أحمد بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم الدمشقي الأنصاري شهاب الدين

ابن عربشاه

تاريخ الولادة791 هـ
تاريخ الوفاة854 هـ
العمر63 سنة
مكان الولادةدمشق - سوريا
مكان الوفاةالقدس - فلسطين
أماكن الإقامة
  • ماوراء النهر - أفغانستان
  • خوارزم - أوزبكستان
  • سمرقند - أوزبكستان
  • دمشق - سوريا
  • مصر - مصر

نبذة

أحمد بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم، أبو محمد، شهاب الدين، المعروف بابن عَرَبْشاه: مؤرخ رحالة، له اشتغال بالأدب ولد ونشأ في دمشق. ولما غزا تيمورلنك ديار الشام تحول بعائلته إلى سمرقند وساح سياحات بعيدة. وهبط أدرنة حيث اتصل بالسلطان العثماني محمد بن عثمان.

الترجمة

أحمد بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم، أبو محمد، شهاب الدين، المعروف بابن عَرَبْشاه:
مؤرخ رحالة، له اشتغال بالأدب ولد ونشأ في دمشق. ولما غزا تيمورلنك ديار الشام تحول بعائلته إلى سمرقند، ثم انتقل إلى ما وراء النهرين. وساح سياحات بعيدة. وهبط أدرنة حيث اتصل بالسلطان العثماني محمد بن عثمان، فعهد إليه بترجمة بعض الكتب من العربية إلى الفارسية والتركية - وكان قد أحكمها في أسفاره - وعاد إلى دمشق بعد أن غاب عنها ثلاثا وعشرين سنة.
وبرع في الكتابة والإنشاء والنظم باللغات الثلاث - العربية والفارسية والتركية - ورحل في أواخر أيامه إلى مصر فأقام في الخانقاه الصلاحية إلى أن توفي. له تصانيف حسنة أشهرها (فاكهة الخلفاء، ومفاكهة الظرفاء - ط) و (عجائب المقدور في أخبار تيمور - ط) و (منتهى الأرب في لغات الترك والعجم والعرب) و (التأليف الطاهر - خ) جزآن، في سيرة الملك الظاهر جقمق. وترجم عن الفارسية إلى التركية كتابا في عدة مجلدات سماه (جامع الحكايات ولامع الروايات) وله في العربية (العقد الفريد في التوحيد) منظومة، و (غرة السير في دول الترك والتتر) وفي شعره العربيّ ركة. ولعل لقب (ابن عرب شاه) عرض له في رحلاته .

.-الاعلام للزركلي-
 

 

الشيخ شهاب الدين أحمدُ بنُ محمدِ بنِ عبدِ الله بنِ إبراهيم، الدمشقيُّ، الأنصاريُّ، يعرف بابن عربشاه - طيب الله ثراه -.
كذا نسب نسبه في شرح قصيدته التي سماها: عقود النصيحة، ذكره السيوطي في "أعيان الأعيان"، فقال: الدمشقي، الحنفي، كان عالمًا أديبًا ناظمًا، جال في البلاد، وأخذ عن الأكابر.
ولد سنة 791، ومات سنة 854. وذكر في شرح القصيدة من شرح حاله ما ملخصه: أنه جَوَّدَ القرآن بمدينة سمرقند، وقرأ بها النحو والصرف على تلامذة السيد الشريف الجرجاني، وكان يحضر أيضًا مجلس السيد، ويسمع دروسه، ثم إنه طاف بلاد ما وراء النهر والمغل إلى حدود الخطا، وقطع سيحون، واجتمع بمشايخ لا يحصون، من أعظمهم: الخواجة عبد الأول، وابن عمه عصام الدين، وغيرهما، وأسمع البخاري على عالمها الرباني الخواجة محمد زاهد، ومكث بما وراء النهر نحوًا من ثمان سنين، واجتمع بخوارزم بعالمها نور الله، وحافظ الدين البزاري، وأقام عنده نحو أربع سنوات، وقرأ عليه الفقه وأصوله، والمعاني والبيان، ثم قدم الديار الرومية، وأقام بها نحو عشر سنين، واجتمع بعلمائها، وقرأ على بعضهم العلوم العقلية والنقلية، وتنقلت به الأحوال إلى أن اتصل بخدمة السلطان غياث الدين أبي الفتح محمد بن عثمان، وأقرأ أولادَه، ومنهم: السلطان مراد خان، وكان يكتب عند السلطان غياث الدين إلى سائر الأطراف عربيًا وفارسيًا وتركيًا وغير ذلك، ثم قال: والحاصل: أني لم أخل برؤية أحد ممن يشار إليه من ملك وسلطان، ولا عالم ولا شيخ، ولا كبير على حسب ما يتفق، ولم يبق من العلوم فن إلا وكان في فيه حظ وافر، ولا منصبٌ إلا وكان لي فيه نصيب من التدريس والخطابة والإمامة، والكتابة والوعظ والتصنيف والترجمة، وغير ذلك، ومن شعره:
فعشْ ما شئتَ في الدنيا وأدرِكْ ... بها ما شئتَ من صِيتٍ وصَوْتِ
فحبلُ العيشِ موصولٌ بقَطْعٍ ... وخيطُ العمرِ معقودٌ بمَوْتِ

