يحيى بن أكثم بن محمد بن قطن أبي محمد التميمي المروزي

تاريخ الولادة159 هـ
تاريخ الوفاة242 هـ
العمر83 سنة
مكان الولادةمرو - تركمانستان
مكان الوفاةالربذة - الحجاز
أماكن الإقامة
  • المدينة المنورة - الحجاز
  • البصرة - العراق
  • بغداد - العراق
  • مرو - تركمانستان

نبذة

يحيى بن أكثم ابن محمد بن قطن، قَاضِي القُضَاةِ، الفَقِيْهُ العَلاَّمَةُ أبي مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيُّ المَرْوَزِيُّ ثُمَّ البَغْدَادِيُّ. وُلِدَ فِي خِلاَفَةِ المَهْدِيِّ.

الترجمة

يحيى بن أكثم 
ابن محمد بن قطن، قَاضِي القُضَاةِ، الفَقِيْهُ العَلاَّمَةُ أبي مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيُّ المَرْوَزِيُّ ثُمَّ البَغْدَادِيُّ.
وُلِدَ فِي خِلاَفَةِ المَهْدِيِّ.
وَسَمِعَ مِنْ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي حَازِمٍ، وَابْنِ المُبَارَكِ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، وَجَرِيْرِ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَالفَضْلِ السِّيْنَانِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ إِدْرِيْسَ، وَعِدَّةٍ، وَلَهُ رِحْلَةٌ، ومعرفة.
حَدَّثَ عَنْهُ: التِّرْمِذِيُّ، وَأبي حَاتِمٍ، وَالبُخَارِيُّ خَارِجَ "صَحِيْحِهِ"، وَإِسْمَاعِيْلُ القَاضِي، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَتَّوَيْه، وَأبي العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مَحْمُوْدٍ المَرْوَزِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الاجْتِهَادِ، وَلَهُ تَصَانِيْفُ مِنْهَا كِتَابُ "التَنْبِيْهِ".
قَالَ الحَاكِمُ: مَنْ نَظَرَ فِي "التَنْبِيهِ" لَهُ, عَرَفَ تَقَدُّمَهُ فِي العُلُومِ.
وَقَالَ طَلْحَةُ الشَّاهِدُ: كَانَ وَاسِعَ العِلْمِ بِالفِقْهِ كَثِيْرَ الأَدَبِ حَسَنَ العَارِضَةِ قَائِماً بِكُلِّ مُعْضِلَةٍ. غَلَبَ عَلَى المَأْمُوْنِ حَتَّى لَمْ يَتَقَدَّمْهُ عِنْدَهُ أَحَدٌ مَعَ بَرَاعَةِ المَأْمُوْنِ فِي العِلْمِ، وَكَانَتِ الوُزَرَاءُ لاَ تُبْرِمُ شَيْئاً حَتَّى تُرَاجِعَ يَحْيَى.
قَالَ الخَطِيْبُ: وَلاَّهُ المَأْمُوْنُ قَضَاءَ بَغْدَادَ، وَهُوَ مِنْ وَلَدِ أَكْثَمَ بنِ صَيْفِيٍّ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَمِعَ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ صَغِيراً، فَصَنَعَ أبيهُ طَعَاماً، وَدَعَا النَّاسَ، وَقَالَ: اشْهَدُوا أَنَّ ابْنِي سَمِعَ مِنْ عبد الله قَالَ أبي دَاوُدَ السِّنْجِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: كنت عند سفيان، فَقَالَ: بُلِيْتُ بِمُجَالَسَتِكُم بَعْدَ مَا كُنْتُ أُجَالِسُ مَنْ جَالَسَ الصَّحَابَةَ، فَمَنْ أَعْظَمُ مِنِّي مُصِيْبَةً? قُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ, الَّذِيْنَ بَقُوا حَتَّى جَالَسُوكَ بَعْدَ الصَّحَابَةِ, أَعْظَمُ مِنْكَ مُصِيْبَةً.
