الإمام النشرتي
هو الإمام العالم السيد محمد النشرتي المالكي أحد أعلام الأزهر الشريف، ومن أبرز أعلام المذهب المالكي
ولد الشيخ النشرتى ببلدة (نشرت) التابعة لمركز قلين بمحافظة كفر الشيخ، التي كانت تسمى مديرية الفؤداية، وانتقل الشيخ إلى القاهرة في صباه ليلتحق بالأزهر ويتلقى تعليمه على أيدى الشيوخ الأجلاء فيه.
واجتهد في تحصيله للعلم، وتقدم على أقرانه، وصارت له مكانة مرموقة، وبلغ في التدريس مكانة عظيمة جعلت طلاب العلم يتوافدون على مجلسه من جميع أنحاء العالم الإسلامي، وظل الشيخ النشرتى يتصدر حلقات الدرس حتى اختير لمشيخة الجامع الأزهر سنة (1106 هـ = 1695م) بعد وفاة الشيخ البرماوي.
وقد أقر المؤرخون أن الشيخ النشرتي تزعم علماء المالكية في عصره، توليه وأنه - مع توليه للمشيخة وقيامه لمهامها - حرص على أن يبقى مدرساً، وألا تنفض حلقته الدراسية.
ولم تصرفه أعماله الإدارية - التي يتطلبها موقعه كشيخ للأزهر- عن أداء رسالته التربوية التي كرس لها جل وقته، وعبأ لها نفسه وعلمه وأعطاها كل جهده، لأنه كان مؤمنا بأن العلم عبادة.
وكانت للشيخ النشرتى - بإجماع علماء عصره - موهبة فذة في الشرح والتوضيح والإبانة مما جذب لحلقات درسه الطلاب من جميع بلاد العالم الإسلامي واستمر الإمام النشرتي أربعة عشر عاماً في مشيخة الجامع الأزهر و لم تؤثر على حلقات علمه التي انكبَّ عليها طلاب العلم ، ومن هؤلاء التلاميذ:
- الإمام أبو العباس أحمد بن عمر الديربي الشافعى الأزهرى صاحب المؤلفات الشهيرة والعديدة والمفيدة.
- الإمام الشيخ الصالح عبد الحي بن زين العابدين.
-الإمام الفقيه الشيخ أحمد بن الحسن الكريمي الخالدي الشافعي، الشهير بالجوهري.
وظل الشيخ وفياً لرسالته مخلصاً في أداء مهمته، لكنه اكتفى بتدريس الكتب المعروفة في عصره خاصة التي كانت في المذهب المالكي، ولم تكن للشيخ مؤلفات خاصة به، فقد كان من النوع الذي ينادى بتأليف الرجال وإعداد الجيل، لا بتأليف الكتب ووضع المصنفات.
واستطاع الشيخ الإمام أن يربي ويخرج طائفة من الزعماء المرموقين، الذين حملوا لواء رسالته من بعده، وأدوها خير أداء، ورفعوا شأن العلم، وكانوا درع الأمة الواقية في ميادين كثيرة
قد أثر الشيخ النشرتى في تلاميذه بدرجة كبيرة ظهرت واتضحت بعد وفاته في تماسكهم واتحادهم، وفرض آرائهم على ولاة الأمر لصالح الدين والأمة، ومن أبرز مواقف تلاميذ الشيخ النشرتى موقفهم حين أصروا على أن يتولى الشيخ عبد الباقي القليني - أحد تلاميذ الشيخ النشرتى - مشيخة الأزهر بعد النشرتى وذلك في الوقت الذي أصرت فيه مجموعات أخرى لمذهب آخر على أن يتولاها الشيخ النفراوى، ولكن تلاميذ الشيخ النشرتي استطاعوا - بما تعلموه من أستاذهم - الوصول إلى تحقيق رغبتهم، وتم لهم ذلك بعد أحداث عصيبة في ملحمة مريرة بين الفريقين
وقد توفى الشيخ النشرتي بعد ظهر يوم الأحد الثامن والعشرين من شهر ذي الحجة عام 1120هـ = 1709م، وأخرت جنازته إلى صبيحة يوم الإثنين، وصلي عليه بالأزهر وحضر جنازته الصناجقة والأمراء، والأعيان والعامة، وكان يوماً مشهوداً ومشهداً حافلاً وقد عرف الشيخ النشرتي بالصلاح وحسن السيرة ومكانته السامية إلى جانب شهرته العلمية.
شيوخ الأزهر تأليف أشرف فوزي صالح ج1/ص16