محمد بن سعيد بن أحمد بن شرف الجذامي القيرواني، أبو عبد الله:
كاتب مترسل، وشاعر أديب. ولد في القيروان، واتصل بالمعز بن باديس أمير إفريقية، فألحقه بديوان حاشيته، ثم جعله في ندمائه وخاصته، واستمر إلى أن زحف عرب الصعيد واستولوا على معظم القطر التونسي (سنة 449 هـ فارتحل المعز إلى المهدية ومعه ابن شرف. ثم رحل ابن شرف إلى صقلّيّة، ومنها إلى الأندلس، فمات بإشبيليّة.
من كتبه (أبكار الأفكار) مختارات جمعها من شعره ونثره، و (مقامات) عارض بها البديع، نشرها السيد حسن حسني عبد الوهاب، في مجلة المقتبس، باسم (رسائل الانتقاد) ثم نشرت في رسالة منفردة باسم (أعلام الكلام) وهذا من كتبه المفقودة، ولو سميت (رسالة الانتقاد) لكان أصح، لقول ياقوت في أسماء تصانيفه: (ورسالة الانتقاد، وهي على طرز مقامة) أما الّذي سماها (مقامات) فهو ابن بسام، في الذخيرة، وقد أورد جملا منها تتفق مع المطبوعة. ولابن شرف (ديوان شعر) وكتب أخرى. وللراجكوتي الميمني: (النتف من شعر ابن رشيق وزميله ابن شرف - ط) .
-الاعلام للزركلي-
ابن شرف (390 - 460 هـ) (1000 - 1067 م)
محمد بن أبي سعيد بن محمد بن أحمد بن شرف الجذامي القيرواني، أبو عبد الله، الأديب الشاعر، الناقد، وشرف اسم أمه على ما ذكره الفيروزآبادي في «تحفة الابيه فيمن نسب لغير أبيه» وذكر ابن شاكر الكتبي في «فوات الوفيات» إنه أعور لكن هذا لم يمنعه أن يكون مقبولا في محيط الأمير المعز بن باديس وبيئة القصر التي كانت مؤيدة له، وهذا التأييد أمكن له مصادقة النخبة الفكرية بأفريقية وبالخصوص الشاعر الناقد ابن رشيق بالرغم من أن هذا الأخير على شهرة أوسع مما عند ابن شرف، وآلت بينهما الحال إلى خصومات ومناقضات، وكان الأمير المعز يغذي سرا هذه المنافسة بينهما، التي كانت ذات أثر في الإنتاج الأدبي عند الخصمين، ولما بلغ ابن شرف سن الطلب أخذ عن القزاز اللغة والنحو، والأدب عن ابراهيم الحصري، والفقه عن أبي عمران الفاسي والقابسي، وبرع في جميع هذه المعارف، وبعد الزحفة الهلالية والاستيلاء على القيروان بارحها إلى المهدية وأقام فيها مدة في جوار الأمير تميم بن المعز، ثم ارتحل إلى صقلية حيث لحق به ابن رشيق بعد وفاة المعز (24 شعبان 454/ 2 سبتمبر 1062) وتصالحا وأقاما بصقلية مدة ثم استنهض ابن شرف رفيقه ابن رشيق على دخول الأندلس فتردد ابن رشيق وأنشد:
مما يزهدني في أرض أندلس … ألقاب مقتدر فيها ومعتضد
ألقاب مملكة في غير موضعها … كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد
فأجابه ابن شرف على الفور:
أن ترمك الغربة في معشر … قد جبل الطبع على بغضهم
فدارهم ما دمت في دارهم … وأرضهم ما دامت في أرضهم
ثم أن ابن شرف توجه إلى الأندلس بصحبة أسرته عن طريق البحر، واستقر في برجة قرب المرية، وتردد على بلاطات ملوك الطوائف، وفي السنوات الأخيرة من حياته وجه كل عنايته لتعليم ابنه أبي الفضل جعفر الذي حاز شهرة في الشعر والنثر مثل أبيه.
وتوفي بإشبيلية في غرة محرم 460/ 11 نوفمبر 1067.
