عبد الله بن الحسين بن مرعي بن ناصر الدين البغدادي الشافعي الشهير بالسويدي الشيخ الامام العالم العلامة الحبر البحر المدقق الأديب الشاعر المفنن أبو البركات جمال الدين ولد بمحلة الكرخ في الجانب الغربي من بغداد سنة أربع ومائة وألف وتوفي والده وعمره ست سنوات فكفله عمه لأمه الشيخ أحمد سويد وأقرأه القرآن وعلمه صنعة الكتابة وشيئاً من الفقه والنحو والتصوف وأجازه بما يجوز له وهو أخذ عن مشايخ عدة كالشيخ محمد ابن إسمعيل البقري القاهري وآلي أفندي الرومي القسطنطيني صاحب الثبت المشهور في الروم وأخذ أيضاً صاحب الترجمة العربية عن الشيخ حسين بن نوح المعمر الحنفي البغدادي وعن الشيخ سلطان بن ناصرالجبوري الشافعي الخابوري ثم ارتحل للموصل فقرأ على علمائها وأتم المادة في المعقول والمنقول كالشيخ يس أفندي الحنفي وفتح الله أفندي الحنفي ثم رجع إلى بلده بغداد مكملاً للعلوم العقلية والنقلية وتصدر للتدريس والافادة في داره وفي حضرة مزار الامام أبي حنيفة النعمان وفي حضرة مقام الكامل الشيخ عبد القادر الجيلاني وفي المدرسة المرجانية وانتفعت به الطلبة علماً وعملاً واستمر عازباً عاكفاً على الافادة وقرأ في الفقه والأصول جانباً كبيراً على الشيخ محمد الرحبي مفتي الشافعية ببغداد وأجاز له مكاتبة الأستاذ الشيخ عبد الغني النابلسي وأخذ في بغداد مشافهة عن الشهاب أحمد بن محمد عقيلة المكي وذلك حين قدم بغداد زائراً سنة ثلاث وأربعين ومائة وألف والشيخ محمد ابن الطيب المدني قال المصحح محمد ابن الطيب هو محشي القاموس واستاذ الزبيدي شارح القاموس انتهى والعارف مصطفى بن كمال الدين البكري حين ورودهما لبغداد أيضاً للزيارة وحج سنة سبع وخمسين ومائة وألف ذاهباً من بغداد إلى الموصل ومنها إلى حلب ومنها إلى دمشق وأقرأ في حلب دروساً عامة وخاصة وأخذ عنه بها خلق كثيرون منهم الشيخ محمد العقاد الشافعي وأقرأ بدمشق أيضاً وأقبل عليه الطلبة لتلقي العلوم وأخذ عنه بها جماعة وأقرأ بالمدينة المنورة في الروضة المطهرة أطراف الكتب الستة وحضره الأئمة الأفاضل منهم العماد إسمعيل بن محمد العجلوني وأضرابه وأخذ في ذهابه وإيابه عن مشايخ أجلاء وأخذوا عنه ففي حلب عن الشيخ عبد الكريم بن أحمد الشراياتي والشريف محمد بن إبراهيم الطرابلسي الحنفي مفتي حلب ونقيبها والشيخ طه بن مهنا الجبريتي والشيخ محمد الزمار والشيخ علي الدباغ والشيخ محمد المواهبي الشافعي وبدمشق عن العماد إسمعيل العجلوني الجراحي والشهاب أحمد بن علي المنيني وصالح بن إبراهيم الجينيني والشيخ عبد الغني الصيداوي اجتمع به في دمشق وبمكة المشرفة عن الشيخ عمر السقاف سبط عبد الله بن سالم البصري وعن سالم بن عبد الله بن سالم البصري ثم رجع إلى بغداد وألف المؤلفات النافعة كشرح دلائل الخيرات المسمى بأنفع الوسائل في شرح الدلائل وحاشية على المغنى جعلها محاكمة بين شارحيه كالدماميني والشمني وابن الملا والماتن وألف متناً في الاستعارت جمع فيه فأوعى وسماها الجمانات وشرحه شرحاً حافلاً والمقامة المعروفة ضمنها الأمثال السائرة وقرظ له عليها أعيان علماء كل بلد وديوان شعر ولما رحل إلى مكة ألف لذلك رحلة سماها بالنفحة المسكية في الرحلة المكية وغير ذلك من الفوائد وفي سنة ست وخمسين ومائة وألف طلب إلى معسكر طهماز للمناظرة وقصتها مشهورة مدونة وله شعر لطيف منه قوله في مليح صائغ.
وشادن صائغ هام الفؤاد به ... وحبه في سويدا القلب قد رسخا
يا ليتني كنت منفاخاً على فمه ... حتى أقبل فاه كلما نفخا
وقوله مضمناً البيت الأخير
إلى كم أنا أبدي هواكم وأكتم ... ونار الأسى بين الجوانح تضرم
كتمت الهوى حتى أضر بي الهوى ... ولا أحد يدريه والله يعلم
لسان مقالي بالشكاية قاصر ... ولكن طرفي عن هواك يترجم
فيا ليت شعري هل علمت صبابتي ... فتبدي صدوداً أو ترق فترحم
وقال مداعباً لصاحبه السيد حسن وذلك إنه أهدى له في يوم واحد ثلاث هدايا وكان له حبيب اسمه عطيه فقال
يا فاضلاً لا يجاريفي البحث بين البريةوسيداً ذا أياد
بالشكر مني حريهغمرتني بالعطاياوكان حسبي عطيه
وكانت وفاته ضحوة يوم السبت حادي عشري شوال سنة أربع وسبعين ومائة وألف ودفن جوار سيدي معروف الكرخي رضي الله عنه
الثاني عشر - محمد خليل بن علي الحسيني، أبو الفضل. سلك الدرر في أعيان القرن
عبد الله بن حسين بن مرعي بن ناصر الدين البغدادي، أبو البركات السويدي:
فقيه، متأدب، من أعيان العراق. وهو أول من عرف بالسويدي من هذا البيت. ولد في كرخ بغداد، وتوفي والده وهو طفل فكفله عمه لأمه (الشيخ أحمد سويد) وتعلم واشتهر. ورحل إلى بلاد الشام والحجاز وعاد إلى بغداد فتوفي فيها.
له " الجمانة في الاستعارات - خ " و " إتحاف الحبيب - خ " حاشية على مغني اللبيب، و " أنفع الوسائل " في شرح دلائل الخيرات، و " شرح صحيح والبخاري " و " أسماء أهل بدر - ط " رسالة، و " الحجج القطعية لاتفاق الفرق الإسلامية - ط " رسالة، و " الامثال السائرة - ط " مقامة وعظيمة، و " المحاكمة بين الدماميني والشمني " و " ديوان - خ " صغير، في الظاهرية يشتمل على منظوماته، و " النفحة المسكية في الرحلة المكية - خ " وغير ذلك .
-الاعلام للزركلي-
عبد الله السويدي
الشيخ الأجل عبد الله السويدي
له في العلى والفضل والمجد رتبة ... وفي كل حزب في الكمال له شطر
أديب أريب ذو كمال وسؤدد ... سحاب له في كل معرفة قطر
هو ممن يجله الدهر، ويعظمه العصر، ويقدمه الفخر، ويصدره الصدر. مجرة سماء العلوم ونور مرج المنثور والمنظوم. رجل السويدا وواحدها وهمام دار السلام وما جدها. وزند هؤلاء الرجال وساعدها ومعينها في مهام الأدب ومساعدها.
صاحب الأمثال السائرة. والبديهة الغريبة النادرة. وهو النبيه النبيل، الذي ما للوصول إلى كماله سبيل.
رجل العراق، وواحد الأدب على الإطلاق. شمس سماء ذلك البلد، الذي لا يدانيه في فضله أحد، فالكمالات في ذاته محصورة. والفضائل على جنابه مقصورة.
شمس الفضائل خير من بلغ السها ... مجداً وسامى في العلى ادريسا
فهو من حسنات الزمان، وثمار الأمن والأمان. الذي اطلع الكلام فائقاً، وأوقع النظام متناسقا. وهو رونق المقال، المطابق لمقتضى الحال. بحر أدب لا يدرك شاطيه، ونهر كمال لا يمكن تواطيه. من لان له الأدب معطفا، ومنحه ما شاء من البلاغة مقطفا.
له نظم أحلى من الضرب، ونثر يريك في اتساقه العجب، ولكن لم يحضرني منه إلا القليل، وهو على كل حال على الكثير دليل.
فمن نفثاته ومعجز آياته، قوله:
جزم الحبيب بان قلبي قد سلا ... وداً تحكم في الحشاشة أولا
لا والذي جعل الفؤاد أسيره ... ما حال قلبي عن هواك وبدلا
أأحول يا سكني وحبك ساكن ... قلبا من الهجران ظل مبلبلا
وأحيد عمداً عن هواك وانثنى ... عن سالف العهد القديم محولا
فو حق صدق مودتي وتولهي ... لم يحظر السلوان في قلبي ولا
أتظن أني في هواك معذب ... وأبين حبك للأنام تعللا
ما كل من جمع المحامد صالحاً ... للحب أو أضحى لحب موهلا
فو حق طيب رضاك وهو اليتي ... إن لم تدع هجري هجرت الموصلا
فاعطف على صب تصب دموعه ... حتى غدت من ودق سحب أهطلا
وارحم فديتك مغرماً عبثت به ... أيدي الصبابة فاستبيد مجدلا
وانعم بوصل فالوصال زكاة من ... قد كان في فن المحاسن أجملا
واسأل نجوم الليل عن سهري وعن ... عين تراعي النجم أول أولا
لطيف في هذا قول ابن الفارض:
واسأل نجوم الليل هل زار الكرى ... جفني وكيف يزور من لم يعرف
لا غرو أن شحت بغمض جفونها ... عيني وسحت بالدموع الذرف
وقريب منه قول بعضهم:
ولي سنة لم أدر ما سنة الكرى ... كأن جفوني مسمعي والكرى القول
رجع:
بل لا تسل عما حوته جوانحي ... من زفرة فيه الجوانح تصطلى
أيليق في دين الغرام وشرعه ... أني من الهجران أبقى مهملا
فالأم أبقى في هواك مبلبلا ... والام أبقى من قلاك محوقلا
ان كان في تلفي تروم عبادة ... بادر به يا ذا الصباح معجلا
حتى يكون على الدوام مجاهدا ... جازاك ربي بعد ذا وتقبلا
أو كان يرضيك التذلل خاضعاً ... وافيت دارك بالظلام مهرولا
مستغفراً من سوء ذنب جئته ... مستعفيا مستصفحا متنصلا
فكأن حظي في النحوس وطالعي ... ان لم أجد بدري تخير منزلا
ترجم له خليل المرادي في سلك الدرر 3: 84 فقال: عبد الله بن الحسين بن مرعي بن ناصر الدين البغدادي الشافعي، الشهير بالسويدي. الشيخ الامام. العالم العلامة الحبر البحر المدقق الأديب الشاعر المفنن. ابو البركات جمال الدين. ولد بمحلة الكرخ في الجانب الغربي من بغداد سنة اربع ومائة والف. وتوفي والده وعمره ست سنوات، فكفله عمه لامه الشيخ أحمد بن سويد وأقرأه القرآن، وعلمه صنعة الكتابة. وشيئا من الفقه، والنحو، والتصوف. وأجازه بما يجوز له. وهو أخذ مشايخ عن عدة كالشيخ محمد ابن اسماعيل البقري القاهري، وآلي افندي الرومي القسطنطيني صاحب الثبت المشهور في الروم. واخذ ايضا صاحب الترجمة العربية عن الشيخ حسين بن نوح المعمر الحنفي البغدادي، وعن الشيخ سلطان بن ناصر الجبوري الشافعي الخابوري.
ثم ارتحل الى الموصل فقرأ على علمائها وائمة المادة في المعقول والمنقول كالشيخ ياسين افندي الحنفي، وفتح الله افندي الحنفي
ثم رجع الى بلده بغداد مكملا للعلوم العقلية والنقلية. وتصدر التدريس والافادة، في داره وفي حضرة مزار الامام ابي حنيفة النعمان، وفي حضرة مقام الكامل الشيخ عبد القادر الجيلاني، وفي المدرسة المرجانية. وانتفعت به الطلبة علما وعملا. واستمر عازبا عاكفا على الافادة.
وقرأ في الفقه والأصول جانبا كبيرا على الشيخ محمد الرحبي مفتي الشافعية ببغداد. واجاز له مكاتبة الاستاذ الشيخ عبد الغني النابلسي. واخذ في بغداد مشافهة عن الشهاب أحمد بن محمد بن عقيلة المكي، وذلك حين قدم بغداد زائرا سنة ثلاث واربعين ومائة والف. والشيخ محمد بن الطيب المدني وهو محشي القاموس واستاذ الزبيدي شارح القاموس والعارف مصطفى بن كمال الدين البكري، حين ورودهما لبغداد أيضا للزيارة.
وحج سنة سبع وخمسين ومائة والف، ذاهبا من بغداد الى الموصل، ومنها الى حلب، ومنها الى دمشق. واقرأ في حلب دروسا عامة وخاصة، واخذ عنه بها خلق كثيرون منهم الشيخ محمد العقاد الشافعي واقرأ بدمشق أيضا، واقبل عليه الطلبة لتلقي العلوم، أخذ عنه بها جماعة، وأقرأ بالمدينة المنورة في الروضة المطهرة أطراف الكتب الستة وحضره الائمة الافاضل، منهم العماد أسماعيل بن محمد العجلوني واضرابه.
وأخذ في ذهابه وايابه عن مشايخ اجلاء واخذوا عنه. ففي حلب عن الشيخ عبد الكريم بن أحمد الشراباتي والشريف محمد بن ابراهيم الطرابلسي الحنفي مفتي حلب ونقيبها، والشيخ طه بن مهنا الجبريني. والشيخ محمد الزمار. والشيخ علي الدباغ، والشيخ محمد المواهبي الشافعي.
وبدمشق عن العماد اسماعيل العجلوني الجراحي، والشهاب احمد بن علي المنيني، وصالح بن ابراهيم الجينيني، والشيخ عبد الغني الصيداوي اجتمع به في دمشق.
وبمكة المشرفة عن الشيخ عمر السقاف سبط عبد الله بن سالم البصري، وعن سالم بن عبد الله بن سالم البصري رجع الى بغداد والف المؤلفات النافعة كشرح دلائل الخيرات المسمى بانفع الوسائل في شرح الدلائل.
وحاشيته على المغنى جعلها محاكمة بين شارحيه كالدماميني والشمني وابن الملا والماتن. والف متنافي الاستعارات جمع فيه فاوعى وسماها الجمانات، وشرحه شرحا حافلا. والمقامة المعروفة ضمنها الأمثال السائرة، وقرظ له عليها أعيان علماء كل بلد. وديوان شعر.
ولما رحل الى مكة الف لذلك رحلة سماها بالنفحة المسكية في الرحلة المكية، وغير ذلك من الفوائد.
وفي سنة ست وخمسين ومائة والف طلب الى معسكر طهماز للمناظرة وقصتها مشهورة مدونة وله شعر لطيف
واورد له منه نماذج وكانت وفاته ضحوة يوم السبت حادي عشر شوال سنة اربع وسبعين ومائة والف.
ودفن جوار سيدي معروف الكرخي رضي الله عنه.
وترجم له محمد الغلامي في شمامة العنبر 323 وختم به كتابه فقال: عبد الله افندي السويدي البغدادي بقية من بقايا رجال السويدا. وبهذا المعنى جعلته حسن الختام، فختمت به هذه الاعمال كما ختمت الصلاة بالسلام. وتفاءلت بمسقط رأسه ان الله يسعدنا في اواخر اعمالنا بنفحة من دار السلام. وماذا عسى أن أقول في حقه وقد طارت اجنحة الاخبار بفضله الى البلاد، كما ملأ الدروب، وأضاء به الافق الذي لم تبزغ به طلعته فاستوى فيها الاشراق والغروب ورد علينا الى الموصل فاجتمعت به وهو نازل على عبد الله بن ابدال، وانا يومئذ اتوقى عين بقة في المقال. لي من العذار لجام يمنعني من الكلام، في مثل ذلك المقام. فوقعت من البغدادي على باقعة، يتلفت للسؤال ليركب عليه الأجوبة التي هي للصواب جامعة رأيت له ابياتا مليحة في ايدي غلمان صاحب المجلس، هي حتى الآن في صدري يوسس. كان قد هوى غلاما موصليا من ابناء التجار، فاشتط عليه الغلام ان يكلمه الا بعرض حال، هو من الفصاحة كالروض النضار قد تضمن نظما ونثرا تحار به الافكار
ثم ذكر عرض حال السويدي الى الغلام وقصيدة لامية سيذكرها صاحب الروض داخل العرض حال.
وترجم له الالوسي في المسك الاذفر 60 - 64 وبروكلمان 2: 459 وتكملته 2: 508 ومعجم المطبوعات العربية 1066. ومجلة المجمع العلمي العربي 8: 449 والاعلام 4: 209 وكتبه المطبوعة اسماء اهل بدر. والحجج العظيمة لا تفاق الفرق الاسلامية، والامثال السائرة
كتاب الروض النضر في ترجمة أدباء العصر-الجزء الثالث-عصام الدين عثمان بن علي بن مراد العمري-ص95-100