محمد بن أحمد بن محمد بن محمود الحنفي النهروالي
قطب الدين
تاريخ الولادة | 917 هـ |
تاريخ الوفاة | 990 هـ |
العمر | 73 سنة |
مكان الولادة | لاهور - باكستان |
مكان الوفاة | مكة المكرمة - الحجاز |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
الشيخ محمد بن أحمد النهروالي
الشيخ العالم العلامة المحدث محمد بن أحمد بن محمد بن محمود الحنفي النهروالي المفتي قطب الدين بن علاء الدين المكي صاحب الإعلام بأعلام بيت الله الحرام كان من العلماء المبرزين في الحديث والفقه والأصلين والإنشاء والشعر.
ولد بلاهور سنة سبع عشرة وتسعمائة واشتغل على والده بالعلم، ورحل إلى مكة المشرفة وأخذ عن الخطيب المعمر أحمد محب الدين بن أبي القاسم محمد العقيلي النويري المكي، وعن محدث اليمن وجيه الدين عبد الرحمن بن علي الديبع الشيباني الزبيدي، وعن الشيخ شهاب الدين أحمد بن موسى بن عبد الغفار المغربي الأصل ثم المصري نزيل الحرمين عن والده، والشيخ محمد بن محمد بن عبد الرحمن الخطاب المالكي ووالده الشيخ محمد بن عبد الرحمن، وسار إلى مصر سنة ثلاث وأربعين وتسعمائة واجتمع بها بأبي عبد الله محمد بن يعقوب العباسي المتوكل على الله المتوفي سنة خمسين وتسعمائة صرح به في تاريخ مكة، قال: وقد اجتمعت به وأخذت عنه في رحلتي إلى مصر لطلب العلم الشريف في سنة 943 وكانت مصر إذ ذاك مشحونة بالعلماء العظام، مملوءة بالفضلاء الفخام، ميمونة بيمن بركات المشايخ الكرام، كأنها عروس، تتهادى بين أقمار وشموس.
ثم انقضت تلك السنون وأهلها فكأنها وكأنهم أحلام وذكر في تاريخ مكة أنه أخذ الطريقة عن الشيخ علاء الدين الكرماني النقشبندي المتوفي سنة تسع وثلاثين وتسعمائة، لعله كان قبل رحلته إلى مصر. وله سند عال لصحيح البخاري لا أعلم في الدنيا سنداً أعلى من ذلك السند، وذلك أنه يرويه عن أبيه الشيخ علاء الدين أحمد بن محمد النهروالي عن الحافظ نور الدين أبي الفتوح أحمد بن عبد الله الطاوسي الشيرازي عن الشيخ المعمر بابا يوسف الهروي عن محمد بن شاد بخت الفارسي الفرغاني بسماعه لجميعه على الشيخ أبي لقمان يحيى بن عمار بن مقبل بن شاهان الختلاني وقد سمع جميعه عن محمد ابن يوسف الفربري بسماعه عن أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري رضي الله عنه، قال الفلاني في قطب الثمر: وقد ذكر بعض أهل الفهارس أنه صح أن الشيخ قطب الدين محمد النهروالي روى صحيح البخاري عن الحافظ نور الدين أبي الفتوح الطاوسي بلا واسطة والده، فيكون بيني وبين البخاري ثمانية، فتقع لي ثلاثياته بإثنى عشر، فيكون شيخنا محمد كأنه سمع من الحافظ ابن حجر بطريق الإجازة لأن أعلى ما عند الحافظ ابن حجر باعتبار الإجازة أن يكون بينه وبين البخاري ستة أنفس، ولا أعلم في الدنيا سنداً أعلى من هذا السند الآن، قال وقال شيخ مشايخنا عبد الخالق الزجاجي في نزهة رياض الإجازة: وهذه الطريقة لم تبلغ الحافظ ابن حجر ولا السيوطي، لأنهما كانا بمصر والحافظ أبو الفتوح كان من رجال الثمانمائة وكان بأبرقوه مدينة بخراسان العجم، وكان موصوفاً بالصلاح، سمع صحيح البخاري من محمد بن شاد بخت الفرغاني، وهذه الطريقة لم تصل إلى الحرمين إلا مع أشياخ مشايخنا كالشيخ المعمر عبد الله بن سعد اللاهوري نزيل المدينة، انتهى.
قلت: وقد ترجم له القاضي محمد بن علي الشوكاني في البدر الطالع قال: وكان يكتب الإنشاء لأشراف مكة وله فصاحة عظيمة يعرف ذلك من اطلع على مؤلفه البرق اليماني في الفتح العثماني وهو مؤلف الإعلام في أخبار بيت الله الحرام، وكان عظيم الجاه عند الأتراك لا يحج من كبرائهم إلا وهو الذي يطوف به ولا يرتضون بغيره، وكانوا يعطونه العطاء الواسع فكان يشتري بما يحصله منهم نفائس الكتب ويبذلها لمن يحتاجها، واجتمع عنده ما لم يجتمع عند غيره، وكان كثير التنزهات في البساتين وكثيراً ما يخرج إلى الطائف ويصحب معه جماعة من العلماء والأدباء ويقوم بكفاية الجميع، انتهى.
وقد ذكر المفتي قطب الدين صاحب الترجمة في تاريخ مكة أن مدرسة السلطان أحمد شاه الكجراتي بمكة المباركة عند الحرم المحترم كانت بيده، وإني أظن أن والده علاء الدين أحمد بن محمد النهروالي بعث إلى الحجاز وولي على تلك المدرسة، وبعد وفاته عادت التولية إلى ولده قطب الدين
المفتي، وهو سافر إلى قسطنطينية مرتين، مرة ثانية في سنة خمس وستين وتسعمائة فخلع عليه السلطان سليمان بن سليم العثماني ملك الروم، ذكره في تاريخ مكة وقال: إن السلطان المذكور أسس بمكة المشرفة المدارس الأربعة السليمانية، وعين وظائف المدرسين والطلبة وغير ذلك من أوقافه
بالشام، عين لكل خمسين عثمانياً في كل يوم وعين للمعيد أربعة عثمانية ولكل مدرس خمسة عشر طالباً، لكل طالب عثمانيين وللفراش كذلك وللبواب نصف ذلك وأنعم بالمدرسة الحنفية السليمانية على صاحب الترجمة بخمسين عثمانياً سنة خمس وسبعين وتسعمائة، قال: فأقرأت فيها قطعة من الكشاف والهداية وقطعة من تفسير المفتي أبي السعود العمادي وأقرأت فيها درساً في الطب ودرساً في الحديث وأصوله، وإني أدرس الآن فيها تكميل شرح الهداية لابن همام الذي كمله مولانا شمس الدين أحمد قاضي زاده، وذكر في تاريخ مكة أن السلطان سليم بن سليمان العثماني أنعم عليه في أيام ولاية عهده، قال: وكان يصل إلى إحسانه وكسوته في كل سنة، وبعد أن ولي السلطنة لم يقطع عادة إحسانه، وكذلك ولده السلطان مراد كان ينعم قبل جلوسه على سرير الملك، وبعد أن ولي السلطنةأكرمه بحسن التفاته إليه، فرقى ما بيده من المدرسة السليمانية وأضاف في وظيفته فصارت ستين عثمانياً في كل يوم، وأنعم عليه وعلى أولاده بالتدريس، وهو الذي ولاه الإفتاء بمكة المباركة ولم يكن بمكة مفت بعلوفة، فجعل له في ذلك من بيت المال خمسين عثمانياً في كل يوم، وولاه الخطابة في الحرم الشريف وجعل له في ذلك أربعين عثمانياً في كل يوم، وأرسل إليه سنة سبع وتسعين وتسعمائة من جملة ما أرسل إلى أهل مكة بصوفين من أصوافه الخاصة ومائة دينار، واستمر ذلك ما بعدها في كل سنة، وأسس المدرسة العثمانية بالصفا وولاه التدريس وجعل له خمسين عثمانياً في كل يوم، فكان يدرس فيها الفقه والحديث، كل ذلك بتوجه القاضي شمس الدين أحمد قاضي المعسكر بولاية أناطولي، وكان نافذ الكلمة عند السلطان مراد، هذا ما ذكره صاحب الترجمة في تاريخه.
