لأخيه حسن أفندي:
أيا راكباً أما عرضت فبلغن ... ولوعي لخير الخلق في العرب والعجم
فذاك هو المعني وإن قلت نبئن ... شقيقة بدر التم ما بي من النحب
وأكثر حنيني في حماها لعلها ... تمن بإنقاذ المعنى من الكرب
فيا شرفي أن قيل سعداك قد غدت ... تجود بإبدال التباعد بالقرب
وله
رسول الله لاحظني فإني ... ضعفت جوانحاً وكبرت سنا
فلي أمل علا فيكم قوي ... ومن صغري فقد أحسنت ظنا
فقربني رسول الله فضلاً ... وعجل لا تطيل البعد عنا
فبالنظر الشريف العبد يرقى ... إلى مرجاه من سعدى ولبنى
فلاحني فعيل الصبر مني ... عسى فيكم يقر العبد عينا
وله هذه القصيدة يمدح بها المصطفى صلى الله عليه وسلم:
أيا رحمة الدارين والسيد الذي ... لأمته حصن منيع ومعقل
فأنت حبيب الله أشرف كائن ... وأشرف أهل الكون عقلاً وأكمل
فلا خير إلا من جنابك يرتجي ... ولا فضل إلا عن علاك يسلسل
وأنت ملاذ العالمين بأسرهم ... رؤوف رحيم واصل متوكل
عليك مدار الأمر خير من التجى ... إليه وأسنى من به يتوسل
أغثني وأوصل من سعاد حبالنا ... وعجل بتقربي عليك المعول
ولاحظني في كل الشؤون فإنني ... بصنع جميل منكم متأمل
فعنكم أموري يا صفيي أنطتها ... فإنك أنت المنعم المتفضل
عليك صلاة الله ثم سلامه ... مدى الدهر ما قلب بذكر يعلل
وما ابن الدجاني المفتي زاد تشوقاً ... لدار بها خير النبيين منزل
وقال مشطراً بيتي سيدنا حسان في مدح المصطفى صلى الله عليه وسلم:
وأحسن منك لم تر قط عين ... ومجدك لا يواريه علاء
ولا سمعت بمثلك أذن حي ... وأجمل منك لم تلد النساء
خلقت مبرأ من كل عيب ... وشيمتك الفتوة والسخاء
وصورك المصور محض خير ... كأنك قد خلقت كما تشاء
وكم له من قصائد وأبيات، أكثرها في الحكم والتوسلات، قد أفردت بديوان كبير، وهو في قطره معروف وشهير، ثم إنه في منتصف شوال سنة أربع وسبعين ومائتين وألف قاده الشوق والغرام، لحج بيت الله الحرام، فرأى المصطفى صلى الله عليه وسلم في المنام، وشكا إليه الفاقة فتعهد له بتيسير المرام، فعند ذلك شد إزار السفر، وتوجه معتمداً على بارىء البشر، وسار معه جملة من الأفاضل، وذوي الفضائل والفواضل، كأخيه السيد حسن الفاضل الهمام، وابن عمه السيد عبد القادر أبي رباح كعبة السادة الكرام، والسيد عبد اللطيف الرفاعي والسيد أحمد أبي الأنوار، وغيرهم من القادة الأخيار، وبعد قضاء الحج ناداه مولاه، واختاره لجواره واصطفاه، وكانت وفاته بمكة المكرمة في يوم الأحد الحادي والعشرين من ذي الحجة الحرام سنة ألف ومائتين وأربع وسبعين، ودفن في المعلا ما بين آمنة الرضا وخديجة أم المؤمنين، بجوار العالم الدمشقي الشيخ عبد الرحمن الكزبري قدوة المحدثين، وكان مرضه ثلاثة أيام، عليه رحمة الملك السلام.
حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ابن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي.