الحسين بن علي الكرابيسي أبي علي

الكرابيسي الحسين

تاريخ الوفاة248 هـ
أماكن الإقامة
  • بغداد - العراق

نبذة

أبو علي الحسين بن علي الكرابيسي: مات سنة خمس وقيل ثمان وأربعين ومائتين، وكان متكلماً عارفاً بالحديث، له تصانيف كثيرة في أصول الفقه وفروعه.

الترجمة

أبو علي الحسين بن علي الكرابيسي: مات سنة خمس وقيل ثمان وأربعين ومائتين، وكان متكلماً عارفاً بالحديث، له تصانيف كثيرة في أصول الفقه وفروعه.
- طبقات الفقهاء / لأبو اسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي -.

 

 

 

الْحُسَيْن بن علي بن يزِيد أَبُو علي الكرابيسي
كَانَ إِمَامًا جَلِيلًا جَامعا بَين الْفِقْه والْحَدِيث
تفقه أَولا على مَذْهَب أهل الرأى ثمَّ تفقه للشافعى
وَسمع مِنْهُ الحَدِيث وَمن يزِيد بن هَارُون وَإِسْحَاق الْأَزْرَق وَيَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم وَغَيرهم
روى عَنهُ عبيد بن مُحَمَّد بن خلف الْبَزَّار وَمُحَمّد بن على فستقة
وَله مصنفات كَثِيرَة وَقد أجَازه الشافعى كتب الزعفرانى

وَذَلِكَ فِيمَا أخبرنَا بِهِ يحيى بن يُوسُف بن المصرى قِرَاءَة عَلَيْهِ وَأَنا أسمع سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة عَن عبد الْوَهَّاب بن رواج أَن الْحَافِظ أَبَا طَاهِر السلفى أخبرهُ سَمَاعا عَلَيْهِ قَالَ أخبرنَا الْمُبَارك بن عبد الْجَبَّار أخبرنَا على بن أَحْمد القالى أخبرنَا أَبُو عبد الله أَحْمد بن إِسْحَاق بن خربَان النهاوندى القاضى أخبرنَا الْحسن بن عبد الرَّحْمَن الرامهرمزى حَدثنَا الساجى حَدثنَا دَاوُد الأصبهانى قَالَ قَالَ لى حُسَيْن الكرابيسى لما قدم الشافعى يعْنى إِلَى بَغْدَاد قَدمته فَقلت لَهُ أتأذن لى أَن أَقرَأ عَلَيْك الْكتب فَأبى وَقَالَ خُذ كتب الزعفرانى فقد أجزتها لَك فأخذتها إجَازَة
قَالَ الْخَطِيب حَدِيث الكرابيسى يعز جدا وَذَلِكَ أَن أَحْمد بن حَنْبَل كَانَ يتَكَلَّم فِيهِ بِسَبَب مَسْأَلَة اللَّفْظ وَهُوَ أَيْضا كَانَ يتَكَلَّم فى أَحْمد فتجنب النَّاس الْأَخْذ عَنهُ لهَذَا السَّبَب
قلت كَانَ أَبُو على الكرابيسى من متكلمى أهل السّنة أستاذا فى علم الْكَلَام كَمَا هُوَ أستاذ فى الحَدِيث وَالْفِقْه وَله كتاب فى المقالات
قَالَ أَيْضا الْخَطِيب وَالِد الإِمَام فَخر الدّين فى كتاب غَايَة المرام على كِتَابه فى المقالات معول الْمُتَكَلِّمين فى معرفَة مَذَاهِب الْخَوَارِج وَسَائِر أهل الْأَهْوَاء
قلت والمروى أَنه قيل للكرابيسى مَا تَقول فى الْقُرْآن قَالَ كَلَام الله غير مَخْلُوق فَقَالَ لَهُ السَّائِل فَمَا تَقول فى لفظى بِالْقُرْآنِ فَقَالَ لفظك بِهِ مَخْلُوق
فَمضى السَّائِل إِلَى أَحْمد بن حَنْبَل فشرح لَهُ مَا جرى فَقَالَ هَذِه بِدعَة
والذى عندنَا أَن أَحْمد رضى الله عَنهُ أَشَارَ بقوله هَذِه بِدعَة إِلَى الْجَواب عَن مَسْأَلَة اللَّفْظ إِذْ لَيست مِمَّا يعْنى الْمَرْء وخوض الْمَرْء فِيمَا لَا يعنيه من علم الْكَلَام بِدعَة فَكَانَ السُّكُوت عَن الْكَلَام فِيهِ أجمل وَأولى وَلَا يظنّ بِأَحْمَد رضى الله عَنهُ أَنه يدعى أَن اللَّفْظ الْخَارِج من بَين الشفتين قديم ومقالة الْحُسَيْن هَذِه قد نقل مثلهَا عَن البخارى والْحَارث بن أَسد المحاسبى وَمُحَمّد بن نصر المروزى وَغَيرهم وستكون لنا عودة فى تَرْجَمَة البخارى إِلَى الْكَلَام فى ذَلِك
وَنقل أَن أَحْمد لما قَالَ هَذِه بِدعَة رَجَعَ السَّائِل إِلَى الْحُسَيْن فَقَالَ لَهُ تلفظك بِالْقُرْآنِ غير مَخْلُوق فَعَاد إِلَى أَحْمد فَعرفهُ مقَالَة الْحُسَيْن ثَانِيًا فَأنْكر أَحْمد أَيْضا ذَلِك وَقَالَ هَذِه أَيْضا بِدعَة
وَهَذَا يدلك على مَا نقُوله من أَن أَحْمد إِنَّمَا أَشَارَ بقوله هَذِه بِدعَة إِلَى الْكَلَام فى أصل الْمَسْأَلَة وَإِلَّا فَكيف يُنكر إِثْبَات الشئ ونفيه فَافْهَم مَا قُلْنَاهُ فَهُوَ الْحق إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَبِمَا قَالَ أَحْمد نقُول فَنَقُول الصَّوَاب عدم الْكَلَام فى الْمَسْأَلَة رَأْسا مَا لم تدع إِلَى الْكَلَام حَاجَة ماسة وَمِمَّا يدلك أَيْضا على مَا نقُوله وَأَن السّلف لَا يُنكرُونَ أَن لفظنا حَادث وَأَن سكوتهم إِنَّمَا هُوَ عَن الْكَلَام فى ذَلِك لَا عَن اعْتِقَاده أَن الروَاة رووا أَن الْحُسَيْن بلغه كَلَام أَحْمد فِيهِ فَقَالَ لأقولن مقَالَة حَتَّى يَقُول أَحْمد بِخِلَافِهَا فيكفر فَقَالَ لفظى بِالْقُرْآنِ مَخْلُوق
وَهَذِه الْحِكَايَة قد ذكرهَا كثير من الْحَنَابِلَة وَذكرهَا شَيخنَا الذهبى فى تَرْجَمَة الإِمَام أَحْمد وفى تَرْجَمَة الكرابيسى فَانْظُر إِلَى قَول الكرابيسى فِيهَا إِن مخالفها يكفر وَالْإِمَام أَحْمد فِيمَا نعتقده لم يُخَالِفهَا وَإِنَّمَا أنكر أَن يتَكَلَّم فى ذَلِك
فَإِذا تَأَمَّلت مَا سطرناه وَنظرت قَول شَيخنَا فى غير مَوضِع من تَارِيخه إِن مَسْأَلَة اللَّفْظ مِمَّا يرجع إِلَى قَول جهم عرفت أَن الرجل لَا يدرى فى هَذِه المضايق مَا يَقُول وَقد أَكثر هُوَ وَأَصْحَابه من ذكر جهم بن صَفْوَان وَلَيْسَ قصدهم إِلَّا جعل الأشاعرة الَّذين قدر الله لقدرهم أَن يكون مَرْفُوعا وللزومهم للسّنة أَن يكون مَجْزُومًا بِهِ ومقطوعا فرقة جهمية وَاعْلَم أَن جهما شَرّ من الْمُعْتَزلَة كَمَا يدريه من ينظر الْملَل والنحل وَيعرف عقائد الْفرق والقائلون بِخلق الْقُرْآن هم الْمُعْتَزلَة جَمِيعًا وجهم لَا خُصُوص لَهُ بِمَسْأَلَة خلق الْقُرْآن بل هُوَ شَرّ من الْقَائِلين بهَا لمشاركته إيَّاهُم فِيمَا قَالُوهُ وزيادته عَلَيْهِم بطامات
فَمَا كفى الذهبى أَن يُشِير إِلَى اعْتِقَاد مَا يتبرأ الْعُقَلَاء عَن قَوْله من قدم الْأَلْفَاظ الْجَارِيَة على لِسَانه حَتَّى ينْسب هَذِه العقيدة إِلَى مثل الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل وَغَيره من السادات ويدعى أَن الْمُخَالف فِيهَا يرجع إِلَى قَول جهم فليته درى مَا يَقُول وَالله يغْفر لنا وَله ويتجاوز عَمَّن كَانَ السَّبَب فى خوض مثل الذهبى فى مسَائِل الْكَلَام وَإنَّهُ ليعز الْكَلَام على فى ذَلِك وَلَكِن كَيفَ يسعنا السُّكُوت وَقد مَلأ شَيخنَا تَارِيخه بِهَذِهِ العظائم الَّتِى لَو وقف عَلَيْهَا العامى لأضلته ضلالا مُبينًا
وَلَقَد يعلم الله منى كَرَاهِيَة الإزراء بشيخنا فَإِنَّهُ مفيدنا ومعلمنا وَهَذَا النزر الْيَسِير الحديثى الذى عَرفْنَاهُ مِنْهُ استفدناه وَلَكِن أرى أَن التَّنْبِيه على ذَلِك حتم لَازم فى الدّين
قَالَ أَبُو أَحْمد بن عدى سَمِعت مُحَمَّد بن عبد الله الصيرفى الشافعى يَقُول لَهُم يعْنى لتلامذته اعتبروا بِهَذَيْنِ حُسَيْن الكرابيسى وأبى ثَوْر فالحسين فى علمه وَحفظه وَأَبُو ثَوْر لَا يعشره فى علمه فَتكلم فِيهِ أَحْمد فى بَاب اللَّفْظ فَسقط وَأثْنى على أَبى ثَوْر فارتفع
قلت هَذَا الْكَلَام من الصيرفى مَعَ علو قدره يدل على علو قدر الْحُسَيْن وَنَظِيره قَول أَبى عَاصِم العبادى لم يتَخَرَّج على يَد الشافعى بالعراق مثل الْحُسَيْن
مَاتَ الكرابيسى سنة خمس وَأَرْبَعين وَقيل ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَة
وَمن الْفَوَائِد عَنهُ
كتبت إِلَى زَيْنَب بنت الْكَمَال عَن الْحَافِظ أَبى الْحجَّاج يُوسُف بن خَلِيل أخبرنَا أَبُو المكارم أَحْمد بن مُحَمَّد اللبان أخبرنَا أَبُو على الْحسن بن أَحْمد الْحداد أخبرنَا الْحَافِظ أَبُو نعيم أَحْمد بن عبد الله الأصبهانى حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن جَعْفَر حَدثنَا عبد الرَّحْمَن ابْن دَاوُد بن مَنْصُور حَدثنَا عبيد بن خلف الْبَزَّار أَبُو مُحَمَّد حَدَّثَنى إِسْحَاق بن عبد الرَّحْمَن قَالَ سَمِعت الْحُسَيْن الكرابيسى
قلت كَذَا فى السَّنَد عبيد عَن إِسْحَاق وَعبيد صَاحب الكرابيسى وَلَا يمْتَنع أَن يسمع عَنهُ كَمَا سمع مِنْهُ
رَجَعَ الحَدِيث إِلَى الكرابيسى سَمِعت الشافعى يَقُول كنت أَقرَأ كتب الشّعْر فآتى البوادى فَأَسْمع مِنْهُم قَالَ فَقدمت مَكَّة مِنْهَا فَخرجت وَأَنا أتمثل بِشعر للبيد وأضرب وحشى قدمى بِالسَّوْطِ فضربنى رجل من ورائى من الحجبة فَقَالَ رجل من قُرَيْش ثمَّ ابْن الْمطلب رضى من دينه ودنياه أَن يكون معلما مَا الشّعْر هَل الشّعْر إِذا استحكمت فِيهِ إِلَّا قعدت معلما تفقه يعلك الله
قَالَ فنفعنى الله بِكَلَام ذَلِك الحجبى فَرَجَعت إِلَى مَكَّة فَكتبت عَن ابْن عُيَيْنَة مَا شَاءَ الله أَن أكتب ثمَّ كنت أجالس مُسلم بن خَالِد الزنجى ثمَّ قدمت على مَالك ابْن أنس فَكتبت موطأه فَقلت لَهُ يَا أَبَا عبد الله أَقرَأ عَلَيْك قَالَ يَا ابْن أخى تأتى بِرَجُل يقرأه على فَتسمع فَقلت أَقرَأ عَلَيْك فَتسمع إِلَى كلامى فَقَالَ لى أقرأه فَلَمَّا سمع كلامى لقِرَاءَة كتبه أذن لى فَقَرَأت عَلَيْهِ حَتَّى بلغت كتاب السّير فَقَالَ لى اطوه يَا ابْن أخى تفقه تعل
فَجئْت إِلَى مُصعب بن عبد الله فكلمته أَن يكلم بعض أهلنا فيعطينى شَيْئا من الدُّنْيَا فَإِنَّهُ كَانَ لى من الْفقر والفاقة مَا الله بِهِ عليم فَقَالَ لى مُصعب أتيت فلَانا فكلمته فَقَالَ لى أتكلمنى فى رجل كَانَ منا فخالفنا فأعطانى مائَة دِينَار
وَقَالَ لى مُصعب إِن هَارُون الرشيد قد كتب إِلَى أَن أصير إِلَى الْيمن قَاضِيا فَتخرج مَعنا لَعَلَّ الله أَن يعوضك مَا كَانَ هَذَا الرجل يعوضك
قَالَ فَخرج قَاضِيا على الْيمن فَخرجت مَعَه فَلَمَّا صرنا بِالْيمن وجالسنا النَّاس كتب مطرف بن مَازِن إِلَى هَارُون الرشيد إِن أردْت الْيمن لَا يفْسد عَلَيْك وَلَا يخرج من يَديك فَأخْرج عَنهُ مُحَمَّد بن إِدْرِيس وَذكر أَقْوَامًا من الطالبيين

قَالَ فَبعث إِلَى حَمَّاد البربرى فأوثقت بالحديد حَتَّى قدمنَا على هَارُون بالرقة
قَالَ فأدخلت على هَارُون قَالَ فأخرجت من عِنْده
قَالَ وقدمت ومعى خَمْسُونَ دِينَارا قَالَ وَمُحَمّد بن الْحسن يَوْمئِذٍ بالرقة فأنفقت تِلْكَ الْخمسين دِينَارا على كتبهمْ
قَالَ فَوجدت مثلهم وَمثل كتبهمْ مثل رجل كَانَ عندنَا يُقَال لَهُ فروخ وَكَانَ يحمل الدّهن فى زق لَهُ فَكَانَ إِذا قيل لَهُ عنْدك فرشنان قَالَ نعم فَإِن قيل عنْدك زئبق قَالَ نعم فَإِن قيل عنْدك خيرى قَالَ نعم فَإِذا قيل لَهُ أرنى وللزق رُءُوس كَثِيرَة فَيخرج لَهُ من تِلْكَ الرُّءُوس وَإِنَّمَا هى دهن وَاحِد
وَكَذَلِكَ وجدت كتاب أَبى حنيفَة إِنَّمَا يَقُولُونَ كتاب الله وَسنة نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِنَّمَا هم مخالفون لَهُ
قَالَ فَسمِعت مَا لَا أحصيه مُحَمَّد بن الْحسن يَقُول إِن تابعكم الشافعى فَمَا عَلَيْكُم من حجازى كلفة بعده
فَجئْت يَوْمًا فَجَلَست إِلَيْهِ وَأَنا من أَشد النَّاس هما وغما من سخط أَمِير الْمُؤمنِينَ وزادى قد نفد
قَالَ فَلَمَّا أَن جَلَست إِلَيْهِ أقبل مُحَمَّد بن الْحسن يطعن على أهل دَار الْهِجْرَة فَقلت على من تطعن على الْبَلَد أم على أَهله وَالله لَئِن طعنت على أَهله إِنَّمَا تطعن على أَبى بكر وَعمر والمهاجرين وَالْأَنْصَار وَإِن طعنت على الْبَلدة فَإِنَّهَا بلدتهم الَّتِى دَعَا لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُبَارك لَهُم فى صاعهم ومدهم وَحرمه كَمَا حرم إِبْرَاهِيم مَكَّة لَا يقتل صيدها فعلى أَيهمْ تطعن
فَقَالَ معَاذ الله أَن أطعن على أحد مِنْهُم أَو على بلدته وَإِنَّمَا أطعن على حكم من أَحْكَامه

