الحارث بن أسد المحاسبي
أبي عبد الله الحارث المحاسبي
تاريخ الولادة | 200 هـ |
تاريخ الوفاة | 243 هـ |
العمر | 43 سنة |
مكان الولادة | البصرة - العراق |
مكان الوفاة | بغداد - العراق |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
أَبُو عَبْد اللَّهِ الْحَارِث بْن أسد المحاسبي عديم النظير فِي زمانه علما وورعا ومعاملة وحالا، بصري الأصل , مَات ببغداد سنة ثَلاث وأربعين ومائتين , قيل: إنه ورث من أَبِيهِ سبعين ألف درهم , فلم يأخذ منها شَيْئًا , قيل: لأن أباه كَانَ يَقُول بالقدر، فرأى من الورع أَن لا يأخذ من ميراثه شَيْئًا وَقَالَ: صحت الرواية عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: لا يتوارث أهل ملتين شَيْئًا.
سمعت مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , يَقُول: سمعت الْحُسَيْن بْن يَحْيَي , يَقُول: سمعت جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن نصير , يَقُول: سمعت مُحَمَّد بْن مسروق , يَقُول مَات الْحَارِث بْن أسد المحاسبي وَهُوَ محتاج إِلَى درهم وخلف أبوه ضياعا وعقارا فلم يأخذ منه شَيْئًا.
سمعت الأستاذ أبا عَلِيّ الدقاق رحمه اللَّه تَعَالَى , يَقُول كَانَ الْحَارِث المحاسبي إِذَا مد يده إِلَى طَعَام فِيهِ شبهة تحرك عَلَى إصبعه عرق فكان يمتنع منه.
وَقَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ بْن خفيف اقتدوا بخمسة من شيوخنا والباقون سلموا لَهُمْ حالهم الْحَارِث بْن أسد المحاسبي والجنيد بْن مُحَمَّد وأبو مُحَمَّد رويم وأبو الْعَبَّاسِي بْن عَطَاء وعمرو بْن عُثْمَان الْمَكِّي، لأنهم جمعوا بَيْنَ العلم والحقائق.
سمعت الشيخ أبا عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي رحمه اللَّه , يَقُول: سمعت عَبْد اللَّهِ بْن عَلِيّ الطوسي , يَقُول: سمعت جعفرا الخلدي , يَقُول: سمعت أبا عُثْمَان البلدي , يَقُول: قَالَ الْحَارِث المحاسبي: من صحح باطنه بالمراقبة والإخلاص زين اللَّه ظاهره بالمجاهدة واتباع السنة ويحكي عَنِ الجنيد أَنَّهُ قَالَ: مر بي يوما الْحَارِث المحاسبي فرأيت فِيهِ أثر الجوع فَقُلْتُ: يا عم تدخل الدار وتتناول شَيْئًا؟ فَقَالَ: نعم فدخلت الدار وطلبت شَيْئًا أقدمه إِلَيْهِ فكان فِي الْبَيْت شَيْء من طَعَام حمل إِلَى من عرس قوم فقدمته إِلَيْهِ فأخذ لقمة وأدارها فِي فِيهِ مرات , ثُمَّ إنه قام وألقاها فِي الدهليز ومر فلما رأيته بَعْد ذَلِكَ بأيام , قُلْت لَهُ فِي ذَلِكَ , فَقَالَ: إني كنت جائعا وأردت أَن أسرك بأكلي وأحفظ قلبك ولكني بيني وبين اللَّه سبحانه علامة أَن لا يسوغني طعاما فِيهِ شبهة فلم يمكني ابتلاعه، فمن أين كَانَ لَك ذَلِكَ الطعام؟ فَقُلْتُ: إنه حمل إلي من دار قريب لي من العرس، ثُمَّ قُلْت: تدخل اليوم؟ فَقَالَ: نعم , فقدمت إِلَيْهِ كسرا يابسة كانت لنا فأكل , وَقَالَ: إِذَا قدمت إِلَى فَقِير شَيْئًا فقدم إِلَيْهِ مثل هَذَا.
الرسالة القشيرية. لعبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري.
الْحَارِث بن أَسد [000 - 243]
أَبُو عبد الله المحاسبي
شيخ الْجُنَيْد، وَأحد الْعلمَاء الزهاد.
وَسمي المحاسبي - فِيمَا قرأته بِخَط أبي سعد السَّمْعَانِيّ - لانه كَانَ يُحَاسب نَفسه.
قَالَ: وَقيل: لِأَنَّهُ كَانَت لَهُ حَصى يعدها ويحسبها حَالَة الذّكر.
عده الْأُسْتَاذ أَبُو مَنْصُور التَّمِيمِي فِي الطَّبَقَة الاولى من الشَّافِعِيَّة فِيمَن صحب الشَّافِعِي، وَقَالَ: إِمَام الْمُسلمين فِي الْفِقْه، وَالْأُصُول، والتصوف، والْحَدِيث، وَالْكَلَام، وَكتبه فِي هَذِه الْعُلُوم أصُول من يصنف فِيهَا، وَإِلَيْهِ ينْسب أَكثر متكلمي الصفاتية.
وَقَالَ أَيْضا: لَو لم يكن فِي أَصْحَاب الشَّافِعِي فِي الْفِقْه، وَالْكَلَام، وَالْأُصُول، وَالْقِيَاس، والزهد، والورع، والمعرفة، إِلَّا الْحَارِث بن أَسد المحاسبي لَكَانَ مغبرا فِي وُجُوه مخالفيه، وَالْحَمْد لله على ذَلِك.
قلت: وصحبته للشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنهُ لم أر أحدا ذكرهَا سواهُ، وَلَيْسَ أَبُو مَنْصُور من أهل هَذَا الْفَنّ فيعتمد فِيمَا تفرد بِهِ، والقرائن شاهدة بانتفائها
ذكره الْخَطِيب أَبُو بكر، فَقَالَ: أحد من اجْتمع لَهُ الزّهْد الْمعرفَة بِعلم الظَّاهِر وَالْبَاطِن، وَحدث عَن يزِيد بن هَارُون وطبقته.
روى عَنهُ أَبُو الْعَبَّاس ابْن مَسْرُوق الطوسي وَغَيره.
