الحصري صاحب زهر الآدب
أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن تميم، المعروف بالحصري، القيرواني الشاعر المشهور، وله ديوان شعر، وكتاب زهر الآداب وثمر الألباب جمع فيه كل غريبة في ثلاثة أجزاء، وكتاب المصون في سر الهوى المكنون في مجلد واحد فيه ملح وآداب. ذكره ابن رشيق في كتابه الأنموذج، وحكى شيئاً من أخباره وأحواله، وأنشد جملة من أشعاره، وقال: كان شبان القيروان يجتمعون عنده، ويأخذون عنه، ورأس عندهم، وشرف لديهم، وسارت تأليفاته وانثالت عليه الصلات من الجهات، واورد من شعره:
إني أحبك حباً ليس يبلغه ... فهم، ولا ينتهي وصفي إلى صفته
أقصى نهاية علمي فيه معرفتي ... بالعجز مني عن إدراك معرفته
وأورد له أبو الحسن علي بن بسام صاحب كتاب " الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة " بيتين في ضمن حكاية، وهما:
أورد قلبي الردى ... لام عذارٍ بدا
أسود كالكفر في ... أبيض مثل الهدى
وهو ابن أبي الحسن علي الحصري الشاعر، وستأتي ترجمته في حرف العين.
توفي أبو إسحاق المذكور بالقيروان سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، وقال ابن بسام في الذخيرة: بلغني أنه توفي سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة، والأول أصح، رحمه الله تعالى.
وذكر القاضي الرشيد بن الزبير في كتاب الجنان في الجزء الأول في ترجمة أبي الحسن علي بن عبد العزيز المعروف بالفكيك أن الحصري المذكور ألف كتاب زهر الآداب في سنة خمسين وأربعمائة، وهذا يدل على صحة ما قاله ابن بسام، والله أعلم.
والحصري - بضم الحاء المهملة وسكون الصاد المهملة وبعدها راء مهملة - نسبة إلى عمل الحصر أو بيعها.
والقيروان - بفتح القاف وسكون الياء المثناة من تحتها وفتح الراء المهملة وبعد الواوألف ونون - مدينة بإفريقية، بناها عقبة بن عامر الصحابي، رضي الله عنه.
وإفريقية سميت باسم إفريقين بن قيس بن صيفي الحميري، وهو الذي افتتح إفريقية، وسميت به، وقتل ملكها جرجير، ويومئذ سميت البربر، قال لهم: ما أكثر بربرتكم، ويقال: إفريقس، والله أعلم.
والقيروان في اللغة: القافلة، وهوفارسي معرب، يقال: إن قافلة نزلت بذلك المكان، ثم بنيت المدينة في موضعها فسميت باسمها، وهو اسم للجيش أيضا، وقال ابن القطاع اللغوي: القيروان بفتح الراء الجيش، وبضمها القافلة، نقله عن بعضهم، والله أعلم.
وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - لأبو العباس شمس الدين أحمد ابن خلكان البرمكي الإربلي
تتمات
[وذكره أبو الحسن علي بن بسام في كتاب " الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة "، وحكى من أخباره وأحواله وأنشد جملة من أشعاره، فمن ذلك ما حكاه أبو صفوان] العتكي قال: كان أبو إسحاق الحصري كلفاً بالمعذرين، وهو القائل:
ومعذرين كان نبت خدودهم ... أقلام مسك تستمد خلوقا
قرنوا البنفسج بالشقيق ونظموا ... تحت الزبرجد لؤلؤاً وعقيقا [قال:] وكان يختلف إليه غلام من أبناء أعيان أهل القيروان، وكان به كلفاً، فبينا هو (2) يوماً والحصري جالس عنده وقد أخذا في الحديث إذ أقبل الغلام [كما قيل] :
في صورة كملت تخال بأنها ... بدر السماء لستة وثمان
يعشي العيون ضياؤها فكأنه ... شمس الضحى تعشى بها العينان فقال له الشيخ: يا أبا إسحاق ما تقول فيمن هام بهذا الغلام وصبا بهذا الخد فقال له الحصري: الهيمان والله به في غاية الظرف، والصبوة إليه من تمام اللطف، لا سيما إذ شاب كافور خده هذا المسك الفتيت، وهجم على صبحه هذا الليل البهيم، ووالله ما خلت سواده في بياضه إلا بياض الإيمان في سواد الكفر، أو غيهب الظلماء في منير الفجر؛ فقال: صفه يا حصري، فقلت: من ملك رق القول حتى انقادت له صعابه، وذل له جموحه وسطع له شهابه، أقعد مني بذلك، فقال: صفه فإني معمل فكري فيه، ثم أطرقا لحظة فقال الحصري:
أورد قلبي الردى ... لام عذار بدا
أسود كالكفر في ... أبيض مثل الهدى فقال الشيخ: أتراك اطلعت على ضميري أم خضت بين جوانحي وزفيري فقال له: ولم ذاك أيها الشيخ قال: لأني قلت:
حرك قلبي وطار صولج لام العذار ... أسود كالليل في أبيض مثل النهار
وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - لأبو العباس شمس الدين أحمد ابن خلكان البرمكي الإربلي
الحصري
الأَدِيْبُ شَاعِرُ المَغْرِبِ أَبُو إِسْحَاقَ؛ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيِّ بنِ تَمِيْمٍ القَيْرَوَانِيُّ.