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ بَلِيَّتِي إِلاَّ أَنِّي حِيْنَ كَبِرْتُ صَارَ جُلَسَائِيَ الصِّبْيَانُ بعدما كُنْتُ أُجَالِسُ مَنْ جَالَسَ الصَّحَابَةَ. قلتُ: أَعْظَمُ منك مصيبة من جالسك، في صغرك بعدما جَالَسَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: فَسَكَتَ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ خَشْرَمٍ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى, قَالَ: صِرْتُ إِلَى حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ، فَتَعَشَّيْنَا عِنْدَهُ، فَأَتَى بِعُسٍّ، فَشَرِبَ، وَنَاوَلَ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، فَشَرِبَ، وَنَاوَلَنِي. قَالَ: فَقُلْتُ: أَيُسْكِرُ كَثِيْرُهُ? قَالَ: إِيْ وَاللهِ، وَقَلِيْلُهُ، فَتَرَكْتُهُ.
وَرَوَى أبي حَازِمٍ القَاضِي، عَنْ أَبِيْهِ, قَالَ: وَلِيَ يَحْيَى بنُ أَكْثَمَ قضاء البَصْرَةِ، وَلَهُ عِشْرُوْنَ سَنَةً، فَاسْتَصْغَرُوْهُ، وَقِيْلَ: كَمْ سِنُّ القَاضِي? قَالَ: أَنَا أَكْبَرُ مِنْ عَتَّابِ بنِ أَسِيدٍ؛ الَّذِي وَلاَّهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى مَكَّةَ، وَأَكْبَرُ مِنْ مُعَاذٍ حِيْنَ وَجَّهَ بِهِ رَسُوْلُ اللهِ قَاضِياً عَلَى اليَمَنِ، وَأَكْبَرُ مِنْ كَعْبِ بنِ سُوْرٍ الَّذِي وَجَّهَ بِهِ عُمَرُ قَاضِياً عَلَى البَصْرَةِ.
قَالَ الفَضْلُ الشَّعْرَانِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ أَكْثَمَ يَقُوْلُ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ فَمَنْ قَالَ: مَخْلُوْقٌ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ، وَإِلاَّ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ.
وَعَنْ يَحْيَى قَالَ: مَا سُرِرْتُ بِشَيْءٍ سُروْرِي بِقَوْلِ المُسْتَمْلِي: مَنْ ذَكَرْتَ رَضِيَ اللهُ عَنْكَ.
وَذُكِرَ لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ مَا يُرْمَى بِهِ يَحْيَى، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ مَنْ يَقُوْلُ هَذَا?!
قُلْتُ: قَدْ وَلِعَ النَّاسُ بِيَحْيَى لِتَوَلُّعِهِ بِالصُّوَرِ حُبّاً أَوْ مُزَاحاً.
الصُّوْلِيُّ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيْلَ القَاضِي يُعَظِّمُ شَأْنَ يَحْيَى بنِ أَكْثَمَ، وَذكَرَ لَهُ يَوْمَ قِيَامِهِ فِي وَجْهِ المَأْمُوْنِ لَمَّا أَبَاحَ مُتْعَةَ النِّسَاءِ، فَمَا زَالَ بِهِ حَتَّى رَدَّهُ إِلَى الحَقِّ، وَنَصَّ لَهُ الحَدِيْثَ فِي تَحْرِيْمِهَا، فَقِيْلَ لإسماعيل: فما كَانَ يُقَالُ? قَالَ: مَعَاذَ اللهِ أَنْ تَزُوْلَ عَدَالَةُ مِثْلِهِ بِكَذِبِ بَاغٍ أَوْ حَاسِدٍ ثُمَّ قَالَ: وَكَانَتْ كُتُبُهُ فِي الفِقْهِ أَجَلَّ كُتُبٍ, تَرَكَهَا النَّاسُ لِطُوْلِهَا.
قَالَ أبي العَيْنَاءِ: سُئِلَ رَجُلٌ مِنَ البُلَغَاءِ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَكْثَمَ، وأحمد ابن أبي دؤاد, أَيُّهُمَا أَنْبَلُ? قَالَ: كَانَ أَحْمَدُ يَجِدُّ مَعَ جَارِيَتِهِ وَبَيْتِهِ، وَكَانَ يَحْيَى يَهْزِلُ مَعَ عَدُوِّهِ وَخَصْمِهِ.
قَالَ أبي حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: فِيْهِ نَظَرٌ.