وأما مصنفاته فمن أحسنها كتابه الإعلام بأعلام بيت الله الحرام صنفه سنة خمس وثمانين وتسعمائة، أوله الحمد لله الذي جعل المسجد الحرام حرماً آمناً ومثابة للناس، إلخ ومنها البرق اليماني في الفتح العثماني تاريخ اليمن من سنة تسعمائة عند أول الفتح العثماني على يد الوزير سليمان باشا إلى أيام المؤلف، ألفه للوزير سنان باشا ويسمى أيضاً الفتوحات العثمانية للأقطار اليمنية ومنها منتخب التاريخ في التراجم، ومنها تمثال الأمثال النادرة أو التمثيل والمحاضرة بالأبيات المفردة النادرة ومنها الكنز الأسمى في فن المعمى.
وله أبيات كثيرة بالعربية، ومن شعره قوله يمدح السلطان مراد بن سليم العثماني ملك الدولة العثمانية:
إن سلطاننا مراد لظل ال له في الأرض باهر السلطان
ملك صار من مضى من ملوك ال أرض لفظاً وجاء عين المعاني
ملك وهو في الحقيقة عندي ملك صيغ صيغة الإنسان
ملك عادل فكل ضعيف وقوي في حكمه سيان
سيفه والمنون طرفا رهان لحلوق العدو يبتدران
كمل المسجد الحرام بناء فاق في العالمين كل المباني
هكذا هكذا وإلا فلا إنما الملك في بني عثمان
كانت وفاته في سنة تسعين وتسعمائة بمكة المكرمة، ودفن بالمعلاة.
الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام المسمى بـ (نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر)
وفيهَا توفّي الْعَالم الْفَاضِل الْمُفْتِي الشَّيْخ قطب الدّين الْحَنَفِيّ الْمَكِّيّ النهروالي نِسْبَة إِلَى نهرواله من أَعمال الْهِنْد بِمَكَّة المشرفة وَكَانَ من الْأَعْيَان الْمَذْكُورين الْفُضَلَاء الْمَشْهُورين مجلالا مُحْتَرما وَمن شعره هَذِه القصيدة ... بِسيف الحجى عِنْد اهتزاز النوائب ... تقلدت فاستغنت عَن كل قاضب
وجردت م رَأْسِي الشَّديد عزائما ... أقل بهَا حد السيوف الغواصب
ولي همة أسمو بصارم عزمها ... إِذا السَّيْف قد أعيى صُدُور الْكَتَائِب
وَمَا فَاتَنِي فصل أردْت اقتناؤه وَمَا غربت عني صعاب المطالب
وَكم خطب العلياء غَيْرِي وَلم ينل ... ونتلت لِأَنِّي كنت أكْرم خَاطب
وَلَو شِئْت أدنت فِي رِقَاب كَثِيرَة ... وَلَكِن رَأَيْت الدَّهْر أغدر صَاحب
فَمَا الدَّهْر إِلَّا مقبل مَعَ سَاعَة ... وَلَا الْعُمر مَعَ طول المدى غير ناهب
وَمَا النَّاس إِلَّا حَاسِد ومعاند ... وَلَا الدَّهْر إِلَّا رَاجع فِي الْمَوَاهِب
.. وَمَا شاد بُنيان الْعلَا متهور وَلَا سَاد من لم يفتكر فِي العواقب
أخالط إخْوَان الزَّمَان بعقلهم ... لأنظر مَا يبدى بِهِ من عجائب
وَأظْهر أَنِّي مثلهم تستميلني ... عَذَاب الثنايا سود شعر الذوائب
وَإِن أَلِيم الهجر مِمَّا يسوءني ... وَإِن لذيذ الْوَصْل أَسْنَى مآربي
وَمَا علمُوا إِن الْهوى دن رتبي ... وَإِن مقَامي فَوْقه بمراتب
إِلَّا فِي سَبِيل الْمجد قوم عهدتهم ... يرَوْنَ اكْتِسَاب افضل أزرى المكاسب
وَمَا عِنْدهم فضل سوى كَثْرَة الْغنى ... وَمَا الْمجد غلا أَخذ بعض المناصب
فضائلهم محصورة فِي ثِيَابهمْ ... وأورادهم اتقان هَذِه المناكب
زماني رماني بَينهم يستهينني ... وَلَيْسَ محلي غير هام الْكَوَاكِب
وَله رَحمَه الله صُورَة مكتوب منظوم كتبه إِلَى بعض أَصْحَابه بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَة ... بعد إهداء اطيب السَّلَام ... وأبلغ التمجيد وَالْإِكْرَام
وَبث شوق لَا يزَال زَائِدا ... وَذكر وجد مفرط تزايدا
من كبد إِلَى اللِّقَاء ظاميه ... ومقلة من الْفِرَاق داميه
وَمن غليل مهجته عليل ... إِلَى خَلِيل سيد جليل
شمس سَمَاء الْفضل والأفضال ... وَبدر تمّ الْمُضِيّ فِي الْكَمَال
وزهرة من زهر روض الْأَدَب ... وزهرة تسمو سَمَاء الرتب
لازال فِي قلادة الدُّرُوس ... وَاسِطَة كَاللُّؤْلُؤِ النفيس
وَبعد فَالْعَبْد لَهُ عتاب ... عَلَيْك إِذْ لم يأتن كتاب
مَعَ انني أرْسلت كتبا عده ... وَلم أكن أنسى لَك الموده
فَهَل نسيت يَا فَتى ودادي ... أم عغيرك الدَّهْر بالبعاد
أم الغراطيس غَدَتْ ثمينه ... أم هِيَ لَا تُوجد فِي المدينه
هَذَا وَبِالْجُمْلَةِ وَالتَّفْصِيل ... أَنِّي كَمَا تعهد يَا خَلِيل
محبتي من كل غش خَالِصَة ... وخيل ودي لَا تكون ناكصه
فَلَا تكن لكتبك الْكِرَام ... تقطع فَهِيَ غَايَة المرام
وَالْقَصْد مِنْك يَا أخي البشاره ... أَن تدخل الْمَسْجِد للزياره
فتضع الخد على الأَرْض إِذا ... قابلت ذَاك الضريح لابذا
ثمَّ تَقول يَا نَبِي الرَّحْمَة ... للْعَالمين وَجَمِيع الْأمة (أَضْعَف خل الله قطب الدّين)
حَملَنِي من السَّلَام الجمله ... إِلَيْك راجيا سُؤال الْفضل لَهُ
كَذَا إِلَى ضجيعه الصّديق ... وَعمر الشهير بالفاروق
وَبلغ السَّلَام والأكراما ... سيدنَا وَشَيخنَا الهماما
إِمَام هَذَا الْعَصْر بل وحيده ... من هُوَ ذُو المناقب العديده
شهَاب أهل الشَّرْع والحقية ... وبدره وشمسه الشَّرِيفَة
خُلَاصَة المقربين الْأَبْرَار ... الشَّيْخ أَحْمد بن عبد الْغفار
سلمه الله تَعَالَى وَجمع ... شملا بِهِ وبعلومه نفع
وَأَنت فِي دعَاك لَا تنساني ... يَا سيد الإخوان والخلاني
لاسيما فِي سَاعَة الْقبُول ... عَسى أفوز بالمنى والسول
وآن أَن أختم هَذَا بِالسَّلَامِ ... وَاجعَل الْحَمد لما قلت ختام ...
وَله أَيْضا نظمه لبَعض من فِي الْقَافِلَة يذكر بهَا فيالليل ... إِلَى مَتى يَا عين هَذَا الرقاد ... مَا آن أَن تكتحلي بالسهاد
تنبهي من رقدة وأنظري ... مَا فَاتَ من خير على ذِي الرقاد
يَا أَيهَا الغافل فِي نَومه ... قُم لترى لطف الْكَرِيم الْجواد
مَوْلَاك يَدْعُوك إِلَى بَابه ... وَأَنت فِي النّوم شَبيه الجماد
ويبسط الْكَفَّيْنِ هَل تائب ... من ذَنبه هَل من لَهُ مُرَاد
وَأَنت من جنب إِلَى جَانب ... تَدور فِي الْفرش اللين المهاد
يَدْعُوك مَوْلَاك إِلَى قربه ... وَأَنت تخْتَار الجفا والبعاد
كم هَكَذَا التسويف فِي غَفلَة ... لَيْسَ على الْعُمر الْعَزِيز اعْتِمَاد
لق مضى ليل الصِّبَا مسرعا ... ونبر صبح الشيب فود القؤاد
أفق فَإِن الله سُبْحَانَهُ ... رَحمته عَمت جَمِيع الْعباد ...
