الشيخ الباجوري
هو الإمام الشيخ إبراهيم بن محمد أحمد الشافعي الباجوري، ولد بمدينة الباجور بمحافظة المنوفية عام (1198 هـ = 1784م) ونشأ في رعاية والده الذي ساعده على حفظ القرآن الكريم وتجويده، وفي عام 1212هـ نزح إلى القاهرة، والتحق بالأزهر الشريف طلباً للعلم، واحتل الفرنسيون القاهرة عام1213، فتركها ورحل إلى الجيزة وظل بها فترة وجيزة، ثم عاد إلى القاهرة مرة ثانية عام 1216هـ بعد رحيل الفرنسيين عن مصر، وبعد عودته أراد أن يعوض ما فاته فجد واجتهد في طلب العلم وتحصيله، فتتلمذ على الشيخ الشرقاوي والشيخ القويسني والسيد داود القلعاوي والشيخ محمد فضالي، وثابر الشيخ الباجوري، وحفظ كل ما تقع عليه عيناه وما تتناوله يداه، فظهرت عليه آيات التفوق وعلامات الذكاء وفي فترة وجيزة استطاع أن يتحول من تلميذ متلقى إلى عالم يضع التصانيف والمؤلفات في العديد من الفنون والعلوم، فكان يومه يبدأ مع الخيوط الأولى للفجر وينتهي في وقت متأخر من الليل يدرس ويؤلف ويعلم ويتعلم، يرتل القرآن ويضع الشروح ويكتب الحواشي.
وفي عام 11263هـ ولي مشيخة الأزهر وظل مع ذلك يقوم بالتدريس لتلاميذه إلى جانب القيام بشؤون المشيخة.
كان عباس الأول حاكم مصر يزور الشيخ الباجوري أثناء قيامه بالدرس فلا يلتفت الشيخ عن درسه ولا يقوم للحاكم، بل يتركه يجلس ليستمع إلى الدرس مع باقي التلاميذ، فكان عباس الأول من فرط إعجابه بالشيخ ينثر النقود على الحاضرين حين يهم بالخروج.
اتسم الشيخ الباجوري بالوقار وحب العلماء والحرص على كرامتهم وحدثت في عهده أحداث جسيمة وخطيرة حيث ثار عليه جماعة من مجاوري المغاربة لأمور لا دخل للشيخ فيها كالجراية مثلاً، وعلم الحاكم بذلك، وأرسل جنوده فقبضوا على زعماء هذه الثورة ونفاهم عن مصر.
وفي عهد سعيد باشا حاكم مصر زاد الطلب على الشباب للتجنيد في صفوف الجيش ولذلك هربت جموع الشباب ودخلوا الجامع الأزهر وجلسوا بين طلابه وتظاهروا بأنهم من طلاب الجامع الأزهر، وحضر مشايخ البلاد إلى الجامع الأزهر وأرادوا القبض على الشباب الهارب من التجنيد إلا أن الشيخ نهرهم وقال: إن للأزهر حرمة وأمر التلاميذ بضربهم وطردهم، وفعلوا ذلك وكانت النتيجة أن مات أحد هؤلاء المشايخ الذين جاءوا للقبض على الشباب وضاع دمه، وتفرق بين طلاب الأزهر.
ذهب سعيد باشا لأداء فريضة الحج، وأقام نيابة عنه أربعة ممن يثق فيهم، وفي هذه الأثناء قامت مشاجرة بين فريق من الشوام وفريق من الصعايدة من طلبة العلم، فأرسل خير الدين باشا جنوداً من الأتراك فاقتحموا الأزهر بأحذيتهم وأسلحتهم وأوسعوا الطلبة الصعايدة ضرباً وألقوا القبض على ثلاثين منهم وعلى بعض العلماء الصعايدة أيضاً، فرأى نواب سعيد باشا الأربعة أن يولُّوا أربعة وكلاء عن الشيخ الباجوري ليقوموا بشؤون الأزهر نظراً لهذه الأحداث الجسام وأن يكونوا تحت رئاسة الشيخ مصطفى العروسي، وتم اختيار الوكلاء الأربعة بالانتخاب فكانوا: الشيخ أحمد كيوه العدوي المالكي، والشيخ إسماعيل الحلبي الحنفي، والشيخ خليفة الفشني الشافعي، والشيخ مصطفى الصاوي الشافعي فلما عاد سعيد باشا من الحج علم بما حدث فعنف خير الدين باشا ضابط مصر وطرده من منصبه لاجترائه على حرمة الجامع الأزهر، وأقر الباشا الوكلاء الأربعة عن الشيخ، ولم يأت بشيخ جديد للأزهر احتراماً للإمام الباجوري وظل الأمر هكذا حتى لقى الشيخ الباجوري ربه عام1277هـ.
ترك الشيخ الباجوري مؤلفات عديدة، من أهمها:
- إجازة أجاز بها الشيخ عبد المنعم بن محمد السيوطي المالكي.
- إجازة للشيخ أحمد بن محمد الجرجاوي.
- إجازة للشيخ حسنين أحمد جلبي الحنفي.
-إجازة للشيخ عبد السلام بن عبد الرحمن الدمشقي الحنبلي.
- إجازة أجاز بها علي بن عوض البرديسي الجرجاوي.
- حاشية على متن الجوهرة أسماها (تحفة المريد على جوهرة التوحيد).
- حاشية على متن السنوسية.
- حاشية على شرح السعد للعقائد النسفية.
- حاشية على تحقيق المقام على كفاية العوام فيما يجب عليهم من علم الكلام.
- رسالة موجزة في علم التوحيد.
- حاشية على المواهب اللدنية على الشمائل المحمدية.
- تعليق على الكشاف في تفسير القرآن.
- حاشية على قصيدة البردة للبوصيري.
- حاشية على متن السمرقندية في علم البيان.
- حاشية على قصيدة بانت سعاد لكعب بن زهير.
- فتح الخبير اللطيف في علم الصرف.
- الدرر الحسان فيما يحصل به الإسلام والإيمان.
- حاشية على متن السلم في المنطق.
تخرج على يدي الشيخ جمهرة من أعظم علماء الأزهر أمثال الشيخ رفاعة الطهطاوي الذي لازمه ودرس عليه تفسير الجلالين وشرح الأشموني.
رحم الله الإمام العلامة الشيخ الباجوري الذي جعل العلم سراجاً يهتدى به ليأخذ بأيدي من هم في حاجة إلى علمه وثقافته الواسعة المتنوعة.
شيوخ الأزهر تأليف أشرف فوزي صالح ج/2 – ص 51-53.