وَقَالَ جَعْفَرُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: كَانَ يَكْذِبُ.
وَقَالَ ابْنُ رَاهْوَيْه: ذَاكَ الدَّجَّالُ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ الجُنَيْدِ: يَسْرِقُ الحَدِيْثَ.
وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: حَدَّثَ عَنِ ابْنِ إِدْرِيْسَ بِأَحَادِيْثَ لَمْ يَسْمَعْهَا.
وَقَالَ أبي الفَتْحِ الأَزْدِيُّ: رَوَى عَنِ الثِّقَاتِ عجائب.
قُلْتُ: مَا هُوَ مِمَّنْ يَكْذِبُ, كَلاَّ, وَكَانَ عَبَثُهُ بِالمُرْدِ أَيَّامَ الشَّبِيْبَةِ، فَلَمَّا شَاخَ, أَقْبَلَ عَلَى شَأْنِهِ, وَبَقِيَتِ الشَّنَاعَةُ، وَكَانَ أَعْوَرَ.
قَالَ أبي العَيْنَاءِ: وَقَفَ لَهُ الأَضِرَّاءُ، فَطَالَبُوْهُ، فَقَالَ: لَيْسَ لَكُمْ عِنْدَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ شَيْءٌ. فَقَالُوا: لاَ تَفْعَلْ يَا أَبَا سَعِيْدٍ. فَصَاحَ: الحَبْسَ الحَبْسَ. فَحُبِسُوا، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ضَجَّوُا، فَقَالَ المَأْمُوْنُ: مَا هَذَا? قِيْلَ: الأَضِرَّاءُ. فَقَالَ لَهُ: وَلِمَ حَبَسْتَهُمْ? أَعَلَى أَنْ كَنَّوْكَ? قَالَ: بَلْ حَبَسْتُهُم عَلَى التَّعْرِيْضِ بِشَيْخٍ لاَئِطٍ فِي الحَرْبِيَّةِ.
قَالَ فَضْلَكُ الرَّازِيُّ: مَضَيْتُ أَنَا وَدَاوُدُ الأَصْبَهَانِيُّ إِلَى يَحْيَى بنِ أَكْثَمَ، وَمَعَنَا عَشْرَةُ مَسَائِلَ، فَأَجَابَ فِي خَمْسَةٍ مِنْهَا أَحْسَنَ جَوَابٍ، وَدَخَلَ غُلاَمٌ مَلِيْحٌ، فَلَمَّا رَآهُ اضْطَرَبَ، فَلَمْ يَقْدِرْ يَجِيءُ، وَلاَ يَذْهَبُ فِي مَسْأَلَةٍ، فَقَالَ دَاوُدُ: قم, اختلط الرجل.
قَالَ أبي العَيْنَاءِ: كُنَّا فِي مَجْلِسِ أَبِي عَاصِمٍ، فَنَازَعَ أبي بَكْرٍ بنُ يَحْيَى بنِ أَكْثَمَ غُلاَماً، فَقَالَ أبي عَاصِمٌ: مَهْيَم? قِيْلَ: أبي بَكْرٍ يُنَازِعُ غُلاَماً، فَقَالَ: إِنْ يَسْرِقْ، فَقَدْ سَرَقَ أَبٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ.
وَقَدْ هُجِيَ بِأَبْيَاتٍ مُفَرَّقَةٍ لَمْ أَسُقْهَا.
قَالَ الخَطِيْبُ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ المُتَوَكِّلُ, صَيَّرَ يَحْيَى فِي مَرْتَبَةِ ابن أبي دؤاد، وَخَلَعَ عَلَيْهِ خَمْسَ خِلَعٍ.
