مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَرَفَة أَبُو عبد الله الورغمي
بِفَتْح الْوَاو وَسُكُون الرَّاء وَفتح الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْمِيم نِسْبَة إِلَى ورغمة قَرْيَة من أفريقية التونسي المالكي عَالم الْمغرب الْمَعْرُوف بِابْن عَرَفَة ولد سنة 716 سِتّ عشرَة وَسَبْعمائة وتفقه ببلاده على أبي عبد الله بن عبد السَّلَام الهواري شَارِح مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب الفرعي وَعنهُ أَخذ الْأُصُول وَقَرَأَ الْقرَاءَات على ابْن سَلامَة الْأنْصَارِيّ وَسمع على جمَاعَة هُنَاكَ وَمهر فِي الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول وَصَارَ المرجوع إِلَيْهِ بالمغرب وتصدى لنشر الْعلم مَعَ الْجَلالَة عِنْد السُّلْطَان فَمن دونه وَالدّين المتين والتوسع فِي الدُّنْيَا والتظاهر بِالنعْمَةِ فِي مأكله وملبسه وَكَثْرَة الصَّدَقَة وَالْإِحْسَان إِلَى الطّلبَة مَعَ إخفائه لذَلِك وَقدم لِلْحَجِّ فِي سنة 796 وَأَجَازَ لِابْنِ حجر وصنف مجموعا فِي الْفِقْه سَمَّاهُ الْمَبْسُوط فِي سَبْعَة أسفار وَاخْتصرَ الجوفي فِي الْفَرَائِض وعلق عَنهُ بعض أهل الْعلم كلَاما فِي التَّفْسِير فِي مجلدين كَانَ يلتقطه حَال الْقِرَاءَة عَلَيْهِ وصنف فِي كل من الْأَصْلَيْنِ مُخْتَصرا وَكَذَا فِي الْمنطق وَمَات فِي رَابِع وَعشْرين جُمَادَى الْآخِرَة سنة 803 ثَلَاث وثمان مائَة
البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع - لمحمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَرَفَة أَبُو عبد الله الورغمي بِفَتْح الْوَاو وَسُكُون الرَّاء وَفتح الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْمِيم نِسْبَة لَو رغمة قَرْيَة من أفريقية التّونسِيّ الْمَالِكِي عَالم الْمغرب وَيعرف بِابْن عَرَفَة. / ولد سنة سِتّ عشرَة وَسَبْعمائة وتفقه ببلاده على قَاضِي الْجَمَاعَة أبي عبد الله بن عبد السَّلَام الهواري شَارِح ابْن الْحَاجِب الفرعي وَعنهُ أَخذ الْأُصُول وَقَرَأَ القراآت على أبي عبد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حسن بن سَلامَة الْأنْصَارِيّ وَمن شُيُوخه فِي الْعلم وَالِده وَأَبُو عبد الله الوادياشي وَسمع على الْأَرْبَعَة وآباء عبد الله الإيلي والمحمدين ابْن سعد بن بزال وَابْن هرون الْكِنَانِي وَابْن عمرَان بن الْجبَاب وَابْن سُلَيْمَان النبطي الفاسي وعَلى أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد الرصافي وَمهر فِي الْعُلُوم وأتقن الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول إِلَى أَن صَار المرجوع إِلَيْهِ فِي الْفَتْوَى بِبِلَاد الْمغرب وتصدى لنشر الْعُلُوم وَكَانَ لَا يمل من التدريس وإسماع الحَدِيث وَالْفَتْوَى مَعَ الْجَلالَة عِنْد السُّلْطَان فَمن دونه وَالدّين المتين وَالْخَيْر وَالصَّلَاح والتوسع فِي الْجِهَات والتظاهر بِالنعْمَةِ فِي مأكله وملبسه والإكثار من التَّصَدُّق وَالْإِحْسَان للطلبة مَعَ إخفائه لذَلِك.
قَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه: قدم علينا حَاجا فِي سنة سِتّ وَتِسْعين فَلم يتَّفق لي لقاؤه ولكنني استدعيت مِنْهُ الْإِجَازَة فَأجَاز لي وَكتب لي مَا نَصه: أجزت كاتبها وَمن ذكر مَعَه جَمِيع مَا ذكر إجَازَة تَامَّة بشرطها الْمَعْرُوف جعلني الله وإياه من أهل الْعلم النافع. وصنف مجموعا فِي الْفِقْه جمع فِيهِ أَحْكَام الْمَذْهَب سَمَّاهُ الْمَبْسُوط فِي سَبْعَة أسفار إِلَّا أَنه شَدِيد الغموض وَاخْتصرَ الحوفي فِي الْفَرَائِض ونظم قِرَاءَة يَعْقُوب وعلق عَنهُ بعض أَصْحَابنَا كلَاما فِي التَّفْسِير كثير الْفَوَائِد فِي مجلدين كَانَ يلتقطه فِي حَال قراءتهم عَلَيْهِ ويدونه أَولا فأولا قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه وَكَلَامه فِيهِ دَال على توسع فِي الْفُنُون وإتقان وَتَحْقِيق انْتهى. وَكَذَا صنف فِي كل من الْأَصْلَيْنِ والمنطق مُخْتَصرا جَامعا. وَلم يزل على حَاله من العظمة والسودد حَتَّى مَاتَ فِي رَابِع عشرى جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث بتونس وَلم يخلف بعده مثله وَقد حَدثنِي عَنهُ جمَاعَة فيهم مِمَّن أَخذ عَنهُ التَّفْسِير والْحَدِيث وَالْفِقْه وَغَيرهَا يحيى العجيسي، وَأَجَازَ أَيْضا لغير وَاحِد مِمَّن كتبت عَنْهُم وروى الرسَالَة عَن أبي عبد الله بن عبد السَّلَام والوادياشي كِلَاهُمَا عَن أبي مُحَمَّد بن هرون عَن أبي الْقسم بن الطيلسان عَن عبد الْحق بن مُحَمَّد بن عبد الْحق عَن أبي عبد الله مُحَمَّد بن فرج مولى ابْن الطلاع عَن أبي مُحَمَّد مكي عَن ابْن زيد والموطأ عَن أَولهمَا أَنا ابْن هرون بِهِ وَكَذَا قَرَأَ عَلَيْهِ عُلُوم الحَدِيث لِابْنِ الصّلاح بقرَاءَته لَهُ على أبي الْعَبَّاس أَحْمد البطرني أَنا بِهِ أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد اللَّخْمِيّ سَمَاعا أَنا بِهِ مُؤَلفه سَمَاعا فِي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة بالأشرفية بِدِمَشْق وصحيح البُخَارِيّ وَمُسلم والشفا عَن ثَانِيهمَا وَذكره ابْن الْجَزرِي فِي طَبَقَات الْقُرَّاء فَقَالَ: فَقِيه تونس وإمامها وعالمها وخطيبها فِي زَمَاننَا. ولد سنة عشر وَسَبْعمائة وتبحر فِي الْعُلُوم وفَاق فِي الْأَصْلَيْنِ وَالْكَلَام وَتقدم فِي الْفِقْه والنحو وَالتَّفْسِير قَرَأَ على ابْن سَلامَة بمضمن التَّيْسِير وَالْكَافِي وروى أَيْضا عَن ابْن عبد السَّلَام شَارِح الْمُخْتَصر ذكره عبد الله بن مُحَمَّد بن غَالب فِي تَحْقِيقه فَقَالَ أَخذ الْعلم عَن جمَاعَة من الْعلمَاء، الجلة مِنْهُم وَالِده وَأَبُو عبد الله الوادياشي وَغَيرهمَا، قَالَ ابْن الْجَزرِي وَلم تزل الْحجَّاج ترد علينا بأخباره السارة حَتَّى كنت فِي الديار المصرية سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين فَقَدمهَا حَاجا فَاجْتَمَعْنَا بِهِ بِالْقَاهِرَةِ وحججنا جَمِيعًا بِالْحرم الشريف واستجزته تجاه الْكَعْبَة فأجازني وأولادي ثمَّ رَجعْنَا إِلَى لاديار المصرية فاجتمعت بِهِ كثيرا فَأَنْشَدته وأنشدني وَتوجه لبلاده فِي ربيع من الَّتِي بعْدهَا وَلم أر مغربيا أفضل مِنْهُ. وَقَالَ الصّلاح الأقفهسي فِي مُعْجم ابْن ظهيرة أَنه تفقه وبرع فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع والعربية والمعاني وَالْبَيَان والفرائض والحساب والقراآت وَكَانَ رَأْسا فِي الْعِبَادَة والزهد والورع ملازما للإشغال بِالْعلمِ رَحل النَّاس إِلَيْهِ وَأخذُوا عَنهُ وانتفعوا بِهِ وَلم يكن بِبِلَاد الْمغرب من يجْرِي مجْرَاه فِي التَّحْقِيق وَلَا من اجْتمع لَهُ من الْعُلُوم مَا اجْتمع لَهُ وَلَقَد كَانَت الْفَتْوَى تَأتيه من مَسَافَة شهر، وَله مؤلفات مفيدة، وَصدر تَرْجَمته بالفقيه الإِمَام الْعَلامَة ذِي الْفُنُون الْخَطِيب الإِمَام بِمَسْجِد الزيتونة بِمَدِينَة تونس وَسَماهُ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَرَفَة فأسقط مُحَمَّدًا الثَّالِث من نسبه كَمَا أَن ابْن الْجَزرِي لم يصب فِي مولده وَكَذَا مَا رَأَيْته فِي نُسْخَتي بمعجم شَيخنَا أَنه سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ لِأَن شَيخنَا نَفسه قَالَ فِي إنبائه أَنه