أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم الجمني: ينتهي نسبه إلى سيدنا المقداد رضي الله عنه الإمام الجليل قدوة الزهاد وخاتمة العلماء العاملين والفضلاء الواصلين والفقهاء الصالحين المتورعين مع فضل ودين متين رحل لمصر بإشارة من شيخه الوحيشي سنة 1066 هـ وأخذ عن الشيخ عبد الباقي الزرقاني والشيخ الخرشي وأجازه والشيخ سلطان والشيخ الشبرخيتي وأبي الحسن اللقاني ورحل لزواوة وأخذ عن الشيخ عبد الله الجبالي وغيرهم واجتمع بالشيخ اليوسي ثم رحل لزاوية الحمارنة قرب قابس ثم رحل لجربة فأقام هناك يقرىء العلوم ولما بلغ أمره أمير إفريقية في وقته بنى له بها مدرسة ونصب له محراب مسجدها الشيخ المربي الميقاتي أبو راوي حفيد عبد السلام الأسمر المقبور هناك ولما تم بناء المدرسة سنة 1115هـ قصده الناس من كل فج وأخذوا عنه وانتفعوا به منهم ابن أخيه إبراهيم بن محمد والشيخ علي الشاهد والشيخ الصالح علي الفرجاني وبه تفقه والشيخ محمد الغرياني وانتفع به، له شرح على مختصر خليل لم يكمل وكان يختمه في السنة مرتين. توفي في ربيع الأنور سنة 1134هـ[1721 م]، وعمره 96 سنة ودفن بالمدرسة المذكورة.
شجرة النور الزكية في طبقات المالكية _ لمحمد مخلوف.
الجمّني (1037 - 1134 هـ) (1628 - 1722 م)
إبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم الجمّني ينتهي نسبه إلى الصحابي الجليل المقداد بن الأسود الكندي، الفقيه الزاهد.
كان أحد أجداده معين الدين نازلا بالجديدة قرية من قرى المدينة المشرفة فانتقل إلى جمّنة من قرى نفزاوة (ما يسمى بقبلي الآن من ولاية قابس).
رحل إلى الجزائر، وأخذ عن الشيخ عبد الله بن أبي القاسم الجلالي، ثم دخل زواوة فأقام بها ست سنين، وقرأ بها على جماعة منهم محمد السعدي، ومحمد المغربي، وأبو القاسم القاضي.
رحل إلى مصر باشارة من شيخه علي الوحيشي القيرواني، قيل إنه رحل إليها من بلاد زواوة، فدخلها إثر وفاة الشيخ علي الأجهوري سنة 1066/ 1656 وقيل إنه دخلها سنة 1075، وأقام بالقاهرة تسع سنوات قرأ فيها على اجلاء مشايخ الأزهر فأخذ القراءات عن سلطان المزّاحي، كما قرأ علي إبراهيم الشبراخيتي، وأحمد الشبيبي، وقرأ على عبد الباقي الزرقاني، وأجازه في النحو، والبيان، وأصول الفقه، والتوحيد والمنطق، ومن شيوخه بالأزهر ياسين الحمصي، وعلي اللقاني، ولازم الشيخ محمد الخرشي طويلا، وأجازه في الحديث، وله شيوخ غيرهم، وأدى فريضة الحج وهو ما زال طالبا بالأزهر.
ولما أشبع نهمه من طلب العلم، وتحصل على الاجازات من مشايخه كرّ راجعا إلى وطنه وركب البحر من الاسكندرية، فغرقت السفينة ونجا إلى البر من كان بالسفينة سوى المترجم فقد رسب في قعر البحر فانتشله غوّاص ماهر فأخرجه مغمى عليه فلما أفاق سأل عن مصير كتبه، وكانت كثيرة، فسلّي بسلامة نفسه، فعاد إلى القاهرة، وجمع كتبا غيرها، ثم عاد سالما إلى بلدته جمّنة، واستقر أولا بزاوية الحمارنة قرب قابس لبث العلم وإفادة الناس، ثم انتقل إلى جزيرة جربة فعلم الناس بجامع الغرباء، وبعد مدة منعه إمام الجامع من الاقراء بغيا وحسدا فانتقل الى الاقراء في موضع آخر لا تصل إليه يد إمام الجامع المذكور، وكان يسكن هو وطلبته في هذه الفترة في أخواص من جريد، وقدم جربة وكيل مراد بن حمودة باشا المرادي، وكان يعرف المترجم له فسأل عنه فوجده على تلك الحالة، فلما رجع لتونس أمره مراد باشا بالحج نيابة عنه، فقال له يا سيدي إذا أردت أجرا خيرا من الحج فابن مدرسة للشيخ الجمني، وحكى له أمره فأذنه بالتوجه لبناء المدرسة المرادية بجربة ونصب له محراب مسجدها الشيخ بوراوي حفيد الولي الصالح الشيخ عبد السلام الأسمر المقبور هناك، وكمل بناء المدرسة سنة 1115/ 1714، وبنيت فيها دار لسكناه، وجعل له النظر في حبس المدرسة، وبث العلم بتلك المدرسة، وقصده الناس من كل فج، فبذل جهده في نشر مذهب مالك، فكان يختم مختصر خليل في كل عام مرتين في ظرف تسعة أشهر، ويقرئ الحديث النبوي في بقية السنة ومن المنتفعين به ابن أخيه إبراهيم بن محمد الجمني، وعلي الشاهد، وعلي الفرجاني، ومحمد الغرياني.
واعتنى بهذه المدرسة الأمير علي بن حسين باي، فمد طلبتها والمقيمين بها بالطعام والقوت، وأسقط عنهم أنواعا من الضرائب، وحبس على المدرسة بعض الضياع لفائدة الطلبة، كما بنى للمدرسة وكالتين، وكان ملازما للصيام والقيام من قبل صلاة الفجر لإفاقة الساكنين بالمدرسة للقراءة والمطالعة والصلاة، وكان قوته يأتيه من تمر بلده مما ورثه عن آبائه محترزا عن الأكل من حبس المدرسة.
توفي ليلة الجمعة 15 ربيع الأول، ودفن بالمدرسة.
له شرح على مختصر خليل لم يكمل
تراجم المؤلفين التونسيين - الجزء الثاني - صفحة 56 - للكاتب محمد محفوظ