وقد ذكر له في "الضوء اللامع" ترجمة واسعة، وأثنى عليه، وذكر له من التأليف: "العقد الفريد" في التوحيد، و"فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء"، و"خطاب الإهاب الناقب وجواب الشهاب الثاقب"، وكان آخر ما ألفه كتابًا على لسان الحيوانات، فيه العجائب والغرائب، وأثنى عليه الأئمة؛ كابن حجر، والمقريزي، وغيرهما، حتى وصفه بعضهم بقوله: الإمام العلامة، أحد أفراد الدهر في النثر والنظم وعلم المعاني والبديع، وترجم كتابه "عجائب المقدور"، وطبع في هولاندة، وطبع الأصل العربي بمصر، وكذلك طبع أيضًا كتابه "فاكهة الخلفاء" بمصر، وفي ألمانيا سنة 1852، انتهى ما في "آثار الأدهار". وكتاباه هذان عندنا وقفنا عليهما، وهما فريدان في بابهما، خطيبان في محرابهما، قلَّ نظيرُهما في كتب التواريخ والأدب والعربية، والله أعلم. وبالجملة: فقد كان فاضلاً جيدًا أديبًا، كاملاً لبيبًا أريبًا، وحيدَ عصره في العربية واللسان، فريدَ دهره في الأدب والبيان، شهرته تغني عن الإطناب في ذكره، والإسهابِ في أمره.
كتابه "عجائب المقدور في أخبار تيمور" يدل على سَعَة علمه واطلاعه، وقوة دركه وفهمه وبراعة يراعه، عقد فيه فصلاً فيمن حصل في أيام استيلاء تيمور - بسمرقند - من الفقهاء. قال: ومن المحققين: مولانا سعد الدين التفتازاني، توفي سنة 791 بسمرقند، والسيد الشريف محمد الجرجاني، توفي بشيراز، ومن المحدثين: الشيخ شمس الدين محمد بن الجوزي، كان أخذه من الروم، وكان قد هرب إليها من مصر بعد توجهه من بلاد الشام قبل الفتنة، توفي بشيراز. والمفسر الحافظ المحدث محمد الزاهد البخاري، فسر القرآن الكريم في مئة مجلد توفي بمدينة النبي - صلى الله عليه وسلم - سنة 822. ومن حفاظ القرآن المجودين قراءة وصوتًا: عبد اللطيف الدامغاني، ومولانا أسد الدين الحافظ الحسيني، ومحمود المحرق الخوارزمي، وعبد القادر المراغي الأستاذ في علم الأدوار. ومن الوعاظ المتكلمين: مولانا أحمد بن شمس الأئمة السرائي، كان يقال له: ملك الكلام عربيًا وفارسيًا وتركيًا، وكان أعجوبة الزمان، ومولانا أحمد الترمذي، ومولانا منصور القاغاني. ومن الكتاب الموجودين: السيد الخطاط ابن بندكير، وتاج الدين السلماني وغيرهما، إلى آخر ما قال.
قال: وكان في سمرقند إنسان يسمى بالشيخ العريان فقيرًا دهمى بشكل بهي وعزم سمي، قيل: إن عمره - على ما هو فيهم شائع، وبين أكابرهم وأفاضلهم ذائع - ثلاث مئة وخمسون سنة، مع أن قامته مستوية، وهيئته حسنة، كان المشايخ الهرمون، والأكابر المعمَّرون يقولون: لقد كنا ونحن أطفال نرى هذا الرجل على هذا الحال، وكذلك نروي عن آبائنا الأكرمين، ومشائخنا الأقدمين ناقلين ذلك عن آبائهم، والمعمرين من كبرائهم، وكان أطلس، وله قوة ناهضة وحِدَّة، من رآه يتصور أنه لم يبلغ أشدَّه، ولم يكن للكبر بوجهه تجعيد ولا أثر، وكان الأمراء والكبراء والأعيان والصلحاء والفضلاء والرؤساء يترددون إلى زاويته، ويتبركون بطلعته، ويلتمسون بركة دعوته، انتهى حاصله.
التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول - أبو الِطيب محمد صديق خان البخاري القِنَّوجي.

 

 

أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن إبراهيم بن أَبى نصر مُحَمَّد بن عرب شاه
الدمشقي الأَصْل الرومي الحنفي وَيعرف بالعجمي وبابن عرب شاه وَهُوَ الْأَكْثَر وَلَيْسَ هُوَ بقريب لداود وَصَالح ابني مُحَمَّد بن عرب شاه الهمذانيين الأَصْل الدمشقيين الحنفيين ولد فِي لَيْلَة الْجُمُعَة منتصف ذي الْقعدَة سنة 791 إحدى وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِدِمَشْق وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقرَان على الزين عمر بن اللبان المقري ثمَّ تحول في سنة ثَلَاث وثمان مائَة في زمن الْفِتْنَة مَعَ أخوته وأمهم وَابْن أُخْته عبد الرَّحْمَن بن إبراهيم بن حولان إِلَى سَمَرْقَنْد ثمَّ بمفرده إِلَى بِلَاد الخطا وَأقَام بِبِلَاد مَا وَرَاء النَّهر مديماً للاشتغال وَالْأَخْذ عَن من هُنَاكَ من الأستاذين فَكَانَ مِنْهُم السَّيِّد مُحَمَّد الجرجاني وَابْن الجزري وهما نزيلا سَمَرْقَنْد وعصام الدَّين ابْن الْعَلامَة عبد الْملك وَجَمَاعَة ولقي بسمرقند الشَّيْخ الْعُرْيَان الأدهمي الَّذِي استفيض هُنَالك أَنه ابْن ثلثمِائة وَخمسين سنة وبرع فى الْفُنُون ثمَّ توجه إِلَى خوارزم فَأخذ عَن نور الله وَأحمد بن شمس الْأَئِمَّة ثمَّ إِلَى بِلَاد الدشت وَتلك النواحى ثمَّ قطع بَحر الرّوم إِلَى مملكة ابْن عُثْمَان فَأَقَامَ بهَا نَحْو عشر سِنِين وَترْجم فِيهَا للْملك غياث الدَّين أَبى الْفَتْح مُحَمَّد بن أَبى يزِيد مُرَاد بن عُثْمَان كتاب جَامع الحكايات ولامع الرِّوَايَات من الفارسي إِلَى التركي فِي نَحْو سِتّ مجلدات وَتَفْسِير أبي اللَّيْث السَّمرقَنْدِي القادري بالتركي نظماً وباشر عِنْده ديوَان الإنشاء وَكتب عَنهُ إِلَى مُلُوك الْأَطْرَاف عَرَبيا وشامياً وتركياً ومغولياً وعجمياً كل ذَلِك مَعَ حرصه على الاستفادة بِحَيْثُ قَرَأَ الْمِفْتَاح على الْبُرْهَان الحوافي وَأخذ عَنهُ الْعَرَبيَّة أَيْضا فَلَمَّا مَاتَ ابْن عُثْمَان رَجَعَ إِلَى وَطنه الْقَدِيم فَدخل حلب فَأَقَامَ بهَا نَحْو ثَلَاث سِنِين ثمَّ الشَّام وَكَانَ دُخُوله إليها في جُمَادَى الآخرة سنة 825 فَجَلَسَ بحانوت مَسْجِد الْقصب مَعَ شُهُوده يَسِيرا لكَون مُعظم أوقاته الانعزال عَن النَّاس وَقَرَأَ بهَا على القاضي شهَاب الدَّين الْحَنْبَلِيّ صَحِيح مُسلم فى سنة 830 فَلَمَّا قدم الْعَلَاء البخاري سنة 832 مَعَ الركب الشامي من الْحجاز انْقَطع إليه ولازمه في الْفِقْه والأصليين والمعاني وَالْبَيَان والتصوف وَغير ذَلِك حَتَّى مَاتَ وَتقدم في غَالب الْعُلُوم وَأَنْشَأَ النظم الْفَائِق والنثر الرَّائِق وصنف نظماً ونثراً وَمن تصانيفه مرآة الْأَدَب في علم الْمعَانى وَالْبَيَان والبديع سلك فِيهِ أسلوباً بديعاً نظم فِيهِ التَّلْخِيص عمله قصائد غزلية كل بَاب مِنْهُ قصيدة مُفْردَة على قافية ومقدمة في النَّحْو عُقُود النَّصِيحَة والرسالة الْمُسَمَّاة العقد الفريد فِي التَّوْحِيد وَهُوَ مؤلف تَارِيخ تيمور وَسَماهُ عجائب الْمَقْدُور في نَوَائِب تيمور وَفِيه بلاغة فائقة وسجعات رائقة وَله فَاكِهَة الْخُلَفَاء ومفاكهة الظرفاء والترجمان المترجم بمنتهى الأرب فِي لُغَة التّرْك والعجم وَالْعرب وأشير إليه بالفضيلة وأجله الأكابر وَكَانَ أحد الْأَفْرَاد في إجادة النظم والنثر وَمَعْرِفَة اللُّغَات والمجئ بالمستظرفات وإجادة الْخط وإتقان الضَّبْط وعذوبة الْكَلَام وملاحة المحاضرة وَكَثْرَة التودد ومزيد التَّوَاضُع وعفة النَّفس ووفور الْعقل وَاسْتمرّ على جميل أَوْصَافه حَتَّى مَاتَ في يَوْم الِاثْنَيْنِ منتصف شهر رَجَب سنة 854 أَربع وَخمسين وثمان مائَة وَجَرت لَهُ محنة من الظَّاهِر جقمق شكى اليه حميد الدَّين فَأدْخلهُ سجن أهل الجرائم فدام فِيهِ خَمْسَة أَيَّام ثمَّ أخرج وَاسْتمرّ مَرِيضا من الْقَهْر حَتَّى مَاتَ بعد اثني عشر يَوْمًا وَمن نظمه
(قَمِيص من الْقطن من حله ... وشربة مَاء قراح وقوت)
(ينَال بهَا الْمَرْء مَا يبتغي ... وَهَذَا كثير على من يَمُوت)
وَمن نظمه
(فعش مَا شِئْت في الدُّنْيَا وَأدْركَ ... بهَا مَا شِئْت من صيت وَصَوت)
(فحبل الْعَيْش مَوْصُول بِقطع ... وخيط الْعُمر مقصوص بِمَوْت)
وَله
(وَمَا الدَّهْر إِلَّا سلم فبقدر مَا ... يكون صعُود الْمَرْء فِيهِ هُبُوطه)
(وهيهات مَا فِيهِ نزُول وإنما ... شُرُوط الَّذِي يرقى إِلَيْهِ سُقُوطه)
(فَمن صَار أَعلَى كَانَ أوفى تهشما ... وَفَاء بِمَا قَامَت عَلَيْهِ شُرُوطه)
وَحكى السخاوي أَنه اسر مَعَ تيمور لنك وَنقل إِلَى سَمَرْقَنْد ثمَّ خرج مِنْهَا في سنة إِحْدَى عشر وجال بِبِلَاد الشرق وَرجع إِلَى دمشق وَقد جرى بَينه وَبَين الْبُرْهَان الباعوني الْمُقدم ذكره مطارحات مِنْهَا أَن الْبُرْهَان كتب إِلَيْهِ بِسِتَّة أَبْيَات الْتزم فِيهَا قافية الظَّاء المشالة أَولهَا
(أأحمد لم تكن وَالله فظاً ... وَلَكِن لَا أرى لى مِنْك حظا)
واستوفى كثيراً من اللُّغَة فَحصل لصَاحب التَّرْجَمَة سِتَّة أَبْيَات أُخْرَى قبل نظره في كتب اللُّغَة فَعجب من كَثْرَة اطِّلَاعه وسعة دائرته ثمَّ كتب إِلَيْهِ بِأَبْيَات الْتزم فِيهَا الرَّاء قبل الْألف وَالرَّاء بعْدهَا أَولهَا
(من مجيري من ظلوم ... مِنْهُ أبعدت فِرَارًا)
وَاسْتوْفى مَا فِي الْبَاب فَكتب إِلَيْهِ صَاحب التَّرْجَمَة قصيدة بغداذية فَلم يقدر على الْجَواب بِمِثْلِهَا وَكتب إِلَيْهِ بقوله
(يَا شهَاب الدَّين يَا ... أَحْمد يَابْنَ عرب شاه)
وَاسْتوْفى القافية فظفر صَاحب التَّرْجَمَة بأَشْيَاء تَركهَا فَكتب إِلَيْهِ
(قد أَتَى الْفضل عَلَيْهِ ... حلل اللَّفْظ موشاه) فتعجب الْبُرْهَان من سَعَة دائرته واطلاعه ثمَّ قَالَ لَهُ أَنا وَالله مَا عرفتك إِلَّا الْآن فَقَالَ لَهُ وَالله وَإِلَى الْآن مَا عَرفتنِي وطالت الْمُكَاتبَة بَينهَا على هَذَا المنوال حَتَّى اجْتمع من ذَلِك مُجَلد
البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع - لمحمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني.

