محمد بن إبراهيم بن سعيد بن عبد الرحمن البوشنجي العبدي أبي عبد الله

تاريخ الولادة204 هـ
تاريخ الوفاة291 هـ
العمر87 سنة
مكان الولادةغير معروف
مكان الوفاةغير معروف
أماكن الإقامة
  • بوشنج - أفغانستان
  • نيسابور - إيران
  • الحجاز - الحجاز
  • الكوفة - العراق
  • بغداد - العراق
  • بلاد الشام - بلاد الشام
  • مصر - مصر

نبذة

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن سعيد بن عبد الرَّحْمَن بن مُوسَى وَقيل مُوسَى بن عبد الرَّحْمَن أَبِي عبد الله البوشنجي العبدى شيخ أهل الحَدِيث فى زَمَانه بنيسابور

الترجمة

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن سعيد بن عبد الرَّحْمَن بن مُوسَى وَقيل مُوسَى بن عبد الرَّحْمَن أَبِي عبد الله البوشنجي العبدى
شيخ أهل الحَدِيث فى زَمَانه بنيسابور
سمع من إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر الحزامى والْحَارث بن سُرَيج النقال وأبى جَعْفَر عبد الله بن مُحَمَّد النفيلى وَعبد الْعَزِيز بن عمرَان بن مِقْلَاص وعَلى بن الْجَعْد وأبى كريب مُحَمَّد بن الْعَلَاء ومسدد بن مسرهد وَيحيى بن عبد الله بن بكير وَسَعِيد ابْن مَنْصُور وأبى نصر التمار وَغَيرهم
روى عَنهُ مُحَمَّد بن إِسْحَاق الصغانى وَمُحَمّد بن إِسْمَاعِيل البخارى وهما أكبر مِنْهُ وَابْن خُزَيْمَة وَأَبُو الْعَبَّاس الدغولى وَأَبُو حَامِد بن الشرقى وَأَبُو بكر بن إِسْحَاق الصبغى وَإِسْمَاعِيل بن نجيد وَخلق كثير
وَقيل إِن البخارى روى عَنهُ حَدِيثا فى الصَّحِيح ذكر ذَلِك مُحَمَّد بن يَعْقُوب ابْن الأخرم
وفى الصَّحِيح للبخارى حَدثنَا مُحَمَّد حَدثنَا النفيلى ذكره فى تَفْسِير سُورَة الْبَقَرَة
قَالَ شَيخنَا الذهبى فَإِن لم يكن البوشنجى وَإِلَّا فَهُوَ مُحَمَّد بن يحيى
قَالَ والأغلب أَنه البوشنجى فَإِن الحَدِيث بِعَيْنِه رَوَاهُ الْحَاكِم عَن أَبى بكر بن أَبى نصر حَدثنَا البوشنجى حَدثنَا النفيلى حَدثنَا مِسْكين بن بكير حَدثنَا شُعْبَة عَن خَالِد الْحذاء عَن مَرْوَان الْأَصْفَر عَن رجل من أَصْحَاب النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ ابْن عمر أَنَّهَا نسخت {وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ} الْآيَة
قلت وَلذَلِك ذكره شَيخنَا المزى فى التَّهْذِيب
وَكَانَ البوشنجى من أجل الْأَئِمَّة وَله تَرْجَمَة طَوِيلَة عريضة ذَات فَوَائِد فى تَارِيخ الْحَاكِم
قَالَ ابْن حمدَان سَمِعت ابْن خُزَيْمَة يَقُول لَو لم يكن فى أَبى عبد الله من الْبُخْل بِالْعلمِ مَا كَانَ مَا خرجت إِلَى مصر
وَكَانَ إِمَامًا فى اللُّغَة وَكَلَام الْعَرَب
قَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم سَمِعت أَبَا بكر بن جَعْفَر يَقُول سَمِعت أَبَا عبد الله البوشنجى يَقُول للمستملى الزم لفظى وخلاك ذمّ

وَقَالَ أَبُو عبد الله بن الأخرم سَمِعت أَبَا عبد الله البوشنجى غير مرّة يَقُول حَدثنَا يحيى بن عبد الله بن بكير وَذكره بملء الْفَم
وَقَالَ دعْلج حَدثنِي فَقِيه أَن أَبَا عبد الله حضر مجْلِس دَاوُد الظاهرى بِبَغْدَاد فَقَالَ دَاوُد لأَصْحَابه حضركم من يُفِيد وَلَا يَسْتَفِيد
وَكَانَ أَبُو عبد الله البوشنجى قوى النَّفس أَشَارَ يَوْمًا إِلَى ابْن خُزَيْمَة فَقَالَ مُحَمَّد ابْن إِسْحَاق كيس وَأَنا لَا أَقُول هَذَا لأبى ثَوْر
وَلما توفى الْحُسَيْن بن مُحَمَّد القبانى قدم أَبُو عبد الله للصَّلَاة عَلَيْهِ فصلى وَلما أَرَادَ أَن ينْصَرف قدمت دَابَّته وَأخذ أَبُو عَمْرو الْخفاف بلجامه وَأَبُو بكر مُحَمَّد بن إِسْحَاق بركابه وَأَبُو بكر الجارودى وَإِبْرَاهِيم بن أَبى طَالب يسويان عَلَيْهِ ثِيَابه فَمضى وَلم يكلم وَاحِدًا مِنْهُم
وفى لفظ وَلم يمْنَع وَاحِدًا مِنْهُم وَالْمعْنَى هُنَا وَاحِد فَإِن مُرَاد من قَالَ وَلم يكلم أَنه لم يمْنَع
وَقَالَ أَبُو الْوَلِيد النيسابورى حَضَرنَا مجْلِس البوشنجى وَسَأَلَهُ أَبُو على الثقفى عَن مَسْأَلَة فَأجَاب فَقَالَ لَهُ أَبُو على يَا أَبَا عبد الله كَأَنَّك تَقول فِيهَا بقول أَبى عبيد
فَقَالَ يَا هَذَا لم يبلغ بِنَا التَّوَاضُع أَن نقُول بقول أَبى عبيد
وَقَالَ ابْن خُزَيْمَة وَقد سُئِلَ عَن مَسْأَلَة بعد أَن شيع جَنَازَة أَبى عبد الله لَا أفتى حَتَّى نواريه لحده
وَكَانَ البوشنجى جوادا سخيا وَكَانَ يقدم لسنانيره من كل طَعَام يَأْكُلهُ وَبَات لَيْلَة ثمَّ ذكر السنانير بعد فرَاغ طَعَامه فطبخ فى اللَّيْل من ذَلِك الطَّعَام وأطعمهم
وَقَالَ السَّيِّد الْجَلِيل أَبُو عُثْمَان سعيد بن إِسْمَاعِيل تقدّمت يَوْمًا لأصافح أَبَا عبد الله البوشنجى تبركا بِهِ فَقبض يَده عَنى وَقَالَ لست هُنَاكَ

وَقَالَ الْحسن بن يَعْقُوب كَانَ مقَام أَبى عبد الله بنيسابور على الليثية فَلَمَّا انْقَضتْ أيامهم خرج إِلَى بُخَارى إِلَى حَضْرَة إِسْمَاعِيل الْأَمِير فالتمس مِنْهُ بعد أَن أَقَامَ عِنْده بُرْهَة أَن يكْتب أرزاقه بنيسابور
قلت الليثية يَعْقُوب بن اللَّيْث الضفار وَأَخُوهُ عَمْرو وذووهما ملكوا فَارس متغلبين عَلَيْهَا وَبَلغت بهما تنقلات الْأَحْوَال إِلَى أَن بلغا دَرَجَة السلطنة بعد الصَّنْعَة فى الصفر وَجَرت لَهُم أُمُور يطول شرحها
وَقَالَ الْحَاكِم سَمِعت الْحُسَيْن بن الْحسن الطوسى يَقُول سَمِعت أَبَا عبد الله البوشنجى يَقُول أخذت من الليثية سَبْعمِائة ألف دِرْهَم
قيل مَاتَ أَبُو عبد الله البوشنجى فى غرَّة الْمحرم سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ
وَقيل بل سلخ ذى الْحجَّة سنة تسعين وَدفن من الْغَد وَهُوَ الْأَشْبَه عندى
وَصلى عَلَيْهِ إِمَام الْأَئِمَّة ابْن خُزَيْمَة
ومولده سنة أَربع وَمِائَتَيْنِ
وَمن الرِّوَايَة عَنهُ
أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ إِذْنا خَاصّا أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد السَّلَام وَأحمد ابْن هبة الله وَزَيْنَب بنت كندى قِرَاءَة عَن الْمُؤَيد الطوسى أَن أَبَا عبد الله الفراوى أخبرهُ وَعَن عبد الْمعز الهروى أَن تميما الْمُؤَدب أخبرهُ وَعَن زَيْنَب الشعرية أَن إِسْمَاعِيل بن أَبى قَاسم أخْبرهَا قَالُوا أخبرنَا عمر بن أَحْمد بن مسرور أخبرنَا إِسْمَاعِيل بن نجيد الزَّاهِد سنة أَربع وَسِتِّينَ وثلثمائة حَدثنَا مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم البوشنجى حَدثنَا روح بن صَلَاح المصرى حَدثنَا مُوسَى بن على بن رَبَاح عَن أَبِيه عَن عبد الله بن عَمْرو عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (الْحَسَد فى اثْنَتَيْنِ رجل آتَاهُ الله الْقُرْآن فَقَامَ بِهِ وَأحل حَلَاله وَحرم حرَامه وَرجل آتَاهُ الله مَالا فوصل مِنْهُ أقرباءه ورحمه وَعمل بِطَاعَة الله تمنى أَن يكون مثله وَمن تكن فِيهِ أَربع فَلَا يضرّهُ مَا زوى عَنهُ من الدُّنْيَا حسن خَلِيقَة وعفاف وَصدق حَدِيث وَحفظ أَمَانَة
أخبرنَا الْمسند أَبُو حَفْص عمر بن الْحسن المراغى بقراءتى عَلَيْهِ أخبرنَا أَبُو الْحسن بن البخارى إجَازَة أخبرنَا أَبُو أَحْمد عبد الْوَهَّاب بن على بن سكينَة كِتَابَة عَن زَاهِر بن طَاهِر عَن شيخ الْإِسْلَام أَبى عُثْمَان الصابونى قَالَ أخبرنَا الْحَاكِم أَبُو عبد الله سَمَاعا عَلَيْهِ قَالَ أخبرنَا أَبُو بكر بن أَبى نصر الداوودى بمرو حَدثنَا أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم البوشنجى بمرو حَدثنَا سليم بن مَنْصُور ابْن عمار حَدثنِي أَبى حَدثنَا يُوسُف بن الصَّباح الفزارى كوفى عَن عبد الله ابْن يُونُس بن أَبى فَرْوَة قَالَ لما أصَاب امْرَأَة الْعَزِيز الْحَاجة قيل لَهَا لَو أتيت يُوسُف فاستشارت فى ذَلِك فَقَالُوا إِنَّا نخافه عَلَيْك قَالَت كلا إنى لَا أَخَاف مِمَّن يخَاف الله فَلَمَّا دخلت عَلَيْهِ فرأته فى ملكه قَالَت الْحَمد لله الذى يَجْعَل العبيد ملوكا بِطَاعَة الله وَالْحَمْد لله الذى يَجْعَل الْمُلُوك عبيدا بمعصيته
قَالَ فَتَزَوجهَا فَوَجَدَهَا بكرا فَقَالَ أَلَيْسَ هَذَا أحسن أَلَيْسَ هَذَا أجمل قَالَت إنى ابْتليت بك بِأَرْبَع كنت أجمل أهل زَمَانك وَكنت أجمل أهل زمانى وَكنت بكرا وَكَانَ زوجى عنينا
قَالَ وَلما كَانَ من أَمر الْإِخْوَة مَا كَانَ كتب يَعْقُوب إِلَى يُوسُف وَهُوَ لَا يعلم أَنه يُوسُف بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من يَعْقُوب بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم إِلَى عَزِيز آل فِرْعَوْن سَلام عَلَيْك فإنى أَحْمد إِلَيْك الله الذى لَا إِلَه إِلَّا هُوَ أما بعد فَإنَّا أهل بَيت مولع بِنَا أَسبَاب الْبلَاء كَانَ جدى إِبْرَاهِيم خَلِيل الله ألْقى فى النَّار فى طَاعَة ربه فَجَعلهَا عَلَيْهِ بردا وَسلَامًا وَأمر الله تَعَالَى جدى أَن يذبح أَبى فَفَدَاهُ الله بِمَا فدَاه بِهِ وَكَانَ لى ابْن وَكَانَ من أحب النَّاس إِلَى فَفَقَدته فَأذْهب حزنى عَلَيْهِ نور بصرى وَكَانَ لى آخر من أمه كنت إِذا ذكرته ضممته إِلَى صدرى فَأذْهب عَنى بعض وجدى وَهُوَ الْمَحْبُوس عنْدك فى السّرقَة وإنى أخْبرك أَنى لم أسرق وَلم أَلد سَارِقا فَلَمَّا قَرَأَ يُوسُف الْكتاب بَكَى وَصَاح فَقَالَ {اذْهَبُوا بقميصي هَذَا فألقوه على وَجه أبي يَأْتِ بَصيرًا}
وَمن شعره
قَالَ أَبُو عُثْمَان الصابونى أنشدنى أَبُو مَنْصُور بن حمشاد قَالَ أنشدت لأبى عبد الله البوشنجى فى الشافعى رضى الله عَنهُ
(وَمن شعب الْإِيمَان حب ابْن شَافِع ... وَفرض أكيد حبه لَا تطوع)
وإنى حياتى شافعى وَإِن أمت ... فتوصيتى بعدى بِأَن تتشفعوا)
ذكر الْحَاكِم بِسَنَدِهِ إِلَى أَبى عبد الله البوشنجى حَدثنَا عبد الله بن يزِيد الدمشقى حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر قَالَ رَأَيْت فى المقسلاط وَهُوَ مَوضِع بسوق الدَّقِيق من دمشق صنما من نُحَاس إِذا عَطش نزل فَشرب قَالَ البوشنجى رُبمَا تَكَلَّمت الْعلمَاء على قدر فهم الْحَاضِرين تأديبا وامتحانا فَهَذَا الرجل ابْن جَابر أحد عُلَمَاء الشَّام وَمعنى كَلَامه أَن الصَّنَم لَا يعطش وَلَو عَطش لنزل فَشرب فنفى عَنهُ النُّزُول والعطش
قلت لَكِن قَوْله إِذا عَطش قد يُنَازع فى هَذَا فَإِن صِيغَة إِذا لَا تدخل إِلَّا على المتحقق فلابد وَأَن يكون صُدُور الْعَطش وَالنُّزُول مِنْهُ متحققا وَإِلَّا فَلَا يَصح الْإِتْيَان بِصِيغَة إِذا وَلَو كَانَت الْعبارَة إِن لم يكن اعْتِرَاض وَالْحَاصِل أَن الْمُمْتَنع إِذا فرض جَائِزا ترَتّب عَلَيْهِ جَوَاز مُمْتَنع آخر وَقد ظرف الْقَائِل

