محمود بن محمد (أو علي) قابادو . التونسي، أبو الثناء:
شاعر عصره بتونس، ومفتي مالكيتها. أصله من صفاقص. انتقل سلفه إلى تونس، فولد ونشأ بها. وأولع بعلوم البلاغة. ثم تصوف وأكثر من قراءة كتب (القوم) ولا سيما كتب (ابن العربيّ) وانتهى به الأمر إلى (التجرد) فكان ربما مشى في أسواق تونس حافيا مكشوف الرأس رافعا صوته بالتهليل، مخالفا عادة ذوي الهيئات، هضما لنفسه. وهجر وطنه سائحا، فدخل طرابلس الغرب واستقر في الآستانة. ولقيه بها الوزير التونسي أحمد بن أبي الضياف فرغبه في العودة إلى بلده، فعاد (سنة 1257 هـ فولي التدريس بالزيتونة وقضاء (باردو) ثم الفتوى على المذهب المالكي (سنة 1285) وكان مع اشتهاره بالشعر، وسرعة بديهته فيه، غزير العلم بالفقه والفنون، وقد يرجع إليه في عويص المسائل الحسابية، في الجبر والمقابلة، وفي حل أشكال إقليدس. وكان لا يجارى في التاريخ الشعري (بحساب الجمّل) وله في ذلك قصيدة دالية هنأ بها السلطان عبد المجيد بانتصاره على (الروس) يستخرج تاريخ عام الانتصار من جميع أبياتها، من مهملها ومعجمها وصدورها وأعجازها، بحيث تتحصل منها الآلاف حتى جعل لها جدولا في طريقة استخراجها. وشعره كثير مشتت، جمع تلميذه (محمد بن عثمان السنوسي) جملة منه في (ديوان - ط) في جزءين. ووفاته بتونس .
-الاعلام للزركلي-
قابادو (1230 - 1288 هـ) (1815 - 1871 م).
محمود بن محمد بن محمد بن عمر قابادو الشريف، أبو الثناء، الأديب الشاعر والعالم بالرياضيات.
أصل سلفه من الأندلس من بين الذين وفدوا على تونس في الجلاء الأخير وذلك على عهد عثمان باي سنة 1016/ 1607 وما بعدها، واستقر أسلاف المترجم أولا بصفاقس ثم انتقل والده إلى مدينة تونس قبل ميلاد المترجم له، وكان والده يحترف صناعة الزنايدية.
ولما بلغ سن التعلم دخل كتاب الحي القريب من دار سكناه لحفظ القرآن وتلقي مبادئ اللغة والفقه وتميز في هذا الطور بذكاء وقّاد، وحافظة قوية إذ كان لا يقرأ لوحه أبدا مقتنعا بنفسه أنه قد حفظها بنصها من إملاء المؤدب، وانتهى الأمر به إلى العصيان عن كتابة لوحه لأنه كان قد حفظ القرآن من لفظ الصغار وأصواتهم المترددة بين جنبات الكتاب. وخرج من الكتاب وقد فهم مبادئ النحو والصرف وهو ما يزال صبيا دون الحلم، وطرأت عليه فترة من التبلد والغباء انتهت به بعد زمن من التفتيش عما يملأ به عقله ووقته ووجد في كتب الحكمة والتصوف وخاصة كتب محيي الدين بن العربي ما يشغل باله ويملأ فراغه، وآل به الأمر إلى الخروج عن اللياقة، ومشى في الطرقات عاري الرأس حافي القدمين صيفا وشتاء، معترضا سبيل المارة واعظا مرشدا داعيا إلى ذكر الله أو صارخا لاعنا. ويئس ذووه من إصلاحه فتركوا أمره إلى الله يفعل ما يشاء، وعندها ساح على وجهه منتقلا من بلد إلى بلد حتى بلغ به التطواف مدينة مصراتة في ليبيا، وفيها تتلمذ على الشيخ محمد ظافر المدني صاحب الطريقة المدنية إحدى فروع الطريقة الشاذلية، ونزل مجاورا في زاويته فأرشده وهداه وأعاد لشخصيته التوازن الذي فقده أيام المراهقة.
وهكذا وجد في حلقة هذا الشيخ لذة الطلب والتحصيل وفتح الله عليه فتحا عاد بعده إلى وطنه وأهله بزينة شرف العلم وجمال الأدب وتحصل على إجازات من الشيخ المدني، وبعد عودته إلى تونس واصل طلب العلم بجامع الزيتونة، فأخذ عن محمد بيرم الثالث، وأحمد بن الطاهر اللطيف، ومحمد بن ملوكة، وغيرهم، وشيخه أحمد بن الطاهر اللطيف رشحه لتعليم ابن سليمان كاهية صهر أمراء البيت المالك ووزير حمودة باشا للحربية، وانتابته الوساوس والشكوك، وخاف من بطش المشير الأول أحمد باشا به، ففر من تونس، وسافر إلى استانبول بعد وفاة سليمان كاهية 1254/ 1838 الذي كان له سندا وحاميا ومدافعا مفندا لا دعاءات السعاة. وعند استقراره باستانبول قسم وقته بين القراءة والإقراء، وتعرف فيها بعلمائها وأدبائها، وكانت له معهم مواعيد ولقاءات، وملّ الاغتراب في الآستانة فعاوده الشوق إلى تونس التي رجع إليها في جمادى الأولى سنة 1258/ 1848 وكان عند رجوعه ما يزال أحمد باشا باي موجودا، فكيف فرّ ثم عاد. إن شكوكه ووساوسه ونفسيته الغربية حملته على الهجرة، وتطمين التونسيين له الوافدين من عاصمة الخلافة وضمان عفو الأمير عنه سهّل له أمر الرجوع ومن هؤلاء الوافدين المؤرخ الشيخ أحمد بن أبي الضياف الذي أعانه على العودة، وتكفل له بالعفو والتوسط لدى المشير أحمد باشا باي في شأنه.
ولم يلبث طويلا بعد عودته حتى سمي معلما للعربية بمدرسة باردو العسكرية، وتخلى عن التدريس بهذه المدرسة سنة 1271/ 1855، وذلك في بداية عهد المشير الثاني، محمد باشا باي بعد تسميته مدرسا من الطبقة الأولى بجامع الزيتونة ولانتقاله بالسكنى إلى مدينة تونس، وسمي في خطة التدريس بتوسط من الشيخ محمد بيرم الرابع. ومن نبغاء تلامذته بجامع الزيتونة سالم بو حاجب، ومحمد السنوسي، وابن أخته محمد النجار، وغيرهم، ومن تلامذته بالمدرسة العسكرية بباردو الوزير خير الدين باشا، والجنرال حسين.
ثم عين قاضيا بباردو في يوم الأحد 15 شعبان سنة 1277/ 26 فيفري 1867، ثم ولي خطة الإفتاء يوم الاثنين 9 شعبان 1285/ 25 نوفمبر 1868، ولبث متوليا لهذه الخطة نحو ثلاث سنوات، فقد أصيب بدمل خبيث طلع بين كتفيه من الخلف يسمى «حمرة وشهوة» انفتح له، فأعيا الأطباء علاجه، وكان سبب موته.
توفي يوم الأحد 3 رجب 1288/ 7 سبتمبر 1871، ودفن في اليوم الموالي بمقبرة الزلاج في تربة الولي الصالح سيدي الونيش.
وكان من الدعاة إلى الأفكار الإصلاحية المتمثلة في مجاراة الأمم الأوروبية، ودراسة العلوم الرياضية والطبيعية، والأخذ بالقانون الدستوري لتنظيم هياكل الدولة، إلاّ أنه كان متلونا مضطربا يميل مع الريح حيث مالت مجاريا للأمير الصادق باي ووزيره الأكبر مصطفى خزندار وكان ذا نزعة أرستقراطية لا يعطف على الشعب ومطالبه وموقفه من ثورة علي بن غذاهم موقف الشماتة والتبرير للتنكيل بالمشاركين فيها ومدح لمحمد الصادق باي ووزيره مصطفى خزندار.
وكان أول شاعر تونسي خرج بالشعر من الأغراض التقليدية في الشعر العربي إلى ميدان الحياة العامة، على أن شعره لا يخلو من النظم في الأغراض المألوفة في الشعر العربي، كما أنه نظم في الأغراض التافهة.
تآليفه:
ديوان شعر في جزءين، نشره بعد سنوات من وفاته تلميذه الشيخ محمد السنوسي وطبع بالمطبعة الرسمية بتونس 1294 - 95/ 1877 - 78، وأعادت طبعه الدار التونسية للنشر سنة 1972 في جزءين منفردين، ولا امتياز لها عن الطبعة الأولى.
شرح ديوان المتنبي (غير موجود).
كتاب تراجم المؤلفين التونسيين - الجزء الرابع - من صفحة 41 الى صفحة 44 - للكاتب محمد محفوظ