الشيخ القليني
إنه رابع شيوخ الأزهر، علامة وقته، أحد أئمة المالكية البارزين في عصره، العلامة الفهامة الشيخ عبد الباقي القليني المالكي المولود بقرية قلين التابعة لمركز كفر الشيخ بمديرية الفؤادية، والتي أصبحت الآن مركز قلين التابع لمحافظة كفر الشيخ، وينسب الشيخ إلى قريته التي ولد ونشأ فيها.
غادر قريته قاصداً القاهرة ليلتحق بالجامع الأزهر، الذي عكف فيه على تحصيل العلم على أيدى علماء عصره الأعلام.
وكان الشيخ القليني ذكياً يعي ما يقرأ، ويحفظ ما يفهم، ولذا نبه شأنه، وذاع صيته، وعرف اسمه للقاصي والداني، وجلس للدرس والتعليم.
ولي الشيخ القليني مشيخة الأزهر عام 1120 هـ = 1709م، بعد أحداث أليمة وعصيبة عقب وفاة أستاذه الشيخ النشرتي.
والشيخ القليني لم يرد ذكر تاريخ مولده كبقية مشايخ الأزهر، أو على الأقل معظمهم، لعدم انتظام النواحي الإدارية في ذلك الوقت، وعدم الاهتمام بهذه الأمور وكان الشيخ تلميذاً نجيباً للعالمين الجليلين الشيخ البرماوي والشيخ النشرتي.
ومن أبرز تلاميذه الذين ذكرهم الجبرتي، الإمام العلامة، والعمدة الفهامة، المتفنن المتبحر الشيخ محمد صلاح الدين البرلسي
ولم تذكر المراجع الموجودة التي تتناول الشيخ القليني سوى نتف قليلة عن حياته وتلاميذه، ولكنها تروى عنه أن طلاب العلم قد وفدوا عليه من كل مكان والتفوا حوله وفى حلقته، وكانوا كثيرين.
وكان الشيخ القليني يعنى بتوجيه طلبته إلى العناية والاهتمام بالكتب القديمة - كتب التراث - والغوص فيها، والبحث في أمهات الكتب لاستخراج ما فيها من كنوز ومعارف
وكان يساعد تلاميذ ويعينهم على فهم ما صعب عليهم فهمه في تلك الكتب ويملي عليهم الحواشي لإيضاح الغوامض وتبسيط المعقد الصعب.
ولقد كان الشيخ محبوباً من زملائه وتلاميذه، وكبار علماء عصره، الأمر الذي دفعهم لمناصرته، ودخولهم في معركة دامية لتحقيق توليته للمشيخة، ذلك بالرغم من أنه كان بعيداً عن القاهرة آنذاك، ولم يشترك في هذا الصدام من قريب أو بعيد، وإنما تلاميذه وزملاؤه وإخوانه المقربين هم الذين فعلوا ذلك ليقينهم أنه الأحق بولاية هذا المنصب الجليل بعلمه وأخلاقه، فكان علمه غزيراً، ومعرفته واسعة ثرية.
ازدهر الأزهر في عصره، وخرج علماء أفاضل من حلقته إذ كان يوجههم إلى المراجع الكبرى لا إلى الحواشي والشروح الحديثة كما كان يفعل غيره في ذلك الحين، وذلك دليل على رحابة أفقه وسعة اطلاعه، ووفرة علمه وعدم تعصبه.
ولم يترك الشيخ مصنفات، أو قل لم نعرف له مؤلفات، ولم يصلنا شيء عن ذلك من قريب أو بعيد فيما تناول حياة الشيخ من كتب ومؤلفات على الرغم من الجهد الذي بذلناه للوصول إلى شيء منها.
وظل الشيخ في ولايته لمشيخة الأزهر إلى أن مات، ولم يتيسر لنا معرفة تاريخ وفاته، ولم يرد ذكر بذلك فى جميع الكتب التي تناولت ترجمته.
شيوخ الأزهر تأليف أشرف فوزي صالح ج1/ص20