محمد أبي الطيب شمس الدين
ابن الفقيه حسن محمد
تاريخ الولادة | 782 هـ |
تاريخ الوفاة | 858 هـ |
العمر | 76 سنة |
مكان الوفاة | دمياط - مصر |
أماكن الإقامة |
|
- عبد الله بن علي بن محمد الكناني العسقلاني جمال الدين "الجندي ابن العلاء الحنبلي"
- محمد بن عبد الرحمن بن عبد الخالق البرشنسي أبي عبد الله شمس الدين
- محمد بن عبد الوهاب بن محمد البارنباري أبي عبد الله ناصر الدين
- محمد بن أحمد بن علي بن أبي عبد الله الفاسي "التقي الفاسي محمد"
- محمد بن محمد بن عبد اللطيف بن أحمد الربعي التكريتي أبي الطاهر شرف الدين "ابن الكويك"
- عائشة بنت محمد بن عبد الهادي المقدسي أم محمد
- أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن العراقي أبي زرعة ولي الدين
- محمد بن إبراهيم بن عبد الله الشطنوفي شمس الدين
- محمد بن أحمد بن محمد البلبيسي القاهري شمس الدين "العجيمي"
نبذة
الترجمة
مُحَمَّد الشَّمْس أَبُو الطّيب شَقِيق اللَّذين قبله ووالد نَاصِر الدّين مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بِابْن الْفَقِيه حسن. ولد فِي ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بمنية بدران وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد وَالِده وَصلى بِهِ والعمدة والشاطبية والمنهاج الفرعي والأصلي وألفية النَّحْو وَعرض على جمَاعَة.
وارتحل إِلَى الْقَاهِرَة فِي سنة خمس وَتِسْعين فَتلا لأبي عَمْرو على الشَّمْس النشوي والزين أبي بكر السكاكيني وَبحث على ثَانِيهمَا أصُول الشاطبية وعَلى أَولهمَا من الْفرش إِلَى آخرهَا وعَلى الشَّمْس البرشنسي فِي الْمِنْهَاج وَفِي الألفية وَسمع عَلَيْهِ البُخَارِيّ فِي سعيد السُّعَدَاء وعَلى الشَّمْس الْعِرَاقِيّ فِي الْفِقْه والفرائض وَكَذَا بحث الْفُصُول لِابْنِ الهائم والنزهة مَعَ النَّحْو ورسالة الْجمال المارداني فِي الْمِيقَات والخزرجية فِي الْعرُوض ومقدمة فِي الْمنطق على نَاصِر الدّين البارنباري، وَأخذ النَّحْو أَيْضا عَن الشَّمْس الشطنوفي وَغَيره وَالْأُصُول عَن الشَّمْس العجيمي، ثمَّ عَاد إِلَى بَلَده فاستمر بهَا حَتَّى مَاتَ وَالِده فتحول إِلَى دمياط فقطنها وَتردد مِنْهَا إِلَى الْقَاهِرَة غير مرّة وَسمع بهَا بقرَاءَته وَقِرَاءَة غَيره على الشّرف بن الكويك وَالْجمال عبد الله الْحَنْبَلِيّ وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والتقي الفاسي فِي آخَرين، وَأَجَازَ لَهُ عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وَغَيرهَا. وتصدى فِي دمياط للدريس فَانْتَفع بِهِ جمَاعَة كَثِيرُونَ من أَهلهَا والواردين إِلَيْهَا، وَولي بهَا خطابة جَامع الزكي وإمامته مَعَ نظره وَبِه كَانَت إِقَامَته ولقيته فِيهِ بل وَفِي الْقَاهِرَة قبل ذَلِك وقرأت عَلَيْهِ أَشْيَاء. وَكَانَ فَاضلا خيرا ثِقَة كثير التِّلَاوَة آمرا بِالْمَعْرُوفِ ناهيا عَن الْمُنكر لَهُ جلالة ووجاهة وَكلمَة نَافِذَة وسمت حسن وَشَيْبَة نيرة وَإِذا قَرَأَ خَشَعت الْقُلُوب لقرَاءَته مَعَ التَّوَاضُع والفتوة وَحسن التودد وإكرام الغرباء والوافدين. مَاتَ بدمياط بعد أَن حصل لَهُ نوع خبل فِي ثَالِث الْمحرم سنة ثَمَان وَخمسين وَلم يخلف بعده بهَا فِي مَجْمُوعَة مثله رَحمَه الله ونفعنا بِهِ.