وَقَالَ نِفْطَوَيْه: لَمَّا عُزِلَ يَحْيَى مِنَ القَضَاءِ بِجَعْفَرٍ الهَاشِمِيِّ, جَاءهُ كَاتِبُهُ، فَقَالَ: سَلِّمِ الدِّيْوَانَ. فَقَالَ: شَاهِدَانِ عَدْلاَنِ عَلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ بِذَلِكَ. فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ، وَأُخِذَ مِنْهُ قَهْراً، وَأَمَرَ المُتَوَكِّلُ بِقَضِّ أَمْلاَكِهِ، وَحُوِّلَ إِلَى بَغْدَادَ، وَأُلزِمَ بَيْتَهُ.
قَالَ الكَوْكَبِيُّ: حَدَّثَنَا مُحْرِزُ بنُ أَحْمَدَ الكَاتِبُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمٍ السَّعْدِيُّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى يَحْيَى بنِ أَكْثَمَ، فَقَالَ: افْتَحْ هَذَا القِمَطْرَ. فَفَتَحَ، فَإِذَا فِيْهِ شَيْءٌ رَأْسُهُ رَأْسُ إِنْسَانٍ، وَمِنْ سُرَّتِهِ إِلَى أَسْفَلٍ خِلْقَةُ زَاغٍ، وَفِي ظَهْرِهِ سلعة -يعني: حدبة- وفي صدره كذلك، فَكَبَّرْتُ وَهَلَّلْتُ وَجَزِعْتُ, وَيَحْيَى يَضْحَكُ، فَقَالَ لِي بلسان طل9/43
أَنَا الزَّاغُ أبي عَجْوَه ... أَنَا ابْنُ اللَّيْثِ وَاللَّبْوَه
أُحِبُّ الرَّاحَ وَالرَّيْحَا ... نَ وَالنَّشْوَةَ وَالقَهْوَه
فَلاَ عَرْبَدَتِي تُخْشَى ... وَلاَ تُحْذَرُ لِي سَطْوَه
ثُمَّ قَالَ: يَا كَهْلُ أَنْشِدْنِي شِعْراً غَزِلاً، فَأَنْشَدْتُهُ:
أَغَرَّكِ أَنْ أَذْنَبْتِ ثُمَّ تَتَابَعَتْ ... ذُنُوبٌ فلم أهجرك ثم أتوب
وَأَكْثَرْتِ حَتَّى قُلْتِ لَيْسَ بِصَارِمِي ... وَقَدْ يُصْدَمُ الإِنْسَانُ وَهُوَ حَبِيْبُ
فَصَاحَ: زَاغْ زَاغْ زَاغْ، فَطَارَ ثُمَّ سَقَطَ فِي القِمَطْرِ، فَقُلْتُ: أَعَزَّ اللهُ القَاضِيَ، وَعَاشِقٌ أَيْضاً?! فَضَحِكَ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا? قَالَ: هُوَ مَا تَرَى، وَجَّهَ بِهِ صَاحِبُ اليَمَنِ إِلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، وَمَا رَآهُ بَعْدُ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عُفَيْرٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ الحَارِثِ، عَنْ شَبِيْبِ بنِ شَيْبَةَ بنِ الحَارِثِ, قَالَ: قَدِمْتُ الشِّحْرَ عَلَى رَئِيْسِهَا، فَتَذَاكَرْنَا النَّسْنَاسَ، فَقَالَ: صِيْدُوا لَنَا مِنْهَا. فَلَمَّا أَنْ رُحْتُ إِلَيْهِ إِذَا بِنَسْنَاسٍ مَعَ الأَعْوَانِ، فَقَالَ: أَنَا بِاللهِ وَبِكَ! فَقُلْتُ: خَلُّوهُ. فَخَلَّوْهُ، فَخَرَجَ يَعْدُو، وَإِنَّمَا يَرْعَوْنَ النَّبَاتَ، فَلَمَّا حَضَرَ الغَدَاءُ, قَالَ: اسْتَعِدُّوا لِلصَّيْدِ، فَإِنَّا خَارِجُوْنَ. فَلَمَّا كَانَ السَّحَرُ, سَمِعْنَا قَائِلاً يَقُوْلُ: أَبَا مُحَمَّدٍ, إِنَّ الصبح قد أَسْفَرَ، وَهَذَا اللَّيْلُ قَدْ أَدْبَرَ، وَالقَانِصُ قَدْ حَضَرَ، فَعَلَيْكَ بِالوَزَرِ. فَقَالَ: كُلِي وَلاَ تُرَاعِي. فَقَالُوا: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، فَهَرَبَ، وَلَهُ وَجْهٌ كَوَجْهِ الإِنْسَانِ، وَشَعَرَاتٌ بِيْضٌ فِي ذَقْنِهِ، وَمِثْلُ اليَدِ فِي صَدْرِهِ، وَمِثْلُ الرِّجْلِ بَيْنَ وَرِكَيْهِ، فَأَلَظَّ بِهِ كَلْبَان، وَهُوَ يَقُوْلُ:
إِنَّكُمَا حِيْنَ تُجَارِيَانِي ... أَلْفَيْتُمَانِي خَضِلاً عِنَانِي
لَوْ بِي شَبَابٌ مَا مَلَكْتُمَانِي ... حَتَّى تَمُوْتَا أَوْ تُفَارِقَانِي
قَالَ: فَأَخَذَاهُ.
قَالَ: وَيَزْعَمُوْنَ أَنَّهُمْ ذَبَحُوا مِنْهَا نَسْنَاساً، فَقَالَ قَائِلٌ: سُبْحَانَ اللهِ, مَا أَحْمَرَ دَمَهُ! قَالَ: يَقُوْلُ نَسْنَاسٌ مِنْ شَجَرَةٍ: كَانَ يَأْكُلُ السُّمَّاقَ، فَقَالُوا: نَسْنَاسٌ. فَأَخَذُوْهُ، وَقَالُوا: لَوْ سَكَتَ ما علم به. فَقَالَ آخَرُ مِنْ شَجَرَةٍ: أَنَا صُمَيْمِيْتٌ. فَقَالُوا: نَسْنَاسٌ, خُذُوْهُ. قَالَ: وَبَنُو مَهْرَةَ يَصْطَادُوْنَهَا وَيَأْكُلُوْنَهَا. قَالَ: وَكَانَ بَنُو أُمِيْمَ بنِ لاَوَذَ بنِ سَامِ بنِ نُوْحٍ سَكَنُوا زُنَّارَ أَرْضِ رَمْلٍ كَثِيْرَةِ النَّخْلِ، وَيُسْمَعُ فِيْهَا حِسُّ الجِنِّ حَتَّى كَثُرُوا، فَعَصَوْا، فَعَاقَبَهُمُ اللهُ، فَأَهْلَكَهُمْ، وَبَقِيَ مِنْهُمْ بَقَايَا لِلْعَرَبِ تَقَعُ عَلَيْهِمْ، وَلِلرَّجُلِ وَالمَرْأَةِ مِنْهُمْ يَدٌ أَوْ رِجْلٌ فِي شِقٍّ وَاحِدٍ يُقَالُ لَهُمُ: النَّسْنَاسُ.
قُلْتُ: هَذَا كَقَوْلِ بَعْضِهِم: ذَهَبَ النَّاسُ، وَبَقِيَ النَّسْنَاسُ يُشْبِهُونَ النَّاسَ، وَليْسُوا بِنَاسٍ، وَلَعَلَّ هَؤُلاَءِ تَوَلَّدُوا مِنْ قِرَدَةٍ وَنَاسٍ، فَسُبْحَانَ القَادِرِ.
وَقَدْ رُوِيَ: أَنَّ يَحْيَى بنَ أَكْثَمَ رُئِيَ فِي النَّوْمِ، وَأَنَّهُ غُفِرَ لَهُ، وَأُدْخِلَ الجَنَّةَ.
قَالَ السَّرَّاجُ فِي "تَارِيْخِهِ": مَاتَ بِالرَّبَذَةِ, مُنصَرَفَهُ مِنَ الحَجِّ, يَوْمَ الجُمُعَةِ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ ابن أخته: بلغ ثلاثًا وثمانين سنة.
وَدُعَابَةُ يَحْيَى مَعَ المُرْدِ أَمْرٌ مَشْهُوْرٌ، وَبَعْضُ ذَلِكَ لاَ يَثْبُتُ، وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَشِيْخَ عَفَا اللهُ عَنْهُ، وَعَنَّا.