مَاتَ وَهُوَ ابْن سبع وَثَمَانِينَ. وَهُوَ مُوَافق لما قَالَه غير وَاحِد فِي كَون مولده سنة سِتّ عشرَة، وَصدر شَيخنَا تَرْجَمته فِي إنبائه بشيخ الْإِسْلَام بالمغرب، وَقَالَ ابْن عمار أَنه قدم الْقَاهِرَة حَاجا فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَسَبْعمائة فَأخذ عَنهُ المصريون مَعَ اعتذاره بالضعف وَكَانَ الْقَائِل مِمَّن أَخذ عَنهُ وَأذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء وترجمه بقوله أَمَام حَافظ وقته تفقه بمذهبه مشرقا ومغربا انْتَهَت الرياسة إِلَيْهِ بقطر الْمغرب أجمع فِي التَّحْقِيق وَالْفَتْوَى والمشاورة مَعَ خشونة جَانب وَشدَّة عَارض وَبَرَاءَة من المداهنة وحذر من المحاسنة وَله كتاب فِي الْفِقْه سَمَّاهُ الْمُخْتَصر يبلغ عشرَة أسفار أَو دونهَا جَامع لغالب أُمَّهَات الْمَذْهَب والنوازل وَالْفُرُوع الغربية وَكَثْرَة الْبَحْث مَعَ ابْن شَاس فِي الْجَوَاهِر وَابْن بشير فِي التَّنْبِيه وَابْن الْحَاجِب فِي اختصاره لهذين الْكِتَابَيْنِ وَشَيْخه ابْن عبد السَّلَام فِي شَرحه على ابْن الْحَاجِب إِلَّا أَنه التفقه بِهِ صَعب انْتهى. وَبَلغنِي أَن بعض أولي الْأَحْوَال والخطوات كَانَ يَقْصِدهُ بِالْقِرَاءَةِ والتفقه فِي كل يَوْم من مَسَافَة أَيَّام وَأَن بغلة الشَّيْخ نفقت ودامت أَيَّامًا لَا يتَعَرَّض لَهَا كلب وَلَا غَيره فَلَمَّا بلغه ذَلِك قَالَ لمن تعجب مِنْهُ أتعجبون من ذَلِك وَقد قَرَأت على ظهرهَا الْقُرْآن من الْعدَد آلافا، إِلَى غَيرهَا من الكرامات، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي وَأَنه اختصر الحوفي فِي الْفَرَائِض ونظم قِرَاءَة يَعْقُوب. وَمن نظمه:
(إِذا لم يكن فِي مجْلِس الْعلم نُكْتَة ... لتقرير إِيضَاح لمشكل صُورَة)
(وعزو غَرِيب النَّقْل أوحل مُشكل ... أَو إِشْكَال أبدته نتيجة فكرة)
(فدع سَعْيه وَانْظُر لنَفسك واجتهد ... وَلَا تتركن فالترك أقبح خلة)
وَقَوله:
(بلغت الثَّمَانِينَ وبضعا لَهَا ... وَهَان على النَّفس صَعب الْحمام)
(وأمثال عصري مضوا دفْعَة ... وصاروا خيالا كطيف الْمَنَام)
(وَكَانَت حَياتِي بلطف جميل ... لسبق دعاي رَبِّي فِي الْمقَام)
ـ الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي.
محمد بن محمد بن عرفة الورغمي التونسي يكنى أبا عبد الله هو الإمام العلامة المقرئ الفروعي الأصولي البياني المنطقي شيخ الشيوخ وبقية أهل الرسوخ روى الشيخ أبي عبد الله بن عرفة عن المحدث أبي عبد الله: محمد بن جابر الوادي آشي الصحيحين - سماعاً وأجازه.
روى عن الفقيه القاضي أبي عبد الله بن عبد السلام وسمع عليه موطأ مالك وعلوم الحديث لابن صلاح وعن الفقيه المحدث الراوية أبي عبد الله: محمد بن حسين بن سلمة الأنصاري وقرأ عليه القرآن العظيم بقراءة الأئمة الثمانية. وتفقه على الإمام أبي عبد الله: محمد بن عبد السلام وأبي عبد الله محمد بن هارون محمد بن حسن الزبيدي وأبي عبد الله الآبلي ونظرائهم وتفرد بشيخوخة العلم والفتوى في المذهب له التصانيف العزيزة والفضائل العديدة انتشر علمه شرقاً وغرباً فإليه الرحلة في الفتوى والاشتغال بالعلم والرواية حافظاً للمذهب ضابطاً لقواعده إماماً في علوم القرآن مجيداً في العربية والأصلين والفرائض والحساب وعلم المنطق وغير ذلك. وله في ذلك تآليف مفيدة.
تخرج على يديه جماعة من العلماء الأعلام وقضاة الإسلام فعن رأيه تصدر الولايات وبإشارته تعين الشهود للشهادات ولم يرض لنفسه الدخول في الولايات بل اقتصر على الإمامة والخطابة بجامع الزيتونة وانقطع للاشتغال بالعلم والتصدر لتجويد القراءات.
أجمع على اعتقاده ومحبته الخاصة والعامة ذا دين متين وعقل رصين وحسن إخاء وبشاشة وجه للطلاب صائم الدهر لا يفتر عن ذكر الله وتلاوة القرآن إلا في أوقات الاشتغال منقبضاً عن مداخلة السلاطين لا يرى إلا في الجامع أو في حلقة التدريس لا يغشى سوقاً ولا مجتمعاً ولا مجلس حاكم إلا أن يستدعيه السلطان في الأمور الدينية كهفاً للواردين عليه من أقطار البلاد يبالغ في برهم والإحسان إليهم وقضاء حوائجهم وقد خوله الله تعالى في رياسة الدين والدنيا ما لم يجتمع لغيره في بلده له أوقاف جزيلة في وجوه البر وفكاك الأسارى ومناقبه عديدة وفضائله كثيرة.
