يوسف بن شاهين الكركي القاهري أبي المحاسن جمال الدين

سبط ابن حجر

تاريخ الولادة828 هـ
تاريخ الوفاة899 هـ
العمر71 سنة
مكان الولادةغير معروف
مكان الوفاةغير معروف
أماكن الإقامة
  • القاهرة - مصر

نبذة

يُوسُف بن شاهين الْجمال أَبُو المحاسن ابْن الْأَمِير أَبى أَحْمد العلائي قطلوبغا الكركي القاهري الحنفي. ثمَّ الشافعي سبط الْحَافِظ ابْن حجر ولد لَيْلَة الْإِثْنَيْنِ ثامن ربيع الأول سنة 828 ثَمَان وَعشْرين وثمان مائَة. وَسمع على جده أَبُو امهِ الْمَذْكُور كثيرا وعَلى الْبُرْهَان بن حصر والبدر بن الْقطَّان وَجَمَاعَة.

الترجمة

يُوسُف بن شاهين الْجمال أَبُو المحاسن ابْن الْأَمِير أَبى أَحْمد العلائي قطلوبغا الكركي القاهري الحنفي
ثمَّ الشافعي سبط الْحَافِظ ابْن حجر ولد لَيْلَة الْإِثْنَيْنِ ثامن ربيع الأول سنة 828 ثَمَان وَعشْرين وثمان مائَة
وَسمع على جده أَبُو امهِ الْمَذْكُور كثيرا وعَلى الْبُرْهَان بن حصر والبدر بن الْقطَّان وَجَمَاعَة آخَرين وَقَرَأَ فِي الْفُنُون على أَبى الْجُود والجلال الْمحلى والرشيدي وأمعن فِي الطلب وَدَار على الشُّيُوخ وَكتب الْأَجْزَاء والطباق وصنف مصنفات مِنْهَا رونق الْأَلْفَاظ لمعجم الْحفاظ وتعريف الْقدر بليلة الْقدر والمنتجب شرح الْمُنْتَخب فِي عُلُوم الحَدِيث للعلاء التركماني وروى الظمان من صافي الزلالة بتخريج أَحَادِيث الرسَالَة وبلوغ الرَّجَاء بالخطب على حُرُوف الهجاء والنفع الْعَام بخطب الْعَام ومنحة الْكِرَام بشرح بُلُوغ المرام وَالْمجْمَع النفيس لمعجم اتِّبَاع ابْن إدريس فِي أَربع مجلدات وَغير ذَلِك وَقد طَار ذكره فِي الْآفَاق وتناقلت مؤلفاته الرفاق وَأما السخاوي فِي الضَّوْء اللامع فَجرى على قَاعِدَته المألوفة فِي معاصريه وأقرانه فترجم صَاحب التَّرْجَمَة بِمَا هُوَ مَحْض السباب والانتقاض لَا لسَبَب يُوجب ذَلِك بل لمُجَرّد كَونه كَانَ يعْتَرض على جده الْحَافِظ بن حجر أَو يغلط فِي بعض الْأَحْوَال كَمَا هُوَ شَأْن الْبشر وَمَات فِي سنة 899 تسع وَتِسْعين وثمان مائَة
البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع - لمحمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمن

 