وَمن شعره أَيْضا ... أقبل كالغصن حِين يَهْتَز ... فِي حلل دون لكطفها الْخَزّ
مهفهف الْقد ذُو محيا ... بِعَارِض الخد قد تطرز
دَار بحديه وَاو صدغ ... وَالصَّاد من لَحْظَة تلوز
وَالْخمر والجمر فِي لماه ... وخده ظَاهر ومغز .. يشكو لَهُ الخصر جور ردف ... أعجزه حمله وأعجز
طلبت مِنْهُ شِفَاء سقمي ... فَقَالَ لحظي لذاك أعوز
قد غفر الله ذَنْب دهر ... لمثل هَذَا الْمليح أبرز
جز فُؤَادِي بِسيف لحظ ... أَواه لَو دَامَ ذَلِك الجز
أفديه من أغيد مليح ... بالْحسنِ فِي عصره تميز
كَانَ نديمي فمذ رَآنِي ... أسيره فِي الْهوى تعزز
حرم من وَصله مبباحا ... لما أحل القلا وَجوز
يَا قطب لَا تسل عَن هَوَاهُ ... واثبت وَكن فِي هَوَاهُ مَرْكَز ...
وَمِنْه مُعَارضا خُذُوا قودي من أَسِير الكلل ... أَلا حلل الله سيف الْمقل ... فكم ذَا أصَاب وَكم ذَا قتل
وَمَا من قَتِيل بِهِ فِي الْهوى ... سوى ألف رَاض بِمَا قد فعل
لقد نصر الله جيشالملاح ... ببدر بِنَا حسنه قد كمل
وَمَا بَطل فِي الوغى فَارس ... إِذا قَابل الغيد إِلَّا بَطل
وَإِذا قتلتني عُيُون الظبى ... فيا فرحي قد بلغت الأمل
رعى الله لَيْلَة زار الحبيب ... وَغَابَ الرَّقِيب إِلَى حَيْثُ أل
فأجلسته فِي سَواد الْعُيُون ... وَقد غسل الدمع ذَاك الْمحل
وألصقت خدي بأقدامه ... وأذبلت أَخْمُصُهُ بالقبل
فرق وَمَا باعطافه ... فديت بروحي ذَاك الْميل
فعانقته وخلعت العذار ... ومزفت ثوب الحيا والخجل
وَمَا زلت اشغله بِالْحَدِيثِ ... وَستر الظلام علينا انسدل إِلَى أَن غفى جفْنه ناعساً ... وعني تغافل أَو قد غفل
فخليت عَن خصره بنده ... وأنضيت عَن معطفيه الْحلَل
وَبت أشاهد صنع الآله ... تبَارك رب البرايا وَجل فَظن بِي الْخَيْر أَولا تظن ... فَمَا أَنْت تسْأَل عَمَّا حصل ...
وَمِنْه ... الدن لي والكأس والقرقف ... وللفقيه الْكتب والمصحف
لَا تنكروا حَالي وَلَا حَاله ... كل مِمَّا يَنْفَعهُ أعرف لكنه يُنكر أذواقنا ... وَمَا لَهُ ذوق وَلَا ينصف
كم يزدي الراح وشرابها ... أخْشَى على ذَا الْفَتى يقصف
دَعْنِي وحالي يَا فَقِيه الورى ... فَأَنت عَن ادراكه تضعف
هَيْهَات أَن يدْرك طعم الْهوى ... م لم يكن فِي ذوقه يلطف
للعشق سر لم يزل غامضاً ... لغير أهل الْحبّ لَا يكْشف
فيا نديمي اشرب على رغمه ... ودعه فِي انكاره يرسف
واحبس فِي بَاب الطهارات من ... كِتَابه لعلمه ينظف
وَبِي غزال طَابَ مرعاه فِي ... كناس قلبِي وَهُوَ لَا يألف
بدر كَمَال لَا يرى حسنه ... نقصا وَلَا محفاً وَلَا يُكَلف
فِي خَدّه أنبت مَاء الحيا ... وردا بِغَيْر اللحظ لَا يقطف
عَارضه لَام وَفِي صُدْغه ... وَاو وَلَكِن آه لَو يعْطف عَزِيز مصر الْحسن لَو كَانَ فِي ... زَمَانه هام بِهِ يُوسُف ...