وله تآليف منها: تقييده الكبير في المذهب في نحو عشرة أسفار جمع فيه ما لم يجتمع في غيره أقبل الناس على تحصيله شرقاً وغرباً.
وله في أصول الدين تأليف عارض به كتاب الطوالع للبيضاوي واختصر كتاب الحوفي اختصاراً وجيزاً وله تأليف في المنطق وغير ذلك وأقام والده بالمدينة على منهاج الصالحين والسلف الماضين. توفي فيما أظن سنة ثمان وأربعين وسبعمائة ودفن بالبقيع.
وحج الشيخ أبي عبد الله في سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة فتلقاه العلماء وأرباب المناصب بالإكرام التام واجتمع بسلطان مصر الملك الظاهر فأكرمه وأوصى أمير الركب بخدمته ولما زار المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام نزل عندي في البيت. وكان يسرد الصوم في سفره وهو باق بالحياة وذكر لي مولده أنه سنة ست عشرة وسبعمائة نفع الله تعالى به.
الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب - ابن فرحون، برهان الدين اليعمري
محمد بن محمد ابن عرفة الورغمي، أبو عبد الله:
إمام تونس وعالمها وخطيبها في عصره. مولده ووفاته فيها. تولى إمامة الجامع الأعظم سنة 750 هـ وقدم لخطابته سنة 772 وللفتوى سنة 773.
من كتبه (المختصر الكبير - ط) في فقه المالكية، و (المختصر الشامل - خ) في التوحيد، و (مختصر الفرائض - خ) و (المبسوط) في الفقه سبعة مجلدات، قال فيه السخاوي: شديد الغموض، و (الطرق الواضحة في عمل المناصحة - خ) و (الحدود - ط) في التعاريف الفقهية. ولمحمد بن قاسم الرصاع، كتاب (الهداية الكافية - ط) في سيرته ومسائله. قلت: والمصادر متفقة على ان وفاته سنة 803 إلا أن صاحب عنوان الأريب (1: 106) يروي أن (ثقة) أخبره بأن المكتوب على ضريحه إنه توفي في 20 جمادى الأخيرة سنة 800؟ نسبته إلى (ورغمّة) قرية بإفريقية .
-الاعلام للزركلي-
محمد بن محمد بن عرفة الورغمى
أبو عبد الله.
الفقيه المالكى، المحصل التونسى. أخذ عن القاضى أبى عبد الله: محمد ابن عبد السلام، وأبى عبد الله محمد بن هارون، ومحمد بن حسن الزبيدى، وأبو عبد الله الآبلى، وقرأ الحوفى على أبى عبد الله السطى-حين قدم تونس مع أبى الحسن المرّينى، وكانت قراءته عليه بباب الخلافة؛ لأن السّطى كان ملازما لباب أبى الحسن المرينى؛ بحيث لا يمكنه أن يغيب عنه ساعة؛ فلما طلبه فى قراءة الحوفى اشترط عليه أن تكون بباب الخلافة؛ بحيث إذا خرج أبو الحسن، وطلبه يجده حاضرا.
كان حافظا للمذهب، ضابطا لقواعده، مجيدا للعربية، والأصلين، والفرائض والحساب، وعلم المنطق، وغير ذلك.
له تآليف حسان منها: «تقييده» الكبير فى المذهب، و «تفسيره» للقرآن العظيم، وله فى أصول الدين تأليف عارض به كتاب «الطوالع» للبيضاوى، واختصر كتاب «الحوفى» وله كتاب فى المنطق، ولم يرض لنفسه الولاية بل اختصر على خطة الإمامة والخطابة بجامع الزيتونة.
بلغت مدّة إمامته بها نحو الخمسين سنة-فيما نقل تلميذه: أحمد بن قنفذ القسنطينى-الملقب بالخطيب.
وله نظم: من ذلك ما كتب به لأهل مصر فى قضية أبى حفص: عمر الدكالى الرجراجى؛ وذلك/أنه لما دخل تونس، وأقام بها مدّة وتخلف عن الجمعة والجماعة، فبلغ ذلك لابن عرفة، فأمر القاضى بها-وهو الإمام الأبى أن يبحث عن ذلك، وأن يسأل أبا حفص المذكور عن تخلفه، فإن أبدى عذرا، وإلا قضى عليه بنظره، فبات القاضى المذكور متحيّرا فى أمره؛ فلما أصبح، فإذا بالرجراجى المذكور يدقّ الباب على القاضى، وقال له: «أرح نفسك، وأعلم صاحبك أن عمر قد ارتحل» أو كلاما يقرب من هذا، وكانوا يعدّون ذلك من كرامات الرجراجي، فلما بلغ مصر دخل منزله أيضا، ولم يزل على عادته، ودأبه من ترك الجماعة والجمعة؛ فسأل عنه ابن عرفة القادمين فأخبر أنه على حالته؛ فبعث خلفه سؤالا إلى من بمصر من العلماء. وكان رئيسهم أبو حفص عمر البلقينى ونصّ السؤال:
يا أهل مصر ومن فى الحكم شاركهم … تنبهوا لسؤال معضل نزلا
لزوم فسقكم أو فسق من زعمت … أقواله أنه بالحق قد عدلا
فى تركه الجمع والجمعات خلفكم … وشرط إيجاب حكم الكلّ قد حصلا
إن كان شأنكم التقوى فغيركم … قد باء بالإثم حتى عنه ما عدلا
وإن يكن عكسه والأمر منعكس … فاحكم بحقّ وكن للحق ممتثلا
فأجابه أبو حفص: عمر البلقينى بما يأتى فى ترجمته إن شاء الله تعالى.