(وَلَو أَن مَا بى من ضنى وصبابة ... على جمل لم يدْخل النَّار كَافِر)
فَإِن مَعْنَاهُ لَو كَانَ مَا بى من الصبابة بالجمل لضعف ورق وَصَارَ بِحَيْثُ يلج فى سم الْخياط وَلَو ولج فى سم الْخياط لدخل الْكَافِر الْجنَّة على مَا قَالَ تَعَالَى {وَلَا يدْخلُونَ الْجنَّة حَتَّى يلج الْجمل فِي سم الْخياط} وَلَو دخل الْجنَّة لم يدْخل النَّار فوضح أَن مَا بى من الْحبّ لَو كَانَ بالجمل لم يدْخل النَّار كَافِر
وَأَبُو عبد الله البوشنجى هُوَ النَّاقِل أَن الرّبيع ذكر أَن رجلا سَأَلَ الشافعى عَن حَالف قَالَ إِن كَانَ فى كمى دَرَاهِم أَكثر من ثَلَاثَة فعبدى حر فَكَانَ فِيهِ أَرْبَعَة لَا يعْتق لِأَنَّهُ اسْتثْنى من جملَة مَا فى يَده دَرَاهِم وَهُوَ جمع وَدِرْهَم لَا يكون دَرَاهِم فَقَالَ السَّائِل آمَنت بِمن فوهك هَذَا الْعلم فَأَنْشَأَ الشافعى يَقُول
(إِذا المعضلات تصديننى ... كشفت حقائقها بِالنّظرِ)
الأبيات الَّتِى سقناها فى الْبَاب الْمَعْقُود ليسير من نظم الشافعى رضى الله عَنهُ
وَهَذِه فَوَائِد ونخب عَن أَبى عبد الله رَحمَه الله
قَالَ الْحَاكِم أَخْبرنِي أَبُو مُحَمَّد بن زِيَاد حَدثنَا الْحسن بن على بن نصر الطوسى قَالَ سَمِعت أَبَا عبد الله البوشنجى بسمرقند وَسَأَلَهُ أعرابى فَقَالَ لَهُ أى شئ القرطبان قَالَ كَانَت امْرَأَة فى الْجَاهِلِيَّة يُقَال لَهَا أم أبان وَكَانَ لَهَا قرطب والقرطب هُوَ السدر وَكَانَ لَهَا تَيْس فى ذَلِك القرطب وَكَانَت تنزى تيسها بِدِرْهَمَيْنِ وَكَانَ النَّاس يَقُولُونَ نَذْهَب إِلَى قرطب أم أبان ننزى تيسها على معزانا فَكثر ذَلِك فَقَالَت الْعَامَّة قرطبان
قلت وَهَذِه التَّثْنِيَة مِمَّا جَاءَ على خلاف الْغَالِب فَإِن التَّثْنِيَة عِنْد الْعَرَب جعل الِاسْم الْقَابِل دَلِيل اثْنَيْنِ متفقين فى اللَّفْظ غَالِبا وفى الْمَعْنى على رأى بِزِيَادَة ألف فى آخِره رفعا وياء مَفْتُوح مَا قبلهَا جرا ونصبا يليهما نون مَكْسُورَة فتحهَا لُغَة وَقد تضم والحارثيون يلزمون الْألف قَالَ النُّحَاة فَمَتَى اخْتلفَا فى اللَّفْظ لم يجز تثنيتهما وَمَا ورد من ذَلِك يحفظ وَلَا يُقَاس عَلَيْهِ
قَالَ شَيخنَا أَبُو حَيَّان والذى ورد من ذَلِك إِنَّمَا روعى فِيهِ التغليب فَمن ذَلِك القمران للشمس وَالْقَمَر
والعمران لأبى بكر وَعمر رضى الله عَنْهُمَا
والأبوان للْأَب وَالأُم وفى الْأَب وَالْخَالَة وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَرفع أَبَوَيْهِ على الْعَرْش}
والأمان للْأُم وَالْجدّة
والزهدمان فى زَهْدَم وكردم ابنى قيس
والعمران لعَمْرو بن حَارِثَة وَزيد بن عَمْرو
والأحوصان الْأَحْوَص بن جَعْفَر وَعَمْرو بن الْأَحْوَص
والمصعبان مُصعب بن الزبير وَابْنه
والبحيران بحير وفراس ابْنا عبد الله بن سَلمَة
والحران الْحر وَأَخُوهُ أَبى
والعجاجان فى العجاج وَابْنه هَذَا جَمِيع مَا أوردهُ شَيخنَا فى شرح التسهيل
وَرَأَيْت الْأَخ سيدى الشَّيْخ الإِمَام أَبَا حَامِد سلمه الله ذكر فى شرح التَّلْخِيص فى الْمعَانى وَالْبَيَان مَا ذكره أَبُو حَيَّان وَزَاد فَقَالَ
والخافقان للمغرب والمشرق وَإِنَّمَا الخافق حَقِيقَة اسْم للمغرب بِمَعْنى مخفوق فِيهِ
والبصرتان لِلْبَصْرَةِ والكوفة
والمشرقان للمشرق وَالْمغْرب

والمغربان لَهما أَيْضا
والحنيفان الحنيف وَسيف ابْنا أَوْس بن حميرى
والأقرعان الْأَقْرَع بن حَابِس وَأَخُوهُ مزِيد
والطليحتان طليحة بن خويلد الأسدى وَأَخُوهُ حبال
والخزيميان والربيبان خُزَيْمَة وربيبة من باهلة بن عَمْرو
فَهَذَا مَجْمُوع مَا ذكره الشَّيْخ وَالْأَخ وفاتهما القرطبان كَمَا عرفت
والدحرضان اسْم لماءين يُقَال لأَحَدهمَا الدحرض وَللْآخر وسيع قَالَ الشَّاعِر
(شربت بِمَاء الدحرضين فَأَصْبَحت ... زوراء تنفر عَن حِيَاض الديلم)
(والأسودان للتمر وَالْمَاء قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الأسودان التَّمْر وَالْمَاء)
والفمان للفم وَالْأنف ذكره الشَّيْخ جمال الدّين ابْن مَالك والأخوان لأخ وَأُخْت
والأذانان الْأَذَان وَالْإِقَامَة وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (بَين كل أذانين صَلَاة) أَجمعُوا أَن المُرَاد بِهِ الْأَذَان وَالْإِقَامَة
والجونان مُعَاوِيَة وَحسان ابْنا الجون الكنديان ذكره أَبُو الْعَبَّاس الْمبرد فى أَوَائِل الْكَامِل بعد نَحْو خمس كراريس مِنْهُ وَأنْشد عَلَيْهِ
(كَأَنَّك لم تشهد لقيطا وحاجبا ... وَعَمْرو بن عَمْرو إِذْ دعوا يال دارم)
(وَلم تشهد الجونين والشعب والصفا ... وشدات قيس يَوْم دير الجماجم)
والعاشقان اسْم للعاشق والمعشوق وَعَلِيهِ قَول الْعَبَّاس بن الْأَحْنَف

(العاشقان كِلَاهُمَا متغضب ... وَكِلَاهُمَا متوجد متحبب)
(صدت مغاضبة وَصد مغاضبا ... وَكِلَاهُمَا مِمَّا يعالج مُتْعب)
(رَاجع أحبتك الَّذين هجرتهم ... إِن المتيم قَلما يتَجَنَّب)
(إِن التباعد إِن تطاول مِنْكُمَا ... دب السلو لَهُ فعز الْمطلب)
أَرَادَ بالعاشقين الْخَلِيفَة وَوَاحِدَة من حظاياه كَانَ وَقع بَينه وَبَينهَا شنآن فتهاجرا فَحدث الْعَبَّاس فى ذَلِك فأنشده هَذِه الأبيات فَقَامَ إِلَيْهَا وصالحها
والأنفان اسْم للأنف والفم ذكره وَأنْشد عَلَيْهِ
(إِذا مَا الْغُلَام الأحمق الْأُم سافنى ... بأطراف أنفيه اشمأز فأنزعا)
وَاعْلَم أَن شَيخنَا أَبَا حَيَّان اسْتشْهد على أَن العمرين اسْم لأبى بكر وَعمر بقول الشَّاعِر
(مَا كَانَ يرضى رَسُول الله فعلهم ... والعمران أَبُو بكر وَلَا عمر)
وَأَنا مَا أحفظ هَذَا الْبَيْت إِلَّا والطيبان أَبُو بكر وَلَا عمر وَالْوَزْن بِهِ أتم
وَاسْتشْهدَ على أَن القمرين اسْم للشمس وَالْقَمَر يَقُول الفرزدق
(أَخذنَا بآفاق السَّمَاء عَلَيْكُم ... لنا قمراها والنجوم الطوالع)
(وَكَانَ الشَّيْخ الإِمَام الْوَالِد رَحمَه الله يَقُول إِنَّمَا أَرَادَ بالقمرين النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وبالنجوم الصَّحَابَة وَهَذَا مَا ذكره ابْن الشجرى فى أَمَالِيهِ
وَرَأَيْت فى تَرْجَمَة هَارُون الرشيد أَنه سَأَلَ من حضر مَجْلِسه عَن المُرَاد بالقمرين فى هَذَا الْبَيْت فَأجَاب بِهَذَا الْجَواب نعم أنْشد ابْن الشجرى على القمرين للشمس وَالْقَمَر قَول المتنبى
(واستقبلت قمر السَّمَاء بوجهها ... فأرتنى القمرين فى وَقت مَعًا)

وَقَالَ أَبُو عبد الله البوشنجى فى قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (البذاذة من الْإِيمَان ثَلَاثًا الْبذاء خلاف البذاذة إِنَّمَا الْبذاء طول اللِّسَان برمى الْفَوَاحِش والبهتان يُقَال فلَان بذى اللِّسَان والبذاذة رثاثة الثِّيَاب فى الملبس والمفرش وَذَلِكَ تواضع عَن رفيع الثِّيَاب وهى ملابس أهل الزّهْد
وَقَالَ الْحَاكِم حَدثنَا أَبُو زَكَرِيَّا يحيى بن مُحَمَّد العنبرى حَدثنَا أَبُو عبد الله البوشنجى حَدثنَا النفيلى حَدثنَا عِكْرِمَة بن إِبْرَاهِيم الأزدى قاضى الرى عَن عبد الْملك بن عُمَيْر عَن مُوسَى بن طَلْحَة قَالَ مَا رَأَيْت أَخطب من عَائِشَة وَلَا أعرب لقد رَأَيْتهَا يَوْم الْجمل وثار إِلَيْهَا النَّاس فَقَالُوا يَا أم الْمُؤمنِينَ حدثينا عَن عُثْمَان وَقَتله فاستجلست النَّاس ثمَّ حمدت الله وأثنت عَلَيْهِ ثمَّ قَالَت أما بعد فَإِنَّكُم نقمتم على عُثْمَان خِصَالًا ثَلَاثًا إمرة الْفَتى وضربة السَّوْط وموقع الغمامة المحماة فَلَمَّا أعتبنا مِنْهُنَّ مصتموه موصى الثَّوْب بالصابون عدوتم بِهِ الْفقر الثَّلَاث عدوتم بِهِ حُرْمَة الشَّهْر الْحَرَام وَحُرْمَة الْبَلَد الْحَرَام وَحُرْمَة الْخلَافَة وَالله لعُثْمَان كَانَ أَتْقَاكُم للرب وأوصلكم للرحم وأحصنكم فرجا أَقُول قولى هَذَا وَأَسْتَغْفِر الله لى وَلكم
قَالَ الْحَاكِم سَمِعت أَبَا زَكَرِيَّا العنبرى وَأَبا بكر مُحَمَّد بن جَعْفَر يَقُولَانِ سَمِعت أَبَا عبد الله البوشنجى يَقُول فى عقب هَذَا الحَدِيث أما قَوْلهَا إمرة الْفَتى فَإِن عُثْمَان ولى الْكُوفَة الْوَلِيد بن عقبَة بن أَبى معيط لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وعزل سعد بن أَبى وَقاص
وَأما قَوْلهَا ضَرْبَة السَّوْط فَإِن عُثْمَان تنَاول عمار بن يَاسر وَأَبا ذَر بِبَعْض التَّقْوِيم كَمَا يُؤَدب الإِمَام رَعيته
وَأما قَوْلهَا موقع الغمامة المحماة فَإِن عُثْمَان حمى أحماء فى بِلَاد الْعَرَب لإبل الصَّدَقَة وَقد كَانَ عمر حمى أحماء أَيْضا كَذَلِك فَلم يُنكر النَّاس ذَلِك على عمر
فَهَذِهِ الثَّلَاث الَّتِى قالتها عَائِشَة فَلَمَّا استعتبوه مِنْهَا أعتبهم وَرجع إِلَى مُرَادهم وَهُوَ قَوْلهَا مصتموه موص الثَّوْب بالصابون والموص هُوَ الْغسْل والفقر الفرص

يُقَال أفقر الصَّيْد إِذا وجد الصَّائِد فرصته وَكَانَ عُثْمَان آمنا أَنهم لَا يعدون عَلَيْهِ فى الشَّهْر الْحَرَام وَأَنَّهُمْ لَا يسْتَحلُّونَ حرم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهى الْمَدِينَة وَكَانَت الثَّالِثَة حُرْمَة الْخلَافَة
قلت وَمَعَ هَذَا لم يشر الشَّاعِر فى قَوْله
(قتلوا ابْن عَفَّان الْخَلِيفَة محرما ... ودعا فَلم أر مثله مخذولا)
إِلَى شئ من الحرمات الثَّلَاث وَلَا حُرْمَة الْإِحْرَام فَإِن عُثْمَان لم يكن أحرم بِالْحَجِّ وَإِنَّمَا أَرَادَ على مَا ذكر الأصمعى أَنه لم يكن أَتَى محرما يحل عُقُوبَته كَمَا سَنذكرُهُ عَن الأصمعى إِن شَاءَ الله تَعَالَى فى تَرْجَمَة أَبى نصر أَحْمد بن عبد الله الثابتى البخارى فى الطَّبَقَة الرَّابِعَة
وَقَوْلنَا فى سِيَاق هَذَا السَّنَد سَمِعت أَبَا زَكَرِيَّا وَأَبا بكر يَقُولَانِ سَمِعت أَبَا عبد الله كَذَا هُوَ فى مقتضب تَارِيخ نيسابور لِلْحَافِظِ أبي بكر الحازمى بِخَطِّهِ وَقد كتب كَمَا رَأَيْته بِخَطِّهِ فَوق سَمِعت صَحَّ وَقد أَجَاد فَإِنَّهُ حاك عَن اثْنَيْنِ قَوْلهمَا فَكل مِنْهُمَا يَقُول سَمِعت فافهمه فَهُوَ دَقِيق
وَيُشبه هَذَا الْأَثر عَن عَائِشَة رضى الله عَنْهَا فى اجْتِمَاع كثير من غَرِيب اللُّغَة فِيهِ حَدِيث زبان بن قيسور الكلفى وَيُقَال زبان بن قسور قَالَ رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ نَازل بوادى الشوحط وَهُوَ عِنْد إِبْرَاهِيم بن سعد عَن ابْن إِسْحَاق عَن يحيى بن عُرْوَة بن الزبير عَن أَبِيه عَن زبان وَهُوَ حَدِيث ضَعِيف الْإِسْنَاد لَيْسَ دون إِبْرَاهِيم بن سعد من يحْتَج بِهِ

وَقد سَاقه السهيلى فى الرَّوْض الْألف // بِدُونِ إِسْنَاد //
وَنحن نرى أَن نذْكر حَدِيث زبان بن قيسور فَإِن ابْن الْأَثِير لم يذكرهُ فى نِهَايَة غَرِيب الحَدِيث مَعَ شدَّة تفحصه فَنَقُول
عَن زبان بن قيسور رضى الله عَنهُ قَالَ رَأَيْت النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ نَازل بوادى الشوحط فكلمته فَقلت يَا رَسُول الله إِن مَعنا لوبا كَانَت فى عيلم لنا بِهِ طرم وشمع فجَاء رجل فَضرب ميتين فأنتج حَيا وكفنه بالثمام ونحسه فطار اللوب هَارِبا ودلى مشواره فى العيلم فاشتار الْعَسَل فَمضى بِهِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَلْعُون مَلْعُون من سرق شرو قوم فأضر بهم أَفلا تبعتم أَثَره وعرفتم خَبره) قَالَ قلت يَا رَسُول الله إِنَّه دخل فى قوم لَهُم مَنْعَة وهم جيرتنا من هُذَيْل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (صبرك صبرك ترد نهر الْجنَّة وَإِن سعته كَمَا بَين اللقيقة والسحيقة يتسبسب جَريا بِعَسَل صَاف من قذاه مَا تقياه لوب وَلَا مجه نوب) حَدِيث غَرِيب
وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أُوتى جَوَامِع الْكَلم فيخاطب كل قوم بلغتهم
واللوب بِضَم اللَّام وَسُكُون الْوَاو النَّحْل قَالَه السهيلى وَحَكَاهُ ابْن سَيّده فى الْمُحكم وأغفله الجوهرى والأزهرى
والعيلم بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون آخر الْحُرُوف قَالَ السهيلى هى الْبِئْر وَأَرَادَ بهَا هُنَا وقبة النَّحْل أَو الخلية وَقد يُقَال لموْضِع النَّحْل إِذا كَانَ صدعا فى جبل شيق وَجمعه شيقان والطرم بِكَسْر الطَّاء الْمُهْملَة وَإِسْكَان الرَّاء الْعَسَل عَامَّة قَالَه ابْن سَيّده وَغَيره وَحكى الأزهرى عَن اللَّيْث أَنه الشهد
وَقَوله فَضرب ميتين فاستخرج حَيا يُرِيد أورى نَارا من زندين ضربهما فَهُوَ من بَاب الِاسْتِعَارَة شبه الزِّنَاد وَالْحجر بالميتين وَالنَّار الَّتِى تخرج مِنْهُمَا بالحى
والثمام قَالَ الجوهرى نبت ضَعِيف ذُو خوص وَرُبمَا حشى مِنْهُ أُوَسَّد بِهِ خصاص الْبيُوت فَمَعْنَى قَوْله أَنه كَفنه بالثمام أَنه ألْقى ذَلِك النبت على النَّار الَّتِى أوراها حَتَّى صَار لَهَا دُخان وَهُوَ المُرَاد بقوله نحسه قَالَ السهيلى يُقَال لكل دُخان نُحَاس وَلَا يُقَال إيام إِلَّا لدخان النَّحْل خَاصَّة يُقَال آمها يؤومها إِذا دخنها قَالَه أَبُو حنيفَة
وَيُقَال شار الْعَسَل يشوره ويشتاره إِذا اجتناه من خلاياه ومواضعه
والمشوار الْآلَة الَّتِى يقطف بهَا
وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من سرق شرو قوم) كَذَا هُوَ فى أصل مُعْتَمد بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة وَإِسْكَان الرَّاء وَبعدهَا وَاو لم أجد هَذِه اللَّفْظَة فى كتب اللُّغَة
وَكَذَلِكَ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن نهر الْجنَّة سعته مَا بَين اللقيقة والسحيقة وكأنهما اسْم موضِعين يعرفهما الْمُخَاطب وألفيتهما كَذَلِك مضبوطين بِضَم أَولهمَا
وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (صبرك صبرك) أضمر فِيهِ الْفِعْل أى الزم صبرك وأغنى التّكْرَار عَن لُزُوم الْفِعْل كَمَا فى التحذير
ويتسبسب أى يجرى قَالَ الأزهرى يُقَال سبسب إِذا سَار سيرا لينًا فَكَأَنَّهُ استعير لجَرَيَان النَّهر بِاللَّبنِ
والنوب أَيْضا من أَسمَاء النَّحْل وَهُوَ بِضَم النُّون وَإِسْكَان الْوَاو قَالَ أَبُو ذُؤَيْب

(إِذا لسعته النَّحْل لم يرج لسعها ... وحالفها فى بَيت نوب عواسل)
أى لم يخف لسعها
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة سميت نوبا لِأَنَّهَا تضرب إِلَى السوَاد
وَمن هَذَا المهيع يُقَال لَهُ بَاب المعاياة وصنف فِيهِ الْفُقَهَاء فَأَكْثرُوا وَرووا أَن رجلا قَالَ لأبى حنيفَة مَا تَقول فى رجل قَالَ إنى لَا أَرْجُو الْجنَّة وَلَا أَخَاف النَّار وآكل الْميتَة وَالدَّم وأصدق الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَأبْغض الْحق وأهرب من رَحْمَة الله وأشرب الْخمر وَأشْهد بِمَا لم أر وَأحب الْفِتْنَة وأصلى بِغَيْر وضوء وأترك الْغسْل من الْجَنَابَة وأقتل النَّاس فَقَالَ أَبُو حنيفَة لمن حَضَره مَا تَقول فِيهِ فَقَالَ هَذَا كَافِر
فَتَبَسَّمَ وَقَالَ هَذَا مُؤمن أما قَوْله لَا أَرْجُو الْجنَّة وَلَا أَخَاف النَّار فَأَرَادَ إِنَّمَا أَرْجُو وأخاف خالقهما
وَأَرَادَ بِأَكْل الْميتَة وَالدَّم السّمك وَالْجَرَاد والكبد وَالطحَال
وَبِقَوْلِهِ أصدق الْيَهُود وَالنَّصَارَى قَول كل مِنْهُم إِن أَصْحَابه لَيْسُوا على شئ كَمَا قَالَ تَعَالَى حِكَايَة عَنْهُم
وَبِقَوْلِهِ أهرب من رَحْمَة الله الهروب من الْمَطَر
ويقوله أبْغض الْحق يعْنى الْمَوْت لِأَن الْمَوْت حق لابد مِنْهُ
وبشرب الْخمر شربه فى حَال الِاضْطِرَار
وبحب الْفِتْنَة الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد على مَا قَالَ تَعَالَى {أَنما أَمْوَالكُم وَأَوْلَادكُمْ فتْنَة}
وبالشهادة على مَا لم ير الشَّهَادَة بِاللَّه وَمَلَائِكَته وأنبيائه وَرُسُله وبالصلاة بِغَيْر وضوء وَلَا تيَمّم الصَّلَاة على النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وبترك الْغسْل من الْجَنَابَة إِذا فقد المَاء
وبالناس الَّذين يقتلهُمْ الْكفَّار وهم الَّذين سماهم الله {النَّاس} فى قَوْله {إِن النَّاس قد جمعُوا لكم}
وروى أَن مُحَمَّد بن الْحسن سَأَلَ الشافعى عَن خَمْسَة زنوا بِامْرَأَة فَوَجَبَ على وَاحِد الْقَتْل وَالْآخر الرَّجْم وَالثَّالِث الْجلد وَالرَّابِع نصف الْحَد وَلم يجب على الْخَامِس شئ
فَقَالَ الشافعى الأول ذمى زنى بِمسلمَة فَانْتقضَ عَهده فَيقْتل
والثانى زَان مُحصن وَالثَّالِث بكر حر وَالرَّابِع عبد وَالْخَامِس مَجْنُون
وروى أَن الشافعى رضى الله عَنهُ سُئِلَ عَن امْرَأَة فى فِيهَا لقْمَة قَالَ زَوجهَا إِن بلعتيها فَأَنت طَالِق وَإِن أخرجتيها فَأَنت طَالِق مَا الْحِيلَة
قَالَ تبلع نصفهَا وَتخرج نصفهَا
وَأَنه جَاءَ رجل إِلَى أَبى حنيفَة رضى الله عَنهُ فَقَالَ حَلَفت بِالطَّلَاق لَا أكلم امرأتى قبل أَن تكلمنى فَقَالَ وَالْعتاق لَازم لى لَا أُكَلِّمك قبل أَن تكلمنى فَكيف أصنع
فَقَالَ اذْهَبْ فكلمها وَلَا حنث عَلَيْكُمَا
فَذهب إِلَى سُفْيَان الثورى فجَاء سُفْيَان إِلَى أَبى حنيفَة مغضبا فَقَالَ أتبيح الْفروج قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَا ذَاك فَقص لَهُ الْقِصَّة فَقَالَ أَبُو حنيفَة هُوَ كَذَا إِنَّهَا لما قَالَت لَهُ إِن كلمتك فعلى الْعتاق شافهته بالْكلَام فانحلت يَمِينه فَإِذا كلمها بعد لم يَقع الطَّلَاق فَقَالَ سُفْيَان إِنَّك لتكشف مَا كُنَّا عَنهُ غافلين
وَعَن أَبى يُوسُف القاضى قَالَ طلبنى هَارُون الرشيد لَيْلًا فَلَمَّا دخلت عَلَيْهِ إِذا هُوَ جَالس وَعَن يَمِينه عِيسَى بن جَعْفَر فَقَالَ لى إِن عِنْد عِيسَى جَارِيَة وَسَأَلته أَن يَهَبهَا لى فَامْتنعَ وَسَأَلته أَن يَبِيعهَا فَامْتنعَ

فَقلت وَمَا مَنعك من بيعهَا أَو هبتها لأمير الْمُؤمنِينَ
فَقَالَ إِن على يَمِينا أَن لَا أبيعها وَلَا أهبها
فَقَالَ الرشيد فَهَل لَهُ فى ذَلِك مخرج
قلت نعم يهب لَك نصفهَا ويبيعك نصفهَا فَيكون لم يَهَبهَا وَلم يبعها
قَالَ عِيسَى فأشهدك أَنى قد وَهبتك نصفهَا وبعتك نصفهَا
فَقَالَ الرشيد بعد ذَلِك أَيهَا القاضى بقيت وَاحِدَة
فَقلت وَمَا هى
فَقَالَ إِنَّهَا أمة ولابد من استبرائها ولابد أَن أطلبها فى هَذِه اللَّيْلَة
فَقلت لَهُ أعْتقهَا وَتَزَوجهَا فَإِن الْحرَّة لَا تستبرأ فَفعل ذَلِك فعقدت عقده عَلَيْهَا وَأمر لى بِمَال جزيل
وَحَضَرت امْرَأَة إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمَأْمُون فَقَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن أخى مَاتَ وَترك سِتّمائَة دِينَار فَلم أعْط إِلَّا دِينَارا وَاحِدًا
فَقَالَ كأنى بك قد ترك أَخُوك زَوْجَة وَأما وبنتين واثنى عشر أَخا وَأَنت
فَقَالَت نعم كَأَنَّك حَاضر
فَقَالَ أعطوك حَقك للزَّوْجَة ثمن الستمائة وَذَلِكَ خَمْسَة وَسَبْعُونَ دِينَارا وَللْأُمّ السُّدس وَذَلِكَ مائَة دِينَار وللبنتين الثُّلُثَانِ وَذَلِكَ أَرْبَعمِائَة دِينَار وللاثنى عشر أَخا أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ دِينَارا وَلَك دِينَار وَاحِد
وَسُئِلَ الْقفال عَن بَالغ عَاقل مُسلم هتك حرْزا وسرق نِصَابا لَا شُبْهَة لَهُ فِيهِ بِوَجْه وَلَا قطع عَلَيْهِ
فَقَالَ رجل دخل فَلم يجد فى الدَّار شَيْئا فَقعدَ فى دن فجَاء صَاحب الدَّار بِمَال وَوَضعه فَخرج السَّارِق وَأَخذه وَخرج فَلَا يقطع لِأَن المَال حصل بعد هتك الْحِرْز

