يوسف بن بدر الدين المغربي بن عبد الرحمن المراكشي السبتي

تاريخ الولادةغير معروف
تاريخ الوفاة1279 هـ
مكان الولادةمصر - مصر
مكان الوفاةدمشق - سوريا
أماكن الإقامة
  • المدينة المنورة - الحجاز
  • سبتة - المغرب
  • مراكش - المغرب
  • دمشق - سوريا
  • مصر - مصر

نبذة

الشيخ يوسف بن بدر الدين المغربي بن عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن عبد الله بن عبد الملك بن عبد الغني المراكشي السبتي المالكي المصري مولداً الدمشقي إقامة إمام لا يبارى وهمام في ميدان العلوم لا يجارى، قد اتصف بالعلم والعمل، ونال من مرغوبه فوق ما يتعلق به الأمل، ورقا فضله وفاق، واشتهر فضله في الآفاق، وكان ورعاً زاهداً تقياً عابداً، له شعر رقيق ونثر أنيق، ومحاضرة لطيفة، ومذاكرة ظريفة، وسيرة حسنة، وصفات مستحسنة، قرأ على السادة الأفاضل إلى أن جمع الفضائل، ومما اتفق له وكتب في صحيفته أن بعض الأروام القاطنين في دمشق الشام استولى على الدار التابعة لدار الحديث الأشرفية الواقعة في العصرونية

الترجمة

الشيخ يوسف بن بدر الدين المغربي بن عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن عبد الله بن عبد الملك بن عبد الغني المراكشي السبتي المالكي المصري مولداً الدمشقي إقامة
إمام لا يبارى وهمام في ميدان العلوم لا يجارى، قد اتصف بالعلم والعمل، ونال من مرغوبه فوق ما يتعلق به الأمل، ورقا فضله وفاق، واشتهر فضله في الآفاق، وكان ورعاً زاهداً تقياً عابداً، له شعر رقيق ونثر أنيق، ومحاضرة لطيفة، ومذاكرة ظريفة، وسيرة حسنة، وصفات مستحسنة، قرأ على السادة الأفاضل إلى أن جمع الفضائل، ومما اتفق له وكتب في صحيفته أن بعض الأروام القاطنين في دمشق الشام استولى على الدار التابعة لدار الحديث الأشرفية الواقعة في العصرونية ثم ضم إليها الزاوية الغربية من المدرسة المرقومة التي كانت محل تدريس الإمام النووي قدس سره ومحل زاويته للأحاديث، فصارت محلاً لوضع براميل الخمر، فتعرض المترجم المرقوم وطلب إعادة المحل لحاله، ورفع الأمر إلى الوالي، فلم تلتفت الحكومة إلى دعواه، فتوجه المترجم إلى الأستانة وتعاطى أسباباً كثيرة لإنقاذ هذا المحل من أيدي الرومي، إلى أن استحصل فرماناً سلطانياً في ذلك، فعاد إلى الشام وقدمه إلى الوالي فطرحه في زوايا الإهمال، وبقي الأمر على ذلك، ولم يقع المترجم على ثمرة، إلى أن جاء الأمير السيد عبد القادر المغربي أمير الجزائر من فرانسا إلى الأستانة، اجتمع به المترجم وشكى الأمر إليه، ومشى مع الأمير في العود إلى الأستانة، بقصد الرحلة إلى المدينة الشريفة والإقامة بها، وبقي حضرة الأمير في بروسة بعد ذلك مدة طويلة، نحو خمس سنوات، ثم إنه لما توالت هناك الزلازل، وخربت كثيراً من المحلات، وخرجت الناس من العمران وسكنت في الصحراء، رحل الأمير إلى دمشق الشام وأقام بها، ورأى الأمر كما أخبره المترجم، فأخذته الحمية الدينية والغيرة الإسلامية، لإنقاذ هذا المحل، فأحضر الرومي ودفع له مالاً جزيلاً واشتراه منه، وجعله وقفاً على المترجم وعقبه، وأمر بترميم المسجد والمدرسة على نفقته، ثم أرسل خبراً إلى المترجم المرقوم إلى المدينة المنورة، وبعد حضوره من المدينة قرأ حضرة الأمير صحيح الإمام أبي عبد الله البخاري في المدرسة المرقومة، وكان ختامه في اليوم الرابع والعشرين من شوال سنة أربع وسبعين ومائتين وألف، وعند الختم قدم المترجم هذه القصيدة للأمير السيد عبد القادر:
بك المسرات قد نالت أمانيها ... يا نعمة ما لها شيء يدانيها
إن كان عيد الهنا تهنى بموسمه ... فالعيد كونك يا أقصى أمانيها

يا نجل فاطمة الزهراء من فضلت ... طراً نساء الدنا من ذا يضاهيها
إني أهنيك بالعيد المبارك بل ... بكون مثلك في الدنيا أهنيها
نعم أهني دمشق الشام إذ ظفرت ... بمثلك الآن تغدو في ضواحيها
لما بدا وجهك الأبهى بساحتها ... ترادف الخير فيها مع نواحيها
لا سيما سيدي ما كان مدخراً ... من فك دار حديث من خنا فيها
بك استنارت وأحيا الله مربعها ... لما تلوت البخاري وسط ناديها
تلاوة ما سمعنا من تلاه بها ... من عهد يحيى النواوي في مغانيها
فاشكر إلهك إذ ولاك منه يدا ... ليست لغيرك جل الله معطيها
وأبشر بخير فإن الله ذو كرم ... يخفي مقادير أشياء ويبديها
في علمه غيب أسرار إذا بلغت ... آجالها فلذا المخلوق يبديها
فالله يحبوكم عزاً كعزته ... أصحاب بدر الأولى ثم المضاهيها
لازلت يا نجل محيي الدين مرتقياً ... أوج الكمالات باديها وخافيها
ودام إشراقكم فيها ولكم ... بالبيت أرخت
وأجعل دعاء بظهر الغيب جائزتي ... ولا تعد لي الدنا إذ لست أبغيها
وللمترجم المرقوم هذه القصيدة الآتية، وقد أنشدها في ذلك اليوم عند ختم الصحيح بين يدي الأمير، فأحببت ذكرها لاشتمالها على فضل الممدوح حضرة الأمير، ودلالتها على فضل المترجم المذكور، وهي:
باب القبول لهذا الختم قد فتحا ... فلاح من يمنه برق السعود ضحى
وهب من روضة الرضوان عارفه ... أضحى بها القلب مسروراً ومنشرحاً
أما ترع السعد قد لاحت بشائره ... وطائر اليمن في أدواحه صدحاً
وهذه أوجه الإقبال مسفرة ... والوقت بالبشر والإقبال قد سمحا
فسل إلاهك ما ترجوه من أمل ... واضرع غليه فوجه القرب قد وضحا
وابسط يديك إلى مولاك مبتهلا ... فسعي من أم باب الله قد نجحا
إن البخاري معلوم الإجابة في ... ما أمه المرء في أقرانه ونحا

فما توسل محزون به ورجا ... إلا وأبدل من أحزانه فرحا
ولا تلاه لكشف الضر ذو حرج ... إلا تباعد عنه الضر وانفسحا
ولا تنفس من أنفاسه أرج ... إلا أتى فرج باللطف مفتتحا
فالهج به ورواة فيه قد وصلوا ... به حديث رسول الله متضحا
هم الأئمة تجلى كل داجية ... بنورهم وهم الأقطاب والصلحا
وهم أولو القرب في دنيا وآخرة ... والسادة القادة الهادون والنصحا
أهل الحديث حماة الدين تابعهم ... في متجر الحق والتحقيق قد ربحا
فازوا بدعوة خير الخلق ما وجدوا ... إلا ونور الهدى من وجههم لها
رووا حديث رسول الله عن كتب ... غضاً طرياً عليه الصدق متضحا
وقد نفوا كل شك عن شريعته ... فأرغموا أنف من للشك قد جمعا
جزاهم الله خيراً عن نبيهم ... ودينه وحباهم أجر من نصحا
وقد تسامى ابن إسماعيل في شرف ... بهم فنال العلا والفخر والمدحا
أدى إلينا صحيحاً من حديثهم ... بجامع فاق ترتيباً ومصطلحا
آتاه مولاه أجر المحسنين فقد ... أهدى المحدث عقداً ما له طمحا
قد اعتنى كل ذي دين وذي رشد ... به فحاز به التقديم والمنحا
ورددوا مرده في كل آونة ... يرجون من يمنه تقريب ما نزحا
وحاز قصب سباق في دراسته ... وفهمه عارف بالفضل قد رجحا
في مسجد الأشرف السلطان ما وسما ... دار الحديث بدرس أبهر الفصحا
ضبطاً وبحثاً مع الإتقان مقتضياً ... آثار من حلها من سادة صلحا
مثل الإمام النواوي والمضاهي له ... ممن على منهج الإرشاد قد سبحا
فالله ينفعنا فضلاً بجاههم ... ويكشف الكرب عن ذا الجمع والترحا
مولى به ملة الإسلام باسمة ... والدين عال وحال الناس قد صلحا
فكفه لذوي الحاجات بحر ندى ... وسيفه لضلال الكافرين محا

وصيته ألبس الإسلام عزته ... وعلمه لمعاني الدين قد شرحا
نور النبوة يبدو في أسرته ... وسرها من حلى أخلاقه وضحا
قد أكسب الدين رفعاً والعلوم حلا ... فالكفر أصبح والعصيان منطرحا
وعمر العمر بالطاعات مجتهدا ... في أشهر الخير للخيرات مقترحا
أدم إلهي لعز الدين عبدك من ... للقادر انضاف وامنحه العلا منحا
هو الإمام ابن محي الدين من ظهرت ... منه الكمالات في الدنيا كشمس ضحى
من قام لله في أمر الجهاد ومن ... غدا به صدر دين الله منشرحا
في عصرنا ما سمعنا من سواه حبى ... مثل الذي نال أو طرف كهو لمحا
أضحى له وزرا في كل نائبة ... تعرو وحصناً حصيناً كلما سنحا
وجاء للدرس والإملا جهابذة ... للبحث إن عد أو للفهم إن جنحا
قد لازموه ونالوا من معارفه ... ما يخرس اللسن أو ما يبهر الفصحا
فليهنأ الحاضرون نيل مقصدهم ... من الفوائد إن الباب قد فتحا
وليسأل القوم ما شاءوا لأنفسهم ... من فضله الجم إن الله قد منحا
والعلم أفضل ما ازدان اللبيب به ... وخير ما اغتبق النحرير واصطبحا
وأسعد الناس من كانت بضاعته ... علم الحديث الذي قد صح واتضحا
وأسند العلم أخذاً عن أئمته ... فنال من علية الإسناد ما اقترحا
وللبخاري رجال يستغاث بهم ... في المحل إن حل أو في الخطب إن قدحا
بجاههم أسأل الرحمن مغفرة ... ورحمة تذهب الأحزان والترحا
ونكبة لعدو الدين عاجلة ... تدير بالهلك والتدمير كل رحا
بك انتصرنا وأنت الله ناصرنا ... فالنصر منك لمن يدعوك ما برحا
إنزل بهم يا شديد البطش قارعة ... تكسوهم الذل والتبديد والبرحا
وامدد بنصرك والتأييد عبدك من ... أضفته للمجيد القدر ممتدحا

