العباس بن الفرج بن علي بن عبد الله الرياشي البصري
أبي الفضل الرياشي
تاريخ الولادة | 177 هـ |
تاريخ الوفاة | 257 هـ |
العمر | 80 سنة |
مكان الوفاة | البصرة - العراق |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
العباس بن الفرج بن علي بن عبد الله الرياشي البصري، من الموالي، أبو الفضل:
لغويّ راوية، عارف بأيام العرب. من أهل البصرة. قتل فيها أيام فتنة صاحب الزنج. له كتاب (الخيل) وكتاب (الإبل) و (ما اختلفت أسماؤه، من كلام العرب) وغير ذلك. روى عنه المبرد، مرات، في الكامل .
-الاعلام للزركلي-
الرياشي
كان الرياشي من كبار أهل اللغة، كثير الرواية للشعر؛ أخذ عن الأصمعي، وكان يحفظ كتب الأصمعي وكتب أبي زيد كلها؛ وقرأ على أبي عثمان المازني كتاب سيبويه، فكان المازني يقول: قرأ علي الرياشي الكتاب وهو أعلم به مني. وأخذ عنه أبو العباس المبرد وأبو بكر ابن دريد.
وروى أبو بكر بن دريد، قال: رأيت رجلاً في الوراقين بالبصرة يفضل كتاب إصلاح المنطق لابن السكيت، ويقدم الكوفيين، فقيل للرياشي - وكان قاعداً في الوراقين - ما كان قاله ذلك الرجل، فقال: إنما أخذنا نحن اللغة عن حرشة الضباب وأكله اليرابيع، وهؤلاء أخذوا اللغة عن أهل السواد وأصحاب الكوامخ، أو كلام يشبه هذا.
الحرشة: الذين يصيدون الضباب، وأحدهم حارش، مثل حارس وحرسة وكافر وكفرة.
وروى ابن أبي الأزهر، قال: كنا نراه يجيء إلى أبي العباس المبرد في قدمة قدمها من البصرة، وقد لقيه أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب، وكان يقدمه ويفضله.
وذكر أبو محمد بن قتيبة، قال: سألت الرياشي عن قول العرب: "بينا زيد قائم جاء عمرو"، فقال: إذا ولي لفظة "بينا" الاسم العلم رفعت، فقلت: "بينا زيد قائم جاء عمرو"، وإن وليها اسم المصدر، فالأجود الجر، كقول الشاعر:
بينا تعانقه الكماة وروغه ... يوماً أتيح له جريء سلفع
قال المصنف: يروى "تعانقه" بالجر والرفع، فمن جره جعل الألف فيه للإشباع، كقول الشاعر:
وأنت من الغوائل حين ترمي ... ومن ذم الرجال بمنتزاح
أي بمنتزح، ومن رفعه جعل الألف زيادة ألحقت كما زيدت "ما" في "بينما"، فتغير حكم "بين" لضمها إليها.
وحكى أبو منصور أحمد بن شعيب بن صالح البخاري، قال: أنشدني أبو الفضل الرياشي لنفسه:
شفاء العمى حسن السؤال وإنما ... يطيل العمى طول السكوت على الجهل
فكن سائلاً عما عناك فإنما ... خلقت أخا عقل لتسأل بالعقل
وتوفي سنة سبع وخمسين ومائتين في خلافة المعتمد.
نزهة الألباء في طبقات الأدباء - لكمال الدين الأنباري.
أَبُو الْفضل الْعَبَّاس بن الْفرج الرِّيَاشيّ
مولى مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْهَاشِمِي، كَانَ أَبوهُ عبدا لرجل من جذام، يُقَال لَهُ رياش فغلب عَلَيْهِ، ونُسب إِلَى رياشٍ مولى كَانَ بَاعه من الْهَاشِمِي، فَأعْتقهُ.
روى أَبُو الْقَاسِم عبد الرَّحْمَن الزجاجي، عَن عَليّ بن سُلَيْمَان الْأَخْفَش، عَن ثَعْلَب، قَالَ: قدم الرياشي بَغْدَاد سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، فصرت إِلَيْهِ لآخذ عَنهُ، فَقَالَ: أأَسأَلك عَن مَسْأَلَة؟
قلت: نعم.