وَشعره سَائِر مدُوَّن. وَلَهُ كِتَاب "زهر الآدَاب" وَكِتَاب "المصُوْنَ فِي الهَوَى".
مدح الكُبَرَاء.
وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وأربع مائة.
وَهُوَ ابْنُ خَالَة الشَّاعِر الشَّهِير أَبِي الحَسَنِ الحصري.
سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي.
أبو إسحق إبراهيم بن علي بن تميم، المعروف بالحُصْري القَيرَواني الشاعر، المتوفى سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة، له ديوان شعر وكتاب "زهر الآداب" جمع فيه كل غريب وكتاب "نور الطرف" وكتاب "المصون". ذكره ابن رشيق في "الأنموذج" وابن خَلِّكان في "وفيات الأعيان".
سلم الوصول إلى طبقات الفحول - حاجي خليفة.
الحصري (... - 413 هـ) (1023 م)
إبراهيم بن علي بن تميم الحصري الأنصاري القيرواني، أبو إسحاق، الأديب الشاعر، الناقد.
ولد بالقيروان، ونشأ بها، وأخذ عن علمائها، ودرّس بالقيروان، قال ابن رشيق في كتابه «نموذج الزمان»: «كان أبو إسحاق الحصري قد نشأ على الوراقة والنسخ لجودة خطه، وكان منزله لزيق جامع مدينة القيروان، فكان الجامع بيته وخزانته وفيه اجتماع الناس اليه ومعه، ونظر في النحو والعروض، ولزمه شبان القيروان وأخذ في تأليف الأخبار، وصنعة الأشعار مما يقرب في قلوبهم فرأس عندهم وشرف لديهم، وصلت تأليفاته صقلية وغيرها، وانثالت الصلات عليه».
وقال ابن رشيق أيضا عن شعره ومبله فيه إلى بعض المحسّنات البديعية اقتداء بأبي تمام: «وكان شاعرا نقادا عالما بتنزيل الكلام وتفصيل النظام، يحب المجانسة والمطابقة، ويرغب في الاستعارة تشبها بأبي تمام في أشعاره، وتتبعا لآثاره وعنده من الطبع ما لو أرسله على سجيته لجرى جري الماء، ورق رقة الهواء» رام كتابة تأليف في طبقات الشعراء من معاصريه مرتبا على الأعمار، قال ابن رشيق: «وقد كان أخذ في عمل طبقات الشعراء على رتب الأسنان، وكنت أصغر القوم سنا فصنعت:
رفقا أبا إسحاق بالعالم … حطت في أضيق من خاتم
لو كان فضل السبق مندوحة … فضّل ابليس على آدم
فبلغه البيتان فامسك عنه واعتذر عنه، ومات وقد سدّ عليه باب الفكرة فيه ولم يصنع شيئا».
مات بالمنصورية قرب القيروان.