وانظم به شمل هذا الدين واكس به ... جماعة المسلمين الأمن والفرحا
واجعل بطاعته يا رب عصمتهم ... وألف الكل واهد كل من نزحا
وزده حلماً وتوفيقاً وعافية ... واجعله أفضل من أمسى ومن صبحا
وارفع عماد الهدى والدين واحم به ... شرع النبي وخذ من زاغ أو جمحا
واحفظ بطانته أركان دولته ... ممن أعان على خير ومن نصحا
ولا تدع لذوي العدوان قائمة ... وطهر الأرض ممن عاث أو مرحا
بخاتم الرسل المختار سيدنا ... محمد من به باب الهدى انفتحا
ما خاب من جعل المختار واسطة ... ووصلة للذي يرجوه واقترحا
فإنه باب فضل الله ما برحت ... سحائب الجود منه تمطر المنحا
ما نال ذو مطلب دنيا وآخرة ... إلا استعار من المختار ما منحا
صلى عليه إله العرش ما طلعت ... شمس وما سار عيس بالحجيج ضحى
والآل والصحب ما انجاب الظلام وما ... ورق على غصن أيك ناح أو صدحا
أو قال يوسف بدر الدين مبتهلا ... باب القبول لهذا الختم قد فتحا
وللمترجم قصائد شهيرة ومقاطيع كثيرة، وتأليفات بديعة، وكتابات رفيعة، وأسانيد عالية، وأساتذة ذوو رتبة سامية. وقد أجازني بجميع ما تجوز له روايته عن مشايخه العظام، وقادته الكرام، وقد انتفعت بفوائده، وارتضعت من ثدي عوائده، وأجازني أيضاً بسند عال، ينتهي فيه إلى القاضي شمهورش عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان كثير الالتفات إلي حسن الثناء علي، يذاكرني بمشكلات المسائل، ويعرض لي لأولى جواب أجلا الوسائل، وكان يطلب مني كثيراً قراءة حصة من القرآن، على طريقة التجويد والإتقان، وكان يحفظ القرآن الكريم المصون، وكثيراً من القواعد والمتون بأنواع الفنون، ويستشهد بها لإظهار الصواب، ولا يسأل عن شيء إلا وبأحسن الأجوبة أجاب. وله شرح على مولد العلامة الدردير، لقد حمله من المعارف ما يحتاج إليه كل نحرير، وحضر في الجامع الأزهر، والمحل الأنور، على أفاضل سادة وجهابذة قادة، كالشيخ إبراهيم الباجوري، والشيخ محمد الأمير، وأمثالهما من كل همام خبير، وساح في كثير من الأقطار وأخذ عن علمائها الأخيار، حتى شهد له العموم بأنه قطب دائرة المنطوق والمفهوم. وكان له مع والدي محبة عظيمة، ومودة جسيمة، ومذاكرات تشهد لهما بالفضل والسيادة، ونصائح تدل على سلوكهما مناهج السعادة. وكان كثير التلاوة، ملازماً للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم متمسكاً بالشريعة الغراء لا ينفك عن العمل بها إن فعل أو تكلم، متخلقاً بالأخلاق النبوية متحلياً بالشمائل الأحمدية، إن جلس في مجلس كان نقطة مدار كلامه، وواسطة عقد نظامه. مع ما عنده من الجسارة في إظهار الملائم، والديانة التي دعته أن لا تأخذه في الله لومة لائم، وكان لا يهاب في الحق كبيرا، ولا يخشى حاكماً ولا وزيرا، فلذلك كان يهابه كل من رآه، ويتأمل منه الخير كل من رجاه، وقد كان منهل لكل وارد، وملجأ لكل راج وقاصد، ولم يزل على حاله متزايداً في تقواه وكماله، مستقيماً على أطواره متحلياً بأجمل أوطاره، إلى أن دعاه المنون لمقامه الأجل المصون، فلبى الدعوة العليا واختار الآخرة على الدنيا، سنة تسع وسبعين ومائتين وألف ودفن في تربة باب الصغير.
حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ابن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي.

 

 

يُوسف المَغْرِبي
(000 - 1279 هـ = 000 - 1862 م)
يوسف (الملقب ببدر الدين) بن عبد الرحمن البيباني الشهير بالمغربي:
محدّث، له نظم حسن. من فقهاء الشافعية. وهو والد الشيخ بَدْر الدِّين الْحَسَنِي (محمد بن يوسف) . أصله من مراكش، ومولده في بيبان (بمصر) . رحل رحلة واسعة. واستوطن دمشق، وتوفي بها. وكان حسن المحاضرة، جريئا على الحكام. أثنى عليه معاصره البيطار (في تاريخه) وأشار إلى أن له تآليف، منها " شرح مولد الدردير - خ في خزانة الرباط (1338 ك) باسم " فتح القدير على ألفاظ مولد الشهاب الدردير " قلت: وله قصيدة سماها " التحديث عن نازلة دار الحديث - خ " في نحو 400 بيت، أولها: " الله أكبر، هذا علم تمويه " وقعت لي نسخة منها، وفي ظاهرها بخط ابنه الشيخ بدر الدين: " قصيدة نازلة دار الحديث للسيد العلامة الأديب والدنا الشيخ يوسف البيباني الملقب ببدر الدين غفر الله له وللمسلمين " واستفدت من هذه الكلمة أن " بدر الدين " لقبه، خلافا لما يتناقله مترجموه من أنه اسم أبيه. على أن لقبه " بدر الدين " قد يكون لقبا للأسرة كلها، فابنه كان يعرف ببدر الدين، ويقول عن أبيه صاحب الترجمة إنه الملقب ببدر الدين، ويوسف هذا يقول عن نفسه في إجازة له منظومة إنه " ابن بدر الدين " ويكتب اسمه بخطه " يوسف بَدْر الدِّين " وانظر رفع النقاب 1: 255 .

-الاعلام للزركلي-