قال ابن بسام «وكان أبو عبد الله بن شرف القيرواني من فرسان هذا الميدان، وأحد من نظم قلائد الآداب، وجمع أشتات الصواب، وتلاعب بالمنظوم والموزون، تلاعب الرياح بأعناق الغصون، وبينه وبين أبي علي بن رشيق ماج بحر البراعة ودام، ورجع نجم هذه الصناعة واستقام، وذهبا في المناقضة مذهبا تنازعاه شرا طويلا وخلّداه ذكرا محمولا، واحتملاه - إن لم يسمح الله - وزرا ثقيلا. وكان أبو علي أوسعهما نفسا وأقربهما ملتمسا ولابن شرف أصالة منزعه وحلاوة مقطعه ومتانة لفظه وسعة حفظه. فتسمع شعره ملآن من وعوعة وجعجعة، ولكن ما أبعد دائما بروحه وأبدعه».
وقد أثنى عليه أبو الوليد الباجي، ووصفه بالعلم والذكاء.
قال ابن بشكوال: «وقد أخبرنا عنه ابنه الأديب أبو الفضل جعفر بن محمد بجميع مجموعات أبيه وكتب بذلك إلينا خطه».
مؤلفاته:
أبكار الأفكار، وهو مختارات من شعره ونثره، وفيه فصل جاء فيه:
«وقد أطلت الوقوف والعكوف على غير ما تصنيف» وقال ابن بسام «ذكر عن ابن شرف أنه يحتوي على مواعظ وأمثال وحكايات طوال» وذكر ابن دحية أنه في جزءين قال ابن بسام ناقلا عن ابن شرف: «وقد تكررت تواليفهم على الأبصار والأسماع، والمكرر مملول بالإجماع.
والنفس صبابة بالغرائب، وإن لم تكن من الأطايب لانفرادها عما سئمته القلوب وتجافت عنه الجنوب، إلا أن الابتداع والاختراع بينه وبين الاستطاعة حجاب، وقد كنت حاولت ما لم أسبق إليه، ولم أجعل سوى ناظري معينا عليه، فصنفت الكتاب الملقب ب «أبكار الأفكار» يشتمل على مائة نوع من مواعظ وأمثال وحكايات قصار طوال، مما عزوته إلى من لم يحكها، وأضفت نسمها إلى من لم يحكها، وقد طرزت بملح الجد والهزل، وحسنت بمقابلة الضد للمثل، وليس في ذلك كله رواية رويتها عن قديم ولا جديد، ولا حدثت بها عن قريب ولا بعيد، وقد وقعت إليه البكر ابنة الفكر، في هودجها الفرج، وجلبابها الأرج، وأتت الكفؤ الكريم، وأشرف من الهدي عليه الحريم الذي لا يشوبه التحريم، وعلى كرمك القبول، وما أهداه الود فمقبول». «فلما وصل الكتاب والخطاب إلى المعتمد لم يجد بدا من انفاذ صلته إليه من البعد» قال ابن بسام «ومع وصول هذه الصلة إلى ابن شرف لم يزل على ملوك الطوائف يومئذ يتطوف، وينتقل في الدول من منزل إلى منزل ومن بلد إلى بلد إلا حضره المعتمد فإنه كان يخاطبه وينشده:
أحبك في البتول وفي أبيها … ولكني أحبك من بعيد
والظاهر من كلام ابن شرف الذي حكاه ابن بسام يشتمل على أحاديث في شكل مقامات يرويها عن شخص خيالي كما هو الشأن في المقامات.
اعلام الكلام نقد في سلسلة «الرسائل النادرة» (القاهرة 1926) هذه الرسالة هي نفسها رسائل الانتقاد المنشورة ضمن «رسائل البلغاء» ص 302 - 342 (القاهرة 1926) ونشرة رسائل البلغاء مأخوذة من مجلة «المقتبس» السنة السادسة شرح ح. ح. عبد الوهاب ثم نشرت رسائل الانتقاد مفردة سنة 1329/ 1911 ط. المقتبس دمشق وتحتوي على:
ملخص النسختين اللتين اعتمدهما المحقق ح. ح عبد الوهاب،
إحداهما مخطوطة تونسية ناقصة من القرن السابع، ومخطوطة مكتبة الاسكوريال رقم 536 قبل سنة 536/ 1111.
ترجمة لابن شرف مأخوذة - بدون شك - من ياقوت.
النص نفسه، وهو حديث عن أحسن الشعراء العرب، وحديث ثان عن أصول النقد الأدبي. وهذه الطبعة ذكرها سركيس في معجم المطبوعات 239.
الطبعة الثانية لعبد العزيز الخانجي، وهي النشرة الأولى من سلسلة الرسائل النادرة (القاهرة 1344/ 1926) وعنوانها أعلام الكلام، نشرت اعتمادا على مخطوطة من مكتبة خاصة تاريخ النسخة 1013/ 1605، وموجز الترجمة منقول عن نشرة عبد الوهاب، والنص يحتوي علاوة على المحادثتين مختارات شعرية لاحسن الشعراء.