وَسُئِلَ بعض الْمَشَايِخ عَن رجل خرج إِلَى السُّوق وَترك امْرَأَته فى الْبَيْت ثمَّ رَجَعَ فَوجدَ عِنْدهَا رجلا فَقَالَ مَا هَذَا قَالَت هَذَا زوجى وَأَنت عبدى وَقد بِعْتُك
فَقَالَ الشَّيْخ هُوَ عبد زوجه سَيّده بابنته وَدخل العَبْد بهَا ثمَّ مَاتَ سَيّده وَوَقعت الْفرْقَة لِأَنَّهَا ملكت زَوجهَا بِالْإِرْثِ ثمَّ إِنَّهَا كَانَت حَامِلا فَوضعت فانقضت الْعدة فَتزوّجت وباعت ذَلِك الزَّوْج لِأَنَّهُ صَار عَبدهَا
وَسُئِلَ آخر عَن رجل نظر إِلَى امْرَأَة أول النَّهَار وهى حرَام عَلَيْهِ ثمَّ حلت ضحوة وَحرمت الظّهْر وحلت الْعَصْر وَحرمت الْمغرب وحلت الْعشَاء وَحرمت الْفجْر وحلت الضُّحَى وَحرمت الظّهْر فَقَالَ هَذَا رجل نظر إِلَى أمة غَيره بكرَة واشتراها ضحوة وَأسْقط الِاسْتِبْرَاء بحيلة فَحلت لَهُ وأعتقها الظّهْر فَحرمت عَلَيْهِ فَتَزَوجهَا الْعَصْر فَحلت فَظَاهر مِنْهَا الْمغرب فَحرمت فَكفر عَن يَمِينه الْعشَاء فَحلت فَطلقهَا عِنْد الْفجْر فَحرمت فَرَاجعهَا ضحوة فَحلت فارتدت الظّهْر فَحرمت
وَلَك أَن تزيد فَتَقول ثمَّ حلت الْعَصْر ثمَّ حرمت الْمغرب حُرْمَة مُؤَبّدَة وَذَلِكَ بِأَن تكون أسلمت الْعَصْر فَبَقيت على الزَّوْجِيَّة ثمَّ لاعنها الْمغرب
وَسُئِلَ آخر عَن امْرَأَة لَهَا زوجان وَيجوز أَن يَتَزَوَّجهَا ثَالِث ويطأها فَقَالَ هَذِه امْرَأَة لَهَا عبد وَأمه زوجت أَحدهمَا بِالْآخرِ فَيصدق أَنَّهَا امْرَأَة لَهَا زوجان وَاللَّام فى لَهَا للْملك وَإِذا جَاءَ ثَالِث حر أَرَادَ نِكَاحهَا فَلهُ ذَلِك
وَسُئِلَ آخر عَن رجل قَالَ لامْرَأَته وهى فى مَاء جَار إِن خرجت من هَذَا المَاء فَأَنت طَالِق وَإِن لم تخرجى فَأَنت طَالِق
فَقَالَ لَا تطلق خرجت أَو لم تخرج لِأَنَّهُ جرى وانفصل نَقله الرافعى فى فروع الطَّلَاق
وَسُئِلَ آخر عَن رجل تكلم كلَاما فى بَغْدَاد فَوَجَبَ على امْرَأَة بِمصْر أَن تعيد صَلَاة سنة

فَقَالَ هَذِه جَارِيَته أعْتقهَا بِبَغْدَاد وهى بِمصْر وَلم يبلغهَا الْخَبَر إِلَّا بعد سنة وَكَانَت تصلى مكشوفة الرَّأْس فَإِذا بلغَهَا الْخَبَر يجب عَلَيْهَا إِعَادَة الصَّلَاة لِأَن صَلَاة الْحرَّة مكشوفة الرَّأْس لَا تصح
وفى الرافعى فى رجل قَالَ لامْرَأَته إِن لم أقل لَك مثل مَا تَقُولِينَ لى فى هَذَا الْمجْلس فَأَنت طَالِق فَقَالَت أَنْت طَالِق إِن الْحِيلَة فى عدم وُقُوع الطَّلَاق أَن يَقُول أَنْت تَقُولِينَ أَنْت طَالِق
قلت وَفِيه نظر فَإِن صيغتها أَنْت بِفَتْح التَّاء وصيغته أَنْت بِكَسْرِهَا إِذا أَرَادَ خطابها بِالطَّلَاق فقد يُقَال يَقُول كَمَا قَالَت أَنْت طَالِق بِفَتْح التَّاء وَلَا يَقع الطَّلَاق لِأَنَّهُ خطاب الْمُذكر فلعلها قَالَت لَهُ أَنْت طَالِق بِكَسْر التَّاء

طبقات الشافعية الكبرى للإمام السبكي

 

 

 

 

أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن سعيد الْعَبْدي البوشنحي
الْمُحدث الْفَقِيه
روى عَن أَحْمد وَأبي الرّبيع الزهْرَانِي وعدة
وَعنهُ أَبُو حَامِد بن الشَّرْقِي وَآخَرُونَ
وَثَّقَهُ أبن حبَان وَقَالَ الْحَاكِم سمع بِمصْر والحجاز والكوفة وَالْبَصْرَة وبغداد وَالشَّام وروى عَنهُ البُخَارِيّ وَغَيره مَاتَ سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ

طبقات الحفاظ - لجلال الدين السيوطي.

 

 

 

