محمد بن راشد القفصي، المتوفى سنة 736 هـ.
وهو ممن نبغ من تلاميذ الإمام: أبي القاسم بن أبي بكر اليمني المعروف بابن زيتون وغيره جيل جديد من الفقهاء الأعلام، وقفوا حياتهم على التدريس والتأليف في مختلف فروع العلوم الشرعية، من آخر القرن السابع إلى آخر القرن الثامن،
الكتاب: الإمام المازري - حَسن حُسني بن صالح الصُّمادحي التجيبي. -بتصرف-
أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن راشد القفصي: الإمام العلامة العمدة المحقق الفهّامة الفقيه الأصولي المتفنن المؤلف المحقق المتقن، أخذ عن أئمة من أهل المشرق والمغرب كابن الغماز وحازم والكمال بن التنسي وضياء الدين بن العلاف ومحيي الدين حافي رأسه والشمس الأصفهاني والقاضي ناصر الدين الأبياري المعروف بابن المنير والشهاب القرافي لازمه وانتفع به وأجازه وقرأ على ابن دقيق العيد مختصر ابن الحاجب الفرعي، حجّ سنة 680 هـ ثم رجع بعلم جم وتولى قضاء قفصة ثم صرف عنه، أخذ عنه جماعة منهم ابن مرزوق الجد والشيخ عفيف الدين المصري، له تآليف مفيدة شاهدة بفضله ونبله منها الشهاب الثاقب في شرح مختصر ابن الحاجب الفرعي والمذهب في ضبط قواعد المذهب في ستة أسفار ليس للمالكية مثله والفائق في الأحكام والوثائق في ثمانية أسفار والنظم البديع في اختصار التفريع وتحفة اللبيب في اختصار كتاب ابن الخطيب وتحفة الواصل في شرح الحاصل والمرتبة السنية في علم العربية والمرثبة العليا في تفسير الرؤيا غريب في فنه وله غير ذلك من التقاييد الحسنة، وكان بينه وبين ابن عبد الرفيع فتور سببه المعاصرة الموجبة للمنافرة. توفي في تونس سنة 736 هـ[1335م] قال ابن عرفة: حضرت جنازته فقدر أن جلس الفقيه ابن الحباب بالجبانة مستنداً إلى حائط جبانة أخرى وكان بالأخرى مستنداً إلى ذلك الحائط الشيخان القاضي ابن عبد السلام والمفتي ابن هارون فأخذ ابن الحباب في الثناء على ابن راشد وذكر من فضله وعلمه ما دعاه الحال إلى أن قال: ويكفي من فضله أنه أول من شرح جامع الأمهات لابن الحاجب ثم جاء هؤلاء السراق وأشار إلى الجالسين خلفه فعمد كل واحد منهما إلى وضع شرح عليه وأخذ من كلامه ما لولاه ما علم أين يمر ولا يجيء اهـ.
شجرة النور الزكية في طبقات المالكية _ لمحمد مخلوف
محمد بن عبد الله بن راشد، البكري نسبا، القفصي بلدا، نزيل تونس، أبو عبد الله، المعروف بابن راشد:
عالم بفقه المالكية. ولد بقفصة، وتعلم بها وبتونس وبالإسكندرية والقاهرة. وحج سنة 680 وولي القضاء ببلده مدة، وعزل. وتوفي بتونس.
له تآليف، منها (لباب اللباب - ط) في فروع المالكية، و (الشهاب الثاقب) في شرح مختصر ابن الحاجب الفرعي، و (المذهب في ضبط قواعد المذهب) ستة أجزاء، ليس للمالكية مثله، و (الفائق في الأحكام والوثائق) ثمانية أجزاء، و (المرتبة السنية في علم العربية) .
-الاعلام للزركلي-
محمد بن عبد الله بن راشد البكري القفصي يكنى أبا عبد الله كان فقيهاً فاضلاً محصلاً وإماماً متفنناً في العلوم واشتغل ببلده وحصل ثم رحل إلى تونس فأقام بها زماناً ملازماً للاشتغال بالعلم ثم رحل إلى المشرق فتفقه بالإسكندرية بالقاضي ناصر الدين الإبياري تلميذ أبي عمرو بن الحاجب وهو المأذون في إصلاح كتاب بن الحاجب الفرعي وتفقه أيضاً بضياء الدين بن العلاف وأخذ عن محي الدين الشهير بحافي رأسه.
وكان مجيداً في العربية وعلم الأدب ثم رحل إلى القاهرة فلقي بها الإمام العلامة شهاب الدين القرافي فتفقه عليه ولازمه وانتفع به وأجازه بالإمامة في أصول الفقه وفي الفقه وكان عالماً بالعربية وتعبير الرؤيا وغير ذلك وكان يحضر عند الشيخ الإمام تقي الدين بن دقيق العيد في إقرائه مختصر بن الحاجب الفقهي وأخذ عن شمس الدين الأصبهاني وغيره. وحج في سنة ثمانين وستمائة
ثم رجع إلى المغرب بعلم جم وولي قضاء قفصة ثم عزل.
وله تآليف منها كتاب الشهاب الثاقب في شرح مختصر بن الحاجب الفقهي وكتاب الذهب في ضبط قواعد المذهب جمع فيه جمعاً حسناً سمعت أبا عبد الله بن مرزوق يقول: ليس للمالكية مثله وكتاب النظم البديع في اختصار التفريع وكتاب تحفة اللبيب في اختصار كتاب بن الخطيب ونخبة الواصل في شرح الحاصل في أصول الفقه والمرتبة السنية في علم العربية والمرتبة العليا في تعبير الرؤيا كتاب غريب في فنه وله غير ذلك من التقاييد الحسنة.
واستجازه شيخنا عفيف الدين المطري في سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة وكان بالحياة في وصول السلطان أبي الحسن المريني إلى تونس ولم أقف على تاريخ وفاته رحمه الله ورضي عنه
محمد بن راشد القفصى البكرى.
الفقيه القاضى أبو عبد الله. له شرح جيد على فرعى ابن الحاجب.
توفى سنة 733 وقيل 736.
أخذ عن شهاب الدين القرافى وغيره.
ذكر ابن فرحون أنه كان فقيها فاضلا محصلا، وإماما متفننا فى العلوم اشتغل ببلده وحصل ثم رحل إلى تونس فأقام بها زمانا ملازما للاشتغال بالعلم ثم رحل إلى المشرق فتفقه بالاسكندرية وكان مجيدا فى العربية والأدب ثم رحل إلى القاهرة فلازم شهاب الدين القرافى وتفقه عليه فأجازه فى الفقه والأصول، وكان يحضر عند الإمام ابن دقيق العيد قراءته لمختصر ابن الحاجب الفقهى، وأخذ عن شمس الدين الأصبهانى وغيره، وحج سنة ثمانين وستمائة ثم رجع إلى المغرب بعلم جم، وولى قضاء قفصة ثم عزل. وله تآليف: منها: «الشهاب الثاقب، فى شرح مختصر ابن الحاجب» و «المذهب فى ضبط قواعد المذهب» و «النظم البديع فى اختصار التفريع». . الخ
ذيل وفيات الأعيان المسمى «درّة الحجال في أسماء الرّجال» المؤلف: أبو العبّاس أحمد بن محمّد المكناسى الشّهير بابن القاضى (960 - 1025 هـ)
ابن راشد القفصي (736 هـ) (1336 م)
أصبحت تونس من مراكز اشعاع الثقافة الإسلامية في العصر الحفصي فحفلت بالاعلام، وزخرت بالأدباء من ابنائها ومن الوافدين عليها من الأندلسيين، وغيرهم، ونشطت فيها حركة التأليف في الفقه والأصول، والنحو، والأدب، والتاريخ، والطب، والعلوم الرياضية، وقد تساندت عدة عوامل على نمو هذه الحركة العلمية وانتشارها منها استقرار الأمن والنظام، والقضاء على الفتن والاضطرابات وتأسيس المدارس، واستقرار جالية من علماء الأندلس وأدبائها اشتهروا بمواهبهم الخصبة ونشاطهم العظيم في التدريس والتأليف، وإحياء الدراسات النحوية والأدبية والتاريخية، كابن الابار، وحازم القرطاجني وابن الغماز، واللبلي، وابن عصفور وغيرهم من يطول تعداده.
وتجددت الرحلة إلى المشرق العربي، وبالخصوص إلى مصر التي أصبحت زعيمة العالم الإسلامي في النهضة العلمية بعد سقوط الخلافة العباسية ببغداد، واستبحر فيها العمران واكتظت باعلام ذوي شهرة ومكانة في كل المعارف المتداولة في ذلك العصر.
وقد أشار إلى ذلك ابن خلدون في «المقدمة» إذ قال: «ولا أوفر اليوم في الحضارة من مصر، فهي أم العالم، وايوان الإسلام، وينبوع العلم والصنائع».
ومنذ نشوء الحركة العلمية في أقطار المغرب لم تنقطع رحلة علمائه إلى المشرق إلا في عصور الفتن والاضطرابات. وهذه الرحلات لها أثرها في انتقال مؤلفات المغاربة إلى المشرق، ومؤلفات المشارقة إلى المغرب، وما يتبع ذلك من تلقيح لمناهج التدريس، وأساليب التأليف، ومن توفر المادة، وتعدد المصادر أمام الباحثين والدارسين.
وفي صدر العصر الحفصي رحل أبو القاسم بن زيتون إلى مصر مرتين، وأدرك تلامذة ابن خطيب الري فخر الدين الرازي، فأخذ عنهم واقتبس مناهجهم في التدريس القائمة على حرية الجدل والمناقشة، ومهر في العقليات والنقليات، ومال إلى الاجتهاد في الفقه، وهو أول من درّس بتونس تآليف فخر الدين الرازي الأصولية ذات الأسلوب الخاص في تقرير الحقائق، وإيراد شبه الخصم كاملة، ثم مناقشتها ونقضها في هدوء واتزان مما يكسب العقل دربة على الجدل، ويقوي العارضة، ويربي نزعة الاحاطة والشمول في الدراسة والبحث. وجاء بعد ابن زيتون من المشرق أبو عبد الله بن شعيب الدكالي المغربي الذي قرأ على علماء مصر، واقتبس منهم أسلوبهم في التدريس، واستقر بتونس يدرس بها وفقا للمنهج الذي اقتبسه من شيوخه المصريين. وعن هذين الرجلين ابن زيتون والدكالي تلقى أهل تونس أسلوبهما في التدريس، واستمر متسلسلا في تلاميذهما الآخذين عنهم جيلا بعد جيل حتى انتهى إلى القاضي محمد بن عبد السلام الهواري شارح ابن الحاجب الفرعي، ومعاصر ابن راشد. هذا ما يفهم من كلام ابن خلدون وتطورت الدراسات الفقهية في هذا العهد، فبعد أن كانت مقصورة على مؤلفات القيروانيين والصقليين وغالبها يدور حول المدونة بالشرح والتعليق كتآليف أبي سعيد البراذعي، وابن أبي زيد، وأبي إسحاق التونسي، وأبي الحسن اللخمي، وابن يونس، أصبحت تعتمد أيضا على مؤلفات الأندلسيين من شروح وتعاليق على الجنبية ثم ظهر مختصر ابن الحاجب الفرعي المسمى «بجامع الأمهات» الذي لخص فيه طرق أهل
المذهب في كل باب، وتعديد أقوالهم في كل مسألة فجاء كالبرنامج للمذهب وأول من أدخله إلى المغرب ناصر الدين المشدّالي الزواوي البجائي وعن طريق تلاميذه انتشر في سائر أقطار المغرب فانكب التونسيون على تدارسه مع تعاهد كتاب تهذيب المدونة لأبي سعيد البراذعي
في جو هذه التقاليد العلمية تربى وتخرج محمد بن عبد الله بن راشد البكري القفصي المولود بقفصة وبها نشأ وتعلم، ثم رحل إلى تونس فأدرك بها ابن الغمّاز، وحازما القرطاجني وغيرهما، وبرع في العربية والفقه وأصوله، والحساب، والفرائض قال عن نفسه: «قرأت العربية، والفرائض والحساب، وأدركت بتونس جملة من النبلاء وصدورا من النحاة والأدباء، ثم تشاغلت بالأصول والفقه زمانا».
ثم رحل إلى مصر، ونزل بالاسكندرية حيث أخذ عن ناصر الدين الابياري تلميذ ابن الحاجب المأذون له في اصلاح مختصره الفقهي، وأخذ عن ناصر الدين بن المنيّر، وعن الكمال بن التنيسي تهذيب المدونة للبراذعي، وعن ضياء الدين بن العلاف، وقرأ على اللغوي الأديب محيي الدين المازوني المعروف بحافي رأسه، ثم رحل إلى القاهرة ولازم امام المالكية العلامة النظار شهاب الدين القرافي، وقرأ عليه المحصول في أصول الفقه لفخر الدين الرازي، ومختصره الحاصل للأرموي، واجازه بالامامة في علم الأصول، وأذن له في التدريس والافادة، وتردد على العلامة النظار تقي الدين بن دقيق العيد في مختصر ابن الحاجب الفقهي، وحضر دروس شيخ العقليات في عصره الشمس الأصبهاني، واستفاد منه طريقته الرشيقة وأبحاثه الأنيقة وكان يشكر ذهن ابن راشد ويفضله على غيره كما أخذ عن غيرهم «ممن لا يحصى كثرة».
وبعد أن حج سنة 680/ 1282 رجع إلى وطنه وتولى قضاء بلده قفصة، وعزل عنه لتألب الخصوم عليه، وقدم لقضاء الجزيرة القبلية، ثم عزل واخمل ذكره واستقر بتونس، قال الزركشي في تاريخ الدولتين:
«وناوأه القاضي أبو إسحاق بن عبد الرفيع فلم يتركه يخرج رأسه طرفة عين حتى منعه الجلوس للوعظ بجامع القصر الأعلى وقال له: إن دخلته أكسر رجليك، فكان أبو راشد يقول: أتمنى أن أجلس أنا وهو للمناظرة حتى يظهر الحق، ومن هو المقدم في العلم».
ومن الآخذين عنه ابن مرزوق الخطيب.
ويبدو أن هذه المضايقات الرسمية غير المنصفة لم تعرف مكانة ابن راشد العلمية وتفوقه على معاصريه فكانت نتيجتها تفرغه للتأليف فانتج الكثير في الفقه وأصوله، والعربية، وانتشرت مؤلفاته في حياته شرقا وغربا وتصدى الناس لاستنساخها، قال في مقدمة كتابه «لباب اللباب» فإن الله تعالى أجرى على يدي تصانيف في فنون شتى تقرب من ستين مجلدا في القالب الصغير وقد سار ذكرها بحمد الله ... في المشرق والمغرب ووصل إليّ الناس من جهات برسم نسخها».
توفي في 20 جمادى الثانية ودفن بمقبرة الزلاج.
أما مؤلفاته
في الأصول فهي:
تلخيص المحصول.
نخبة الواصل في شرح الحاصل.
رسالة غفل من الاسم، توجد في مكتبة الجامع الكبير بالجزائر (فهرس المخطوطات العربية في الجامع الكبير بالجزائر لمحمد بن شنب، الجزائر 5 الملحق ص 17 - 18).
وفي الفقه:
الشهاب الثاقب في شرح ابن الحاجب في ثمانية أسفار، وهو شرح
مختصر ابن الحاجب الفرعي، وحل مشكلاته وإيضاح رموزه واشاراته، وعزو مسائله وتقرير دلائله، وقد استخرج مسائله في أماكنها ولم يبق منه إلا نحو خمس مسائل لم يقف على النقل فيها وكذا بعض الأقوال.
ولعله أول من شرح مختصر ابن الحاجب الفرعي، قال الإمام ابن عرفة: «حضرت جنازته بعد أن جلس الفقيه ابن الحباب بالجبانة مستندا إلى حائط في جبانة أخرى، وكان بالأخرى مستندا إلى ذلك الحائط الشيخان القاضي ابن عبد السلام، والمفتي ابن هارون، فأخذ ابن الحباب في الثناء على ابن راشد، وذكر من فضائله وعمله ما دعاه الحال إلى أن قال ويكفي من فضله أنه أول من شرح «جامع الأمهات» لابن الحاجب وجاء هؤلاء السراق - وأشار إلى الجالسين خلفه - فعمد كل واحد على وضع شرح عليه، وأخذ من كلامه، ولولاه لما علم أين يدور ولا أين يجيء».
الفائق في الأحكام والوثائق، في سبعة أسفار من القالب الكبير توجد منه عدة نسخ بالمكتبة الوطنية.
المذهب في ضبط مسائل المذهب في ستة أسفار من القالب الصغير قال عنه ابن مرزوق التلمساني ليس للمالكية مثله.
لباب اللباب فيما تضمنه أبواب الكتاب من الأركان والشروط والموانع الأسباب، وهو من أواخر مؤلفاته قال في مقدمته «ولما رأيت نهار الشيب قد تجلّى، وليل الشباب شمر ذيله فرقا وولّى رغبت في وسيلة أختم بها عملي، وانتفع بها - إن شاء الله - عند حلول أجلي، فوضعت هذا المختصر، ورتبته ترتيبا لم أسبق لغيره لينتفع به المبتدي ويستبصر به المنتهى».والكتاب مطبوع بتونس سنة 1346 في كتبه الثلاثة الفائق، ولباب اللباب، والمذهب، مال إلى ضبط مسائل المذهب المالكي ضبطا منظما تفاصيله ومنهجا يقوم على بيان أركان كل باب من أبواب الفقه إذ إن كل مسألة وقعت أو تقع فإنها داخلة في ركنها وما يحدث بعد كمال
الحقيقة فإنه يذكره بعد استيفاء الكلام عن الأركان لا الشروط والموانع والأسباب في آخر الباب بعنوان «اللواحق».
النظم البديع في اختصار التفريع، وهو اختصار لكتاب التفريع لابن الجلاب.
وله في التفسير اختصار تفسير فخر الدين الرازي وسماه تحفة اللبيب في اختصار ابن الخطيب في أربعة أجزاء.
وله في العربية المذاهب السنية في علم العربية.
وفي تفسير المنامات المرقية العليا في تفسير (او تعبير) الرؤيا، بالمكتبة الوطنية بتونس.
كتاب تراجم المؤلفين التونسيين - الجزء الثاني - صفحة 329 - للكاتب محمد محفوظ