فَقَالَ: أتجيز " نِعْمَ الرَّجُلُ يقوم "؟ فَقلت: نعم هِيَ جَائِزَة عِنْد الْجَمِيع، أما الْكسَائي فيضمر، وَالتَّقْدِير عِنْده: نِعْمَ الرَّجل رجلٌ يقوم. لِأَن " نِعْمَ " عِنْده فعل. وَالْفراء يضمر، لِأَن " نِعْمَ " عِنْده اسْم، وَيرْفَع " الرجل " بنعم، و " يقوم " صلَة الرجل.
وَأما صَاحبك - يَعْنِي سِيبَوَيْهٍ - فَإِنَّهُ يضمر شَيْئا، و " نعم " أَيْضا عِنْده فِعلٌ، وَلَكِن يَجْعَل " يقوم " مترجماً.
فَسكت.
قلت: فأسألك عَن مَسْأَلَة؟ قَالَ: نعم.
قلت: " يقوم نِعْمَ الرَّجُلُ "؟ قَالَ: جَائِز.
قلت: هَذَا خطأ عِنْد الْجَمِيع.
أما على مَذْهَب الْكسَائي، فَإِنَّهُ لَا يولي الْفِعْل فعلا.
وَأما الْفراء، فَإِن " يقوم " عِنْده صلَة، والصلة لَا يتَقَدَّم على الْمَوْصُول.
وَأما على مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ، فَإِنَّهُ لَا يجوز، لِأَنَّهُ تَرْجَمَة، والترجمة تَبْيِين وإيضاح للجملة الَّتِي تتقدمها، وَلَا يجوز تَقْدِيمهَا عَلَيْهَا.
فَقَالَ: أَنا تَارِك للعربية، فَخذ فِيمَا قصدت لَهُ.
ففاتحته الْأَخْبَار، ففتحت بِهِ ثبج بحرٍ.
وَقَالَ الرياشي: تحفظت كتب أبي زيد، إِلَّا أَنِّي لم أُجالسه كَمَا جالست الْأَصْمَعِي.
وروى مُحَمَّد بن رستم الطَّبَرِيّ، قَالَ: أخبرنَا أَبُو عُثْمَان الْمَازِني، قَالَ: كنت عِنْد سعيد بن مسْعدَة الْأَخْفَش، أَنا وَأَبُو الْفضل الرياشي، فَقَالَ الْأَخْفَش: إِن " مذ " إِذا رفع بهَا فَهِيَ اسْم الْمُبْتَدَأ، وَمَا بعْدهَا خَبَرهَا، كَقَوْلِك: " مَا رَأَيْته مذ يَوْمَانِ "، وَإِذا خُفض بهَا فَهِيَ حرف معنى لَيْسَ باسم، كَقَوْلِك: مَا رَأَيْته مذ الْيَوْم.
فَقَالَ الرياشي: فَلم لَا يكون فِي الْمَوْضِعَيْنِ اسْما، فقد رُوِيَ الْأَسْمَاء تنصب وتخفض، كَقَوْلِك: " هَذَا ضَارب زيدا "، و " ضَارب زيد أمس " فَلم لَا يكون بِهَذِهِ الْمنزلَة؟ فَلم يَأْتِ الْأَخْفَش بمقنع.
قَالَ أَبُو عُثْمَان: فَقلت لَهُ: لَا تشبه " مذ " مَا ذكرت من الْأَسْمَاء؛ لأَنا لم نر الْأَسْمَاء هَكَذَا تلْزم موضعا وَاحِدًا، إِلَّا إِذا عارضت حُرُوف الْمعَانِي، نَحْو " أَيْن " و " كَيفَ " وَكَذَلِكَ " مذ " هِيَ مضارعة لحروف الْمعَانِي، فلزمت موضعا وَاحِدًا.
قَالَ الطَّبَرِيّ: فَقَالَ ابْن أبي زرْعَة للمازني: أفَرَأَيْت حُرُوف الْمعَانِي تعْمل عملين مُخْتَلفين متضادين؟
قَالَ: نعم، كَقَوْلِك: " قَامَ الْقَوْم حاشا زيد "، و " حاشا زيدا "، و " على زيد ثوبٌ "، و " علا زيد الْجَبَل ". فَيكون مرّة حرفا وَمرَّة فعلا بِلَفْظ وَاحِد.
وقُتل الرياشي سنة سبع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ، قتلته الزَّنْج وَقت دُخُولهَا الْبَصْرَة، فِي هَذِه السّنة.
قَالَ ابْن الْخياط: سَمِعت الْعَنزي يَقُول: سَمِعت الْمَازِني
يَقُول: قَرَأَ عليّ الرياشي " كتاب سِيبَوَيْهٍ " فَكَانَ مَا أفدت مِنْهُ أكبر مِمَّا أَفَادَ مني.