ومن نظمه: ما أنشدنيه شيخنا أبو راشد، قال: أنشدنى شيخنا أبو الحسن: علىّ بن موسى بن علىّ بن هارون المطغرى، قال: أنشدنى أبو عبد الله: محمد بن غازى قال: أنشدنى الأستاذ الكبير الخطير أبو عبد الله محمد بن الحسين بن محمد بن جماعة الأوربى التجيبى الشهير بالصغير، قال: أنشدنى أبو عبد الله العكرمى، قال: أنشدنى شيخ الشيوخ أبو عبد الله محمد بن عرفة لنفسه:
صلاة وصوم ثم حج وعمرة … عكوف طواف وائتمام تحتما
وفى غيرها كالوقف والطهر خيّرن … فمن شاء فليقطع ومن شاء تمما
وله متمثلا:
يقولون هذا ليس بالرأى عندنا … ومن أنتم حتى يكون لكم عند؟
وبه عنه متمثلا :
حسبت الهوى سهلا وما كنت داريا … ومن يجهل الأشياء يستسهل الصعبا
ولابن عرفة:
إذا لم يكن فى مجلس العلم نكتة … بتقرير إيضاح لمشكل صورة
وعزو غريب النقل أو حلّ معضل؟ ؟ ؟ … وإشكال ابدته نتيجة فكرة
فدع سعيه واطلب لنفسك واجتهد … ولا تتركن فالترك أقبح خلة
وأجابه تلميذه الأبىّ، ويأتى جوابه إن شاء الله تعالى.
توفى بتونس فى جمادى الآخرة سنة 803 ولد سنة 717 .
ذيل وفيات الأعيان المسمى «درّة الحجال في أسماء الرّجال» المؤلف: أبو العبّاس أحمد بن محمّد المكناسى الشّهير بابن القاضى (960 - 1025 هـ)
محمد بن عرفة الورغمي، شيخ شيوخ عصره، وجامع قواعد الفقه وحدوده، توفي سنة 803 هـ.
وهو من أشهر تلاميذقاضي الجماعة الشيخ المتبحر محمد بن عبد السلام الهواري التونسي،
الكتاب: الإمام المازري - حَسن حُسني بن صالح الصُّمادحي التجيبي. -بتصرف-
أبو عبد الله محمد ابن الشيخ الصالح المتبرك به محمد بن عرفة الورغمي التونسي: إمامها وخطيبها بجامعها الأعظم خمسين سنة الإِمام شيخ الشيوخ وعمدة أهل التحقيق والرسوخ أستاذ الأساتذة وقدوة الأئمة الجهابذة علامة الدنيا الحائز قصبات السبق في العلوم بلا ثنيا الحافظ النظار المتحلي بالوقار مع الجلالة ومزيد الاعتبار. أخذ عن جلة منهم ابن عبد السلام روى عنه وسمع منه وانتفع به ومحمد بن هارون والإمام السطي ومحمد بن الحباب وابن قداح ومحمد بن حسن الزبيدي ومحمد بن سلامة ومحمد الأجمي ومحمد الوادي آشي والشريف التلمساني. وعنه من لا يعد كثرة من أهل المشرق والمغرب، منهم البرزلي والأبي وابن ناجي وابن عقاب وأحمد ومحمد ابنا القلشاني وابن الخطيب القسنطيني وعيسى الغبريني والزنديوي وابن علوان والزعبي والوانوغي وابن الشماع وابن مرزوق الحفيد والدماميني وابن فرحون وأبو الطيب بن علوان وابن عمار المصري. حج سنة 792 هـ وأخذ عنه في طريقه المصريون والمدنيون. له تآليف عجيبة في فنون من العلم بديعة منها مختصره في الفقه أفاد فيه وأبدع والحدود الفقهية شرحها الرصاع واختصر فرائض الحوفي وتأليف في الأصول عارض به طوالع البيضاوي وعشاريات ومختصر في المنطق وتفسير وغير ذلك. ترجمته واسعة ذكرها غير واحد قال العلامة ابن الأزرق إن بلوغه مراتب الغاية العلمية لا ينكر ومقامه في المجاهدة العملية من أشرف ما يعرف به ويذكر. تولى إمامة جامع الزيتونة سنة 756 هـ والخطابة به سنة 772 هـ والفتيا سنة 773 هـ وكان والده من العلماء الصالحين. مولده سنة 716 هـ وتوفي في جمادى الثانية سنة 803 هـ[1400 م] وقبره بالجلاز معروف متبرك به.
شجرة النور الزكية في طبقات المالكية _ لمحمد مخلوف
ابن عرفة (716 - 803 هـ) (1316 - 1401 م)
محمد بن محمد بن عرفة بن حماد الورغمي المولود بمدينة تونس كما قاله تلميذه أبو حامد بن ظهيرة في معجمه ونقله عنه السيوطي في بغية الوعاة، ولم يولد بقبيلة ورغمة كما ظنه بعضهم، الإمام العلامة شيخ الإسلام بالمغرب، كان مقرئا فقيها منطقيا فرضيا نحويا، اشتغل في مبدأ أمره بالقراءات والنحو والأصلين والمنطق وغير ذلك، وأقبل في آخر عهده على التوسع في دراسة الفقه حتى صار فيه اماما مبرزا له فيه أنظار جيدة، نعته المجارى الأندلسي في برنامجه بقوله: الشيخ الفقيه المفتي المحدث الراوية امام أهل زمانه في فتح إقفال المشكلات، وكشف نقاب شبه المعضلات».