قَالَ: وللحارث كتب كَثِيرَة فِي الزّهْد، وَفِي أصُول الديانَات، وَالرَّدّ على الْمُخَالفين، والمعتزلة، والرافضة، وَغَيرهم، وَكتبه كَثِيرَة الْفَوَائِد، جمة الْمَنَافِع.
قَالَ: ذكر أَبُو عَليّ ابْن شَاذان يَوْمًا كتاب الْحَارِث فِي " الدِّمَاء "، فَقَالَ: على هَذَا الْكتاب عول أَصْحَابنَا فِي أَمر الدِّمَاء الَّتِي جرت بَين الصَّحَابَة.
قلت: وفهرس ابْن فورك فِي كِتَابه " طَبَقَات الْمُتَكَلِّمين من الْكلابِيَّة ثمَّ الأشعرية " كتب المحاسبي، وفيهَا كِتَابه فِي أَن الْإِيمَان لَيْسَ الطَّاعَات كلهَا، وَذكره الْخَطِيب فِيهَا، وَقَالَ: قَالَ جمَاعَة من مَشَايِخ الصُّوفِيَّة: لَهُ أَكثر من مئتي مُصَنف، وَذكر أَنه تخرج بِأبي مُحَمَّد عبد الله بن سعيد الْقطَّان الملقب - فِيمَا حَكَاهُ هُوَ - كلابا، وَأَصْحَابه كلابية، لِأَنَّهُ كَانَ يجر الْخُصُوم إِلَى نَفسه بِفضل بَيَانه كَأَنَّهُ كلاب.
قَالَ الْجُنَيْد: مَاتَ أَبُو حَارِث المحاسبي يَوْم مَاتَ، وَإِن الْحَارِث لمحتاج إِلَى دانق فضَّة، وَخلف مَالا كثيرا، وَمَا أَخذ مِنْهُ حَبَّة وَاحِدَة، وَقَالَ: " أهل ملتين لَا يتوارثان "، وَكَانَ أَبوهُ واقفياً.
وَهَذَا من حَارِث بِنَاء على تَكْفِير الْقَدَرِيَّة، وَفِيه خلاف، ثمَّ على أَنه يكفر يبْقى التَّوَارُث، وَفِيه أَيْضا خلاف، ذكره الْأُسْتَاذ أَبُو مَنْصُور.
وَقَالَ الْخَطِيب بِإِسْنَادِهِ إِلَى أبي عَليّ ابْن خيران الْفَقِيه قَالَ: رَأَيْت أَبَا عبد الله الْحَارِث بن أَسد بِبَاب الطاق فِي وسط الطَّرِيق مُتَعَلقا بِأَبِيهِ، وَالنَّاس قد اجْتَمعُوا عَلَيْهِ، يَقُول: طلق أُمِّي، فَإنَّك على دين، وَهِي على دين غَيره.
وبإسناد الْخَطِيب أَيْضا إِلَى الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل الْمحَامِلِي القَاضِي قَالَ: قَالَ لي أَبُو بكر ابْن هَارُون ابْن المجدر: سَمِعت جَعْفَر ابْن أخي أبي ثَوْر يَقُول: حضرت وَفَاة الْحَارِث - يَعْنِي المحاسبي - فَقَالَ: إِن رَأَيْت مَا أحب تبسمت إِلَيْكُم، وَإِن رَأَيْت غير ذَلِك تبينتم فِي وَجْهي، قَالَ: فَتَبَسَّمَ، ثمَّ مَاتَ.
قَالَ الْخَطِيب بِإِسْنَادِهِ إِلَى أبي الْقَاسِم النصراباذي قَالَ: بَلغنِي أَن الْحَارِث المحاسبي مَاتَ سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين ومئتين.
-طبقات الفقهاء الشافعية - لابن الصلاح-
الحارث بن أسد المحاسبي - 243 للهجرة
الحارث بن أسد المحاسبي البصري أبي عبد الله. أحد الآوتاد والجامع بين الظاهر والباطن. سمي المحاسبي لأنه كان يحاسب نفسه.
مات سنة ثلاث وأربعين ومائتين.
من كلامه: " من أراد أن يذوق لذة طعم معاشرة أهل الجنة فليحصب الفقراء الصادقين ".
وقال: " المحبة ميلك إلي المحبوب بكليتك، ثم أيثار له علي نفسك وزوجك ومالك، ثم موافقتك له سراَ وجهراَ، ثم علمك بتقصيرك في حبه ":
وروي أنه ورث عن أبيه سبعين ألف درهم، فلم يأخذ منها شيئا، أي لأن أباه كان قدرياً، فتركه وَرَعاً، لاختلاف العلماء في تفكيرهم، وقال: " صحت الرواية أنه لا يتوارث أهل ملتين شيئاً ". ومات وهو محتاج إلى درهم.
وروي أن الله تعالى عن ذلك أنه كان إذا مد يده إلي الطعام فيه شبهة تحرك إصبعه عرق، فكان يمتنع منه.
وقال الجنيد: " مربي يوماً، فرأيت فيه أثر الجوع، فقلت: " يا عم، ندخل الدار وتتناول شيئاً؟ "، فقال: " نعم " فدخلت الدار، وحملت إليه طعاماً، من عرس قوم؛ فأخذ لقمة وأدارها في فيه مراراً، ثم قام وألقاها في الدهليز وفرَ، فلما رأيته بعد أيام، قلن له في ذلك، فقال: " أني كنت جائعاً أن أسرك بأكلي وأحفظ قلبك، ولكن بينيوبين الله علامة: ألا يسوغني طعاما فيه شبهة، فلم يمكنني ابتلاعه، فمن أين كان ذلك الطعام؟ ". فقالت: " أنه حمل من دار قريب لي من العرس " ثم
قلت له: " تدخل اليوم؟ " فقال: " نعم " فقدمت اليه كسراً كانت لنا فأكل، وقال: " إذا قدمت إلي فقير شيئاً فقدم مثل هذا ".
وقيل: أنشد قوال بين يديه هذه الأبيات:
أنا في الغربة أبكي ... ما بكت عين غريبِ
لم أكن يومي خروجي ... من بلادي بمصيبِ
عجباً لي ولتركي ... وطناً فيه حبيبي
أنا أن مت غراماً ... فأجعلوا حبي طبيبي
فقام وتواجد وبكي حتى رحمه كل من حضره ".
طبقات الأولياء - لابن الملقن سراج الدين أبي حفص عمر بن علي بن أحمد الشافعي المصري.
الْحَارِث بن أَسد المحاسبي وكنيته أبي عبد الله
من عُلَمَاء مَشَايِخ الْقَوْم بعلوم الظَّاهِر وعلوم الْمُعَامَلَات والإشارات لَهُ التصانيف الْمَشْهُورَة مِنْهَا كتاب الرِّعَايَة لحقوق الله وَغَيره وَهُوَ أستاذ أَكثر البغداديين وَهُوَ من أهل الْبَصْرَة مَاتَ بِبَغْدَاد سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وَأسْندَ الحَدِيث
حَدثنَا عَليّ بن عمر بن أَحْمد الْحَافِظ قَالَ حَدثنَا أَحْمد بن الْقَاسِم أَخُو أبي اللَّيْث حَدثنَا الْحَارِث بن أَسد الْعَنزي المحاسبي حَدثنَا يزِيد بن هَارُون حَدثنَا شُعْبَة عَن الْقَاسِم بن أبي بزَّة عَن عَطاء الكيخاراني عَن أم الدَّرْدَاء عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أثقل مَا يوضع فِي الْمِيزَان حسن الْخلق
سَمِعت أَبَا بكر مُحَمَّد بن عبد الله الرَّازِيّ يَقُول سَمِعت أَبَا عمر لأنماطي يَقُول سَمِعت الْجُنَيْد يَقُول سَمِعت الْحَارِث المحاسبي يَقُولالْأنمَاطِي يَقُول سَمِعت الْجُنَيْد يَقُول سَمِعت الْحَارِث المحاسبي يَقُول المحاسبة والموازنة فِي أَرْبَعَة مَوَاطِن فِيمَا بَين الْإِيمَان وَالْكفْر وَفِيمَا بَين الصدْق وَالْكذب وَبَين التَّوْحِيد والشرك وَبَين الْإِخْلَاص والرياء
قَالَ وَقَالَ الْحَارِث من اجْتهد فِي بَاطِنه وَرثهُ الله حسن مُعَاملَة مُعَاملَة ظَاهِرَة وَمن حسن مُعَامَلَته فِي ظَاهره مَعَ جهد بَاطِنه وَرثهُ الله تَعَالَى الْهِدَايَة إِلَيْهِ لقَوْله عز وَجل {وَالَّذين جاهدوا فِينَا لنهدينهم سبلنا} (العنكبوت 29)
سَمِعت عبد الله بن عَليّ الطوسي يَقُول سَمِعت الْخُلْدِيِّ يَقُول سَمِعت أَبَا عُثْمَان الْبَلَدِي يَقُول بَلغنِي عَن حَارِث المحاسبي أَنه قَالَ الْعلم يُورث المخافة والزهد يُورث الرَّاحَة والمعرفة تورث الْإِنَابَة
قَالَ وَقَالَ الْحَارِث خِيَار هَذِه الْأمة الَّذين لَا تشغلهم آخرتهم عَن دنياهم وَلَا دنياهم عَن آخرتهم
قَالَ وَقَالَ الْحَارِث الَّذِي يبْعَث العَبْد على التَّوْبَة ترك الْإِصْرَار وَالَّذِي يَبْعَثهُ على ترك الْإِصْرَار مُلَازمَة الْخَوْف
قَالَ وَقَالَ الْحَارِث لَا يَنْبَغِي أَن يطْلب العَبْد الْوَرع بتضييع الْوَاجِب
قَالَ وَقَالَ الْحَارِث أَكثر شغل الْحَكِيم فِيمَا يُوجِبهُ عَلَيْهِ الْوَقْت وَالَّذِي هُوَ أولى بِهِ فِيهِ
قَالَ وَقَالَ الْحَارِث صفة الْعُبُودِيَّة لَا ترى لنَفسك ملكا وَتعلم أَنَّك لَا تملك لنَفسك ضرا وَلَا نفعا
قَالَ وَقَالَ الْحَارِث التَّسْلِيم هُوَ الثُّبُوت عِنْد نزُول الْبلَاء من غير تغير مِنْهُ فِي الظَّاهِر وَالْبَاطِن
قَالَ وَسُئِلَ الْحَارِث عَن الرَّجَاء فَقَالَ الطمع فِي فضل الله تَعَالَى وَرَحمته وَصدق حسن الظَّن عِنْد نزُول الْمَوْت
قَالَ وَقَالَ الْحَارِث الْحزن على وُجُوه حزن على فقد أَمر يحب وجوده وحزن مَخَافَة أَمر الْمُسْتَقْبل وحزن لما أحب من الظفر بِأَمْر فَيتَأَخَّر عَن مُرَاده وحزن يتَذَكَّر من نَفسه مخالفات الْحق فيحزن لَهُ
قَالَ وَقَالَ الْحَارِث حسن الْخلق احْتِمَال الْأَذَى الْأَذَى وَقلة الْغَضَب وَبسط الْوَجْه وَطيب الْكَلَام
قَالَ وَقَالَ الْحَارِث لكل شَيْء جَوْهَر وجوهر الْإِنْسَان الْعقل وجوهر الْعقل الصَّبْر
قَالَ وَقَالَ الْحَارِث الْعَمَل بحركات الْقُلُوب فِي مطالعات الغيوب أشرف من الْعَمَل بحركات الْجَوَارِح
قَالَ وَقَالَ الْحَارِث من طبع على الْبِدْعَة مَتى يشيع فِيهِ الْحق
قَالَ وَقَالَ الْحَارِث إِذا أَنْت لم تسمع نِدَاء الله فَكيف تجيب دَاعِي الله
وَمن اسْتغنى بِشَيْء دون الله جهل قدر الله
قَالَ وَقَالَ الْحَارِث الظَّالِم نادم وَإِن مدحه النَّاس والمظلوم سَالم وَإِن ذمه النَّاس والقانع غَنِي وَإِن جَاع والحريص فَقير وَإِن ملك
قَالَ وَقَالَ الْحَارِث من صحّح بَاطِنه بالمراقبة وَالْإِخْلَاص زين الله ظَاهره بالمجاهدة وَاتِّبَاع السّنة
سَمِعت أَبَا بكر مُحَمَّد بن عبد الله الرَّازِيّ يَقُول سَمِعت أَبَا عُثْمَان يَقُول أنْشد قَوَّال بَين يَدي الْحَارِث المحاسبي هَذِه الأبيات
(أَنا فِي الغربة أبْكِي ... مَا بَكت عين غَرِيب)
(لم أكن يَوْم خروجي ... من بلادي بمصيب)
(عجبا لي ولتركي ... وطنا فِيهِ حَبِيبِي)
فَقَامَ يتواجد ويبكي حَتَّى رَحمَه كل من حَضَره
قَالَ وَسُئِلَ الْحَارِث من أقهر النَّاس لنَفسِهِ فَقَالَ الراضي بالمقدور
قَالَ وَقَالَ الْحَارِث الْخلق كلهم معذورون فِي الْعقل مأخوذون فِي الحكم
قَالَ وَقَالَ الْحَارِث من لم يشْكر الله على النِّعْمَة فقد استدعى زَوَالهَا
قَالَ وَقَالَ الْحَارِث أكمل العاقلين من أقرّ بِالْعَجزِ أَنه لَا يبلغ كنه مَعْرفَته.
طبقات الصوفية - لأبي عبد الرحمن السلمي.
الْحَارِث بن أَسد المحاسبي أَبِي عبد الله
علم العارفين فى زَمَانه وأستاذ السائرين الْجَامِع بَين علمى الْبَاطِن وَالظَّاهِر شيخ الْجُنَيْد
وَيُقَال إِنَّمَا سمى المحاسبى لِكَثْرَة محاسبته لنَفسِهِ
قَالَ ابْن الصّلاح ذكره الْأُسْتَاذ أَبُو مَنْصُور فى الطَّبَقَة الأولى فِيمَن صحب الشافعى وَقَالَ كَانَ إِمَام الْمُسلمين فى الْفِقْه والتصوف والْحَدِيث وَالْكَلَام وَكتبه فى هَذِه الْعُلُوم أصُول من يصنف فِيهَا وَإِلَيْهِ ينْسب أَكثر متكلمى الصفاتية
ثمَّ قَالَ لَو لم يكن فِي أَصْحَاب الشافعى فى الْفِقْه وَالْكَلَام وَالْأُصُول وَالْقِيَاس والزهد والورع والمعرفة إِلَّا الْحَارِث المحاسبى لَكَانَ مغبرا فى وُجُوه مخالفيه وَالْحَمْد لله على ذَلِك
قَالَ ابْن الصّلاح صحبته للشافعى لم أر أحدا ذكرهَا سواهُ وَلَيْسَ أَبُو مَنْصُور من أهل هَذَا الْفَنّ فيعتمد فِيمَا تفرد بِهِ والقرائن شاهدة بانتفائها
قلت إِن كَانَ أَبُو مَنْصُور صرح بِأَنَّهُ صحب الشافعى فالاعتراض عَلَيْهِ لائح وَإِلَّا فقد يكون أَرَادَ بالطبقة الأولى من عاصر الشافعى وَكَانَ فى طبقَة الآخذين عَنهُ وَقد ذكره فى الطَّبَقَة الأولى أَيْضا أَبُو عَاصِم العبادى وَقَالَ كَانَ مِمَّن عاصر الشافعى وَاخْتَارَ مذْهبه وَلم يقل كَانَ مِمَّن صَحبه فَلَعَلَّ هَذَا الْقدر مُرَاد أَبى مَنْصُور
روى الْحَارِث عَن يزِيد بن هَارُون وطبقته
روى عَنهُ أَبُو الْعَبَّاس بن مَسْرُوق وَأحمد بن الْحسن بن عبد الْجَبَّار الصوفى وَالشَّيْخ الْجُنَيْد وَإِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق السراج وَأَبُو على الْحُسَيْن بن خيران الْفَقِيه وَغَيرهم
قَالَ الْخَطِيب لَهُ كتب كَثِيرَة فى الزّهْد وأصول الدّيانَة وَالرَّدّ على الْمُعْتَزلَة والرافضة
قلت كتبه كَثِيرَة الْفَوَائِد جمة الْمَنَافِع وَقَالَ جمع من الصُّوفِيَّة إِنَّهَا تبلغ مائتى مُصَنف
قَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو عبد الله بن خَفِيف اقتدوا بِخَمْسَة من شُيُوخنَا وَالْبَاقُونَ سلمُوا إِلَيْهِم أَحْوَالهم الْحَارِث بن أَسد المحاسبى والجنيد بن مُحَمَّد وَأَبُو مُحَمَّد رُوَيْم وَأَبُو الْعَبَّاس بن عَطاء وَعَمْرو بن عُثْمَان المكى لأَنهم جمعُوا بَين الْعلم والحقائق
وَقَالَ جَعْفَر الخلدى سَمِعت الْجُنَيْد يَقُول كنت كثيرا أَقُول لِلْحَارِثِ عزلتى أنسى فَيَقُول كم تَقول أنسى وعزلتى لَو أَن نصف الْخلق تقربُوا منى مَا وجدت بهم أنسا وَلَو أَن نصف الْخلق الآخر نأوا عَنى مَا استوحشت لبعدهم
قَالَ وَسمعت الْجُنَيْد يَقُول كَانَ الْحَارِث كثير الضّر فاجتاز بى يَوْمًا وَأَنا جَالس على بابنا فَرَأَيْت على وَجهه زِيَادَة الضّر من الْجُوع فَقلت لَهُ يَا عَم لَو دخلت إِلَيْنَا نلْت من شئ من عندنَا وعمدت إِلَى بَيت عمى وَكَانَ أوسع من بيتنا لَا يَخْلُو من أَطْعِمَة فاخرة لَا يكون مثلهَا فى بيتنا سَرِيعا فَجئْت بأنواع كَثِيرَة من الطَّعَام فَوَضَعته بَين يَدَيْهِ فَمد يَده فَأخذ لقْمَة فَرَفعهَا إِلَى فِيهِ فرأيته يعلكها وَلَا يزدردها ثمَّ وثب وَخرج وَمَا كلمنى فَلَمَّا كَانَ الْغَد لَقيته فَقلت لَهُ يَا عَم سررتنى ثمَّ نغصت على قَالَ يَا بنى أما الْفَاقَة فَكَانَت شَدِيدَة وَقد اجتهدت فى أَن أنال من الطَّعَام الذى قَدمته إِلَى وَلَكِن بينى وَبَين الله عَلامَة إِذا لم يكن الطَّعَام مرضيا ارْتَفع إِلَى أنفى مِنْهُ زفرَة فَلم تقبله نفسى فقد رميت بِتِلْكَ اللُّقْمَة فى دهليزكم
وفى رِوَايَة أُخْرَى كَانَ إِذا مد يَده إِلَى طَعَام فِيهِ شُبْهَة تحرّك لَهُ عرق فى أُصْبُعه فَيمْتَنع مِنْهُ
وَقَالَ الْجُنَيْد مَاتَ أَبُو الْحَارِث يَوْم مَاتَ وَإِن الْحَارِث لمحتاج إِلَى دانق فضَّة وَخلف أَبوهُ مَالا كثيرا وَمَا أَخذ مِنْهُ حَبَّة وَاحِدَة وَقَالَ أهل ملتين لَا يتوارثان وَكَانَ أَبوهُ رَافِضِيًّا
وَقَالَ أَبُو على بن خيران الْفَقِيه رَأَيْت الْحَارِث بِبَاب الطاق فى وسط الطَّرِيق مُتَعَلقا بِأَبِيهِ وَالنَّاس قد اجْتَمعُوا عَلَيْهِ يَقُول أمى طَلقهَا فَإنَّك على دين وهى على دين غَيره