البُوشَنْجِي الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، ذُو الفنُوْنَ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أبي عَبْدِ اللهِ، مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُوْسَى العَبْدِيّ، الفَقِيْه، المَالِكِيّ، البُوْشَنْجِيّ، شَيْخ أَهْل الحَدِيْث فِي عصره بِنَيْسَأبيرَ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَمائَتَيْنِ.
وَارْتَحَلَ شَرقاً وَغرباً وَلقي الكِبَارَ، وَجَمَعَ، وصنف، وسار ذكره، وبعد صيته.
سَمِعَ: يَحْيَى بن بُكَيْرٍ، وَروح بن صلاَح، وَيُوْسُف بن عَدِيّ، وَمُحَمَّد بن سِنَانٍ العَوَقيّ، وَمُسَدَّداً، وَإِسْمَاعِيْل بن أَبِي أُوَيْسٍ، وَسَعِيْد بن مَنْصُوْرٍ، وَأَحْمَد بن عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْنُسَ، وَمُحَمَّد بن المِنْهَالِ الضَّرير، وَهُدْبَة بنِ خَالِدٍ، وَعَبْد اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ أَسْمَاء، وَأُمَيَّة بن بِسْطَام، وَأَبَا نَصْرٍ التَّمَّارَ، وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وَعُبَيْد اللهِ بن مُحَمَّدٍ العَيْشِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن حمزةالزُّبَيْرِيّ، وَسُلَيْمَان بن بِنْت شُرَحْبِيْل، وَمحبوب بن مُوْسَى الأَنْطَاكِيّ، وَعَبْد العَزِيْزِ بن عِمْرَانَ بنِ مِقْلاص، وَإِبْرَاهِيْم بن المُنْذِرِ الحِزَامِيّ، وَأَبَا الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيّ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيُّ وَهُمَا أَكْبَر مِنْهُ، وَأبي حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَابْن خُزَيْمَةَ، وَأبي العَبَّاسِ الدَّغُوْلِيُّ، وَأبي بَكْرٍ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبْغِيّ، وَأبي عَبْدِ اللهِ بنُ الأَخْرَمِ، وَيَحْيَى بن مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيّ، وَدَعْلَج السِّجْزِيّ، وَعَلِيّ بن حَمْشَاذ، وَإِسْمَاعِيْل بن نُجَيد، وَخَلْقٌ خَاتِمَتُهُم: أبي الفوَارِس أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ جُمعَة المتوفَّى بَعْد ابْن نُجَيد بعَام.
قَالَ دَعْلَج: حَدَّثَنِي فَقِيْهٌ مِنْ أَصْحَابِ دَاوُد بن عَلِيّ: أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللهِ دَخَلَ عَلَيْهِم يَوْماً، وَجَلَسَ فِي أُخريَات النَّاس ثُمَّ إِنَّهُ تَكَلَّمَ مَعَ دَاوُد فَأُعْجِب بِهِ، وَقَالَ: لَعَلَّك أبي عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ قَالَ: نَعَمْ فَقَامَ إِلَيْهِ، وَأَجْلَسَهُ إِلَى جَنْبِهِ وَقَالَ: قَدْ حضَركُم مَنْ يُفيد، وَلاَ يَسْتَفيد.
وَقَالَ أبي زَكَرِيَّا العَنْبَرِيّ: شَهدْتُ جَنَازَة الحُسَيْن القَبَّانِيّ فَصَلَّى بِنَا عَلَيْهِ أبي عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ، فَلَمَّا أَرَادُوا الاَنصرَاف قُدِّمَتْ دابة أبي عبد الله، وَأَخَذَ أبي عَمْرٍو الخَفَّاف بِلِجَامِه، وَأَخذ إمَام الأَئِمَّة بِرِكَابه، وَأبي بَكْرٍ الجَارُوديُّ وَإِبْرَاهِيْم بن أَبِي طَالِبٍ يُسَوِّيَان عَلَيْهِ ثيَابَه فَلَمْ يمْنَع، وَاحِداً مِنْهُم وَمَضَى.
قَالَ أبي زَكَرِيَّا العَنْبَرِيّ: قَالَ لِي البُوْشَنْجِيّ مرَّةً: أَحسنت ثُمَّ التفتَ إِلَى أَبِي وَقَالَ: قُلْتُ لابْنك: أَحسنت وَلَوْ قُلْتُ هَذَا لأَبِي عُبَيْدٍ لفَرح بِهِ.
قَالَ أبي عَمْرٍو بنُ نُجيد: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ سَعِيْد بن إِسْمَاعِيْلَ يَقُوْلُ: تقدَّمْتُ لأُصَافح أَبَا عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ تَبَرُّكاً بِهِ فَقَبَض عَنِّي يدَه ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا عُثْمَانَ! لَسْتُ هُنَاكَ.
قَالَ أبي بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ المُزَكِّي: أَخْبَرَنَا البُوْشَنْجِيّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، عَنِ ابْنِ مَهْدِيّ، عَنْ زُهَيْر بنِ مُحَمَّد، عَنْ صَالِح بن كَيْسَان، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "البَذَاذَة مِنَ الإِيْمَان" 1. فَقَالَ البُوْشَنْجِيّ: البذَاء خِلاَفُ البذاذة
إنما البذاء: طول اللِّسَان برمِي الفَواحش، وَالبُهْتَان، وَالبَذَاذَة: رثَاثَة الثِّيَاب فِي الْملبس، وَالمَفْرَش تواضعاً عَنْ رَفيع الثِّيَاب، وثَمِين الملاَبس وَالمُفْتَرَش، وَهِيَ ملاَبس أَهْل الزُّهْد يُقَال: فُلاَن بذُّ الهيئَة: رثّ الملبَس.
قَالَ أبي بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَر: سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ يَقُوْلُ للمُسْتملِي: الزَم لَفظِي، وَخَلاَك ذمّ.
الحَاكِم: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى، سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ يَقُوْلُ فِي معنَى قَوْل النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كَانَ القُرْآنُ فِي إِهَابٍ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ". قَالَ: مَعْنَاهُ: أَنَّ مَنْ حَمَلَ القُرْآن وَقرأَه، لَمْ تَمَسَّهُ النَّار.
الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدَ بنَ يَعْقُوْبَ الشَّيْبَانِيّ، سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ بُكَيْرٍ، وَذِكْرُه يَمْلأ الْفَم وَقَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ جَعْفَرٍ سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُوْلُ: عَبْد العَزِيْزِ بن مُحَمَّدٍ الأَندرَاوَرْديّ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيّ، حَدَّثَنَا البُوْشَنْجِيّ، حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيّ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الأَزْدِيّ قَاضِي الرَّيّ، عَنْ عَبْدِ الملك بن عُمِير، عَنْ مُوْسَى بنِ طَلْحَةَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَخْطَبَ مِن عَائِشَةَ، وَلاَ أَعْرَبَ، لَقَدْ رأَيْتُهَا يَوْمَ الجَمَل، وَثَارَ إِلَيْهَا النَّاس فَقَالُوا: يَا أُمَّ المُؤْمِنِيْنَ، حَدِّثِينَا عَنْ عُثْمَانَ وَقَتْلِه فَاسْتجلَسَتِ النَّاس ثُمَّ حَمِدت الله وَأَثنتْ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَتْ:
أَمَّا بَعْد.. فَإِنَّكُم نَقَمْتم عَلَى عُثْمَانَ خِصَالاً ثَلاَثاً: إِمرَة الفَتَى، وَضَرْبَة السَّوط، وَمَوْقع الغمَامَة المُحْمَاة، فَلَمَّا أَعْتَبَنَا مِنْهُنَّ مُصَتُّمُوهُ مَوْصَ الثَّوب بِالصَّأبينَ، عَدَوتم بِهِ الفُقَر الثَّلاَث: حُرْمَة الشَّهْرِ الحَرَام، وَحُرْمَةَ البَلَدِ الحَرَام، وَحُرِمَة الخِلاَفَة، وَاللهِ لَعُثْمَان كَانَ أَتْقَاكُم للرَّبِّ، وَأَوْصَلَكُم للرَّحِمِ، وَأَحْصَنَكُم فَرْجاً أَقُوْلُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ الله لي، ولكم.
قَالَ البُوْشَنْجِيّ: إِمرَة الفَتَى: عَزْلُه سَعْداً، وَتوليتُه مَكَانه الوَلِيْد بن عُقْبَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ، وضَربَةُ السُّوْط: فَإِنَّهُ تنَاول عَمَّاراً، وَأَبَا ذَرٍّ ببَعْض التَّقْويم، وَموقع الغَمَامَة: فَإِنَّهُ حمَى أَحمَاء فِي بِلاَد العَرَب لإِبل الصَّدَقَة، وَقَدْ فَعَلَه عُمَر فَمَا أَنْكَرَه النَّاس، وَالموْص: الغَسْل، وَالفُقْر: الفُرَص.
الحَاكِم: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى الأَدِيْب، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ قَالَ: رَأَيْتُ فِي المقسلاَط صَنَماً مِنْ نُحَاس إِذَا عَطِش نَزَل فَشَرِبَ ثُمَّ قَالَ البُوْشَنْجِيّ: رُبَّمَا تكلَّمَتِ العُلَمَاءُ عَلَى سَبِيْل تفَقُّدِهِم مقدَار أَفهَام حَاضِريهم تَأْديباً لَهُم وَتَنبيهاً عَلَى العِلْم وَامتحَاناً لأَوهَامهِم فَهَذَا ابْن جَابِر، وَهُوَ أَحَد عُلَمَاء الشَّام، وله كتب في العلم يَقُوْلُ هَذَا وَالمقسلاَط: مَوْضِعٌ بِدِمَشْقَ بسُوق الدَّقيق يُرِيْد أَنَّ الصَّنم لاَ يَعْطش وَلَوْ عَطِش نَزَل فَشرب فينفِي عَنْهُ النُّزُول وَالعَطَش.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا زَكَرِيَّا العَنْبَرِيّ، سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ، سَمِعْتُ قُتَيْبَة بن سَعِيْد، سَمِعْتُ يُوْنُسَ بنَ سُلَيْمٍ يَقُوْلُ: الأَرُزُّ مِنْ طَعَام الكِرَام.
قَالَ قُتَيْبَةُ: فَلَمَّا حَجَجْتُ صَيَّروهُ حَدِيْثاً، فَكَانُوا يَجِيْئون بِبَغْدَادَ فَيَقُوْلُوْنَ: حَدِيْث الأَرز حَدِيْث الأَرز.
سَمِعْتُ العَنْبَرِيّ سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ، سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ الفَرَّاء سَمِعْتُ يُوْسُف بن أَسْبَاط يَقُوْلُ: قَالَ لِي سُفْيَان: إِذَا رَأَيْت القَارِئ يَلُوذ بِالسُّلْطَان فَاعْلَمْ أَنَّهُ لِصُّ، وَإِذَا رَأَيْتهُ يلوذُ بِالأَغنيَاء فَاعْلَمْ أَنَّهُ مُرَاءٍ وَإِيَّاك أَنْ تُخْدَع، وَيُقَالُ لَكَ: تردُّ مظلمَةً وَتدفعُ عَنْ مَظْلُوم، فَإِنَّ هَذِهِ خِدعَةُ إِبليس اتَّخَذَهَا القُرَّاءُ سُلَّماً.
وَسَمِعْتُ العَنْبَرِيّ سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ، يَقُوْلُ: ابْن إِسْحَاقَ عِنْدنَا ثِقَةٌ ثِقَةٌ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو بن حَمْدَانَ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ يَقُوْلُ: لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي أَبِي عَبْدِ اللهِ مِنَ البُخْل بِالعِلْمِ مَا كَانَ مَا خَرَجتُ إِلَى مِصْرَ.
قَالَ أبي النَّضْرِ الفَقِيْهُ: سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ يَقُوْلُ: مَنْ أَرَادَ العِلْم، وَالفِقْه بِغَيْر أَدبٍ فَقَدْ اقتحمَ أَن يكذب عَلَى اللهِ وَرَسُوْله.

ذكر السُّلَيمَانِيُ الحَافِظ أَبَا عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ، فقال: أحد أئمة أصحاب مالك.
وَقَالَ الحَسَنُ بنُ يَعْقُوْبَ: كَانَ مقَام أَبِي عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ بِنَيْسَأبيرَ عَلَى اللَّيْثِيَّةِ فَلَمَّا انْقَضتْ أَيَّامُهُم خَرَجَ إِلَى بُخَارَى إِلَى حضَرَة الأَمِيْر إِسْمَاعِيْل فَالتَمَس مِنْهُ بَعْد أَن أَقَامَ عِنْدَهُ برهَة أَن يكْتب أَرزَاقه بِنَيْسَأبيرَ.
الحَاكِم: سَمِعْتُ الحُسَيْن بن الحَسَنِ الطُّوْسِيّ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ يَقُوْلُ: وَصَلنِي مِنَ اللَّيْثِيَّة سبعُ مائَة أَلْف دِرْهَم.
وَقَالَ دَعْلَج: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ وَأَشَار إِلَى ابْنِ خُزَيْمَة: كيِّسٌ، وَأَنَا لاَ أَقُول ذَا لأَبِي ثَوْرٍ.
قَالَ أبي عَبْدِ اللهِ بنُ الأَخْرَمِ: رَوَى البُخَارِيّ حَدِيْثاً فِي "الصَّحِيْحِ"، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ.
قَالَ ابْنُ الذّهبِيّ: فِي "الصَّحِيْحِ": حَدَّثَنَا مُحَمَّد، حَدَّثَنَا أبي جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ.... فَذَكَرَ حَدِيْثاً فِي تَفْسِيْر سُوْرَة البَقَرَة فَإِن لَمْ يَكُنِ البُوْشَنْجِيّ، فَهُوَ مُحَمَّد بن يَحْيَى وَالأَغلب أَنَّهُ البُوْشَنْجِيّ؛ لأَنَّ الحَدِيْث بِعَيْنِهِ قَدْ رَوَاهُ الحَاكِم: حَدَّثَنَا أبي بَكْرٍ بنُ أَبِي نَصْرٍ، حَدَّثَنَا البُوْشَنْجِيّ، حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيّ، حَدَّثَنَا مِسْكِيْن بن بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خَالِد الحَذَّاء، عَنْ مَرْوَانَ الأَصْفَر، عَنْ رَجُلٍ وَهُوَ ابْن عُمَرَ: أَنَّهَا نُسخت: {إِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُم} [الآية: 284] من سورة البقرة.
الحَاكِم: حَدَّثَنَا الأَصَمُّ، حَدَّثَنَا الصَّغَانِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيّ فَذَكَرَ حَدِيْثاً، ثُمَّ قَالَ الحَاكِمُ: حَدَّثنَاهُ مُحَمَّد بن جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا البُوْشَنْجِيّ ... فذَكَرَهُ.
أَخْبَرَنَا أبي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَم التَّميم مُدَرِّس الشَّامِيّة، وَأبي الفَضْلِ بنُ تَاجِ الأُمَنَاءِ وَزَيْنَب بِنْتِ كِنديّ قِرَاءةً عَلَيْهِم عَنِ المُؤَيَّد بن مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيّ، وَعَبْد المُعِزِّ بن مُحَمَّدٍ الهَرَوِيّ وَزَيْنَب بِنْت أَبِي القَاسِمِ الشَّعرِيّ قَالَ المُؤَيَّد: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ الصَّاعديّ، وَقَالَ عَبْدُ المُعزِّ: أَخْبَرَنَا تَمِيْم بن أَبِي سَعِيْدٍ المُعَلِّم، وَقَالَتْ زَيْنَبُ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي القَاسِمِ قَالُوا: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَسرورٍ، أَخْبَرَنَا أبي عَمْرٍو بنُ نُجيدٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيُّ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بنُ صلاَحٍ المِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ عَلِيٍّ، عَنِ أَبِيْه، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الحَسَدُ فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ القُرْآنَ فَقَامَ بِهِ وَأَحَلَّ حَلاَلَهُ وَحَرَّمَ حَرَامَهُ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً، فَوَصَلَ مِنْهُ أَقْرِبَاءهُ وَرَحِمَهُ، وَعَمِلَ بِطَاعَةِ اللهِ تَمَنَّى أَنْ يَكُوْنَ مِثْلَهُ، وَمَنْ تَكُنْ فِيْهِ أَرْبَعٌ، لَمْ يَضُرَّه مَا زُوي عَنْهُ مِنَ الدُّنْيَا: حُسْنُ خَلِيْقَةٍ، وَعَفَافٌ، وَصِدْقُ حَدِيْثٍ، وَحِفْظُ أمانة".
حديثٌ غَرِيْبٌ، عَالٍ جِدّاً وَرَوْحٌ: ضَعَّفَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ"، وَبَالَغَ الحَاكِمُ فَقَالَ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ. وَقَدْ طوَّلَ الحَاكِمُ تَرْجَمَةَ البُوْشَنْجِيِّ بِفنُوْنٍ مِنَ الفَوَائِدِ. قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي غُرَّةِ المُحرَّمِ، سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: مَاتَ فِي سَلخِ ذِي الحِجَّةِ مِنْ سَنَةِ تِسْعِيْنَ، فدُفنَ مِنَ الغَدِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُ خُزَيْمَةَ. وَبُوْشَنْجُ -بِشِينٍ مُعجمَةٍ- قيَّده أبي سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ وَقَالَ: بَلدَةٌ عَلَى سَبْعَةِ فرَاسخَ مِنْ هَرَاةَ.
قُلْتُ: وَبَعْضُهُم يَقُوْلُهَا بِسِيْنٍ مُهْمَلَةٍ.

سير أعلام النبلاء: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن  قايمازالذهبي

 

 

 

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن سعيد بن مُوسَى أبي عبد الله ذكره أبي بكر الْخلال من جملَة الْأَصْحَاب نقل عَن إمامنا أَشْيَاء مِنْهَا قَالَ سَمِعت أَحْمد يَقُول تعرفوا إِلَى الله تَعَالَى بِبَعْض الأرجاء فَإِنَّهُ أوثق الْأَعْمَال إِلَيْنَا وَقَالَ البوشنجي وَذكر أَحْمد بن حَنْبَل عَنْك فَقَالَ هُوَ عِنْدِي أفضل وأفقه من سُفْيَان الثَّوْريّ وَذَلِكَ أَن سُفْيَان لم يمْتَحن من الشدَّة والبلوى بِمثل مَا امتحن بِهِ أَحْمد وَلَا علم سُفْيَان وَلَا من تقدم من فُقَهَاء الْأَمْصَار كعلم أَحْمد لِأَنَّهُ كَانَ أجمع للْعلم وأبهر متقنهم وغالطهم وصدوقهم وكذوبهم وَلَقَد بَلغنِي عَن بشر بن الْحَارِث أَنه قَالَ قَامَ أَحْمد مقَام الْأَنْبِيَاء وَأحمد عندنَا امتحن من السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وتداوله أَرْبَعَة خلفاء بَعضهم بالضراء وَبَعْضهمْ بالسراء وَكَانَ فِيهَا مستعصما بِاللَّه تداوله الْمَأْمُون والمعتصم والمتوكل والواثق بَعضهم بِالضَّرْبِ وَالْحَبْس وَبَعْضهمْ بالإخافة والترهيب فَمَا كَانَ فِي هَذِه الْأَحْوَال إِلَّا سليم الدّين ثمَّ امتحن أَيَّام المتَوَكل بالتكريم والتعظيم وَبسط الدُّنْيَا عَلَيْهِ فَمَا ركن إِلَيْهَا وَلَا انْتقل من حَاله الأولى رَغْبَة فِي الدُّنْيَا وَلَا رَغْبَة فِي الذّكر فَهَذِهِ الْحَالَات لم يمْتَحن بِمِثْلِهَا سُفْيَان مَاتَ البوشنجي يَوْم النيروز فِي جُمَادَى الأولى سنة تسعين وَمِائَتَيْنِ

المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد - إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد ابن مفلح، أبي إسحاق، برهان الدين.

 

 

محمد بن إبراهيم بن سعيد البوشنجي العبديّ:
شيخ أهل الحديث في زمانه، بنيسابور. من أئمة اللغة وكلام العرب. له تصانيف .

-الاعلام للزركلي-