أخذ عن والده كما قاله ابن الجزري نقلا عن التحفة لعبد الله بن غالب. وقرأ القرآن على الشيخ الصالح الفقيه محمد بن محمد بن حسن بن سلامة الأنصاري، وعرض عليه الشاطبيتين في القراءات وفي الرسم، والجزولية في النحو، وسمع عليه جملة من الموطأ تفقها. وقرأ عليه كتاب التيسير لأبي عمرو الداني، والكافي لابن شريح، ومفردتي يعقوب للداني وابن شريح، ومفردته في الجمع بينهما من تأليفه. وقرأ عليه جملة من التفريع لابن الجلاب، وجملة من كتاب الارشاد لإمام الحرمين وجملة من المعالم الدينية لفخر الدين الرازي، وأجازه جميع ذلك وجميع مروياته.
وأخذ القراءات السبع عن محمد بن سعيد بن برّال الأنصاري.
وعرض عليه الشاطبية، وقرأ عليه التيسير ومفردة يعقوب لابي عمرو الداني، وعقيلة أرباب المقاصد في الرسم للشاطبي، وأجازه جميع ذلك وجميع ما يحمله ويرويه.
وسمع على الشيخ القاضي محمد بن عبد السلام الهوّاري القاءه تفسير القرآن. وقرأ عليه جميع صحيح مسلم الا يسيرا منه سمعه من لفظ قراءة غيره، وسمع عليه بعض صحيح البخاري، وبعض الموطأ، وقرأ جملة من تهذيب المدونة لأبي سعيد البراذعي، وسمع سائره مرارا، وسمع تفريع ابن الجلاب، وابن الحاجب الفرعي وقرأ عليه بعض كتاب الحاصل في أصول الفقه لتاج الدين الأرموي، وكل ذلك قراءة تفقه وبحث ونظر وسمع بقراءة غيره الموطأ، وقرأ عليه بعض كتاب ابن الصلاح في علم الحديث، وسمع سائره، وأجازه جميع ما رواه وحمله.
وسمع صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وبعض رسالة القشيري على المحدث الراوية الرحالة محمد بن جابر الوادي آشي، وأجازه إجازة عامة.
وقرأ جملة من كتاب سيبويه قراءة بحث وتحقيق على الفقيه الكاتب محمد بن عمر بن حباب المعافري، وبمثل ذلك سمع عليه كتاب ابن الحاجب الأصولي، وقرأ عليه كتاب الإرشاد للعميدي ويسمع سائره بقراءة غيره، وقرأ عليه العلم الأول من كتاب كشف الحقائق لأثير الدين الأبهري بمثل القراءة المذكورة، وسمع عليه جملة من كتاب الجمل للخونجي، وأجازه جميع ما رواه.
ومن أشهر شيوخ ابن عرفة في العلوم العقلية، أي في الحساب والمنطق خاصة، ابن الحباب، وأبو يعقوب بن اندراس، والآبلي، واستشهد بهم في مختصره المنطقي عدة مرات.
وقرأ على الفقيه الحافظ محمد بن سليمان السطي جملة من كتاب تهذيب المدونة قراءة بحث ونظر، وجميع كتاب أبي القاسم الحوفي في الفرائض قراءة بحث وتحقيق لأحكامه الفقهية وتصوير لاعماله الجزئية بأعماله الثلاثة العدد (الحساب)، والكليات، والجبر والمقابلة إلا يسيرا من آخر باب الولاء.
وسمع على الآبلي كتاب ابن الحاجب الأصلي قراءة بحث وتحقيق، وبمثل ذلك سمع عليه جملة من كتاب الارشاد لإمام الحرمين، وبمثل ذلك سمع عليه جمل الخونجي، وبمثل ذلك قرأ عليه الحساب والهندسة. وقرأ كتاب التيسير على أحمد بن عبد الله الأنصاري الرّصافي، وأجازه جميعه بسنده فيه. ومن شيوخه في الفقه محمد بن هارون الكناني، ومن شيوخه بالإجازة المعمر المسند شهاب الدين أحمد بن أبي طالب الحجار ابن الشحنة الصالحي الدمشقي أجازه في رواية صحيح البخاري باسناده فيه.
وكان شيخه الآبلي يثني عليه كثيرا ويقول: أنه لم ير ممن قرأ عليه مثله والشريف التلمساني. تخرج به طائفة كبيرة من علماء تونس، وغالب علماء القرن التاسع من تلامذته، ومن تلامذته ابن قنفذ القسنطيني الذي قال «وله مصنفات ارفعها المختصر الكبير في فروع المذهب قرأت عليه بعضه وأنعم بمناولته وإجازته. وزرته سنة سبع وسبعين وسبعمائة بدويرة جامع الزيتونة وجدته على حال من اجتهاد في العلم والقيام بالخطبة، ثم لقيته قبل وفاته بسنة وبه ضعف وبعض نسيان وبلغت امامته بجامع الزيتونة في بلده خمسين سنة».
