عبد الجليل بن عبد السلام بن عبد الله

برادة عبد الجليل

تاريخ الولادة1242 هـ
تاريخ الوفاة1327 هـ
العمر85 سنة
مكان الولادةالمدينة المنورة - الحجاز
مكان الوفاةالحجاز - الحجاز
أماكن الإقامة
  • المدينة المنورة - الحجاز
  • مكة المكرمة - الحجاز
  • استانبول - تركيا
  • دمشق - سوريا
  • مصر - مصر

نبذة

العلامة عبد الجليل بن عبد السلام بن عبد الله بن عبد السلام بن أبي جيدة برادة الحنفي المدني ، ولد في المدينة المنورة أواخر سنة 1242ه، في بيت علم وفضل ومجد، وتوفي والده وهو صغير ، فلما أن اشتد ساعده حفظ القرآن في حلقات الحرم النبوي، وحضر دروس العلم فيه، فقرأ على الشيخ يوسف الغزي، ومحمد الحلبي، ومحمد الدمياطي ، ومحمد العطوشي الطرابلسي، وصالح التونسي الكبير ، وقرأ أيضا على الشيخ يوسف الأزهري، وجماعات من العلماء

الترجمة

العلامة عبد الجليل بن عبد السلام بن عبد الله بن عبد السلام بن أبي جيدة برادة الحنفي المدني ، ولد في المدينة المنورة أواخر سنة 1242ه، في بيت علم وفضل ومجد، وتوفي والده وهو صغير ، فلما أن اشتد ساعده حفظ القرآن في حلقات الحرم النبوي، وحضر دروس العلم فيه، فقرأ على الشيخ يوسف الغزي، ومحمد الحلبي، ومحمد الدمياطي ، ومحمد العطوشي الطرابلسي، وصالح التونسي الكبير ، وقرأ أيضا على الشيخ يوسف الأزهري، وجماعات من العلماء ثم توجه سنة 1285ه من المدينة المنورة إلى مصر، وأقام بها شهورا، واستفاد الشيء الوفير من علماء الأزهر، واجتمع بكثير من علمائه ، وعلى الخصوص العلامة محمد الأقباني والعلامة مصطفى الذهبي .

ثم توجه في نفس السنة إلى الآستانة ، والتقى علماءها، ثم رجع إلى المدينة المنورة بعلم و فير ، وتصدر للتدريس في العشرين من عمره ، فكانت حلقته بالروضة الشريفة ، ودرس في مكة المكرمة من سنة 1323ه إلى سنة 1326ه، وقد اتخذ هو وبعض علماء المدينة المنورة ندوة أسبوعية في بستان الأبارية البرادية قرب المسجد النبوي الشريف ، من جهة شمال الشرق، جهة البقيع، فكان المجلس بمتلئ بالصفوة والأعيان ، وأقام في أخرياته في مكة المكرمة ، وأدركته المنية في طريقه إلى المدينة المنورة ، في المحرم من سنة 1327ه .

أنظر كامل الترجمة في كتاب : جمهرة أعلام الأزهر الشريف في القرنين الرابع عشر والخامس عشر الهجريين للشيخ أسامة الأزهري.

 

 