قَالَ ابْن الْخياط: الَّذِي اسْتَفَادَ مِنْهُ الْمَازِني النّصْف الآخر من الْكتاب لأنَّ آخِره لُغَة.
* * *
تاريخ العلماء النحويين من البصريين والكوفيين وغيرهم-لأبو المحاسن المفضل التنوخي المعري
الرياشي
عباس بن الفرج، العلامة الحافظ، شيخ الأدب، أبي الفضل الرِّيَاشِيُّ البَصْرِيُّ النَّحْوِيُّ مَوْلَى مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ عَلِيٍّ العَبَّاسِيِّ الأَمِيْرِ، وَقِيْلَ: كَانَ أبيهُ عبداً لِرَجُلٍ مِنْ جُذَام اسْمُهُ رِيَاش.
وُلِدَ بَعْدَ الثَّمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ طَائِفَةٍ كَثِيْرَةٍ، وَحملَ عَنْ: أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بنِ المُثَنَّى، وَأَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ وَالأَصْمَعِيِّ وَأَبِي عَاصِمٍ النَّبِيْلِ، وَأَبِي أَحْمَدَ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الزُّبَيْرِيِّ، وَأَشْهلِ بنِ حَاتِمٍ وَأَحْمَدَ بنِ خَالِدٍ الوَهبِيِّ، وَعُمَرَ بنِ يُوْنُسَ اليَمَامِيِّ، وَوَهْبِ بنِ جَرِيْرٍ ومسلم بن إبراهيم، والعلاء ابن أَبِي سَوِيَّةَ المِنْقَرِيِّ وَمُسَدَّدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ سَلاَّمٍ وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَعَنْهُ: أبي دَاوُدَ كَلاَمَهُ فِي تَفْسِيْر أَسنَانِ الإِبلِ، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ وَابْنُ أَبِي الدنيا وابنه
مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ، وَأبي العَبَّاسِ المُبَرِّدُ، وَأبي الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَمِيرَةَ، وَإِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُسْتِيُّ القَاضِي وَأبي خَلِيْفَةَ الفَضْلُ بنُ الحُبَابِ، وَأبي عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيُّ وَأبي رَوقٍ الهزَّانِيُّ وَأبي بَكْرٍ بنُ خُزَيْمَةَ، وَأبي بَكْرٍ بنُ دُرَيْدٍ وَخَلْقٌ سِوَاهُم وَكَانَ مِنْ بُحُوْرِ العِلْمِ.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ رَاوياً لِلأَصْمَعِيِّ.
وَقَالَ أبي سَعِيْدٍ السّيرَافيُّ: كَانَ الرِّيَاشِيُّ حَافِظاً لِلُّغَةِ، وَالشِّعْرِ كَثِيْرَ الرِّوَايَةِ عَنِ الأَصْمَعِيِّ، وَأَخَذَ أَيْضاً عَنْ غَيْرِهِ أَخَذَ عَنْهُ المُبَرِّدُ وَأبي بَكْرٍ بنُ دُرَيْدٍ، وَحَدَّثَنِي أبي بَكْرٍ بنُ أَبِي الأَزْهَرِ وَكَانَ عِنْدَهُ أَخْبَارُ الرِّيَاشِيِّ قَالَ: كُنَّا نرَاهُ يَجِيْءُ إِلَى أَبِي العَبَّاسِ المُبَرِّدِ فِي قَدْمَةٍ قَدمهَا مِنَ البَصْرَةِ، وَقَدْ لَقِيَهُ أبي العَبَّاسِ ثعلبٌ، وَكَانَ يُفَضِّلُهُ وَيُقَدِّمُهُ.
قَالَ أبي بَكْرٍ الخَطِيْبُ: قَدِمَ الرِّيَاشِيُّ بَغْدَادَ، وَحَدَّثَ بِهَا وَكَانَ ثِقَةً وَكَانَ مِنَ الأَدَبِ، وَعلمِ النَّحْوِ بِمحَلٍّ عَالٍ كَانَ يَحْفَظُ كُتُبَ أَبِي زَيْدٍ، وَكُتُبَ الأَصْمَعِيِّ كُلَّهَا وَقَرَأَ عَلَى أَبِي عُثْمَانَ المَازِنِيِّ "كِتَابَ" سِيْبَوَيْه فَكَانَ المَازِنِيُّ يَقُوْلُ: قَرَأَ عليَّ الرِّيَاشِيُّ الكِتَابَ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي.
قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: قتلتْهُ الزَّنْجُ بِالبَصْرَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ أَبِي أُمَيَّةَ: لَمَّا كَانَ مِنْ دُخُوْلِ الزَّنْجِ البَصْرَة مَا كَانَ، وَقَتْلِهِم بِهَا مَنْ قَتَلُوا وَذَلِكَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سَبْعٍ بَلَغَنَا أَنَّهُم دَخَلُوا عَلَى الرِّيَاشِيِّ المَسْجَدَ بِأَسيَافِهِم وَالرِّيَاشِيُّ قَائِمٌ يصلي الضحى فضربوه بِالأَسيَافِ، وَقَالُوا: هَاتِ المَالَ فَجَعَلَ يَقُوْلُ: أَيُّ مَال أَيُّ مَال?!! حَتَّى مَاتَ فَلَمَّا خرجَتِ الزَّنْجُ عَنِ البَصْرَةِ دخلنَاهَا فمررْنَا ببنِي مَازِن الطَّحَّانين، وَهنَاكَ كَانَ يَنْزِلُ الرِّيَاشِيُّ فَدَخَلْنَا مَسْجِدَهُ فَإِذَا بِهِ مُلقَىً، وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ القِبْلَةِ كَأَنَّمَا، وُجِّهَ إِلَيْهَا وَإِذَا بِشَمْلَةٍ تحركُهَا الرِّيْحُ، وَقَدْ تمزقَتْ وَإِذَا جَمِيْعَ خَلْقِهِ صَحِيْحٌ سِوَيٌّ لَمْ ينشَقَّ لَهُ بطنٌ، وَلَمْ يتغيَّرْ لَهُ حَالٌ إلَّا أَنَّ جلدَهُ قَدْ لَصِقَ بِعَظْمِهِ وَيبسَ، وَذَلِكَ بَعْد مقتلِهِ بِسنتينِ رَحِمَهُ اللهُ.
قُلْتُ: فِتْنَةُ الزَّنْجِ كَانَتْ عَظِيْمَةً، وَذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ الشّيَاطينِ الدُّهَاةِ كَانَ طُرقيّاً أَوْ مُؤَدِّباً لَهُ نظرٌ فِي الشِّعْرِ، وَالأَخْبَارِ وَيَظْهَرُ مِنْ حَالِهِ الزَنْدَقَةُ، وَالمروقُ ادَّعَى أَنَّهُ علوِيٌّ، وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ فَالتفَّ عَلَيْهِ قُطَّاعُ طَرِيْقٍ، وَالعَبيدُ السُّودُ مِنْ غلمَانِ أَهْلِ البَصْرَةِ حَتَّى صَارَ فِي عِدَّةٍ، وَتحيّلُوا وَحَصَّلُوا سُيوفاً، وَعِصِيّاً ثُمَّ ثَارُوا عَلَى أَطرَافِ البلدِ فَبدَّعُوا، وَقَتَّلُوا وَقَوُوا وَانضمَّ إِلَيْهِم كُلُّ مجرمٍ، وَاسْتفحلَ الشَّرُّ بِهِم فَسَارَ جَيْشٌ مِنَ العِرَاقِ لحربِهِم فكسرُوا الجَيْشَ، وَأَخَذُوا البَصْرَةَ وَاستباحوهَا، وَاشتدَّ الخَطْبُ، وَصَارَ قَائِدُهُمُ الخَبِيْثُ فِي جَيْشٍ وَأُهْبَةٍ كَامِلَةٍ،
وَعزمَ عَلَى أَخذِ بَغْدَادَ، وَبنَى لِنَفْسِهِ مَدِيْنَةً عَظِيْمَةً وَحَارَ الخَلِيْفَةُ المعتمدُ فِي نَفْسِهِ، وَدَام البلاَءُ بِهَذَا الخَبِيْثِ المَارقِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَهَابَتْهُ الجُيُوشُ وَجَرَتْ مَعَهُ مَلاَحِمٌ، وَوقَعَاتٌ يطولُ شرحُهَا قَدْ ذكرَهَا المُؤَرِّخونَ إِلَى أَنْ قُتِلَ فَالزَّنْجُ هُمْ عبارَةٌ عَنْ عَبيدِ البَصْرَةِ الَّذِيْنَ ثَارُوا مَعَهُ لاَ بَارَكَ اللهُ فِيْهِم.