وهو من رؤساء العلوم في القرن الثامن، قال طاش كبري زاده بعد أن ذكر جماعة منهم «ومحمد بن عرفة في فقه المالكية وفي سائر العلوم بالمغرب (اشتقاق النعمانية (بيروت) ص 22 معجم المطبوعات 1460 - 61) وكان عارفا بالطب قرأه علي أحمد الصقلى (فهرست الرصاع، ص 160) ولحسن سلوكه وورعه وتثبته ومجانبته لهوى النفس كان محل تقدير من تلامذته قال ابن ناجي: «وكان شيخنا الغبريني (أي أبو مهدي عيسى) لا يقدم أحدا لقضاء ولا شهادة إلا بموافقة الشيخ ابن عرفة (تذييل ابن ناجي على معالم الايمان في ترجمة محمد بن أحمد اليزليتني).
وحج سنة 792/ 1398 فتلقاه العامة وأرباب المناصب بالإكرام التام، واجتمع بسلطان مصر الملك الظاهر فأكرمه وأوصى أمير الركب بخدمته، وتسابق العلماء للأخذ عنه واستجازته منهم الحافظ ابن حجر، واغتبط كل واحد منهما بالآخر، والدماميني، وشمس الدين بن عمار المالكي، وأبو علي ابن أبي كامل العقيقي القبائلي اللخمي الاسكندري المعروف بالسقلوني المالكي (طبقات المفسرين 2/ 282)، ولما زار المدينة المنورة نزل في دار ابن فرحون صاحب «الديباج المذهب»، وأخذ عنه بمكة أبو حامد بن ظهيرة الذي قال عنه في «معجمه» «إمام علامة برع في الأصول والفروع والعربية والمعاني والبيان والفرائض والحساب، وكان رأسا في العبادة والزهد، ملازما للشغل بالعلم، رحل إليه الناس وانتفعوا به، ولم يكن بالعربية من يجري مجراه في التحقيق، ولا من اجتمع له من العلوم ما اجتمع له، وكانت الفتوى تأتيه من مسافة شهر».
لم يتول من المناصب سوى الخطابة والإمامة بجامع الزيتونة، وذلك بداية من سنة 772/ 1370 وبعد وفاة الشيخ ابراهيم البسيلي سنة 756/ 1355 تقدم عوضه لإمامة الخمس، وولي خطيبا سنة 772.وفي هذا العام تولى الفتيا بجامع الزيتونة وكان المفتي بعد صلاة الجمعة هو الشيخ أحمد بن أحمد الغبريني (وله صاحب عنوان الدراية) إلى أن توفي سنة 770/ 1368 فوليها عوضه الإمام ابن عرفة. ولما تولى الإمامة والخطابة بجامع الزيتونة لم يرض به أهل مدينة تونس لأنه ليس ابن بلدتهم فاشترطوا عليه شروطا فقبلها منها ألا يأكل التين لعسر الاتقاء منه فقال: «من فضل الله ما أكلته قط» ومنها
ألا يمشي على الأرض حافيا فقال «لا اتركها ولا في المسجد» وأول مرة رقي المنبر قال أيها الناس:
يرفع الدهر أناسا … بعد أن كانوا سفاله
من له في الغيب شيء … لم يمت حتى يناله
وله نظم وسط.
توفي في الرابع والعشرين من جمادى الأولى وقيل في 27 رجب 6/ اكتوبر ودفن بالزلاج تحت جبانة أبي الحسن المنتصر على مقربة من مقام أبي الحسن الشاذلي المعروف بالمغارة السفلية.
له مؤلفات كثيرة والغالب على كتبه الاختصار والميل إلى جمع المسائل في اللفظ القليل الموجز، وهي طريقة شاعت قبل عصره ويمثلها خير تمثيل مختصر خليل بن اسحاق المصري في الفقه المالكي، قال تلميذه الرصاع «وألف - رضي الله عنه - تآليف عجيبة ومصنفات غريبة منها تأليفه الفقهي لم يسبق إليه في تحقيقه وتهذيبه وجمعه ..
وتأليفه المنطقي فيه من القواعد والفوائد ما يعجز عنه كبار الفحول على صغر حجمه وكثرة علمه».
مؤلفاته:
تفسير، ختم تفسير الكتاب الكريم عدة ختمات، وكان تلاميذه يدونون ما يلقي عليهم، واشتهر من هؤلاء المدونين ثلاثة، البسيلي، والأبي، والسلاوي، والموجود الآن ما دونه البسيلي والأبيّ، والمخطوط والمخطوطات الموجودة عندنا هي من رواية الأبي، أما رواية البسيلي فمنها مخطوطة مبتورة الأول، في حين تعددت نسخ الأبي مع نقص عدد كبير من السور.
واعتمد في التفسير على ابن عطية والزمخشري إلى جانب بقية المفسرين وعلماء اللغة والأصول والمنطق، وهذه النقول لم تطغ عليه، وبدت آراؤه واضحة معبرة عن شخصيته.
تساعيات في الحديث.
عشاريات في الحديث.