السيد عبد الجليل بن المرحوم الشيخ عبد السلام المدني المشهور ببرادة
عالم فاضل، وهمام إمام كامل، قد اشتهر في الناس اشتهار البدر، واستشرفت إليه النفوس استشرافها لليلة القدر، واتفق على كمال فضله الخاص والعام، وأذعن له العموم بأنه طود العلماء الأعلام، ومحور مدار الأدب ولسان بلاغة العرب. قد ضاهى السماكين رفعة وقدراً، وحيرت الأفكار بدائعه فنثره كالنثرة وشعره كالشعرى، ألفاظه رقيقة كخلقه اللطيف ومعانيه حسنة وقدره منيف.
قد اجتمعت به حينما شرف إلى دمشق الشام بعد الألف وثلاثمائة بقليل، وهو من المرض سقيم وعليل، وبديهة النظر تدل على أنه استكمل من السنين، ما بين الستين إلى السبعين، فرأيت شهما جيد الكلام، رفيع المقام، جميل المقابلة، جليل المعاملة، لطيف الموانسة، شريف المجالسة، طلق اللسان، عليه مهابة وجلالة وشان. ولم يطل بقاؤه في الديار الدمشقية، بل بعد مدة قليلة توجه إلى وطنه المدينة المنورة من جهة اسكندرية، وكان قد أسمعني من نظمه ونثره ما يدل على جودة ذهنه واتساع فكره، وقد حفظت شيئاً منه وقيدته، إلا أنني ظللته بعد ذلك وفقدته، ولم أجد عندي سوى ما قرظ به على الكتاب المسمى بعلم الدين، لحضرة العالم الفاضل علي باشا مبارك ناظر الأشغال العمومية المصرية سابقاً، وهو:
ما تنسج الأيدي يبيد وإنما ... يبقى لنا ما تنسج الأقلام
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد فإني تصفحت هذا الكتاب، بل العجب العجاب، الذي نسبت للشيخ علم الدين روايته، وأسندت للسائح الإنكليزي حكايته، فوجدته نزهة للناظر، وسلوة للخاطر، فيه للقلوب ارتياح، وللخواطر نشاط وارتياح، تعرب مبانيه عن لطيف معانيه، وتفصح روائع ألفاظه الرائقة عن بدائع مضامينه الفائقة، ويشهد لمؤلفه بعلو المقدار، ولمصنفه بحسن الاختيار. جمع فيه من غرائب الفنون ونقائض الجد والمجون، الضب والنون، وقرن إلى أسنى المقاصد أشرف المطالب، فصح أنه المرغوب لكل طالب، أظهر فيه ما خفي من أشرار الصنائع، وكشف عن وجه مخدرات العلوم البراقع، وأضاف إلى ذلك من حكم الحكماء، ما أغفلته القدماء، ووشحه بلطائف النوادر، وما تفردت به الأواخر، وأظهرته في هذا الدور الأخير فهو مخترع لجميع المخترعات جامع، وبديع في بيان معاني المبتدعات نافع، ينتقل من فصل إلى ضده، ويحكم الوصل بما أبداه من عنده فكأنه مؤلفه المفضال يقول فيه بلسان الحال:
تصديت في إتعاب فكري لجمعه ... فجاء كتاباً في البها لا يشارك
وكنت بحمد الله فيه موفقا ... فاسمي علي في الأنام مبارك
فلله در من أنشاه، وبطراز الحسن والإحسان وشاه، فإنه أجاد، وسلك طريق السداد، وبلغ به ما فوق المراد. بلغه الله تعالى أمانيه، وكبت حاسده وشانيه، ولا زال متواصل البقا دائم الارتقا، بهجة للياليه وأيامه، يزين الوجود بآثار أقلامه، مغتنماً للثناء الجميل، والأجر الجزيل، بحرمة سيد الأنام، الذي يحسن بذكره البدر والختام، ومن نظامه:
إن كان بختي عن الدنيا تقاعد بي ... فإن لي همة من دونها القمر
وإن تك الكف عن إدراكها قصرت ... فالرجل عن دفعها ليست بها قصر
ومن بديع كلامه:
ناولت ذات البها المرآة أوهمها ... بأن فيها لها شكلاً يحاكيها
وعندما أبصرت فيها محاسنها ... جارت وصالت على عشاقها تيها
ومن كلامه الأنيق ونظامه الرقيق:
أرى كل ما تحوي مجالس أنسنا ... جنوداً لدفع الهم سلطانها الشاهي
ولا عجب إن لم تتم بدونه ... فما تم أمر للجنود بلا شاهي
ومن كلامه حينما انتصرت الدولة العثمانية على اليونان وذلك في أحد عشر تموز سنة ألف وثلاثمائة وثلاث عشرة وكان المترجم نزيل الدار العلية فقال مهنئاً ومادحاً حضرة السلطان الأعظم عبد الحميد خان، نصره الرحمن:

كذا فليكن ما يحرز المجد والفخر ... كذا فليكن ما يجمع الفتح والنصر
كذا فليكن ما يبلغ السؤل والمنى ... كذا فليكن ما يدرك الثأر والوتر
كذا فليكن سعي الملوك مقدساً ... يرافقه نسك ويتبعه أجر
كذا فليكن قهر الأعادي وهكذا ... تخاض المنايا والحديد لها جسر
حديث عن اليونان يضحك باكياً ... ويطرب محزوناً ويلهو به غر
أماني نفوس في الدجى حلموا بها ... وبالعكس في تعبيرها طلع الفجر
همو دبروا أمراً لأمر وفكروا ... فعاد عليهم ضلة ذلك الفكر
فعاثوا وجاسوا في البلاد بجهلهم ... وعم على جيرانهم منهم الغدر
صبرنا وكم عنهم عفونا فلم يفد ... وعن مثلهم لا يحسن العفو والصبر
فقام أمير المؤمنين لردعهم ... ببأس شديد لا يقوم له الصخر
فبادرهم منه هصور غضنفر ... كذا الليث يخشى من بوادره الهصر
مشيد أركان الخلافة فخرها ... عظيم بني عثمان يا حبذا الفخر
لقد قام في ذا العصر بالواجب الذي ... هو الفرض من غزو تباهى به العصر
فأحيا مواتاً للجهاد تقادمت ... عليه دهور لا يشاد له ذكر
وقام به في الله لله يبتغي ... مثوبته العظمى وحق له الشكر
غزاة لعمر الله قد نال خيرها ... وسالمه رغم العداة بها اليسر
بفتكته البكر التي شاع ذكرها ... وأفضل فتكات الملوك هي البكر
ليهنك يا كهف الأنام وظلهم ... فتوح به سر المحصب والحجر
وقبر لخير الخلق سر بطيبة ... وحق لهذا النصر أن يفرح القبر
فأنت ملاذ للعفاة مؤمل ... وفضلك جم لا قليل ولا نزر
ومن أين للمزن الكهنور جود من ... بكلتا يديه ديمة صوبها التبر
لك الرأي بالحزم السديد مؤيد ... تعاملهم بالمكر إن لزم المكر
فداو مريض الجهل بالحلم إن يفد ... وإلا فداء الشر يحسمه الشر

ورأيك سيف ما ألمت شباته ... بأمر عصى إلا استطاع له الأمر
ومن أين للسيف الحسام مضاؤه ... إذا خامر الألباب من حادث ذعر
كهانته شق سطيح بجنبها ... يحار لها زيد ويعيا بها عمرو
سمعنا بأن الجبن فيهم سجية ... ولما التقينا صدق الخبر الخبر
لقد تركوا الأوطان والأهل عنوة ... وأجلاهمو القتل المبرح والأسر
وما وقفوا في ماقط الحرب لحظة ... ولا تثبوا كلا ولكنهم فروا
وأدهم بالدهم الجياد داهمو ... فحاصوا كحمر الوحش صادفها نمر
وترحالة عنها ترحل جمعهم ... ودكدك من أنحائها السهل والوعر
وغصت غلوص بعد ذاك بريقها ... فما ساغ لولا أن تداركها البحر
ولا ريس في لا ريس بعد انهزامهم ... رئيس فهم فوضى كأنهم الحمر
ودوميكة تدعوا اتينة جهدها ... لتنجددها هيهات أشغلها عذر
وحينما كنت في الآستانة سنة ألف وثلاثمائة وخمس عشرة كان حضرة المترجم بها أيضاً، وكنت أجتمع به كثيراً وأجلو الغم بمذاكرته وبديع محاضرته. وكان متقن اللغات الثلاث متبحراً بها، فمرة تلا علينا بيتين بالفارسية وأفاد أن معناهما أن هذا العالم قبل إيجاد كان مستريحاً من النعم والنقم، وأن الله تعالى ما أوجده إلا لتحمل الألم، والأكدار والسقم، وطلب مني رد هذا المعنى إلى العربية فلم أستطع إلا موافقته ومسايرته ومطاوعته، فقلت:
كان ذا العالم في غيب العدم ... ذا هناء من نعيم أو نقم
ما براه الله إلا للعنا ... والدواهي والنواهي والسقم
وقلت أيضاً:
قد كان ذا الخلق في غيب العما عدماً ... ما شابه نعم كلا ولا نقم
وما براه إله العرش من عدم ... إلا لتنهكه الآلام والسقم