أَخْبَرَنَا أَيُّوْبُ بنُ طَارِقٍ، أَخْبَرَنَا فضلُ اللهِ بنُ عبد الرزاق ببغداد، أَخْبَرَنَا نصرُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّيْبَانِيُّ، أخبرنا المبارك بن عبد الحبار، حَدَّثَنَا أبي القَاسِمِ الحُرْفيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ حَدَّثَنَا سَهْلُ بنُ أَحْمَدَ الوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ الفَرَجِ الرِّيَاشِيُّ سَمِعْتُ زَيْدَ بنَ هُبَيْرَةَ المَازِنِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيْهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُكْرِمُ أَحَداً كَرَامَتَهُ للعباس.
سير أعلام النبلاء: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايمازالذهبي
الرياشي
هو أبو الفضل عباس بن الفرج مولى محمد بن سليمان بن علي الهاشمي ورياش رجل من جذام كان أبو عباس عبداً له فبقي عليه نسبه إلى رياش. وكان عالماً باللغة والشعر كثير الرواية عن الأصمعي وروى أيضاً عن غيره. وقد أخذ عنه أبو العباس محمد بن يزيد وأبو بكر بن دريد. وحدثني أبو بكر بن أبي الأزهر وكان عنده أخبار الرياشي قال: كنا نراه يجيء إلى أبي العباس المبرد في قدمة قدمها من البصرة وقد لقيه أبو العباس ثعلب وكان يفضله ويقدمه.
حدثنا أبو بكر بن دريد قال: رأيت رجلاً في الوراقين بالبصرة يفضل كتاب المنطق ليعقوب بن السكيت ويقدم الكوفيين فقيل للرياشي وكان قاعداً في الوراقين قال فقال: إنما أخذنا اللغة عن حرشة الضباب وأكلة اليرابيع وهؤلاء أخذوا اللغة عن أهل السواد أصحاب الكواميخ وأكلة الشواريز أو كلام يشبه هذا.
حدثنا أبو بكر ابن السراج قال حدثنا أبو العباس محمد بن يزيد قال أول ما سمعت الرياشي ينشد شعراً لمالك بن أسماء بن خارجة.
يا ليت لي خصاً بداركم ... بدلا بداري في بني أسد
الخص فيه تقر أعيننا ... خيرٌ من الآجر والكعد
قال وأنشدني له أيضاً يقول لأخيه عيينة:
أعيين هلا إذ شفغت بها ... كنت استغثت بفارغ العقل
أرسلت تبغي الغوث من قبلي ... والمستغاث إليه في شغل
وحدثنا أبو بكر بن السراج قال حدثنا أبو العباس محمد بن يزيد قال حدثنا الرياشي أحسبه عن الأصمعي قال قال رؤية: خرجت مع أبي أريد سليمان بن عبد الملك فلما صرنا ببعض الطريق قال لي أبي: أبوك راجز وجدك كان راجزاً وأنت مفحم. قلت: أفأقول. قال نعم. قال فقلت.
كم حسرنا من علاة عنس، ثم أنشدته إياها فقال: اسكت فض الله فاك. قال: فلما انتهينا إلى سليمان قال له: ما قلت. فأنشده أرجوزتي فأمر له بعشرة آلاف. فلما خرجنا من عنده قلت: أتسكتني وتنشد أرجوزتي. قال: اسكت ويلك فإنك أرجز الناس. قال: فالتمست منه أن يعطيني نصيباً مما أخذه بشعري فأبى أن يعطيني منه شيئاً فنابذته. فقال:
لطال ما جرى أبو الجحاف ... لنية بعيدة الإيجاف
ناء عن الأهلين والألاف ... سرهفته ما شئت من سرهاف
حتى إذا ما آض ذا أعراف ... كالكودن المشدود بالإكاف
قال الذي عندك لي صواف ... من غير ما كسب ولا احتراف
فقال رؤبة يجيبه:
إنك لم تنصف أبا الجحاف ... وكان يرضى منك بالإنصاف
ظلمتني غيرك ذو الإسراف ... يا ليت حظي من نداك الضاف
والفضل أن تتركني كفاف
ومات الرياشي فيما حدثني به أبو بكر بن دريد سنة سبع وخمسين ومائتين بالبصرة قتله الزنج.
أخبار النحويين البصريين - الحسن بن عبد الله بن المرزبان السيرافي.