(لَا شَيْء أطيب عِنْدِي من مجاورتي ... بَيت رَبِّي وسعيي فِيهِ مشكور)
(قد أثرت فِي أَفعَال الْكِرَام ولل ... مجاورات كَمَا قد قيل تَأْثِير)
وَدخل دمياط واسكندرية وَتردد للمحلة وَغَيرهَا وأمعن النّظر فِي عُلُوم الْأَدَب وأنعم حَتَّى فاق أهل عصره فَمَا رام بديع معنى إِلَّا أطاعه فأنعم وَأطَال الاعتناء بالأدب فحوى فِيهِ قصب السَّبق إِلَى أَعلَى الرتب، وَكتب حَاشِيَة على التَّوْضِيح فِي مجلدة وَبَعض حَاشِيَة على الْجَار بردي وشرحا للخزرجية فِي الْعرُوض وكتابا يشْتَمل على قصائد مطولات كلهَا غزل والشفاء فِي بديع الِاكْتِفَاء وخلع العذار فِي وصف العذار وَكَأَنَّهُ تطابق مَعَ الصّلاح الصَّفَدِي فِي تَسْمِيَته، وصحائف الْحَسَنَات فِي وصف الْخَال وَكَأَنَّهُ توارد أَيْضا مَعَ الزين بن الْخَرَّاط فِيهَا وروضة المجالسة فِي بديع المجانسة ومراتع الغزلان فِي وصف الحسان من الغلمان وحلبة الْكُمَيْت فِي وصت الْخمر وَكَانَ اسْمه أَولا الحبور وَالسُّرُور فِي وصف الْخُمُور، وانتقد عَلَيْهِ الخيرون جمعه بل حصلت لَهُ محنة بِسَبَبِهِ حَيْثُ ادّعى عَلَيْهِ من أَجله وَطلب مِنْهُ فغيبه واستفتى عَلَيْهِ الْعِزّ السنباطي البليغ المفوه فتيا بديعة التَّرْتِيب قَالَ الْعِزّ عبد السَّلَام الْقُدسِي إِنَّهَا تكَاد تكون مصنفا وَبَالغ الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ فِي جَوَابه فِي الْحَط عَلَيْهِ وَامْتنع شَيخنَا من الْجَواب قيل لكَون المُصَنّف أورد لَهُ فِيهِ مَقْطُوعًا، وعقود اللآلا فِي الموشحات والأزجال وَالْأُصُول الجامعة لحكم حرف المضارعة والمطالع الشمسية فِي المدائح النَّبَوِيَّة وَقد أنْشد بَعْضهَا من لَفظه بالحضرة النَّبَوِيَّة حِين حجَّته الثَّانِيَة، وَكَانَ مُتَقَدما فِي اللُّغَة والعربية وفنون الْأَدَب مشاركا فِي غَيرهَا حسن الْخط جيد الضَّبْط متقن الْفَوَائِد عُمْدَة فِيمَا يُقَيِّدهُ أَو يفِيدهُ بِخَطِّهِ، كتب لنَفسِهِ الْكثير وَكَذَا لغيره بِالْأُجْرَةِ، وَكَانَ سريع الْكِتَابَة حكى الْعِزّ التكروري أَنه شَاهده كتب صفحة فِي نصف الشَّامي فِي مسطرة سَبْعَة عشر بِمدَّة وَاحِدَة وَمِمَّنْ كَانَ يرغب فِي كِتَابَته ويجزل الْعَطاء لَهُ بِسَبَبِهَا وَغَيره التقي بن حجَّة الشَّاعِر واختص لذَلِك بِصُحْبَتِهِ واستطال بِهِ على الْجلَال البُلْقِينِيّ فِيمَا كَانَ باسمه من مُرَتّب وَغَيره ثمَّ كَانَ بعد من أَكثر المؤذنين لَهُ فِي أول دولة الْأَشْرَف. وَعمل كتابا سَمَّاهُ الْحجَّة فِي سرقات ابْن حجَّة وَرُبمَا أنشأ الشَّيْء مِمَّا نظمه التقي وَعَزاهُ لبَعض من سبقه إِلَى غير ذَلِك مِمَّا تحامل عَلَيْهِ فِيهِ، وَقد جوزي على ذَلِك بعد دهر فَإِن بعض الشُّعَرَاء صنف كتابا سَمَّاهُ قبح الأهاجي فِي النواجي جمع فِيهِ هجو من دب ودرج حَتَّى من لم ينظم قبل ذَلِك وأوصل إِلَيْهِ علمه بطريقة ظريفة فَإِنَّهُ أَمر بِدَفْعِهِ لدلال بسوق الْكتب وَهُوَ جَالس على عَادَته عِنْد بعض التُّجَّار فدار بِهِ على أَرْبَاب الحوانيت حَتَّى وصل إِلَيْهِ فَأَخذه وتأمله وَعلم مضمونه ثمَّ أَعَادَهُ إِلَى الدَّلال وَحِينَئِذٍ اسْترْجع من الدَّلال فكاد النواجي يهْلك. وَكَذَا رام الْمَنَاوِيّ فِي أَيَّام قَضَائِهِ الْإِيقَاع بِهِ بِسَبَب تعرضه بالهجو لشيخه الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ حَيْثُ قَالَ إِذا رأى سَعْدا يَمُوت وَيحيى فتوسل عِنْده بالعز السنباطي وَغَيره ثمَّ امتدحه بقصيدة ظنانة أنْشدهُ إِيَّاهَا من لَفظه، وَبَلغنِي أَن شَيْخه أَمِير حَاج كَانَ يَحْكِي أَنه بَيْنَمَا هُوَ وَاقِف بِعَرَفَة فِي حجَّته ألْقى الله فِي قلبه الدُّعَاء عَلَيْهِ بِسَبَب الْوَلِيّ وَأَنه فعل وَلَعَلَّ مَا كَانَ يذكر أَنه بِهِ من البرص بِسَبَبِهِ هَذَا. وَأما شَيخنَا فَإِنَّهُ حلم عَلَيْهِ فِي أَكثر الْأَوْقَات بل كَانَ كثير الْبر لَهُ وأفادته إِيَّاه لما كَانَ يشكل عَلَيْهِ حِين مثوله بَين يَدَيْهِ خُصُوصا حِين كَانَ الْفَقِيه حسن الفيومي إِمَام الزَّاهِد الْمَاضِي يصحح على النواجي فِي التَّرْغِيب لِلْمُنْذِرِيِّ فَإِنَّهُ كَانَ يقف عَلَيْهِ التكثير فِي الْمُتُون والرواة وَلَا يَهْتَدِي لمعرفتها من بطُون الدفاتر والكتب نعم أنهى إِلَيْهِ أهل الخانقاه البيبرسية عَنهُ أمرا شنيعا مِمَّا يتَعَلَّق بِنَفسِهِ فَأمر بِمَنْعه مِنْهَا، اشْتهر ذكره وَبعد صيته وَقَالَ الشّعْر الْفَائِق والنثر الرَّائِق وَجمع المجاميع وطارح الْأَئِمَّة، وَأخذ عَنهُ غير وَاحِد من الْأَعْيَان كالشهاب بن أَسد والبدر البُلْقِينِيّ والمحب الْخَطِيب الْمَالِكِي وَكَانَت بَينهمَا مصاهرة والبدر بن المخلطة وَلَوْلَا ضيق عطنه وَسُوء مزاجه وَسُرْعَة انحرافه وتعرضه بِهِ للهجاء لَكَانَ كلمة إِجْمَاع، ومدح الأكابر وتمول من ذَلِك وأثرى خُصُوصا مَعَ مبالغته فِي الْإِمْسَاك، وَمِمَّنْ امتدحهم الْمُحب بن الشّحْنَة وسمعته يقسم أَنه من بعد القَاضِي الْفَاضِل مَا ولي الْإِنْشَاء مثله، هَذَا مَعَ مزِيد إِحْسَان الْكَمَال بن الْبَارِزِيّ كَانَ إِلَيْهِ والزين بن مزهر وَذَلِكَ حِين كَونه نَاظر الإسطبل وَلذَا اسْتغْرب قَوْله:
(وَمن يكون السِّرّ فِي أَصله ... لَا بُد أَن يظْهر فِيهِ حقيق) وَمن قبلهمَا الزين عبد الباسط وَقَررهُ أحد صوفية مدرسته أول مَا فتحت والكمال ابْن الْبَارِزِيّ وَكَانَ لَهُ عَلَيْهِ راتب وَالْعلم البُلْقِينِيّ وَشَيخنَا وَله فِيهِ غرر المدائح أودعت الْكثير مِنْهَا فِي الثلاثاءوكان بعد مَوته يَقُول مَا بَقِي من اجْتمع عَلَيْهِ الدّين وَالدُّنْيَا هَذَا مَعَ أنني سَأَلته فِي رثائه فَمَا أجَاب، وَاسْتقر فِي تدريس الحَدِيث بالجمالية والحسنية برغبة ابْن سَالم لَهُ عَنْهُمَا وَعمل فِي الأولى إجلاسا وَكنت مِمَّن حضر عِنْده فِيهِ وكتبت الْخطْبَة الَّتِي أَنْشَأَهَا لَهُ وَكَذَا كتبت عَنهُ غَيرهَا من نظمه ونثره وَسمعت من فَوَائده ونكته جملَة مَاتَ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء خَامِس عشري جُمَادَى الأولى سنة تسع وَخمسين بعد أَن برص وتغالى النَّاس فِي كتبه عَفا الله عَنهُ وإيانا. وَمن نظمه فِي يُوسُف بن تغري بردى:
(لَك الله الْمُهَيْمِن كم أبانت ... حلاك اليوسفية عَن معالي)
(وسقت حَدِيث فضلك عَن يراع ... تسلسل عَنهُ أَخْبَار العوالي)
وَفِي شَيخنَا:
(أيا قَاضِي الْقُضَاة وَمن نداه ... يُؤثر بالأحاديث الصِّحَاح)
(وحقك مَا قصدت حماك إِلَّا ... لآخذ عَنْك أَخْبَار السماح)
(فأروي عَن يَديك حَدِيث وهب ... وَأسْندَ عَن عطا بن أبي رَبَاح)
وَفِي الناصري بن الظَّاهِر:
(أَصَابِعه عشر تزيد على المدى ... فَلَا غرو إِن أغنت عَن النّيل فِي مصر)
(فَقُمْ وارتشف يَا صَاح من فيض كَفه ... لتروي حَدِيث الْجُود من طرق عشر)
والفيض نيل مصر قَالَه الْأَصْمَعِي ونهر الْبَصْرَة أَيْضا. وَفِي قصيدة نبوية:
(يَا من حَدِيث غرامي فِي محبتهم ... مسلسل وفؤادي مِنْهُ مَعْلُول)
(رَوَت جفونكم أَنى قتلت بهَا ... فيا لَهُ خَبرا يرويهِ مَكْحُول)
وَقَوله متغزلا:
(إِذا شهِدت محاسنه بِأَنِّي ... سلوت وَذَاكَ شَيْء لَا يكون)
(أَقُول حَدِيث جفنك فِيهِ ضعف ... يرد بِهِ وعطفك فِيهِ لين)
وشعره كثير مَشْهُور.
ـ الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي.