القاسم بن علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي أبي محمد بهاء الدين

ابن عساكر

تاريخ الولادة527 هـ
تاريخ الوفاة600 هـ
العمر73 سنة
أماكن الإقامة
  • دمشق - سوريا
  • مصر - مصر

نبذة

الْقَاسِم ابْن الْحَافِظ الْكَبِير أبي الْقَاسِم عَليّ بن الْحسن الْحَافِظ الْمُحدث الْفَاضِل بهاء الدّين أَبُو مُحَمَّد بن عَسَاكِر الدِّمَشْقِي ولد سنة سبع وَعشْرين وَخَمْسمِائة وَسمع أَبَاهُ وَعَمه وَأَجَازَ لَهُ أَبُو عبد الله الفراوي وَكَانَ مُحدثا صَدُوقًا متوسط الْمعرفَة قرئَ عَلَيْهِ ابْن لَهِيعَة فَرد بِالضَّمِّ وَمثل هَذَا يكْتب فِي الشُّيُوخ إِلَّا أَن الْحَافِظ بَقِي عَلَيْهِ لقبا.

الترجمة

الْقَاسِم
ابْن الْحَافِظ الْكَبِير أبي الْقَاسِم عَليّ بن الْحسن الْحَافِظ الْمُحدث الْفَاضِل بهاء الدّين أَبُو مُحَمَّد بن عَسَاكِر الدِّمَشْقِي ولد سنة سبع وَعشْرين وَخَمْسمِائة وَسمع أَبَاهُ وَعَمه وَأَجَازَ لَهُ أَبُو عبد الله الفراوي وَكَانَ مُحدثا صَدُوقًا متوسط الْمعرفَة قرئَ عَلَيْهِ ابْن لَهِيعَة فَرد بِالضَّمِّ وَمثل هَذَا يكْتب فِي الشُّيُوخ إِلَّا أَن الْحَافِظ بَقِي عَلَيْهِ لقبا
وَقَالَ الْمُنْذِرِيّ قلت لشَيْخِنَا ابْن الْمفضل أطلق عَلَيْهِ الْحَافِظ قَالَ نعم قد أمْلى عَليّ أَحَادِيث من حفظه ثمَّ بعث إِلَى أُصُوله فقابلتها فَوَجَدتهَا سَوَاء وَقد صنف فَضَائِل بَيت الْمُقَدّس وكتاباً فِي الْجِهَاد وأملى مجَالِس وَولي مشيخة الدَّار النورية بعد أَبِيه فَلم يَأْخُذ من معلومها شَيْئا بل جعله مرْصدًا لمن يقدم عَلَيْهِ من الطّلبَة مَاتَ فِي تَاسِع صفر سنة سِتّمائَة
طبقات الحفاظ - لجلال الدين السيوطي.

 

 

الإِمَامُ المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، العَالِمُ الرَّئِيْسُ، بَهَاءُ الدِّيْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ، القَاسِمُ ابْنُ الحَافِظِ الكَبِيْرِ مُحَدِّثِ العَصْرِ ثِقَةِ الدِّيْنِ أَبِي القَاسِمِ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ هِبَة اللهِ الدِّمَشْقِيُّ الشَّافِعِيُّ المَعْرُوفُ بِابْنِ عَسَاكِرَ، وَمَا علمتُ هَذَا الاسْم فِي أَجدَادِهِ وَلاَ مَنْ لُقِّبَ بِهِ مِنْهُم.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَأَجَازَ لَهُ: الفُرَاوِيّ، وَزَاهِر، وَقَاضِي المَارستَان، وَالحُسَيْن بن عبد الملك، وعبد المنعم بن القُشَيْرِيّ، وَابْنُ السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَهِبَةُ اللهِ بنُ الطَّبَرِ، وَمُحَمَّد بن إِسْمَاعِيْلَ الفَارِسِيّ، وَهِبَة اللهِ بن سهل السيدي، وعبد الجَبَّار الخُوَارِيّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنَ البِلاَد، لقيهُم وَالِده وَلَمْ أَجِدْ لَهُ حُضُوْراً وَلاَ لأَبِيْهِ وَعَمِّهِ الصَّائِن.
سَمِعَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ مِنْ جَمَال الإِسْلاَمِ أَبِي الحَسَنِ السُّلَمِيّ، وَجدّ أَبِيْهِ القَاضِي الزَّكِيّ يَحْيَى بن عَلِيٍّ القُرَشِيّ، وَيَحْيَى بن بِطْرِيْقٍ، وَنَصْر اللهِ بن مُحَمَّدٍ المصِّيْصِيِّ، وَأَبِي الدُّرّ يَاقُوْت الرُّوْمِيّ، وَهِبَة اللهِ بن طَاوُوْس، وَأَبِي طَالِبٍ عَلِيّ بن أَبِي عَقِيْلٍ، وَأَبِي الفُتُوْح أُسَامَة بن مُحَمَّدِ بنِ زَيْدٍ العَلَوِيِّ، وَأَبِي الكَرَمِ يَحْيَى بن عَبْدِ الغَفَّارِ عَنْ رِزْق اللهِ، وَخَال أَبِيْهِ أَبِي المَعَالِي مُحَمَّد بن يَحْيَى بنِ عَلِيٍّ، وَنَاصِر بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُرَشِيّ، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ البُنِّ الأَسَدِيّ، وَالخَضِر بن الحُسَيْنِ بنِ عَبْدَان، وَعَبْدَان بن زَرِّيْنَ الدُّوِيْنِيّ، وَيَحْيَى بن سعدُوْنَ القُرْطُبِيّ، وَالحَافِظ أَبِي سَعْدٍ ابْنِ السَّمَّان، وَأَبِيْهِ أَبِي القَاسِمِ الحَافِظ، فَأَكْثَر إِلَى الغَايَة؛ فَإِنَّنِي مَا علمت أَحَداً سَمِعَ مِنْ أَبِيْهِ أَكْثَر مِنْ هَذَا الابْنِ حَتَّى وَلاَ ابْن الإِمَامِ أَحْمَد، لَعَلَّ القَاسِم سَمِعَ مِنْ أَبِيْهِ ثَلاَثَة آلاَف جُزْء، وَسَمِعَ مِنْ عَمّه الصَّائِن، وَمِنْ أبي يعلى بن الحبوبي، وحمزة بن كروس، وعبد الرحمن بن أَبِي الحَسَنِ الدَّارَانِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن طَاهِرٍ الخشوعي، وعبد الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَسَنِ بنِ أَبِي الْحَدِيد، وَأَبِي البَرَكَاتِ الخَضِر بن عَبْدٍ الحَارِثِيّ، وَنَصْر بن أَحْمَدَ بنِ مُقَاتِل وَأَخِيْهِ عَلِيّ بن أَحْمَدَ، وَمُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ جَعْفَرٍ، وَفَضَائِل بن الحَسَنِ، وَأَبِي العشَائِر مُحَمَّد بن خَلِيْل، وَالوَزِيْر الفَلَكِيّ، وَأَبِي نَصْرٍ غَالِب بن أحمد، ونصر بن قاسم المَقْدِسِيّ المُلَقِّن، وَحُفَّاظ بن الحَسَنِ الغَسَّانِيّ، وَمَحْفُوْظ بن صَصْرَى التَّغْلِبِيّ، وَمُحَمَّد بن كَامِلٍ بن ديسم، وعلي بن الحُسَيْن بن أَشلِيهَا، وَحَمْزَة بن الحَسَنِ بنِ مُفَرِّجٍ الأَزْدِيّ، وَأَبِي طَاهِرٍ رَاشِد بن مُحَمَّدٍ، وَأَبِي الحَسَنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ النَّبِيْهِ، وَعَلِيّ بن زَيْدٍ، وَعَلِيّ بن هِبَةِ اللهِ بنِ خَلْدُوْنَ، وَهِبَة اللهِ بن الْمُسلم الرَّحَبِيّ، وَعَلِيّ بن أَحْمَدَ الحَرَسْتَانِيّ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
وَهُوَ أَوسع رِوَايَة وَسَمَاعاً مِنْ أَبِي الفَرَجِ بن الجَوْزِيِّ، وَلَهُ عَمل جَيِّد، وَلَكِن ابْن الجَوْزِيّ أَعْلَم مِنْهُ بِكَثِيْر بِالرِّجَال وَالمتُوْن وَبعدَة فُنُوْن، وَكُلّ مِنْهُمَا لَمْ يَرْحَلْ، بَلْ قنع أَبُو مُحَمَّد بِبلده وَوَالِده، وَنَاهيك بِذَلِكَ، وَقنع أَبُو الفَرَجِ بِبَغْدَادَ.
نعم، وَحَجّ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي سَنَةِ555، فَسَمِعَ بِمَكَّةَ مِنْ مَسْعُوْد بن الحُصَيْنِ، وَأَحْمَد بن المُقَرِّبِ، وَأَبِي النَّجِيْب السُّهْرَوَرْدِيّ، وَفَخْرِ النِّسَاءِ شُهْدَة. وَسَمِعَ بِمِصْرَ، وَحَدَّثَ بِهَا، وَبِالحِجَاز، وَبَيْت المَقْدِسِ، وَدِمَشْق.
وَكَتَبَ مَا لاَ يُوْصَف كَثْرَة بِخَطِّهِ العَدِيْم الجوْدَة، وَأَملَى، وَصَنَّفَ، وَنُعِتَ بِالحِفْظ وَالفهمِ، وَلَكِنّ خطّه نَادر النَّقْط وَالشّكل.
جمع كِتَاباً كَبِيْراً فِي الجِهَادِ، وَمَا قَصَّر فِيْهِ، وَمُجَلَّداً فِي فَضَائِل القُدْس، وَمُجَلَّداً فِي المَنَاسِك، وَكِتَاباً فِي مَنْ حَدَّثَ بِمَدَائِنِ الشَّامِ وَقُرَاهَا، وَخَرَّجَ لِنَفْسِهِ مُوَافقَات وَأَبَدَالاً وَسُبَاعِيَات، وَأَملَى عِدَّة مَجَالِس، وَرَوَى الكَثِيْر، وَتَفَرَّد بِأَشيَاء عَالية.
ذكره العِزُّ النَّسَّابَةُ فَقَالَ: كَانَ أَحَبَّ مَا إليه المزاح.
وَقَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: هُوَ ثِقَةٌ، لَكِنّ خطّه لاَ يُشبِه خطّ أَهْل الضَّبْط.
وَذَكَرَ المُحَدِّث عبد الرحمن بن مُقَرّبٍ عَنْ نَدَى العُرضِيّ، قَالَ:
قَرَأْتُ عَلَى بَهَاء الدِّيْنِ القَاسِمِ، فَقُلْتُ: عَنِ ابْنِ لَهِيْعَة، فَردّ عليّ بِالضمِّ!
قُلْتُ: ذكر مُحَدِّث أَنَّهُ اجْتَمَع بِالمَدِيْنَةِ بِبَهَاء الدِّيْنِ القَاسِم، فَسَأَلَهُ أَنْ يُحَدِّثهُ، فَرَوَى لَهُ مِنْ حِفْظِهِ أَحَادِيْث، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ قَابل تِلْكَ الأَحَادِيْث بِأَصلهَا، فَوَافَقت، وَبمثل هَذَا يُوْصَف المُحَدِّث فِي زَمَانِنَا بِالحِفْظ.
وَبَلَغَنِي أَنَّ الحَافِظ بَهَاء الدِّيْنِ وَلِي بَعْد أَبِيْهِ مَشْيَخة النّورِيَّة فَمَا تَنَاول مِنَ الجَامكيَّة شَيْئاً، بَلْ كَانَ يُعْطِيه لِمَنْ يَرحل فِي طَلَبِ الحَدِيْثِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو المَوَاهِبِ بنُ صَصْرَى، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ المُفَضَّلِ، وَعَبْد القَادِرِ الرُّهَاوِيّ، وَيُوْسُف بن خَلِيْل، وَوَلَده عِمَاد الدِّيْنِ عَلِيّ بن القاسم، وأبو الطاهر بن الأَنْمَاطِيِّ، وَالتَّاج القُرْطُبِيّ، وَفتَاهُ فَرَج، وَالتَّقِيّ اليَلْدَانِيّ، وَالشِّهَاب القُوْصِيّ، وَعَبْد الغَنِيِّ بن بَنِينَ، وَبَدَل بن أَبِي المُعَمَّر التَّبْرِيْزِيّ، وَالزَّيْن خَالِد بن يوسف، والمجد محمد بن عساكر، والتقي إِسْمَاعِيْل بن أَبِي اليُسْرِ، وَالنُّشْبِيّ وَوَلَده أَبُو بَكْرٍ، وَالكَمَال عَبْد العَزِيْزِ بن عَبْدِ، وَعَبْد الوَهَّابِ بن زَين الأُمَنَاءِ، وَفرَاس بن عَلِيٍّ العَسْقَلاَنِيّ، وَعِمَاد الدِّيْنِ عَبْد الكَرِيْمِ بن الحرستَانِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَبِالإِجَازَة: أَحْمَد بن سَلاَمَةَ الحَدَّاد، وَأَبُو الغَنَائِمِ بنُ عَلاَّنَ، وَطَائِفَة.
أَخْبَرَنَا ابْنُ عَلاَّنَ، وَابْن سَلاَمَةَ، كِتَابَةً، عَنِ القَاسِمِ بن عَلِيٍّ الحَافِظ، أَخْبَرَنَا أَبُو المُفَضَّل يَحْيَى بن عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا حَيْدَرَة بن عَلِيٍّ المُعَبِّر، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُثْمَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ حَذْلَم، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنِي عُقْبَة بن مُكْرَمٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ عَلِيِّ بنِ حُسَيْنٍ، عَنْ مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ: شَهِدت عَلِيّاً وَعُثْمَان بَيْنَ مَكَّة وَالمَدِيْنَة، وَعُثْمَان يَنْهَى عَنِ المتعَة، وَأَنْ لاَ يُجْمَع بَيْنهُمَا، وَأَبَى عَلِيٌّ ذَلِكَ، أَهَلَّ بِهِمَا، فَقَالَ: لبّيك بعُمْرَة وَحجَّة مَعاً، فَقَالَ عُثْمَانُ: أَنْهَى النَّاسَ، وَأَنْت تَفْعَلُه? فَقَالَ: لَمْ أَكن أَدع سُنَّةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِقَوْل أَحَد مِنَ النَّاس.
أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَفِيْهِ أَن مَذْهَب الإِمَام عَلِيّ كَانَ يَرَى مخالفة ولي الأَمْر لأَجْل متَابعَة السُّنَّة، وَهَذَا حسن لِمَنْ قَوِيَ، وَلَمْ يُؤْذِهِ إِمَامه، فَإِنْ آذَاهُ، فَلَهُ ترك السّنَّة، وَلَيْسَ لَهُ ترك الْفَرْض، إلَّا أَنْ يَخَافَ السَّيْفَ.
أَخْبَرَنِي ابْنُ رَافِعٍ أَنَّهُ قرَأَ بِخَطِّ عِمَاد الدِّيْنِ عَلِيّ بن القَاسِمِ الحَافِظ تَرْجَمَة لأَبِيْهِ فَقَالَ: كَانَ وَالِدِي بَهَاء الدِّيْنِ مِنَ الأَئِمَّةِ وَالعُلَمَاء حِيْنَ بلغَ حدّ السَّمْعِ، سَمَّعَهُ عَمَّاهُ الحَافِظُ أَبُو الحُسَيْنِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ مِنَ المَشَايِخ الأَعيَان، ثُمَّ قَدِمَ أَبُوْهُ -يَعْنِي مِنَ الرّحلَة- سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ، فَأَسْمَعَهُ. إِلَى أَنْ قَالَ: فَتَقْرُبُ عِدَّةُ مَشَايِخه مِنْ مائَة شَيْخ، تَفَرَّد بِالرِّوَايَة عَنْ أَكْثَرِهِم، وَلَمْ يَزَلْ يَسْمَعُ، وَيَكْتُب، وَيُؤَلِّف. قَالَ: وَحَجّ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ، فَسَمِعَ بِمَكَّةَ. إِلَى أَنْ قَالَ: وَلَوْلاَ تَبييضُه لِكِتَابِ التَّارِيْخ، وَنقله مِنَ المسوّدَة، لَمَّا قدر الشَّيْخ الكَبِيْر يَعْنِي وَالِده عَلَى إِتقَانه، وَلاَ جَوَّده، فَإِنَّهُ حِيْنَ فَرغ مِنْ تَسْوِيده، عجز عَنْ نَقله، وَتَجديده، وَضَبْطِ مَا فِيْهِ مِنَ المشْكِلِ، وَتَحدِيده، كَأنَّ نَظره قَدْ كَلَّ، وَبصره قَدْ قلّ، فلم يزل وَالِدِي يَكتب، وَيَنْقله مِنَ الأَورَاق الصّغَار وَالظُهُوْر، وَيهذّب إِلَى أَنْ نَجز مِنْهُ نَحْو مائَة وَخَمْسِيْنَ جُزْءاً، وَكَأنَّ بَيْنَهُمَا نَفرَة، فَكَانَ لاَ يَحضر السَّمَاع تِلْكَ المُدَّة، فَحكَى لِي وَالِدِي، قَالَ: ضَاق صَدْرِي، فَأَتَيْتُ الوَالِد لَيْلَة النِّصْف فِي المنَارَة الشَّرْقِيَّة، وَزَال مَا فِي قَلْبه. وَسَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ القُرْطُبِيّ كَثِيْراً يَقُوْلُ عِنْد غَيبَة وَالِدك عَنْهُ: جزَاهُ الله عَنِّي خَيراً، فَلولاَهُ مَا تَمّ التَّارِيْخ، هَذَا أَوْ مَعْنَاهُ.
قُلْتُ: يُقَالُ: إِنَّ الحَافِظ أَبَا القَاسِمِ حَلَفَ أنه لا يكلم ابْنَهُ حَتَّى يَكتبَ التَّارِيْخَ، فَكَتَبَهُ، وَلَمَّا عَمل بَهَاءُ الدِّيْنِ كِتَاب "الجِهَاد"، سَمِعَهُ مِنْهُ كُلّه السُّلْطَان صَلاَح الدِّيْنِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ، قَالَ: فَدعوت فِي أَوله وَآخره بِفَتح بَيْت المَقْدِسِ، فَاسْتجَاب الله ذَلِكَ، وَلَهُ الْحَمد، وَفتح بَيْت المَقْدِسِ فِي السَّادِس وَالعِشْرِيْنَ مِنْ رَجَب سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ وَأَنَا حَاضِرٌ فَتحه.
تُوُفِّيَ الحَافِظ بَهَاء الدِّيْنِ فِي تَاسع صفر سَنَة سِتّ مائَة، وَكَانَتْ جِنَازَته مَشْهُوْدَة.
سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي.

 

 

القاسم بن علي بن الحسن بن هبة الله، أبو محمد، ابن عساكر:
محدّث، من أهل دمشق. زار مصر وأخذ عنه أهلها. وهو ابن صاحب التاريخ الكبير.
له كتب، منها " فضل المدينة " و " الجامع المستقصى في فضائل الأقصى - خ " و " الجهاد " و " مجالس " أملاها. و " فضل زيارة الخليل عليه السلام وموضع قبره وقبور أبنائه الكرام - خ " اقتنيت نسخة منه متقنة كتبت سنة 725  .
-الاعلام للزركلي-

 


الْقَاسِم بن عَليّ بن الْحسن بن هبة الله الْحَافِظ أَبُي مُحَمَّد بن الْحَافِظ أبي الْقَاسِم بن عَسَاكِر
ولد سنة سبع وَعشْرين وَخَمْسمِائة وَسمع بِدِمَشْق من أبي الْحسن السّلمِيّ وَنصر الله المصِّيصِي وَالْقَاضِي أبي الْمَعَالِي مُحَمَّد بن يحيى الْقرشِي وَعَمه الصائن وجد أَبَوَيْهِ وَخلق وَأَجَازَهُ أَكثر شُيُوخ وَالِده وَكتب الْكثير حَتَّى إِنَّه كتب تَارِيخ وَالِده مرَّتَيْنِ وَكَانَ حَافِظًا
وَله كتاب فضل الْمَدِينَة وَكتاب فضل الْمَسْجِد الْأَقْصَى وأملى كثيرا وَحدث
وَسمع مِنْهُ خلق وَكَانَ نَاصِر السّنة مجدا فِي إماتة الْبِدْعَة وَدخل مصر وانتفع بِهِ أَهلهَا
مَاتَ سنة سِتّمائَة
طبقات الشافعية الكبرى - تاج الدين السبكي