يُوسُف بن شاهين الْجمال أَبُو المحاسن بن الْأَمِير أبي أَحْمد العلائي قطلوبغا الكركي القاهري الْحَنَفِيّ ثمَّ الشَّافِعِي / سبط شَيخنَا والماضي أَبوهُ. ولد كَمَا قرأته بِخَط جده فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ عِنْد صَلَاة الْعشَاء ثامن ربيع الأول سنة ثَمَان وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ عَزِيزًا مكرما فِي حجر جديه واستجيز لَهُ غير وَاحِد من المسندين مِنْهُم الْكَمَال بن خير وَسمع على جده كثيرا بل قَرَأَ لَهُ على تجار البالسية جُزْءا وَسمع على غَيره يَسِيرا وَكَانَ بزِي أَبنَاء الْجند حَتَّى فِي الْمَذْهَب فأشير إِلَيْهِ بالتزيي بالفقهاء وبالانتماء للشَّافِعِيَّة وَقرر فِي نظر المنكوتمرية لكَونه أرشد الْمَوْجُودين من ذُرِّيَّة الْوَاقِف وَقَرَأَ حِينَئِذٍ على الْبُرْهَان بن خضر والبدر بن الْقطَّان يَسِيرا وَكَذَا قَرَأَ على جده فِيمَا شَاهَدْنَاهُ التَّقْرِيب وَغَيره وَكتب عَنهُ فِي الأمالي وقابل عَلَيْهِ أَشْيَاء من تصانيفه وَقَرَأَ عَلَيْهِ دَاخل الْبَيْت البُخَارِيّ والنخبة وَتردد مَعنا يَسِيرا إِلَى الْعِزّ بن الْفُرَات وَقُرِئَ عِنْده الْيَسِير على غَيره من المسندين كالزين شعْبَان وَابْن يَعْقُوب وَعبد الرَّحِيم الْمَنَاوِيّ والسويفي وَمَا أَكثر من ذَلِك بل كنت أقصد التجوه بِهِ عِنْد ابْن الْفُرَات فَلَا يتَّفق إِلَّا فِي الْيَسِير من الْأَوْقَات، وَحج فِي حَيَاة جديه سنة ثَمَان وَأَرْبَعين ثمَّ بعد ذَلِك وَلما مَاتَ جده اشْتغل يَسِيرا فَأخذ الْفَرَائِض عَن أبي الْجُود وَحضر التَّقْسِيم عِنْد الْعَلَاء القلقشندي ويسيرا عِنْد الْجلَال الْمحلي وَكَذَا حضر عِنْد الأبدي فِي الْعرُوض وَنَحْوه وَتردد لغَيرهم وعاونه الشَّمْس الْمحلي الَّذِي كَانَ منتميا للولوي بن البُلْقِينِيّ فِي نظم أَشْيَاء مِنْهَا مرثية فِي جده كتبتها فِي الْجَوَاهِر وَمِنْهَا قصيدة حاكى بهَا جده الَّذِي حاكى بهَا ابْن كثير أَولهَا:
(بني شاهين قد زَادَت خطيئته ... لَا واخذ الله من قد خَاضَ فِي خَبره)
(بني شاهين مَا أغباه من رجل ... فالحقد وَالْمَكْر وَالْمَكْرُوه من سيره)
(بني شاهين مَا أهداه من هذر ... يَقُول مَا شَاءَ فِي ورد وَفِي صَدره)
وَقَرَأَ على الرَّشِيدِيّ جملَة وَحصل خُصُوصا عِنْد انْتِهَاء غَالب المعتبرين من شُيُوخ الرِّوَايَة فَإِنَّهُ قَامَ وَطلب وَدَار على الْمُتَأَخِّرين وَأكْثر من كِتَابَة الْأَجْزَاء وَغَيرهَا وَكَانَ فيهمَا كحاطب ليل، وصاهر أكبر القائمين فِي مقاهرة جده الولوي الْمشَار إِلَيْهِ فَتزَوج أُخْته واستولدها أَوْلَادًا ومدحه لما ولي الشَّام بقوله كَمَا رَأَيْته بِخَطِّهِ:
(بشر بِلَاد الشَّام مَعَ سكانها ... بولِي دين قد وَليهَا حَاكما)
(حبر إِمَام ناسك متعفف ... بالعز لم يبرح مهابا راحما)
وَبِقَوْلِهِ أَيْضا:
(لتهن بك العلياء يَا شيخ عصره ... وَيَا عَالما حَاز الْكَمَال بأسره)
(وَيَا مُفردا فِي وقتنا بولائه ... فدم فِي أَمَان بِالْوَلَاءِ وَنَصره)
وَأنكر الْعُقَلَاء هَذَا كُله وقاسى مشقة وَآل الْأَمر إِلَى الْفِرَاق وهجوها بقصيدة بعد أَن سَافر إِلَى الشَّام وَكيلا عَنْهَا وَعَن أُخْتهَا فِي ضبط تَرِكَة أخيهما الْمشَار إِلَيْهِ مِمَّا كَانَ الأولى بِهِ خِلَافه وَلم يحصل على طائل نعم أَخذ فِي هَذِه السفرة عَن من أدْركهُ هُنَاكَ من بقايا المسندين وامتدح قاضيه ابْن الخيضري بقوله:
(لتهن بك العلياء يَا قطب عصره ... وَيَا حَافِظًا حَاز الفخار بأسره)
(وَيَا مُفردا فِي وقتنا بذكائه ... فدم فِي أَمَان بالهناء وَنَصره)
وَتزَوج بعْدهَا امْرَأَة كَبِيرَة ورث مِنْهَا قدرا توصل بِهِ لتزوج أُخْت عبد الْبر بن الشّحْنَة وَصَارَ فِي وسط بَيتهمْ وَأَعْطَاهُ جده نصف ترتيبه لطبقات الْحفاظ للذهبي وأرشده للتكميل عَلَيْهِ فَفعل وَلكنه لم يتم إِلَّا بعد وَفَاته وَسَماهُ رونق الْأَلْفَاظ لمعجم الْحفاظ وَالْتمس من العلمي البُلْقِينِيّ تقريظه فَرَآهُ نقل عَن جده أَشْيَاء فأفحش فِي إنكارها بِهَامِش النُّسْخَة فِي غير مَا مَوضِع مِمَّا لَا أحب ذكره لما تضمن من انتقاص شَيخنَا ثمَّ اسْترْضى حَتَّى كتب وَكَانَ فِي غنية عَن هَذَا وَكَذَا كتب لَهُ القطب الخيضري على الْكتاب اسْمه بعد وَصفه إِيَّاه فِي الْخطْبَة بشيخه الْعَلامَة حَافظ الْوَقْت وَكَذَا وصف التقي القلقشندي بشيخه وَمَا عَلمته قَرَأَ على وَاحِد مِنْهُمَا وَإِن وَقع فَلَيْسَ مِمَّا يفتخر بِهِ، وَقَالَ أَيْضا فِيمَا قرأته بِخَطِّهِ أَنه صنف تَعْرِيف الْقدر بليلة الْقدر والمنتجب بشرح المنتجب فِي عُلُوم الحَدِيث للعلاء التركماني وروى الظمآن من صافي الزلالة بتخريج أَحَادِيث الرسَالَة وبلوغ الرَّجَاء بالخطب على حُرُوف الهجاء والنفع الْعَام بخطب الْعَام ومنحة الْكِرَام بشرح بُلُوغ المرام وَالْمجْمَع النفيس بمعجم اتِّبَاع ابْن إِدْرِيس فِي أَربع مجلدات والفوائد الوفية بترتيب طَبَقَات الصُّوفِيَّة والنجوم الزاهرة بأخبا قُضَاة مصر والقاهرة وَقد رَأَيْت هَذَا الْكتاب خَاصَّة وَهُوَ مُخْتَصر لخص فِيهِ رفع الأصر من نُسْخَتي وَكتب من هوامشها مَا أثْبته من تراجم من تَأَخّر وَزَاد أَشْيَاء مُنكرَة وأساء الصَّنِيع جدا حَيْثُ وصف تصنيف جده بقوله وجدت فِيهِ بعض إعواز فِي مَوَاضِع مِنْهَا إسهابه فِي بعض التراجم وإجحافه فِي بَعْضهَا وَمِنْهَا إخلاله بتحرير من تَكَرَّرت ولَايَته والاقتصار على ذكر