سير أعلام النبلاء: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن  قايماز الذهبي 

 

يحيى بن أكثم القاضي أحد الأعلام سمع وروى عن محمد وروى عنه البخاري في غير الجامع والترمذي مات سنة ثلاث وأربعين بعد المائتين.
(قال الجامع) قد طول ابن خلكان في ترجمته وذكر في نسبه يحيى بن أكثم بن محمد بن قطن بن سمعان بن مشنج الأسيدي المروزي من ولدً أكثم بن صيفي التميمي حكيم العرب وضبط أكثم بفتح الهمزة وسكون الكاف وفتح الثاء المثلثة بعدها ميم هو الرجل العظيم البطن ويقال بالناء المثناة من فوق ومعناها واحد ذكره في كتاب الحكم وضبط قطن بفتح القاف والطاء المهملة وبعدها نون وسمعان بفتح السين وقال مشنج كشفت عنه كثيرًا من الكتب وأرباب هذه الصناعة فلم أقف منه على حقيقة ثم وجدت في نسخة من تاريخ بغداد الخطيب وهي صحيحة مسموعة وقد قيد هذا الاسم بضم الميم وفتح الشين المعجمة وفتح النون المشددة في آخره جيم هذا أقصي ما قدرت عليه ثم وجدته في المختلف والمؤتلف لعبد الغني بن سعيد كما قيد به هاهنا انتهى وقال في ترجمته كان عالمًا فقيهًا علمًا بالفقه بصيرًا بالأحكام ذكره الدارقطني في أصحاب الشافعي وقال الخطيب كان سليما من البدعة ينتحل مذهب أهل السنة وولي قضاء البصرة بعد إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة وسنه عشرون أو نحوها فقال أهل البصرة كم سن القاضي فعال أنه استصغر فقال أنا أبر من عتاب بن أسيد الذي وجهه النبي صلي الله عليه وسلم إلى مكة قاضيًا ومن معاذ بن جبل الذي وجهه رسول الله صلى الله عليه وسلم قاضيًا علي اليمن انتهى ملخصًا. وله ترجمة واسعة في تهذيب التهذيب وتقريب التهذيب والكاشف والمرآة وغيرها وله حكايات تدل علي قوة علمه وجودة فهمه مذكورة فيها.

 الفوائد البهية في تراجم الحنفية - أبو الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي الهندي.

 

 

يحيى بن أَكْثَم بن قطن بن سمْعَان يكنى أَبَا مُحَمَّد وَهُوَ مروزى سمع عبد الله بن الْمُبَارك وسُفْيَان بن عُيَيْنَة

وخلقا وَحدث عَن إمامنا بأَشْيَاء مِنْهَا قَالَ ذاكرت أَحْمد بن حَنْبَل يَوْمًا بعض إِخْوَاننَا وتغيره علينا فَأَنْشَأَ أبي عبد الله يَقُول
(وَلَيْسَ خليلى بالملول وَلَا الذى ... إِذا غبت عَنهُ يَا عني بخليل)
(وَلَكِن خليلى من يَدُوم وصاله ... ويحفظ سرى عِنْد كل دخيل)
روى عَنهُ البخارى وَأبي حَاتِم الرازى وَإِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق القاضى وَغَيرهم