وَمِنْه ... لَا فرع كدجى اللَّيْل عسق ... وجين مثله تَحت الفلق
ومحيا كلف الْبَدْر بِهِ ... وخدود من حواليها شفق
وعذار مذ تبدا خَدّه ... يعجز الْكَاتِب عَنهُ أَن مشق
مَا أرى الغزلان إِلَّا سرقت ... مِنْهُ جيدا والتفاتاً وحدق
ثمَّ خَافت فتولت شرداً ... كَيفَ لَا يشرد خوفًا من سرق ...
وَمِنْه ... شمس الضُّحَى بعد العشى ... زارت فَزَالَ تلهف
واستقبلت بدر السما ... فَنَظَرت للقمرين فِي ...
وَمِنْه ... عذولي زادني فِي الْحبّ عذلا ... وَأكْثر منمغالبي وآذا
وَصَارَ يلوم من أهواه حَتَّى شكى من لوم عذالي وآذا ...
وَمِنْه ... بلغ حَبِيبِي بعض مَا أَلْقَاهُ إِذا أبصرته ... أما عذولي قل لَهُ دع عَنْك مَا أضمرته ... وَمِنْه معمي فِي أَحْمد ... لنا دارت الكأس الْعقار ... باطراح الرماح دم مدَار
وَكتب إِلَيْهِ الأديب الْفَاضِل جمال الدّين ابْن ملا زَاده فِي مستهل شهر رَمَضَان هَذَانِ البيتان ... يَا قطب أهل الْعلم فِي أم الْقرى ... رَمَضَان هَل ببهجة لم تُوصَف
فتهن وَجدك إِن ذاتك أصحبت ... هِيَ أشرف فِي أشرف فِي أشرف ...
فَأَجَابَهُ قطب الدّين الْحَنَفِيّ وَأرْسل إِلَيْهِ دِينَارا ... يَا أوحد الْفُضَلَاء أَنْت جمالنا فتهن بالشعر الشريف الْأَشْرَف
شعر بِشعر لَا رَبًّا فِيهِ وَإِن ... زَاد الْعيار بِوَزْن هَذَا الْأَشْرَف ...
وَكَانَ الشَّيْخ قطب الدّين قد سعى لِأَخِيهِ محب الدّين فِي الْقَضَاء بِبِلَاد ايمن فَلَمَّا مَاتَ الْمَذْكُور سعي كَذَلِك لِابْنِهِ فِيهِ فقرر فِي وَظِيفَة أَبِيه فَقَالَ الأديب الْفَاضِل جمال الدّين ملا زَاده أَيْضا فِي ذَلِك ... وليت قطب ادين صنوك قَاضِيا ... ثمَّ ابْنه فليأمن الآفاتا
من مَاتَ بعد ولَايَة قطبية ... كأخيك عِشْت وكأبنه مَا مَاتَا ...
وَمن افادات الشَّيْخ قطب الدّين رَحمَه الله تَعَالَى أَن لفظ لن خلكان ظبط على صُورَة الْفِعْلَيْنِ خل أمرا من خلي أَي ترك فعل مَاض وَكَانَ النَّاقِصَة وَسبب تَسْمِيَته بذلك أَنه كَانَ يكثر أَن يَقُول كَانَ وَالِدي كَذَا وَكَانَ جدي كَذَا فَإِنَّهُ من البرامكة فَقيل لَهُ خل كَانَ قَالَ وَرَأَيْت من شبطه بِسُكُون اللَّام وَالْبَاقِي على حَاله وَالله أعلم
-النور السافر عن أخبار القرن العاشر-لمحي الدين عبد القادر بن شيخ بن عبد الله العيدروس.