وَهَذَا من الْحَارِث بِنَاء على القَوْل بتكفير الْقَدَرِيَّة فَلَعَلَّهُ كَانَ يرى ذَلِك وَأما الْحِكَايَة الْمُتَقَدّمَة فى أَنه لم يَأْخُذ من مِيرَاث أَبِيه فَلَعَلَّهُ ترك الْأَخْذ من مِيرَاثه ورعا لِأَنَّهُ فى مَحل الْخلاف إِذْ فى تَكْفِير الْقَدَرِيَّة خلاف وفى نفى التَّوَارُث بِنَاء على التَّكْفِير أَيْضا خلاف وَابْن الصّلاح جعل عدم أَخذه من مِيرَاث أَبِيه دَلِيلا مِنْهُ على أَنه يَقُول بالتكفير وَفِيه نظر لاحْتِمَال أَنه فعل ذَلِك ورعا وَقد صرح بَعضهم بذلك وَبِأَن الله عوضه عَن ذَلِك بِأَنَّهُ كَانَ لَا يدْخل بَطْنه إِلَّا الْحَلَال الْمَحْض كَمَا تقدم
وَأما حمله أَبَاهُ على أَن يُطلق امْرَأَته فصريح فى أَنه كَانَ يرى التَّكْفِير إِذْ لَا مَحل للورع هُنَا
وَقيل أنْشد قَوَّال بَين يدى الْحَارِث هَذِه الأبيات
(أَنا فى الغربة أبكى ... مَا بَكت عين غَرِيب)
(لم أكن يَوْم خروجى ... من بلادى بمصيب)
(عجبا لى ولتركى ... وطنا فِيهِ حبيبى)
فَقَامَ يتواجد ويبكى حَتَّى رَحمَه كل من حَضَره
وروى الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل المحاملى القاضى قَالَ قَالَ أَبُو بكر بن هَارُون بن المجدر
سَمِعت جَعْفَر ابْن أخى أَبى ثَوْر يَقُول حضرت وَفَاة الْحَارِث فَقَالَ إِن رَأَيْت مَا أحب تبسمت إِلَيْكُم وَإِن رَأَيْت غير ذَلِك تنسمتم فى وجهى قَالَ فَتَبَسَّمَ ثمَّ مَاتَ
قَوْله تنسمتم فى وجهى بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق بعْدهَا نون ثمَّ سين ضبطناه لِئَلَّا يتصحف
توفى الْحَارِث سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
ذكر الْبَحْث عَمَّا كَانَ بَينه وَبَين الإِمَام أَحْمد
أول مَا نقدمه أَنه ينبغى لَك أَيهَا المسترشد أَن تسلك سَبِيل الْأَدَب مَعَ الْأَئِمَّة الماضين وَأَن لَا تنظر إِلَى كَلَام بَعضهم فى بعض إِلَّا إِذا أَتَى ببرهان وَاضح ثمَّ إِن قدرت على التَّأْوِيل وتحسين الظَّن فدونك وَإِلَّا فَاضْرب صفحا عَمَّا جرى بَينهم فَإنَّك لم تخلق لهَذَا فاشتغل بِمَا يَعْنِيك ودع مَالا يَعْنِيك وَلَا يزَال طَالب الْعلم عندى نبيلا حَتَّى يَخُوض فِيمَا جرى بَين السّلف الماضين وَيقْضى لبَعْضهِم على بعض فإياك ثمَّ إياك أَن تصغى إِلَى مَا اتّفق بَين أَبى حنيفَة وسُفْيَان الثورى أَو بَين مَالك وَابْن أَبى ذِئْب أَو بَين أَحْمد بن صَالح والنسائى أَو بَين أَحْمد ابْن حَنْبَل والْحَارث المحاسبى وهلم جرا إِلَى زمَان الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام وَالشَّيْخ تقى الدّين بن الصّلاح فَإنَّك إِن اشتغلت بذلك خشيت عَلَيْك الْهَلَاك فالقوم أَئِمَّة أَعْلَام ولأقوالهم محامل رُبمَا لم يفهم بَعْضهَا فَلَيْسَ لنا إِلَّا الترضى عَنْهُم وَالسُّكُوت عَمَّا جرى بَينهم كَمَا يفعل فِيمَا جرى بَين الصَّحَابَة رضى الله عَنْهُم
إِذا عرفت ذَلِك فَاعْلَم أَن الإِمَام أَحْمد رضى الله عَنهُ كَانَ شَدِيد النكير على من يتَكَلَّم فى علم الْكَلَام خوفًا أَن يجر ذَلِك إِلَى مَا لَا ينبغى وَلَا شكّ أَن السُّكُوت عَنهُ مَا لم تدع إِلَيْهِ الْحَاجة أولى وَالْكَلَام فِيهِ عِنْد فقد الْحَاجة بِدعَة وَكَانَ الْحَارِث قد تكلم فى شئ من مسَائِل الْكَلَام
قَالَ أَبُو الْقَاسِم النصراباذى بلغنى أَن أَحْمد ابْن حَنْبَل هجره بِهَذَا السَّبَب
قلت وَالظَّن بِالْحَارِثِ أَنه إِنَّمَا تكلم حِين دعت الْحَاجة وَلكُل مقصد وَالله يرحمهما
وَذكر الْحَاكِم أَبُو عبد الله أَن أَبَا بكر أَحْمد بن إِسْحَاق الصبغى أخبرهُ قَالَ سَمِعت إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق السراج يَقُول قَالَ لى أَحْمد بن حَنْبَل بلغنى أَن الْحَارِث هَذَا يكثر الْكَوْن عنْدك فَلَو أحضرته مَنْزِلك وأجلستنى من حَيْثُ لَا يرانى فَأَسْمع كَلَامه فقصدت الْحَارِث وَسَأَلته أَن يحضرنا تِلْكَ اللَّيْلَة وَأَن يحضر أَصْحَابه فَقَالَ فيهم كَثْرَة فَلَا تزدهم على الْكسْب وَالتَّمْر فَأتيت أَبَا عبد الله فأعلمته فَحَضَرَ إِلَى غرفَة واجتهد فى ورده وَحضر الْحَارِث وَأَصْحَابه فَأَكَلُوا ثمَّ صلوا الْعَتَمَة وَلم يصلوا بعْدهَا وقعدوا بَين يدى الْحَارِث لَا ينطقون إِلَى قريب نصف اللَّيْل ثمَّ ابْتَدَأَ رجل مِنْهُم فَسَأَلَ عَن مَسْأَلَة فَأخذ الْحَارِث فى الْكَلَام وَأَصْحَابه يَسْتَمِعُون كَأَن على رؤوسهم الطير فَمنهمْ من يبكى وَمِنْهُم من يحن وَمِنْهُم من يزعق وَهُوَ فى كَلَامه فَصَعدت الغرفة لأتعرف حَال أَبى عبد الله فَوَجَدته قد بَكَى حَتَّى غشى عَلَيْهِ فَانْصَرَفت إِلَيْهِم وَلم تزل تِلْكَ حَالهم حَتَّى أَصْبحُوا وذهبوا فَصَعدت إِلَى أَبى عبد الله فَقَالَ مَا أعلم أَنى رَأَيْت مثل هَؤُلَاءِ الْقَوْم وَلَا سَمِعت فى علم الْحَقَائِق مثل كَلَام هَذَا الرجل وَمَعَ هَذَا فَلَا أرى لَك صحبتهم ثمَّ قَامَ وَخرج وفى رِوَايَة أُخْرَى أَن أَحْمد قَالَ لَا أنكر من هَذَا شَيْئا
قلت تَأمل هَذِه الْحِكَايَة بِعَين البصيرة وَاعْلَم أَن أَحْمد بن حَنْبَل إِنَّمَا لم ير لهَذَا الرجل صحبتهم لقصوره عَن مقامهم فَإِنَّهُم فى مقَام ضيق لَا يسلكه كل أحد فيخاف على سالكه وَإِلَّا فَأَحْمَد قد بَكَى وشكر الْحَارِث هَذَا الشُّكْر وَلكُل رأى واجتهاد حشرنا الله مَعَهم أَجْمَعِينَ فى زمرة سيد الْمُرْسلين صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى آله وَأَصْحَابه وَسلم
ذكر شىء من الرِّوَايَة عَن الْحَارِث
أخبرنَا الْحَافِظ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن المظفر النابلسى بقراءتى عَلَيْهِ أخبرنَا أقضى الْقُضَاة جمال الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن نجم الدّين مُحَمَّد بن سَالم بن يُوسُف بن صاعد بن السّلم النابلسى قِرَاءَة عَلَيْهِ وَأَنا أسمع أخبرنَا الشَّيْخ تقى الدّين أَبُو على الْحسن بن أَحْمد بن يُوسُف الأوقى سَمَاعا أخبرنَا الْحَافِظ أَبُو طَاهِر أَحْمد بن مُحَمَّد السلفى سَمَاعا عَلَيْهِ
ح وَكتب إِلَى أَحْمد بن على الجزرى وَفَاطِمَة بنت إِبْرَاهِيم وَغَيرهمَا عَن مُحَمَّد بن عبد الهادى عَن السلفى أخبرنى الشَّيْخ أَبُو بكر أَحْمد بن على بن الْحُسَيْن فِيمَا قَرَأت عَلَيْهِ من أصل سَمَاعه بِمَدِينَة السَّلَام فى ذى الْقعدَة سنة خمس وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة أخبرنَا والدى أَبُو الْحسن عَليّ بن الْحُسَيْن الطريشيثى الصوفى حَدثنَا أَبُو سعد أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله المالينى لفظا أخبرنَا أَبُو الْحسن على بن أَحْمد الشمشاطى حَدثنَا أَحْمد بن الْقَاسِم بن نصر أخبرنَا الْحَارِث بن أَسد المحاسبى الْعَنزي أخبرنَا يزِيد بن هَارُون عَن شُعْبَة عَن الْقَاسِم بن أَبى بزَّة عَن عَطاء الكيخارانى أَو الخراسانى عَن أم الدَّرْدَاء عَن أَبى الدَّرْدَاء قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أثقل مَا يوضع فى ميزَان العَبْد يَوْم الْقِيَامَة حسن الْخلق)
أخبرنَا الشَّيْخ الْمسند تَاج الدّين عبد الرَّحِيم بن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن أَبى الْيُسْر قِرَاءَة عَلَيْهِ وَأَنا أسمع أخبرنَا جدى أَبُو مُحَمَّد إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم أخبرنَا عبد اللَّطِيف بن إِسْمَاعِيل بن أَبى سعد النيسابورى
ح وَأخْبرنَا أَبُو الْفضل مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن عمر بن الحموى قِرَاءَة عَلَيْهِ وَأَنا أسمع أخبرنَا ابْن البخارى أخبرنَا ابْن طبرزد
ح وَأخْبرنَا الْوَالِد تغمده الله برحمته قِرَاءَة عَلَيْهِ أخبرنَا أَبُو مُحَمَّد الدمياطى الْحَافِظ أخبرنَا يُوسُف بن خَلِيل الْحَافِظ أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم الأزجى أخبرنَا أَبُو طَالب اليوسفى قَالَ النيسابورى وَابْن طبرزد أخبرنَا القاضى أَبُو بكر مُحَمَّد بن عبد الباقى الأنصارى قَالَ سَمِعت وَقَالَ اليوسفى قَالَ النيسابورى أخبرنَا أَبُو مُحَمَّد الْحسن بن على الجوهرى سَمِعت أَبَا عبد الله الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عبيد العسكرى يَقُول سَمِعت أَبَا الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن مَسْرُوق يَقُول سَمِعت حارثا المحاسبى يَقُول ثَلَاثَة أَشْيَاء عزيزة أَو مَعْدُومَة حسن الْوَجْه مَعَ الصيانة وَحسن الْخلق مَعَ الدّيانَة وَحسن الإخاء مَعَ الْأَمَانَة