فَقلت لَهُ وَمَا هُوَ قَالَ الْيَمين مَعَ الشَّاهِد
قلت لَهُ وَلم طعنت قَالَ فَإِنَّهُ مُخَالف لكتاب الله
فَقلت لَهُ فَكل خبر يَأْتِيك مُخَالفا لكتاب الله أيسقط قَالَ فَقَالَ لى كَذَا يجب
فَقلت لَهُ مَا تَقول فى الْوَصِيَّة للْوَالِدين فتفكر سَاعَة
فَقلت لَهُ أجب
فَقَالَ لَا تجب
قَالَ فَقلت لَهُ فَهَذَا مُخَالف لكتاب الله لم قلت إِنَّه لَا يجوز فَقَالَ لِأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا وَصِيَّة للْوَالِدين
قَالَ فَقلت لَهُ أخبرنى عَن شَاهِدين حتم من الله قَالَ فَمَا تُرِيدُ من ذَا قَالَ فَقلت لَهُ لَئِن زعمت أَن الشَّاهِدين حتم من الله لَا غَيره كَانَ ينبغى لَك أَن تَقول إِذا زنى زَان فَشهد عَلَيْهِ شَاهِدَانِ إِن كَانَ مُحصنا رَجَمْته وَإِن كَانَ غير مُحصن جلدته قَالَ فَإِن قلت لَك لَيْسَ هُوَ حتما من الله قَالَ قلت لَهُ إِذا لم يكن حتما من الله فَنَنْزِل كل الْأَحْكَام مَنَازِله فى الزِّنَا أَرْبعا وفى غَيره شَاهِدين وفى غَيره رجلا وَامْرَأَتَيْنِ وَإِنَّمَا أعنى فى الْقَتْل لَا يجوز إِلَّا شَاهِدَانِ فَلَمَّا رَأَيْت قتلا وقتلا أعنى بِشَهَادَة الزِّنَا وأعنى بِشَهَادَة الْقَتْل فَكَانَ هَذَا قتلا وَهَذَا قتلا غير أَن أحكامهما مُخْتَلفَة فَكَذَلِك كل حكم ننزله حَيْثُ أنزلهُ الله مِنْهَا بِأَرْبَع وَمِنْهَا بِشَاهِدين وَمِنْهَا بِرَجُل وَامْرَأَتَيْنِ وَمِنْهَا شَاهد وَالْيَمِين فرأيتك تحكم بِدُونِ هَذَا
قَالَ وَمَا أحكم بِدُونِ هَذَا قَالَ فَقلت لَهُ مَا تَقول فى الرجل وَالْمَرْأَة إِذا اخْتلفَا فى مَتَاع الْبَيْت فَقَالَ أصحابى يَقُولُونَ فِيهِ مَا كَانَ للرِّجَال فَهُوَ للرِّجَال وَمَا كَانَ للنِّسَاء فَهُوَ للنِّسَاء

قَالَ فَقلت أبكتاب الله هَذَا أم بِسنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَقلت لَهُ فَمَا تَقول فى الرجلَيْن إِذا اخْتلفَا فى الْحَائِط فَقَالَ فى قَول أَصْحَابنَا إِذا لم يكن لَهُم بَيِّنَة ينظر إِلَى العقد من أَيْن هُوَ الْبناء فأحكم لصَاحبه
قَالَ فَقلت لَهُ أبكتاب الله قلت هَذَا أم بِسنة رَسُول الله قلت هَذَا وَقلت لَهُ مَا تَقول فى رجلَيْنِ بَينهمَا خص فيختلفان لمن يحكم إِذا لم يكن لَهما بَيِّنَة قَالَ أنظر إِلَى معاقده من أى وَجه هُوَ فأحكم لَهُ
قلت لَهُ بِكِتَاب الله قلت هَذَا أم بِسنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَقلت لَهُ فَمَا تَقول فى ولادَة الْمَرْأَة إِذا لم يكن يحضرها إِلَّا امْرَأَة وَاحِدَة وهى الْقَابِلَة وَحدهَا وَلم يكن غَيرهَا
قَالَ فَقَالَ الشَّهَادَة جَائِزَة بِشَهَادَة الْقَابِلَة وَحدهَا نقبلها
قَالَ فَقلت لَهُ قلت هَذَا بِكِتَاب الله أم بِسنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ثمَّ قلت لَهُ من كَانَت هَذِه أَحْكَامه فَلَا يطعن على غَيره
قَالَ ثمَّ قلت لَهُ أتعجب من حكم حكم بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحكم بِهِ أَبُو بكر وَعمر وَحكم بِهِ على بن أَبى طَالب بالعراق وَقضى بِهِ شُرَيْح قَالَ وَرجل من ورائى يكْتب ألفاظى وَأَنا لَا أعلم
قَالَ فَأدْخل على هَارُون وقرأه عَلَيْهِ
قَالَ فَقَالَ لى هرثمة بن أعين كَانَ مُتكئا فَاسْتَوَى جَالِسا قَالَ اقرأه على ثَانِيًا
قَالَ فَأَنْشَأَ هَارُون يَقُول صدق الله وَرَسُوله صدق الله وَرَسُوله صدق الله وَرَسُوله قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (تعلمُوا من قُرَيْش وَلَا تعلموها قدمُوا قُريْشًا وَلَا تؤخروها) مَا أنكر أَن يكون مُحَمَّد بن إِدْرِيس أعلم من مُحَمَّد بن الْحسن
قَالَ فرضى عَنى وَأمر لى بِخَمْسِمِائَة دِينَار

قَالَ فَخرج بِهِ هرثمة وَقَالَ لى بِالسَّوْطِ هَكَذَا فاتبعته فحدثنى بالقصة وَقَالَ لى قد أَمر لَك بِخَمْسِمِائَة دِينَار وَقد أضفنا إِلَيْهِ مثله
قَالَ فوَاللَّه مَا ملكت قبلهَا ألف دِينَار إِلَّا فى ذَلِك الْوَقْت
قَالَ وَكنت رجلا أتشبع فكفانى الله على يدى مُصعب
وَمن الْمسَائِل عَن الْحُسَيْن
وقف الْوَالِد رَحمَه الله على تصنيف الْحُسَيْن فى الشَّهَادَات أَظن أَنى أَنا الذى أحضرته إِلَيْهِ فَكتب مِنْهُ فَوَائده هَا أَنا أحلهَا وَمن خطّ الشَّيْخ الإِمَام أنقلها
مِنْهَا حكى الكرابيسى عَن مُعَاوِيَة أَنه قبل شَهَادَة أم سَلمَة لِابْنِ أَخِيهَا
وَأَجَازَ زُرَارَة شَهَادَة أَبى مجلز وَحده وَأَجَازَ شُرَيْح شَهَادَة أَبى إِسْحَاق وَحده وَأَجَازَ شُرَيْح أَيْضا شَهَادَة أَبى قيس على مصحف وَحده
قَالَ الكرابيسى إِن قَالَ قَائِل أُجِيز شَهَادَة وَاحِد وَجَبت استتابته فَإِن تَابَ وَإِلَّا قتل
قَالَ فَإِن قَالَ قَائِل هَؤُلَاءِ من أهل الْعلم قيل لَهُ إِنَّمَا يهدم الْإِسْلَام زلَّة عَالم وَلَا يهدمه زلَّة ألف جَاهِل قد حكم بعض أهل الْعلم بِمَا لَا يحل لَهُ وَلَا يجوز فى الْإِسْلَام فقد قضى شُرَيْح بقضايا لَيْسَ عَلَيْهَا أحد من الْمُسلمين وَلَا لَهُ حجَّة من كتاب وَلَا سنة وَلَا أثر وَلَا يثبت بِجِهَة من الْجِهَات
وَمِنْهَا إِذا باعت الصَدَاق وَطَلقهَا قبل الدُّخُول قَالَ مَالك لَهَا نصف مَا اشترت مَا لم تستهلك مِنْهُ شَيْئا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يجب على من ولى من الْحُكَّام إبِْطَال هَذَا الحكم ورد عَلَيْهِمَا الكرابيسى

وَقَالَ أَبُو يُوسُف فى الحكم بِبيع أم الْوَلَد إِنَّه ينْقض ثمَّ رَجَعَ وَقَالَ لَا ينْقض للِاخْتِلَاف فِيهِ
نقل أَبُو عَاصِم أَن الْحُسَيْن قَالَ الْخَبَر إِذا رَوَاهُ عَالم من الْمُحدثين أوجب الْعلم الظَّاهِر وَالْبَاطِن كالتواتر
قَالَ الْحُسَيْن سَمِعت الشافعى يَقُول يكره للرجل أَن يَقُول قَالَ الرَّسُول وَلَكِن يَقُول قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليَكُون مُعظما رَوَاهُ البيهقى وَغَيره وَهُوَ فى كتاب أَبى عَاصِم
وروى عَن الشافعى أَيْضا أَنه قَالَ اضْطر النَّاس بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يَجدوا تَحت أَدِيم السَّمَاء خيرا من أَبى بكر فَلذَلِك استعملوه على رِقَاب النَّاس
قَالَ أَبُو عَاصِم العبادى وَهَذَا قَول مِنْهُ بِأَن إِمَامَة الْمَفْضُول لَا تجوز
نقل العبادى أَن الكرابيسى قَالَ إِذا قَالَ أَنْت طَالِق مثل ألف طلقت ثَلَاثَة لِأَنَّهُ شبه بِعَدَد فَصَارَ كَقَوْلِه مثل عدد نُجُوم السَّمَاء أما إِذا قَالَ مثل الْألف أى بالتعريف فَتطلق وَاحِدَة إِذا لم ينْو شَيْئا لِأَنَّهُ تَشْبِيه بعظيم فَأشبه مَا لَو قَالَ مثل الْجَبَل
وفى الرافعى عَن المتولى ...

طبقات الشافعية الكبرى للإمام السبكي

 

 

 

الكرابيسي:
العَلاَّمَةُ، فَقِيْهُ بَغْدَادَ, أبي عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ يَزِيْدَ البَغْدَادِيُّ, صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
سَمِعَ إِسْحَاقَ الأَزْرَقَ، وَمَعْنَ بنَ عِيْسَى، وَيَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ، وَيَعْقُوْبَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ، وَتفَقَّهَ بِالشَّافِعِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: عُبَيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّازُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ فُسْتُقَةُ.
وَكَانَ مِنْ بُحُوْرِ العِلْمِ, ذَكِيّاً, فَطِناً، فَصِيْحاً, لَسِناً. تَصَانِيْفُهُ فِي الفُرُوْعِ وَالأُصُوْلِ تَدُلُّ عَلَى تَبَحُّرِهِ إِلاَّ أَنَّهُ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الإِمَامِ أَحْمَدَ، فَهُجِرَ لِذَلِكَ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ فَتَقَ اللَّفْظَ، وَلَمَّا بَلَغَ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ في أَحْمَدَ, قَالَ: مَا أَحْوَجَهُ إِلَى أَنْ يُضْرَبَ، وَشَتَمَهُ.
قَالَ حُسَيْنٌ فِي القُرْآنِ: لَفْظِي بِهِ مَخْلُوْقٌ، فَبَلَغَ قَوْلُهُ أَحْمَدَ، فَأَنْكَرَهُ، وَقَالَ: هَذِهِ بِدْعَةٌ. فَأَوْضَحَ حُسَيْنٌ المَسْأَلَةَ، وَقَالَ: تَلَفُّظُكَ بِالقُرْآنِ -يَعْنِي: غَيْرَ المَلْفُوْظِ- وَقَالَ فِي أَحْمَدَ: أَيُّ شَيْءٍ نَعْمَلُ بِهَذَا الصَّبِيِّ? إِنْ قُلْنَا: مَخْلُوْقٌ, قَالَ: بِدْعَةٌ، وَإِنْ قُلْنَا: غَيْرُ مَخْلُوْقٍ, قَالَ: بِدْعَةٌ. فَغَضِبَ لأَحْمَدَ أَصْحَابُهُ، وَنَالُوا مِنْ حُسَيْنٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: إِنَّمَا بَلاؤُهُم مِنْ هَذِهِ الكُتُبِ الَّتِي وَضَعُوهَا، وَتَرَكُوا الآثَارَ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ الصَّيْرَفِيَّ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ لِتَلاَمِذَتِهِ: اعْتَبِرُوا بِالكَرَابِيْسِيِّ، وَبِأَبِي ثَوْرٍ، فَالحُسَيْنُ فِي عِلْمِهِ وَحِفْظِهِ لاَ يَعْشِرُهُ أبي ثَوْرٍ، فَتَكَلَّمَ فِيْهِ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ فِي بَابِ مَسْأَلَةِ اللَّفْظِ، فَسَقَطَ، وَأَثْنَى عَلَى أَبِي ثَوْرٍ، فَارْتَفَعَ لِلُزُوْمِهِ لِلسُّنَّةِ.
مَاتَ الكَرَابِيْسِيُّ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ، وَقِيْلَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَلاَ رَيْبَ أَنَّ مَا ابْتَدَعَهُ الكَرَابِيْسِيُّ، وَحَرَّرَهُ فِي مَسْأَلَةِ التَّلَفُّظِ، وَأَنَّهُ مَخْلُوْقٌ هُوَ حَقٌّ, لَكِنْ أَبَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ, لِئَلاَّ يُتَذَرَّعَ بِهِ إِلَى القَوْلِ بِخَلْقِ القُرْآنِ، فَسُدَّ البَابُ؛ لأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَفْرِزَ التَّلفُّظَ مِنَ المَلْفُوْظِ الَّذِي هو كلام الله إلا في ذهنك.
سير أعلام النبلاء: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن  قايماز الذهبي