ونظم هذا المعنى حضرة الفاضل الكامل محي الدين باشا الجزائري شبل الأمير عبد القادر حفظه الله فقال:
قد كان هذا الخلق قبل ظهوره ... في راحة من رحمة وعناء
فأراد بارئه لسر قد خفي ... إظهاره للسقم والبلواء
وأرسلت ذلك للمترجم المومى إليه، وبعد أيام أرسل إلي كتاباً وفيه: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله يا سيدي ومنتهى أملي وهواي، لما تأملت القطعتين النفيستين، بل الدرتين بل الفرقدين النيرين، لم أستطع السكون والتمكين، حتى بادرت إلى التطفل عليهما ومزجت الغث بالثمين، وشطرتهما بما لم أرضه لهما، ثم أنه غلب علي الشره الخسيس، فلطختهما بالتخميس غير النفيس، وها هما يعثران في ذيل الخجل، والعفو منكما غاية الأمل. القطعة الأولى:
أيها السائل يا عالي الهمم ... ومريد الفهم عما قد أهم
خذ جواباً شافياً من كل هم ... كان ذا العالم في غيب العدم
ثابتاً في ذاته من القدم
ظرفه في لونه من لونه ... وصفه محتجب في صونه
قربه مندمج في بونه ... غافلاً عن كونه في كونه
ذا هناء من نعيم ونقم
ثم لما فاض بحر بالسنا ... وجرت فيه الجواري بالثنا
فلأمر يقتضيه الاعتنا ... ما براه الله إلا للعنا
ومقاساة هموم وألم
خصه باللطف من إنعامه ... وحباه بحبا إكرامه
وابتلاه رفعة لمقامه ... كي يرى الأهوال في أيامه
والدواهي والنواهي والسقم

وأما قطعة حضرة الأمير محي الدين باشا:
يا من تحير في الوجود ونوره ... وعناه فهم صغيره وكبيره
اسمه مقالاً كاشفاً لضميره ... قد كان هذا الخلق قبل ظهوره
في عالم الأعيان والأسماء
هو كان في العدم الممحض رافلاً ... هو كان للعلم القديم مواصلاً
ما شم رائحة الوجود ولا ولا ... متنزهاً عن كل وصف غافلاً
في راحة من نعمة وعناء
هو بالعماء الصرف منه مكتفي ... ولغيره مهما يكن لم يعرف
وله بذاك مقام عز أشرف ... فأراد باريه لسر قد خفي
إيجاده فكساه ثوب بهاء
ما كان يدري نعمة من نقمة ... كلا ولا نوراً له من ظلمة
عن نفسه من نفسه في عصمة ... لكنه جعل الإله بحكمة
إظهاره للسقم والبلواء
وللمترجم المذكور فضائل شهيرة، وشمائل بديعة كثيرة، قد شاعت في العالم شيوع البدر، وقابلتها الأفواه بالحمد والشكر.
توفي هذا المترجم المرقوم وهو راجع من مكة المشرفة إلى المدينة المنورة قبل وصوله بثلاث مراحل وحمل إلى المدينة المنور وصلي عليه بالحرم الشريف ودفن في البقيع، وذلك في المحرم الحرام سنة 1327هـ.
حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ابن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي.

 

 

عبد الجليل بن محمد برّادة
وفيه توفي عبد الجليل بن محمد برادة الفاسي أصلا المدني استيطانا، الفقيه العلامة المحدث الراوية المطلع، له عدة إجازات من عدد من علماد المغرب. توفي بالمدينة المنورة.
إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع- لعبد السلام بن عبد القادر ابن سودة.

 

 

(1243 - 1326 هـ = 1827 - 1908 م) عبد الجليل بن عبد السلام بن عبد الله بن عبد السلام برادة: شاعر، من أهل المدينة المنورة. مغربي الأصل، هاجر جده عبد السلام مع والده الشيخ جيدة، من فاس إلى المدينة سنة 1145 هـ وولد هو، وعاش، في المدينة. وتوفي راجعا من مكة إلى المدينة بعد ما أعلن الدستور العثماني (وكان فارا بمكة مستجيرا بأميرها من جور محافظ المدينة عثمان باشا) ونقل إلى المدينة فدفن في البقيع. وكان من شعراء بدء اليقظة العربية، في عهد العثمانيين وأبعد في أيام السلطان عبد الحميد الثاني إلى الآستانة فكان ممّا قاله وهو فيها يشير إلى سكوته وفي النفس أشياء:
قدر الله أن أعيش ... غريبا في بلاد أساق كرها إليها
وبفكري مخدرات معان ... نزلت آية الحجاب عليها!
ولما نزل الشيخ محمد محمود التركزي الشنقيطي في الحجاز، كان صديقا لعبد الجليل ثم فسد ما بينهما، فتهاجيا بقصائد كانت حديث الناس. وشعره مجموع في (ديوان - خ) وكان يحسن مع العربية التركية والفارسية والهندية والحبشية .

-الاعلام للزركلي-