أخبرنَا الْحَافِظ أَبُو الْعَبَّاس بن المظفر بقراءتى عَلَيْهِ أخبرنَا ابْن السّلم أخبرنَا الأوقى أخبرنَا السلفى أخبرنى الشَّيْخ أَبُو بكر أَحْمد بن على بن الْحُسَيْن بن زَكَرِيَّا الصوفى فِيمَا قَرَأت عَلَيْهِ أخبرنَا والدى أَبُو الْحسن على بن الْحُسَيْن الطريثيثى الصوفى حَدثنَا أَبُو سعد أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن حَفْص بن خَلِيل الهروى المالينى لفظا أخبرنَا أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل ابْن بنت أَبى حَفْص النسائى أخبرنَا أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد الملطى أخبرنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَبى شيخ قَالَ قَالَ لى أَحْمد بن الْحسن الأنصارى سَأَلت الْحَارِث المحاسبى عَن الْعقل فَقَالَ هُوَ نور الغريزة مَعَ التجارب يزِيد ويقوى بِالْعلمِ والحلم
قلت هَذَا الذى قَالَه الْحَارِث فى الْعقل قريب مِمَّا نقل عَنهُ أَنه غريزة يَتَأَتَّى بهَا دَرك الْعُلُوم وسنتكلم عَن ذَلِك
وَمن كَلِمَات الْحَارِث والفوائد عَنهُ
أصل الطَّاعَة الْوَرع وأصل الْوَرع التَّقْوَى وأصل التَّقْوَى محاسبة النَّفس وأصل محاسبة النَّفس الْخَوْف والرجاء وأصل الْخَوْف والرجاء معرفَة الْوَعْد والوعيد وأصل معرفَة الْوَعْد والوعيد دَاء عَظِيم الْجَزَاء وأصل ذَلِك الفكرة وَالْعبْرَة وأصدق بَيت قالته الْعَرَب قَول حسان بن ثَابت الأنصارى رضى الله عَنهُ
(وَمَا حملت من نَاقَة فَوق كورها ... أعز وأوفى ذمَّة من مُحَمَّد)
قلت وَهَذَا حق وَنَظِير هَذَا الْبَيْت فى الصدْق قَول حسان أَيْضا
(وَمَا فقد الماضون مثل مُحَمَّد ... وَلَا مثله حَتَّى الْقِيَامَة يفقد)
وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أصدق كلمة قَالَهَا لبيد
(أَلا كل شىء مَا خلا الله بَاطِل ... )
ذَاك أصدق كَلِمَات لبيد نَفسه فَلَا ينافى هَذَا
وَقَالَ الْحَارِث الْعلم يُورث المخافة والزهد يُورث الرَّاحَة والمعرفة تورث الْإِنَابَة وَخيَار هَذِه الْأمة الَّذين لَا تشغلهم آخرتهم عَن دنياهم وَلَا دنياهم عَن آخرتهم وَمن حسنت مُعَامَلَته فى ظَاهره مَعَ جهد بَاطِنه وَرثهُ الله الْهِدَايَة إِلَيْهِ لقَوْله عز وَجل {وَالَّذين جاهدوا فِينَا لنهدينهم سبلنا وَإِن الله لمع الْمُحْسِنِينَ}
وَقَالَ حسن الْخلق احْتِمَال الْأَذَى وَقلة الْغَضَب وَبسط الرَّحْمَة وَطيب الْكَلَام وَلكُل شىء جَوْهَر وجوهر الْإِنْسَان الْعقل وجوهر الْعقل الصَّبْر وَالْعَمَل بحركات الْقُلُوب فى مطالعات الغيوب أشرف من الْعَمَل بحركات الْجَوَارِح
وَقَالَ إِذا أَنْت لم تسمع نِدَاء الله فَكيف تجيب دَعَاهُ وَمن اسْتغنى بشىء دون الله جهل قدر الله والظالم نادم وَإِن مدحه النَّاس والمظلوم سَالم وَإِن ذمه النَّاس والقانع غنى وَإِن جَاع والحريص فَقير وَإِن ملك وَمن لم يشْكر الله تَعَالَى على النِّعْمَة فقد استدعى زَوَالهَا
قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ فى الْبُرْهَان عِنْد الْكَلَام فى تَعْرِيف الْعقل وَمَا حوم عَلَيْهِ أحد من عُلَمَائِنَا غير الْحَارِث المحاسبى فَإِنَّهُ قَالَ الْعقل غريزة يَتَأَتَّى بهَا دَرك الْعُلُوم وَلَيْسَت مِنْهَا انْتهى
وَقد ارتضى الإِمَام كَلَام الْحَارِث هَذَا كَمَا ترى وَقَالَ عَقِيبه إِنَّه صفة إِذا ثبتَتْ يَتَأَتَّى بهَا التَّوَصُّل إِلَى الْعُلُوم النظرية ومقدماتها من الضروريات الَّتِى هى من مُسْتَند النظريات انْتهى
وَهُوَ مِنْهُ بِنَاء على أَن الْعقل لَيْسَ بِعلم والمعزو إِلَى الشَّيْخ أَبى الْحسن الأشعرى أَنه الْعلم
وَقَالَ القاضى أَبُو بكر إِنَّه بعض الْعُلُوم الضرورية
وَالْإِمَام حكى فى الشَّامِل مقَالَة الْحَارِث هَذِه الَّتِى استحسنها هُنَا وَقَالَ إِنَّا لَا نرضاها ونتهم فِيهَا النقلَة عَنهُ