بَعْضهَا وَمِنْهَا إغفاله ذكر من أَخذ المترجم عَنهُ وبمن صرف فِي الْغَالِب وَمِنْهَا إهماله بعض تراجم أسقطها أصلا رَأْسا ولعلها كَانَت فِي زجاجات فَلم يظفر بهَا المبيض إِلَى أَن قَالَ وأناقش الْمُؤلف فِي مَوَاضِع قد قلد فِيهَا غَيره وَهِي مُنكرَة وَقَالَ فِي مَوضِع آخر من الْكتاب وَإِذا تَأمل الْمنصف يتَحَقَّق أَن الصَّوَاب مَا حررناه وَأَن شَيخنَا رَحمَه الله لم يحرر هَذَا الْكتاب فَهَذَا الْموضع من الْمَوَاضِع الَّتِي قلد فِيهَا بعض من صنف من الْقُضَاة وَلم يحررها وَفَوق كل ذِي علم عليم انْتهى. وَلذَلِك كتب الْمُحب بن الشّحْنَة قبل مصاهرته إِذْ وقف على هَذَا مَا نَصه: كَأَنَّهُ ينْسب جده إِلَى الْقُصُور فِي البلاغة وَإِلَى قلَّة الْمعرفَة بالأدب وَأَنه أبْصر مِنْهُ بِذَاكَ ثمَّ بَين أَن الصَّوَاب جزازات لَا زجاجات قلت وَالْإِنْكَار عَلَيْهِ فِي هَذَا الصَّنِيع أَنه لَو فرض صِحَة قَوْله فَكيف وَتلك كَلِمَات رام أَن يَعْلُو بهَا فهبط، وَمن القبائح الَّتِي رَأَيْتهَا فِي هَذَا الْمُخْتَصر أَنه عقد فصلا فِيمَن حصلت لَهُ محنة بعد دُخُوله فِي المنصب بِضَرْب أَو سجن أَو إِتْلَاف روح وَكَأَنَّهُ جعل لمن تَأَخّر مُسْتَندا وَكَذَا عقد لمن ولي الْقَضَاء من الموَالِي تَرْجَمَة وَذكر لبَعض أَصْحَابه أَنه قصد بذلك أَن يكون لَهُ بهم أُسْوَة إِذا ولي وَبِاللَّهِ يَا أخي اعذرني فِيمَا أَشرت إِلَيْهِ فَحق شَيخنَا مقدم، وَعمل جُزْءا جرد فِيهِ أَسمَاء الشُّيُوخ الَّذين أَجَازُوا لَهُ وَنَحْوهم فِي كراريس لَا تراجم فِيهَا وَقع لَهُ فِيهِ تَحْرِيف أَسمَاء لكَون اعْتِمَاده فِيهَا على النَّقْل من الاستدعاآت ومواضع سقط عَلَيْهِ من الْأَنْسَاب فَلَزِمَ تَكْرِير الْوَاحِد فِي موضِعين فَأكْثر وَهُوَ لَا يشْعر وَرُبمَا يكون تكرارهما فِي مَوضِع وَاحِد وأماكن يضبطها بالحروف أَو بالقلم وَهِي خطأ ومواضع لَا يحسن قرَاءَتهَا فيخليها من النقط فضلا عَن الضَّبْط وأماكن يحذف مَا تكون شهرة الْمَرْء بِهِ بِحَيْثُ يمر عَلَيْهِ من يعرفهُ فيظنه آخر لعدم اشتهاره بذلك بل رُبمَا يكون ذَاك الْوَصْف مَعَ ذَلِك للمذكور تنقيصا إِلَى غير ذَلِك مِمَّا الْحَامِل على التَّعَرُّض لَهُ مَا سبق وَمن كَانَ هَذَا شَأْنه فِي شُيُوخه لَا يَلِيق بِهِ أَن يصنف فضلا عَمَّا تقدم وَسمعت أَنه خرج لنَفسِهِ المتباينات والمعجم والفهرست ولشيخه الخيضري المعجم وللبهاء المشهدي العشاريات وَأَشْيَاء كلهَا خبط وخلط وَإِن لم أرها نعم رَأَيْت مُعْجم الخيضري وَهُوَ مهمل لمهمل. وَمن رام تَفْصِيل مَا أجملته فليأت بِمَا شَاءَ مِمَّا عينته وَقد كتب بِخَطِّهِ الْكثير لنَفسِهِ وَبَعض ذَلِك بِالْأُجْرَةِ وَلَيْسَ خطه بالطائل لَا سندا وَلَا متْنا بل وَلَا يعْتَمد عَلَيْهِ فِي كثير مِمَّا يبديه لتساهله ورأيته كتب عَليّ بعض الاستدعاآت:
(يَقُول عبيد الله يُوسُف أَنه ... أجَاز لَهُم لفظا كتابا بِخَطِّهِ)
(فيروون مَا يروي سَمَاعا محققا ... ويروون مَا عِنْدِي مجَازًا بِشَرْطِهِ)
(وَمَا حررت كفاي من كل نخبة ... وَمَا قلته نظما ونثرا بضبطه)
وَقد ولي الخطابة بِجَامِع ابْن شرف الدّين وأخيرا بِالْمَدْرَسَةِ المزهرية أول مَا فتحت ثمَّ نقل عَنْهَا لمشيخة الصُّوفِيَّة بهَا بعد ابْن قَاسم ومشيخة التصوف بوقف قراقوش فِي خَان السَّبِيل وتدريس الحَدِيث بالبيبرسية برغبة الزين قَاسم وبالمنصورية برغبة بني الْأَمَانَة وَقِرَاءَة الحَدِيث بِجَامِع الفكاهين ثمَّ أخيرا بَين يَدي السُّلْطَان فِي القلعة حِين انْفِصَال الإِمَام الكركي والتحدث على جِهَات لم يحسن التَّصَرُّف فِيهَا وبواسطة ذَلِك تلاشى أَمر الْمدرسَة المنكوتمرية وفرط فِي أَشْيَاء من كتب وَغَيرهَا بِحَيْثُ أملق وَرغب عَن وظائفه وَبَاعَ كتبه وَمَا صَار إِلَيْهِ من جدته من رزق وأملاك وَنَحْوهَا وأنفد ذَلِك عَن آخِره مَعَ استبدال قاعة سكن جده وَغَيرهَا من الْأَوْقَاف الَّتِي كَانَ يتحدث إِلَيْهَا مِمَّا صَار ثمنه أَو أَكْثَره فِي جِهَته وضيع حق الله فِي ذَلِك وَحقّ الْآدَمِيّين فَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَلَوْلَا لطف الله بِهِ فِي استقراره عقب الدَّمِيرِيّ فِي حواصل البيمارستان بعناية الخيضري بِحَيْثُ ارتفق بملومها والمنفوع لَكَانَ الْأَمر أَشد، وَلم يزل على حَاله حَتَّى مَاتَت تَحْتَهُ ابْنة المحبي بن الشّحْنَة وَلم يحصل بعْدهَا على طائل ثمَّ مَاتَ هُوَ فِي أَوَائِل سنة تسع وَتِسْعين رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ وَكَانَ قد رام التَّوَصُّل لكتب جده بعد مَوته بِمَا كَانَ السَّبَب لإتلاف أَكْثَرهَا وهجا خَاله بِسَبَبِهَا وَغَيره فَقَالَ:
(قُولُوا لخالي الَّذِي قد كنت راجيه ... عِنْد الشدائد فِي تَقْدِيم إجلالي)
(ضيعت كتبا بِلَا حق خسرت بهَا ... دنيا وَأُخْرَى فقد آذيت يَا خَالِي)
وَقَالَ أَيْضا:
(قُولُوا لخال قد غَدا خَالِيا ... من عقله وَالْعلم وَالْمَال)
(أخليت دَار الحبر من كتبهَا ... وَيحك مذ أَدْعُوك يَا خَالِي)
فِي أَشْيَاء اقْتَضَت لخاله التحرك عَلَيْهِ حِين بلغه أَنه انْتقصَ جده بِأَمْر لَا يجوز نسبته إِلَيْهِ وَبلغ صَاحب التَّرْجَمَة من بعض الْمُفْتِينَ لَهُ المهولين فِي كِتَابَته فَتوجه للْقَاضِي علم الدّين واعترف عِنْده بذلك وَعمل مصْلحَته بِحَيْثُ سد الْبَاب عَن تطرق خَاله إِلَيْهِ وَكَذَا ذكر وَالِد نَفسه بِمَا لَا يُعجبهُ لَا لِمَعْنى يَقْتَضِيهِ حَيْثُ قَالَ وَكَانَ فِي خلقه شدَّة وزعارة، وَنسبه إِلَى الخسة، وعَلى كل حَال فَهُوَ إِنْسَان سَاكن حسن الْفَهم متعبد بِالصَّوْمِ منجمع عَن النَّاس لكنه من أَبنَاء التّرْك مستبد بِرَأْي نَفسه مَعَ نقص رَأْيه وعقله والأنسب فِي حَقه السُّكُوت وَالله تَعَالَى يحسن عاقبتنا وإياه، وَقد كتبت عَنهُ وَنحن بعمريط من الشرقية فِي سنة إِحْدَى وَخمسين مَا قَالَ أَنه لَهُ وَهُوَ:
(وَرب غُصْن غنج طرفه ... ذِي وجنة حمرا وَقد قويم)
(سَأَلته مَا الِاسْم يَا باخلا ... بالوصل قل لي قَالَ عبد الْكَرِيم)
وقرضهما لَهُ الشهَاب الْحِجَازِي والبقاعي بِمَا أوردته فِي البقاعي من المعجم وجازف فترجمه بِمَا أوردهُ بنصه فَقَالَ ولد بعد سنة خمس وَعشْرين بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَ أَبوهُ مقربا عِنْد الْمُؤَيد فَلَمَّا مَاتَ ساءت حَاله ثمَّ توفيت زَوجته فربي يُوسُف هَذَا عِنْد جده مدللا، وَكَانَ متزييا بزِي الأجناد متمذهبا لأبي حنيفَة، وَرمى النشاب فأجاد فَلَمَّا بلغ آنس رشدا فحج سنة ثَمَان وَأَرْبَعين فَلَمَّا رَجَعَ تحول شافعيا وَأَقْبل على الِاشْتِغَال بِعلم الحَدِيث وَكِتَابَة مصنفات جده وسماعها عَلَيْهِ وقراءتها بِنَفسِهِ وأكب على سَماع الْأَجْزَاء والكتب فَسمع ابْن الْفُرَات وَكَثِيرًا من أكَابِر الْمَشَايِخ فَفتح عَلَيْهِ وبرع فِي مُدَّة يسيرَة مَعَ الِاشْتِغَال بِغَيْر ذَلِك من الْعلم وصيانة النَّفس واستئلاف الطّلبَة ثمَّ اسْتَأْذن السُّلْطَان فِي التزيي بزِي الْفُقَهَاء فَأذن لَهُ فزاده ذَلِك خيرا مَعَ الدّين والعفة وَترك تعَاطِي الرياسة فِي دولة جده أَو التفاته إِلَى شَيْء من تعلقات الْقَضَاء وَرغب عَمَّا كَانَ سَمَّاهُ جده باسمه من ذَلِك، وَفرغ للاشتغال بِالْعلمِ ذهنه وأنصب فِي طلبه عينه وَأذنه ونظم الشّعْر ثمَّ سَاق عَنهُ الْمَقْطُوع الْمَاضِي، وفيهَا مجازفات كَثِيرَة لأغراض فَاسِدَة، وَمِمَّا أبرزه قَدِيما مقامة قرضها لَهُ الْبَدْر ابْن المخلطة وكاتبه بِمَا أوردته فِي تَرْجَمته من المعجم رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
ـ الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي.

 


يوسف بن شاهين الجَمالُ بنُ الأمير أحمدَ العلائي قطلوبغا، الكركيُّ، الحنفيُّ، ثم الشافعيُّ، سِبْط الحافِظ ابنِ حجر.
ولد سنة 828، سمع على جده - أبي أمه - كثيرًا، وعلى ابن القطان، وجماعة آخرين، وقرأ في الفنون على المحلي، والرشيدي، ودار على الشيوخ، وكتب الأجزاء، وصنف مصنفات، منها: "رونق الألفاظ لمعجم الحفاظ"، و"المنتخب بشرح المنتخب" في علوم الحديث، و"منحة الكرام بشرح بلوغ المرام"، وقد طار ذكرُه في الآفاق، وتناقلت مؤلفاته الرفاق. وأما السخاوي في "الضوء اللامع"، فجرى على قاعدته المألوفة [في] معاصريه وأقرانه، فترجم صاحبَ الترجمة بما هو محضُ السباب والانتقاص، [و] لا سبب يوجب ذلك، بل مجرد كونه يعترض على جده ابن حجر، أو يغلط في بعض الأحوال كما هو شأن البشر، مات سنة 899، انتهى. قلت: وعندي نسخة من "بلوغ المرام" منقولة عن نسخة الحافظ الإمام، وعليها قراءة سبطه هذا بقلمه، وقد قرأ في هذه النسخة جماعةٌ من الحفاظ على شيخ الإسلام زكريا الأنصاري، مَنَّ الله تعالى بتيسيرها عليَّ في هذا العصر الأخير، وقد صحح جماعة من أهل العلم نسخَهم عليها في شهرنا هذا ربيع الأول من شهور سنة 1298، ولله الحمد.
التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول - أبو الِطيب محمد صديق خان البخاري القِنَّوجي.

 


سِبْط ابنِ حَجَر
(828 - 899 هـ = 1425 - 1493 م)
يوسف بن شاهين الكركي، أبو المحاسب، جمال الدين، سبط أحمد بن حجر العسقلاني:
مؤرخ، فقيه، له معرفة بالأدب. من أهل القاهرة.
من كتبه " رونق الألفاظ بمعجم الحفاظ " منه المجلد الثاني مخطوط، وهو ذيل على طبقات الحفاظ للذهبي، و " المجمع النفيس بمعجم أتباع ابن إدريس " في طبقات الشافعية، أربع مجلدات، الجزءان الأول والرابع منه مخطوطان بخطه في مكتبة الشيخ سعد محمد حسن بالقاهرة ، و " الفوائد الوفية بترتيب طبقات الصوفية " و " بلوغ الرجاء بالخطب على حروف الهجاء " و " المنتخب بشرح المنتخب " للعلاء التركماني، في علوم الحديث، و " ريّ الظمآن من صافي الزلالة بتخريج أحاديث الرسالة " و " النجوم الزاهرة بأخبار قضاة مصر والقاهرة " رآه السخاوي، وقال: هو مختصر لخص فيه رفع الإصر من نسختي وكتب من هوامشها ما أثبته من تراجم من تأخر، وزاد أشياء منكرة وأساء الصنيع، فإنه وصف تصنيف جده بالنقص والإخلال إلخ. وله " جزء " جرد فيه أسماء الشيوخ الذين أجازوا له ونحوهم في كراريس لا تراجم فيها، انتقده السخاوي. وخرج لنفسه " المتباينات " و " الفهرست " وكتب بخطه الكثير، لنفسه، وبعض ذلك بالأجرة، قال السخاوي: وليس خطه بالطائل ولا يعتمد عليه. وولي الخطابة في بعض المساجد. وأملق وباع كتبه. وله نظم ضعيف .
-الاعلام للزركلي-