 

 

أحمد بن عرب شاه - ت 854
هو: أحمد بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن أبي نصر بن عرب شاه الدمشقي الأصل، الرومي الحنفي، ويعرف بالعجمي، وبابن عرب شاه، وهو الأكثر. وهو من القراء، والفقهاء، والأدباء، والمؤلفين.
ولد ليلة الجمعة منتصف ذي القعدة سنة إحدى وتسعين وسبعمائة بدمشق، ونشأ بها، فقرأ «القرآن» على «الزين عمر بن اللبّان المقري».
ثم تحوّل في سنة ثلاث وثمان مائة في زمن الفتنة مع أمه وإخوته إلى «سمرقند» ثم رحل بمفرده وأقام ببلاد ما وراء النهر، وأخذ عن الشيخين الجليلين: «السيد محمد الجرجاني، وابن الجزري» وهما نزيلا «سمرقند».
واشتهر ذكره وبرع في الفنون.
ثم توجّه إلى «خوارزم» فأخذ بعض العلوم عن «نور الله، وأحمد بن شمس الأئمة» ثم قطع بحر الروم إلى مملكة «ابن عثمان» فأقام بها نحو عشر سنين، وفي هذه البلاد لمع نجمه، وذاع صيته، فترجم للملك غياث الدين أبي الفتح محمد بن أبي يزيد كتاب «جامع الحكايات ولامع الروايات» من الفارسيّة إلى التركيّة في نحو ستة مجلدات، وتفسير «أبي الليث السمرقندي»، وباشر عند «الملك غياث الدين»، وكتب عنده إلى ملوك الأطراف عربيا، وشاميّا وتركيّا، ومغوليّا، وعجميّا، كل ذلك مع حرصه على الاستفادة من العلماء والاستزادة من الأخذ عنهم، فقرأ كتاب «المفتاح» على «البرهان الحوفي» وأخذ عنه أيضا العربية.
ولما مات «الملك غياث الدين» رجع إلى وطنه القديم، فدخل «حلب» فأقام بها نحو ثلاث سنين، وكان دخوله إليها في جمادى الآخرة، سنة خمس وعشرين وثمانمائة، وأقام في «حانوت مسجد القصب».
وانتهز هذه الفرصة فقرأ على «القاضي شهاب الدين الحنبلي» صحيح مسلم في سنة ثلاثين وثمانمائة.
ولما قدم «العلاء البخاري» سنة اثنتين وثلاثين وثمان مائة مع الركب الشامي من الحجاز انقطع إليه ولازمه في الفقه، وعلوم البلاغة المعاني والبيان وغير ذلك حتى مات.
ومع أن «أحمد بن عرب شاه» برع في كثير من العلوم إلا أنه كان مع ذلك يقول الشعر، ومن نظمه:
قميص من القطن من حلة ... وشربة ماء قراح وقوت
ينال بها المرء ما يبتغي ... وهذا كثير على من يموت
ومن نظمه أيضا:
فعش ما شئت في الدنيا وأدرك ... بها ما شئت من صيت وصوت
فحبل العيش موصول بقطع ... وخيط العمر مقصود بموت
ومنه أيضا:
وما الدهر إلا سلم فيقدّر ما ... يكون صعود المرء فيه هبوطه
وهيهات ما فيه نزول وإنما ... شروط الذي يرقى إليه سقوطه
فمن صار أعلى كان أوفى تهشّما ... وفاء بما قامت عليه شروطه
احتل «أحمد بن عرب شاه» مكانة سامية بين الناس مما جعلهم يثنون عليه ويعترفون بفضله، وفي هذا يقول «الإمام الشوكاني»: «وأشير إليه بالفضيلة، وأجلّه الأكابر، وكان أحد الأفراد في إجادة النظم، والنثر، ومعرفة اللغات، والمجيء بالمستظرفات، وإجادة الخط، وإتقان الضبط، وعذوبة الكلام، وملاحة المحاضرة، وكثرة التودد، ومزيد التواضع، وعفة النفس، ووفور العقل، واستمر على أوصافه حتى توفاه الله تعالى».
تقدم «أحمد بن عرب شاه» في كثير من العلوم، وأنشأ النظم الفائق والنثر الرائق، وصنف نظما ونثرا، ومن تصانيفه: «مرآة الأدب» في علم المعاني، والبيان، والبديع، سلك المؤلف فيه أسلوبا بديعا، وكتاب «العقد الفريد» في التوحيد، وكتاب «فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء» وكتاب «الترجمان المترجم بمنتهى الأدب في لغة الترك والعجم والعرب» وغير ذلك من المصنفات.
وبعد هذه الحياة الحافلة بالرحلات، والعمل، والتأليف، توفي «أحمد بن عرب شاه» في يوم الاثنين منتصف شهر رجب سنة أربع وخمسين وثمان مائة.
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ

 

 

الشيخ الفاضل شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن عربشاه بن أبي بكر العُثماني الدمشقي الأصل الهَمداني الرُّومي الحنفي، المتوفى بمصر في شهر رجب سنة أربع وخمسين وثمانمائة، عن ثلاث وستين سنة.
ذَكَرَ ترجمته في شرح قصيدته التي سماها "عنقود النصيحة" فقال ما ملخصه: إن الأمير تيمور لما أغار على دمشق أخذه مع إخوانه ووالده إلى سمرقند، فجوّد القرآن بها وقرأ الصرف والنحو على بعض تلامذة السيد الجرجاني وهو من مشايخه أيضاً يحضر دروسه. وسمع الحديث من الجزري. وأخذ عنه بعض مصنفاته، ثم طاف ببلاد ما وراء النهر والمغل واجتمع بمشايخ وأعظمهم عبد الأول وعصام الدين والخواجا محمد بارسا ومكث بما وراء النهر ثمان سنين واجتمع بحافظ الدين البزازي وقرأ عليه الفقه وأصوله والمعاني والبيان نحو أربع سنوات، ثم توجه إلى قريم واجتمع بشرف الدين بن كمال وغيره، ثم ركب البحر وقدم الروم وأقام بها نحو عشر سنين واجتمع بالفناري وحيدر الخوافي وقرأ عليه "المفتاح" تماماً وغير ذلك من [العلوم] العقلية والنقلية.
ثم اتصل بخدمة السلطان محمد بن مراد وأقرأ أولاده وكان يكتب عن السلطان المذكور إلى الأطراف عربياً وفارسياً وتركياً ولم يبق من العلوم فن إلا وكان له فيه حظ وافر ولا منصب إلا وكان له منه نصيب. ثم انتقل إلى الشام سنة 825 ولازم الشيخ علاء الدين البخاري إلى أن توفي.
وصنَّف "مرآة الأدب" في المعاني والبيان في ألفي بيت و"العقد الفريد في علم التوحيد" منظومة و"فاكهة الخلفاء" و"ترجمة تفسير أبي الليث" و"ترجمة جامع الحكايات" و"خطاب الإهاب الثاقب" و"منتهى الأرب في لغة الترك والعجم والعرب" و"غرة السير في دول الترك والتتر" و"عجائب المقدور في نوائب تيمور" وغير ذلك. ذكره تقي الدين والبقاعي.
سلم الوصول إلى طبقات الفحول - حاجي خليفة. 

 

 

أَحْمد بن عربشاه.  فِي ابْن مُحَمَّد بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم ـ الضوء اللامع لأهل القرن التاسع.