 

 

 

أبو علي الحسين بن علي بن يزيد الكرابيسي البغدادي؛ صاحب الإمام الشافعي، رضي الله عنهما، وأشهرهم بانتياب مجلسه وأحفظهم لمذهبه، وله تصانيف كثيرة في أصول الفقه وفروعه. وكان متكلماً عارفاً بالحديث، وصنف أيضاً في الجرح والتعديل وغيره، وأخذ عنه الفقه خلق كثير.

وتوفي سنة خمس وأربعين، وقيل: سنة ثمان وأربعين ومائتين، وهو أشبه بالصواب، رحمه الله تعالى.
والكرابيسي - بفتح الكاف والراء وبعد الألف باء موحدة مكسورة ثم ياء مثناة من تحتها ساكنة وبعدها سين مهملة - هذه النسبة إلى الكرابيس، وهي الثياب الغليظة، واحدها كرباس - بكسر الكاف - وهو لفظ فارسي عرب وكان أبو علي المذكور يبيعها فنسب إليها.

وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - لأبو العباس شمس الدين أحمد ابن خلكان البرمكي الإربلي

 

 

 

الحسين بن علي يزيد، أبو عليّ الكرابيسي:
فقيه، من أصحاب الإمام الشافعيّ. له تصانيف كثيرة في (أصول الفقه وفروعه) و (الجرح والتعديل) . وكان متكلما، عارفا بالحديث، من أهل بغداد.
نسبته إلى الكرابيس (وهي الثياب الغليظة) كان يبيعها .

-الاعلام للزركلي-

 

 

 

حسين بن علي الكَرَابيسي البغدادي الشافعي، المتوفى سنة خمس وأربعين ومائتين وقيل ثمان وأربعين وهو أشبه، هو أحد رواة "القديم" للشافعي، وكان أولاً حنفياً، له "الخلافيات".

سلم الوصول إلى طبقات الفحول - حاجي خليفة.

 

 

 

أَبو علي، الحسين بن علي بن يزيد الكرابيسي البغدادي.
صاحب الإمام الشافعي - رضي الله عنهما -، وأشهرهم بانتياب مجلسه، وأحفظهم لمذهبه.
وله تصانيف كثيرة في أصول الفقه وفروعه، وكان متكلمًا عارفًا بالحديث، وصنف أيضًا في الجرح والتعديل وغيره، وأخذ عنه الفقه خلقٌ كثير.
وتوفي سنة خمس، وقيل: ثمان وأربعين ومئتين، وهو أشبه بالصواب.
والكرابيسي: نسبة إلى الكرابيس، وهي الثياب الغليظة، واحدها كِرْباس- بكسر الكاف -، وهو لفظ فارسي عُرِّب، وكان يبيعها، فنسب إليها.
التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول - أبو الِطيب محمد صديق خان البخاري القِنَّوجي.