وَكَانَ عَالما بالفقه بَصيرًا بِالْأَحْكَامِ ولاه الْمَأْمُون قَضَاء الْقُضَاة بِبَغْدَاد
وَقَالَ على بن المدينى خرج سُفْيَان بن عُيَيْنَة إِلَى أَصْحَاب الحَدِيث وَهُوَ ضجر فَقَالَ أَلَيْسَ من الشَّقَاء أَن أكون جالست ضَمرَة بن سعيد وجالس أَبَا سعيد الخدرى وجالست عمر ابْن دِينَار وجالس جَابر بن عبد الله وجالست عبد الله بن دِينَار وجالس ابْن عمر وجالست الزهرى وجالس أنس بن مَالك حَتَّى عدد جمَاعَة ثمَّ أَنا أجالسكم
فَقَالَ لَهُ حدث فى الْمجْلس انتصف يَا أَبَا مُحَمَّد قَالَ إِن شَاءَ الله
قَالَ لَهُ وَالله لشقاء من جَالس جَالس أَصْحَاب النبى بك أَشد من شقائك بِنَا فَأَطْرَقَ وتمثل بِشعر أَبى نواس
(خل جنبيك لرام ... وامض عَنهُ بِسَلام)
(مت بداء الصمت خير ... لَك من دَاء الْكَلَام)

فَسَأَلَ من الْفَتى فَقَالُوا يحيى بن أَكْثَم
فَقَالَ سُفْيَان هَذَا الْغُلَام يصلح لصحبة هُوَ لَا يعْنى السُّلْطَان
وَقَالَ عبد الله بن أَحْمد ابْن حَنْبَل ذكر يحيى بن أَكْثَم عِنْد أَبى فَقَالَ مَا عرفت فِيهِ بِدعَة
فبلغت يحيى فَقَالَ صدق أبي عبد الله مَا عرفنى ببدعة قطّ
قَالَ وَذكر لَهُ مَا يرميه النَّاس بِهِ فَقَالَ سُبْحَانَ الله سُبْحَانَ الله من يَقُول هَذَا وَأنكر أَحْمد ذَلِك إنكارا شَدِيدا
وَلما ولى قَضَاء الْبَصْرَة كَانَ عمره إِذا ذَاك عشْرين سنة أَو نَحْوهَا فاستصغره أهل الْبَصْرَة فَقَالَ أَنا أكبر من عتاب بن أسيد الذى وَجه بِهِ النبى قَاضِيا على أهل مَكَّة يَوْم الْفَتْح أكبر من معَاذ بن جبل الَّذِي وَجه النَّبِي قَاضِيا على أهل الْيمن وَأَنا أكبر من معَاذ بن جبل الَّذِي وَجه النَّبِي قَاضِيا على أهل الْيمن أكبر من كَعْب بن سوار الذى وَجه بِهِ عمر بن الْخطاب قَاضِيا على أهل الْبَصْرَة
بقى سنة لَا يقبل مِنْهَا شَاهدا فَتقدم إِلَيْهِ وَالِد أَبى خازم القاضى وَكَانَ أحد الْأُمَنَاء فَقَالَ لَهُ أَيهَا القاضى قد وقفت الْأُمُور
قَالَ وَمَا السَّبَب قَالَ فى ترك القاضى قبُول الشُّهُود قَالَ فَأجَاز فى ذَلِك الْيَوْم سبعين شَاهدا
مَاتَ بالربذة مصرفه من الْحَج يَوْم الْجُمُعَة لخمس عشرَة خلت من ذى الْحجَّة سنة اثْنَيْنِ وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وَسنة ثَلَاث وَثَمَانُونَ سنة

المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد - إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد ابن مفلح، أبي إسحاق، برهان الدين.