وقد ذكر ابن بسام في الذخيرة نص المحادثة الأولى من غير ذكر المقدمة التي عرض فيها ابن شرف منهجه.
ويستفاد مما ذكره ياقوت في «معجم الأدباء» أن أعلام الكلام رسالة في النقد الأدبي، والنسخة المنشورة بدمشق عنوانها «رسائل الانتقاء» وهي «مقامات» لا رسائل.
وصرح ابن شرف أنه انشأ عشرين حديثا يتألف منها بدون شك أعلام الكلام، وكل واحد من هذه الأحاديث أو كل مجموعة منها يجب أن تحمل عنوانا فرعيا، والمخطوطات التي اعتمدها الأستاذ شارل بالا تحمل اسم «مسائل الانتقاد» وورد في نهاية المحادثة الثانية «تمت المقامة المعروفة بمسائل الانتقاد» ولاجل هذا اختار هذا العنوان ويرى أن من المسموح به الاستنتاج أن هذا التأليف كتب باسبانيا بين 449/ 1057 وهذا الافتراض مؤكد في أضيق حد لوجود مخطوطة في الاسكوريال ولعناية المؤلف بابن دراج القسطلي بينما من المعروف أن افريقية لم تقم قط علاقات ثقافية مع اسبانيا.
وقال علي إنه لا يبحث في هذا التأليف عن تحليل عميق للأعمال النقدية، والقسم الأول من مسائل الانتقاد كتب نثرا أخذ معناه صعب في الغالب لأجل الاقتضاب ونص الحديث الأول كان ناقصا لأن الشعراء المذكورين في المقدمة لم يستعرضوا كلهم، وأخيرا فإن أصالة هذا التأليف تظهر في تقديمه الشكل الأدبي للأحاديث التي أرجع نشأتها إلى الهمذاني والتي اختارها على غرار ابن دريد الذي لا يذكر اسمه واكتفى باستعمال كلمة «حديث» وبهذا العنوان تستحق مسائل الانتقاد المكانة الأولى، وهي مكانة من غير شك جديرة بالتقدير في أدب المقامات التي هي على الأرجح من أول نماذجها في المغرب.
ومسائل الانتقاد حققها الأستاذ شارل بالا Ch.Pellat مع ترجمة فرنسية (الجزائر 1953) ومن نماذج ما في رسائل الانتقاد من آراء نقدية انه نعى على امرئ القيس تصريحه بالزنا فسلك مسلك الباقلاني ثم حكم بقوله «وكل ما يخزي من الشعر فهو من أشد عيوبه» ووصف فيه عبد بني الحسحاس بالسواد والحقارة وادعاء الزنا لقوله (من الطويل):
واقبلن من أقصى البيوت يعدنني … نواهد لا يعرفن خلقا سوائيا
يعدن مريضا هنّ هيجن ما به … الا أن بعض العائدات دوائيا
توسدني كفا وتحنو بمعصم … علي وترمي رجلها من ورائيا
(انظر: الثعالبي ناقدا وأديبا محمود عبد الله الجادر، دار الرسالة للطباعة بغداد 1396/ 1976 ص 283 - 4).
أذى البراغيث، قدم تأليفه هذا على أنه عمل أدبي أصيل يشتمل على المواعظ والحكم والمدائح، وتعرض فيه لمواضيع مختلفة: حقل أتلفه البرد، التماس لاشهاد عمامة، كلام سجين، وصف ملاذ الحياة، العداوة القرابة، الكرم البخل. الخ ..
ديوان شعر ذكر ابن دحية في المطرب ان شعره في خمسة مجلدات، ومن رسائله التي ناقض بها ابن رشيق ورد عليه.
رسالة ساجور الكلب.
رسالة قطع الأنفاس.
رسالة نجح الطالب.
كتاب الزمان قلد فيه أو عارض كليلة ودمنة لابن المقفع.
صلة تاريخ الرقيق، ينقل عنه التجاني في الرحلة، وابن عذاري في البيان المغرب.
كتاب في العروض.
كتاب عقيل وعالم.
كتاب لمح الملح، رد فيه على ابن رشيق في رسالته: نسخ الملح وفسخ اللمح.
رسالة نجح الطلب.
كتاب في النحو.
كتاب تراجم المؤلفين التونسيين - الجزء الثالث - صفحة 159 - للكاتب محمد محفوظ