شرح مختصر الحوفي في الفرائض ويسمى مختصر الفرائض، والحوفي هو أبو القاسم محمد بن محمد بن خلف الأشبيلي (ت 580/ 1185) وذكر في أوله أنه لما تكرر إقراؤه لكتاب الحوفي، وكان يلقي لطلبته مسائله الجزئية بضوابط كلية، وكثيرا ما التمسوا منه تكريرها اختصره مع زيادة وتنبيهات على مواضع مشكلة وهو في 58 ورقة من القطع المتوسط يوجد بالمكتبة الوطنية (وأصله من المكتبة العبدلية).
المبسوط في الفقه، 9 أسفار.
المختصر الشامل في التوحيد أوله: الحمد لله المنفرد بصفات التقديس والكمال والعزة والجلال قال في ديباجته «لمّا كان علم الكلام هو الموصل لإدراك حقيقة الإيمان، بواضح الأدلة والبرهان رأيت أن أجمع فيه مختصرا شاملا لأصول طريقتي الأقدمين والمتأخرين، ورتبته على منوال طوالع الأنوار للشيخ القاضي ناصر الدين البيضاوي - رحمه الله - ليكون معينا على فهمه وعلمه، كاشفا عما اختص به وما هو لغيره عن تراجمه بلفظه، وعن مباحثه بلفظ المسائل، وعن ضروري لم يذكر بلفظ التتميم، فرتبته على ثلاثة كتب ومقدمة فيها فصول».
أتمّ تأليفه يوم الجمعة 27 رمضان سنة 789/ 1387، وهو في 198 ورقة من القطع المتوسط مخطوط بالمكتبة الوطنية (أصله من المكتبة العبدلية).
مختصر المذهب، جامع لمسائل المذهب، وأقوال أصحابه، وفروع
مسائله ويذكر في بعض المسائل خمسين قولا منسوبة لقائلها اعتمد فيه بالدرجة الأولى المدونة، وأورد كثيرا من أقوال ابن الحاجب وشارحه شيخه ابن عبد السلام وبقية أقوال أهل المذهب منسوبة لأصحابها، ومشفوعة بمناقشات وتكميلات وتوضيحات، قال ابن عقاب متحدثا عن هذا المختصر «مختصره الفقهي لم يسبق به في تهذيبه وجمعه وأبحاثه الرشيقة، وحدوده الأنيقة» وقال فيه العلامة المرحوم الشيخ محمد الفاضل بن عاشور: «بحث فيه الأنظار المهجورة والأقوال المتروكة منذ القرن السادس، ووضعها بين الأقوال المصطلح بين الفقهاء على الأخذ بها تشهيرا وترجيحا واختيارا على بساط واحد من النقد والتحقيق والمقارنة والاستدلال والكشف عما ارتبطت به تلك الأقوال من اعتبارات باقية وزائلة، وما ارتبط بها اختيارها وتشهيرها من اعتبار لظروف واقعية أو اعمال لأصول نظرية قد يكون وجه ذلك الاختبار قائما ومقبولا وقد يكون زائلا ومحل نظر».
واعتنى ابن عرفة بضبط حدود الحقائق الفقهية في مختصره، شرح هذه الحدود تلميذه الرصاع، ومن المعلوم أن الفقه والنحو وغيرهما يصعب وضع حدود لهما جامعة مانعة، ولذلك تكثر الإيرادات والاعتراضات على حدودها بينما يكفي فيها الرسم المقرب للحقيقة إلى الأذهان، لكن التشبث الحرفي بمنطق أرسطو على ما فيه من خلل دعا الكثيرين إلى التقيد بقواعده، ويظنون أنهم بذلك يسدون خدمة جلّى للعلم، بينما هو في الواقع افساد للعلم وضياع للوقت فيما لا يجدي ولا نفع وراءه، ماذا ينتفع المتتبع الذي يكد ذهنه لمعرفة الحدود، وما عليها من إيراد واعتراض. لا شيء. ولا يكتسب بها معرفة جديدة تنمي عقله، وتقوّم فكره، وقد كنت منذ عهد الطلب أكره هذه المباحث إلاّ ما تدعو إليه الحاجة الملحة، وكان الجو السائد أن الإحاطة بمثل هذا هو من الأشياء اللازمة، سمعت مرة مدرسا يتحدث عن الوقت الذي اضاعه لإفهام الطلبة حدا من حدود النحو مفتخرا وكأنه أتى بفتح جديد فقلت له: أضعت وقتك فيما لا ينفع، وطلبتك لا يفهمون مثل هذه المباحث ولا تروق لهم، ولو اقتصرت على تقريب الحقيقة بالأمثلة لكان أجدى لك ولهم.
توجد من مختصر المذهب نسخة في أربعة أجزاء ناقصة ما بين كتاب الزكاة إلى الصداق في المكتبة الوطنية (وأصله من المكتبة العبدلية).
ولعيسى بن علال الكتامي الصمودي الفاسي (ت 823/ 1421) تعليق على هذا المختصر (جذوة الاقتباس 282).
المختصر في المنطق، حققه ونشره الاستاذ سعد غراب، المطبعة العصرية، تونس بلا تاريخ، ومعه الجمل للخونجي.
منظومة في قراءة يعقوب
كتاب تراجم المؤلفين التونسيين - الجزء الثالث - من صفحة 363 الى صفحة 371 - للكاتب محمد محفوظ