ثمَّ قَالَ وَلَو صَحَّ النَّقْل عَنهُ فَمَعْنَاه أَن الْعقل لَيْسَ بِمَعْرِِفَة الله تَعَالَى وَهُوَ إِذا أطلق الْمعرفَة أَرَادَ بهَا معرفَة الله فَكَأَنَّهُ قَالَ لَيْسَ الْعقل بِنَفسِهِ بِمَعْرِِفَة الله تَعَالَى وَلكنه غريزة وعنى بالغريزة أَنه عَالم لأمر جبل الله عَلَيْهِ الْعَاقِل ويتوصل بِهِ إِلَى معرفَة الله انْتهى كَلَامه فى الشَّامِل
وَالْمَنْقُول عَن الْحَارِث ثَابت عَنهُ وَقد نَص عَلَيْهِ فى كتاب الرِّعَايَة وَكَأن إِمَام الْحَرَمَيْنِ نظر كَلَام الْحَارِث بعد ذَلِك ثمَّ لَا حت لَهُ صِحَّته بَعْدَمَا كَانَ لَا يرضاه
وَاعْلَم أَنه لَيْسَ فى ارتضاء مَذْهَب الْحَارِث واعتقاده مَا ينْتَقد وَلَا يلْزمه قَول بالطبائع وَلَا شىء من مقالات الفلاسفة كَمَا ظَنّه بعض شرَّاح كتاب الْبُرْهَان وَقد قَررنَا هَذَا فى غير هَذَا الْموضع وَقَول إِمَام الْحَرَمَيْنِ إِنَّه أَرَادَ معرفَة الله مَمْنُوع فقد قدمنَا عَن الْحَارِث بِالْإِسْنَادِ قَوْله إِنَّه نور الغريزة يقوى وَيزِيد بالتقوى نعم الْحَارِث لَا يُرِيد بِكَوْنِهِ نورا مَا تدعيه الفلاسفة
طبقات الشافعية الكبرى للإمام السبكي
أبو عبد الله الحارث بن أسد المحاسبي البصري الأصل الزاهد المشهور؛ أحد رجال الحقيقة ، وهو ممن اجتمع له علم الظاهر والباطن، وله كتب في الزهد والأصول وكتاب " الرعاية " له، وكان قد ورث من أبيه سبعين ألف درهم، فلم يأخذ منها شيئاً، قيل: لأن أباه كان يقول بالقدر، فرأى من الورع أن لا يأخذ ميراثه، وقال: صحت الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يتوارث أهل ملتين شتى) ، ومات وهو محتاج إلى درهم.
ويحكى عنه أنه كان إذا مد يده إلى طعام فيه شبهة تحرك على إصبعه عرق، فكان يمتنع منه. وسئل عن العقل ما هو، فقال: نور الغريزة مع التجارب، يزيد ويقوى بالعلم والحلم. وكان يقول: فقدنا ثلاثة أشياء: حسن الوجه مع الصيانة، وحسن القول مع الأمانة، وحسن الإخاء مع الوفاء وتوفي في سنة ثلاث وأربعين ومائتين، رحمه الله تعالى.
والمحاسبي: بضم الميم وفتح الحاء المهملة وبعد الألف سين مهملة مكسورة وبعدها باء موحدة. قال السمعاني : وعرف بهذه النسبة، لأنه كان يحاسب نفسه، وقال: كان أحمد بن حنبل رضي الله عنه يكرهه لنظره في علم الكلام وتصنيفه فيه، وهجره فاستخفى من العامة، فلما مات لم يصل عليه إلا أربعة نفر. وله مع الجنيد بن محمد حكايات مشهورة.
وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - لأبو العباس شمس الدين أحمد ابن خلكان البرمكي الإربلي
الحارث بن أسد المحاسبي، أبو عبد الله:
من أكابر الصوفية. كان عالما بالأصول والمعاملات، واعظا مُبكياً، وله تصانيف في الزهد والرد على المعتزلة وغيرهم. ولد ونشأ بالبصرة، ومات ببغداد. وهو أستاذ أكثر البغداديين في عصره. من كتبه (آداب النفوس - خ) صغير، و (شرح المعرفة - خ) تصوف، و (المسائل في أعمال القلوب والجوارح - ط) رسالة، و (المسائل في الزهد وغيره - خ) رسالة و (البعث والنشور - خ) رسالة، و (مائية العقل ومعناه واختلاف الناس فيه - خ) و (الرعاية لحقوق الله عزوجل - ط) و (الخلوة والتنقل في العبادة - ط) و (معاتبة النفس - خ) في الأزهرية، و (كتاب التوهم - ط) و (رسالة المسترشدين - ط) ومن كلامه: خيار هذه الأمة الذين لا تشغلهم آخرتهم عن دنياهم ولا دنياهم عن آخرتهم .
-الاعلام للزركلي-
العارف بالله، أبو عبد الله الحارث بن أسد المُحَاسِبي، المتوفى ببغداد سنة ثلاث وأربعين ومائتين عن ... كان بصري الأصل ورث من أبيه سبعين ألف درهم فلم يأخذ شيئاً، لأن أباه كان يقول بالقدر، وسُمي بالمحاسِبي -بكسر السين- لأنه كان يُحاسب نفسه. وهو ممن اجتمع له علم الظّاهر والباطن وله كتب في الزهد والأصول، منها كتاب "الرِّعاية" وكان أحمد بن حنبل يكرهه لنظره في علم الكلام وتصنيفه فيه فاستخفى من العامة، فلما مات لم يصلِّ عليه إلا أربعة نفر. كذا في "نوادر الأخبار".
خلَّف أبوه مالاً كثيراً وما أخذ منه حبة لكونه رافضياً ومصنَّفاته كثيرة، يقال إنها بلغت مائة مصنّف، أكثرها في أصول الدين والردِّ على المخالفين وقد عدَّه أبو منصور التميمي في الطبقة الأولى فيمن صحب الشافعي وقال: إمام المسلمين في الفقه والتصوف والحديث والكلام، وكتبه في هذه العلوم أصول من يصنّف فيها، وإليه ينسب أكثر متكلمي الصفاتية.
سلم الوصول إلى طبقات الفحول - حاجي خليفة.