مؤلفاته:
جمع الجواهر في الملح والنوادر، نشر لأول مرة في القاهرة بعنوان «نيل زهر الآداب»، ثم نشره وحققه محمد علي البجاوي، مط عيس البابي الحلبي، القاهرة 1372/ 1953 دار إحياء الكتب العربية، وهو يمتاز عن «زهر الآداب» بمادته المحددة، وهو مجموعة من الحكايات، وكلمات حسنة في الفكاهة وحكايات المجانين وهو على ميله إلى الفكاهة لا يخرج عن حدود اللياقة، وغايته هي التسلية وتعليم فن المحاورة.
زهر الآداب وثمر الألباب، قال عنه ابن بسّام: «فلعمري ما قصر مداه، ولا قصرت خطاه، لولا أنه شغل أكثر أجزائه وأنحائه، ومرج يحبو حمى أرضه وسمائه بكلام أهل العصر دون كلام العرب، لكان كتاب الأدب، لا ينازعه في ذلك إلا من ضاق عنه الأمد وأعمى بصيرته الحسد».
فابن بسّام يعترف بقيمته وإنما يأخذ عليه اعتناءه بكلام أهل العصر دون كلام العرب وهذه نظرة محافظة جدا، وإيراده لكلام المعاصرين جعل الكتاب ممتازا عن غيره من كتب المنتخبات الأدبية.
ألف هذا الكتاب سنة 405/ 1014 بطلب من كاتب ديوان الانشاء أبي الفضل العباس بن سليمان الذي أتى من المشرق بكثير من القطع الأدبية المعاصرة، والمؤلف يعترف بأن مساهمته تقف عند الاختيار، وهو مختارات أدبية، يذكر المؤلف النصوص المختلفة والقصيرة نسبيا ليمكن حفظها بسهولة واتباعها كنماذج، والكتاب تنقصه الوحدة، والقصد من وضعه هو إمداد المتعلمين بثروة من جيد المنتخبات الشعرية والنثرية لتهذيب قريحتهم.ط، بعناية الدكتور زكي مبارك ومحمد علي البجاوي، ثم إن الشخص الثاني طبعه طبعة اتم وأحسن في القاهرة 1372/ 1953.
ديوان شعر، مفقود.
المصون في سر الهوى المكنون، وعند ياقوت المصون والدر المكنون، يوجد في ليدن، وفي مكتبة شيخ الإسلام بالمدينة المنورة، وهو يبحث في عاطفة الحب بصفة عامة، وبالخصوص في مظاهره البادية في مجالي كثيرة، رغما عن الرغبة الواعية واللاواعية في إبقائه مكتوما، فهو دراسة ذات صفة موسوعية، وخلافا لمؤلفات الحصري الأخرى فإن الخبر والمادة هما في معظمهما من الدرجة الثانية والعرض خارج عن الاستشهاد شعرا ونثرا من قلم المؤلف، والأشخاص المحتج بهم ليسوا عربا فقط، بل أسماء مفكرين وفلاسفة يونانيين وهي ترد بكثرة، والتأليف في شكل حوار.
نور الطرف ونور الظرف، مخطوط بالأسكوريال 392، وغوطا 2129، ويسميه ياقوت كتاب النورين له نفس الأساس ونفس روح زهر الآداب، والذي يمكن أن يحل محله لدى القارئ المتسرع أو غير المستعد لمطالعة زهر الآداب، وغاية الحصري من مؤلفاته هي تطبيقية تعليمية.
والحصري يتجنب فيما يورده من نوادر وحكايات عن الفحش متقيدا بنظرة دينية أو ما يسيء إلى الأخلاق، بما يخرج به قائله عن سبل المؤمنين»، ومن أهل الالحاد من يسر حسوا في ارتغاء يشفي به من دائه ويضحك خاصة أودائه، ويغرّ به من ضعفت نحيزته، ووهنت غريزته» (جمع الجواهر 3 - 4).
ونعى على ابن قتيبة استبعاد المقياس الديني، من النظرة الى الأدب وقال:
«ليت شعري ما اللذة فيما يضحك منه من هو معرض عنه إلا أن يدخل في حد المستهزئين وحيز اللاعبين، نعوذ بالله من الحور بعد الكور (المصدر السالف 53)
كتاب تراجم المؤلفين التونسيين - الجزء الثاني - صفحة 149 - للكاتب محمد محفوظ