 

يحيى بن أكثم بن محمد بن قطن ، أبي محمد التميمي المرْوزي ثم البغدادي ،  قاضي القضاة. سمع: الفضل بن موسى السيناني ، وجرير بن عبد الحميد ، وطائفة ، وعنه: أبي حاتم، والبخاري، وجماعة. وكان أحد الأئمة المجتهدين أولي التصانيف ، ولاه المأمون القضاء ببغداد، مات بالربذة ، سنة اثنتين وأربعين ومائتين (242 ه) . ينظر : تاريخ الإسلام / 18 / 536 ، و شذرات الذهب في اخبار من ذهب / 3 / 84 .

 

يحيى بن أَكْثَم القَاضِي أَحْمد الْأَعْلَام وَاسع التَّرْجَمَة مَاتَ سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ بعد مُنْصَرفه من الْحَج ووالده أَكْثَم مَاتَ سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَمِائَة روى عَنهُ البُخَارِيّ فى غير الْجَامِع وَالتِّرْمِذِيّ فى سنَنه قَالَ عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل ذكر يحيى بن أكتم عَن أبي فَقَالَ مَا عرفت فِيهِ بِدعَة وَذكر لَهُ مَا يرميه النَّاس فَقَالَ سُبْحَانَ الله وَمن يَقُول هَذَا وَأنكر ذَلِك إنكارا شَدِيدا قَالَ إِسْمَعِيل بن إِسْحَاق القَاضِي كَانَ لَهُ يَوْم فى الْإِسْلَام لم يكن لأحد مثله فَذكر قَضيته مَعَ الْمَأْمُون فى تَحْلِيل الْمُتْعَة

-الجواهر المضية في طبقات الحنفية - عبد القادر بن محمد بن نصر الله القرشي محيي الدين الحنفي-

 

يحيى بن أكثم
(159 - 242 هـ = 775 - 857 م)
يحيى بن أكثم بن محمد بن قطن التميمي الأسيدي المروزي، أبو محمد:
قاضي، رفيع القدر، عالي الشهرة، من نبلاء الفقهاء، يتصل نسبه بأكثم ابن صيفي حكيم العرب. ولد بمرو، واتصل بالمأمون أيام مقامه بها، فولاه قضاء البصرة (سنة 202) ثم قضاء القضاة ببغداد. وأضاف إليه تدبير مملكته، فكان وزراء الدولة لا يقدمون ولا يؤخرون في شئ إلا بعد عرضه عليه. وغلب على المأمون حتى لم يتقدمه عنده أحد. وكان مع تقدمه في الفقه وأدب القضاء، حسن العشرة، حلو الحديث، استولى على قلب المأمون حتى أمر بأن لا يحجب عنه ليلا ولا نهارا. وله غزوات وغارات، منها أن المأمون وجّهه (سنة 216) إلى بعض جهات الروم، فعاد ظافرا. ولما مات المأمون وولي المعتصم، عزله عن القضاء، فلزم بيته. وآل الأمر إلى المتوكل فرده إلى عمله. ثم عزله سنة 240 هـ وأخذ أمواله، فأقام قليلا، وعزم على المجاورة بمكة، فرحل إليها، فبلغه أن المتوكل صفا عليه، فانقلب راجعا، فلما كان بالربذة (من قرى المدينة) مرض وتوفي فيها. قال ابن خلكان: وكانت كتب يحيى في الفقه أجل كتب، فتركها الناس لطولها، وله كتب في " الأصول " وكتاب أورده على العراقيين سماه " التنبيه " وبينه وبين داود بن علي مناظرات. وكان يتهم بأمور شاعت عنه وتناقلها الناس في أيامه وتداولها الشعراء، فذكر شئ منها للإمام أحمد بن حنبل، فقال: سبحان الله! من يقول هذا؟ وأنكر ذلك إنكارا شديدا، وأشار إلى حسد الناس له. وأخباره كثيرة .

-الاعلام للزركلي-